نصوص ومقالات مختارة

  • التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه ق (10)

  • 20/01/2011
    المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في البدء نود أن نتقدم بأحر التعازي وجميل المواساة إلى اسر الضحايا ونسأل الله أن يمن على الشهداء بالجنة والرحمة والمغفرة والرضوان وعلى الجرحى بالشفاء العاجل، أعني بذلك ضحايا الانفجارات الأخيرة التي وقعت قرب مدينة كربلاء المقدسة مستهدفة زوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام الذين جاءوا ليواسوا محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله ويتقربون لله تعالى بهذه المواساة استجابة لبكاء نبيهم صلى الله عليه وآله حينما قال إن ولدي هذا يذبح عطشان في أرض يقال لها كرب وبلاء، أما أولئك فإنما يتقربون إلى أسلافهم من بني أمية أمثال معاوية ويزيد من أعداء محمد وآل محمد، وحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بالذي فيه ينضح. نلتقيكم في حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه، القسم العاشر) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المُقدَّم: في البدء هل لديكم تمهيد وإضافات قبل الدخول في حلقة اليوم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    يتذكر المشاهد الكريم أننا ذكرنا في الحلقة السابقة أن أتباع ابن تيمية يحاولون أن يؤسسوا لنظرية أنهم هم فقط هم أهل السنة والجماعة، وباقي المسلمين بمختلف اتجاهاتهم وعقائدهم ومبانيهم الفقهية والفكرية فهم أهل بدعة وهم أهل ضلال وهم أهل الأهواء ونحو ذلك.
    ويتذكر الأعزاء في الحلقة السابقة أننا قرأنا مجموعة من كلمات هؤلاء التي أثبتت أنهم يرون أن جميع المسلمين إلا ابن تيمية ومن تبعه من الوهابية هؤلاء فقط هم أهل السنة أما الباقي فهم أهل البدعة.
    قد يقول قائل: بأنه سيدنا هذا لم يقولوه في باقي المسلمين وإنما قالوه في الأشاعرة وفي الصوفية؟
    في الواقع نحن عندما نأتي إلى المسلمين نجد أنهم في الأعم الأغلب أما هم من الأشاعرة وأما من الصوفية وأما هم من الماتريدية وأما هم من الأباظية ونحو ذلك, وهؤلاء هم العمود الفقري للعالم الإسلامي. فعندما يتهمون هؤلاء أو يتهمون الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة والزيدية والأباظية والصوفية بأنهم أهل بدعة وأهل هوى وأهل ضلال بطبيعة الحال ينتج هذا الذي نجده في العراق في مثل هذه الأيام وهو أنهم يتقربون إلى الله بحسب اعتقادهم بقتل المسلمين سواء كانوا من الشيعة أو كانوا من أهل السنة كما هو واضح، يعني أن الأحداث الأخيرة في العراق ليست مختصة بالشيعة. نعم، هناك تركيز على شيعة أهل البيت ولكن هناك مناطق أخرى ليسوا هم من الشيعة ومع ذلك نجد أنهم يقتلونهم لأن هؤلاء يعتقدون بأن جميع المسلمين في العالم إنما هم أهل البدعة.
    وأضيف هذه الليلة بعض الكلمات وهو أنهم يعتقدون أن جميع المسلمين، وقد يقول لي قائل مرة أخرى سيدنا هؤلاء لا يقولون عن المسلمين.
    الجواب: هم يقولون عن الأشاعرة والمعتزلة وهؤلاء هم العمود الفقري في العالم الإسلامي.
    بل يصرحون أن هؤلاء هم على نهج المشركين، بل يصرحون أن هؤلاء ملحدون، بل يصرحون أنهم كفار ومعاندون.
    هذه هي التربية التي يربي بها هؤلاء أطفالهم من الصغر، لا يتبادر إلى الذهن أن القضية فقط في الأروقة العلمية أو في الجامعات، بل أطفالهم من العاشرة من عمرهم في مناهجهم الدراسية يحاولوا أن يربوهم بهذه التربية البائسة.
    هذا كتاب (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد) بقلم الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، الرياض، وعضو هيئة كبار العلماء، إذن المتكلم ليس إنسان عادي من حيث الموقع ومن حيث المستوى العلمي، في هذا الكتاب في (ص144) يقول: (ونصوص الصفات من المحكم … وإنما ينكرها المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة) إذن هؤلاء هم من المبتدعة. هذا العنوان الأول الذي اُعطي لأكثر المسلمين.
    العنوان الثاني: (الذين ساروا على منهج مشركي قريش) إذن هؤلاء منهجهم في الشرك منهج أهل الشرك، يعني عموم المسلمين منهجم منهج الشرك.
    إذن أولاً أهل البدعة، ثانياً هم على منهج المشركين.
    ثالثاً: (الذين يكفرون بالرحمن ويلحدون في أسماء الله وقد قال الله تعالى).
    إذن في هذين السطرين نجد أنه وصف الأشاعرة الذين يمثلون أغلبية المسلمين من المذاهب الإسلامية والمدارس الإسلامية وصفوهم بأنهم مبتدعة وأنهم على منهج المشركين وأنهم كفار وأنهم ملحدون. هذا هو المورد الأول الذي بودي أن يلتفت له المشاهد الكريم.
    المورد الثاني: الذي لابد أن يشار إليه، وهو ما ورد في كتاب (الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ج3، كتاب الاسماء والصفات) جمع الفقير إلى الله عبد الرحمن النجدي الحنبلي، المتوفى 1392هـ، يقول: (وهذه الطائفة) مقصوده وهي التي تنتسب إلى الأشاعرة (وهذه الطائفة التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري وصفوا رب العالمين بصفات المعدوم) لأنهم لم يجسموه إذن قالوا عدم، وهذا تقدم. ثم يقول: (فالأئمة من أهل السنة) مقصوده من أهل السنة أنفسهم ابن تيمية وأتباعه من الوهابية (فالأئمة من أهل السنة وأتباعهم لهم المصنفات المعروفة في الرد على هذه الطائفة) يعني الأشاعرة (في الرد على هذه الطائفة الكافرة المعاندة).
    ومع ذلك تجدهم يقولون نحن لا نكفر أحداً من المسلمين وهذه هي الكتب التي تطبع بعشرات الآلاف من النسخ وتوزع على الناس. هذا الكتاب هو الطبعة السادسة، سنة 1425هـ، في (الجزء الثالث، ص210-211) يقول: (الكافرة المعاندة كشفوا فيها كل شبهة لهم …).
    والغريب أنه لو كانت القضية مقتصرة على الأروقة العلمية فقط لقلنا أن هذه وجهة نظر وبحث علمي، ولكن نجدهم أنهم يربون البراعم والأطفال على هذه الحقائق البائسة وهي أن من لا يؤمن بما يقوله ابن تيمية والوهابية فهم مشرك. في كتاب (التوحيد، الصف الأول الثانوي، ص66) منهج المملكة العربية السعودية، وزارة التربية والتعليم، التطوير التربوي، طبعة 1429هـ، يقول: (الذين ينكرون الأسماء والصفات ثلاثة أصناف: الجهمية، المعتزلة الأشاعرة، والماتريدية ومن تبعهم … وأول من عرف عنه إنكار الأسماء والصفات بعض مشركي العرب) إذن يجعل هؤلاء في صف مشركي العرب. ثم يقول: (فكل من نفى عن الله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله من أسمائه وصفاته فقد شارك المشركين في حال من أحوالهم) والعجيب أن كل علماء المسلمين لا ينفون هذه الصفات وإنما يختلف بعضهم مع البعض في تفسير هذه الأسماء والصفات. ما هو التفسير؟ وإلا لا يوجد عالم مسلم جاءت آية في القرآن وأثبتت اليد لله تعالى ويقول أنا أنكر هذه الصفة. لا. وإنما ما هو التفسير الذي يقدم لهذه الصفة القرآنية، ولهذه الصفة الواردة في القرآن الكريم، يعني اليد والوجه، هذه الصفات الخبرية التي أشرنا لها.
