نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (09)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    بقي بحثٌ أخير في آية الأولوية, وهي قوله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} وهذا البحث هو أنه: هل أن هذه الأولوية تختص بالأمور الفردية أو أنها شاملة للأمور الاجتماعية ولما تقتضيه أولوية القرارات التي تصدر من السلطان أو الحاكم أو القائد أو الإمام أو الزعيم عبروا عنه ما شئتم.

    هناك قولٌ يقول أن هذه الآية مرتبطة بالأولوية الفردية, لأنّه قال تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} إذن كل فردٍ فرد لو تزاحمت ولاية الشخص مع ولاية النبي, فولاية النبي مقدمة على ولاية ذلك الفرد.

    إلا أن هذا الفهم فهم سقيم من الآية, باعتبار أنّه تقريباً اتفقت كلمة علماء التفسير وعلماء الفقه ومن تكلموا في هذه الآية أنّنا إن لم نقل اختصاص الآية بالأمور الاجتماعية فلا إشكال أنها شاملة للأمور الاجتماعية والفردية.

    يعني بعبارة أخرى: أن القدر المتيقن من الآية هي الأمور الاجتماعية, نعم, وقع الشك أن الأمور الفردية التي لا علاقة لها بالمصلحة الاجتماعية العامة وبالأمور العامة هل أيضاً له الأولوية أو لا؟

    طبعاً في اعتقادنا أنّ الأولوية ثابتة للنبي’ وللأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بنحوٍ مطلق في الأمور الاجتماعية والسياسية والقيادية مضافاً إلى الأمور الفردية, يعني مطلقة, إذن من هذه الجهة لا نحتاج أن نقف كثيراً وكل من تكلم -كما قلت- في الآية إما جعلوها مختصة بالأمور الاجتماعية قالوا باعتبار أنها مرتبطة بأمور الزعامة وبأمور الإمامة وبأمور القيادة في الأمة, وإما إذا لم تكن مختصة فهي أعم من الاجتماعية والفردية, أما اختصاصها بالأمور الفردية أساساً لا معنى له, هذا أولاً.

    وثانياً: حتى لو قبلنا إطلاق الآية -كما نقبل وكما يظهر من كلام الشيخ الأنصاري وكذلك السيد الخوئي وكل من تكلم في الآية- حتى لو قبلنا إطلاق الآية وأولوية ولاية النبي والأئمة في الأمور الفردية فهو بحث نظريٌ محض, يعني لم ينقل لنا التاريخ بشكل معتبر أن النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أعملوا ولايتهم في أمرٍ شخصي, فقالوا لشخص بلا دليل وبلا مصلحة واضحة طلق زوجتك وإن لم تفعل فهو ماذا؟ فهو يطلقها, أو أعطني أموالكم وإن لم تفعل فهو يأخذ منه جميع أمواله أو يبيعها ونحو ذلك, نعم إذا أخذت هذه الأبعاد قضايا اجتماعية ومصالح أخرى تدخل أين؟ تدخل في الأمور الاجتماعية والعامة, إذن القضية قضية أبعد ما تكون من الناحية العملية وإنما هي قضية نظرية مرتبطة بالبُعد العقدي, يعني أن الإنسان عندما يعتقد بالإمامة التي نعتقدها لأئمة أهل البيت هل نعتقد أن هذه الصلاحية أيضاً ثابتة له أو ليست ثابتة له وللأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذه نقطة.

