نصوص ومقالات مختارة

  • مختارات من مقامات المصطفى (ص) الحلقة الرابعة

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    المقدّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته.

    أحييكم في هذه الحلقة من مطارحات في العقيدة تأتيكم مباشرةً من استوديوهات مركز الإسلام الأصيل من مدينة قم المقدسة.

    أعزائي المشاهدين أحييكم وأحيي مستمعينا عبر إذاعة طهران العربية وأيضاً مشاهدينا على موقع تواصل الاجتماعي (الفيس بوك).

    أحييك سماحة آية الله السيد كمال الحيدري أهلاً ومرحباً بك. نحن في الحلقة الرابعة من مقامات المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، بدايةً خلاصة لما تقدّم في الحلقة السابقة، خاصةً فيما يتعلق بالمقطع الثالث الذي هو كما أشرتم مورد ابتلاءنا.

    سماحة السيد:

    أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين

    في الواقع فيما يتعلّق بالمقطع الثالث من حياة المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، وهي المصطلح عليها بالحياة البرزخيّة للنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، قلنا: بأنّه فيما يتعلّق بارتباطه وعلاقته بعالم الدنيا يوجد اتّجاهان:

    الاتجاه الأول: يعتقد أنّه إذا مات ابن آدم انقطع عمله، إلّا من ثلاث: إمّا من كتابٍ أو ولدٍ أو نحو ذلك؛ وإلّا يوجد له ارتباط أو لا يوجد له ارتباط؟ أبداً عزيزي، يقول هذا الاتّجاه، وهو الاتّجاه الذي تبنّاه بشكل رسمي ابن تيميّة وأتباع ابن تيميّة، يعني علماء الوهابيّة المعاصرين أيضاً يتبنّون هذا الاتّجاه، وسأقرأ للأعزة عباراتهم في هذا.

    إذن الاتّجاه الأول يقول: الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بعد أن ينتقل عن هذا العالم لا علاقة له بهذا العالم، ولا يمكن أن يؤثّر فيه بأيّ نحوٍ من الأنحاء، كأيّ إنسانٍ آخر عندما ينتهي من هذا العالم ينقطع ارتباطه من هذا العالم، إلّا من بعض الخصوصيّات، افترضوا إذا سُلّم عليه مثلاً يُردّ إليه الروح لأن يجيب، أو إذا انقطع علمه، إلّا فلان وفلان، كما إن شاء الله سنشير. هذا الاتّجاه الأول. (كما قلت هذا الاتّجاه تبنّاه بشكل رسمي ابن تيميّة وأتباع ابن تيميّة وهم الوهابيّة).

    الاتّجاه الثاني: وهو الاتّجاه العام بين علماء المسلمين من سنّة ومن شيعة، والسنّة أيضاً بمختلف اتّجاهاتهم من أشاعرة ومن صوفية و… إلى آخر القائمة في الاتّجاهات الموجودة عند أهل السنة؛ قالوا: لا أبداً، الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) له كامل الارتباط بهذا العالم، ويمكنه إذا أراد، أن يؤثّر في هذا العالم.

    إذن أعزائي اتّجاهان أساسيّان فيما يتعلّق بالحياة البرزخية للنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله). ولذا نحن في الحلقة السابقة قلنا ليس النزاع بين المسلمين أو بين البعض (بين علماء المسلمين، بين ابن تيميّة وغير ابن تيميّة)، أنّه ابن تيميّة لا يعتقد بحياته البرزخية وباقي علماء المسلمين يعتقدون بحياته البرزخية، لا ليس النزاع في هذه المسألة كما يُصطلح، ليس النزاع في المسألة الأولى وهي في حياته البرزخية وأنّه حيٌ أو ليس بحيّ، وإنّما الاختلاف في المسألة الثانية، وهي: أنّ هذا الموجود في الحياة البرزخية، هل له تأثيرٌ وارتباطٌ واطّلاعٌ وعلمٌ بهذا العالم أو ليس له ذلك؟. ابن تيميّة قال: ليس له؛ واتّجاه علماء المسلمين من سنّة وشيعة قالوا له ارتباطٌ وعلمٌ وتأثير (هذه خلاصة ما أشرنا إليه).

    المقدّم: مع الاحتفاظ بمساحة كلّ اتّجاه يعني اتّجاه قليل واتجاه هو الكثر.

    سماحة السيد: بلى، لا إشكال، قلت عموم علماء المسلمين، لا يوجد في ذاك الطرف إلّا ابن تيميّة وأتباع ابن تيميّة.

    المقدم: طيّب، من الواضح أنّ هناك تأثير في كثير من المسائل على هذين الاتّجاهين. يعني السؤال هنا بالتحديد: هل لهذين الاتجاهين تأثير (اليوم لربّما كلّ الذين يذهبون إلى الحج إلى مكة المكرمة، لزيارة المدينة المنورة للصلاة في مسجد رسول الله، يواجهونها) في مسألة زيارة قبره الشريف أم لا؟

    سماحة السيد: أحسنتم. أنا أتصور هذه المسألة أعزائي لعلّه من أهم معطيات ونتائج هذين الاتّجاهين، ولذا بودّي أنّ الأعزة يلتفتوا إلى عدّة مسائل: (التفتوا جيّداً، يعني بحسب اصطلاح الحوزات العلميّة والمراكز العلميّة لابدّ أن يحرّر محل النزاع)

    ما هو منشأ الاختلاف؟ أعزائي في مسألة زيارة قبر النبي، أنا لم أتكلم الآن في قبور الأولياء والأنبياء والصلحاء والمؤمنين، لا؛ لأنه حديثنا في مقامات المصطفى، أنا أتكلم عن خصوص النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله). أعزائي توجد مسألتان تتعلّقان بزيارة قبر النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ليس الكلام في المسجد، ليس الكلام أنّ مسجده يُزار ويُقصد للزيارة وتشدّ إليه الرحال، هذا ما فيه كلام، إنّما الكلام في القبر الشريف.

    المقدم: الاتّجاهان متفقان.

    سماحة السيد: أحسنتم. هذا لا يوجد خلافٌ في أنّه تشدّ الرحال إلى المسجد النبوي. وإنّما الكلام في القبر، وأنّ القبر أعزائي هل يزار أو لا يزار؟ (التفتوا لي جيّداً)، توجد مسألتان في زيارة القبر النبوي الشريف :

    المسألة الأولى: مسألة من كان يعيش في مدينة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد وفاته ورحلته. هل تستحب له الزيارة أو لا تستحب؟ (لا يشدّ الرحال وإنّما هو يزور فقط، ليس بعيداً، لا يحتاج إلى طيّ المسافات لأن يزور ويقصد القبر الشريف).

    إذن المسألة الأولى مسألة زيارته لمن لا يحتاج إلى شدّ الرحال. وهذه نسبة قليلة جداً من المسلمين، كم أولئك الذين يعيشون في المدينة المنورة (مئات الآلاف، افترض مليون مليونين).

    المقدّم: اليوم نفوس المدينة المنورة تقريباً مليون ومائتين.

    سماحة السيد: أحسنتم. جزاك الله خيرا. لا يتجاوز هذا العدد. ولكنه المسألة المهمة بالنسبة إلى عموم المسلمين وهم الذين يتجاوز عددهم حدود المليار وسبعمائة مليون مسلم، هؤلاء هل يصحّ منهم (التفتوا جيّداً) أن يقصدوا القبر الشريف للزيارة أو لا يجوز لهم ذلك؟. وهذا هو المصطلح عليه بشدّ الرحال، هل تشدّ الرحال لزيارة القبر أو لا يجوز ذلك؟

    إذن واضح من المسألة أنّ الآن أين محل النزاع.

    إذن أعزائي توجد مسألتان في زيارة قبر النبوي الشريف.

    المسألة الأولى: لمن يعيش بِقُرب هذا القبر.

    والمسألة الثانية: لمن يحتاج إلى شدّ الرحال لأن يزور هذا القبر.

    (التفتوا لي جيّداً) بعض الذين حاولوا أن يلطّفوا من نظريّة ابن تيميّة، قالوا: أنّ الشيخ ابن تيميّة يرى استحباب زيارة النبي بالنسبة إلى الطائفة الأولى (لمن كان في المدينة).

    نعم إنّما يرى أنّ شدّ الرحال إلى زيارة القبر الشريف هذا محرّمٌ، والقصد إليه قصدٌ إلى المعصية ولا يقصّر فيها الصلاة وعشرات من المسائل الذي أشرنا إليها في شهر رمضان الماضي وسنقف تفصيلاً عليها لاحقاً.

    يقولون أنّ الشيخ ابن تيميّة يرى استحباب الزيارة لمن كان قريباً من القبر، وإنّما عنده مشكلة شرعيّة بالنسبة لمن شدّ الرحال. تقول واقعاً يوجد هذا المعنى؟ وهذا كلامٌ جدّ خطير هذا الذي أريد أن أقوله:

    المورد الأول: ما ذكره العلّامة الألباني، في سلسلة الأحاديث الضعيفة، العلّامة الألباني، المجلد الأول، صفحة 123، رقم الحديث 47، الذي تحته حديث: (من حجّ فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي).