    وهنا بودي أن أشير إلى أصل وهو مهم جداً لابد من أن يلتفت له المشاهد الكريم وهو أن هؤلاء يعني ابن تيمية وأتباعه يعني الوهابية المعاصرة عندنا يحاولوا بكل ما أوتوا من قوة كما أشرنا في الحلقات السابقة أن يقولوا أنهم يمثلون عموم المسلمين، لماذا؟
    المشاهد الكريم لابد أن يلتفت إلى هذا الأصل والحقيقة وهو أن هؤلاء يعلمون أنهم لو لم يتكلموا باسم عموم المسلمين فهم أقل القليل ولهذا يحاولوا من خلال هذا الطريق أن يجعلوا أنفسهم في الأكثرية وإلا هم يصرحون نحن لا نتفق مع الأشاعرة وغير الأشاعرة، يقول نحن لا نتفق معهم إلا في أمرين: أولاً مسألة الخلافة، وثانياً الصحابة. بهذا القدر نحن نتفق مع باقي المسلمين وإلا في مسألة التوحيد وفي مسائل العقيدة الأخرى وفي المسائل المهمة الأساسية والأصلية في الدينية فيقولون نحن نختلف مع عموم المسلمين ولذا تجدون أن العلامة العثيمين قال بيننا تباين تام، وإن هناك تضاد بيننا وبين الأشاعرة.
    هذه النقطة أشار لها في هذا الكتاب وهو (سلسلة دراسات في مباحث توحيد الأسماء والصفات، معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات، ص54و 55) تأليف الدكتور محمد بن خليفة التميمي، أضواء السلف، الطبعة الأولى سنة 1419هـ، الرياض، يقول: (فيقال المنتسبون للإسلام قسمان: القسم الأول أهل السنة، القسم الثاني الرافضة. فيدخل هنا مع أهل السنة بعض طوائف المبتدعة كالأشاعرة وغيرهم) فإن قلت كيف أدخلوا هؤلاء مع أهل السنة ولم يدخلوهم مع الرافضة؟ يقول: (وقد أدخلوا هنا لموافقة قولهم لقول السلف في مسألتي الخلافة والصحابة) فقط. وإلا باقي المسائل الأشاعرة يتفقون مع الشيعة، وهذه هي النقطة الأساسية التي بودي أن المشاهد … ولذا أنتم تجدون أنهم يحاولوا في كل فضائياتهم ومواقعهم وقنواتهم أن يركزوا على مسألة الصحابة، لأنهم يجدون أن هذا هو الطريق الذي يربطهم مع باقي المسلمين، وإلا لو دخلوا بحث الأسماء والصفات، دخلوا بحث العبادة، دخلوا بحث التوسل، دخلوا بحث الزيارة، كلها يجدون أن المسلمين جميعاً يخالفونهم على الإطلاق.
    إذن أعزائي أنا في عقيدتي هذه القضية بودي أن المشاهد الكريم والمتابع العزيز يلتفت لها وهو أن الوهابية أتباع الشيخ ابن تيمية هؤلاء واقعاً لهم مذهبهم الخاص ولهم مبانيهم العقدية والفقهية الخاصة، أساساً لا يشبهون المسلمين جميعاً إلا كما قال الدكتور التميمي يعني في مسألة الصحابة وفي مسألة الخلافة.
    المُقدَّم: سماحة السيد بناء على جاءنا من طلبات متعددة من الأعزاء المتابعين يطلبون تلخيصاً ما ذكرتموه وأشرتم له من كلمات الشيخ ابن تيمية في مسألة التجسيم والجسمية.
    سماحة السيد كمال الحيدري: تعلمون أن هذه الحلقة هي القسم العاشر من أبحاث التجسيم عند ابن تيمية وأتباعه، ونحن في الحلقات الماضية أشرنا إلى مجموعة كبيرة من الشواهد التي جاءت في كلمات الشيخ ابن تيمية لإثبات الجسمية ولوازم الجسمية. وحيث ان هذه المجموعة من الشواهد والنصوص والكلمات جاءت متفرقة في هذه الحلقات التي أشرنا لها، لذا أنا بودي في هذه الليلة ولو إجمالاً نمر على مجمل كلمات الشيخ ابن تيمية لتكون الصورة واضحة للمشاهد الكريم أن الشيخ ابن تيمية ماذا يقول في مسألة الجسمية وهل أن هذا الذي ينسب إليه بأنه مجسم وقائل بالتجسيم هل هذه الدعوى لها أصل في كتب الشيخ ابن تيمية أو لا. طبعاً سأكتفي بكلمات الشيخ ابن تيمية ولا أشير إلى كلمات تلامذته كابن القيم، أو كلمات أتباعه كابن باز وابن عبد الوهاب والعثيمين وغيرهم.
    بنحو الإجمال سأجعل الأمور التي ذكرها الشيخ ابن تيمية في مسألة التجسيم في نقاط:
    النقطة الأولى: اعلموا أعزائي أن الشيخ ابن تيمية يصرح أن إثبات الجسمية هو أقرب إلى الفطرة وإلى العقول وأن نفي الجسمية لا تثبته لا الفطرة ولا العقول ولا أي شيء آخر يعني لو جئنا إلى ميزان الفطرة وميزان الاستدلال العقلي الكفة تميل إلى صالح الجسمية أو إلى صالح نفي الجسمية؟ الشيخ يصرح بشكل واضح وصريح أن كفة الأدلة العقلية وكفة الفطرة إنما تميل إلى أن الله جسم لا أنها تنفي الجسمية، ونحن نعلم جميعاً أن المسائل الدينية عموماً قائمة على الفطرة (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم) إذن هذا الرجل يدعي هذا المعنى في كتاب (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص359) تحقيق يحيى بن محمد الهنيدي، قال: (ومعلوم أن كون البارئ) أي الحق تعالى (ليس جسماً ليس هو مما تعرفه الفطرة بالبديهة) إذن ليس هو أمر فطري ولا بديهي (ولا بمقدمات قريبة من الفطرة ولا بمقدمات بينة في الفطرة، بل بمقدمات فيها خفاء وطول وليست مقدمات بينة … بل قامت القواطع) ويقولون من؟ هؤلاء أصحاب إثبان نظرية الجسمية (ويقولون بل قامت القواطع العقلية على نقيض هذا المطلوب) الذين يثبتون الجسمية يقولون القواطع العقلية قائمة على نفي التنزيه وأنه الله جسم (وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسماً وما لا يكون جسماً لا يكون إلا معدوماً، ومن المعلوم) هذا كلامه، وحتى لو لم يكن هذا كلامه فهو يؤيده ولا يرد عليه ولا يناقشه. يقول: (ومن المعلوم أن هذا) يعني إثبات الجسمية (أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول) الذي هو نفي الجسمية. هذا أولاً. إذن ابن تيمية يعتقد أن الجسمية هي الأقرب إلى العقول والى الفطرة.
