نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (31)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في رواية عمر بن حنظلة هذه الرواية من الروايات الأساسية سواء قلنا بأنها تثبت جعل الولاية للقضاة أو تثبت جعل الولاية للولاة, بالنحو الذي تقدم بيانه في الأبحاث السابقة.

    ولكنه كما يتذكر الأعزة قلنا بأن أصحاب المنهج السندي صاروا بصدد تصحيح سند الرواية, فعلى مباني سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+ هذه الرواية وإن كانت تامة دلالة يعني لو تم سندها فهي تجعل الولاية للقضاة, مع أنكم إذا يتذكر الأعزة في (المستند, ج2) قال: [لم تثبت لنا الولاية للقضاة فضلاً عن غيرهم] لماذا؟ باعتبار أنه لم يصحح سند رواية عمر بن حنظلة, يرى أن هذه الرواية وإن كانت من حيث الدلالة تامة إلا أنها من حيث السند ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها.

    هذا المعنى أشار إليه في (مباني تكملة المنهاج) طبعاً هذه المباني في جزئين, وأهمية هذا الكتاب الواقع في جزئين هو أنه بقلمه الشريف+ ليست تقريرات يعني هو كتب هذين الجزئين لا أنه قررت من أبحاثه, من هنا تأتي أهمية مباني تكملة المنهاج هذا أولاً.

    وثانياً: أن هذا الكتاب مكتوب في أخريات حياته العلمية+, إذن إذا وقع التعارض بين ما ذكره هنا في (مباني التكملة) وما وقع في التنقيح أو المستند أو غير فالمقدم ما أورده في (مباني تكملة المنهاج) ولذا أنصح الأعزة أن يقرؤوا هذا الكتاب بدقة وجدية لأنه الكتاب مكتوب بعبارة دقيقة متنقة وجداً مضغوطة على خلاف ما هو مكتوب في التنقيح وغير التنقيح الذي مكتوب بعبارات موسعة, على أي الأحوال.

    في (مباني تكملة المنهاج, ج1, ص7) قال: [وقد يستدل على نصب القاضي ابتداءً] منصوب من قبل الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) فكما يوجد عندنا ولاية الإفتاء يوجد عندنا ولاية القضاء المنصوب من قبل الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام). يقول: [بمقبولة عمر بن حنظلة قال: >سألت أبا عبد الله..<] إلى أن يأتي يقول: [فالنتيجة أن الرواية تامة من حيث الدلالة] من حيث الدلالة الرواية تامة دالة على نصب القاضي أو على ولاية القضاء [من حيث الدلالة على نصب القاضي ابتداء] إلا أن المشكلة أين [إلا أنها قاصرة من ناحية السند فإن عمر بن حنظلة لم يثبت توثيقه] وهذا كافٍ أن نسقط كل ما ورد من روايات عمر بن حنظلة التي أشرنا حدود سبعين في البحث السابق.

    [وما ورد من الرواية في توثيقه] لأنه قرأنا رواية أنه ورد عن الإمام الصادق إذن لا يكذب علينا قال: [وما ورد من الرواية في توثيقه لم يثبت] لماذا هذا التوثيق [فإن راويه يزيد بن خليفة] ولم تثبت وثاقة يزيد بن خليفة, إلا على مبنى أنه نقل عنه روى عنه صفوان بن يحيى أحد الثلاثة الذين لا يروون إلا عن ثقة, فإن بنيتم على ذلك المبنى وهو أنهم لا يروون إلا عن ثقة إذن لا فقط هذه الرواية تحيى ويمكن الاعتماد عليها بل يمكن الاعتماد على كل روايات عمر بن حنظلة وإلا فكل روايات عمر بن حنظلة تكون ساقطة عن الاعتبار.

    هذا هو المنهج السندي.

    إذن, لو بنينا نحن على المنهج السندي فعلى مبنى السيد الخوئي هذه الرواية وأمثال هذه الرواية التي في سندها عمر بن حنظلة ساقطة عن الاعتبار, نعم على مبنى من يقول أن هؤلاء الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة, فالرواية معتبرة.

    هذا من حيث السند أو المنهج السندي.