    في ذيل هذا الحديث أعزائي يقول: (تنبيهٌ) (التفتوا جيّداً)، القضية جدّ مهمة أعزائي، لأنّه أريد أن أرتب أثر عليها، لأولئك الذين الآن يقفون عند القبر الشريف ومن يريد أن يزور من أهل المدينة أيضاً يقول له: هذه بدعةٌ، هذا شركٌ، هذا غلوٌّ. العلّامة الألباني يقول: (تنبيهٌ: يظن كثيرٌ من الناس أنّ شيخ الإسلام ابن تيميّة ومن نحا نحوه من السلفيين يمنع من زيارة قبره (صلّى الله عليه وآله) وهذا كذبٌ وافتراء)، ابن تيميّة لا يمنع من زيارة النبي. من يتّهم ابن تيميّة أنّه يمنع عن زيارة النبي، هذا افتراء على ابن تيميّة. (وليست هذه أول فرية على ابن تيميّة وعليهم (يعني على السلفيين) وكلّ من له اطّلاع على كتب ابن تيميّة، يعلم أنّه يقول بمشروعيّة زيارة قبره (صلّى الله عليه وآله) واستحبابها)، بل يعتقد لا أنّه فقط يجوز بل مستحبة عند ابن تيميّة، لماذا تتهمون الرجل بأنه يقول لا تجوز أصل الزيارة أصلاً واستحبابها. (نعم إذا لم يقترن بها شيءٌ من المخالفات والبدع مثل شدّ الرحل والسفر إليها). إذن البدعة في شدّ الرحل، البدعة في أن يقصد زيارة القبر النبي لمن كان بعيداً، أمّا إذا كان قريباً لا فقط أنّه يجوز بل هو من المستحبات. (التفتوا) يقول لماذا؟ (يقول: باعتبار أنّه يعتقد ولا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد، شدّ الرحال إنّما يجوز إلى المسجد النبوي، أمّا إلى القبر الشريف فلا يجوز ذلك) (هذا مورد).

    موردٌ آخر وهو لأحد الأكاديميين المعاصرين وهو: خصائص المصطفى بين الغلوّ والجفا، عرضٌ ونقدٌ على ضوء الكتاب والسنة، تأليف الدكتور الصادق بن إبراهيم، مكتبة دار المنهاج، الطبعة الثالثة 1430 هـ ، المملكة العربية السعودية. أنظروا ماذا يقول أيضاً في صفحة 140، تبعاً للعلّامة الألباني، يقول: (وزيارة القبور من غير شدّ رحلٍ إليها مسألةٌ، وشدّ الرحل لمجرّد الزيارة مسألةٌ أخرى)، هاتان مسألتان، (والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عن شدّ رحل، (بل كما قال العلّامة الألباني ماذا؟

    المقدم: منع شدّ الرحل.

    سماحة السيد: منع شدّ الرحل وإلّا إذا لم يشدّ الرحل فهي مستحبّةٌ) بل يستحبها ويندب إليها وكتبه ومناسكه تشهد بذلك). إذن لماذا تتهمون الرجل، لماذا؟ السؤال هنا. بناءً على هذا التصوير (هذا كلامي موجّه لأهل المدينة الأعزاء من جميع المسلمين ومن جميع أتباع المذاهب الإسلامية)، إذن العلامة الألباني ينسب إلى الشيخ ابن تيميّة أنّه يستحب زيارة الرسول لمن كان لا يشدّ الرحال إليها. ولذا ينبغي عليكم أنتم أن كلّ واحد يريد أن يزور النبي الأكرم أن تسألوه، أنت شدّيت الرحال أم من أهل المدينة؟ (بينكم وبين الله). هذه هي فكرتهم، وشر البلية ما يضحكك، علي أي حال.

    أنت شدّيت الرحال أم ما شدّيت الرحال؟ إذا لم تشدّ الرحال يستحب لك أن تزور، إذا شدّيت الرحال فهو بدعةٌ وشركٌ وغلوٌّ وضلالةٌ.

    سؤال: أنا الآن حديثي إذا يسمح لي المشاهد الكريم، واقعاً أريد أن أعرف أنّ هذا الذي نسبوه إلى الشيخ ابن تيميّة، وهو يميز بين المسألتين، هل واقعاً هو يميّز بين المسألتين؟ أم هذا تلطيف ودفاع بأمرٍ لا يوافق عليه شيخهم ابن تيميّة.

    واقعاً هذه قضية وأنا لا أدري ماذا أستطيع أن أقول، لا أعلم.

    المقدم: حتّى الألباني…

    سماحة السيد: نعم العلامة الألباني أيضاً ينقل عبارات. تعالوا معنا أعزائي إلى بعض الموارد وإلّا باعتبار أن الأبحاث كثيرة، أنا أقتصر على بعض المصادر. هذا كتابه أعزائي: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، تأليف ابن تيميّة، حقّقه عبد القادر الأرنؤوط، دار القاسم، في صفحة 117، (أنظروا ماذا يقول في العبارة، التفتوا لي جيّداً)، عبارته: يقول: (فإنّ أحاديث زيارة قبره كلّها ضعيفةٌ).

    المقدم: رفضها بأجمعها.

    سماحة السيد: سؤال: بيني وبين الله، ميّز أم لم يميّز؟ لا أبداً لم يميّز. قال أساساً زيارة القبر كلّ رواياته ضعيفة. ما قال يستحبّ هذا ويكون ذاك بدعة. (الآن التفتوا لي جيّداً) يقول أيضاً: (لا يعتمد على شيء منها في الدين ولهذا لم يروي أهل الصحاح والسنن شيئاً منها وإنّما يرويها من يروي الضعاف كالدار قطني والبزار وغيرهما، وأجوَد حديثٍ فيها ما رواه عبد الله بن عنقمر العمري وهو ضعيفٌ والكذب ظاهرٌ عليه، مثل قوله: (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي. فإنّ هذا كذبٌ ظاهرٌ مخالفٌ بدين المسلمين). فإذن من زاره فقد قام بالبدعة. الآن هذا من أين جاء بهذا الكلام (العلامة الألباني). لا يوجد هنا هذا المعنى، بل يقول: (أساساً زيارته مخالفة لدين المسلمين وكل رواياته ضعيفة وساقطة).

    المقدم: ولم يرد في الصحاح شيء.

    سماحة السيد: واحد واحد، الآن أنا لست بصدد هل أنّه ورد أم ما ورد، أنا بصدد أنّه هذه الدعوة التي نسبوها إلى الشيخ ابن تيميّة، ميّزوا بين من شدّ الرحال ومن لم يشدّ الرحال، وأنّ من لم يشدّ الرحال يستحب وندب إليها وتراثه مملوء، موجود في تراثه أم غير موجود في تراثه؟ (هذا المورد أوّلاً).

    المورد الثاني: هذا مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيميّة، المجلد السابع والعشرون، صفحة 221، (التفتوا لي أعزائي) يقول: (وما ذكره السائل من الأحاديث في زيارة قبر النبي فكلّها ضعيفةٌ باتفاق أهل العلم، بل هي موضوعةٌ من الموضوعات، لم يخرج أحدٌ من أهل السنن المعتمدة شيئاً منها ولم يحتج (من الاحتجاج) أحد من الأئمّة بشيءٍ منها، بل مالك إمام أهل المدينة النبوية الذين هم أعلم الناس بحكم هذه المسألة، كَرِهَ (من؟ الإمام مالك) أن يقول الرجل زرت قبر النبي)، أصلاً الإمام مالك يقول مكروهٌ هذا، ولم يميز بين من شدّ الرحال ومن لم يشد، يعني سواءً كان قريباً أو كان بعيداً.

    المقدم: وهو من أهل المدينة

    سماحة السيد: وهو من أهل المدينة، (ولو كان هذا اللفظ معروفاً عندهم (يعني أنّه يزور قبر النبي عند أهل المدينة) أو مشروعاً أو مأثوراً عن النبي لم يكرهه عالم المدينة). إذن العبارة واضحة، أنّه ينسب إلى الإمام مالك هذا؛ أنا لست بصدد أنّ هذه النسبة هل هي صحيحة أو تدليس على الإمام مالك، ولكن أريد أن أقول: أنّه يستدل بها لبيان مطلق الزيارة، لمن كان قريباً أو بعيداً وشدّ الرحل إليها.