    الأمر الثاني: بل أكثر من ذلك يعتقد أن من نفى الجسم عن الله سبحانه وتعالى فهم من أهل البدعة نفي الجسمية بدعة. أما إثبات الجسمية فهي أقرب إلى السنة. في النص الأول كان يقول أقرب إلى الفطرة وإلى العقول، هنا يقول لا، لا فقط أقرب إلى الفطرة والعقول بل أقرب إلى السنة. ونفي الجسمية هي البدعة.
    في كتاب (درء تعارض العقل والنقل، ج1، ص249) لابن تيمية، قال: (على أن ظواهر النصوص تجسيم عندهم) عند من ينفي الجسمية (وليس عندهم) لمن ينفي الجسمية (بالنفي نص) لا يوجد لمن ينفي الجسمية لا يوجد عنده نص (فهم معترفون) يعني الذين ينفون الجسمية (فهم معترفون بأن قولهم هو البدعة) أنا لا أعلم من علماء المسلمين اعترف أن أنا أنفي الجسمية وأنا مبتدع وصاحب بدعة في هذا. هذه كلمات الشيخ وليست من عندي (فهم معترفون) النفاة (بأن قولهم هو البدعة وقول منازعيهم أقرب إلى السنة) ومنازعي النفاة هم الذين يثبتون أن الله سبحانه وتعالى جسم.
    عبارة ثالثة ولعلنا لم نقرأ هذه العبارة في الأبحاث السابقة، وهو أنه يعتقد بأن كل من قال، التفتوا إلى الكلية التي يؤسس لها، يقول: كل من قال أن الأجسام جميعاً حادثة يلزمه أن يقول أن الله حادث. وأنا لا أعلم ما هي الملازمة، يقول: (كل من أثبت أن الأجسام جميعاً حادثة يلزم منه أن يقول أن الله حادث). سؤال: إذا لم يكن الله جسماً لماذا إذا أثبتنا … هذا اللازم كيف لزم هذه القاعدة. يعني كيف أن قاعدة كل جسم حادث يلزم منها أن الله حادث. إلا أن يكون الله سبحانه وتعالى جسماً.
    في (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص399) لابن تيمية، يقول: (الوجه الثامن: وهو أن يقول غاية) إذا يسمح لي المشاهد الكريم أن أبين له، لأننا فيما سبق قرأنا مراراً مثل هذه العبارة (يقول، يقولون ونحو ذلك) هذه مطالب الشيخ ابن تيمية، لا أنه ينقل عن آخرين. من أين أقول هذا؟
    التفتوا إلى ما ورد في (ص378) من الكتاب، بعد أن ينقل كلام الرازي في (ص376) يقول: (قال أبو عبد الله الرازي التاسع: أن أهل التشبيه يقولون … يقول: قلت: …) ولذا التفتوا … من حقق الكتاب يقول مناقشة المؤلف للرازي. (قلت) إذن هذه من كلمات الشيخ ابن تيمية بأي دليل؟ أولاً بما فهمناه من العبارة، وثانياً أن محقق الكتاب وشهد شاهد من أهلها، يقول: (مناقشة المؤلف)، يعني ابن تيمية، (للرازي في دعواه ورده عليه من وجوه) إذن أحدها ثانيها ثالثها رابعها ثامنها تاسعها … هذه الوجوه كلها لابن تيمية رداً على الرازي.
    في (ص378) بعد أن نقل كلام الإمام الرازي يقول: (قلت وهذا الكلام على هذا الوجه من وجوه) والمحقق يقول (مناقشة المؤلف للرازي). الآن تعالوا معنا إلى (ص399) يقول: (الوجه الثامن) من أي وجوه. المحقق يقول: (الوجه الثامن في الرد) يعني الردود التي ردها بها ابن تيمية الرازي. نعم، يقول وهو أن يقول. يعبر بهذا ولكن هذه هي الوجوه التي يذكرها وهي من الطرق التي يستعملها الشيخ ابن تيمية وهو أنه لا يقول دائماً أنا أقول وإنما رأيه وقوله يقوّل به الآخرين حتى كما الآن نريد أن نشكل عليه يأتي بعض العوام وبعض المتطفلين على العلم ويقولوا أن هذا ليس هو كلام ابن تيمية، مع أنه في الحاشية يقول: (الوجه الثامن في الرد غاية إلزام الرازي لمثبتة العلوم من حجة الدهرية) يقول: (الوجه الثامن: من المعلوم أن طوائف كثيرة من المسلمين وسائر أهل الملل لا يقولون بحدوث كل جسم) يقول لا يلتزمون. شيخنا يا ابن تيمية ما المحذور؟ يقول لأنه لو كان كل جسم حادث للزم أن يكون الله حادث. (لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث). إذا لم يكن الله جسماً عند ابن تيمية لماذا يلزم إذا قلنا أن كل جسم حادث يلزم أن الله حادث إلا أن قلنا بانه جسم، هذه من العبارات الواضحة ومن الوجوه التي يذكرها في المقام.
    ومن هنا اضطر في (ص401) أن يقر بوجود جسم قديم، حتى يحل الإشكالية (بل يقول الوجه التاسع في الرد) معارضة حجة المثبتة، يعني ابن تيمية يرد الرازي، هذا هو الوجه التاسع من الرد. دققوا أخواني الأعزاء خصوصاً أهل العلم، يقول: (فأقول إذا كانت هذه الحجة التي عارضتموني فيها مستلزمه لكون بعض الأجسام قديمة من غير أن تعين جسماً أمكن أن يكون ذاك الذي يعنونه بأنه الجسم القديم هو الله سبحانه كما يقولوه المثبتون) للجسم.
    إذن يؤمن بأن الله جسم ولكن لا كالأجسام، لأن باقي الأجسام حادثة والجسم الإلهي قديم؟
    ولذا تجدون بشكل واضح وصريح في (شرح حديث النزول) التفتوا أعزائي إلى هذا الأصل الذي أشرنا له سابقاً وهو أن الشيخ ابن تيمية يؤكد أني لا أنفي الجسم عن الله، بل أنفي هذا النوع من الأجسام الحادثة عن الله. فإذن هو بصدد نفي التشبيه لا بصدد نفي الجسمية، يقول هذا في (شرح حديث النزول، ص237) تحقيق وتعليق محمد بن عبد الرحمن الخميس، دار العاصمة، قال: (فمن قال إن الله جسم وأراد بالجسم هذا المركب) الحادثة (فهو مخطأ) أما من قال أن الله جسم وليس هذا الجسم المركب فهو مصيب. (فمن قال إن الله جسم وأراد بالجسم هذا المركب) أي مركب؟ هذا الجسم المركب من دم ولحم وخلايا … هذا مخطأ أما من قال أن الله سبحانه وتعالى جسم ولكن لا كهذه الأجسام فهو مصيب، ولذا قال: (ومن قصد نفي هذا التركيب عن الله فقد أصاب في نفيه) فقط، أن هذا التركيب الذي هو للأجسام الحادثة هذا هو المنفي عن الله، وهذا البحث سيأتي لاحقاً، لأنه واحدة من أهم مباني علماء المسلمين في التوحيد أن الله ليس مركباً من أجزاء، الشيخ ابن تيمية يعتقد أن الله مركب، نعم يقول لا يمكن فصل أجزائه بعضها عن بعض، يعني هذه الأوراق أجسام ولكن يمكن فصل أجزائها بعضها عن بعض، الله مركب أيضاً من رأس ووجه ويدين واصابع له تركيب ولكنه ليس هذا التركيب الذي يمكن فصل بعض أعضاءه عن بعض. هذا في بحث التركيب سنقف عنده مفصلاً.
