نصوص ومقالات مختارة

  • مشروعية التوسل بالنبي(ص) في حياته وبعد موته الحلقة الثانية عشرة

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    مختارات من مقامات المصطفى الحلقة﴿16﴾

    المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أرحب بسماحة آية الله السيد كمال الحيدري.

    سماحة السيد بدأتم في الحلقة السابقة في مناقشة حديث اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، هل يمكن ذكر خلاصة لما تقدم في الحلقة السابقة؟

    سماحة السيّد:

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    قلنا بأنه هذا الحديث وهو الذي دعاء علمه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لمن يريد الخروج إلى المسجد ويبدأ بقوله اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، قلنا هذا الحديث يمتاز على حديث الأعمى بخصوصيتين، الخصوصية الأولى الموجودة في هذا الحديث هو أنه في حديث الأعمى قد يقال بأنه بنبيك يعني بدعاء نبيك يعني بشفاعة نبيك حيث لم يصرح في الحديث بأن القسم والإقسام بالذوات على الله سبحانه وتعالى، وإنما هذه الباء كما تنسجم مع بحق نبيك وجاه نبيك تنسجم بدعاء نبيك، وإن كان ظاهر الحديث كما قال الألباني أنه بحق نبيك ولكنه يوجد فيه احتمال أنه بدعاء نبيك، هذا الاحتمال لا يوجد في هذا الحديث، اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، حيث يوجد فيه تصريح بأن الإقسام بحق وبجاه السائلين على الله، لا يوجد فيه مجال أن نقول لعله بدعاء السائلين، لعله بشفاعة السائلين، هذه الخصوصية الأولي.

    الخصوصية الثانية: وهي الأساسية وهو أنه حديث الأعمى كان مختصا بنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، إذن هناك اختصاص بالنبي، فهنا قد يقول قائل أنه نحن نجوز ونقول أن التوسل بالذوات المقدسة والشريفة مختص بالنبي الأكرم في حياته وبعد مماته، كما نسب ذلك إلى الإمام أحمد بن حنبل ولكنه هذا الحديث لا يوجد فيه أي اختصاص بل بحق السائلين عليك، كل السائلين عليك. إذن على هذا الأساس هذا الحديث فيه خصوصيات لا توجد في حديث الأعمى.

    من هنا وعدنا المشاهد الكريم في الحلقة السابقة قلنا لابد من الدخول في سند الحديث والدخول إلى مضمون الحديث، يعني أن الحديث من حيث السند تام أو غير تام؟، ومن حيث الدلالة ما هو المراد من هذا الحق؟ ما هو المراد من الحق الذي يوجد للسائلين على الله سبحانه وتعالى؟ ما هو منشأ هذا الحق؟ يعني بعبارة أخرى ما هو الشيء الذي يفعله الإنسان فيكون له حق على الله سبحانه وتعالى؟ وأساسا ما معنى أن يكون لأحد حق على الله سبحانه وتعالى؟ هل يمكن؟ هل يوجد لأحد حق على الله سبحانه وتعالى أو لا يوجد؟ وإذا كان يوجد هناك حق، ما معنى هذا الحق؟ هل العقل يقول أن لي حقا على الله كما ينسب إلى بعض المعتزلة؟ أو أن هذا الحق جعل من قبل الله لعبادة على نفسه؟ أي منهما؟ وما هو منشأ هذا الحق؟ يعني الله سبحانه وتعالى لمن جعل هذا الحق على نفسه؟ هل جعله لكل عباده أو جعله لخصوصيات موجودة في البعد بها يتحقق له الحق على الله؟ هذه أبحاث سنتوفر عليها عندما ندخل في متن الحديث ومضمون الحديث وفقهه، والآن إن شاء الله لابد أن ندخل في سند الحديث.

    المقدّم:  نأتي إلى موقف علماء المسلمين من هذا النص النبوي، هل وافقوا عليه أو لم يوافقوا؟ بعبارة أخرى صححوه أم لم يصححوه؟

    سماحة السيّد:  كما قلنا بأنه لابد من البحث في أمرين:

    الأمر الأول في سند هذا الحديث وهل هو سند معتبر أو أنه ليس كذلك؟

    أعزائي على القاعدة نحن عندما نأتي إلى ابن تيمية نجد أنه أول من ضعف هذا الحديث، لم يستطع أن يفعل في مضمونه شيئا وإن حاول ذلك ولكن وضع نقطة الضعف الأساسي في سند الحديث، وحيث أن هذه عبادة وكيفية العبادة من الأمور التوقيفية، إذن لابد أن يوجد عندنا حديث صحيح وهذا الحديث حديث ضعيف، ذكر هذا في مواضع متعددة:

     المورد الأول: في مجموع فتاوى ابن تيمية الجزء الأول ص 288، بعد أن يقول « عن أبي سعيد الخدري قال من خرج إلى الصلاة اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك< يقول: « وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري وهو ضعيف بإجماع أهل العلم <. إذن يدعي إجماع أهل العلم أن هذا الحديث ضعيف، بعد ذلك لابد أن نرى ماذا يقول أهل العلم؟ هل يقولون بأنه معتبر أو ليس بمعتبر؟ هذه حتى يتبين أن كثير من هذا الاجماعات التي يدعيها الشيخ ابن تيمية واقعا محمول على التساهل، محمول على المسامحة، لا أقول محمول على التدليس، وإنما محمول على أنه أخطأ الرجل، كان يتوهم، وإلا يقول وهو ضعيف بإجماع أهل العلم وقد روي من طريق آخر وهو ضعيف أيضاً، وبعد ذلك سنقرأ إن شاء الله اسناد متعددة وهو ابن تيمية يعتقد أن الحديث الضعيف إذا تعدد سنده يكون قويا، ولكنه هنا لا يقبل ذلك.