    النقطة الثانية: بالأمس ذكرنا وكان واضحاً أن الشيخ الأعظم الأنصاري, نفى ولاية الأولوية وهي القسم الخامس, ولكنّه لابد أن يلتفت الأعزة الذي نفاه الشيخ الأعظم في ولاية الأولوية هي ولاية الأولوية الثابتة للنبي والأئمة في الأمور الشخصية والفردية, أما ولاية الأولوية في الأمور العامة فهو يصرح بها, التفتوا جيداً, يعني ماذا في الأمور العامة؟ يعني أنت تقتضي مصلحتك بيني وبين الله أن تبني بيتك في مكان بطريقة خاصة, ولكن المسؤول سلطان البلد مسؤول البلد يقول لا, لابد أن يُبنى البيت ماذا؟ أيهما يقدم؟ لا إشكال ولا شبهة تقدم ولاية أو إرادة الحاكم على إرادة الأفراد في الأمور العامّة لا في الأمور الفردية, الآن في الأمور الفردية لا لا تقدم, أما في الأمور العامّة فلا إشكال عند الشيخ الأعظم أنه إذا تزاحمت إرادة الفرد بما له من بعد عام مع إرادة السلطان فالذي يقدم إرادة السلطان لا أنه يقدم إرادة الفرد. يعني أن الدولة وجدت أن لا تقدم, وهذا حدث في عهد رسول الله’ أن بعض الناس كان عنده أقارب في مكّة فحاول أن يزودهم ببعض المعلومات حتى يحفظون عائلته في مكّة, هذه مصلحته الشخصية كانت في هذه أما كانت هذه لمصلحة الدولة أو كانت في ضرر الدولة في ذلك الوقت؟ فلهذا وقف أمامه. إذن أعزائي هذه القضية احفظوها, نحن عندما نقول أن الشيخ الأعظم ينفي ولاية الأولوية بالنسبة إلى الفقيه في عصر الغيبة ينفي ذلك في الأمور الفردية والشخصية لا في الأمور العامة المرتبطة بمصالح المجتمع بنظم المجتمع بأمن المجتمع بصحة المجتمع برفاهية المجتمع ونحو ذلك من العناوين, هذه كلها أمور, ولذا تجدون لم يختلف أحد بأن شخص إذا أراد أن يعمل ولايته في أمواله وأراد أن يحتكر يسمح له بذلك إذا أضر المجتمع أو لا يسمح؟ أبداً لا يوجد فقيه, حتى لو لم يقل بالولاية حتى لو هكذا, يقول بالولاية الحسبية ماذا يفعل؟ يأمره أن لا يضر المجتمع, حتى لو لم يقل بالولاية فما بالك بالشيخ الأعظم الذي يقول بالولاية.

    إذن أعزائي مسألة الولاية من القسم الخامس لم يختلف عليها أحدٌ من فقهاء الإمامية يكون في علمكم أنه للفقيه هذه الصلاحية, ولكن بعض يقول أن هذه الصلاحية أعطيت له بدليل لفظي وبعض يقول أعطيت له من خلال الأمور الحسبية, كما قرأنا عن السيد الخوئي+, أما أين يقول الشيخ الأنصاري هذا المعنى؟ بشكل واضح وصريح في المكاسب الجزء الثالث في ص554 هذه عبارته, يقول: >وأمّا وجوب الرجوع إلى الفقيه في الأمور المذكورة فيدل عليه مضافاً إلى ما يستفاد من جعله حاكماً >جعلته حاكماً<< كما في مقبولة أو صحيحة >كما في مقبولة ابن حنظلة أو صحيحة ابن حنظلة الظاهرة في كونه كسائر الحكّام المنصوبة في زمان النبي< سؤال: الحاكم الذي كان منصوب في زمن النبي’ إذا تزاحمت ولايته مع الولاية الشخصية للأفراد في المصالح العامّة أيهما يقدم مصالح الأفراد تقدم أو مصالح الحاكم أو ولاية الحاكم تقدم؟ لا خلاف في هذا المعنى أنه تقدم الولاية والمصالح التي يشخصها الحاكم لا التي هي مرتبطة بتشخيص الفرد, >في كونه -يعني الفقيه- في كونه كسائر الحكّام المنصوبة في زمان النبي’ والصحابة في إلزام الناس بارجاع الأمور المذكورة إليه -أي إلى الفقيه- والانتهاء فيها إلى نظره, بل المتبادر عرفاً من نصب السلطان حاكماً –  يعني النبي أو الفقيه أو الإمام الذي ينصب الفقيه حاكماً- بل المتبادر من نصب السلطان حاكماً وجوب الرجوع في الأمور العامّة المطلوبة للسلطان إليه -أي إلى السلطان وإلى الفقيه الجامع للشرائط-< في كل الأمور العامة, في الأمور العامة لا في الأمور الشخصية, أنا في بيتي أريد أن أجلس أو أقف أو أنام أو .. هذا لا يتدخل فيه إلا إذا قلنا بالولاية الأولوية في الأمور الشخصية.

