نصوص ومقالات مختارة

  • السّنة النبوية: موقعها، حجيتها، أقسامها (8)

  • أعوذ بالله السميع العليم من شر شيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين

    والصلاة والسلام على آله الطيبين الطاهرين

    اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    كان البحث في بيان الفرق بين التعريف التقليدي للسنّة، والتعريف الذي ذكره جملة من الحداثويين المعاصرين للسنّة، وبعد ذلك إنشاء الله تعالى سنقف على الآثار المترتبة على هذين التعريفين لا يتبادر إلى الذهن أنّه اختلاف نظري في تعريف السنّة. لا، اختلاف نظري تترتب عليهما (أي: على التعريفين) آثار أساسية وجوهرية وماهوية.

    التعريف المشهور والمدرسي والتقليدي للسنّة هو أنّ كلّ قولٍ وفعلٍ وتقرير صدر من النبي ـ هذا في السنّة النبوية ـ أو من الصحابي والصحابة ـ هذا في مدرسة أهل السنّة ـ أو من المعصوم (الأئمة الاثني عشر) ـ هذا في مدرسة أهل البيت ـ حجيتها على حد حجية القرآن الكريم. ما معنى حجية القرآن الكريم؟ يعني كما أنّ ما ورد من المعارف في القرآن ليس مختصاً بزمان دون زمان وبمكانٍ دون مكان وبظرف دون ظرف ومطلقٌ صالحٌ لكل زمانٍ ومكان كذلك السنّة النبوية والولوية والصحابية على اختلاف المدارس لها نفس الحجية ولها نفس الاعتبار والقبول. كيف أن الآية في القرآن صالحة لكل زمانٍ ومكان قول النبي أيضاً صالحٌ لكل زمانٍ ومكان، قول الإمام المعصوم أيضاً صالحٌ لكل زمان ومكان، قول الصحابي أيضاً صالحٌ لكل زمانٍ ومكان، ولكن على اختلاف المدارس، نفس الذي قلناه بالنسبة إلى أهل البيت هم يقولونه بالنسبة إلى الصحابة. نعم، لا يؤمنون بعصمتهم ولكن يؤمنون بحجية أقوالهم وانتم تعلمون حجية القول لا تلازم العصمة. الآن المرجع قوله حجة عليك أو ليست حجة عليك؟ نعم، ولكن هذا معناه عصمة المرجعية؟ لا أبداً، ولذا حجية القول لازم اعم للعصمة، لا يتبادر إلى ذهن هؤلاء عندما قالوا بحجية قول الصحابي. إذن هؤلاء يؤمنون بعصمة الصحابة، لا أبداً لا ملازمة، كما أنت تؤمن بحجية قول خبر الواحد هذا معناه يعني أنه معصوم، لا ليس كذلك. ولذا بإمكانكم تراجعون إلى هذه المسألة تفصيلاً وهي قول الصحابي التي ان شاء الله سنشير إليها في الوقت المناسب. قول الصحابي وحجية العمل به مكتبة الرسائل الجامعية العالمية رقم (27) تأليف: انس محمد رضا القهوجي دار النوادر الطبعة الأولى 1433 هناك في صفحة (288) يقول: القول الراجح في مسألة حجية قول الصحابي والذي يترجح لديّ (وهو رأي جملة غفير من أعلام المسلمين) هو التخصيص في المسألة (يقول نحن نقول بحجية قول الصاحبي ولكن ليس كل صحابي بل الصحابي العالم، الصحابي المتخصص، الصحابي الواقف على المباني الدينية. يعني الصحابي المجتهد) واعني بالتخصيص الصحابي الذي تؤيده أدلة المثبتين وهو الصحابي من أهل السابقة والفضل العالم بالأحكام الشرعية والمشهور بالعلم والفتوى وورد فيه نصٌ مخصوصٌ من صاحب الشرع ـ كما يعتقدون ـ (يعني العشرة المبشرة بالجنة عندهم أو ما ورد في علي ابن أبي طالب أو ما ورد في أبي ذر أو ما ورد في سلمان أو ما ورد عندهم في الخلفاء عليكم بسنّة وسنّة الخلفاء الراشدين إلي فسروها بخلافة الأول والثاني والثالث والرابع) وليس فقط من طالت صحبته وعلم فضله في الإسلام واعتقد أن هؤلاء من الذي أسس إلى هذا نرجع إلى الدائرة الأولى الإمام الشافعي. فهو رأي ديني وضرورة دينية لو ضرورة علمائية؟ انظرون أساسها ممن؟ أساسها من الإمام الشافعي هو الذي أسس لهذه النظرية واعتقد أن هؤلاء الذين عناهم الشافعي في مذهبه الجديد في الرسالة والام لانكم تعلمون أن الشافعي ينسب إليه مذهب قديم ومذهب جديد وهذه الرسالة من مذهبه الجديد يعني علم اصول الفقه بأن يؤخذ بأقوالهم ويحتج بها وبذلك هم بلا شك محل إجماعٍ، إذن ضرورة دينية لو ضرورة علمائية؟ العلماء اجمعوا على حجية قول الصحابي باعتبار حجية قولهم من أئمة المذاهب الأربعة لأهل السنّة والجماعة ضمن ضوابطه العامة وهذا ما ذهب إليه كثيرٌ من الفقهاء قال فلان يجب تقليد الخلفاء الراشدين وأمثالهم. ولذا تجدون ما قام به الخليفة الأول يعتقدون بحجة ما قاله وفعله الخليفة الثاني يعتبرونه حجة ما قام به الخليفة الثالث يعتبرونه حجة وما قام به الخليفة الرابع يقول لا الرابع محل تأمل لأنه لم يكن عليه إجماع وإنما كان عصر الفتنة ومورد الخلاف هو. نعم، ما قاله معاوية حجة. لماذا؟ لأنه يوجد إجماع عليه! مباني موجودة واسسوا لها كما أنا وأنت جلسنا وأسسنا لمدرسة أهل البيت من القرن الثالث والرابع والخامس الآن كثير من مباني الاصول والفقه عند الامامية أساسها من؟ أساسها الشيخ الصدوق، الشيخ الطوسي، السيد المرتضى، الشيخ المفيد واخيرا أساسه العلامة المجلسي وهكذا… هم كذلك. وجاء في فواتح الرحموت ينبغي أن يكون كذا وهؤلاء كذا ولا يشاركهم كذا والتي ذكرها كذا وقد سبق كذا إلى آخره… إذن هنا لا نريد أن نبحث هذه القضية وإنما أريد أن أعرف لأعزة. الآن نتكلم عن حجية السنّة ما هي السنّة؟ ذكرنا انه: عند البعض يعني السنّة النبوية، وعند البعض يعني سنّة النبي والصحابة، وعند البعض يعني سنة النبي والأئمة، بل في مدرسة أهل البيت بعض الأحيان سنّة النبي والأئمة وأصحاب الأئمة أيضاً. الرواية مضمرة ولم ينسبها إلى الإمام ولكن أنت ماذا تقولون؟ تقول بيني وبين الله أن زرارة عندما يقول شيء يقوله من عنده أم ينقله عن الإمام؟ فمضمراته حجة أو ليست بحجة؟ جملة من روايات الاستصحاب تنتهي إلى الإمام أو لا تنتهي إلى الإمام؟ لا تنتهي إلى الإمام، مضمرة يعني لا تنتهي إلى الإمام زرارة يقول وأنت تعتبرها حجة لماذا؟ تقول اجل زرارة أن يقول شيء من عنده. يا عزيزي بائك تجر وبائهم لا تجر. هو بالنسبة إليه صحابة النبي على مثل زرارة عندنا. يقول (حسب تعبيرهم) ما يمكن انه صحابة النبي هؤلاء الأمناء على الوحي هؤلاء الذين نقلوا القرآن هؤلاء الذين جاهدوا مع رسول الله هؤلاء وهؤلاء كذا على مبانيهم. نفس هذا المبنى الذين يقولون في أصحاب الأئمة هم يقولونه في صحابة رسول الله، هذا اصطلاح احفظوه إذا عن النبي ليس أصحاب النبي صحابة النبي هذا اصطلاح. إذا عن الأئمة ليس صحابة الأئمة أصحاب الأئمة، ولهذا في كلمات علمائنا أصحابنا… أصحابنا وليس صحابتا، هذا المعنى أشار له جملة من الأعلام ومنهم العلامة المجلسي في البحار المجلد الثاني صفحة 164 قال: لأنه من المعلوم أن الصحابة وأصحاب الأئمة إذن الصحابة ماذا؟ صحابة رسول الله وأصحاب الأئمة أصحاب تلامذة الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام. إذن هؤلاء يعتقدون يعني هذا التعريف التقليدي بغض النظر عن سعة دائرة السنّة أو ضيقها يعتبرون السنّة قولاً، فعلاً، تقريراً حجة على حد حجية القرآن الكريم، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة إنشاء الله في وقت مناسب ستأتي.