    وكذلك أشار إليه أعزائي في ص 339، يقول: « ومن هذا الباب الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي سعيد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في دعاء الخارج إلى الصلاة اللهم إني أسأل بحق السائلين عليك، < بعد أن ينقل الحديث يقول: « بأنه وهذا الحديث في إسناده عطية العوفي وهو فيه ضعف < ليس الحديث ضعيف بل في عطية العوفي ضعف. سنقف عند ذلك تفصيلا.

    على القاعدة أتباع ابن تيمية من الأعلام المعاصرين وغيرهم أيضاً مشوا على هذا الممشى، يعني عندما نأتي إلى الألباني نجد أنه ضعّف الحديث وعندما نأتي إلى شعيب الأرنئوط نجد أنه ضعف سند الحديث وهكذا أتباع ابن تيمية وأتباع محمد عبد الوهاب والوهابية كلهم ضعفوا سند هذا الحديث.

    أما العلامة الألباني فقد جعل الحديث في سلسلة الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة، الألباني، المجلد الثالث عشر صفحة 542، رقم الحديث 6252، قال: « ضعيف جدا < الآن بعد ذلك لابد أن نرى أنه واقعا ضعيف جدا لو أنه فيه ضعف بل فيه اختلاف أيضاً؟

    وكذلك أشار إلي ضعفه في الترغيب والترهيب الجزء الأول، ضعيف الترغيب والترهيب للألباني، وهو طبعا الترغيب والترهيب للمنذري أعزائي، هناك في الجزء الأول ص 495،  قول: « عن أبي سيعد الخدري قال سمعت رسول الله < يقول:« أن الحديث المنكر < لأنه ورد فيه العوفي.

    وهكذا شعيب الأرنئوط في تعليقاته على كتاب السنن لبن ماجه القزويني، تحقيق شعيب الأرنئوط، المجلد الأول، صفحة 498، بعد أن ينقل الرواية 778، يقول: « إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي <.

     إذن على هذا الأساس نجد أنه هناك اتجاه أسس له ابن تيمية، وتابعه الألباني والأرنئوط وأتباع الوهابية. ولكن هنا نقطة وهي أن العلامة الألباني وغيره لم يستطيعوا أن يقولوا في مضمون الحديث شيئا، ولذا تجدون العلامة الألباني في كتابه التوسل، أنواعه وأحكامه ص 91و 92، يقول: « الأحاديث الضعيفة  في التوسل ويحتج مجيزوا التوسل المبتدع بأحاديث كثيرة، وإذا تأملناها وجدناها على نوعين: نوعين لا تدل على مرادهم والنوع الثاني غير ثابت النسبة وبعضه يدل على مرادهم < ويجعل هذا الحديث الذي قرأناه عن أبي سعيد الخدري من الأحاديث الضعيفة الدالة على المراد، إذن من حيث المضمون لا مجال للمناقشة في ذلك.

    سؤال: هذا اتجاه ابن تيمية وأتباعه، ما هو الاتجاه الآخر؟

    أنا أحتاج أن أبين أنه في الاتجاه الآخر سيتضح وهذا البرنامج حي بين أيديكم ويرفع إلىكم تحديا، يقول إذا وجدتم أحدا من أعلام المسلمين غير أتباع ابن تيمية أو ابن تيمية ضعف هذا الحديث دلونا على ذلك.

    المقدّم:  طبعا سماحة السيّد الآخر مقصودنا عموم علماء المسلمين. يعني لا نجعل الوهابية في مقابل

    سماحة السيّد:  أنا أتكلم عن عموم المسلمين من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية والزيدية والصوفية والظاهرية و… . لا يقول لي أحد جملة من الأعلام ضعفوا عطية العوفي، أنا لا أتكلم في عطية، أنا أقول هذا الحديث قبلوه أو لم يقبلوه؟ احتجوا به أو لا؟

    المجموعة الأولى من علماء المسلمين وهم أصحاب الحديث، يعني أصحاب المصنفات الحديثية، قد تقول أصحاب المصنفات الحديثية ينقلون الحديث في كتابهم وهم غير مسئولين عن أن الحديث صحيح أو ضعيف؟ كيف تريد أن تستدل بالمصنفات الحديثية؟ هذا خلاف المنهج العلمي. أعزائي نقطة أبينها، المصنفات الحديثية على قسمين:

     القسم الأول من المصنفات والمراجع والمصادر الحديثية هي أن صاحب الكتاب التزم أنه لا ينقل حديثا إلى ما كان صحيحا عنده، ما ثبت صحته ينقله وإذا لم تثبت صحته لا ينقل الحديث، هذا قسم.