    أما المنهج المتبع عندنا, المنهج المتبع عندنا ذكرنا مراراً نحن لا نبني على أن المدار أن السند صحيح أو ليس بصحيح, وإنما نجمع القرائن ليحصل لنا الوثوق والاطمئنان أن الرواية صدرت أم لم تصدر. أرجع وأقول نجمع القرائن على أن الرواية صادرة عن النبي والأئمة أو ليست صادرة. ما هي القرائن التي تثبت في المقام أن الرواية صادرة عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    أعزائي القرائن في اعتقادي كثيرة ولكن أنا ألخصها حتى لا يطيل البحث.

    القرينة الأولى: وهي القرينة أن السند معتبر على بعض المباني, اعتبار السند ليس هو الملاك التام ولكنه قرينة من القرائن أن الرواية صادرة أو ليست صادرة؟ فرق كبير بين أن يكون سند الرواية صحيحاً أو سند الرواية مجهولاً أو ضعيفاً, فإذا كان صحيحاً ومعتبراً هذه قرينة تدل على ولو عشرة في المائة خمسة في المائة خمسة عشر في المائة هذا بحسب قوة السند وضعفه, إذا كان في السند أولئك الأكابر أمثال زرارة أمثال يونس أمثال هذه الطبقة, فبطبيعة الحال أن السند في بعض الأحيان حتى لو كان خبر واحد يحصل للإنسان اطمئنان فما بالك إذا توفرت قرائن أخرى. هذه القرينة الأولى.

    القرينة الثانية: هو نقل المشايخ الثلاثة لهذه الرواية, يعني أن الكليني والصدوق والطوسي كلهم نقلوا هذه الرواية, فإذا ضممنا إلى نقلهم الشهادات التي شهدوها في مقدمة كتبهم وأنهم لا ينقلون إلا الصحيح الآثار الصحيحة الآثار المعتبرة التي هي حجة بينهم وبين الله, التفتوا جيداً, نحن لا نقول أن هذا هو الملاك, هذه هي القرينة الثانية, هو الملاك التام لقبول الرواية, لا, قد نختلف معهم ولكنه تُعد قرينة من القرائن على أن هذه الرواية صادرة أعلام ثلاثة يشهدون أن هذه الرواية صدرت عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) مع أنه هم في كتبهم الرجالية لم يوثقوا عمر بن حنظلة, فلو كان مدارهم على سند الرواية كان المفروض ينقلوا هذه الرواية أو لم ينقلونها؟ لم ينقلونها, مع أنهم نقلوها في كتبهم, إذن يكشف عن أنه كانت توجد عندهم قرائن, صحيح أن عمر بن حنظلة على سبيل المثال مجهول الحال لم يوثق ولكن هناك قرائن دلّت عندهم على أن الرواية صادرة, التفتوا جيداً.

    إذن هذه الرواية وهي رواية القضاء أو رواية >جعلته عليكم حاكماً أو قاضيا< هذه الرواية تختلف عن باقي روايات عمر بن حنظلة, لأنه باقي الروايات لعله المشايخ الثلاثة لم ينقلوا تلك الروايات ولكن حديثنا نحن في هذه الرواية التي نريد الاستناد إليها.

    إذن القرينة الثانية هي نقل المشايخ الثلاثة لهذا النص.

    القرينة الثالثة: هو اعتبار الأصحاب وقبول الأصحاب لهذه الرواية, ولهذا اشتهرت هذه الرواية بخصوص هذه الرواية سميت (مقبولة عمر بن حنظلة) لم يسموا روايات أخرى لعمر بن حنظلة بأنها مقبولة تسمية الأصحاب لخصوص هذه الرواية بأنها مقبولة هذه قرينة ثالثة لإثبات صدور هذه الرواية. التفتوا جيداً هذا هو المنهج الذي نعتمده.

    ولذا لكي يتضح في مورد نقبل رواية عمر بن حنظلة في مورد لا نقبل رواية عمر بن حنظلة تقولون في النتيجة ما الفرق عمر بن حنظلة إما ثقة أو غير ثقة؟ الجواب: نقول لا, البحث ليس في أنه ثقة أو ليس بثقة, وإنما في المورد الذي نقبل هناك قرائن على القبول وفي المورد الذي لا نقبل لا توجد قرائن على القبول.