    وأوضح عبارةٍ (أعزائي اجعلوا ذهنكم معي جيّداً) الذي لا يوجد بعد مجالٌ فيها للتأويل. (التفتوا لي جيّداً) يقول في صفحة 243، من فتاوى ابن تيميّة، المجلد 27، يقول: (لو كان قبر نبينا يزار كما تزار القبور لكان أهل مدينته أحقّ الناس بذلك (يعني أول من كان يزوره أهل المدينة) كما أنّ أهل كلّ مدينةٍ أحقّ بزيارة من عندهم من الصالحين (لا أقل النبي من الصالحين لكان يزورونه) (فلما اتّفق السلف وأئمة الدين على أن أهل مدينته لا يزورون قبره).

    المقدم: اتفقوا.

    سماحة السيد: نعم اتفقوا. إذن هذا يميّز بين القريب والبعيد أو لا يميز؟ بل يصرّح أنّه لا فرق بين شدّ الرحال وعدم شدّ الرحال، يقول: (بل ولا يقفون عنده للسلام على حرمه)، يعني عندما يدخلون المسجد النبوي المبارك، لا يلتفتون إلى قبره وإلى مكان دفنه ليقولوا له: السلام عليك يا رسول الله.

    المقدم: وجوده وعدم وجوده لا فرق.

    سماحة السيد: نعم، هذا نظر ابن تيميّة أعزائي، حتّى السلام لمن هو قريب لا يجوز، ليس فقط الزيارة، لأن الزيارة تفرق عن السلام، مرة أنت تسلم على الشخص مروراً ومرة تقصده إلى بيته لزيارته، يقول أنّ رسول الله ليس فقط لا يزار، بل لا يستحق أن يُسلّم عليه، والله أنا لا أحتاج أن أعلّق على كلام الشيخ ابن تيميّة، أترك هذا للمشاهد الكريم أن يعلّق، أنّه يقول: (بل ولا يقفون عنده للسلام إذا دخلوا المسجد وخرجوا)؛ الآن أبيّن ما هو دليله، دليله لأنّ السلام إنّما هو على الحي ولكن النبي جثةٌ هامدة كالجماد، هل يُسلّم على الجماد؟، هذا الذي قلت أنّه هذه من آثار أنّ هؤلاء يقولون

    المقدم: والله يا سيد يعني العرفاء حتّى على الجماد يسلمون، لكن هذا لا يسلم على رسول الله.

    سماحة السيد: المهم عزيزي، طبعاً بنص القرآن الكريم لا يوجد عندنا جماد، كلّ الأشياء أحياء. ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ (الإسراء: 44). أي يا شيخ الإسلام بين قوسين اعتبره شيء ويسبح بحمده، صريح القرآن ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ﴾ هذه الجثّة، بدن رسول الله، شيءٌ أو ليس بشيء، إذن يسبح بحمده، هسه أنت لا تفقه، مشكلة ذلك البدن أم مشكلتك أنت؟ على أي الأحوال. أتابع القراءة، «بل ولا يقفون عنده للسلام» ولذا قال: بل، يعني لإضراب، لا فقط أنّ القبر الشريف لا يستحق الزيارة، بل ولا يستحق السلام، «وإن لم يسمّى هذا زيارةً»، حتّى السلام لا يسمّى زيارة وحتّى لو يسمّى «بل يكره لهم ذلك» عجيب، يقول أصلاً لو وقفت وسلّمت، وإن لم تزوره فهو مكروه.

    المقدم: كلّ هذه المسلمين تقوم بمكروه.

    سماحة السيد: لا المسلمون يقومون بعمل بدعة، حرام، لأنهم يشدون الرحال، أهل المدينة أيضاً لا دليل لأن يزوروه؛ من يسلّم عليه عمله مكروه، يعني أيها المسلمون عندما تمرّون من جوار المضجع الشريف للنبي الأكرم وقلتم السلام عليك يا رسول الله، فقد فعلتم عملاً مكروهاً، أيها المسلمون، أيها الذين في الصباح تسلّمون على رسول الله، إذا وقع عينكم على القبة الخضراء المباركة تسلّمون على رسول الله، عملكم مكروه. هذا عند غير السفر وإلّا عند السفر فهو ماذا؟ فهو معصيةٌ وبدعةٌ وشركٌ و…إلى غير ذلك.

    إذن أعزائي أرجع مرةً أخرى وأقول للمشاهد الكريم: أعزائي يقول مكروهٌ كما ذكر مالك، كان يكره، وبيّن أنّ ذلك من البدع التي لم يكن صدر هذه الأمة يفعلونه، يعني يقفون ويسلّمون عليه أو يزورونه؛ للقريب لا للبعيد، «علم أنّه أنّ من جعل زيارة قبره مشروعة كزيارة قبر غيره فقد خالف إجماع المسلمين».

    المقدم: إجماع المسلمين.

    سماحة السيد: إجماع المسلمين قائم على ماذا؟ على أنّ زيارة قبره للقريب، (للبعيد حرامٌ، بدعةٌ) مخالف لإجماع المسلمين. أعزائي تعالوا مرةً أخرى معنا إلى العلّامة الألباني. أنا أستغرب واقعاً، العلّامة الألباني عبارته يقول: (وكلّ من له اطلاعٌ على كتب ابن تيميّة، يعلم أنّه يقول بمشروعية زيارة قبره واستحبابها)، دوروا الأمر، بين جهل هذا الإنسان، (العلامة الألباني، وواقعاً ثقيلة عليّ أن أقولها، ولكن لا أجد لها وجهاً،) وبين أنّه يعلم الحقيقة من كتب ابن تيميّة، ولكن يريد أن يلطّف، لأنه يا أعزائي بينكم وبين الله شخصٌ يقطع آلاف الكيلومترات، ويصل إلى المدينة المنورة، ولا يوجد فاصل بين المسجد النبوي وبين القبر الشريف، فيقف في المسجد ويصلي الله ويتعبّد، ولا يدير بوجهه إلى القبر الشريف حتّى يسلم عليه، بينكم وبين الله، توجد جفوة فوق هذه الجفوة، لا أعبر تعبير آخر، طبعاً أنا في عقيدتي هذا ينمّ عن… لا أعبر واقعاً لأنه منهجي ليس اتهام الآخرين ولكن واقعاً توجد مشكلة أعزائي، توجد عنده مشكلة نفسية مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإلّا لماذا أنّ السلام عليه، فضلاً عن زيارته، مكروهةٌ بل إجماع المسلمين على خلافها، من أين هذا المعنى.

    إذن أعزائي لو سألني سائل: سيدنا على أيّ مبنى بنو هذا المعنى؟

    الجواب أقوله في كلمة واحدة: أنّ هذا الإنسان أو هذا الجسد له قيمة أو ليس له قيمة؟ لا قيمة له، هو حيٌّ أو ميتٌ؟ ميت، وإذا كان ميتاً؟ إذن بعد ماذا؟ جثةٌ هامدة، إذن لا معنى للسلام عليه. يعني أنت إذا دخلت على بدنٍ تقول له: السلام عليك أيها البدن. طبعاً لا تقول. إذا هذا منطلقه أين؟ منطلقه تلك الرؤية في الاتّجاه الأول الذي يرى أنّه جثة هامدة لا فرق بينه وبين غيره. طبعاً ليكون في علم الأعزة: أعلام المسلمين لم يقبلوا هذا التفريق الذي ذكره العلّامة الألباني أو الدكتور الصادق بن بهاء، أبداً، أبداً، قالوا: أنّ ابن تيميّة منع من الزيارة مطلقاً لمن كان قريباً أو كان بعيداً. أين قال هذا المعنى؟ الشاهد أمامكم: الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرّم، للإمام العلّامة بن الحجر هيتمي، في صفحة 56، يقول: «وأمّا تخيّل بعض المحرومين أنّ منع الزيارة أو السفر إليها من باب المحافظة على التوحيد…) إلى أن يقول (…وابن تيميّة من متأخر الحنابلة، منكرٌ لمشروعية الزيارة والسفر إليها)، ليس منكرٌ فقط للسفر إليها وشدّ الرحال، بل أصل المشروعية منكر لها وهذا كلّ علماء المسلمين فهموا هذا المعنى.

    المقدم: وعبر عنه بعض المحرومين.

    سماحة السيد: نعم واقعاً بعض المحرومين، لأنه أيّ بركةٍ أعزائي يمكن أن يحصل عليها الإنسان وهو يحرِم نفسه من مثل هذه البركات الذي هو الواسطة الحقيقية بين الله وبين خلقه، كما أشرنا إلى هذا المعنى. قال: «وأنه يمدّ كلّا ً منهم بما يناسبه وما هو عليه، وأنّه خليفة الله الأعظم الذي جعل خزائن كرمه وموائد نعمه، طوع يديه وإرادته، وأنّ من سوّلت له نفسه اللعينة شيئاً من ذلك كان سبباً لحرمانه وقبيح قطيعته وخسرانه». لأنه هذه واسطة الفيض، هذا هو السبب المتصل بالسماء، وهو يحرم نفسه عن هذه البركات.

    المقدم: يقطع واسطة الفيض على نفسه.

    سماحة السيد: أحسنت، هذا بناءً على الاتّجاه الأول.