    القسم الثاني في أول الكتاب يقول أنا أنقل لك هذا الكتاب يشتمل على أحاديث ولكن أنا غير مسئول عن صحتها وسقمها، صحتها وسقمها المسئول الذي يراجع الحديث. أضرب أمثلة، على سبيل المثال تاريخ الطبري. تاريخ الطبري لم يتعهد في أول كتابه أن ما ينقله من الأخبار والتواريخ بصحتها قال أنا كما وصل إلى أنقلها والعهدة على الناقل. أنظروا هذا أعزائي صحيح تأريخ الطبري الذي هو تحقيق البرزنجي، دار ابن كثير الجزء الأول في مقدمة الطبري، يقول: « وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه في، إنا هو على ما رويت من الأخبار،  فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه، لأنه لم يعرف له وجها في الصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا <، نحن غير مسئولين، نحن كما وصل إلينا نقلنا إليكم، « وإنما أوتي من قبل بعض ناقليه إلينا وإنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا <. إذن هو لا يتعهد بالأخبار الواردة، إذن لا يقول أن الطبري قال، قد الطبري ينقل رواية صحيحة وينقل رواية ضعيفة. ولكن عندما نأتي إلى كتاب الكافي للكليني تحقيق مركز بحوث دار الحديث المجلد الأول، ص 16: يقول: « أن البعض طلب مني كتابا يريد به علم الدين والعمل، يعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين، وأنا يسر الله تأليف ما سألت، يعني كل ما جئت به هنا أعتبره صحيح <، الآن أنت جنابك قد تأتي وتناقش ثقة الإسلام الكليني تقول ما تقوله صحيح ليس بصحيح، من حقك أن تجتهد ولكن أنا أريد أن أتعرف على رأي الكليني، هو تعهد أن لا ينقل في هذا الكتاب إلا الروايات الصحيحة، إذا اتضحت هذه المقدمة الأساسية تعالوا معنا إلى من نقل هذا الحديث وهو حديث اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك:

    الأول هو الإمام أحمد بن حنبل في مسنده، في مسند الإمام أحمد بن حنبل تحقيق شعيب الأرنئوط، المجلد السابع عشر، قال من قال حين يخرج إلى الصلاة اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، هل التزم الإمام أحمد بن حنبل بأن كل ما يقوله حجة، أم لا؟ أنا أريد أعرف رأي الإمام أحمد بن حنبل لا ابن تيمية، قد ابن تيمية من حقه أن يناقش احمد بن حنبل، يقول له هذا الذي تقوله صحيح ليس بصحيح، أنا كلامي ليس هذا بل كلامي أنه ابن تيمية يقول بإجماع أهل العلم، لنرى بأنه أحمد بن حنبل واقعا يعتقد صحة هذا الحديث؟ فإما قد أخطأ ابن تيمية وإما لا يعتبر أحمد بن حنبل من أهل العلم؟ ماذا قال الإمام أحمد عن مسنده وماذا قال علماء أعلام علماء المسلمين من أهل السنة عن مسند الإمام أحمد؟

    أما ماذا قال هو عن مسنده، الذب الأحمد عن مسند الإمام أحمد، للعلامة الألباني ص 12، يقول: « قال لنا إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من  أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله فارجعوا إليه فإن كان فيه وإلا فليس بحجة <. يعني إن كان فيه فهو حجة وإن لم يكن فيه فليس بحجة؟ هذا اعتقاد الإمام أحمد في كتابه هو أن كلما فيه فهو حجة، يقول العلامة الألباني : « أسنده الحافظ المديني في الخصائص (خصاص المسند) وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد من طريقين فهو ثابت صحيح < يعني حقيقة الإمام أحمد قال هذا عن مسنده « ولهذا جزم به الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء < أن الإمام أحمد جزم بذلك ومن هنا الإمام أحمد يقول: « احتفظ بهذا المسند فإن سيكون للناس إماما <. هذا قاله الإمام أحمد عن مسنده. إذن لماذا نذهب يمينا ويسارا تعالوا لنرى ماذا يقول ابن تيمية عن الكتاب؟ ابن تيمية في مجموعة فتاواه المجلد الأول ص 247، يقول: « ولكن بعض الناس ظن أن توسل الصحابة به (يعني بالنبي) كان بمعنى أنهم يقسمون، يسألون به فظن هذا مشروعا مطلقا لكل أحد في حياته وبعد مماته، يقول وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين <، لا يوجد أي حديث يدل على ذلك، « التي يعتمد عليها في الأحاديث، يقول لا في الصحيحين ولا كتب السنن ( ونحن قرأناه من سنن ابن ماجه )، ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد <، واقعا احملوه على الغفلة، أضع هذه الحقائق بيد المشاهد ليرى، « وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيرا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون <، إلا أن يعتبر أن مسند الإمام أحمد من الكتب الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون، هذا يقوله في مجموع الفتاوى وكذلك يقول في منهاج السنة النبوية، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم، المجلد الرابع ص 303، يقول: « وأما قوله ( يعني قول العلامة الحلي) رواه أحمد فيقال أولا أحمد له المسند المشهور وله كتاب مشهور في فضائل الصحابة، روى فيه أحاديث لا يرويها في المسند < يقول الإمام أحمد له كتابان كتاب المسند وكتاب فضائل الصحابة، وكتاب فضائل الصحابة يروي فيه روايات لم يرويها في كتاب مسند، باعتبار أن كلما في المسند لا يكون إلا عن ثقة أما في فضائل الصحابة فقد يكون كذا وكذا، يقول: « لما فيها من الضعف لكونها لا تصلح أن تروى في المسند، لكونها مراسيل أو ضعافا< إذن في المسند يروي المراسيل؟ لا، يروي الضعاف؟ يقول لا، إذن هذه الرواية التي نقلناها مرسلة؟ لا، ضعيفة؟ لا، ومع ذلك يقول بإجماع أهل العلم أنه لم ينقل الرواية أحد. هذا كلام ابن تيمية والألباني.