    (ومن قصد نفي هذا التركيب عن الله فقط أصاب في نفيه عن الله) أما من أراد أن ينفي التركيب مطلقاً عن الله فنحن لا نوافق نقول الله جسم لكن لا كهذه الأجسام الحادثة، الله مركب ولكن لا كهذه التركيبات الحادثة.
    من حق المشاهد الكريم وهذه نقاط جديدة أريد الإشارة لها في هذه الليلة.
    المُقدَّم: هناك بعض الإشكالات بودي أن أذكرها، يعني الشمس إذا لم نستطع أن نفك أجزائها فهل هي جسم يشبه جسم الله.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب يقولون بأنها قابلة للتبعيض ولكن الله لا يستطيع أحد أن يبعضه.
    إذن الشيخ ابن تيمية بشكل واضح وصريح كما قرأنا في شرح حديث النزول يقول لا ننفي الجسمية عنه مطلقاً، وإنما ننفي عنه هذا النحو من الجسمية يعني ننفي عنه خصائص الجسمية الحادثة، أما إذا كان هو جسم وقديم وليس حادث ولا توجد فيه لوازم الحدوث لا محذور أن نلتزم بذلك.
    قد يقول قائل: سيدنا أين يقول هذا؟
    هذا كتاب (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص283) قال: (والذين قالوا إنه جسم نوعان:) المحقق يقول: (أي الرب تعالى) يعني والذين قالوا أن الله تعالى جسم نوعان. (النوع الأول: وهو قول علمائهم) إذن من يقول بالجسمية علمائهم لا الجهلة. (فهو قول علمائهم) وهذه هي الطريقة الملتوية لابن تيمية حتى إذا اراد أحد أن ينسب له شيئاً يقول هو ينقل عن الآخرين ولا ينقل رأيه، الجواب: لو لم يكن رأيه كان ينبغي عليه في آخر المطاف أن يعلق ويقول ولا نلتزم بهذا الرأي. والشاهد على ذلك: أنه عندما يأتي إلى النوع الثاني يقول: (أما النوع الثاني وهم الغالبية الذين يحكى عنهم أنهم قالوا هو لحم وعظم) يبدأ بمناقشة شديدة يقول أن هذا يؤدي إلى التشبيه، هذا معناه أن النوع الأول ليس باطل وإلا لو كان باطلاً لناقشه كما ناقش النوع الثاني. قال: (هو قول علمائهم أنه جسم لا كالأجسام كما يقال ذاته لا كالذوات) هذا الذي يوهم به (وموصوف لا كالموصوفات وقائم بنفسه لا كالقائمات وشيء لا كالأشياء فهؤلاء يقولون هو في حقيقته ليس مماثلاً لغيره بوجه من الوجه لكن هذا إثبات أن له قدر يتميز به) يعني وله قدر يشترك فيه. أن الرب تعالى له قدر يتميز به يعني وله قدر آخر يشترك فيه. (كما إذا قلنا موصوف فهو إثبات حقيقة يتميز بها وهذا من لوازم كل موجود ولهذا يقولون نعني بأنه جسم أنه قائم بنفسه ونحو ذلك مع قولهم أنه ذو الأبعاد الثلاثة).
    قد يقول لي قائل: سيدنا من قال أن الأبعاد الثلاثة يعني الجسم؟
    هذا أمامكم تحقيق (بيان تلبيس الجهمية، ج3، ص15) قال: (الجسم هو كل جوهر مادي قابل للأبعاد الثلاثة وهي الطول والعرض والعمق …).
    إذن المورد الأول هو يقول بأنه نوع من الأجسام ولكن جسم لا كالأجسام.
    في مورد آخر في (بيان تلبيس الجهمية، ص360) من الكتاب قال: (الوجه الثالث والأربعون) يقول أن هذا الذي حكيته عن هؤلاء، يتكلم مع الفخر الرازي (الذي قلت أنهم التزموا الأجزاء والأبعاض) لأن الرازي يلزم بعض الحنابلة أنكم قلتم أنه جسم له أجزاء وأبعاض. يقول: (غايته أنهم يثبتون ما هو الموصوف الذي تسميه جسماً) يثبتون هذا (وأنهم لا يجوزون عليه ما يجوز على الأجسام من الفناء والآفات) إذن هو جسم ولكن لا يجوز عليه الفناء، هو جسم ولكن لا تقع عليه الآفات والأمراض، يعني جسم ولكن لا كالأجسام.
    ونحن في الأبحاث السابقة بشكل واضح وصريح قلنا بأنه لابد أن نميز بين المجسمة المشبهة وبين المجسمة غير المشبهة، والشيخ ابن تيمية من أولئك الذين يعتقدون بالتجسيم من غير تشبيه.
    (ومضمون ذلك) مضمون هؤلاء، التفتوا للعبارة فهي واضحة جداً (ومضمون ذلك أنه جسم يمتنع عليه أن يوصف بما توصف به سائر الأجسام) أنه جسم ولكن لا يتصف بما تتصف به باقي الأجسام.
    المُقدَّم: هذا ليس تنزيهاً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هو يعتقد أن هذا هو التنزيه الحقيقي، كلامي الآن ليس في هذا، بل كلامي هو أساساً شيخ الإسلام هل يقول بالجسمية أو لا يقول، كلامي في إثبات هذا، أما أن هذا تنزيه أو لا فهو بحث آخر. المهم أن الشيخ ابن تيمية يؤمن بالتجسيم.
    ولذا أنا أعتقد أن عبارات الشيخ ابن تيمية متعددة، بعضها تثبت الجسمية من خلال اللوازم، وبعضها تصرح بأنه جسم كما ذكرت مراراً. قال: (ومضمون ذلك أنه جسم يمتنع عليه أن يوصف بما توصف به سائر الأجسام بل هو مختلف عنها في الحقيقة) مختلف عنها في الحقيقة يعني جسم، يقول: نعم في أصل الجسمية جسم، ولكن الأجسام تختلف، ولذا هو بعد ذلك يأتي ويشير إلى هذه الحقيقة ويقول: (وكذلك ما ذكرته من أنهم يصرحون متى ما تمسكوا بآية أو خبر يوهم ظاهره شيئاً من الأعضاء والجوارح بأنا نثبت هذا المعنى لله على خلاف ما هو ثابت للخلق فأثبتوا لله وجهاً بخلاف وجوه الخلق ويداً بخلاف أيدي الخلق، فهذا الذي ذكرته غايته أنهم يثبتون وجهاً ويدين مخالفاً لوجوه الخلق وأيديهم كما يقال جسم لا كالأجسام).
    يقول: نثبت الأعضاء ونثبت الأجزاء ونثبت الصفات الخبرية ولكنه يد لا كالأيادي رجل لا كالأرجل، قدم لا كالأقدام، ساق لا كالسيقان، إصبع لا كالأصابع، وجوه لا كالوجوه، صورة لا كالصور. وأنا أتصور هل يتوقع الإنسان تصريح أوضح من هذا التصريح الذي أشار له في (ص360).
