نصوص ومقالات مختارة

  • تعارض الأدلة (166)

  • أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    ذكرنا في البحث ما قبل التعطيل قلنا بأن أيّ محقّق، وأيّ عالم، وأيّ مجتهد، يريد أن يدخل إلى عملية استنباط المعارف الدينية، لابد أن يحدد منهجه ومصادره التي يعتمد عليه، هل أن القرآن مصدر من مصادر المعرفة، أو ليس كذلك؟ هل أنّ العقل مصدرٌ من مصادر المعرفة أو ليس كذلك؟ هل أنّ الرواية مصدرٌ من مصادر المعرفة أو ليس كذلك؟ هل أنّ نتائج العلوم الطبيعية والتجريبية مصدرٌ من مصادر المعرفة أو ليس كذلك؟ هل أنّ نتائج العلوم الإنسانية الحديثة، الآن توجد عندنا علوم تسمى بالعلوم الإنسانية، من قبيل علم السياسة، علم الإدارة، علم الاجتماع، علم الاقتصاد، علم التربية، هذه علوم ولكن علوم إنسانية يعني مرتبطة بالبنية الإنسانية، كيفية إدارة الإنسان، كيفية تربية الإنسان، هذا الذي كان في الفلسفة القديمة يُبحث عنه في تدبير المنزل أو تدبير المدينة، تعلمون أنّه في القديم في الفلسفة عندما كانوا يأتون يقولون بأنه في العلوم العملية نبحث تدبير المنزل وتدبير المدينة، والتي كتبت المدينة الفاضلة وغيرها هذه هي علوم الإنسانية، التي الآن إلي ثلاثين عام في ايران وفي الجمهورية الإسلامية يريدون يؤسسون علوم إنسانية إسلامية، وإلى الآن لم يوفقوا إلى الآن في الآونة الأخيرة سمعتم في الجامعات في الحوزة هنا أنّه هل نستطيع يوجد عندنا علوم إنسانية إسلامية أو لا نذهب إلى تجارب وإلى العلوم الإنسانية التي أنتجتها العقول البشرية لا علاقة لها بالدين، طبعاً في الطبيعيات هذا قبلوه يعني في العلوم الطبيعية، الآن في الرياضيات في الفيزياء في الكيمياء في الفلك في الجولوجيا، في التكنولوجيا، في الحاسوب، كلها نقبلها من الآخر، يعني نتائج العلوم الطبيعية نقبلها من الآخر ولكن نتائج العلوم الإنسانية هل هي مصدرٌ من مصادر المعرفة الدينية أو ليست كذلك؟

    طبعاً هذا لا أريد أن أبحث فيه؛ لأنه مرتبط بمسألة من أهم مسائل علم الكلام الجديد لأنكم تعلمون عندنا علم كلام قديم يُبحث عنه في التجريد وشروح التجريد وكتب الحديث، وعندنا علم الكلام الجديد واحدة من أهم مسائله هو أنّ الدين هل يتبنى أن يُنتج علوم طبيعية أو لا يتبنى؟ تقريباً الجميع يقولون لا، لا يتبنا، الدين ليس فيزياء ولا كيمياء ولا رياضيات أبداً، سؤال آخر: هل أن الدين توجد عنده منظومة كاملة في العلوم الإنسانية؟ يعني توجد عنده نظرية في علم الاجتماع، نظرية في علم السياسة، نظرية في علم الإدارة، نظرية في علم التربية، نظرية في الإعلام عنده أو لا يوجد؟ هنا يوجد اختلاف بين اتجاه يقول: نعم، لأن القرآن يقول {لا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} تبيان لكل شيء ونظرية تقول: الإسلام لا يتبنى هذه، هذه كما أوكل العلوم الطبيعية إلى العقل الإنساني، أوكل العلوم الإنسانية أيضاً إلى العقل الإنساني.

