نصوص ومقالات مختارة

  • معاوية وظاهرة وضع الحديث ق (2)

  • 01/07/2010
    المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (معاوية وظاهرة وضع الحديث، القسم الثاني) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المُقدَّم: هل لديكم تمهيد سماحة السيد لبحث اليوم؟
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    هناك مجموعة من الأمور أشير إليها إجمالاً، الأمر الأول أنه لا إشكال أنه من الحقائق التي لم يختلف عليها أحد من علماء المسلمين أن أعداء الإسلام حاولوا أن يقضوا على الفكر الإسلامي من خلال وضع الأحاديث، وهذه ظاهرة لا أتصور أن أحد يشك في وجودها وفي تحققها، هؤلاء باعتبار أنهم لم يكونوا قادرين على التلاعب بالقرآن أو زيادة القرآن أو نقصانه فتوجهت إمكاناتهم لظاهرة وضع الحديث على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى لسان أصحاب رسول الله، والدليل القطعي على هذه الظاهرة الممنهجة والواسعة هي مئات الكتب التي كتبها علماء المسلمين في بيان الأحاديث الموضوعة والكتب التي تحدثت عن علم الرجال وعن علم الجرح والتعديل وعن التصحيح وغير ذلك من الأمور، هذه كلها تصب في نقطة واحدة وفي ظاهرة واحدة وهي أن ظاهرة وضع الحديث كانت من أهم الظواهر التي ابتلي بها الفكر الإسلامي، هذه النقطة الأولى.
    النقطة الثانية أن هذه الظاهرة بدأت في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يتبادر إلى ذهن أحد أنها متأخرة، لا وجدت، والشاهد على ذلك الروايات الصحيحة المتفق عليها بين علماء المسلمين أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا في موقع وزمان ومكان معينين بل في أزمنة وأمكنة وظروف متعددة كان يرتقي المنبر ويقول من كذب علي فيتبوأ مقعده من النار. هذه هي النقطة الثانية.
    النقطة الثالثة أن هذه الظاهرة نمت في زمن الخلفاء، يعني الخليفة الأول والثاني والثالث وما بعد ذلك، وأهم عامل أدى إلى نمو هذه الظاهرة، ظاهرة وضع الحديث واتساع هذه الدائرة، هو منع حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الكتابة والتدوين، باعتبار أن حديث رسول الله لم يدون إذن كل يستطيع أن يدعي وصلاً بليلى، يأتي ويقول أن رسول الله قال كذا وأن رسول الله قال كذا، ولا توجد هناك مدونات وكتب أساسية، كيف الآن في زماننا لا يمكن لأحد أن يضع الحديث على رسول الله، لأنه لو دون الحديث وسمع الخلفاء، الذي هو مفسر القرآن وهي السنة النبوية، لا أقل أنتم الذين تعتقدون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده أبداً كتاب الله وسنة نبيه، وسنتي) لماذا منعتم السنة من التدوين، حتى تجعلون من مناقب عمر بن عبد العزيز أنه رفع المنع عن تدوين الحديث، هذه القضية وقفنا عندها وأشرنا إليها في أبحاث سابقة مع أن النصوص النبوية واضحة أنه كان يقول لأصحابه اكتبوا عني كلم ما يخرج مني فإنه لا يخرج مني إلا حق، كما أشرنا إلى هذه النصوص في الأبحاث السابقة، هذه النقطة الثالثة.
    النقطة الرابعة التي هي محل الكلام وأبحاثنا في هذه الحلقة منصب على هذه النقطة، وهو أنه ما هو دور بني أمية بشكل عام يعني العهد الأموي ودور معاوية بشكل خاص في وضع الأحاديث على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من خلال مجموعة من المأجورين الذين استأجرهم لهذا الغرض، إذن أبحاثنا إنشاء الله تعالى في هذه الحلقة ولعله في حلقة أو حلقتين أخريين في الأبحاث اللاحقة سنقف عند هذه القضية، ما هو دور بني أمية عموماً ودور رأس الدولة الأموية يعني معاوية في وضع الأحاديث على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخصوصاً في الفضائل المرتبطة ببني أمية والمرتبطة بمعاوية.
    المُقدَّم: إذن هل هناك نصوص تأريخية تبين لنا أن معاوية خصوصاً وبني أمية عموماً كان لهم دور واضح في وضع الأحاديث أم ليس الأمر كذلك؟
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أنه أتصور أن هناك شواهد متعددة تثبت لنا أن معاوية ومن بعد ذلك بني أمية بنحو عام كان لهم دور أساس في منهجة هذه الظاهرة، وتوسيع هذه الظاهرة، ولكنه أريد في هذه الليلة أبدأ ببحث مرتبط بان أبي الحديث في شرح نهج البلاغة. أتصور أنه الآن بمجرد أن البعض ممن يتابع هذا البرنامج يسمع ابن أبي الحديد ويسمع شرح نهج البلاغة مباشرة يقول أن ابن أبي الحديد هو متهم بالتشيع مثلاً، طبعاً هذه التهمة أنتم عندما تراجعونها تأريخياً تجدونها إنما هي منشأها المنهج الأموي ومنشأها ومن روج لها اتباع المنهج الأموي المحدثين في زماننا واتباع ابن تيمية. يعني بعبارة أخرى في بعض كلمات السابقين توجد هذه التهمة ولكن الذي روج لها في زماننا وحاول أن يسوقها في الفكر الديني عموما أن ابن أبي الحديد شيعي أو رافضي ونحو ذلك إنما هم اتباع النهج الأموي الجدد أو المحدثين في زماننا ومقلدي ابن تيمية.