    أمّا ماذا يقول الطرف الآخر، الاتجاه الآخر بغض النظر أن يكون حداثوي أو غير حداثوي: لكي يتضح بشكل جيد هذا المعنى التعريف الذي يقدمه هؤلاء عن السنّة يقوم على اصلين أساسيين أو أضف إليها أصل ثالث (اصول ثلاثة):

    الأصل الأول: أن هذا الكتاب الذي بأيدينا (وهو القرآن الكريم) ليس هو من إنشاء رسول الله صلى الله عليه وآله وليس هو من كلامه عليه أفضل الصلاة والسلام بل هو وحي من الله إلى رسوله أُمر بإبلاغه إلينا نزل به الروح الامين عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ هذه ضرورة دينية في مقابل هذا الاتجاه هناك اتجاه يعتقد بأن هذا القرآن واقعاً لا مثيل له لا لمن سبقه ولا لمن يلحقه، ولكنه إنشاء رسول الله، هذا بعد مسلم أو ليس بمسلم؟ هذا ليس بمسلم لأنه نحن نتكلم عن شيء اسمه الإسلام في قبال المسيحية واليهودية وغيرها فإذا أنت قلت لا عبقريٌ قاله إذن لم تتكلم عن دين، تتكلم عن فيلسوف، تتكلم عن عبقري، تتكلم عن نابغة هذا خروج عن الموضوع، إذن فيما يتعلق بهذا القرآن الذي بأيدينا هذه النظرية وجدت من القديم، لا يتبادر إلى ذهنكم أنها جديدة. لا، ولكنه احياها جملة من المستشرقين الكبار أن هذا القرآن الذي بأيدينا ليس هو كتاب مُنْزل من قبل الله بل هو إنشاء رسول الله، إنشاء هذا العبقري، والذي بدأ تأسيس لهذا المعنى هو احد أهم المستشرقين الذي هو حدود القرن الأخير وهو في كتابه تاريخ القرآن اكيودور نولگه الالماني من كبار المستشرقين الالمان، هناك في المقدمة يقول هذه عبارته: هكذا لا يقيم النولدگه وأتباعه من العلماء (جملة من المستشرقين وجملة من الحداثويين الذي لعله في بعض كتبه محمد آراگون يعتقد بهذا الاعتقاد) لا يعتقد أن القرآن كتابٌ مُنْزل بل كنصٍ وضعه النبي محمد صلى الله عليه وآله. هذا اعتقادهم إلى أن نأتي إلى صفحة 19 من الكتاب بشكل واضح وصريح هناك بعد أن يبين انه مصادر هذا العبقري ما هي ماذا اخذ من اليهودية ماذا اخذ من المسيحية ماذا اخذ من الكذا شخصيته كذا كله كلام عندما يقرأ الإنسان يتقزز منه، ولكن هذا الكلام موجود وينشر أن الغرب عندما يطالعون لم يطالعون كتبنا يطالعون هذه الكتب ولهذا هو هناك في المقدمة يشير بأنه شخصية النبي صلى الله عليه وآله ما هي؟ واقعاً الإنسان عندما يقرأ هذه العبارات ينظر بأنه مثلاً النبي صلى الله عليه وآله  وعلاقته بالكتابات المسيحية، شواهد على تأثير المسيحية وتعاليمها في الإسلام، أكثر تعاليم الإسلام هي ذات يهودي وشواهد على ذلك، عبارات تتضح أن الكاتب يعتقد أن القرآن من انشائه صلى الله عليه وآله، يقول هناك (بأنه القصص التي أخذها): أنه يضاف إلى ذلك أمر يود المسلمون بالطبع أن يخفوه ألا وهو أن محمداً صلى الله عليه وآله كان بطبعه ضعيف العزم وضعيف النفس وخائف اجل لقد كان يخاف إلى درجة أنه لم يتجرأ في البدء على المجاهرة برسالته في مكة (أقول انظروا إلى التفاسير واعتراف الكاتب بأنه ليس معيار النبوة كذا ونقصان كبيران كانا يعتوران روحه صلى الله عليه وآله وهكذا مفصلاً) هذا اتجاه فيه. وهذا الاتجاه بعد نحن لا نستطيع أن نقول من تفاسير العلماء هذا مو تفسير هذا نفي لموضوعية الإسلام بعد لا يوجد إسلام، يوجد ابن سينا يقول كذا شيء… وارسطو يقول كذا شيء… افلاطون يقول كذا شيء… هذا عبقري نابغة يقول هذا حديثنا مو مع هؤلاء حديثنا مع من يعتقد أن هذا الكتاب كتابٌ مُنْزلٌ إلهي سماوي. وجملة من هؤلاء الحداثويين الذين اشرنا إليهم من محمد عابد الجابري من نصر حامد أبو زيد إلى آخره… هؤلاء يعتقدون أن هذا كتابٌ مُنْزل، يعني يعتقدون توجد نبوة، يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله مرسلٌ من قبل الله. نعم، التفسير الذي أنت تقدمه لكلامه لا يعتقدون به. فاختلافهم معنا في الأصل القرآني ونبوة النبي ووحيانية القرآن أو في تفسير النص القرآني؟ هنا نقول بأنه الاجتهاد، أو قراءة، قد نوافقها وقد نختلف معها، أمّا إذا جاءت قراءة ومحت أصل المسألة بعد هذه لا تسمى قراءة وإنما تسمى نفي، سالبة بإنتفاء الموضوع هذا ليس قراءة. إذن نحن عندما نؤمن، أنا من الناس الذين يعتقدون بتعدد القراءات، أنا عندما أقول تعدد القراءات بشرط أن لا يلزم من القراءة نفي موضوع القراءة أنا عندما اعتقد بتعدد القراءة في فهم أركان مدرسة أهل البيت بشرط أن تبقى مدرسة أهل البيت متميزة عن باقي المدارس أمّا إذا فَسَّرتُ وقرأتُ هذه الأركان قراءة محت يعني محي الفصل المميز هذه بعد ليست قراءة هذا محوٌ للمدرسة. هذا احفظوه عني، لا تقولون واحد عنده قراءة رسول الله ليس بنبي لا هذه ليست قراءة هذه، واحد يقول بأنه أساساً لا فرق بين مدرسة أهل البيت وبين الاشاعرة والمعتزلة واهل السنّة هذه ليست قراءة هذا محوٌ هذا إزالة للفصل المميز، نحن نعتقد أن مدرسة أهل البيت هي الإسلام مع فصل مميز أمّا ما هو هذا الفصل المميز؟ أنت قد تقول الفصل المميز الاعتقاد بعصمة الأئمة. واحد يقول لا… أنا اعتقد للمدرسة بأنه فصل مميز ولكن ليست هي العصمة شيءٌ آخر. هذه قراءة، هذا اجتهاد. إذن أنا أريد أن اقدم قراءة لمدرسة أهل البيت يعني أريد أن اذكر محمولاً جديداً مع حفظ الموضوع أمّا إذا كانت القراءة يلزم منها سالبة بإنتفاء الموضوع هذه بعد ليست قراءة هذا خروجٌ عن المدرسة. هؤلاء الذين نقرأ أسمائهم والذين نقرأ كلماتهم يعني شحرور وغيره هؤلاء لا يقول قائل هؤلاء لا يؤمنون بالرسول لا يؤمنون بالنبوة لا يؤمنون بالوحي لا يؤمنون بكذا لا… أنا لا علاقة  لي مع هؤلاء، ليس حديثي مع هؤلاء حديث مع أولئك الذين يؤمنون بأن هذا كتاب منزل من قبل الله على قلب الخاتم. نعم، يختلفون معك أنت تفسر الآية كذا… هو يقول لا ليس تفسيره هكذا أنت تقول أن هذا النبي قوله حجة على حد حجية القرآن الكريم يقول لا ليس كذلك هذا لا يخرجه عن الدين، لأنه حاول البعض أن يجعل هذا التعريف لعلم الأصول من الضروريات الدينية فإنكاره خروجٌ… مع أن هذا تعريف الشافعي وهذه ضرورة علمائية أو ضرورة دينية (هذا التعريف للسنّة)؟ هذه ضرورة علمائية وليست ضرورة دينية. نعم، العلماء استفادوا واستنتجوا واستنبطوا واجتهدوا وقالوا أن الآيات القرآنية تجعل قول النبي والصحابة والأئمة على اختلاف المدارس تجعله على حد الحجية القرآن الكريم، هؤلاء يقولون لا… نحن لن نفهم من السنّة هذا المعنى نحن لا نفهم من الصحابة وأقوال الصحابة هذا المعنى نحن لم نفهم من أقوال وأفعال الأئمة هذا المعنى. إذن الأصل الأول: هو أنهم يعتقدون بأن هذا الذي بأيدينا كتابٌ مُنْزلٌ إلهي ضمن الضوابط التي يعتقد بها كلّ انسانٍ مسلم. يعني أنت عندما تقرأ عباراتهم بيني وبين الله هذه العبارات لا تختلف عن أي متكلمٍ من علماء المسلمين من سنّة وشيعة، أقرأ لك بعض العبارات، هذا محمد شحرور في كتابه الكتاب والقرآن انظر ماذا يقول في صفحة (35 و36): من هذا المنطلق نصل إلى نقطة مهمة في البحث هل الكتاب الذي اوحي إلى النبي والذي يحتوي على رسالته ونبوته هو من التراث أم لا يدخل في التراث؟ الاتجاه الاستشراقي ومن تابعه يقول هو ماذا؟ من التراث. يعني مربوط بزمان ومكان معين وانتهى تاريخه. لماذا؟ لأنه من إنشاء هذا الإنسان من فيلسوف عبقري هذا اتجاه.