    الآن أنت كمجتهد، أنت كمحقق، أنت كباحث لابد في الرتبة السابقة تعيّن ما هي مصادر المعرفة عندك؟ القرآن مصدر أو ليس بمصدر؟ العقل مصدر أو ليس بمصدر؟ العلوم الطبيعية مصدر أو ليس بمصدر؟ العلوم الإنسانية مصدر لو ليس بمصدر؟ الروايات مصدر أو ليس بمصدر؟ وإلّا كن على ثقة إن لم تعين مصادر المعرفة تدخل إلى الاستنباط وأنت أعمى، لا تعرف ماذا تريد أن تفعل؛ لأنك مرةً تستند إلى نتائج العلوم الطبيعية، ومرةً لا تستند، مرة تستند إلى نتائج العلوم الإنسانية ومرة لا تستند، مرة تعرض على الكتاب ومرة لا تعرض، مرة تقبل الرواية ومرة ترفض الرواية؛ لأنّك لم تحقق المنهج جيداً فيما سبق، أنا أتصور أنّ الاتجاه الاخباري كان دقيقاً في تعيين المناه،ج يعني مدرسةٌ قابلة وجديرة بالدراسة، مو انه نقبل أو لا نقبل، لا بل أن ندرسها جيداً أن هؤلاء ما هو منهجهم؟ كيف تعاملوا مع مصادر المعرفة؟ بشكل رسمي وواضح الاتجاه الاخباري يقول القرآن مصدر من مصادر المعرفة أو لا؟ كلا وألف كلا، أخْرِجه من دائرة عملية الاستنباط، العقل كيف؟ مصدر من مصادر المعرفة وذكرنا فيما سبق قلنا عندما نقول عقل ليس مرادنا من العقل يعني أداة الفهم، مرادنا من العقل يعني منتجات واستدلالات وحصيلة الاستدلال العقلي، فرق بين العقل كأداة  وبين العقل كمنتوج عقلي حصيلة استدلالات عقلية، هل هو حجة أو ليس بحجة؟ قالوا أبداً ليس بحجة، لا يتبادر في ذهنكم أنّ هذا الاتجاه فقط موجود في مدرسة أهل البيت لا هذا له سابقة عميقة ومتجذرة في فكر أهل السنة والمعركة القائمة بين أهل الحديث والمعتزلة هي هذه المعركة، المعتزلة كانوا يريدون أن يقولوا أن العقل مصدرٌ من مصادر المعرفة، أهل الحديث يقولون لا ليس كذلك، نفس هذا وُجد عندنا في صورته البدائية بين المفيد والطوسي والمرتضى الذين جعلوا العقل مصدراً من مصادر المعرفة، وبين الصدوق والكليني وغيرهما الذين قالوا لا ليس مصدرا ًمن مصادر المعرفة، هذا الذي عبرنا عنه الاخبارية الأولى والذي عبر عنهم في الفوائد المدنية الاسترابادي قال قدماء الاخباريين، أمّا المحدثين فواضح قرأنا العبارة للأعزة فيما سبق قلنا أنهم يقولون أبداً العقل ليس مصدراً.

    سؤال: ماذا تقولون في نتائج العلوم الطبيعية مصدر من مصادر المعرفة أو ليست كذلك؟ قالوا أبداً نتائج العلوم الطبيعية لاعلاقة لنا بها، طبعاً هه لم يتعرضوا لنتائج العلوم الإنسانية لأنه ما كانت معروفة في البداية، وانه الآن يوجد من يقول أيضاً لا قيمة لنتائج العلوم الإنسانية، علم الاجتماع نأخذه من مصادر الدينية عندنا، علم السياسة من هنا، علم الإدارة من هنا، علم الاجتماع من هنا، وإلى غير ذلك، هذا على البعد السلبي.

    إذن لو سألت هؤلاء: ما هو مصدركم الأصلي والأساسي والذي لا بديل عنه في كل منظومة المعارف الدينية، من عقائد وفروع وأخلاق وتاريخ وعلوم إنسانية وعلوم طبيعية، يقولون مصدرنا رواية أئمة أهل البيت (ع) فقط ليس إلّا، مو رواية النبي والأئمة بل رواية أئمة وإذا أردنا أن نقبل رواية عن رسول الله لابد أن تصل إلينا عن طريق أئمة أهل البيت، وإلّا لو وصلت إلينا عن غير طريقهم حجة أو ليست بحجة؟ ليست بحجة، بتعبير المعاصرين نظرية شفافة وواضحة، لا نقبل لا القرآن ولا العلوم الطبيعية ولا العقل ولا أي منتج وأي مصدرٍ لا نقبله إلّا الموروث الروائي.