    هذه أيضاً القرينة الثالثة.

    القرينة الرابعة: وهي من أقوى القرائن على ذلك هو أننا عندما نعرضها على القرآن نجد أن المضمون كامل الانسجام مع الآيات القرآنية, الرواية إذا يتذكر الإمام >قال: عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو القضاة أيحل ذلك؟ فقال: من تحاكم إلى الطاغوت فحكم له فإنما يأخذ سحتاً وإن كان حقه ثابتا< عجيب ما هو الهدف؟ حقي أأخذه, يقول لا, أساساً نريد أن نقطع الارتباط بينك وبين الطاغوت, حتى في إثبات حقوقك, إلا للعناوين الثانوية مضطر لا طريق له, ذاك بحث آخر, الآن نتكلم في العناوين الأولية.

    قال: >لأنه أخذ بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به, قلت كيف يصنعان؟ قال: أنظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا<.

    تعالوا معنا إلى القرآن الكريم {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} مطلقة هذه {لا تركنوا إلى الذين ظلموا} لا أنه لا تركنوا إلى الذين ظلموا لإثبات باطل, لا, لا تركنوا إلى الذين ظلموا مطلقا لإثبات حق أو باطل. {ومن لم يحكم بما أمر الله} هم الظالمون هم الكافرون هم الفاسقون.. .

    إذن هذه مجموعة القرائن تثبت لنا بما لا مجال للشك فيه أن هذه الرواية صادرة عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    وهذا هو المنهج وهو الذي عبرنا عنه والذي اصطلح عليه علمائنا المتأخرون بحجية الخبر الموثوق به لا حجية خبر الثقة. وهذا هو المنهج العام الذي نتبعه في كل الروايات. سواء كانت هذه الروايات روايات عقائدية أو كانت روايات أخلاقية أو كانت روايات تأريخية أو كانت روايات مرتبطة بالأحكام الشرعية أو روايات مرتبطة بأي بعد آخر نطبق عليها هذه القاعدة وهي: أننا نعرضها على كتاب الله ثم نجد أنه توجد قرائن من السند من نقل الأصحاب من قبول الأصحاب من نقل كلمات القوم شواهد.

    مضافاً إلى أنه إذا وجدنا شواهد في كلمات العامة أيضاً يعني روايات الآخرين حتى نحصل الإجماع إجماع المسلمين عليه هذه أيضاً من أقوى القرائن لصدور النص, لأنه >لا تجتمع أمتي على خطأ< ورد روايات صحيحة قراناها فيما سبق في هذا المجال.

    إذن أتصور, اتضح أنه نحن على أساس نقبل الرواية وعلى أي أساس نرفض الرواية, فلعل رواية بحسب مباني السيد الخوئي ضعيفة السند ولكن هناك مجموعة من القرائن دالة على صدورها, نقبل الرواية وإن كانت ضعيفة السند, ولعل رواية صحيحة السند على مباني السيد الخوئي ومن تابعه ولكن هناك قرائن تدل على عدم الصدور كمخالفتها للكتاب كوجود قرائن معارضة وغيرها نرمي بها عرض الجدار ولو كانت صحيحة السند.

    إذن الفارق كبير جداً بين المنهج المختار عندنا وبين المنهج الذي يقوم عليه الأساس أو المنهج السندي.

    هذان اتجاهان لابد للأعزة في مقدمة الدخول في الأبحاث أن يعين منهجه أن يعين اتجاهه يبني على الاتجاه السندي أو يبني على الاتجاه المضموني, لأنه ما لم يتعين يبقى يتخبط أنه مرة يكون بهذا الاتجاه ومرة يكون بذاك الاتجاه.