    ولذا في مكان آخر يقول: >فإن المراد بالحوادث ظاهراً< >الحوادث فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجة عليكم وأنا حجة الله< >مطلق الأمور التي لابد من الرجوع فيها عرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس< ما هي الأمور التي يرجع فيها إلى الرئيس في كل مجتمع عقلائي؟ نعم, الرئيس إذا كان مستبداً إذا كان ديكتاتوراً كان عابثاً كان مجنوناً كان معتوهاً لا لا, نتكلم في ماذا؟ الرئيس نحن ما نشترط في الرئيس في كل مكان الآن في كل العالم يعني كل رؤوسائهم مجانين وعابثين.. لا كثيرٌ منهم يبحثون عن مصالح بلدانهم عن مصالح مجتمعاتهم, ولذا أساساً معتقد الشيخ الأعظم بأنه >جعلته حاكماً< كما في قوله: >جعلته قاضياً< أو في الروايات التي دلت على القضاء, يقول نرجع إلى القضية الخارجية, ما هي المسؤوليات التي أوكلت إلى القاضي تعطي ماذا؟ كذلك التي أوكلت إلى الحاكم تُعطى للفقيه الجامع للشرائط, هذا بشكل واضح وصريح هنا.

    وكذلك أعزائي في (كتاب القضاء والشهادات في ص لعله 47 أو ص48) هذه عبارته, >ثم إن الظاهر نفوذ حكم الفقيه في جميع خصوصيات الأحكام الشرعية وفي موضوعاتها الخاصة< وأنتم تعلمون موضوعات الأحكام مرتبطة بالمكلف أم مرتبطة بالفقيه؟ إذا نظرنا إلى الفقيه بما هو فقيه فالمسائل والموضوعات غير مرتبطة به, ولكن هنا الفقيه ليس بما هو فقيه بل بما هو حاكمٌ إذا صار حاكماً ففي قضية الموضوعات أيضاً يقول الفرد أن لا أجد ضرراً, الحاكم ماذا يقول؟ لا فيه ضررٌ لمن يتبع؟ تارة القضية فردية يريد أن يشرب هذا الماء, الحاكم يقول له أنا اعتقد بأنه هذا خمر, يقول له لا, أنا اعتقد أن هذا ماء, أيهما يقدم؟ نظر المكلف يشربه وكل مشكلة ما عنده.

    أما مرة لا, قضية عامة مرتبطة بمصالح العامة, يقول التعامل مع الشراكات الكذائية لا محذور فيها, الاستيراد منها لا محذور, التصدير لها لا محذور, أما إذا كانت الدولة ترى أن فيه ضرر فأيهما يقدم؟ يقدم بما هو حاكم لا بما هو فقيه, ولذا قال: >وفي موضوعاتها الخاصة بالنسبة إلى ترتب الأحكام عليها, لأن المتبادر عرفاً من لفظ الحاكم هو المتسلط على الإطلاق فهو نظير قول السلطان لأهل بلدة جعلت فلاناً حاكماً عليكم حيث يفهم منه تسلطه< يعني ذلك الحاكم >على الرعية في جميع ما له دخلٌ في أوامر السلطان جزئياً أو كلياً< فلا مجال للبحث في القسم الخامس من الولاية بالنسبة للفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة فيما يتعلق بالأمور العامّة, بنظم المجتمع برفاهية المجتمع بأمن المجتمع بسيادة الدولة باستقلال الدولة ونحو ذلك من العناوين, هذه كلها داخلة في صلاحيات ولاية الفقيه.