    ولكنه هنا إذا يسمح لي المشاهد الكريم أريد أن أقف لبعض الوقت في هذه القضية، أساساً هل أن ابن أبي الحديد شيعي أو أنه ليس بشيعي، هذا أولاً، وإذا لم يكن شيعياً فمن أين جاءت عليه تهمة التشيع. يعني مع أن يصرح كما سيتضح أنه ليس بشيعي وإنما هو اتجاه آخر ومع ذلك يتهم بأنه شيعي، من أين جاءت هذه القضية، أريد هنا في المقدمة أن أشير بأنه على مستوى البحث العقدي، لا على مستوى البحث الفقهي، على مستوى البحث الفقهي ينقسم الناس إلى حنفية وإلى مالكية وإلى شافعية وإلى ظاهرة وإلى زيدية وإلى خوارج … هذا على مستوى البحث الفقهي، أما على مستوى البحث الكلامي والبحث العقائدي فيوجد عندنا هناك علماء هم من الاتجاه الأشعري، الاشاعرة، وعلماء هم من الاتجاه المعتزلي أو الاعتزالي، وعلماء هم من مدرسة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، وأعلام من مدرسة الاتجاه الأموي الذي إنشاء الله سيأتي الحديث عنهم بعد ذلك، هنا لابد أن نقول أن ابن أبي الحديد لا هو أشعري ولا هو إمامي ولا هو أموي بل هو معتزلي، الآن يأتي هذا التساؤل، ما هو الفارق الأساس بين المعتزلة وبين الإمامية؟
    الفارق بين الإمامية والأشاعرة واضح، طبعاً أتحدث على مستوى بحث الإمامة، لا على مستوى بحث النبوة ولا على مستوى التوحيد، له أبحاث أخرى، أتكلم على مستوى البحث العقدي، ما هو الفارق الأساس بين النظرية الاعتزالية والنظرية الإمامية الإثني عشرية في مسألة الإمامة لا في المسائل الأخرى؟ الجواب: إن المعتزلة يعتقدون بصحة خلافة الأول والثاني والثالث يعني يقولون أن خلافة أبي بكر صحيحة وشرعية وخلافة عمر صحيحة وشرعية وخلافة عثمان صحيحة وشرعية، هذا أولاً. وثانياً اختلفوا فيما بينهم من الأفضل؟ هل الأفضل علي بن أبي طالب أو الأفضل أبو بكر وعمر. هنا انقسم المعتزلة إلى فرقتين إلى صنفين صنف يرى أفضلية علي وإن كانت خلافة أبي بكر وعمر شرعية إلا أنهم يقبلون بتقدم المفضول على الفاضل، وصنف يقول لا، أن الترتيب بينهم على ترتيب الخلافة الزمنية التي وقعت لهم. أما مدرسة أهل البيت فهي لا تعتقد بأن خلافة الأول والثاني والثالث خلافة شرعية، باعتبار أنهم يعتقدون أن الخلافة إنما هي لعلي بالنص الثابت عندهم بغض النظر عن أن مدرسة الصحابة يوافقون أو لا يوافقون. هذه مسألة.
    المسألة الثانية أن المعتزلة ليس الأئمة عندهم اثنا عشر، ولكن مدرسة أهل البيت الأئمة عندهم اثنا عشر.
    المسألة الثالثة أن المعتزلة لا يعتقدون بعصمة الأئمة ولكن مدرسة الإمامية تعتقد بعصمتهم.
    المسألة الأخرى أن المعتزلة لا يعتقدون بحياة الإمام الثاني عشر وهو المهدي المنتظر، بخلافه مدرسة أهل البيت.
    إذن الفوارق كبيرة جداً بين المعتزلة وبين الإمامية، فضلاً عن الأشاعرة والنهج الأموي والمدرسة الأموية.
    السؤال المطروح هنا: هل أن ابن أبي الحديث هل هو معتزلي أو شيعي إمامي.
    أنا أقرأ بعض العبارات كما وردت في أول شرح نهج البلاغة كما يقولها (شرح نهج البلاغة) لابن أبي الحديد، دار الكتب العلمية، المحقق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العلمية، الطبعة الأولى سنة 1378، في مقدمة التحقيق يقول: ومؤلف هذا الشرح هو فلان بن فلان ابن أبي الحديد المدائني أحد جهابذة العلماء وأثبات المؤرخين ممن نجم في العصر العباسي الثاني، كان فقهياً أصولياً وله في ذلك مصنفات معروفة مشهورة، وكان متكلماً جدلياً نظاراً اصطنع مذهب الاعتزال، وعلى أساسه جادل وناظر وحاج وناقش وفي شرح النهج وكثير من كتبه آراء منثورة مما ذهب إليه وله مع الأشعري، يعني أبي الحسن الأشعري مؤسس الأشعرية، والغزالي والرازي كتب ومواقف، هؤلاء أعلام المدرسة الأشعرية، هذا يقوله محقق الكتاب محمد أبو الفضل إبراهيم، ويكيفنا ما يقوله هو. يقول في متن الكتاب (ص7): القول فيما يذهب إليه أصحابنا المعتزلة في الإمامة والتفضيل والبغاة والخوارج، يقول اتفق شيوخنا كافة المتقدمون والمتأخرون والبصريون والبغداديون على أن بيعة أبي بكر الصديق بيعة صحيحة شرعية، كما يقول ابن أبي الحديد، واقعاً أنا لا أعلم كيف يمكن أن يتهم مثل هذا الشخص بانه إمامي اثنا عشري، وأنها لم تكن عن نص لأن هؤلاء لا يعتقدون بنظرية النص، وإنما كانت بالاختيار الذي ثبت بالإجماع، واختلفوا في التفضيل، يعني المعتزلة اتفقوا في صحة خلافة الأول والثاني والثالث أبي بكر وعمر وعثمان ولكن اختلفوا فيمن هو الأفضل يعني علي أفضل منهم أو أبو بكر وعمر وعثمان أفضل من علي. هذا ما يصرح هو به في هذا المجال. من هنا يأتي هذا التساؤل وهو أنه إذا كان الرجل يصرح بأنه معتزلي ويصرح بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان إذن من أين جاءت تهمة التشيع له، واقعاً القضية مهمة كثيراً، وهنا أريد في هذه الليلة وفي هذه الحلقة أن يتضح للمشاهد الكريم بأن هؤلاء عندما يقولون شيعي وعندما يقولون رافضي، طبعاً يكون في علم المشاهد الكريم هذه الاتهامات في الأعم الأغلب إنما تصدر من أصحاب النهج الأموي الذين يرون عدالة معاوية فضلاً عن عدالة الصحابة الآخرين، ويترضون عليه ويترحمون عليه ويقولون اجتهد فأخطأ بل بعض يقول اجتهد وكان على الحق ولكن علي كان أقرب ومعاوية كان أبعد، وبعضهم يقول أن كلاهما متساوي في الحق، هذا كان على الحق وهذا كان على الحق.