    إذن, من حيث السند الرواية بالنسبة إلينا معتبرة من حيث السند بل لا علاقة لنا بالسند السند قرينة من القرائن من حيث الصدور الرواية صادرة عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    هذا تمام الكلام في التعارض, قلنا بأنه أساساً المنهج السندي مبتلى بإشكاليات كثيرة, نحن فقط الآن نبين أثر المنهجين هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه وواقعاً هذا البحث ليس موضعه هنا, هذا البحث موضعه في مكان آخر في علم الرجال ولكن باعتبار أنه في الحوزات العلمية ليس متعارف دراسة علم الرجال بالمعنى التحقيقي ولذا نحن اضطررنا أن نقرأه بهذه الطريقة.

    إذن إلى هنا اتضح لنا أن الرواية صادرة بحسب منهجنا لا أنه الرواية فقط صحيحة السند, على مبنى السيد الصدر الرواية صحيحة السند ولكن هذا لا يكفي أن تكون صحيحة السند لابد أن يثبت صدور الرواية وعدم صدور الرواية.

    تعالوا معنا إلى المقام الثاني من البحث وهو المقام المهم وهو دلالة الرواية.

    هذه الرواية من الروايات المهمة في المقام, ولذا كل أولئك الذين استندوا إلى نظرية ولاية الفقيه أو قالوا بولاية الفقيه العامة والمطلقة استندوا إلى روايتين بالخصوص.

    الرواية الأولى وهي رواية: >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< هذه الرواية الأولى.

    الرواية الثانية: هي هذه الرواية وهي رواية مقبولة عمر بن حنظلة.

    من هنا لابد, فيما يتعلق بالرواية الأولى نحن وقفنا عندها سابقاً, الرواية الأولى وقفنا عندها سابقاً مفصلاً ولذا لا ندخل لا في البحث السندي ولا في البحث الدلالي, طبعاً يكون في علم الأعزة السيد الخوئي لا يقبل تلك الرواية لا سنداً ولا دلالة.

    هذه الرواية الأولى.

    أما الرواية الثانية:

    من الواضح أن الميرزا وغير الميرزا وجملة من الأعلام قبلوا هذه الرواية, نعم السيد الخوئي لم يقبل هذه الرواية, تعالوا معنا إلى مضمون هذه الرواية, لا أقل أن السيد الخوئي قبل أن الرواية دلالة على ولاية القضاء, إذا يتذكر الأعزة قبل قليل ماذا قال في (مباني تكملة المنهاج) قال: [وفي النتيجة أن الرواية تامة من حيث الدلالة] ولكنه على أي شيء تامة؟ تامة على نصب الولاية للقضاة أو تامة على نصب الولاية للولاة؟ ومن الواضح أنه الثاني أوسع من الأول بمراتب, بل الأول يكون من شؤون الثاني, إذا ثبتت أن الرواية وضعت الولاية جعلت الولاية للولاة فمن شؤون الولاة أن ينصبوا القضاة وهذا ما أوضحناه فيما سبق.

    أعزائي يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الاول: يقول بأن هذه الرواية القدر المتيقن منها أنها تنصب وتجعل الولاية للفقهاء في منصب القضاة ليس أكثر من ذلك, كما قلت وهذا ما قبله حتى السيد الخوئي, من حيث الدلالة لا يوجد عنده إشكال, فإذا تم السند عند ذلك لا مجال للبحث في ذلك. إنما الكلام كل الكلام هو أن هذه الرواية, طبعاً هذا المعنى أشار إليه واختاره أيضاً المحقق الأصفهاني, المحقق الأصفهاني في (حاشيته على كتاب المكاسب) هناك يوجد عنده بحث مفصل في (طبعة: أنوار الهدى, بتحقيق: الشيخ عباس محمد القطيفي, ج2, ص387) يقول: [والتحاكم هو الترافع إلى القاضي, وقوله >فإذا حكم بحكمنا< أي قضى إلى غير ذلك من الشواهد, لا الحاكم بمعنى الوالي والرئيس] هذه إشارة إلى الاتجاه الثاني في الرواية, يقول المراد فإذا حكم بحكمنا ليس المراد بالحكم يعني الولي وإنما المراد منه القاضي [إلا أنه جملة من الأمور المحتاج إليها].