    ومن هنا انتقلوا إلى أنّ هذا الموروث الروائي من أين يحصلون عليه؟ عند ذلك تفهمون أنّ الحالة العامّة التي كانت تحكم فكر الشيخ الصدوق والكليني ليست حالات الإستدلال وإنما حالات جمع الروايات تنظيم الروايات، تنظيم الأبواب، والآن الكتب الموجودة من كتب الشيخ الصدوق كثيرة جداً، ما وصلنا لا يتجاوز من عشرين مؤلف وصلنا، وإلّا كتبه كثيرة جداً ومنها كتاب مدينة العلم إلي يقال يعادل أربعة أضعاف هذا الكتاب البحار الذي بأيدينا، أمّا عندما تأتي إلى كتب المفيد وإلى كتب الطوسي وإلى كتب المرتضى تجد حالة من الاستدلالات العقلية، حالة من الاستناد إلى القرآن وهكذا، إلى أن نصل إلى زمان العلامة المجلسي صاحب البحار والقضية واضحة.

    إذن ما هي الخطوات التي أسس لها المنهج الاخباري؟ لأنّه اتضح أنّ مرجعيته الرواية والحديث، الخطوة الأولى التي اتخذها والتي وقفنا عندها إجمالاً هو تصحيح الكتب الأربعة، وجدوا بأنّه بعد سقوط القرآن والعقل والعلوم الطبيعية وباقي المصادر، إذا اسقطوا الكتب الأربعة بعد يوجد شيء عن الإسلام أو لا يوجد؟ إذا قلنا أن الكتب الأربعة أيضاً غير قابلة للاعتماد بعد يوجد شيء عن الإسلام؟ نعرف شيء أو لا نعرف شيء؟ لا نعرف شيء أبداً لأن الإسلام إما في كتاب الله أو سنة النبي والأئمة، وقد سقطا بعد لا طريق آخر، ومن هنا تجد هؤلاء تمسكوا بالنواجذ، قالوا الكتب الأربعة خط أحمر، كل شيء أتريد تقولون ولكن لا تقتربوا من الكتب الأربعة وبالأخص كتاب الكافي، لماذا؟ باعتبار انه منظومة دينية كاملة موجودة في الكافي، بخلاف الكتب الثلاثة الأخرى الاستبصار والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه هذه كلها كتب مباني روايات فقهية، أمّا المنظومة الكاملة موجودة في الكافي، بعضهم ادّعى أنّها متواترة وهذا التواتر بتعبير السيد الخوئي لا أصل لها بل دعوى فاغقة لا محصّل لها بل دعوى لا يدعيها إلّا الذي قد غرق يتمسك بكل قش وحشيش حتى يبقى، وإلّا كيف يمكن ادعاء أن هذا التواتر قائم، وعندما نقول تواتر مراد تواتر كل رواية رواية وليس مرادنا أصل الكتب، بل أصل الكتب متواترة يقينا، انه نطمئن أنها صادرة من أصحابها ما عندنا شك فيها، بعض قال لا مو متواترة وإنما تفيد القطع بالصدور نقطع أن هذه الروايات صدرت من الأئمة طبعاً هذه الدعوى هي الدعوى التي قالها السنة في البخاري ومسلم عند القوم لا يدّعون تواتر الروايات الواردة في الكتابين، بل يدّعون وجود قرائن قطعيّة تثبت القطع والجزم بالصدور، وهذا ما يصرحون به، لا يقولون نحن نقول أن كل رواية من روايات البخاري ومسلم صحيحة فهي ماذا؟ لا أخبار آحاد ولكن أخبار آحاد اجتمعت القرائن وأورثت القطع بالصدور، هؤلاء ادعوها في الكتب الأربعة، طبعاً الدعوى الأولى وهي دعوى التواتر للمتطرفين الاخباريين، الدعوى الثانية وهي دعوى القطع بالصدور هذه لأصحاب الخط المعتدل والوسط في الاتجاه الاخباري كالعلامة المجلسي الذي لا يُعدّ من المتطرفين سيأتي بيانه، وهناك اتجاه ثالث في الاخباريين يقول لا هذا ولا هذا وإنما هناك قرائن يطمئنّ الإنسان بصدورها من الأئمة، فهي صحيحة، ولكن لا صحيحٌ بالمعنى المتأخر عندنا بل الصحيح بالمعنى الموجود عند القدماء، وهو كما يقول جملة من المحققين يعني نظرية جمع القرائن، لا ينظرون إلى السند، نعم السند قرينة، لا ينظرون فقط إلى المتن، نعم المتن قرينة، ينظرون إلى الأشباه فيقولون هذه الرواية بغض النظر عن سندها نطمئن بصدورها، هذا إذا أردتم أن تصنفوه صنفوه على الاتجاه اليساري بالاتجاه الاخباري أو في النظرية الاخبارية، هذه الاجنحة الثلاثة في النظرية الاخبارية.