    إذن من أين جاءت تهمة التشيع؟
    المشاهد الكريم في هذه الليلة أريد أن ينتظر معي بعض الدقائق لنعرف أساساً هؤلاء عندما يقولون أن فلان شيعي وفلان رافضي وفلان مغالي وفلان صاحب بدعة أساساً ما هو الملاك عند التشيع عندهم، هل الملاك في التشيع عندهم كالتشيع الذي نحن نعتقده نحن اتباع مدرسة أهل البيت، نحن الآن بينا نحن لا نقول شيعي اثنا عشري إلا لمن أمن بالإمامة بتلك الأصول التي أشرنا إليها، تعالوا معنا لنقف على ضابط التشيع وملاك التشيع عند أصحاب النهج الأموي المتقدمين منهم والمتأخرين.
    أنا أشير إلى ضوابط أو تعاريف ثلاثة ذكرها هؤلاء الأعلام من أساطين النهج الأموي لتعريف الشيعي والتشيع.
    المورد الأول ما ورد في كتاب (هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري، ص646) ابن حجر العسقلاني، دار السلام، الرياض، فصل في تمييز أسباب الطعن في المذكورين ومنه يتضح من يصلح منهم للاحتجاج به ومن لا يصلح، يقول: والتشيع، يريد تعريف التشيع حتى على اساسه نعرف عندما يقول أن النسائي شيعي أو أن ابن عبد البر شيعي أو أبو الفرج الأصفهاني شيعي على أي أساس يقولون أن هؤلاء شيعة، يعني يعتقدون بعصمة الأئمة، يعتقدون أن الإمامة بالنص، يعتقدون بحياة الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، هكذا أو أن لهم اصطلاحهم الخاص. يقول: والتشيع محبة علي وتقديمه على الصحابة. إذن أيها المسلمون في العالم من أحب علياً وقال أنه أفضل من الصحابة فهو شيعي، طبعاً أي صحابة كان، لكي لا تكون شيعياً لابد إما أن لا تحب علياً أصلاً فتخلص من تهمة الإرهاب والبدعة، هذه التهمة الموجودة في امريكا وإسرائيل إما أن تكون معهم وإما أن تكون إرهابياً هؤلاء يستعملون نفس المنطق، إما أن لا تحب علياً، مثل معاوية وبني أمية أبغضوا علياً وكانوا من النواصب كما قال ابن كثير في البداية والنهاية قال كل بني أمية، كل زعمائهم وكل خلفائهم كانوا من النواصب، هؤلاء ليسوا بشيعة. وإما إذا أحببت علياً لابد أن تلتفت لا يحق لك أن تقدمة على أي واحد من الصحابة حتى لو كان أمثال عمر ابن العاص حتى لو كان معاوية حتى لو كان أمثال بسر ابن ارطاة، لا ينبغي أن تقدمه بمجرد أن تقدمه على أي صحابي حتى لو كان ذلك الصحابي منافقاً فأنت شيعي، هذا لازمه أن 99% من المسلمين شيعة قطعاً لأنه يقيناً أن المسلمين بشكل عام يحبون علياً ويقدمون، نعم بعضهم يقول أنه لا يتقدم على أبي بكر وعمر وإلا يقدمونه على باقي الصحابة، إذن تعريف ابن حجر العسقلاني، يقول: التشيع هو محبة علي وتقديمه على الصحابة. الآن إذا قدمه على بعض الصحابة دون البعض الآخر، يقول بلي هذا التشيع. فإن قدمه على أبي بكر وعمر، يقول هذا ليس شيعي بل هذا رافضي، الآن نتعلم اصطلاحات جديدة، عندما يقولون شيعة مرادهم حب علي وتقديمه على بعض الصحابة، إذا قالوا شيعي رافضي يعني قدم علياً على أبي بكر وعمر وإن أحب أبا بكر وعمر، يكون في علمكم لا يبغض أبا بكر وعمر ولم يقل بأن خلافتهما ليست شرعية فقط قال بتفضيل علي على أبي بكر وعمر هذا صار رافضياً، قال: فمن قدمه على أبي بكر وعمر فهو غالٍ في تشيعه ويطلق عليه رافضي. الآن اتضح الرافضي من هو، إذن كثير من علماء المسلمين مع أنه يصححون خلافة ابي بكر وعمر إلا أنهم يفضلون علياً على أبي بكر وعمر، وإن كان يقولون بصحة خلافة أبي بكر ولكنهم يقدمون المفضول على الفاضل. قال: ويطلق عليه رافضي فإن إنضاف إلى ذلك السب أو التصريح بالبغض فغالٍ في الرفض. أنا أتصور صارت عندنا ثلاث اصطلاحات، فعندما يقولون هذا شيعي أو هذا رافضي أو غالٍ في الرفض لابد أن يلتفت إلى مرادهم منها. هذا ابن حجر العسقلاني. إن أحببت علياً وقدمته على الصحابة وإن لم تقدمه على أبي بكر وعمر فأنت شيعي، هذا معناه كما قلت أن عموم المسلمين هم شيعة، وإن أحبب علياً وقدمته على أبي بكر وعمر فأنت رافضي، وإن أبغضت أبا بكر وعمر فأنت غالٍ في الرفض. هذا هو التعريف الأول الذي يذكره هذا الإنسان.