    المقدم: نذهب بفاصل والاتّجاه الثاني. أعزائي المشاهدين فاصل وأرجوا أن يكون قصيراً لأنّ كلام السيد في هذه الليلة كثير إنشاء الله. فاصل ونعود.

    المقدم: اللهم صل على محمدٍ وآل محمد، سماحة السيد هذا الاتّجاه الأول وأمّا الاتّجاه الثاني:

    سماحة السيد: إذن هذا الاتّجاه الأول، اتضح بأنه ما هو الدليل أنّ ابن تيميّة منع عن أصل الزيارة وجعله مكروهاً وقال أنّه خلاف دين المسلمين، وإجماع المسلمين، وقال أنّ شدّ الرحال إليها من المعاصي الكبيرة التي ينبغي إتمام الصلاة ولا يقصّر لأنها سفر معصية.

    أمّا في المقابل الاتّجاه الثاني: الآن أعزائي لا أريد أن أدخل مباشرةً في الروايات لأنه ذكرت للأعزة مراراً بأنّه هذا البحث سيأتي. نحن الآن في خارطة البحث يعني واقعاً فقط أريد أن أعطي الفتاوى والتفصيل إنشاء الله سيأتي مفردة مفردة، أعزائي أمّا دعواه: أن كلّ الروايات الواردة في ذلك فهي ضعيفةٌ بل موضوعةٌ بإجماع المسلمين؛ أنا بودّي أنّه لنرى بأنه واقعاً كلّ علماء المسلمين قالوا ضعيفة وموضوعة أو أنّه يوجد من صحّح هذه الروايات؟ عليكم بكتاب التلخيص الحبير، للإمام الحافظ بن حجر العسقلاني، الجزء الرابع، صفحة 641، الرواية عن أنس ابن مالك مرفوعاً: (من زارني بالمدينة محتسبا، كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة). يقول: (وسليمان ضعّفه ابن حبان والدار قطني)، هذه اثنان؛ الآن أنظروا ماذا يقول: (فائدةٌ: طرق هذا الحديث كلّها ضعيفة) يحتاج إلى تحقيق وسيأتي ولكن مع كونها ضعيفة (لكن صحّحه من حديث ابن عمر أبو علي ابن السكن في إيراده إيّاه في أثناء السنن الصحاح)، من قال بأنّ الجميع اتفق وأجمعت الأمة والسلف على أنّ هذه الرواية ضعيفة السند. من قال؟ (وعبد الحقّ في الأحكام، في سكوته عنه، والشيخ تقي الدين السبكي من المتأخرين (التفت) باعتبار مجموع الطرق)، يعني صحيح أنّه حديثٌ ضعيف ولكن له طرق متعدّدة وقد ذكرنا مراراً أن الحديث الضعيف كما يقول العلامة العثيمين في مصطلح الحديث، صفحة 15، يقول: (أن الحديث الضعيف، (الضعيف) إذا تعدّدت طرقه على وجهٍ يجبر بعضها بعضاً يكون سمّي حسناً لغيره)، إذن هذا مضافاً إلى أنّ العلامة أو الإمام ابن حجر العسقلاني لا يقول ضعيفاً وإلّا لما نقل هذا الكلام.

    الآن أعزائي تقول سيدنا: في النتيجة الرواية صحيحة أو ضعيفة؟ إن شاء الله في الوقت المناسب سأثبّت لكم صحّة الرواية، لا تستعجلوا، (في الوقت المناسب أعزائي)، ولكن الآن انظروا إلى سيرة صحابة النبي (صلّى الله عليه وآله). تعالوا معنا إلى سيرتهم، هذه أمامكم، نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار، للإمام الشوكاني، تحقيق محمد صبحي حلّاق، الجزء التاسع، دار ابن الجوزي (التفتوا جيّداً ماذا يقول)، يقول: (وقد رويت زيارته عن جماعةٍ من الصحابة). أَعيد، يقول: هناك مجموعة من الروايات دلّت على أنّ الصحابة كانوا يزورونه بعد ذلك. كانوا قريبين أو بعيدين؟ لا، كانوا قريبين يزورونه وأيضاً كانوا يشدّون الرحال إلى زيارته. يقول: (منهم بلال عند ابن عساكر بسندٍ جيّد)، ابن عساكر يقول: أن بلال مؤذن رسول الله بسندٍ صحيح ومعتبر كان يزور قبره الشريف

    المقدم: قبره الشريف.

    سماحة السيد: إلّا إذا كان هذا لا يعرف الشرك من التوحيد. مؤذن رسول الله ولكن ابن تيميّة يريد أن يُعلّم بلال ما هو الشرك وما هو التوحيد؟ ما هو الغلو وما هو غير الغلو؟ ماذا يجوز وماذا لا يجوز؟

    وأيضاً (وابن عمر عند مالك في الموطّأ)، (عجيب، عجيب) تبيّن إذن عبد الله ابن عمر أيضاً ما كان يعرف بأنه زيارته مكروهة.

    المقدم: ومالك أيضاً إمام المدينة.

    سماحة السيد: لا، لا عند مالك يعني الرواية عند مالك، سأقولها، (وأبو أيوب عند أحمد)، يعني عند مسند أحمد أخرج أنّ أبا أيوب كان يزوره، (وأنس ابن مالك)، ذكره عياظ في الشفاء، (وعمر عند البزار، وعلي عند الدار قطني)، وغير هؤلاء، هؤلاء كلهم كانوا يزورون قبره. يعني إلّا أنّه واقعاً عليٌ وعمر وابن عمر وأبي أيوب وبلال و…

    المقدم: ومن نقل عنهم.

    سماحة السيد: لا، هسه الآن اسمحوا لي. (التفتوا جيدا) (لكنه لم ينقل عن أحدٍ منهم أنّه شدّ الرحال لذلك إلّا عن بلال)، فإنه ليس فقط كان هو في المدينة ويزوره عن قرب وإنّما كان يشدّ الرحال. هذا الذي قال عنه ابن تيميّة أنّه بدعة، أنّه سفر معصية، لأنه روي عنه أنّه رأى النبي وهو بداريّا من سوريا وهو يقول له: (ما هذه الجفوة يا بلال، أمّا آن لك أن تزورني)، روى ذلك ابن عساكر الذي قال بسندٍ جيّد. هذا المورد الأول أعزائي.

    المورد الثاني: موطّأ الإمام مالك، الذي قال: (وابن عمر في موطّأ الإمام مالك). موطّأ الإمام مالك، برواية محمد ابن الحسن الشيباني: (أعزائي التفتوا لي) الآن قد بعض الإخوة سيراجعون موطّأ الإمام مالك، قد يجدون هذه الرواية غير موجودة، أعزائي هذه موجودة برواية محمد ابن الحسن الشيباني، أمّا الموطّأ لمالك ابن أنس برواية يحيى الليثي له بحثٌ آخر، أنا أتكلم برواية ماذا؟

    المقدم: الكتاب له روايتان.

    سماحة السيد: أحسنتم بهذه الراوية. مع التعليق الممجّد على موطّأ مالك، شرح العلامة عبد الحي اللكنوي، تعليق وتحقيق الأستاذ الدكتور تقي الدين الندوي، المجلد الثالث، دار القلم ـ دمشق، صفحة 481، أنا أريد أن أتأخر قليلاً حتّى تعرفوا ماذا يقول علماء المسلمين في هذه المسألة، وماذا قاله ابن تيميّة أنّه قال: إجماع المسلمين على أن الزيارة من قريب ومن بعيدٍ محرمة. (باب قبر النبي وما يستحب من ذلك، (لا مسجد النبي قبر النبي) أخبرنا مالك أخبرنا عبد الله ابن دينار أنّ ابن عمر كان إذا أراد سفراً أو قدم من سفرٍ جاء قبر النبي فصلى عليه ودعا ثم انصرف).

    المقدم: إذا كان يصلّي أيضاً.

    سماحة السيد: ابن عمر ليس يأتي إلى المسجد النبوي وإنما إلى القبر الشريف. أنظروا ماذا يقول المعلق على ذلك، يقول: (قوله وما يستحب من ذلك، أي من زيارة قبره، اختلف فيه (في زيارة القبر) بعد ما اتفقوا أنّ زيارة قبره من أعظم القربات). أعزائي إذا اتفقوا على أنّه…

    المقدم: إذن كيف اختلفوا؟

    سماحة السيد: إذن اختلفوا. يقول: (اختلفوا أنّه واجب أو مستحب)، لا أنّه اختلفوا أنّه يجوز أو لا يجوز. واقعاً أنظروا إلى تدليس ابن تيميّة، يجعل الاختلاف بين المسلمين في أنّه يجوز أو لا يجوز؟ مع أنّ الاختلاف في أنّه يستحب أو واجب؟. وإلّا اتفاق الكلمة على أنّه هو من أعظم القربات. من أعظم المستحبات. يقول: (اختلف فيه بعد ما اتفقوا على أن زيارة قبره من أعظم القربات وأفضل المشروعات، ومَن نازع في مشروعيته فقد ضلّ وأضلّ)، ضالٌّ مضلّ، واقعاً هذا الرأي يحتاج أن يقال فيه ضالٌّ مضلّ، (فقيل: أنّه سنةٌ، (ذكره بعض المالكية)، وقيل أنّه واجبٌ، وقيل قريبٌ من الواجب وهو في حكم الواجب). يعني الأقوال ثلاثة:

    قولٌ يقول مستحب.