    وهنا بودي أن أشير إلى نقطة, كما قلت قبل قليل: حتى أولئك الذين لم يؤمنوا بولاية الفقيه يعني قالوا أنه لم يرد عندنا دليلٌ لفظي أعطى للفقيه في عصر الغيبة هذه الولاية, قالوا أنها ثابتة له من خلال الحسبة, هذا (كتاب تنيبه الأمة وتنزيه الملّة للمحقق النائيني) هذا الكتاب فليكن عندكم طالعوه وبدقة لأنّه هذا المحقق الكبير كتب هذه المسألة بشكل واضح وصريح, هناك في هذا الكتاب في ص127 من الكتاب هذه عبارته, يقول: >قد تبين لك من المقدمة أن الهدف من تأسيس الحكومة< أي حكومة كانت وفي أي مجتمعٍ >تنظيم القوى ووضع الخراج وحفظ وتنظيم البلاد وتربية الشعب والاهتمام بأمر الرعية لا لإشباع الشهوات وملذات الذئاب ولا لأجل استعباد رقاب الشعب لنزوة قاهرة, فمما لا شك فيه أن السلطة التي صرحت بها الأديان والشرائع وأقرّها كل عاقلٍ هي عبارةٌ عن تحمل الأمانة والمسؤولية صيانيةً لنظام الأمة فبالسلطة تقام الحدود والوظائف التي تُعنى بالمحافظة على مصلحتهم< جيد هذه من يحققها في زمن الغيبة, تعطى لأي إنسان؟ يقول لا, هذ لا تعطى لأي إنسانٍ وإنّما تُعطى وظيفة المسلمين السياسية في عصر الغيبة هذه عبارته يقول: >من جملة الثوابت< التفتوا يعتبرها من ثوابت المذهب >من جملة الثوابت في مذهبنا نحن الإمامية هو أنّه في عصر الغيبة هناك ولاياتٌ تسمى بالوظائف الحسبية لا يرضى الشارع المقدّس بإهمالها حيث نعتقد أن نيابة فقهاء عصر الغيبة قدرٌ متيقن فيها, أصلاً لا يمكن لهذه الأعمال أن يقوم بها غير الفقيه الجامع ولكنّه من باب القدر المتيقن, وثابتٌ بالضرورة حتى مع عدم ثبوت النيابة العامة لهم في جميع المناصب< يعني حتى لو أنكرنا الدليل على الولاية العامة ولكنّه مع ذلك بنظرية الحسبة نقول كل تلك الوظائف ثابتة لمن؟ ثابتة للفقيه الجامع للشرائط, إذ أن الشارع لا يرضى باختلال النظام وذهاب بيضة الإسلام< هذه بيضة الإسلام بالتعبير المعاصر استقلال البلد سيادة البلد, هذه السيادة, والسيادة طبعاً في ذلك الزمان فقط كانت تأخذ بُعد سياسي وإلا الآن سيادة أمنية سيادة ثقافية سيادة سياسية, سيادة اجتماعية سيادة اقتصادية لأنّه نحن نعيش في عصر العولمة تحاول ماذا؟ ولهذا الآن النظريات السياسية تقول أساساً نظرية السيادة انتهت بوجود عصر العولمة على أي الأحوال. يقول: >ومن جهة أخرى نجد أن اهتمام الشارع بحفظ البلدان الإسلامية وتنظيمها أكثر من اهتمامه بسائر الأمور الحسبية, هي هذه المحور, ومن هنا يثبت لدينا بما لا شك فيه نيابة الفقهاء والنواب في عصر الغيبة فيما يتعلق بإقامة الوظائف المذكورة< من أهم وظائفهم هذه لا إقامة الصلاة, إقامة النظام الديني, لا أقل إقامة الشريعة في حياة الناس, هذه أهم من غيرها هذه تنزيه الأمة.

    ولذا نصيحتي للأعزة هذه مسؤولية خصوصاً في رقابنا نحن الطلبة, لأنه البعض يتصور ومراراً أنا ذكرت هذه القضية يتصور أن هذه العمة امتياز, لا يا أخي مسؤولية كبيرة العمة تتحمل تفضل ما تريد أن تتحمل المسؤولية لا تلبس لم يقل لك أحد, هذه مسؤولياتنا, هذا قال بولاية الفقيه, يصرح يقول بأنه حتى لو لم نقل بالولاية, ولكنّه هذه ثابتة للفقيه من ضروريات مذهب الإمامية.