    أريد أن أبين الضوابط حتى يتضح للمشاهد عندما يقولون ابن أبي الحديد شيعي فليس المراد من الشيعي المعنى المصطلح للتشيع، وإنما هم وضعوا لأنفسهم معنى خاص للتشيع وللرفض ويطبقون على هذا أو ذاك.
    التعريف الثاني للتشيع ما ذكره في (ميزان الاعتدال في نقد الرجال، ج1، الترجمة رقم 2 ابان بن تغلب الكوفي) للحافظ الذهبي، حقق هذا الجزء محمد رضوان عرقسوسي، دار الرسالة العالمية، يقول: شيعي، جلد، لكنه صدوق فلنا صدقه وعليه بدعته، وقد وثقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم وأورده ابن عدي وقال: كان غالياً في التشيع فلقائل أن يقول: كيف ساغ توثيق مبتدع وحد الثقة العدالة والاتقان، فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة، وجوابه: إن البدعة على ضربين، التفتوا حتى تعرفوا أن عموم المسلمين سيكونون أصحاب بدعة صغرى، فبدعة صغرى كالتشيع بلا غلو فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، هؤلاء أصحاب بدعة صغرى لأنهم أحبوا علياً وليس أكثر من ذلك، يقول: فهذا كثير، يعني البدعة الصغرى، وهذه البدعة هي حب علي، وكأن رسول الله لم يقل (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) ولكن انظروا إلى التأريخ كيف كتب بأيدي هؤلاء الأمويين، واقعاً انظروا إلى هذا الخبث وهذا التحريف في التاريخ، هذا التاريخ كتبه هؤلاء يعني الاتجاه الأموي، يعني أعمدة النهج الأموي القدامى والمحدثين منهم كما سيتضح، يقول: فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق، كله لا ينفع في مقابل حب علي فلابد أن لا يحبوا عليا وإن أحبوه فلابد أن يكون في آخر قائمة الصحابة، تقول: لماذا قبلتم حديثهم. يقول: عندنا مشكلة لو لم نقبل حديثهم لما بقي عندنا من الإسلام شيء، فكأن الإسلام نقل من محبي علي لا من مبغضي علي. يقول: فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية، لأنهم ثقات وورعين وأصحاب علم، هذا الكلام أين وكلام ابن تيمية الذي يقول أنهم أهل جهل وزندقة، يتذكر المشاهد الكريم في الحلقة السابقة في الأطروحة المهدوية يقول عنهم أنهم ليس فيهم عالم، وهذه مفسدة بينة، ثم بدعة كالرفض الكامل، إلى أن يقول: فالشيعي الغالي، عند الحافظ الذهبي، التفتوا من هو الشيعي، من أحب علياً فهو شيعي، فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب علياً وتعرض لسبهم. إذن المشكلة أن هؤلاء لابد أن لا يتعرضوا لمعاوية ولمن خرجوا على علي عليه أفضل الصلاة والسلام، هذه خطوط حمراء، هؤلاء معصومون لا يحق لأحد أن يتعرض لهم، بمجرد أن يتعرض أحد لأحدهم يكون الرد أن هذا خليفة وإمام زمانه والخروج على إمام الزمان كذا وكذا، يقول: هذا صار شيعي غالٍ. إذن لكي تكون فقط شيعي ينبغي أن تحب علياً وتسكت عن معاوية، تحذف التأريخ كله وتسكت عنه حفظاً لكرامة معاوية. يقول: ولم يكن ابان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً، مع أنه لم يكن يتعرض ولكن مع ذلك، بل قد يعتقد أن علياً أفضل منهما، من أبي بكر وعمر، فيكون صاحب بدعة، إذا فضلت علياً صاحب بدعة، وإذا فضلت أبا بكر وعمر فأنت صاحب دين، هذا المنطق الأموي، يا أخي أن هذا اجتهاد وهذا اجتهاد، قد يأتي شخص ويجتهد ويقول أن أبا بكر وعمر أفضل من علي فهذا اجتهاد قد يصيب وقد يخطأ، ويأتي مجتهد آخر لا أنه يعتقد بعصمته ولا أنه يعتقد بالنص بل يعتقد بأنه أفضل فقط، يكون صاحب بدعة، انظروا هذا هو الإرهاب الفكري، هذا الذي كان قديماً والآن أيضاً في الفضائيات والآن في المناهج الدراسية، أنتم اذهبوا إلى المواقع التي توجد فيها مدارس الأمويين في السعودية وغيرها تجدون أن هذا النهج هو الحاكم، إذا آمنت بأفضلية أبي بكر وعمر فأنت على الصراط المستقيم وكأنه نزلت آية في القرآن أو آيات في القرآن ونصوص نبوية متواترة بأفضلية أبي بكر وعمر، أما إذا اجتهدت وقلت أن علياً أفضل فلا ينفعك ورعك ولا صدقك ولا أمانتك ولا زهدك. هذا هو التعريف الثاني للتشيع.