    وقول صريح يقول من الواجبات.

    وقولٌ ماذا؟

    المقدم: قريب من الواجب.

    سماحة السيد: نعم، يعني لا نستطيع أن نقول مستحب ولا نستطيع أن نقول واجب. يعني مولانا بعبارة أخرى إذا أردنا أن نتكلم بلغة العلميّة يعني احتياط وجوب.

    المقدم: يعني بالنهاية ثلثي الرأي يميل إلى الوجوب.

    سماحة السيد: نعم، (الآن التفتوا) دليله ماهو؟ يقول: (مستدلّا بحديث من حجّ ولم يزرني فقد جفاني، أخرجه ابن عدي والدار قطني وغيرهما، وليس بموضوعٍ كما ظنّه ابن الجوزي وابن تيميّة (الذي قال كلّه روايات زيارته موضوعة، يقول: لا) بل سنده حسنٌ عند جمعٍ وضعيفٌ عند جمعٍ وقيل إنّه مستحبٌّ بل أعلى المستحبات وقد ورد في فضله أحاديث، فمِن ذلك: من زار قبري وجبت له شفاعتي أخرجه الدار قطني وابن خذيمة وسنده حزن وفي رواية الطبراني: من جاءني زائراً لا تُعلِمُه حاجةٌ إلّا زيارتي، (لا تُعلِمُه حاجة، يعني: لم يكن له حاجة إلّا زيارتي، مرةً واحد يزور مسئول (من باب الأمثلة) وعنده حاجة عند المسئول، ومرة تقول ما عندك؟ يقول جئت لزيارتك.يقول:) من جاءني زائراً ليست له حاجة إلّا زيارتي كان حقّاً عليّ أن أكون له شفيعاً يوم القيامة. وعند ابن أبي الدنيا عن أنس: من زارني محتسباً كنت له شفيعاً. وأكثر طرق هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة لكن بعضها سالمٌ عن الضعف القادح وبالمجموع يحصل القوّة كما حقّقه الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، (وأشرنا إليه وعلى ذلك،) وقد أخطأ بعض معاصريه (وهو ابن تيميّة) حيث ظنّ أنّ الأحاديث الواردة في هذا الباب، كلّها ضعيفة بل موضوعة وقد ألّفتُ في هذا البحث رسائل على رغم أنف المعاند الجاهل). هذا ليس كلام شيعي وحقّكم، هذا ليس كلام رافضي يتكلم عن ابن تيميّة، يعبّر عنه ضالٌّ مضلٌّ معاندٌ جاهلٌ، (حيث ذهب بعد أفاضل عصرنا إلى مكة ورجع من غير زيارته مع استطاعته وألّف ما لا يليق ذكره). إذن أعزائي أنا بودّي أنّ الأعزة يلتفتوا جيّداً، ولذا نجد عَلَماً من أعلام المعاصرين الآخرين وهو العلامة حمزة أحمد الزين، في المجلد السابع عشر، من مسند الإمام أحمد ابن حنبل، تحقيق أحمد حمزة الزين، صفحة 42، (التفتوا إلى الرواية، أنا بودّي أنّ المشاهد الكريم يلتفت إلى الرواية رقم الرواية 23476، التفتوا جيّداً) يقول: (إسناده صحيحٌ). الرواية: يقول: (قال أقبل مروان يوماً فوجد رجلاً واضعاً وجهه على القبر (لا في المسجد، لا على الكعبة، بل على قبر الرسول) فقال: (مروان) أتدري ما تصنع)؟

    المقدم: إذن جذورها واضح.

    سماحة السيد: نعم، جذورها واضح. الآن اتضحت جذوره مروانيّة أمويّة، اتضح أعزائي اتضح، اتضح جذر نظريّة ابن تيميّة، جذور النظريّة عند من؟

    المقدم: عند مروان.

    سماحة السيد: عند مروان، عند بني مروان، عند المروانيين، عند من لعنهم رسول الله، عند بني أمية، هذا هو الاتّجاه، وهذا طبيعي جداً.

    قال: (أتدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب الأنصاري). عجيب؛ هذا الصحابي الكبير الجليل (فقال: نعم أعلم ما أصنع). (مو هو تصور أنّه لا يعلم ، هذا شركٌ) (فقال: نعم جئت رسول الله ولم آتي الحجر). إذن نظريّة أنّه لا يزار يعني أنّه هذا البدن حجر، بتعبيره حجر، بل على رأي هؤلاء قد الحجر ينفع وهذا البدن المبارك الشريف لا ينفع.

    إذا النظريّة من هناك، لمحو أيّ ذكرٍ لهذا الاسم المبارك، (جئت رسول الله ولم آتي الحجر، سمعت رسول الله يقول: (التفتوا واقعاً هذه الجملة ليست فقط في ذلك الزمان أعزائي، ولا فقط على مروان، هذه قاعدة تنطبق على زماننا) لا تبكوا على الدين إذا وليَه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله). واقعاً الوهابية الآن الذين يريدون أن يحاولون أن يدعوا أنهم أولياء هذا الدين، أولياء المسجد الحرام، أولياء المسجد النبوي، أولياء القبر الشريف، يقول: ابكوا على هذا الدين، من يقول؟ أبو أيوب يقول، يقول: ابكوا على الدين إذا وقع الدين وقع في غير أيدي أهله. إذن أعزائي، طبعاً العلامة أحمد الزين في ذيل هذه الرواية كأنه يعرض بالعلّامة شعيب الأرنؤوط، لماذا؟

    المقدم: ذاك يضعّفه.

    سماحة السيد: أحسنتم، يضعّفها. أنا دعوني أن أذكر أين يضعّفها، هذا مسند الإمام أحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، المجلّد ثمانية وثلاثين، صفحة 558، (التفتوا إلى الرواية)، بعد أن ينقل الرواية يقول: (إسناده ضعيف لجهالة داوود بن صالح)، وأنا أتصوّر طبيعي جداً لأنه شعيب الأرنؤؤط من من أتباع المنهج الذي يقوم على أساس رفض مثل هذه المقامات. أنظروا إلى تعليقات العلّامة أحمد الزين على ما قاله شعيب الأرنؤؤط يقول: (كثير بن زيد وثّقه فلان وفلان، وتمسك به فلان، وتركوا كلّ هؤلاء لا لشيءٍ إلّا ليضعّفوا هذا الحديث) لماذا يضعّفونه؟

    المقدم: الهدف تضعيف الحديث.

    سماحة السيد: أحسنتم، الهدف تضعيف. يقول: (علماً بأنهم يوثّقون كثير ابن زيد في غير هذا المورد. لا أدري ما هذه السياسة. الآن يقولون ماذا؟

    المقدم: يكيلون بمكيالين، ازدواجية في المعايير.

    نعم، في المعايير. يقول إذا الحديث ورد في فضائل معاوية وبني أمية، يوثّقون؛ إذا ورد في زيارة قبر الشريف، يضعّفون. يقول: (علماً بأنهم يوثّقون كثير ابن زيد في أماكن غير هذا، ومعنى ذلك أنّ التوثيق والاتّهام يخضع للأهواء والمذاهب، وهذه خيانةٌ علميّةٌ بحدّ ذاتها، أمّا لماذا يضعّفونه هنا، فهذه سقطةٌ علميةٌ محسوبةٌ عليهم، يقولون إنّ في هذا دليل لمن يجيز التمسّح بالقبور).

    المقدم: هناك عنوان، مانشيت.

    سماحة السيد: نعم. عنوان، مانشيت. يعني يوجد إيديولوجية سابقة، مباني سابقة، قناعات سابقة، يحملون القرآن والنص النبوي عليها، لا يحملون عقائدهم على القرآن والسنة. فرقٌ كبير أعزائي، بين أن تحمل القرآن والسنة على رأيك وهذا هو التفسير بالرأي، الملعون الذي لعنه رسول الله، وقال: أكّبه الله على منخريه، وبين أن تحمل آرائك وعقائدك على القرآن والسنة. يقول: (وهل كان أبو أيوب يتمسّح بقبر النبي وهؤلاء عندهم عقدة من أيّ خبر فيه دنوٌ من القبور (عقدة نفسية موجودة) وهذا أكبر دليل على بطلان مذهبهم). مذهب الوهابية، لماذا؟ لأنه قائم على أساس باطل. دائماً يسمونهم: قبوريون، قبوريون، الصوفية قبوريون، الشيعة قبوريون، كلّ المسلمين ماذا؟ قبوريون. يقول: (وهذا أكبر دليلٍ على بطلان مذهبهم فماذا يُرجى من خونة العلم) هذا التعبير لمن؟ للعلامة حمزة أحمد الزين يقول: (هؤلاء خونة العلم ولا ندري مذهب هؤلاء (ما هو مذهبهم) إنهم يدعون أنهم حنابلة تارةً ولا مذهبيّة تارةً أخرى) تسألهم عن مذهبهم تارةً يقولون نحن حنابل وأخرى يقولون لا نحن مسلمون لا نقبل المذاهب، (فلا تَبَعوا الحنابلة وقد خالفوا الذهبي وهو حنبلي ولا هم أثبتوا مذهباً واضحاً صريحاً يُعرف لهم (إذن من هم قال:) وإنّما في مذهب كالحية).