    استنادهم أين هؤلاء؟ لديهم مستندات متعددة وجوه كثيرة بإلامكان أن تراجعونه في خاتمة وسائل الشيعىة ذكر الوجوه جملة منها ذكره.

    من أهم أدلتهم التي استندوا إليها وهي من الأدلة التي في بادئ النظر تعدّ من الأدلة القوية وهي شهادات أصحاب هذه الكتب أنّهم لا ينقلون إلّا الصحيح، الكليني، الطوسي، الصدوق شهدوا في مقدمة كتبهم الأربعة أنّهم لا ينقلون إلا الصحيح والمشهور والمجمع عليه وإلى آخره، أمّا الكليني قدس الله نفسه في مقدمة الكافي فعبارته جد واضحة، في الجزء الأوّل صفحة 16 يقول: وقلت انك تحب أن يكون عندك كتابٌ كافٍ يُجمع فيه من جميع فنون علم الدين، إذن الكتاب فقه اصغر أو اصغر واكبر؟ كل فنون علم الدين عقائد، فقه، أخلاق، ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل، هل كتاب الكافي كتاب حديث أو كتاب فتوى؟ المشهور الآن بيننا كتاب حديث، الجواب كلا وألف كلا، ما يعتقده الكليني وضعه في الكافي، وهذه يصرح بها الشيخ الأنصاري ويصرح بها جملة من الأعلام، يقولون: إذا أردتم أن تتعرفوا على آرائه في العقائد وفتاواه في الفقه فانظروا إلى عناوين الأبواب هذه العناوين هي آرائه والفتاوى، لا يقول لنا قائل والله نقل روايات تحريف القرآن وهو غير معتقد بها لا أبداً وهكذا في أبواب أخرى، وإلّا لو كان يريد أن يجمع فقط كتاب حديث، كان لابد أن يكتب لنا مو فد بحار يكتب لنا خمسة بحار لان الكتب الحديثية الموجودة بيده أضعاف ما كان موجود بيد العلامة المجلسي، لماذا انتخب هذه الروايات؟ تقول في الباب الواحد ينقل روايات متعارضة، الجواب: لأن مبناه إذا تعارضت هو التخيير؛ لأنه تم عنده دليل على صدور هذه الرواية وما يعارضه فينقلها إليك يقول أنت مخير بعمل بهذه أو بهذه، عندما أقول معرفة الكتب مع الأسف الشديد الطالب يبقى خمسين سنة في الحوزات العلمية ولا يعرف هذه الكتب ما هو منهجها ما هو طريقتها، الكليني قدس الله نفسه إذا نقل عشرة روايات في باب واحد اطمئنوا أنّه نظّم الروايات على صحة الأسانيد، كلما كانت الرواية أصح سنداً جعلها قبلها فكلما أخرها فهي أضعف من سابقتها، إذا وجدت في الباب يجعل رواية أولى إذن اصح روايات عنده هذه الرواية وهذا نفس المنهج الذي اعتمده البخاري، تقول لي أخذها من البخاري أقول بيني وبين الله ما ادري، نفس المنهج المعتمد عند الشيخ البخاري وهو انه بحسب التسلسل تحفظ قوة الأسانيد، إلى أن تصل إلى روايات ينقلها لا سند لها أو ينقل بعض كلمات الأعلام بعنوان الشاهد لما تقدم من الروايات، فهي ليست أدلة، وإنما شواهد لصحة ما تقدم، ولهذا في العام الماضي ذكرت وقلت أن البخاري ليس كل رواية واردة في البخاري صحيحة لا كثير من الروايات الواردة في البخاري بعنوان الشواهد لا يدعون صحتها، ولهذا شهادة الكليني يقول: ويأخذ منه من يريد علم الدين يقول هذا كتاب حديث؟ لا من قال لك أن هذا كتاب حديث إذا كان كتاب حديث يمكن أن يأخذ منه علم الدين؟ هذا لابد أن يعطى للمتخصص، والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام، إذن هو يكتب بالكتاب، ويشهد أن كلما ورد فيه فهي آثار صحيحة، شهادة ثقة الإسلام الكليني، علم من أعلام مدرسة أهل البيت ويشهد أن هذه الروايات كلها صحيحة، وعندما يقول صحيحة مو بالضرورة يعني فقط سنداً لان الصحيح هنا ليس على مبنى المتأخرين وإنما على مبنى المتقدمين، والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدى فرض الله وسنة نبيه، إلى أن يقول: إذا كان الأمر كذلك فاعلم أخي أرشدك الله أنّه لا يسعك احد تمييز شيء ممن اختلفت الرواية فيه عن العلماء برأيه، تقول إذا كانت هذه كلها آثار صحيحة أنت نقلت لنا روايات في الباب الواحد روايات متعارضة ماذا نفعل؟ يقول: ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم، وقبول ما وسّع من الأمر فيه، نرد علمها إلى أهلها ماذا نفعل؟ يقول: والعمل ما وسع الأمر فيه بقوله بأيّ ما أخذتم من باب التسليم وسعكم، ما دمنا في عصر غيبة الكبرى وأيدينا مقطوعة عن إمامنا إذن بأيهما أخذتم من باب التسليم وسعكم، هذا مبناه التخيير، إذن لا يقول قائل إذا كانت كلها صحيحة لماذا نقلها روايات متعارضة في باب واحد؟ يقول ماذا افعل؟ ثبت أن هذه صادرة وهذه صادرة، ماذا أفعل أنا كمكلف؟ يقول اعلم بأيهما من باب التيسير والتسليم، وقد يسّر الله وله الحمد تأليف ما سألت، وأرجوا أن يكون بحيث توخيت فمهما كان من تقصير إلى آخره، هذه شهادة الكيني.