    إذن أعزائي أتصور أن القضية, طبعاً هذا الكتاب أيضاً فيه نقاط جداً جيدة بودي أنه ترجعون إليه, من ص197 من الكتاب الذي عبرت (تنبيه الأمة وتنزيه الملّة تأليف المحقق النائيني وتعريب آل حسن آل نجف) إلى آخره,  في ص197 عنده عنوان فقط أشير إليه يقول: >ما هي قوى الاستبداد التي توجد الاستبداد السياسي في المجتمع< يقول: واحدة من أهم عوامل الاستبداد في المجتمع أن المؤسسة الدينية تغطي للمؤسسة السياسية, يعني أن المؤسسة السياسية كل ما تفعل من عمل المؤسسة الدينية ماذا تفعل لها؟ تعطيها مشروعية, هذا الذي تجدونه الآن في كثير من البلدان هذا الذي أسس له معاوية وهو أنه يجوز الخروج على الحاكم أو لا يجوز الخروج؟ أبداً, حتى لو ضرب ظهرك وسرق مالك, ماذا أفعل؟ يقول دعه يسرقك ودعه يعذبك ودعه يسرقك أنت بالبيت ارفع يدك قل إلهي يوم القيامة أعطني ثواب, في صحيح مسلم روايات واضحة الدلالة, ولهذا الآن أيضاً تجدون التصريحات موجودة, ولذا الشيخ النائيني+ يقول: >وهي القوة المعلونة الثانية التي عرفنا حقيقتها وهي أخطر من باقي القوى التي توجد الاستبداد السياسي ويصعب علاجها إلى حد الامتناع, لماذا؟ يشرح مفصلاً يقول باعتبار أن الناس معتقدين بعلماء الدين, فطرتهم فطرة دينية, عندما يجدون علماء دينهم ومؤسساتهم الدينية تعطي شرعية للمؤسسة السياسية ماذا يفعل الناس أين يذهبون؟ مؤسستهم السياسية مستبدة ومؤسستهم الدينية فاسدة, ولذا عبارته >أن هذه الشعبة تعتبر من إنشاء وابتكار وبدع معاوية< هو الذي أسس لها وهي التي من خلالها يقول حاربوا علياً وقضوا عليه, في أربعة حروب >وبمرور الأجيال والعصور استحكم الاتحاد بين الاستبداد السياسي وبين الاستبداد الديني< ولذا واقعاً افتحوا أعينكم أنتم كطلبة في المؤسسة الدينية الشيعية أن لا تنحرف مؤسستنا الدينية إلى هذا الخط. بعناوين متعددة الآن الذين يستبدون في السلطة في مختلف البلاد بعناوين متعددة, ترى نحن إذا ذهبنا يصير عندكم إرهاق, نحن إذا ذهبنا تصير عندكم فتنة, نحن إذا ذهبنا السنة هكذا يفعلون بكم الشيعة هكذا يفعلون بكم, الآن واحدة من الأمور التي وخصوصاً في العراق في البلدان الأخرى في المملكة العربية السعودية وغيرها الآن تجدون علماء البلاط والمؤسسة الدينية هي التي تغطي, أنا بودي أن الأعزة في يوم الأحد خطبة يوم الجمعة للمؤسسة الدينية أو مفتي المملكة السعودية يسمعوها الأعزة يوم الجمعة بالأمس أنا طالعتها, تجد بأنّه تغطية كاملة يحرم الخروج, يحرم التظاهرات يحرم يحرم, واللطيف أنه يخرج مرسوم ملكي لا يجوز انتقاد المؤسسة الدينية, انظروا كيف واحد يغطي للآخر تعرفون أم لا, وهذا الذي أنا مراراً من سنين أحذر منه في العراق أن المؤسسة السياسية تتغطى بالمؤسسة الدينية والمؤسسة الدينية لإخافتها لأن هذه المؤسسة السياسية تأتي وتقول بأنه إذا نحن ذهبنا هكذا يصير وهكذا يصير والمؤسسة الدينية ماذا تفعل؟ تغطي تعطي لها المشروعية, على أي الأحوال ما أريد أن أدخل إلى هذا البحث.

    إلى هنا اتضح لنا بأنه ما هي مراتب الولاية التي يعتقدها الشيخ الأعظم الأنصاري, أولاً: الفتوى, ثانياً: القضاء, ثالثاً: إقامة الحدود, رابعاً: ولاية الإذن, خامساً: هذا الذي بيناه وهو أن الحاكمية في الأمة.