    تعالوا معنا إلى كلام ابن حجر العسقلاني، هؤلاء بعد نفس مدرسة ابن تيمية، تعالوا إلى كلامه في كتاب تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة لبن حجر العسقلاني، الدكتور إكرام الله إمداد الحق، الجزء الأول، دار البشائر الإسلامية، في صفحة 241، يقول: « لا يمكن أن يرمى أي رواية في المسند جميعا بأنها موضوعة <، كل رواياته لها أصل، إما صحيحة أو لا، له بحث آخر، ولكن الحديث له أصل، لذا يقول: « وقد ادعى قوم أن فيه ( أي في مسند الإمام أحمد) أن فيه أحاديث موضوعة وتتبعنا ذلك ووجدنا أن ما ذكره ابن جوزي في الموضوعات، تسعة أحاديث أخرجها في المسند وحكم عليها بالوضع، ثم تعقبت كلام ابن الجوزي فيها حديثا حديثا، وظهر من ذلك أن غالبها جياد < جيدة، حسنة، معتبرة، وأخطأ ابن الجوزي عندما جعلها في كتاب الموضوعات التسعة،  « وان لا يتأتي القطع بالوضع في شيء منها، بل ولا الحكم بكون واحد منها موضوعة <، حتى ولو حديث واحد، « إلا الفرد النادر، مع الاحتمال القوي في دفع ذلك < حتى الواحد والاثنين مدفوع، أين فعل ذلك؟ العلامة ابن حافظ ابن حجر العسقلاني عنده كتاب اسمه القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد، تحقيق عبد الله محمد الدرويش، في ص 31، يقول: « أما بعد فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أحمد بن حنبل إمام أهل الحديث في القديم والحديث والمطلع على خفاياه المثير لخباياه، عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة وحمية للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية، بل هي ذب عن هذا المصنف العظيم الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم < إذن كل رواياته مقبولة وإن كان لعله العوفي فيه ضعف ولكنه هناك قرائن عند الإمام أحمد بن حنبل تدل على صحة الحديث وجعله إمامهم يعني إمام المسلمين حجة يرجع إليه ويعول عند الاختلاف عليه <.

    تعالوا معنا إلى ما قاله الإمام الشوكاني في المقدمة، في مقدمة كتابه ليل الأوطار للإمام الشوكاني تحقيق محمد صبحي حسن خلاق، المجلد الأول، ص 124، ترجمة أحمد بن حنبل، يقول: « قال الحافظ ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة، ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة، وقال الهيثمي في زوائد المسند إن مسند أحمد أصح صحيحا من غيره، لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته، قال السيوطي في خطبة كتابه الجامع الكبير ما لفظه: وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن <.

    إذن إلى هنا اتضح لنا أولا أن الإمام أحمد بن حنبل يقول أن كلما ذكرته فهو حجة، أقول مرة أخرى من حق ابن تيمية أو الألباني يقول ليست، ولكن لا يقول أن هذا الحديث عليه إجماع أهل العلم، وابن حنبل يقول هذه حجة، أنت لا تعتبره حجة من حقك إن كنت مجتهدا ولكن ليس من حقك أن تقول و تدلس بهذه الطريقة.

     إذن الإمام أحمد بن حنبل يقول كتابي حجة، ابن حجر العسقلاني يقول لا توجد رواية لا أصل له، الإمام الشوكاني يقول، كلهم جميعا بل أكثر من ذلك. نقطة أذكرها وأختم هذا البحث عن مسند أحمد، عرف من الإمام أحمد بن حنبل حتى الروايات الصحيحة سندا ولكن مضمونها غير مقبول عند علماء المسلمين كان يحذفها من المسند، هذه جدا مهمة، وهذه سأنقلها من ابن حجر، أنه ليس فقط كان ينقل الروايات الصحيحة، بل ينقل الروايات الصحيحة السند والمقبولة عند علماء المسلمين من حيث المضمون، هذا كتاب القول المسدد في ذب عن مسند الإمام أحمد، ص 20، في المقدمة يقول: « ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد في مسنده قد احتاط فيه إسنادا ومتنا، ولم يورد فيه إلا ما صح عنده على ما أخبرنا أبو علي سنة خمس وخمسمائة قال أخبرنا حدثنا قال حدثنا شعبة قال سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي أنه قال: ويهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا فما تأمرنا يا رسول الله؟ ( يعني بني أمية )، قال لو أن الناس اعتزلوهم، قال عبد الله: قال لي أبي في مرضه التي مات فيه اضرب على هذا الحديث، فإن خلاف الأحاديث عن النبي <، يعني اسمعوا وأطيعوا يعني للولاة حتى لو كانوا فسقة فجرة. أنا ألآن لا أريد أن أقيم كلام احمد بن حنبل ولكن أريد أن تعرفوا أن ما نقله من الأحاديث حتى لم يسمح لنفسه أن يكون مخالف للمشهور، إذن هذا الحديث الذي نقله إلينا موافق للمشهور، وفيه دلالة على صحة الحديث. هذا هو الشخص الأول الذي التزم صحة الأحاديث ونقل هذا الحديث.

     الشخص الثاني الذي هذا الحديث نقله هو ابن ماجه القزويني في سننه، المتوفى 273. هذا الكتاب ما هو قيمته؟ هل التزم صاحبه بصحة جميع ما فيه أو لا وماذا قال أكابر المحققين في علم الجرح والتعديل عن كتاب السنن؟ يكفي أن أنقل لكم كلام أبي زرعة الذي هو من أعلام الجرح والتعديل ومن أئمة الجرح والتعديل، ماذا قال عن كتاب السنن؟ وماذا قال ابن كثير عن كتاب السنن؟ تعالوا معنا إلى كتاب تذكرة الحفاظ للإمام الذهبي، وضع حواشيه الشيخ زكريا عميرات، المجلد الأول، دار الكتب العلمية، الجزء الثاني، صفحة 155، يقول: « فعن ابن ماجه قال عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه، قال: أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها، ثم قال: لعل لا يكون فيه تمام الثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف < مع أن الروايات المنقولة 4400 ويتجاوز، يقول ثلاثين رواية يوجد في إسنادها ضعف لا أنه المضمون باطل، فرق كثير بين أن يكون الإسناد فيه ضعف وبين أن يكون المضمون ضعيف ومنكر، هذا كلام أبي زرعة.