    شهادة الصدوق قدس الله نفسه في من لا يحضره الفقيه طبعاً هذه الشهادة ما موجودة إلّا في مقدمة من لا يحضره، وإلّا في الكتب الأخرى لا توجد مثل هذه الشهادة، يقول: فأجبته إلى ذلك لأنه وجدته أهلاً له، وصنّفت له هذا الكتاب بحذف الأسانيد لان لا تكثر طرقه، وإن كثرة فوائده ولم اقصد فيه قصد المصنفين في إيراد جميع ما رووه، إذن كتاب رواية ؟ لا يصرح هذا ليس كتاب رواية، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، إذن كتاب فتوى هذا، لا يقول لي قائل سيدنا أنت تنقل عن الشيخ الصدوق، سيدنا أنت علّمتنا نقل الرواية في الكتب الحديثية ليس معناه التزام المصنف بها، نعم أنا أقول هذا، ولكن إذا نفس المصنف يصرح في مقدمة كتابه لا أقول إلّا ما أفتي به، هو يقول هذا فتواي إذن عندما نقل روايات سهو النبي أو عندما نقل روايات اسهاء النبي، أو عندما نقل روايات أخرى، هذه روايات لا يتبناها لو يفتي على أساسها؟ أي منهما؟ يفتي، قال: بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته واعتقد فيه انه حجة فيما بيني وبين ربي، تقدست ذكره وتعالت قدرته، سؤال: قد تكون الروايات بالنسبة إليك حجة وهل نحن ملزمين بذلك؟ يقول لا، يجب عليكم أن تقبلوا لان جميع ما أوردته وجميع ما فيه مستخرجٌ من كتب مشهورة عليها المعول واليه المرجع، أنت لست حرٌ تقبل ما أقول لان هو المشهور بين الطائفة في القرن الثالث والرابع والخامس هذا كلام الشيخ الصدوق.