    أحاول هذه الدقائق الباقية ولعله إن شاء الله مقدار من غد, أريد أن أقف ولو إجمالاً عند نظرية السيد الإمام+ لنرى أنّه واقعاً أضاف على هذه الأشياء على هذه الدرجة من الولاية شيء أو لا أنه نفس هذا ما قاله فقهاء الإمامية هو الذي دعى إليه, نعم كانت غائبة عن ثقافة الأمة حاول أن يحييها في ثقافة الأمة, طبعاً الصورة التي حاول الأعداء وبعض المغفلين أن يصوروا أن النظرية كأنها شاذة في فقه الإمامية وأنها شيء لم يقل بها أحد من الفقهاء الإمامية, نحن هذا اليوم سنقرأ هذه العبارات ومن أهم كتاب له, ما أذهب إلى الكتب والرسائل و.. لا لا, أذهب إلى كتاب البيع للسيد الإمام+ الذي يعد من الكتب الاستدلالية لأقف عند هذا المطلب من عباراته لتروا أنه يوجد شيء جديد قاله مضافاً على ما قاله الشيخ الأنصاري أم لا يوجد.

    وادعوا الإخوة الأعزة هذا البحث يطالعونه ثلاثين صفحة ليست كثيرة هذه التي أرجعها إليكم المصادر الأصلية في هذا البحث.

    في (كتاب البيع المجلد الثاني من ص459 تقريباً إلى ص490 أو أكثر) هناك عدة أبحاث أنا أمر عليها مروراً سريعاً حتى ننتهي من البحث.

    أولاً: يقول: >المقدمة الأولى: ضرورة بقاء الإسلام< الإسلام لم يأت حتى يطبق فقط في عهد رسول الله وقدراً من عهد علي وستة أشهر من عهد الإمام الحسن وبعد ذلك يعطل الإسلام, طبعاً قد يوجد فقيه يقول, ولكن أنا لم أرَ فقيهاً يقول بأن الإسلام جاء حتى فقط يطبقه رسول الله ثم عطل إلى أن يأتي صاحب الأمر×, ولذا يقول: >إن الأحكام الإلهية المربوطة بالماليات سياسيات حقوق لم تنسخ بل تبقى إلى يوم القيامة<.

    النقطة الثانية يقول: بأنه لا إشكال ولا شبهة أن إقامة مثل هذه الأمور وحفظ الدولة وحفظ المجتمع الإسلامي وثغوره وسيادته ورفاهيته لا يتحقق إلا بحاكم وإلا ممكن أن يكون الحاكم كافراً ولكنّه يطبق أحكام الإسلام >خصوصاً وان كل ذلك لا يعقل ترك كل ذلك من الحكيم فما هو دليل الإمام بعينه دليل على لزوم الحكومة بعد غيبة صاحبه (عليه أفضل الصلاة والسلام)< وهذا الذي أشرنا إليه فيما سبق قلنا نفس الدليل الذي قال بضرورة أنه إقامة الحكومة كذا هي قائمة في عصر الغيبة أيضاً.

    تعالوا معنا إلى ص466, الإخوة يتذكرون قلنا بأنه الولاية التي نعتقدها للنبي والأئمة فيها بعد وجودي تكويني وفيها بعد تشريعي, هنا يصرح السيد الإمام يقول فيما يتعلق ببعده التكويني خارج عن الموضوع وإنما حديثنا في البعد التشريعي, في ص466 يقول: >فالخلافة لها معنيان أحدهما الخلافة الإلهية التكوينية وهي مختصةٌ بالخلص من أوليائه كالأنبياء والأئمة, وثانيهما: المعنى الاعتباري الجعلي, ومحل الكلام ماذا؟ الأمر الثاني لا الأمر الأول, إذن لا يأتي واحد ويقول كل ما ثبت للإمام ثبت للفقيه الجامع للشرائط أنه إطلاقه يشمل الأمور التكوينية لا, هذا خارج تخصصاً خارجٌ موضوعاً, ثم يشير إلى تلك النكتة يقول: الإمام× عندما يقول بأنه >إن قبلتموني قبلتموني وإلا ألقيت حبلها على غاربها< هذه لم ترتبط بالأمر الأول مرتبطة بالأمر الثاني >وأما مقام الخلافة الكبرى الإلهية فليس هيناً عنده ولا قابلاً للرفض والإهمام وإلقاء الحبل على غاربه كما في الشقشقية< ما أدري واضح هذا المعنى الذي شرحناه مفصلاً, إذن ما هو؟ يقول: نعم هذا الذي ثبت للإمام في الأمور الشرعية >فللفقيه العادل جميع ما للرسول ممّا يرجع إلى الحكومة والسياسية< هذا الذي عبر عنه الشيخ الأنصاري أنه يرجع إلى ماذا؟ يرجع إلى الرئيس والسلطان, نفس العبارات, >ولا يعقل الفرق لأن الوالي أي شخص كان هو مجري أحكام الشريعة مقيم حدود الإلهية آخذ للخراج والمتصرف فيها بما هو صلاح المسلمين فالنبي يفعل كذا الفقيه لابد, فعليه فولاية الفقيه بهذا المعنى ليست أمراً نظرياً يحتاج إلى برهان< أنت هذه المقدمات إذا تضع بعضها إلى بعض واقعاً تصور المقدمات كافي للإيمان بالنتيجة.