    يقول: وللإيجابة على هذا السؤال يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الاول: إنما يسمى كتاب الموجود بين الدفتين ومن تأليفه صلى الله عليه وآله هذا الاتجاه الاستشراقي العام وتبعه بعض الحداثويين.

    الاتجاه الثاني: إنما يسمى بالكتاب والموجود بين دفتي المصحف موحى من الله سبحانه وتعالى بالنص والمحتوى. ليست أنه فقط معانيه اوحية لرسول الله ورسول الله انشأ الألفاظ. لا… الألفاظ والمعاني والمحتوا من قبل الله سبحانه وتعالى، بالنص والمحتوى وان الفصول فيه تسمى سوراً وان السور مؤلفة من مقاطع كل واحدةٍ منها يسمى آية.

    إذا آمنا بالاتجاه الثاني ماذا تعتقد أن هذا القرآن ما هو؟

    يقول: إذا آمنا بالاتجاه الثاني يعني أن هذا الكتاب موحى من قبل الله نصاً ومحتواً أن الله تعالى مطلقٌ وكامل المعرفة ولا يتصف بطابع النسبية. إذن هذا الكتاب مطلقٌ وكاملٌ ولا يتصف بالنسبية. يعني يصلح لكل زمان ومكان. إذن لا ينكر الخاتمية. يقول يصلح لكل زمانٍ ومكان. هذا الأصل الأول وهذا الأصل متفق عليه من متكلمين واصوليين وفقهاء وعلماء الأصول وفلاسفة والى غير ذلك ولهذا إذا وجدتم فيلسوف ينكر هذا المعنى بعد هذا فيلسوف ليس بإسلامي؛ لأنه عندما نقول ابن سينا فيلسوف إسلامي يعني آمن بأن هذا نبي مرسل وهذا كتابه مُنْزل من قبل الله. نعم، يفسره غير التفسير الذي أنت تفسره. يفسره تفسيراً فلسفياً، الاشعري أيضاً يفسره تفسيراً اشعرياً، والمعتزلي يفسره تفسيراً معتزلياً، والإمامي يفسره تفسيراً امامياً، والمحدث والأخباري يفسره تفسيراً اخبارياً وهكذا… ولكن هؤلاء جميعاً تحت مضلة الإسلام، الإسلام الواقعي وليس الإسلام الظاهري وباطنه كافر. لا… كلهم مسلمون حقيقةً، إنما الاختلاف كل الاختلاف في الأصل الثاني والثالث بين التفسير والتعريف الرسمي للسنّة وبين التفسير والتعريف الجديد للسنّة. وبإمكانكم أن تراجعون من الكتب الجيدة في هذا المجال الوحي والقرآن والنبوة من الكتب الحداثوية الجيدة في هذا المجال لهشام اجعيط.