    بل يأتي في (ص363) يقول أن الحق تعالى فيه قدر مشترك وهو الجسمية وفيه قدر يمتاز به، كيف أن هذا الجسم على سبيل المثال، هذا جسم وهذا جسم في الجسمية يشتركان ولكن لكل منهما خصوصية تميز أحدهما عن الآخر، فهذه الخصوصية هي القدر المختص وهذه هي القدر المشترك، هذا الذي الأعزاء دارسي المنطق يعني يريد أن يقول أن الله تعالى له جنس وله فصل، جنسه هو الجسمية، وله فصل يميز هذا الجنس عن باقي الأنواع الأخرى. وهذا ما يصرح به في (ص363) يقول: (الأجسام بينها قدر مشترك) ما هو القدر المشترك يا ابن تيمية؟ (وهو جنس المقدار) إذن كل الأجسام والحق تعالى أيضاً له مقدار (كما يقولون ما يمكن فرض الأبعاد الثلاثة فيه).
    بينكم وبين الله إذا أمكن لموجود أن نفرض فيه أبعاد ثلاثة طول وعرض وعمق، أليس هذا جسماً.
    المُقدَّم: ثم أين (ليس كمثله شيء) أصبح له طول وعرض.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب: يقوله طوله يختلف عن طول الآخرين، عرضه يختلف عن عرض الآخرين، حجمه يختلف عن حجم الآخرين، ثقله ووزنه يختلف عن وزن الآخرين، هذا ليس كمثله شيء. اعتقاد المجسمة ابن تيمية وأتباعه والوهابية تقول له في آخر المطاف الله له مكان؟ يقول له نعم. له حجم؟ يقول نعم. طول وعرض وعمق يقول: نعم. له يدان حقيقة؟ يقول: له يدان حقيقة. له رأس، له وجه، له عينان، … كلها له. ولذا يقول: (بينها قدر مشترك وبينها قدر مميز وهو حقيقة كل واحد وخصوص ذاته التي امتاز بها عن غيره من قبيل) يضرب مثالاً (كما يعلم أن الجبل والبحر مشتركان في اصل القدر مع العلم بأن حقيقة الحجر ليست حقيقة الماء).
    هو يعتقد أن الله مشترك مع باقي الموجودات في اصل الجسمية ولكن يختلف عنها بماذا؟ يقول أن الجسم هنا يصاب بالآفات والأمراض والحدوث والفناء والموت أما جسمه سبحانه وتعالى فلا يصاب بهذه الآفات …
    طبعاً هذا بحث آخر وسيأتي، بأنه إذا ثبت أن الله سبحانه وتعالى مركب من جزء مختص ومن جزء مشترك يكون مركباً، وكل مركب فهو محتاج إلى أجزائه التي يتكون منها. هذا بحث آخر في مبحث التركيب إذا وصلنا له سنقف عنده تفصيلاً.
    يقول: (بأن حقيقة الحجر ليست حقيقة الماء … بل هذا القول) قول أن الله له مختص وله مشترك والمشترك هو الجسمية (بل هذا القول الذي اتفق عليه العقلاء من أهل الإثبات والنفي) لا أعلم كيف أن النفي أيضاً اتفقوا على هذا (اتفقوا على أن الوهم والخيال لا يتصور موجوداً إلا متحيزاً أو قائماً بمتحيز وهو الجسم وصفاته) أساساً لا يمكن أن يتصور ويتخيل موجود ولا يكون جسماً. (ثم المثبتة) مثبتة الجسمية (قالوا وهذا حق معلوم أيضاً) يعني هذا الذي نتخيله ونتوهمه أن الله جسم وله طول وعرض وعمق أي له مقدار يقول: (وهذا حق معلوم أيضاً بالأدلة العقلية والشرعية بل بالضرورة) أن الله له قدر مشترك وهذا القدر المشترك له أبعاد ثلاثة (وقال النفاة) نفاة أن الله جسم (وقال النفاة انه قد يعلم …).
    إذن اتضح للمشاهد الكريم من خلال الشواهد السابقة وهناك الكثير منها التي تثبت أنه يعتقد أن الله جسم ولكنه جسم لا توجد فيه خواص الجسم الحادث ولكنه جسم.
    والغريب أنه يدعي أن هذا المعنى الذي انتهى إليه هو مقولة جماهير أهل الإسلام، هذا المعنى الذي أنتهى إليه لا يكتفي بأن يقول أن هذا رأيي وهذه نظريتي بل على الطريقة يحاول أن يخرج نفسه من الزاوية الضيقة الحرجة التي هي أقل القليل إلى عموم المسلمين ويقول أن هذا رأي جمهور علماء المسلمين. أين قال هذا؟
    في (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص251) قال: (قال الرازي الذين … فيقال:) هذا كلام ابن تيمية ولكن لا يقول (أقول) بل يقول (فيقال). حتى يعطي مجال لأتباعه وهذا من قبيل المناورة يعني إيجاد مخرج للهروب إذا ألزم بشيء، وهذه واقعاً من أكثر الطرق الملتوية بأساً، عالم يدعي العلم، أنت رأيك أن الله جسم قل أن الله جسم، لماذا التقية، لماذا تخشى؟ لأنك تعلم إذا قلت بأن الله جسم سوف تكفر كما كفروك في زمانك وقالوا أنك أهل بدعة وكما حاكموك وسجنوك. وهؤلاء الذين حاكموه وسجنوه وحكموا عليه إما بالقتل أو بغيره أو اتهموه بالبدعة والضلالة والخروج عن طريقة السلف، والله وبالله لم يكونوا من علماء مدرسة أهل البيت، بل كانوا من علماء باقي المدارس الأخرى من المالكية والحنفية وحتى الحنابلة، لأن كل الحنابلة لا يقولون بكلام ابن تيمية وإن كانوا يحاولون أن يجيروا الإمام أحمد بن حنبل لصالحهم، الإمام أحمد بن حنبل في التحقيق يقول نبقي هذه الألفاظ ونمررها على ظاهرها من غير أن يلتزم بأن معانيها هي المعاني المقصودة في اللغة العربية. ولكن الشيخ ابن تيمية يقول نبقي الألفاظ مع معانيها اللغوية يعني عندما ورد في القرآن (يد الله فوق أيديهم) اللفظ نبقيه على ظاهره ولا نتصرف فيه ولا نؤول. ولكن معنى اليد ما هو؟ هو يقول بأن المراد هذه اليد.
    يقول: (وإن أردت) يعني يقول للفخر الرازي (وإن أردت أنهم وصفوه بالصفات الخبرية مثل الوجه واليد والرجل والصورة … وذلك يقتضي التجزئة والتبعيض أو أنهم وصفوه بما يقتضي أن يكون جسماً) يعني وصفوه بأمور لازم الجسمية (والجسم متبعض ومتجزأ وإن لم يقولوا هو جسم فيقال لهم) في الرد على الفخر الرازي (أقول لا اختصاص للحنابلة بذلك) بل هو مذهب جماهير أهل الإسلام يلتزمون بالصفات الخبرية بالنحو الذي يقتضي الجسمية.
    المُقدَّم: لماذا تتهمون الحنابلة لوحدهم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: إذن فتحصل أعزائي إلى هنا بنحو الإجمال ولا اريد أن أطيل على المشاهد الكريم لأن الأبحاث اللاحقة مهمة، وهو أن خلاصة نظرية الشيخ ابن تيمية أنه قائل بأن الله سبحانه وتعالى جسم لا كالأجسام، وأنه جسم قديم وأن له أبعاد ثلاثة، وهناك أمور أخرى لوازم هذا من قبيل إثبات أن له ثقل، ومن قبيل أن له مكان مخصوص وأن له جهة خاصة به ومن قبيل أنه يشغل حيزاً.