     وكذلك انظروا إلى كلام ابن كثير في البداية والنهاية، الجزء الرابع عشر صفحة 608 تحقيق التركي، يقول: « ابن ماجه القزويني صاحب السنن وهو أبو عبد الله صاحب كتاب السنن المشهورة وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة في الأصول الفروع ويشتمل على اثنين وثلاثين كتابا وألف وخمسمائة باب ويحتوي على أربعة آلاف حديث، كلها جياد سوي اليسير<.

    أنا واقعا أريد أن أعرف أن الذين نقلوا هذه الروايات التزموا بصحة ما ينقلون أو لم يلتزموا.

    أما المورد الثالث هو أنه الإمام كتاب التوحيد، تصنيف الإمام الحجة، إمام الأئمة، محمد بن إسحاق بن خزيمة، المتوفى 311 من الهجرة، نتعرف على الإمام ابن خزيمة في مقدمة الكتاب، يقول: « ثناء العلماء عليه، قال الحاكم أبو علي النيسابوري، لم أر أحدا مثل ابن خزيمة وقال الذهبي، وقال تلميذه ابن حبان ما رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وقال الدار قطني  كان ابن خزيمة إماما ثبتا معدوم النظير، وقال الذهبي الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام إمام الأئمة صاحب التصانيف<. تعالوا معنا إلى شخصه لنرى ماذا قال في مقدمة كتابه؟ قال: « أثبت في هذا الكتاب الأحاديث المنقولة عن النبي بنقل الأخبار الثابتة الصحيحة <، إذن التزم في كتابه التوحيد أن لا ينقل إلا الأخبار الثابتة الصحيحة، « نقل العدول عن العدول من غير قطع في إسناد ولا جرح في ناقلي الأخبار <،، إذن الإمام بل إمام الأئمة ابن خزيمة، التزم أنه لا ينقل إلا الصحيح، تعالوا إلى صفحة 52، الجزء الأول، رقم الرواية 24، يقول: « وفي خبر فضيل ابن مروزق، عن عطية عن أبي سعيد، عن النبي في الدعاء عند الخروج إلى الصلاة، فيه وأقبل الله عليه بوجهه < هذه أقبل الله عليه بوجهه، هذه متن الرواية التي قرأناها من السنن، سأقرها مرة أخرى للأعزة، قال: « فأسألك… قال: أقبل الله عليه بوجهه <، هذه من سنن ابن ماجه، أريد أقول أنه ينقل نفس النص ولكنه ينقل مقطع منه، يقول أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك وهو الحديث اللهم إني أسألك بحق السائلين وهو رقم الرواية 778 من سنن ابن ماجه. يقول: « حدثناه محمد بن يحيى بن ضريس قال حدثنا ابن فضيل عن فضيل ابن مرزوق، هذا رقم 24.

     رقم 25: « حدثنا محمد ابن حجر العسقلاني قال حدثنا آدم ابن إياس قال حدثنا عن فضيل ابن مرزوق فذكر الحديث بتمامه. في الحاشية المحقق وهو الزهيري يقول: « تمامه ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك…<

     إذن إلى هنا اتضح لنا أنه لا أقل ثلاثة من كبار أعلام الحديث والمراجع الحديثية الإمام أحمد، سنن ابن ماجه، وابن خزيمة في كتاب التوحيد الذين التزموا أنهم لا ينقلون إلا الصحيح أخرجوا هذا الحديث.

     تقول سيدنا ابن تيمية ليس مقلدا لهؤلاء، أقول من حقه أن لا يقلد ومن حقه أن يجتهد ولكن لماذا يدعي إجماع أهل العلم؟ هذا من أين يأتي به؟ أنا إشكالي عليه أنه لماذا يدعي بإجماع أهل العلم، يقول: « وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد وهو ضعيف بإجماع أهل العلم <. حتى لو كان ضعيفا بإجماع أهل العلم هذا ليس معناه أن الرواية لم تتقبلها علماء الإسلام، افترضوا أن الرواية سندها ضعيف ولكن تلقته الأمة بالقبول، ونحن ذكرنا فيما سبق تلقي الأمة بالقبول يعني أن الرواية يمكن الاتحتجاج بها، إذن ما ذكره الألباني والأرنئوط تبعا لبن تيمية من أن الرواية لا يحتج بها، الجواب كلام خاطئ لأنه أخرجها من لا يخرج إلا الروايات الصحيحة. هنا أقول إذا تريد أن تتبع ابن تيمية ارجع له أما إذا تريد أن ترجع إلى الإمام أحمد بن حنبل والحافظ ابن ماجه القزويني والحافظ وإمام الأئمة ابن خزيمة فإنهم جميعا صححوا هذا الحديث.

    المقدم: سماحة السيد هل هناك من العلماء المتقدمين والمتأخرين من صحح هذا الحديث من حيث السند لأن ابن تيمية يقول فيه ضعف؟

    سماحة السيد: هذا سؤال آخر باعتبار أنه ما  استدلنا به كان واقعا استدلال ضمني يعني الإمام أحمد لم يضع يده على هذا الحديث ويقول صحيح ولكن عنده شهادة في أول الكتاب أن كل ما ذكرته حجة، أريد أن نعرف هل يوجد أحد من كبار علماء المسلمين صحح هذا الحديث أو لا؟ وهذه مرحلة متقدمة في الحديث.