    أمّا كلام الشيخ الطوسي قدس الله نفسه أمّا في التهذيب في الجزء الأوّل صفحة ثلاثة يقول: وليس أيضاً المقصد بهذا الكتاب بيان ما يتعلق بالاصول ولهذا حذف أصول العقائد، وإنما اكتفى بالفروع، وأذكر كل مسألة مسألة فإستدل عليها إمّا من ظاهر القرآن واو من صريحة أو فحواه أو دليله أو معناه، وأمّا من السنة المقطوع بها من الأخبار المتواترة، أو الأخبار التي تقترن إليها القرائن التي تدلّ على صحتها، إذن منهجه ليس سندي بل منهج جمع القرائن وهذا هو منهج القدماء ، وإمّا من إجماع المسلمين إن كان فيها ذلك أو إجماع الفرقة المحقة فإن لم يكن لا قرآن ولا إجماع ولا إلى آخره، انتقل ثم اذكر بعد ذلك ما ورد من أحاديث أصحابنا المشهورة، إذن كل هذه الروايات التي نقلها روايات مشهورة، وانظر فيما ورد بعد ذلك هذا كلامه في التهذيب، وكذلك كلامه في الاستبصار في المقدمة هذه عبارته التي لا تخلوا أيضاً بهذا البيان، قال: وابينوا وجه الجمع لا اسقط شيئاً منها ما أمكن ذلك، واجري في ذلك على عادتي في كتابي الكبير المذكور، يعني كتاب تهذيب الأحكام، يعني أيضاً إمّا الظاهر إمّا الإجماع وإمّا الشورى، هذا أهم مستند استند إليه المنهج الاخباري لإثبات صحة الكتب الأربعة، هسا إمّا قالوا متواترة وإمّا قالوا نقطع بالصدور، وإمّا قالوا هناك قرائن نطمئن بالصدور، من هنا بتعبيرنا رموا الكرة في ملعب الأصوليين، قالوا ماذا تفعلون بهذه الشهادات الذي صدرت من هؤلاء الأعلام؟ ماذا أجاب الاصولييون؟ قالوا نعم، لو كانت هذه الشهادات من هؤلاء الأعلام الثلاثة في الكتب الأربعة شهادات حسّية أو قريبة من الحس، فلا مجال لمناقشتها، ولكن نقول أنها شهادات إجتهادية، وإذا كانت شهادات اجتهادية فيجب علينا قبولها أو لا يجب؟ لا يجب علينا قبولها، لعله هو اجتمعت له هذه القرائن فحصل له، المشكلة الأصلية في هذه الكتب الأربعة من الأعلام الثلاثة لم يذكروا لنا القرائن لكل رواية رواية حتى نقف عندها واحدة واحدة، وإنما اصدروا الفتوى فقط، فلعل تلك القرائن لو بينوها لنا كان يحصل لنا الاطمئنان أو لا يحصل؟ يحصل قطع أو لا يحصل؟ يحصل التواتر أو لا يحصل؟ فهو حجة عليهم لا حجة علينا، وكم أبقى الأوّل للآخر، الآن بحمد الله تعالى القرائن عندنا أكثر، الكتب الموجودة عندنا أكثر، علم الأصول تقدم عندنا أكثر فلعله لو نُقلت إلينا قرائنهم كنا نقبل أو لا نقبل؟ نقبل، إذن هذه الشهادات لا اعتبار بها.

    هذا هو الجواب المشهور الموجود وتراجعون في كتب الأعلا،م ولكن الاخباريين أجابوا عن هذا الجواب بجواب حير العقل الأصولي إلى يومنا هذا، ولكنهم لا يذكرون إشكال الاخباريين على الأصوليين، الإخباريون تتصورن بأنه جلسوا مكتوفي الايدي قالوا نعم الحق معكم لا المعركة العلمية قائم، فما هو جوابهم وهل استطاع الاصوليون أن يجيبوا أو لا هذا إنشاء الله في الغد…

    والحمد لله رب العالمين

    • تاريخ النشر : 2013/11/24
    • مرات التنزيل : 1564

  • جديد المرئيات