    المُقدَّم: إذن هو أدعى أن هذا ليس مختصاً بالحنابلة، يعني له صحيح أن جماهير المسلمين يقولون بما يقول أم أن هذه النسبة ليست بصحيحة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا السؤال يحتاج في الجواب عنه إلى مقدمة. أعزائي الكرام من هنا إن شاء الله تعالى سوف ندخل في أبحاث ماذا يقول علماء المسلمين سواء كانوا من أهل السنة يعني الأشاعرة والماترديدية والمعتزلة والزيدية وعموم المسلمين بالإضافة إلى مدرسة أهل البيت الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ماذا يقولون في مثل هذه الصفات الخبرية، لأنكم تعلمون أن جملة من الصفات الخبرية وردت في القرآن وجملة من الصفات الخبرية وردت في السنة في النصوص الصحيحة الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ولا يوجد أحد من علماء الإسلام بصدد نفي هذه الصفات، أبداً، وإنما الكلام يختلفون في بيان تفسير هذه الصفات، معاني هذه الصفات، مصاديق هذه الصفات، هل هي كما يقول الشيخ ابن تيمية وأتباعه من الوهابية أو أن لها معانٍ أخرى وتفسير آخر ومصداق آخر.
    ولكن قبل أن أبين هذه الحقيقة، بودي أن أشير إلى مقدمة، أعزائي الكرام الذين يريدون البحث في هذه المسألة وهي مسألة الأسماء والصفات الإلهية أو المعروفة بالصفات الخبرية، أعزائي قبل أن ندخل، هذه قاعدة أصلية ومهمة وخطيرة أدعوا جميع من يريد أن يتكلم في الآيات والروايات المرتبطة بالصفات الخبرية أن يلتفت إلى هذا الأصل وبعد ذلك يدخل في حوار أو نقاش أو بحث مع الآخر، ما هو هذا الأصل؟
    أول سؤال لابد أن نسأل أن هذه الآيات التي تكلمت عن الصفات الخبرية يعني اليد، يعني الوجه، يعني المجيء، ونحو ذلك، هل أن هذه الآيات التي تكلمت عن هذه الصفات هل هي من الآيات المحكمات أم أنها من الآيات المتشابهات. من حقك أن تسأل وتقول: لماذا ينبغي أن نسأل هذا السؤال في الأمور التوحيدية؟
    باعتبار هذا الأصل القرآني الذي هو هو أصلّه لنا قال أن الآيات القرآنية تنقسم إلى قسمين أساسيين قال تعالى في الآية السابعة من سورة آل عمران: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات).
    إذن آيات الله في القرآن الآيات القرآنية جميعاً تنقسم إلى قسمين أساسيين، قسم هي في المحكمات وهي في المتشابهات، وهنا تأتي خطورة كلام هؤلاء ومن لا خبرة له، هؤلاء الذين يتكلمون في تفسير القرآن والآيات القرآنية، يا أعزائي أن الآيات لم يكتب على كل آية آية أنها محكمة أو متشابهة، أنا سؤالي الأول الذي أطرحه على كل من يقول أن هذه الآيات، يعني الآيات التي تكلمت عن اليد وتكلمت عن الوجه وتكلمت عن المجيء وتكلمت … والروايات التي تكلمت هل هي محكمات أم هي متشابهات، قد تقول: سيدنا ما الفرق في النتيجة هي آية قرآنية.
    الجواب: كلا، فإن كانت محكمة الآية فتبقى على ظاهرها ولا تحتاج … أصلاً لغة التأويل لا تأتي فيها، لا تحتاج إلى أي شيء، لأن الآية محكمة، إما إذا صارت الآية متشابهة لكي تفهم لابد إرجاعها إلى المحكمات، يعني لا يمكن أن تفصل الآيات المتشابهة عن الآيات المحكمة وتفهمها، وإلا لوقعت أين .. أنظروا ماذا يقول القرآن الكريم؟ يقول: (آيات محكمات هن أم الكتاب وآخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة) هدفهم الفتنة، هم يبتغون الفتنة، يقع في الفتنة أصلاً، يعني من قطع المتشابهات عن أصوله ومرجعية المحكمات لها فقط وقع في الفتنة، فقد وقع في الزيغ، قال: (فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله).
    إذن السؤال الأول ولذا إن شاء الله تعالى نحن لابد عندما نريد أن ندخل في بحث مع ابن تيمية ومن هنا ينكشف لنا أن هذا الإنسان إما كان متعمداً عندما لم يطرح هذا التساؤل، أن هذه الآيات هن من المتشابهات أو من المحكمات، وإما جاهل بتفسير القرآن. يعني بالقواعد القرآنية، نحن نسأله، يد الله فوق أيديهم أو استوى على العرش أو أأمنتم من في السماء ونحو ذلك، هذه هل هي من المتشابهات أو هي من المحكمات. لا يقول لي قائل لا، هذه من المحكمات، بأي دليل. والآخر يقول من المتشابهات بأي دليل. إذن كل من يريد أن يقول أنها من المتشابهات عليه أن يقيم الدليل، ومن يريد أن يقول أنها من المحكمات فعليه أن يقيم الدليل أيضاً. أما بمجرد أن يأتي يقول والقرآن صريح أنه أثبت أن الله جالس على عرشه، لعل الآية من الآيات المتشابهة.
    من هنا التفتوا إلى هذا الأصل الأصيل في هذه المباحث العقدية، ما هو؟ وهو أنه نجد أن أتباع ابن تيمية أصروا أن آيات الصفات الخبرية من المحكمات من غير إقامة أي دليل، لماذا؟ حتى يبقونها على ظاهرها ومعانيها.
    إذن أعزائي القضية الأصلية في الصفات الخبرية سواء كانت واردة في القرآن أو في روايات النبي الأكرم صلى الله عليه وآله الخطوة الأولى من الناحية العلمية والمنهجية أن نشخص انها من المحكمات لنبقيها على ظواهرها أو أنها من المتشابهات.
    وهنا أقولها بشكل واضح وصريح أن أتباع ابن تيمية أصروا على أن آيات الصفات الخبرية أنها من المحكمات بلا أن يقيموا أي دليل على ذلك، أين قالوا ذلك؟
    هذا كتاب (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد، ص144) للدكتور صالح الفوزان، بعد أن يقرأ الآية من سورة آل عمران، يقول: (ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه). بلا دليل. (ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه) ما هو دليلك؟ (يقرأها المسلمون ويتدارسونها ويفهمون معناها ولا ينكرون منها شيئاً) هذا دليل على أنها محكمة، كل الآيات القرآنية يقرأها المسلمون أعم من أن تكون محكمة أو أن تكون متشابهة، كل الآيات القرآنية تدارسها المسلمون، إذا كان هكذا فكل الآيات تكون محكمة, ولذا تجد إن شاء الله بعد ذلك أن عموم أعلام المسلمين السنة بالإضافة إلى علماء مدرسة أهل البيت يقولون أن هذه الآيات المرتبطة بالصفات الخبرية هي من المتشابهات، بل أنا أعتقد أن الوهابية أيضاً بنفسها هي في باطنها وفي ارتكازاتها العقلية أيضاً تعتقد أن هذه الآيات آيات متشابهة وإن قالوا أنها محكمة، بأي دليل؟
    بدليل يقولون أن هذه الآيات المتكلمة عن الصفات الخبرية يقولون بلا تمثيل ولا تكييف، إذا كانت هي محكمة لماذا تقيدونها بلا تكييف ولا تمثيل.