    السؤال المطروح هنا: الذين قبلوا الاتجاه الأول ماذا؟ أن هذه الرواية دالة على ولاية الفقيه في باب القضاء, هل له ولاية في خصوص أن يقضي أو له الولاية في القضاء وتنفيذ ما قضى به أي منهما؟ قلنا: فرق كبير بين أن يقول أن الحق لزيد على عمر ولكن جئنا إلى عمر قلنا له ادفع قال ما أدفع, فهل للقاضي ولاية على أن يأخذ مال عمر مال زيد من عمر ويسلمه لزيد أو ليس له هذه الصلاحية, وهذا هو البُعد التنفيذي البعد التطبيقي البعد الانفاذي, هل يستطيع أن يولي على الصغير قيماً فيقوم بأموره أو لا يستطيع فقط يحكم أي منهما؟ مرة يحكم يقول حكمت بأن هذا الصغير وليه فلان جعلته, ولكن تطبيقاً هل يستطيع أو لا يستطيع؟ يجب عليه أو لا يجب عليه؟ التفتوا جيداً.

    هنا الميرزا النائيني+ يقول ليس فقط القضاء بل القضاء ولوازم القضاء, إذا يتذكر الأعزة في (تقريرات الآملي) بأنه قال: [فلا إشكال في ذلك راجعة .. وأما وظيفة القضاة فعبارة عن قطع الخصومات] أن يحكم [وحبس الممتنع وجبره على أداء ما عليه, والحجر عليه في التصرف في أمواله إذا كان دينه مستغرقاً ومباشرة بيع أمواله إذا امتنع هو بنفسه عن بيعها ونحو ذلك مما هو من شؤون القضاء] ليس داخل في القضاء ولكنه من الأمور المترتبة على القضاء.

    هذا المعنى المحقق الأصفهاني أيضاً يوافق عليه يقول نعم صحيح أن القضاء شيء وتطبيق الحكم الذي قضى به القاضي شيء آخر ولكن هذا من لوازمه ومن فروعه, ماذا تفهمون من هذا؟ نفهم من هذا أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فقط نصبوا الفقهاء قضاة ليقضوا أو قالوا لهم شكلوا دولة في بطن الدولة الظالمة أي منهما؟ أنت كيف تستطيع أن تحبس الممتنع, كيف تستطيع أن تأخذ المال أن تبيع المال؟ لو لم يكن عندك جهاز يقوم بهذا العمل, وإلا كيف تستطيع ذلك, يعني: وظيفة الفقيه في عصر الغيبة حتى لو لم نقل بولاية الفقيه العامة وظيفته ما هي؟ أن يقضي بين الناس, طيب فيمن يرجع إليه ومن لم يرجع إليه لا نستطيع أن نجربه, من رجع إليه لا فقط يقضي بينهما بل ماذا؟ بل يطبق القضاء, هذه وظيفته كما وضعها الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام), ولذا هذا تعبير النائيني.

    تعبير الأصفهاني, يقول: [إلا أن جملة من الأمور المحتاج إليها من حفظ مال الغائب والقاصرين وتولي أمورهم بنصب القيم لهم من لوازم المنصوب قاضيا وإن كان أجنبياً عن حيثية القضاء] يعني لو نظرنا إلى الحكم وإلى التنفيذ أحدهما غير الآخر ولكن هذه من اللوازم العرفية التي لا تنفك عنه, لا يكفي على الفقيه أن يحكم وأن يقضي بل لابد أن ينفذ القضاء [وإن كان أجنبياً عن حيثية القضاوة كما هو المرسوم في الحكومات الإسلامية من كون التصدي لأمثال هذه الأمور من شؤون القاضي فجعله قاضياً يستلزم الولاية على هذه اللوازم أيضا] جعله قاضياً ليس البعد النظري فقط, لا البعد التشريعي فقط, البعد التشريعي والبعد التنفيذي والتطبيق.