    المقدم: الفوضة الخلاقة.

    سماحة السيد: في مذهبٍ الحيّة، يعني كلّ ساعة تبدّل جلدها.

    المقدم: حرباء.

    سماحة السيد: أحسنتم، مرةً رقعاء ومرةً كذا، بلون البيئة، يرون ما هي البيئة يبدّلون لونهم على أساسها، إذن أعزائي الآن أنظروا وأختم هذا الكلام، عندي وقت أم ليس لدي وقت؟

    المقدم: والله سماحة السيد لدينا سؤال آخر؟

    سماحة السيد: لا، لا، السؤال يأخذ وقتاً كثيراً إذا أردنا أن ندخل في سؤال آخر.

    المقدم: طيب، لك أربع دقائق.

    سماحة السيد: جيّد جداً. إذن أعزائي التفتوا، إذن إلى هنا اتضح لنا بأنّ ما ادعاه ابن تيميّة من أنّه إجماعٌ يوجد على بطلان هذه النظريات وأنّه خلاف الدين هذا كلامٌ غير دقيق هذا المجلد 27، أعزائي صفحة 221، بشكل واضح وصريح قال: (هذا خلاف دين المسلمين ولم يحتج أحدٌ من الأئمّة بشيءٍ منها) ثم قال في صفحة 243: (بأنّه هذا فقد خالف إجماع المسلمين)، أمّا في المقابل تعالوا أنظروا ماذا يقول ابن حجر الهيتمي أنّ الإجماع على هذا، ونقلنا قبل قليل، قال: الإجماع على مشروعية الزيارة، الإجماع، ولكن الاختلاف في وجوبها أو استحبابها أو بين الوجوب والاستحباب، وكذلك ما أشار إليه العلامة ابن حجر الهيتمي أعزائي قال: (كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها (إذن يوجد إجماعٌ على مشروعية زيارة النبي والسفر إليها) وابن تيميّة منكرٌ) هنا يجيب يقول: (من هو ابن تيميّة حتّى ينظر إليه) يعني بعبارةٍ أخرى إجماع المسلمين على مشروعية أصل الزيارة ومشروعية شدّ الرحال إليها والشاذ مِن إجماع المسلمين من هو؟

    المقدم: ابن تيميّة.

    سماحة السيد: ومن تبعه من الوهابية. أعزائي وأنا لا أعلم أنّه كيف هؤلاء يدعون لأنفسهم نحن أهل الجماعة

    المقدم: أهل السنة والجماعة.

    سماحة السيد: أهل السنة والجماعة، ويد الله مع الجماعة، ومن شذّ عن الجماعة فقد شذّ إلى النار. أنا وضعت الموازين بيد الأعزة كاملةً؛ من هو أهل الجماعة ومن هو شاذٌّ عن الجماعة. أهل الجماعة أعزائي يعني المسلمين جميعاً من السنة والشيعة، واقعاً ونحن أهل السنة، لماذا؟ لأنه تبعنا سنّة السلف الصالح في أصل الزيارة وفي شدّ الرحال إليها وقد شذّ عن ذلك المروانيين بني مروان وبني أمية ومن أسّس لهم وهو ابن تيميّة وأتباع ابن تيميّة من الوهابيّة.

    المقدم: أعزائي المشاهدين فاصل، ونستمع إلى مداخلاتكم.

    المقدم: أحييكم مشاهدينا الأعزاء هذه الوصية الخالدة التي أكررها في كلّ حلقة إنشاء الله يكون السؤال في الموضوع، والأمر الآخر دقيقة ونصف إلى دقيقتين لكل مداخلة لكي نستمع إلى أكثر عدد ممكن.

    المقدم: سماحة السيد في سؤال من الحلقة السابقة سأله الأخ أبو ناصر من المملكة العربية السعودية عن حقيقة الموت، كيف تعرفون الموت لكي تطرحوا هذه الأمور التي يترتّب عليها؟

    سماحة السيد: أحسنتم واقعاً سؤال أساسي، طبعاً الآن حتّى لا نتأخر عن الجواب وإلّا بحثه سوف نقف عليه فيما بعد. أساساً القرآن تعرّض عن الموت كثير ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ (غافر: 11)، ما هو الموت في القرآن؟ واقعاً لابدّ أن نقف، ما هو الموت في النصوص؟ (النصوص الروائية) ما هو الموت في كلمات علماء المسلمين من عرفاء، من صوفية، وفلاسفة، ومتكلمين، وفقهاء وغيرهم؟، لابدّ أن نعرف ما هي حقيقة الموت؟

    أعزائي قد يتصور البعض أن الموت هو انعدامٌ، وفناءٌ ،وذهابٌ وأنّه لا يوجد هناك أيّ ارتباط بعده أبداً، يعني بعبارةٍ أخرى ينتقل من الوجود إلى العدم. هذا رأيٌ، قد البعض كان هكذا يتصور، ومن هنا جاءت نظريّة إعادة المعدوم، يعني في علم الكلام توجد نظريّة يسمونها إعادة المعدوم هل تجوز أو لا تجوز؟ فلاسفة قالوا لا تجوز، بعض المتكلمين قالوا تجوز، لأنهم تصوروا أن الموت انعدامٌ، ولكنه ماذا يقول علماء المسلمين، طبعاً الآن لا أريد أن أدخل في التفاصيل فقط أريد أن أبين للأعزة، أعزائي هذا كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، تصنيف الإمام الأندلسي القرطبي، المتوفى 671 من الهجرة، تحقيق الدكتور صادق بن إبراهيم، المجلد الأول، مكتبة دار المنهاج أعزائي، أشير أيضاً إلى الطبعة، الطبعة الثانية 1431 من الهجرة، المملكة العربية السعودية، الجزء الأول أعزائي هذه عبارته يقول: (قال العلماء (الإمام القرطبي يقول) الموت ليس بعدمٍ محضٍ، ولا فناءٍ صرفٍ، (من قال لكم أن الموت عدمٌ ومحض، إذن ما هو الموت؟) إنّما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولةٌ بينهما) الروح تفارق ماذا؟ البدن. سؤال، التفتوا لي جيّداً دعوني أشرح هذه القضية ولو دقيقتين أستاذ علاء للمشاهد الكريم، الروح في البدن أكثر قدرةً على الارتباط، أم عندما يفارق البدن أكثر قدرةً على الارتباط؟ الجواب: كلما فارق البدن أكثر كان عنده قدرة على أن يتجاوز حدود الزمان والمكان. تقول أين؟ أقول أنظروا في النوم، فإنه في النوم، النوم أخ الموت، شبيهٌ للموت، تجدون الروح ماذا؟ تنطلق مولانا إلى الزمان السابق، والزمان اللاحق، ماضي، والحاضر، والمستقبل، ثم تتجاوز الأمكنة، تقول أنا في النوم ذهبت لزيارة المسجد النبوي، إلى زيارة قبر النبي الأكرم ونحو ذلك، مع أنّه لو كنت في البدن تستطيع أو لا تستطيع؟

    المقدم: شاهدت أمي، شاهدت أبي، شاهدت جدي، شاهدت الموتى.

    سماحة السيد: أحسنتم، أو مَن بعد ذلك، أنّه تذكر أمور مستقبلية، يعني ترى الأمور المستقبلية، إذن أعزائي قانون: كلما فارقت الروح البدن كانت أكثر قدرةً على الانطلاق، وهذا ما يكشف لنا أن رسول الله لا فقط في هذه الدنيا كان يرى خلفه، إذن إذا كان وهو في هذا البدن يرى خلفه، فما بالك وقد فارق روحه

    المقدم: تحرر من هذا البدن.