    التعريف الثالث حتى تعرفون عندما يتهمون أحد أن شيعي على أي أساس يتهمون بأنه شيعي، وهو ما ذكره ابن تيمية وهذا واقعاً هو رأس الأمويين والتنظير الأموي، انظروا ماذا يقول ابن تيمية في (منهاج السنة، ج4، ص288) في طبعة الأربعة مجلدات، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، بودي أن المشاهد يلتفت جيداً على هذا النهج الخطر في تقييم الأشخاص. يقول: مع أن الحاكم، يعني الحاكم النيسابوي صاحب كتاب المستدرك على الصحيحين، مع أن الحاكم منسوب على التشيع، ماذا فعل الحاكم النيسابوري حتى تتهمه بالتشيع، هل تكلم على الشيخين هل فضل الشيخين هل شكك في صحة خلافة الاول والثاني، أبداً والله، عنده مشكلة واحدة فقط، طلب منه أن يروي حديثاً في فضل معاوية فقال: ما يجيء من قلبي وقد ضربوه على ذلك فلم يفعل. لم يتكلم في معاوية، لم يتهمه بأنه منافق، ولم يتهمه بأنه فاسق فاجر يبيع الخمور والأصنام ويتاجر بالربا، لا أبداً، وإنما قال: لا توجد عنده فضيلة حتى أنقلها، إذن صار شيعيا، إذن تبين ميزان التشيع عند ابن تيمية وهو إن قبلت فضائل معاوية فأنت سني وأنت على السنة والجماعة وأنت على الصراط المستقيم، أما إن لم تقبل فضائل معاوية وإن قبلت فضائل الصحابة الآخرين كالخلفاء وغيرهم فهذا لا ينفع. يقول: لكن تشيعه، تشيع الحاكم، لكن تشيعه وتشيع أمثاله، أمثال الحاكم، من أهل العلم بالحديث كالنسائي صاحب السنن وابن عبد البر، هؤلاء كلهم شيعة في نظر ابن تيمية لأنهم لم يقبلوا فضائل معاوية، وإلا أمنوا بصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وأمنوا بعدالة كل الصحابة وأمنوا بأن الخليفة الأول والثاني والثالث أفضل من علي، وأمنوا أن معاوية أيضاً عادل وغيرها ولكن فقط لم ينقلوا فضائل معاوية، إذن فهم شيعة. هذا الأصل الذي بنى عليه المتقدمون من النهج الأموي في تعريف التشيع.
    إذن المعيار الثالث الذي يعتمده الشيخ ابن تيمية واتباع ابن تيمية ومقلدي ابن تيمية المحدثين وهو المنهج الأموي أو اتباع الأمويين الجدد أو المحدثين، وواحد منهم والله أربأ بنفسي أن أنقل من هذا الكتاب ومن مؤلفي لا لعدم استحقاقه للنقل عنه فقط ولكن لعدم كونه مؤدباً، لا توجد عنده أي لياقة أدبية وأخلاقية، اسم الكتاب (إسكات الكلاب العاوية بفضائل خال المؤمنين معاوية، ص147) جمع أبي معاذ محمود بن إمام بن منصور، مكتبة العلوم والحكم، السعودية، وهذا الكتاب منتشر هناك بشكل واسع والذين هم هناك يعلمون، هذا الرجل اعتماداً على الضابط الذي ذكره الشيخ ابن تيمية جاء وقال أن الذهبي صاحب كتاب ميزان الاعتدال أنه منحرف عن معاوية أيضاً، بعبارة أخرى أنه شيعي، لماذا؟ يقول: فمثلاً ترى الذهبي صاحب السير (سير أعلام النبلاء) ينقل ترجمة هذا الصحابي، معاوية، بنفس عجيب تفضحه الكلمات، فالواضح أنه منحرف عن هذا الصحابي الجليل، الذهبي، والعجيب للبعض يعتذرون لمثل الذهبي والذهبي لم يعتذر لهذا الصحابي، معاوية، ماذا قال الذهبي عن معاوية، فمثلاً قال: معاوية بن أبي سفيان صخر … أمير المؤمنين، ملك الإسلام أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي، هكذا عرفه في سير أعلام النبلاء، يقول هذا غير صحيح فهذا غير كافٍ في حق معاوية، قلت: لم يزكيه بصحبته، لماذا لم يقل أنه صحابي، فهذا انحراف عن معاوية، بل لم يترضى عليه كما فعل مع باقي أصحاب النبي، إذن تبين لا يكفي أن لا تذكره بسوء بل لابد أن تترضى عليه وإلا فلو لم تترضى عليه فأنت شيعي. يقول: يظهر المثالب ويقلل من الفضائل، مسكين الذهبي يعتقد بفضائل معاوية، قال: حدث عن النبي وكتب له مرات يسيرة، قلت: فما الداعي للتقليل من فضيلة أنه كاتب الوحي بوصفه مرات يسيرة، لماذا يصفه بالمرات اليسيرة، يا أخي لقد كان من الطلقاء فتكون مرات قليلة، هذا هو التقييم، هذا هو النهج الذي بنى له ابن تيمية. إلى أن يأتي في (ص152) هكذا يقول: وقال الذهبي: ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم وما هو ببريأ من الهناة والله يعفو عنه. قلت: هل يقال للصحابي الله يعفو عنك، من حقك أن تقول لمعاوية لمن تريد أن تقول؟ قل لعلي قل لرسول الله يعفو عنه لا مشكلة فيه.