    ثم يأتي في ص467 و469 إلى أن يقول: >فيظهر من الرواية أن للعلماء جميع ما له’ إلا أن يدل دليل على إخراجه< نفس عبارة العوائد, نفس عبارة صاحب الجواهر وكذلك عبارة الشيخ الأنصاري.

    ثم يأتي في ص474 و475 لإقامة الدليل ما هو الدليل؟ نفس الأدلة التي استدل بها الشيخ الأعظم من قبيل: >بأنهم حجة عليكم وأنا حجة الله< إلى أن يقول: >أن الواضح من مذهب الإمامية أن كون الإمام حجة الله تعالى عبارةٌ أخرى عن منصبه الإلهي وولايته على الأئمة بجميع شؤون الولاية لا كونه مرجعاً للأحكام فقط< يعني ماذا؟ يعني ولاية الإبلاغ ليس هذا فقط, >وعليه فيستفاد من قوله كذا ومعلومٌ أنّ هذا يرجع< التفتوا إن شاء الله بعد ذلك سنبين هذه من العبارات وهو أن هذه الولاية المعطاة للفقيه انتخابية أم انتصابية؟ يقول: لا هذه انتصابية, >أن هذه يرجع إلى جعل إلهي له× وجعلٍ من قبله للفقهاء< وهذا إن شاء الله بحثه بعد ذلك سيأتي. هذا يقوله في ص أمور متعددة ولكن المهم عندي هذه القضية وهي لعله من أهمها وهي هذه العبارة الأساسية في هذا الباب. في ص488 و489 >فتحصل ممّا مر ثبوت الولاية للفقهاء من قبل المعصومين في جميع ما ثبت لهم الولاية من جهة كونهم سلطاناً أو سلاطين على الأمة< هذه الجهة فقط, أوسع؟ يقول لا لا, هذه الجهة ثبتت لهم, إذا كانوا هم سلاطين على الأمة ما هي الصلاحيات التي أعطيت لهم لإدارة الأمة؟ نفس تلك الصلاحيات لمن انتقلت؟ للفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة, >ولابد في الإخراج عن هذه الكليّة< ولكن أي كلية؟ كلية ما يرتبط بكونهم سلطان في الأمة انظروا نفس تعابير الشيخ الأنصاري, >ولابد في الإخراج عن هذه الكليّة في موردٍ من دلالة دليل دال على اختصاصه بالإمام المعصوم فإن ثبت أنه مختص به فهو خارج بخلاف ما إذا ورد في الأخبار أن الأمر الكذائي للإمام أو يأمر الإمام بكذا وأمثال ذلك فإنه يثبت مثل ذلك للفقهاء العدول بالأدلة المتقدمة<.

    يبقى سؤال أخير وهو: أنه سيدنا ماذا تقول في الأولوية؟ يقول نعم لابد أن نميّز بين الأولوية الفردية وبين غيرها, في الأولوية الفردية, التفتوا السيد الإمام يعتقد أساساً خارج تخصصاً موضوعاً لا أنه خارج بدليل.