     أنا في المقدمة أحتاج إلى أن أشير إلى قاعدة، هذه القاعدة كثيرا ما يحاول البعض أن يوحي للمستمع والمشاهد أن الحديث من الدرجة الثالثة والرابعة الخامسة. يقول أن الحديث ليس بصحيح بل هو حسن، هذه فيها إيحاء نفسي أنه ليس من تلك الأحاديث الأعلائية التي يمكن الاحتجاج بها، يعني هناك درجات. واقعا هذا التقسيم وهو تقسيم الأحاديث من صحيحة وحسنة هل كانت ديدن علماء المسلمين، هل كانوا يقبلونه أم لا؟ هذه نقطة أساسية لأنه قد أنقل بعض الأعلام يقول حسنه، يقول إذن ليس صحيح وإنما هو حسن، أريد أن نعرف بأن الحسن هل يختلف عن الصحيح و الصحيح هل يختلف عن الحسن من حيث الاعتبار والاحتجاج أو لا؟ هل أن الصحيح يختلف عن الحسن من حيث الاحتجاج والعمل به ووجوب العمل به أو لا؟ تعالوا معنا إلى كتاب شرح موقضة الذهبي، توضيح وتحرير لمسائل مصطلح الحديث المضمنة في كتاب الموقضة للإمام الذهبي المتوفي 748، شرح الشريف حاتم بن عارف العوني، دار ابن الجوزي، تعالوا معنا إلى ص 35 من الكتاب، يقول: « من أن الحسن ( يعني حديث الحسن) عند عامة أهل العلم يندرج في الحديث الصحيح < يعني عندما نقول الحديث الصحيح، الحديث الصحيح له مراتب وأقسام، أحد مراتبه كذا وكذا، بعبارة أخرى الحديث المعتبر بعضه صحيح وبعضه حسن، الآن لماذا قسموه إلى صحيح و إلى حسن هذا مرتبط بباب التعارض الآن لا أريد أن أدخل فيه، « فمثلا نص الحافظ ابن حجر في النكت وغيرها أن ابن خزيمة (الذي هو إمام الأمة) وابن حبان والحاكم يدرجون الحسن في الصحيح <، إذا قالوا رواية حسنة يعني رواية صحيحة، « فهؤلاء العلماء الذين ألفوا في الصحيح <، يعني صحيح ابن خزيمة، يعني صحيح ابن حبان، يعني صحيح مستدرك الحاكم، « ألفوا في الصحيح بعد البخاري ومسلم يعتبرون الحسن والصحيح قسما واحدا < لا درجتان لا مرتبتان، لا صنفان، بل صنف واحد ودرجة واحدة، « ولذلك أدخلوا الأحاديث الحسان في كتبهم التي وسموها بالصحيح <، قال صحيح ابن حبان ولكن توجد فيه روايات صحيح وحسن، « وهؤلاء كلهم جاءوا بعد الترمذي الذي هو أول من استخدم الحسن بالمعنى الاصطلاحي  الذي هو صنف ثاني من الدرجة الثانية بعد الصحيح <.

     إذن أعزّائي علماء الإسلام عموما عندما يقولون حديث حسن، ليس مرادهم أنه أنزل درجة من الحديث الصحيح، إنما مرادهم من الحسن يعني المقبول ولهذا يقول: « تبين أنهم يقصدون بالحسن المعنى اللغوي < يعني أنه معتبر، احتجوا به وإلى غير ذلك.

    إذا اتضحت هذه النكتة تعالوا معنا لنرى ماذا قال علماء المسلمين أو بعض علماء المسلمين في سند هذا الحديث:

    المورد الأول: ما جاء في الترغيب والترهيب للمنذري طبعا أنا أنقل الرواية من كتاب ضعيف الترغيب والترهيب باعتبار أنه الألباني يعتبر الرواية ضعيفة ولكني أريد أن يرى المشاهد ماذا يقول شيخ المنذري وهو المقدسي وهو من الأعلام ماذا يقول عن هذا الحديث، هناك بعد أن ينقل الحديث يقول رقم الحديث 996 قال: « الترغيب فيما يقول إذا خرج من بيته يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين… وحسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن < يعني جعله صحيحا معتبرا يمكن الاحتجاج به.

    سؤال: من هو الحافظ أبو الحسن؟ تعالوا معنا إلى تذكرة الحفاظ للذهبي، المجلد الرابع، يقول: « هو الحافظ العلامة أبي المكارم المقدسي كان من أئمة المذهب المالكي العارفين به ومن حفاظ الحديث، له تصانيف، وكان ذا ورع ودين مع أخلاق رضية، ومشاركة في الفضائل <.

    المورد الثاني من الأعلام: تعالوا معنا إلى كتاب المصنف للإمام ابن أبي شيبة المتوفى 235 من الهجرة، طبعا ابن أبي شيبة أيضاً نقل هذه الرواية، وأيضاً تعهد أنه لا ينقل إلا الصحيح، إلا إذا قلنا أنه ليس من أهل العلم باعتقاد ابن تيمية، تعالوا معنا إلى ما قاله محمد عوامة في ذيل هذا الحديث، يوجد بحث بين العلماء، إذا يسمح لي المشاهد البحث فيه دقه، أن هذا الحديث هل هو موقوف أو مرفوع؟ ما معنى الموقوف وما معنى المرفوع؟ المرفوع يعني أن الصحابي يسنده إلى رسول الله، الموقوف يعني أن الصحابي من غير إسناد إلى رسول الله كما هنا عن أبي سعيد قال قال من قال إذا خرج إلى الصلاة، لم يقل قال قال رسول الله، هذا موقوف، هذا الحديث هل هو من الأحاديثة الموقوفه أو المرفوعة؟ يقول العلامة عوامة يقول: « قال العجلي أن هؤلاء أربعة كلهم ثقات أو ما بين ثقة وبهذا يحكم بترجيح رفع الحديث على وقفه <، إذن الحديث هو مرفوع، ولذا قرانا في سنن ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله، إذن الحديث مرفوع وليس بموقوف، هذا الحديث المرفوع هل صححه أحد من الأعلام أو لا؟