    الآن عندك أنت سلطة تشريعية وعندك سلطة تنفيذية القاضي فقط سلطة تشريعية الفقيه في باب القضاء فقط سلطة تشريعية أو أعم من التشريعية والتنفيذية أي منهما؟ النائيني يقول أنه أعم, الأصفهاني يقول أنه أعم, وايضا بعض تلامذة سيدنا الأستاذ السيد الخوئي وهو في كتابه (الحاكمية في الإسلام) مراراً ذكرنا من الكتب الجيدة الأخوة يطالعوا هذا الكتاب (الحاكمية في الإسلام, تأليف سماحة آية الله السيد محمد مهدي الخلخالي) الذي هو من مبرزي تلامذة السيد الخوئي, هناك في الكتاب (ص610) يقول: [لقد حصر بعض العلماء مفاد هذا الحديث بولاية القضاء] يعني البعد التشريعي فقط القضاء [ونفوا أي نوع آخر من الولايات من مفهوم هذا الحديث] قالوا فقط وظيفته ماذا حكمت قضيت أما ينفذ عنده مسؤولية أو ما عنده مسؤولية؟ يقول لا مسؤولية, يقول: [لكن التفكيك بين ولاية القضاء والولاية على شؤونها وإن كان ممكنا لكن هذا الحديث إنما جاء لأن يستغني الشيعة عن الحكّام والقضاة] طيب إذا فقط حكم ولا يوجد مطبّق لها فلابد أن يرجع إلى من مرة أخرى؟ إلى الظالم حتى يطبق, طيب ما الفائدة يلزم نقض الغرض, إذا قلنا بأنه جاء إلى يونس بن عبد الرحمن إلى زرارة وقال له اقضي لي وهو أيضاً قال له الحق معه وذهب إلى طرفه قال له اعطني قال لا ما أعطيك, أين لابد أن يذهب؟ يذهب إما إلى السلطان وإما إلى القاضي الظالم, طيب من أول الأمر ارجعه وانتهت القضية ما الفرق بينهما وهذه نكتة لطيفة يشير إليها, يقول أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) صاروا بصدد أن يغنوا شيعتهم من الرجوع إلى الحكّام والظلمة والقضاة فإذا قلنا فقط يقضي بلا تطبيق فيلزم نقض الغرض بتعبيره, يقول: [لكن حيث أن نصب قضاة الشيعة كان بهدف الاستغناء عن قضاة العامة فإن الإنصاف يقضي بأن يكون قضاة الشيعة يتمتعون بجميع الولايات المذكورة حتى يتحقق الاستغناء الكامل وإلا بقي الشيعة حيارى في الموارد المذكورة لا يعلمون إلى من يرجعون ليعين قيم لأيتامهم مثلاً أو ليأخذ حقهم بعد أن قضى وهذه الويلا وإن كان أمكن إثباتها إلا أنها كذا وكذا..] جيد.

    إذن أعزائي, الاتجاه الأول أنت ومبناك لأنه بعد ذلك سنشير إلى القرائن الدالة على هذا الاتجاه والدالة على الاتجاه الثاني.

    إذن الاتجاه الأول يقول أن هذه الرواية جعلت أعطت الولاية للفقهاء في عصر الغيبة في باب القضاء ولوازم القضاء وشؤون القضاء, هذا هو الاتجاه الأول.

    الاتجاه الثاني: وهو الذي يعتقد لا, أن هذه الرواية لا فقط صارت بصدد إعطاء الولاية للفقيه في باب القضاء بل هي بصدد إعطاء الولاية للفقيه في باب الولاة لا في باب القضاء, وفي باب القضاة يعني الولاية العامة وبتعبير الميرزا النائيني [الولاية التي ترتبط بتدبير الملك والسياسية وجباية الخراج والزكوات وصرفها في المصالح العامة من تجهيز الجيوش وإعطاء حقوق ذو الحقوق..] إلى آخره, هذا هو الاتجاه الثاني في فهم هذه الرواية.

    فإذا استفدنا من هذه الرواية أنها بصدد جعل الولاية لا للفقيه في باب القضاء بل الولاية في باب ولاية الولاة عند ذلك نستفيد الولاية العامة للفقيه.

    السؤال: أن الميرزا النائيني هل يرى أنه من الأول جعل الولاية للقضاة أو من الثاني جعل الولاية للولاة وهذا ما يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/01/26
    • مرات التنزيل : 2239

  • جديد المرئيات