    سماحة السيد: تحرر من هذا البدن، هذا هو تعريف الموت عند العلماء، هذا مورد أعزائي تقول سيدنا بعد من يقول؟ أعزائي أمامكم، هذا كتاب الروح، لتلميذ ابن تيميّة أعزائي الإمام بن قيّم الجوزية، كتاب الروح الجزء الأول صفحة 97، التفتوا جيّداً إلى عنوان الفصل، يقول: (المسألة الرابعة هي أن الروح هل تموت أم الموت للبدن وحده؟)

    المقدم: من الذي يموت؟

    سماحة السيد: فإذا قلنا الروح والبدن كلاهما يموت، إذن لا معنى واقعاً لأن تسلم عليه، لا معنى أن تستغيث به، لا معنى أن تطلبه، لأنه يعلم أو لا يعلم؟ لا، يقول: (فقد اختلف الناس في هذا، فقالت طائفةٌ تموت وتذوق الموت لأنها نفسٌ و {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ،(يعني كما يذوق البدن الموت الروح أيضاً يذوق الموت، يعني ينعدم، يعني يكون عدماً محضا) قالوا وقد دلت الأدلة على أنّه لا يبقى إلّا الله وحده ك{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ٭ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} (الرحمن: 26-27) قالوا وقال آخرون (هذا النظر الأول، والنظر الثاني) لا تموت الأرواح فإنّها خلقت للبقاء وإنّما تموت الأبدان (وهذه موت الأبدان يعطيها حرية أوسع لو يضيقها؟ التفتوا جيدا) قالوا وقد دلّ على هذا الأحاديث الدالّة على نعيم الأرواح وعذابها (يعني الحياة البرزخية) بعد المفارقة إلى أن يرجعها الله في أجسادها ولو ماتت الأرواح لانقطع عنها النعيم والعذاب والصواب (رأيان ما هو رأيك يابن قيّم قال:) والصواب أن يقال موت النفوس و مفارقتها الأجساد). لا انعدامها وخروجها منها فإذا أريد بموتها هذا القدر فهي ذائقة الموت، هذا معنى تذوق الموت، يعني بدنها يذوق الموت وإن أريد أنّها تعدم وتضمحلّ وتصير عدماً محضا فهي لا تموت بهذا الاعتبار أبداً.

    إذا عزيزي الأخ أبو ناصر الذي سألتنا ما هي نظريتكم عن الموت؟ نظريتنا عن الموت ليست هي الانعدام والفناء المحض، وإنّما الانتقال من نشأةٍ إلى نشأةٍ أوسع وأرحب زماناً ومكاناً، ولذا يطّلع على ما كان وما يكون وما هو كائنٌ، ويستطيع أن يقيم العلاقة مع هذا العالم.

    المقدم: تحول من عالمٍ إلى عالمٍ آخر.

    سماحة السيد: أحسنتم إنّما تنتقلون من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أكمل، لا من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أضعف.

    المقدم: الأخ نوري من ساح العاج تفضل:

    الأخ نوري من ساح العاج: سلام عليكم، أنا عندي مداخلة بسيطة، أنا أريد أن أشير إلى نقطة هنا أعتبر أنّها مهمة أن يستفيد منها الإخوة المشاهدون وهي ما ذكره شيخنا الحيدري بخصوص أن أهل السنة أو الوهابية كما أسماؤهم.

    سماحة السيد: لا، هذا مغالطة.

    المقدم: لا، لا، السيد لم يسمّي الوهابية بأهل السنة. تفضلوا انقل ما لديك.

    الأخ نوري من ساح العاج: طيب، المهم، بين قوسين المقصود أنه ذهب إلى أن الوهابية يقولون إن الإيمان بالمهدي المنتظر لدى الآخرين خرافة.

    المقدم: لا، لا، هذا خارج الموضوع، أخي نوري يعني لم نتحدث عن المهدي المنتظر، ذاك كان في الأطروحة المهدويّة والأطروحة المهدويّة الآن البرنامج متوقف أساساً، إذا كانت لديك مداخلة في هذا الموضوع في قضية مقامات المصطفى فتفضل.

    سماحة السيد: لا في هذا البحث وهو الزيارة.

    المقدم: اتصال من العراق:

    أبو ليث من العراق: سلام عليكم

    المقدم: عليكم السلام ورحمة الله

    سماحة السيد: عليكم السلام ورحمة الله

    أبو ليث من العراق: جزاكم الله ألف خير، وسدد خطاكم، ووفقكم لما يحب ويرضى، عندي سؤال سماحة السيد وهي ليس لكم وهي موجة إلى إدارة قناة الكوثر، مئات الناس بل الآلاف من الناس أمثالي يطلبون جواب لهذا السؤال مئات الناس قد طلبوا تمديد فترة هذا البرنامج وإذاعة الكوثر مثل ما يقولون هنا (تنطينه اذنهه الطرشه) لماذا لم يوافقوا على تمديد فترة البرنامج؟ هذا سؤالي هل هناك جواب من إذاعة قناة الكوثر أم نفس الشيء هذا سؤال وأرجوا الإجابة عليه. جزاكم الله خير الجزاء.

    المقدم: جزاك الله ألف خير أبو ليث من العراق نحيل السؤال إن شاء الله إلى إدارة القناة وعندها الخبر اليقين أو الجواب اليقين.

    المقدم: أحمد من السودان تفضل:

    أحمد من السودان: السلام عليكم ورحمة الله، التحية لك عزيزي، التحية لفضيلة السيد الحيدري، الحقيقة أحب أقول أنّه هنالك جزئيّة أنا كنت أتابعه بدقّة في كلام فضيلة السيد وهي أن هنالك علاقة فيما بين العوالم المختلفة سواءً كانت في عالم الملكوت، ثم عالم الحياة، ثم عالم البرزخ، ولكني أتصور أنّ هنالك علاقة دقيقة جداً يمكن أن تكون فيما بين العالم البرزخ، وعالم الملكوت أوعالم الذر ، هذان العالمان بالذات بينهما ارتباط كبير فيما اعتقد وأتصور أن فضيلة السيد ربما يأتي على هذا، ولكني فقط أجعلها في ذمّته ليوضح لنا ذلك بصورة مفيدة وواسعة وخاصّةً أربطها بالملاحظة الأخيرة الذكية التي ذكرها، بأن هذه الأرواح حينما تموت تنطلق في رحابٍ أوسع، يعلّق لنا تعليقاً بسيطاً الآن حتّى إخوتي يجدوا فرصة ولكن في ذمته أن يوضّح هذا الأمر أكثر لأنه سوف يجعل العلاقة بالحياة قريبة جداً من العالم في البرزخ الذي لا نعرف عنه شيء ولا نعرف عن أحكامه وكذلك في عالم البرزخ. وأشكر لكم الفرصة.

    سماحة السيد: إنشاء الله.

    المقدم: إنشاء الله شكراً لك أخي أحمد من السودان. أخي أبو يقين من العراق تفضل:

    أبو يقين:سلام عليكم السيد كمال الحيدري حفظه الله ورعاه. ثبت عندنا نحن الامامية أن الأرواح تنزل إلى الأرض وخاصة ليالي الجمع وسؤالي هو إن كانت تنزل إلى الأرض فهل هي ممنوعة على الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وإذا لم تكن ممنوعة وهي روح النبي (صلّى الله عليه وآله) فلماذا لا يستحب بل يكره السلام عليها عند السلفية؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    المقدم: شكراً لك أبو يقين. أنا أتصور تجيبون سماحة السيد على الأسئلة.

    سماحة السيد: إذا يوجد مداخلات أخرى…

    المقدم: هناك مداخلة أبو ناصر من السعودية تفضل:

    أبو ناصر من السعودية: سلام عليكم، حياكم الله شيخ.

    سماحة السيّد: مرحباً بكم.

    المقدم: بداية يعني سماحة السيد أجاب على سؤالكم في الحلقة السابقة حول حقيقة الموت أبو ناصر. تفضلوا:

    أبو ناصر من السعودية: نعم أنا أستميحكم عذراً لأني لم أسمع الإجابة ولكن لعلّي أسمعها في الإعادة إنشاء الله، سيكون هناك تواصل. ولكن كذلك أود أن أسأل وأذكر الشيخ بشيء أن حقيقةً ملاحظتي على كلام الشيخ في أمور كثيرة وأنا من المتابعين للبرنامج حقيقةً.

    المقدم: أهلاً وسهلاً فيك أبو ناصر.

    أبو ناصر من السعودية: الله يسلمكم. أنني أجد أن فضيلة سماحة الشيخ يعني يستدل بعض الأحيان بأمور هي عقليّة وما في شك أن الأمور العقليّة نحن نحتاجها ولكن كما ذكرت سماحة الشيخ أنا في تصوري واعتقادي أنا الذي أعتقده أنّ في باب العقائد بالذات لا يصلح ولا يمكن أن يستقيم العقل في هذا الأمر أبداً، لأن هذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى ورسوله (صلّى الله عليه وسلم)، حتّى المسألة بسيطة جداً يعني في العقيدة والتوحيد أبسط مما تتصور، النبي عليه الصلوات والسلام لما سأل المرأة العجوزة السوداء: أين الله، قالت: في السماء، انتهى الموضوع يعني، ما يحتاج أنّه نفصّل في أمور يعني هي أشبه إلى كما يقولون يعني منطقياً وأهل الكلام يعني يتكلّمون بها في أمور يعني لا نحتاجها في عقائدنا.