    المُقدَّم: الله قال للنبي عفا الله عنك.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا منطقهم، هذا منطق الأمويين المحدثين الجدد، هل يقال للصحابي الله يعفو عنه أم يقال رضي الله عنه، سبحانك هذا بهتان عظيم. كيف يقول يعفو عنه. ويأتي في (158) يقول: ثم نقل في ترجمة ابن الراعي قال الذهبي: كان يمتنع من الترحم على معاوية، لا يقول رحمه الله، ولا يشتم الصحابة، هذا ابن الراعي، ثم وصفه، الذهبي، قال: كان فيه تشيع بلا غلو. يقول صاحب الكتاب: قلت: فهل معاوية ليس بصحابي، وهل عدم الترحم على معاوية أمر هين، هذا هو الكفر العظيم، إذا لم يترحم أحد على معاوية، هذا هو المنطق الذي يتكلم عنه هؤلاء، وهذا الكلام لا يقولونه في أي صحابي آخر، فقط القضية في معاوية، هذا هو منطق المحدثين من الأمويين، هؤلاء الذين كتبوا، طبعاً الآن لو أريد أن استعرض ماذا يقول هذا الإنسان، في (ص162) يقول: ومن المنحرفين عن معاوية وله أيضاً مصنفات أحمد بن شعيب بن علي النسائي صاحب السنن، هذا منحرف لأنه لم يكتب في فضائل معاوية. وكذلك في (ص167) يقول: ومن المنحرفين عن الصحابي معاوية من المعاصرين أيضاً، فليعلم المسلمون في مصر وغير مصر من البلدان الإسلامية، كبير خوارج الزمان وإمامهم الذي ما ترك بدعة في كتابه الموسوم بـ (في ظلال القرآن) إلا وأصلها، يعني سيد قطب، أيها المسلمون في العالم اسمعوا ماذا يقول عمن كتب (في ظلال القرآن) يقول: وقد كان فتنة لكثير من المفتونين نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن إلا وهو السيد بن قطب يقول عن معاوية: ولعن من يسبه وحين يركن معاوية وزميله يقصد عمر بن العاص إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى على هذا الدرك الأسفل فلا عجب أن ينجحا ويفشل. يبين سيد قطب، هذا هو نهج مدرسة الصحابة، مدرسة الصحابة تعتقد بشرعية خلافة الأول والثاني والثالث وتعتقد بعدالة الصحابة، ولكن عندما يصلون إلى النهج الأموي يقولون أن بني أمية لهم حساب آخر، وهذا الذي كان عندنا إصرار أن نميز بين نهج بني أمية وبين نهج الصحابة. فهذا هو إمام الحزبيين في هذا الزمان. وأيضاً من الحاقدين على الصحابي معاوية المدعو خالد محمد خالد في كتابه (خلفاء الرسول) وهكذا عشرات من علماء المسلمين الذين منهم من أصحاب مدرسة الصحابة أو من أبناء علماء مدرسة الصحابة كلهم منحرفون وكلهم ساقطون وبتعبير هؤلاء كلهم من الشيعة الروافض، لأنهم لم يقبلوا ما يقوله النهج الأموي في معاوية وفي بني أمية.
    وأنا أتصور خير دليل على ما أقول الآن انظروا إلى هذه الهجمة الشرسة على شيخ الأزهر، في الفضائيات الآن تجدون هجمة شرسة على شيخ الأزهر، وهل واقعاً أن شيخ الأزهر تشيع مثلاً، هذا هو النهج الأموي.
    على هذا الأساس أنا أتصور الآن عندما يقولون أن بن أبي الحديد شيعي يقصدون من ذلك انحرافه عن معاوية، فقط انحرف عن معاوية ولا مشكلة ثانية عنده، من ينحرف عن الباطل، ومن ينحرف عن النفاق، ومن ينحرف عن الفجور، لأن بني أمية يعني فجور وفسق وتدمير للسنة النبوية، بني أمية يعني وضع الأحاديث وهذا ما سأثبته بعد ذلك إنشاء الله تعالى. هذا هو النهج الذي الآن لو تذهبون إلى المناهج التعليمية والتربوية سواء في المملكة أو من يتبع هذه المناهج يعني في الحجاز وغيره، تجد تركيز خاص على بني أمية وعلى معاوية.
    بيدي عشرات الكتب التي كتبت في الدفاع عن معاوية، وهذه قائمة من واحد وثلاثين كتاباً كلها في الدفاع عن معاوية: من فضائل وأخبار معاوية، من أقوال المنصفين في الصحابي الخليفة معاوية، الأحاديث النبوية في فضائل معاوية، رد البهتان عن معاوية، معاوية في الكتاب والسنة والتأريخ، معاوية في الكتاب الله! لو كتب أحد هذا الكتاب عن علي لقالوا انظروا إلى الغلو، درء الغاوية عن الوقيعة في خال المؤمنين معاوية، دفاع عن معاوية، سلسلة مشاهير قادة الإسلام معاوية بسام العسلي، فضائل أمير المؤمنين معاوية، معاوية بن أبي سفيان وتأسيس، وغيرها من المصادر.