    تعالوا معنا قال: « وقد حسن الحديث < بينا معنى الحسن، ليس معنى الحسن يعني ما دون الصحيح يعني من جعله معتبرا مقبولا يحتج به أمام الله، « وقد حسن الحديث جماعة من الأئمة الحافظ عبد الغني المقدسي، أدخله في جزءه النصيحة في الأدعية الصحيحة <، وهذا يكشف أن مراده من الحسن الصحيح، « النصيحة في الأدعية الصحيحة وأبو الحسن المقدسي شيخ المنذري <، الذي الآن قال المنذري وقد حسنه الحافظ شيخنا، « والدمياطي في المتجر الرابح ولفظه … ، والعراقي في تخريج الإحياء، وابن حجر في نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار< بالإضافة إلى من تقدم، يعني الإمام أحمد وابن ماجه، وابن أبي خزيمة، بالإضافة إلى هؤلاء، طبعا كذلك ابن قيم الجوزي الذي هو نفس هذا المنهج، كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد، الجزء الثاني، مؤسسة الرسالة، صفحة 336، :« وقال فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله < إذا الرواية مرفوعة، « قال ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك < ولكن لابد للأمانة أن أقول أن ابن قيم الجوزية لم يعلق على الحديث، ولكن لم يضعف الحديث، إذن ليس من القائلين بضعف الحديث ويمكن الاستناد إليه، وإلا إذا كان ضعيفا كان عليه أن يقول، طبعا على القاعدة نجد في الحاشية يقول: « وفي سنده عطية العوفي وهو ضعيف <، وهذا على نهج ابن تيمية، أما من المعاصرين تعالوا معنا إلى كتاب المسند للإمام أحمد حنبل، شرحه ووضع فهارسه حمزة أحمد الزين، الجزء العاشر صفحة 68، قال: « اللهم إني أسألك بحق السائلين، رقم الرواية 11099، قال: « إسناده حسن لأجل العوفي والحديث عند ابن ماجه وابن خزيمة وابن السني في عمل اليوم … <.

    إذن إلى هنا أرجع إلى كلام الشيخ ابن تيمية، قال: « وهذا الحديث ضعيف بإجماع أهل العلم <، هذا كلامه بل الإجماع على خلافه، بل الشهرة على خلافها، وكذلك اتضح أن ما قاله واقعا تدليس كبير في هذا المجال، عندما قال أن هذا الحديث لم ينقله من يطمئن إليه في صفحة 248 في الجزء الأول قال: « وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيرا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون< يعني مسند الإمام أحمد والمصنف والتوحيد لبن خزيمة وسنن ابن ماجه هذه كلها من الكتب الموضوعة والتي يكثر فيها الكذابون « فإن هؤلاء توجد الرواية عنهم في السنن ومسند الإمام أحمد ونحوه بخلاف من يتعمد فإنما توجد الرواية في السنن… <.

    إذن تحصل إلى هنا أن الحديث من حيث السند تقريبا مشهور بين علماء المسلمين أنه سنده معتبر، يبقى كلام عندنا مع الشيخ ابن تيمية ومع العلامة الألباني ومع العلامة شعيب أرنئوط لنرى أن العطية العوفي هل يمكن الاستناد إلى رواياته أو لا يمكن؟

    المقدم: نستمع إلى مداخلاتكم. أحمد من أمريكا:

    أحمد: سلام عليكم. اتضح طريقة إثبات ابن تيمية لمسألتهم أتى عن طريق الاجتهاد في وجهة النظر وهي مسألة خلافية لحد كبير، فلنفترض حتى رأيهم صحيح ولكل اجتهاده، ولكن هم رتبوا على هذه المسألة رتبوا ليس شيء بسيط مثل الوضوء أو مسألة الخمس بل رتبوا علىها دماء وأموال وإدخال الناس في الشرك والكفر، على مسألة خلافية، النقطة الثانية على افتراض أنه هذه شركيات، ما يقوم به المسلمين من التوسل هو شرك، حبذا سماحة السيد يتحدث من كتبهم أنه كيف تعامل النبي مع المشركين؟

    المقدم: أبو محمد من العراق تفضل:

    أبو محمد: سلام عليكم. سيدنا بعد هذا الطرح الصريح الواضح الذي يصب من مسألة التقريب بين الخاصة والعامة، سيدي الفاضل كيف نجد صدى ما تتطرحونه من هذه حقائق البينة في تبيين الخيط الأسود من خيط الأبيض؟ كيف تكون وقعها عند الجانب الآخر الذي لا زال يتجاوز على الخاصة وعلى مناسك الخاصة وعلى مقابرهم ومنابرهم؟

    المقدم: محمد من العراق تفضل:

    محمد: سلام عليكم. سماحة السيد ما هو سر هذا الحديث الذي أصبح ابن تيمية يضعفه؟

    المقدم: أبو مريم من العراق تفضل:

    أبو مريم: سيدنا ما هو الهدف من إنكار ابن تيمية لهذا الحديث؟

    المقدم: سيدنا نأتي إلى أسئلة الأخ أحمد من أمريكا.