    المقدم: هذا بتصورك أبو ناصر صحيح؟.

    أبو ناصر من السعودية: نعم نعم نعم، وهو ليس تصوري الشخصي.

    المقدم: أي اتجاه يمثله؟

    سماحة السيد: عزيزي أبو ناصر، اسمح لي أستاذ علاء، عزيزي أبو ناصر، أنت تقول أن هذا كلّ اتجاهات علماء المسلمين أو اتّجاه معين يعتقد بأنه لا مدخلية للعقل في القضايا العقائدية؟ أي اتّجاه هذا؟

    أبو ناصر من السعودية: أنا في تصوري أن هذا هو الاعتقاد الصحيح.

    سماحة السيد: لا، لا، لا، بغض النظر…

    المقدم: بغض النظر عن الصحة والخطأ، ما هي مساحة هذا الاتّجاه في عقائد المسلمين هل جميع المسلمين يؤمنون به

    سماحة السيد: اسمح لي أستاذ علاء: عزيزي أبو ناصر أنت تعتقد أنّه الشيخ ابن تيميّة يعتقد هذا الاعتقاد الذي أنت تقوله أو يرفضه؟

    أبو ناصر من السعودية: نعم أنا أعتقد وأجزم به كذلك.

    سماحة السيد: جيّد. سؤال: تستطيع أن تقول لي لماذا أنّه إذن كتب بيان تلبيس الجهمية وكتب درء تعارض العقلي والنقل وأراد أن يوفّق بين النقل والعقل، إذا لم يكن للعقل أي مدخلية في المسائل العقائدية؟

    أبو ناصر من السعودية: الذي أعرفه ودرسته وقرأته أنّه كتب هذه الكتب للرد على…

    سماحة السيد: لا، لا، ليس تعارض، التفتوا إلى العنوان عزيزي عنوان درء درء درء تعارض العقلي والنقل، كان بإمكانه أن يكتب عنواناً يقول لا يوجد أيّ دورٍ للعقل في العقائد، لكنه قال لأولئك الذين يعتقدون بدورٍ للعقل قال أنتم مشتبهون لا تنافية بين العقل والنقل، ثم أنا أسألك بينك وبين الله هذا اليوم ترجع أنت إلى أيّ معجمٍ للآيات القرآنية، أنظر في كم مورد أن القرآن تكلم عن العقل يعقلون يعقلون يعقلون يعقلون إذا لم يكن للعقل دورٌ لماذا أنّه يطالبنا ويستنكر علينا القرآن أنّنا لا نستعمل عقولنا؟

    أبو ناصر من السعودية: لا سماحة الشيخ أنا لعل هناك اختلاف، أنا لم أقل أن العقل ليس له دور في عملية الاعتقاد أو حتّى في الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

    سماحة السيد: وإنّما؟

    أبو ناصر من السعودية: وإنّما أنا أقول أن الاعتقاد بأن الله واحد وأن الله يستعان به وحده ولا شريك له وأن الله يتوكل عليه، فالأمور العقبية التي تعتبر أصول العقيدة، هذه ما يمكن أن أجادل فيها

    سماحة السيد: سلمنا، وحقك أخي عزيزي أبو ناصر، إذا تسمح لي جملة واحدة، كن على ثقة أضع يدي بيدك واطمئن في الأسبوع القادم إن شاء الله إذا تنتظرني سوف تجد أني أثبت لك أن التوسّل والاستغاثة والالتجاء إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد موته نصّت عليها الروايات الصحيحة المعتبرة التي لم يستطع حتّى ابن تيميّة أن يناقشها.

    أبو ناصر من السعودية: يا سماحة الشيخ، أنا أعتقد أنك سوف تخسر الرهان، أعتقد، وإنشاء الله تعالى سوف يكون بيننا

    المقدم: سوف ماذا؟

    سماحة السيد: سوف ماذا؟ ما فهمت.

    أبو ناصر من السعودية: سوف تخسر هذه المسألة.

    سماحة السيد: جيّد جداً، عزيزي أقول انتظرني، لأنه أنا الآن أمامي المصادر، وحقك عزيزي أنا أمامي المصادر، أنا أنقل لك من مسند الإمام أحمد عزيزي وقد مع الأسف الشديد أن الوقت لا يسع، أنظر إلى هذه الرواية وفي هذه الليلة بودّي أن تراجع أنت عزيزي إلى الأسبوع القادم، أولاً أنظر إلى السند قال العلامة شعيب الأرنئوط: (إسناده صحيحٌ رجاله ثقاة، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي فقال أدعوا الله أن يعافيني، قال إن شئت دعوت لك وإن شئت أخّرت ذاك فهو خيرٌ ،فقال أدعه فأمره أن يتوضأ ويحسن وضوءه ويصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء (علمه كيف يدعو ما قال له في صلاة الليل سأدعو لك) قال إذا أردت أن تدعو (علمه كيفية الدعاء) اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمدٍ نبي الرحمة يا محمد (مو يا الله الآن بينك وبين الله الآن لو في مسجد رسول الله أحدٌ قال يا محمد ألا تضربونه على رأسه تقولون له شرك إذن رسول الله علمه شركاً) قال قل يا محمد إنّي توجهت بك إلى ربّي (لا توجهت إلى الله) إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي)التفت لي جيّداً هذه الرواية من ينقلها هسه تقول ابن تيميّة لا يقبل الرواية، أعزائي أنظر هذه قاعدةٌ جليلة في التوسل والوسيلة شيخ الإسلام ابن تيميّة يقول: (وليس عنه حديث ثابتٌ إلّا حديث أسألك وأتوجه إليك بنبيّك) إذن اعتقده حديثٌ ثابت، حديثٌ ثابت، نعم ابن تيميّة وأتباع ابن تيميّة عندما لم يجدوا مخرجاً لذلك في السند قالوا أن هذا مختصٌ بحياته ولا يجوز بعد مماته، السؤال: وهل يُفرّق في الشرك الأكبر بين أن يكون حياً وأن يكون ميّتا؟ تقول من أين تقول أعبر عنه الشرك الأكبر أنا لا أريد أن أستبق الأبحاث…

    المقدم: سماحة السيد عندي فقد دقيقتين بعد.

    سماحة السيد: دقيقة واحدة، دقيقة واحدة، والتفصيل أقف عليه أنظروا أعزّائي، عزيزي أبو ناصر بودّي أن تراجع يقول: (وأنّه فإنّ هذا (من يقول؟ العلامة العثمين.) يقول: فإن هذا من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله) إذا قال أحدٌ ماذا؟ يا محمد. سؤال: تقولون ابن تيميّة يقول مرتبطٌ بحياته، وهل يفرّق في الشرك بين أن يكون في حياته وأن يكون بعد مماته؟ إذن أعدك عزيزي أعدك وبودّي أنا إنّما طرحت البحث حتّى في هذه الليلة أنت تطالع، أسبوعاً كاملاً تطالع وتراجع أهل العلم عندكم، بل تراجع المراجع الدينية وتقول لهم ما هو تخريجكم لهذه الرواية الصحيحة السند؟ وحقك لا يجدون مخرجاً لها إلّا بتفريغها من محتواها.

    أبو ناصر من السعودية: أعدك سماحة الشيخ أنّي سوف أراجع هذه المسألة وهذا الحديث وإن كنت أنا الآن وأنا أتحدث معك الآن، أظن وأعتقد بأنه لا يمكن أن يصدر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل هذا

    سماحة السيد: أقول سأقرأ لك، لا عزيزي، سأقرأ لك المصادر إلّا أن تسفّح كلّ هذه…

    المقدم: لا، لا، أبو ناصر، هناك مشكلة عفواً نحن هنا لسنا في رهان، أنا أعتقد أو غيري يعتقد، لديك الدليل؟

    سماحة السيد: لا لا أنت قلت ضع العقل في هذه المسائل جانباً وقل لي ماذا النصوص، فأنا أقرأ النصوص وإنشاء الله نلتقي في الأسبوع القادم.

    المقدم: أنا أعتقد أو غيري يعتقد، ليس مهماً لديك دليل إنشاء الله أطرحه ويناقش هذا الدليل.

    سماحة السيد: ونستمع لك والآن وجدت إحدى عشر دقيقة نحن أعطينا وقت للأخ أبو ناصر.

    المقدم: إنشاء الله. شكراً للأخ أبو ناصر من المملكة العربية السعودية، شكراً على أدب الحوار هذا.

    سماحة السيد: واقعاً، واقعاً، جزاك الله خيراً.

    المقدم: شكراً لسماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم أنتم مشاهدينا ومستمعينا على حسن المتابعة حتّى الأسبوع القادم إنشاء الله أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2013/03/12
    • مرات التنزيل : 2522

  • جديد المرئيات