    ولذا عبر الشيخ الأعظم الأنصاري >دونه خرق القتاد< انظروا إلى العبارات >ثم إنا أشرنا سابقاً إلى أن ما ثبت للنبي والإمام من جهة ولايته وسلطتنه ثابت للفقيه وأما إذا ثبت لهم عليهم السلام الولاية من غير هذه الناحية< من ناحية السلطنة, >فلو قلنا بأن المعصوم× له الولاية على طلاق زوجة الرجل أو بيع ماله أو أخذه منه ولو لم تقتضي المصلحة العامة< هذا الذي أشار إليه الشيخ الأنصاري >لم يثبت ذلك للفقيه< لو ثبت هذا للإمام فهو ثابت للفقيه أو ليس بثابت؟ غير ثابت, >ولا دلالة للأدلة المتقدمة على ثبوتها له حتى يكون الخروج من ذلك من قبيل التخصيص< أساساً خارجٌ موضوعاً تخصصاً خارج, لا أنه ثابت للفقيه بالأدلة العامة حتى نحتاج إلى إخراجه, أصلاً هذا ليس بثابت.

    طيب بينكم وبين الله هذه الخطوط العامة التي نحن أشرنا إليها في نظرية ولاية الفقيه التي يعتقد بها السيد الإمام دلّني على الفارق الأساسي بينها وبين نظرية الفقيه أو ولاية الفقيه التي قال بها الشيخ الأعظم الأنصاري؟

    وهنا لابد أن أشير في دقيقة أو دقيقتين, أنا أتكلم على مستوى التنظير لولاية الفقيه, لا تقول لي على مستوى الممارسة الخارجية ماذا حدث؟ أنا ما أتكلم, الممارسة الخارجية لها حكمٌ آخر, وإلاّ إذا أردت أن تتكلم معي على الممارسة الخارجية أنقض عليك بألف نقض ونقض, وإلا على مستوى الممارسة الخارجية طيب في زمن رسول الله وفي حكومة رسول الله خالد فعل ما فعل, في حكومة من فعل خالد ما فعل؟ في زمن رسول الله, في زمن رسول الله وفي حياته أولئك الذين انقلبوا -بتعبيرنا المعاصر- انقلبوا على الشريعة الإلهية بعد رسول الله من كانوا؟ جاؤوا من الهند وباكستان أو كانوا الحلقة المختصة برسول الله, يعني من كانوا هؤلاء ألم يكونوا حاشية رسول الله هؤلاء؟ لماذا جعلهم في الحاشية ما أدري الحكمة ما هي؟ ولكن هؤلاء أنفسهم أصلاً استعانوا بهذه الحاشية وكونهم أقرب الناس الحلقة الضيقة برسول الله من كانوا؟ الذين انقلبوا عليه, إذا تأتيني إلى الممارسة الخارجية فهذه هي الممارسة الخارجية لماذا؟ لا أعلم الحكمة, المهم بحسب الواقع الخارجي {أفإن مات أو قتل انقلبتم} هؤلاء الذين انقلبوا من كانوا؟ جاؤوا من مدغشقر؟ كانوا أقرب الناس في حياته, أصلاً كانوا في غرفته التي توفي فيها غرفته لم تتجاوز أصلاً ستة أمتار سبعة لا أعلم بالضبط حكم الغرفة التي توفي فيها’ ورحل إلى الرفيق الأعلى, الذين كانوا حاضرين على رأسه حين الوفاة عندما دعاهم إلى أن يأتوه بدواة وقلم أن يكتب لهم كتاباً, هؤلاء كانوا جالسين يعني من هؤلاء خواص أم عوام؟ خواص رسول الله, لماذا لم يبعدهم هذه الممارسة الخارجية, ما هي الحكمة؟ لا أعلم, وهكذا على مستوى ممارسة الإمام أمير المؤمنين أنتم انظروا إلى ولاة أمير المؤمنين أنظروا من يوجد في ولاة أمير المؤمنين وانظروا رسائل في نهج البلاغة كم من ولاته قد ذكر أنهم سرقوا وفعلوا وفعلوا .. هؤلاء كانوا من؟ كانوا ولاة رسول الله, وأما على مستوى الإمام الحسن فحدث ماذا؟ هو من أراد أن يسلّمه إلى معاوية؟ قادة جيشه أرادوا أن يسلموه.

    إذن أعزائي أنا الآن أتكلم على مستوى النظرية, لا يأتيني شخص بعد ذلك ويقول لي سيدنا صحيح هكذا يقول ولكن انظر ماذا يفعل فلان وفلان, أبداً أنا لا علاقة لي بالممارسة, الممارسة لها حكمها الخاص بها. تأتي إن شاء الله.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2015/11/23
    • مرات التنزيل : 1402

  • جديد المرئيات