    ومن الكتب المحدثة من المعاصرين (سل السنان في الذب عن معاوية بن أبي سفيان) تقديم فضيلة الشيخ المحدث عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد، كتبه سعد بن ضيدان السبيعي، في المقدمة عندما يمدح الكتاب يقول: وقد اطلعت على ما كتبه ابن الشيخ فلان فيما يتعلق بمعاوية بن أبي سفيان والدفاع عنه فوجدته قد أجاد وأفاد فيما كتب فقد ذكر الأدلة التي تذكر على فضل معاوية وذكر كلام أهل العلم في الدفاع عنه.
    ومن القدامى أيضاً (الخلافة والملك) لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكذلك (معاوية بن أبي سفيان شخصيته وعصره) الدكتور الصلابي، وكذلك (أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان) لابن تيمية، وكذلك (من سب الصحابة ومعاوية فأمه هاوية) الشيخ محمد عبد الرحمن المغراوي، وكذلك (معاوية ابن أبي سفيان صحابي كبير وملك مجاهد) منير محمد الغضبان، وكذلك (تطهير الجنان واللسان عن ثلب معاوية بن أبي سفيان) لابن حجر الهيتمي.
    وهنا يطرح الإنسان هذا السؤال: أساساً هل توجد فضائل لمعاوية أو لا توجد؟
    الجواب: انظروا إلى (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج7، ص132) لابن حجر العسقلاني، يقول: أخرج ابن الجوزي من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي: ما تقول في علي ومعاوية؟ يعني سألت أحمد بن حنبل. فأطرق ثم قال: اعلم أن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعدائه له عيباً فلم يجدوا، والفضل ما شهدت به الأعداء، ففتشوا له عيباً فلم يجدوا، هذا إمام الحنابلة يقول ذلك، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كياداً منهم لعلي، بغضاً لعلي، فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل لها، يكتبون عشرات الكتب من الفضائل وابن حجر يقول: لا يوجد دليل على الفضائل، بل كلها مختلقة، يقول: مما لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة، من وضع هذه الأحاديث، هل وضعها الملائكة أم الجن أم وضعها معاوية وبني أمية، قال: وقد وردت في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد، لا يوجد ولا سند صحيح كلها مختلقة وكلها مأجورة، كلها كالإعلام الموجود في كثير من الفضائيات الآن. وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما والله أعلم.
    أنا الآن لا أريد أن أقف عن النسائي لأنهم يتهمونه بالتشيع، أريد أن أقف عند إسحاق بن راهويه، انظر ماذا يقول العسقلاني في (تهذيب التهذيب، ترجمة إسحاق بن راهويه، ج1، ص112) إسحاق بن إبراهيم بن مخلد المعروف بان راهويه المروزي … سُئل أحمد بن حنبل عنه، قال: لا أعرف له بالعراق نظيراً، هذا مقام إسحاق بن راهويه، لا أعرف بالعراق نظيرا، وقال النسائي: إسحاق أحد الأئمة. وقال أيضاً ثقة مأمون، وقال ابن خزيمة: والله لو كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه. وقال أبو حاتم: ذكرت لأبي زرعة إسحاق وحفظه للأسانيد والمتون، قال أبو زرعة: ما رُؤي أحفظ من إسحاق. وقال ابن حبان في الثقات: كان إسحاق من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً وحفظاً وصنف الكتب … هذا إسحاق بن راهويه يقول: بأنه لم يثبت ولا نص واحد في فضائل معاوية.
    والمصدر الثاني لهذا ما ورد في (عمدة القاري في شرح صحيح البخاري، ج16، ص343) للحافظ العيني، فإن قلت: قد ورد في فضيلته، يعني معاوية، أحاديث كثيرة، قلت: نعم، ولكن ليس فيها حديث يصح من طريق الإسناد، نص عليه إسحاق بن راهويه، ولذا اضطر البخاري مع أنه كان المفروض أن لا يذكر له فضائل، ولكن ذكره وقال: باب ذكر معاوية، لأنه لو كان يقول باب فضائل معاوية لافتضح أمر البخاري، ولكن مع ذلك يقال للبخاري إذا لم تكن له فضائل لماذا جعلته في كتاب فضائل الصحابة، أنت إذا تعتقد بعدم وجود فضيلة له فلماذا قلت فضائل الصحابة وإذا كنت تعتقد أن له فضيلة لماذا قلت ذكر، هذا التهافت، ولكن أنا اعتقد بأنه لو لم يقل لما كان مقبولاً من قبل النهج الأموي ولا يروج كتابه بين الأمويين، ولهذا صار أصح كتاب بعد كتاب الله. هذا مورد.
    وكذلك ابن القيم الجوزية في (المنار المنيف في الصحيح والضعيف، ص166، الفصل 35) ابن قيم الجوزية، حققه وراجع نصوصه عبد الفتاح أبو غدة، مكتبة المطبوعات الإسلامية، قال: ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية قال إسحاق بن راهويه لا يصح فيه فضل معاوية ابن ابي سفيان عن النبي شيء، ولكنه مع الأسف الشديد في هذا الكتاب يبدأ ويقول: الأحاديث الصحيحة التي خصت خال المؤمنين بالفضل، الفضيلة الأولى، الفضيلة الثانية، الفضيلة الثالثة، اللهم علم معاوية الكتاب، هذا ومن اتبعه على الهدى، عليكم بالأمين وأصحابه، هذه كلها موضوعات بتصريح أكابر النهج الأموي ولكن هؤلاء أصحاب الأمانة العلمية هكذا يعلمون الأطفال في المدارس من هو معاوية، انظروا الأمانة العلمية التي يتحلى بها هؤلاء، ثم يذكر الفضيلة السادسة والفضيلة السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة، الفضيلة الحادية عشر …. وكأن كل الفضائل لرأس النفاق الأموي معاوية ابن أبي سفيان.