    الأصل الثاني: أن كل ما قام به النبي بناءاً على أن السنّة هي السنة النبوية فقط أو ما قام به النبي وصحابته بناءاً على أن السنّة تشمل قول الصحابي أو ما قام به النبي والأئمة وأصحاب الأئمة بناءاً على مدرسة أهل البيت أن هذه جميعاً ليست حجة بالمعنى الذي نعطيه للقرآن الكريم. هناك في التفسير المشهور والتعريف المشهور ماذا كان يقول؟ يقول حجيتها على حد حجية القرآن. يجب قبولها والعمل بها. كيف أن القرآن مطلق شامل لكل زمانٍ ومكان كذلك السنّة بمعناها الضيق أو الواسع شامل لكل زمانٍ ومكان. هؤلاء يقولون: لا… أبداً، وإنما قول النبي فعل النبي تقرير النبي هذه نسخة مرتبطة بذلك الزمان. على الأقل الأصل فيها هذا، إلا ما خرج بالدليل. الأصل فيها (في السنّة وليس في الدين ولا في القرآن، يعني في أقوال النبي في افعال النبي في تقريرات النبي) يقولون هذا تطبيقٌ لذلك الأصل الذي هو القرآن وهذا التطبيق محكومٌ بالزمان والمكان والظروف الاجتماعية والثقافية والفكرية والى غير ذلك… هذا الذي قاله السيد الإمام قدس الله نفسه في اخريات حياته وهو: أن المسألة أو الموضوع قد في زمان يكون لها حكم، وفي زمانٍ إذا تبدلت العلاقات يكون لها ماذا؟ مع انه بحسب الظاهر الموضوع نفسه الموضوع، يعني عندما تنظر إلى الموضوع تجد الموضوع لم يتغير ولكن حكمه تغير، هنا يأتي هذا السؤال: لماذا أن الموضوع واحد ولكن الحكم تغير؟ يقول: لأن العلاقات الاجتماعية، الفكرية، الثقافية، الاقتصادية، المالية، السياسية، الدولية تؤثر في الموضع فتُغير موقعه من حكم إلى حكم آخر. وعلى هذا الأساس قال في مسألة الشطرنج: هل يجوز اللعب بالشطرنج أو لا يجوز؟ قال: إذا صارت هذه اللعبة لا ينطبق عليها آلة القمار وإنما صارت آلة لشحذ الذهن رياضياً إذا صارت هكذا تبدل الموضوع مع أن الشطرنج نفسه شطرنج، ما هو الفرق بين شيشرنگ أو شطرنج؟ (باعتبار اصلها هندي أو فارسي بحث مفصل) هذا الشطرنج بحسب الظاهر ما هو الفرق بين اللعب فيه في زماننا واللعب في الشطرنج في زمان الخلفاء؟ ظاهراً لا يوجد فرق، ولكن في زمان الخلفاء كانت آلة قمار، أمّا في زماننا إذا خرجت عن كونها آلة قمار يتبدل حكمها. هذه هي نفس النظرية الحداثويين هذه يقولونه، يقولون ما قام قال رسول الله يحرم اللعب بالشطرنج هذا ليس فوق الزمان والمكان، بل مرتبط بعناوينه وشروطه وظروفه وزمانه ومكانه فإذا تبدلت الشروط يتبدل الحكم. إن شاء الله بعد ذلك سوف أضرب لكم مجموعة من الأمثلة حتى تعرفون أن هذان التعريفان ليس فقط اختلاف نظري بل ينقلب وجه المعارف الدينية رأساً على عقب هذا يذهب باتجاه وذاك يذهب باتجاه آخر، هذا يستنبط نحو وذاك يستنبط نحو آخر. لماذا؟ لأن ما قام به النبي تطبيق ولعله في زماننا كان يطبقه بشكل آخر، الاتجاه الأول أو التفسير الأول يقول سواءً كان في زمانه سواءً كان في زماننا، سواءً كان بعد عشرة الآلاف رسول الله لو كان موجوداً يقول لعب الشطرنج حرام. هذا الاتجاه الثاني يقول لا باختلاف الأزمنة الموضوعات تغير مواقعها من حلال تدخل في حرام ومن حرام تدخل في حلال. تنقل فتوى عن السيد الإمام يقال بأنه كانت هناك أنحاء من الموسيقى في زمان الشاه (الطاغوت البائد) واستفتي فيها السيد الإمام قالوا: بأنه يجوز سماعها؟ قال: لا حرام. نفس الموسيقى بعد انتصار الثورة وضعت في إذاعة الجمهورية الإسلامية فاستفتي السيد الإمام يجوز سماعها؟ قال: بلي يجوز. فهنا أصبح سؤال عند البعض: الموسيقى لم تتبدل إذا كانت حرام ففي هذا الزمان إذا كانت حلال في ذلك الزمان؟ قال: لا، في ذلك الزمان كانت الإذاعة والموسيقى كلها في خدمة الطاغوت وتقويت الطاغوت إذا كانت كذلك فهي حرام هذا يدخل في موضوع الحرمة أما إذا في زماننا تكون في تقوية نظام الجمهورية الإسلامية فيكون ماذا؟ يجوز استماعها. ولهذا تجدون كثير من أنواع الموسيقى والاناشيد وغيرها، انظر إلى المؤتمرات التي تعقد  مراجع موجودين ويضعون موسيقى أنت لو تسمعها تقول هذه من المحرمات. لا… أبداً على مبنى تأثير الزمان والمكان في موضوعية الأحكام الشرعية. إذن هل يمكن أن نجعل أقوال النبي، افعال النبي، اقارير النبي مطلقة لكل زمانٍ ومكان أو لا يمكن؟ على الاتجاه الأول يقول: نعم. وعلى الاتجاه الثاني يقول: لا. الأصل الثالث يأتي غداً.

    والحمد لله رب العالمين

    16 ذي الحجة 1435

    • تاريخ النشر : 2014/10/12
    • مرات التنزيل : 1602

  • جديد المرئيات