    المُقدَّم: هذا المتشابهة يقيد بهذه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنت، إذن هم عرفوا أن هذه الآيات جميعاً هي متشابهات. نعم، من أين أخذوا بلا تكييف ولا تمثيل لأن قوله تعالى (ليس كمثله شيء) هذه هي الآية المحكمة، إذن الأصل في القرآن في مسائل الأسماء والصفات قوله تعالى: (ليس كمثله شيء). إذن لابد إذا جئنا إلى الصفات، لأن كثيراً من الأسئلة التي جاءتنا إلى الموقع أو من الاتصالات تسأل إذن ما هي النظرية؟
    الجواب: هذه هي النظرية الأصلية، وهي أن الأصل القرآني الأول الذي يعترف به الوهابية أيضاً، لأنهم يضعون بجانب كل هذه الآيات المتكلمة عن الصفات الخبرية يقولون بلا تكييف وبلا تشبيه وبلا تمثيل لماذا؟ لأنه في ظاهرها يوجد فيها تكييف ويوجد فيها تشبيه ويوجد فيها تمثيل، يوجد فيها تجسيم. وإلا لو لم تكن هذه الآيات بظاهرها إذن أنتم أيضاً من أين قيدتم؟ تقولون: نحن قيدناها بآية قرآنية أخرى، فلماذا لم تعكسوا الأمر تجعلوا تلك المتشابهة وتجعلون هذه محكمة، هذا خير شاهد أنه أنتم بارتكازكم تفهمون أن كل الآيات التي تكلمت عن الصفات الخبرية من اليد والرجل، طبعاً لا الروايات، من اليد والرجل والساق والصورة والإصبع والعرش والكرسي وغيرها هذه كلها من المتشابهات بدليل أنكم دائماً تضعون لها ثلاثة أو أربعة قيود، إذا كانت من المحكمات كما تدعون أن الصفات من المحكم لا من المتشابه لماذا تقيدونها بقوله تعالى ليس كمثله شيء. إذن ما هو رأينا في مدرسة أهل البيت؟
    الجواب: (ليس كمثله شيء) وإذا أثبتنا له جسماً صار مثله الأجسام الأخرى.
    إذا أثبتنا جلوساً إذن مثله شيء، إذا أثبتنا له أصابع، عندما أقول مثله، يعني القدر المشترك لا القدر المختص، حتى أنت وأنا، عندنا قدر مشترك وقدر مختص، أصابعنا ليست متشابهة تماماً، فالبصمات تختلف مثلاً … إذن عندما نقول هناك قدر مشترك ليس بالضرورة أن تكون متماثلة ومتشابهة. إذن الأصل الأول في مسائل التوحيد، وهذا ما قرأناه مفصلاً في آخر مباحث الحد أن الإمام أمير المؤمنين والإمام الرضا وباقي الأئمة كانوا يصرون على أنه ينبغي أن لا يماثله شيء.
    طبعاً علماء المسلمين التفتوا إلى هذه الحقيقة بشكل واضح وجلي بما لا مجال للشك فيه، منهم الإمام عبد الحليم محمود وهو من ائمة الأزهر دار المعارف في (فتاوى الإمام عبد الحليم محمود، ج1، ص89) يقول: (والموقف الذي يقفه من أراد متابعة السلف الصالح) إذن تجاه كلمات الصورة، اليد، النزول، هذه الصفات الخبرية (إنما هو الإيمان بها مع التنزيه لله عن الجسمية وتوابعها) ما هي توابع الجسمية؟ المكان، الجهة، الحيز، الثقل، الامتداد … (هذا هو مذهب السلف في الصفات وهو مذهب لا يثير جدلاً ولا خصومة وليس من طبيعته ذلك إنه مذهب العبودية الصحيحة) أحد أئمة الأزهر يقول هذا (وهو المذهب الذي يتمذهب به كل من عنده نزعة التدين السليمة) هذا ليس أدعائي أن مذهب الأئمة الأربعة كلهم هو ذلك. قال: (وهو مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والسلف الصالح ومن الطبيعي أن يكون مذهب الفرقة الناجية).
    إذن دعوى من يقول أن الله ليس بجسم، كل الأئمة، تقولون تنسب الجسمية إلى أحمد بن حنبل؟ الجواب: أحمد بن حنبل بحسب ما أفهم من كلماته ليس قائلاً بالجسمية وإنما قائل بإمرار هذه الألفاظ على ظواهرها من غير أن يقول أن هذه الألفاظ لها معانيها الموجودة عندنا يعني يد أيضاً كأيدينا، يد لا كالأيدي، لا لا، لا يقول ذلك.
    هذا أحد الأعلام.
    ومن أعلام السنة ما ورد في كتاب (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، ج16، ص229) مؤسسة الرسالة، يقول: (وأنت تعلم أن طريقة كثير من الأعلام وأساطين الإسلام الإمساك عن التأويل مطلقاً مع نفي التشبيه والتجسيم) لا فقط نفي التشبيه، لا أنه جسم لا كالأجسام (منهم الإمام أبو حنيفة والإمام مالك والإمام أحمد والإمام الشافعي ومحمد بن الحسن وسعد بن معاذ المروزي وعبد الله بن المبارك وأبو معاذ خالد بن سليمان صاحب سفيان الثوري وإسحاق بن راهويه ومحمد بن إسماعيل البخاري والترمذي وأبو داود السجستاني … وقال البيضاوي) من كبار العلماء (في الطوالع: والأولى اتباع السلف في الإيمان بهذه الأشياء، يعني المتشابهات) وهم يصرون أنها محكمات، المشكلة هنا، علماء المسلمين فهموا من هذه الصفات الخبرية أنها من المتشابهات فلابد أن تفهم في ظل المحكمات القرآنية وهي قوله تعالى (ليس كمثله شيء). (ورد العلم إلى الله تعالى بعد نفي ما يقتضي التشبيه والتجسيم عنه تعالى).
    المُقدَّم: معنا الأخ روحاني من فلسطين، تفضلوا.
    الأخ روحاني: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ روحاني: سيدي يبدو أنه قد غابت عن فكرك ملاحظة وهو أنهم عندما لم يعطلوا ولم يؤولوا ولكن هل اليد هي الرجل أو هي الساق أم هل الوجه هو اليد … فإذا كان الله مركباً كما يقول ابن تيمية ….
    المُقدَّم: نحن حديثنا الآن في أصل الجسمية.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز هذا البحث الذي طرحته مرتبط ببحث التركيب، وإن شاء الله تعالى سأعقد بحثاً مستقلاً ومفصلاً أن الشيخ ابن تيمية يعتقد بأن الله له أجزاء وهو مركب من مجموعة الأجزاء.
    المُقدَّم: معنا الأخ القحطاني من السعودية، تفضلوا.
    الأخ القحطاني: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ القحطاني: في الحديث عن الرسول إنما افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وستفترق أمتي ….
    المُقدَّم: والفرقة الناجية التي عليها أنا وأصحابي، هذا عندكم في الرواية وعندنا ليس بهذه الدقة.
    الأخ القحطاني: قال الإمام مالك بن أنس إياكم والبدع، قيل يا ابا عبد الله وما البدع، قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة.
    المُقدَّم: لماذا لم يسكت ابن تيمية عن هذا الموضوع.
    سماحة السيد كمال الحيدري: وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قد سأله سائل عن صفة الله سبحانه.
    المُقدَّم: أنت الآن وظاهر كلامك أنك ترد على الشيخ ابن تيمية وأنه من أصحاب البدع لانه خالف رسول الله وخاض وتكلم في هذه الصفات.