    المُقدَّم: معنا الأخ اسامة من السعودية، تفضلوا.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
    الأخ أسامة: نشكر الشيخ وبارك الله فيكم على هذه البرامج المباركة، اللهم يحفظكم والله يزيدكم علم، نحن من طلبتكم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: شكراً على هذه المداخلة ولا تنسونا من الدعاء.
    المُقدَّم: معنا الأخ نبيل من الجزائر، تفضلوا.
    الأخ نبيل: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
    الأخ نبيل: اشكركم شيخنا، نحن نحب علي ونحب آل بيت رسول الله ونبغض من عاداهم إلى يوم الدين.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو عمار من العراق، تفضلوا.
    الأخ أبو عمار: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو عمار: سيدنا عندي مداخلة وهي أننا في العراق مظلومين ومضطهدين، نحن الآن ما دام نبغض بني أمية فنتعرض لهجمة قوية جداً من قبل الفكر الأموي واتباع بني أمية واتباع ابن تيمية، عندي سؤال هل تعتقد أن الفكر الأموي يمكن أن يتغير.
    المُقدَّم: معنا الأخ لؤي من العراق، تفضلوا.
    الأخ لؤي: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ لؤي: نرجو من سماحة السيد الإشارة صراحة إلى الأمويين الجدد أمثال الشيخ العرعور الذين يظهرون على الفضائيات ولا يرحمونا ويترضون على معاوية.
    المُقدَّم:  معنا الأخ أحمد العربي من أمريكا، تفضلوا.
    الأخ أحمد: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أحمد: نتمنى منكم ومن المخرج ومن قناة الكوثر أن يكون وقت البرنامج ساعتين لأن أعداء أهل البيت يعطوهم الوقت اللازم في قنواتهم الفضائية ووقت البرنامج هنا لا يكفي.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو جعفر من المانيا، تفضلوا.
    الأخ أبو جعفر: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو جعفر: حضرة السيد الجليل قرأت من فترة طويلة أن معاوية هو الذي تسبب في قتل أم المؤمنين عائشة رضوان الله عليها بعد أن أشار إليه عمر بن العاص بأن يحفر حفرة ويضع فيها مادة النورة وهي في طريقها إلى الشام حتى لا تقلب أهل الشام على معاوية كما قلبت أهل المدينة وأهل البصرة سابقاً، فلو تتثبتون من كتب مدرسة الصحابة من هذه المعلومة.
    المُقدَّم: بالنسبة للأخ أبو عمار يقول هل يتغير النهج الأموي.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب هو أنه لا يمكن أن يتغير هذا النهج، اشربوا في قلوبهم، أخواني الأعزاء ختم الله على قلوبهم، سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، اطمأنوا أن النهج الأموي الآن هو الحاكم في جملة من المواقع الإسلامية وكما قلت قبل قليل أنتم تجدون الآن هناك إساءات واضحة لشيخ الأزهر ومن الواضح أن شيخ الأزهر يعد من أئمة مدرسة الصحابة ولا علاقة له بالتشيع ولكن بمجرد أن يفتح علاقة حوار مع مدرسة أهل البيت تبدأ الاتهامات، وهذا هو النهج الأموي الذي لا يتبدل ولا يتغير ولن تجد له تبديلاً ولن تجد له تغييراً.
    المُقدَّم: في بداية الأمر قد مدحوه وأثنوا عليه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الشواهد عندي كثيرة جداً من الأمويين المحدثين ومن علمائهم الكبار في هذا المجال.
    المُقدَّم: بالنسبة للأخ لؤي يقول لماذا لا يذكر السيد بعض المحدثين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: المشاهد الكريم يعرف أن هذا البرنامج قام على أساس أن يذكر العلماء، أن يذكر أهل العلم الواقعيين، أما مجموعة من الجهلة ومجموعة من المدلسين ومجموعة من الذين واقعاً الإنسان يربأ بنفسه أن يذكر أسمائهم واقعاً أن أربأ بك أن تذكر هذه الأسماء، نعم بعد ذلك سنأتي لأن هذا السؤال دائماً يطرح وهو ما هي مشكلتكم مع محمد بن عبد الوهاب؟ الجواب: سيأتي أن محمد بن عبد الوهاب هو من أشد المؤيدين مع النهج الأموي، مشكلتنا مع محمد بن عبد الوهاب بغض النظر عن مسائل التوحيد وسيتضح بعد ذلك إنشاء الله ما هو توحيده، وإنه هذا الذي هم يفتخرون به ارجوا الله أن يوفقني في شهر رمضان وسأقف عند مسائل التوحيد، سيتضح في مسائل التوحيد أن محمد عبد الوهاب مشكلته الأساسية أنه أموي الهوى والعقيدة والنهج، وهذا ما سنقرئه من كتبه.
    المُقدَّم: بالنسبة للأخ أحمد العربي من امريكا يتحدث عن زيادة الوقت.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا ليس تابع لي ولكن أدعو الله أن نوفق في شهر رمضان ونكون معكم في وقت أكثر.
    المُقدَّم: سؤال الأخ أبو جعفر من أن معاوية كان سبباً في وفاة عائشة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا الأمر سواء ثبت أم لم يثبت فهذا ليس مهماً في إثقال ميزان سيئات معاوية، فيه من السيئات ما يكفي وزيادة.
    المُقدَّم: في ختام هذه الحلقة نشكركم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري كما أشكر الأخوة والأخوات جميعاً، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/22
    • مرات التنزيل : 4953

  • جديد المرئيات