    سماحة السيد: واقعا هذه المسألة الأولى التي ذكرها مسألة مهمة جدا، وهو أنه تارة أن المسائل تعد من ضروريات الدين، فمن يخالفها يكون خارجا عن الدين وعن الملة لعل له وجه، وهذه المسائل أعزّائي هي أقل القليل كالكبريت الأحمر، المسائل التي لم يقع فيها الاختلاف، حتى في مسائل التوحيد وقع الاختلاف، هل أن الله جسم أو ليس بجسم، فإذا صار البناء أنه كلما وقع الاختلاف بيني وبين الآخرين في الرأي نخرجه عن الملة وعن المذهب ونتهمه بالكفر والشرك لما بقي حجر على حجر، واقعا أنا أتصور أن هذا المنطق لابد أن يلتفت إليه الجميع خصوصا أهل العلم، أولئك الذين يخرجون على الفضائيات وعلى المنابر، لا ينبغي لأحد أن يكفر أحدا إذا اختلف معه في الرأي، لا ينبغي لأحد أن يخرج أحدا من الملة، لا ينبغي لأحد أن يخرج أحدا من المذهب، أو يتهم أحد أنك ضد كذا وضد كذا، في كل مدرسة وفي كل اتجاه وفي كل مذهب توجد هناك اختلافات، تعالوا فلنتعلم أخلاقية الاختلاف، أن لا يقصي أحدنا الآخر.

    المقدم: المشكلة في ابن تيمية وأتباعه أنهم يصادرون أولا رأي الأخوة أهل السنة يتحدثون بالإجماع وبأسمائهم ويقتلون على ذلك، يعني القضية تجاوزت قضية الرأي. الله أكبر ويأكل كبدا مسلما.

    سماحة السيد: جزاك الله خيرا، إذن القضية رجعت إلى طريقة في التفكير طبعا هذه القضية صحيح الآن بشكل واضح وجلي نراها عند هذه التي تسمي نفسها سلفية أو أتباع ابن تيمية، أو أنا بتعبيري الدقيق أتباع الإسلام الأموي، أنا واقعا ما عندي شك أن هؤلاء هم أتباع الإسلام الأموي، لأن معاوية وبني أمية كان هذا هو طريقهم. يعني بني أمية ماذا فعلوا في أحد؟ يعني أما فعلوا بحمزة؟ نفس هذا المنطق يتكرر، التأريخ يعيد نفسه، أنه أخرجوا كبد حمزة ولاكوه، هذا وإن كان أوضح مصاديقه في أتباع السلفية الجهادية ولكنه بالكم وإياكم أي مورد وأي شخص وجدتم إذا اختلفتم معه بدأ باتهامكم وإخراجكم اعرفوا أنه سلفي المنهج، وهابي المنهج، شيعيا أو سنيا، الآن توجد جملة من الفضائيات والأعم الأغلب الفضائيات التي تحسب نفسها على الاتجاه الأموي ولكن هناك بعض القنوات الشيعية بمجرد أنك تختلف وأنكم وجدتم نحن قلنا نحن لا نعتقد بالسب بإقصاء الآخر، بإهانة مقدسات الآخر، تعالوا فلنكن إيجابيين جميعا، يعني نطرح ما عندنا  من الدليل والمشاهد له فهم وعلم والاختيار له، أنتم وجدتم أنا لم أتهم الشيخ ابن تيمية أي اتهام، قال إجماع المسلمين وبينت أن إجماع أهل العلم خلافه، قال لم يوجد في الكتب المعتبرة ذهبت إلى الكتب المعتبرة لأرى يوجد أو لا يوجد؟ ولا أدخل في أنه حصر سجال، إذن تعالوا نعطي ضابطة ونعطي منهجا في التعامل مع فكر الآخر.

    المقدم: أحمد قال على افتراض الشرك كيف كان الرسول يتعامل مع المشركين؟

    سماحة السيد: الجواب بيني وبين الله رسول الله كان واضح أن المنافقين كيف تعامل معهم الذي ثبت نفاقهم، هذا بحث أساسي وأرجوا الله أن أشير إليه وهو أنه كيف تعامل النبي مع الرأي الآخر؟. أضيفك جملة جديدة؟ كيف تعامل الله مع الرأي الآخر؟، أقصاه أو لم يقصه، ﴿ إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء﴾،هذا اعتراض، الله ما أقصاهم أنتم كذا أنتم كذا أنتم خرجتم من الملة، لا بل بين لهم، ﴿وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضها، فقال أنبئهم﴾ عند ذلك قالوا تعلم ما لا نعلم، وانتهت القضية، الله الله تعالى عندما يقبل نظر الآخر ولا يقصيه، أنا قلت هذه القضية في أبحاثي، قلت الله عندما أنزل القرآن كان بإمكانه أن لا يذكر فيه أقول المعارضين، ولكن نجد أنه اتهم الرسول انه مجنون وذكر في الكتاب أنه قالوا عنه مجنون ولم يحذفه، القرآن قالوا عن نبيه خاتم الأنبياء أنه مجنون، ساحر، كذاب، القرآن لم يحذف هذا؟ أكثر من ذلك القرآن نقل عن نملة تقول لسليمان يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، نملة تتهم نبي الله سليمان لا يشعر، فتبسم ضاحكا من قولها، ثم المنطق الآخر بمجرد أن تختلف معه أنت خرجت من الدين صرت ضالا صرت مضلا أي منطق هذا؟ منطق الجهل هذا ومنطق العجز العلمي وإلا العالم لا يدخل مثل هذه المداخل.

    أحد الإخوة قال ما هو مضمون الحديث أعزّائي إن شاء الله سيأتي ما معنى الحق الذي في الحديث.

    وسألوا ما هو هدف إنكار ابن تيمية الجواب سببه أنه لهم مباني سابقة قبل أن يدخل الحديث وهذه خطرة جدا يعني أنت تؤسس لنفسك شيء وتبحث في الحديث ما يؤيدك أما ما يخالفك فترمي به عرض الجدار.

    المقدم: نشكر آية الله السيد كمال الحيدري وفي أمان الله.

    • تاريخ النشر : 2013/05/20
    • مرات التنزيل : 2107

  • جديد المرئيات