    سماحة السيد كمال الحيدري: تكلم في عشرات المجلدات وأثبت الأبعاد الثلاثة وأثبت أن فيه قدر مشترك وفيه قدر مختص، فإذا كنتم تعتبرون هذا من البدع فأول المبتدعة هو هذا الرجل.
    المُقدَّم: ولو أنه سكت لسكتنا.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لو لم يكن عنده إصرار على أولئك الذين نفوا الجسمية لما دخلنا في بحث معه، فهو بصدد إثبات الجسمية لله تعالى.
    المُقدَّم: الأخ عباس من إيرلندا، تفضلوا.
    الأخ عباس: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ عباس: عندي سؤال، وهو الله عز وجل موجود كما يقول معظم المسلمين ولكن نحن نقصد موجود بلا وجود، أقصد أنه لا جسم، أن الله ليس بجسم، ولكن كيف نفسر أو وجوده مثلاً، يعني (ليس كمثله شيء) يعني موجود بلا وجود، كيف يكون هكذا، إلا أن تقول (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا).
    المُقدَّم: وقد قال الإمام علي عليه السلام (العجز عن درك الإدراك إدراك) يعني هذا هو إدراكنا.
    سماحة السيد كمال الحيدري: نحن غير مسؤولين أن نفسر حقيقة وجود الله، لأن هذا مرتبط بعلم الكيفوفة وعلم الكيفوفة لا أحد يعرف ما هي حقيقة الله تعالى، نعم نستطيع أن نقول أن الله سبحانه وتعالى ليس بجسم وليس بعاجز، كله نقوله، أما نستطيع أن نفسر كنه وجوده سبحانه وتعالى (ولا يحيطون بعلمه).
    المُقدَّم: الأخ محمد من السعودية، تفضلوا.
    الأخ محمد: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ محمد: أنت حجة على العالم سماحة الشيخ، وطيب الله وجهك وأطال الله في عمرك. الآن ليس لنا حجة إلا أنت.
    المُقدَّم: هذا الإنسان الذي يجد الحق فيذعن إليه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الإنسان إذا كان مع فطرته يجد أن هذه المسائل ليس لها جواب علمي. نعم، قد يحاول البعض … .
    المُقدَّم: الأخ منصور من السعودية، تفضلوا.
    الأخ منصور: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ منصور: أنا عندي ثلاثة أسئلة سريعة: ما دام الكلام في التجسيم ما هو حكم من يقول أن الله جسم لا كالأجسام؟ وما حكم من يفسر قوله الله (يوم يكشف عن ساق) يكشف عن ساقه هو ويقول تبارك الجبار، يعني يفسر هكذا.
    المُقدَّم: يعني أنه كان قد غطى ساقه بثوب مثلاً.
    الأخ منصور: نعم، هو كان قد غطى ساقه بقماش ثم كشفه. يعني هو لباسه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أقول هذا اللباس من أين جاء الله تعالى.
    المُقدَّم: إذا كان هذا اللباس قديم فقد وقعنا في تعدد القديم.
    الأخ منصور: أنا أسألك عن الشخص هذا …
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أريد أن أسألك، تقول أن الله له ثوب هذا ثوبه من الأزل معه فيلزم منه تعدد القدماء، تقول أنها كان عارٍ ثم لبس ثوباً. يعني منذ الأزل كان الله لابساً للثوب، يعني مذ وجد، أم أنه كان عارياً …
    الأخ منصور: الشخص الذي فسر الآية هو الذي كشف عن ثوبه.
    المُقدَّم: هو يقول ما هو رأيكم في من يقول هذا الكلام.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا كلام باطل، السؤال تقول أنه أساساً أن الله يكشف عن ساقه، أقول: ماذا يكشف تقول الثوب.
    الأخ منصور: لا، الشخص الذي فسر الآية، أنا أريد رأيك بهذا الشخص الذي كشف عن ثوبه عندما فسر الآية.
    المُقدَّم: الآن أوضح كلام الأخ منصور، يوجد في بعض من انتهج هذا النهج يقولون أن الله تعالى (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون) حينما يكشف الرحمن لهم ساقه يوم القيامة لأنهم لم يصلوا في الدنيا لم يسجدوا لساقه، هذا موجود في بعض الأخبار، يقول: هذا قد كشف عن نفسه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه الأبحاث ليس لبيان الأحكام الفقهية، نحن إذا جئنا إلى بيان آرائنا في المسائل الفقهية عند ذلك نقول رأينا في القائلين بذلك. الآن البحث بحث عقدي مرتبط بالأمور الإيمانية وليس بالأمور الفقهية.
    الأخ المنصور: سؤالي الثاني كم إله يعبد السيد كمال الحيدري وهل هو حيوان ناطق.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنا أعبد الإله الذي بينه لنا القرآن الكريم وبينه النبي الأكرم وبينه أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، وواحدة من أهم خصوصياته أنه غير محدود خلافاً لربكم المحدود من الجهات، أنا أعبد إلهاً غير محدود لا ذاتاً ولا علماً ولا قدرة، كلها لا متناهية وأنتم تعبدون إلهاً محدوداً في قدرته وعلمه ووجوده، هذا أولاً. وثانياً أنتم تعبدون إلهاً جسماً وتعبدون إلهاً له أيادي وأجزاء وأعضاء وجوارح وأنا أعبد إلهاً ليس كمثله شيء كما دلنا على ذلك رسول الله وأئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، أما ما أشرت له هل الناس حيوان ناطق أو لا؟ أخي العزيز مع كل احترامي لك لو كنت تعلمت هذه المسائل لما سألته هذه الأسئلة التي لا قيمة لها، أخي العزيز ليس المراد من تعريف المناطقة أن الإنسان حيوان ناطق ليس مرادهم من الحيوان يعني الدواب والغنم، بل مرادهم من الحيوان يعني ما فيه حياة. أنا الآن أسألك لا أقول أنت حيوان ناطق، أنت حي والموجودات الأخرى فيها أيضاً حياة، يعني السمك حي أو ليس بحي؟ نعم حي. الطيور حية كذلك، أنت حي كذلك، هذه الحياة يعبر عنها ….
    المُقدَّم: والقرآن يصرح (ولدار الآخرة هي الحيوان).
    سماحة السيد كمال الحيدري: يعني هي الحياة، وإلا كل إنسان بلغ ما بلغ من الكمال فهي حي ولكن درجات الحياة تختلف وأنواع الحياة تختلف فبعضها حياة بنوع وبعضها حياة …
    أنا أتصور أن الأخ العزيز لعله التبس عليه الأمر تصور أننا عندما نقول حيوان ناطق مرادنا من الحيوان يعني الدواب، بل مرادنا من الحيوان كما في علم المنطق، ولذا هذا الجهل المطبق الذي تعيشونه أنتم في أجوائكم حيث أنكم لا تقرأون المنطق ولا تقرأون الأبحاث العقائدية دقيقاً بشكل عقلي وإن كان تستعملونها ولكن تستعملونها بشكل بائس لأن القواعد ليست بأيديكم.
    أخي العزيز هل هذا داخل في موضوع البحث، الذين كتبوا لك الأسئلة كان ينبغي أن يكتبوا لك أسئلة داخلة في البحث.
    المُقدَّم: لو كان هذا يحتاج إلى عيب لما وصفت الآخرة بأنها الحيوان. والآخرة غاية المؤمنين.
    شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/23
    • مرات التنزيل : 4853

  • جديد المرئيات