نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (33)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    قلنا بأن الميرزا النائيني في تقريره الثاني أيضاً بين أن ولاية الفقيه يمكن أن تكون عامة بالاستناد إلى مقبولة عمر بن حنظلة, طبعاً كما قلنا في (منية الطالب, ج2, ص231) يأتي إلى (ص232) يقول: [إنما الإشكال في ثبوت الولاية العامة وأظهر مصاديقها سد الثغور ونظم البلاد والجهاد والدفاع .. إلى أن يقول: وهنا مصاديق مشكوكة في أنها من منصب القاضي أو الوالي] التفتوا جيداً.

    هذه الجملة من الميرزا يقول: وقع الكلام في كلمات جملة من الأعلام أنّ هناك بعض المصاديق هل هي من صلاحيات ولاية القاضي أو أنها من صلاحيات ولاية الوالي؟ ثم يقول: نحن إن قلنا بأن الولاية ثابتة للفقيه كولاية الوالي إذن هذا البحث لا ثمرة فيه, لماذا؟ لأنه سواء كانت هذه المصاديق داخلة تحت ولاية القاضي أو ولاية الوالي فهي مشمولة لولاية الفقيه, وهذه قضية مهمة بالنسبة إليكم, لأنه قد واحد من الأعزة يقول أنا لا أقبل ولاية الفقيه كصلاحية ولاية الوالي. نعم, أقبلها كصلاحيات ولاية القاضي, إذن لابد أن يحقق في هذه المصاديق, إن كانت من مصاديق ولاية القاضي فداخلة أيضاً هذه الأمور. أما إن قلنا أنها من صلاحيات ولاية الوالي هذه الأمور لا تدخل. هذا على المبنى الذي تختاره.

    يقول: [هناك مصاديق مشكوكة في أنها من منصب القاضي أو الوالي] مثل ماذا؟ [كإجراء الحدود وأخذ الزكاة وإقامة الجمعة], يقول: هذه من الموارد التي وقع الكلام فيها أن إقامة الحدود من صلاحيات ولاية الوالي أو من صلاحيات ولاية القاضي, فإن صار مبناكم أن الفقيه له صلاحيات ولاية الوالي إذن هذا البحث لا ثمرة له.

    ولذا يقول: [ولإثبات دخولها في أي واحدٍ من المنصبين محل آخر] يعني: كل في بابه, [والمهم إثبات الكبرى] أن الفقيه له ولاية الوالي أم ولاية القاضي؟ [وهي ثبوت الولاية العامة للفقيه في عصر الغيبة فإنها لو ثبتت بالأدلة المعتبرة فالبحث عن الصغرى لغوٌ] عند ذلك لا نبحث لماذا؟ باعتبار أنه سواء كانت من هذه أو من تلك, نحن قلنا بالولاية العامة, [لأنها على أي حال من وظيفة الفقيه] هذه نقطة التي كان بودي أن يلتفت إليها.

    إذن إذا وجدتم فقيهاً يقول بأنه لا يجوز إقامة الحدود في عصر الغيبة هذا باعتبار أنه عنده إقامة الحدود من ولاية الوالي أما إذا قال شخص إقامة الحدود من ولاية القاضي أيضاً يجب إقامته. إذن هذا الذي تجدوه أن الشيخ الأنصاري شكك في بعض المصاديق قال بأنه التولية على الصغير, نصب القيم على الصغير, أو إقامة الحدود أو غير ذلك, هذه من باب الإشكال في الصغرى وليس الإشكال في الكبرى, هذا أولاً.

    طبعاً كما قلنا بالأمس الميرزا+ بعد أن يذكر الوجوه التي ذكرها القوم يقول: [نعم لا بأس بالتمسك بمقبولة ابن حنظلة فإن صدرها ظاهرٌ في ذلك, حيث أن السائل جعل القاضي مقابلاً للسلطان والإمام قرره على ذلك, فقال سألت أبا عبد الله, بل يدل عليها ذيلها أيضاً قال ..] إلى آخره.

    تبقى نكتة واحدة في (منية الطالب) في (ص234, ج2) يقول: [وأما التوقيع الشريف] يعني >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا< [وأما التوقيع الشريف فغاية تقريبه للمدعى ما أفاده في المتن من الوجوه التي منها] هذا تقريرٌ من الميرزا أن الشيخ الأعظم كان يريد أن يستدل بالتوقيع على إثبات الولاية العامة, هو يناقش ولكن يقول الشيخ أقام وجوهاً لإثبات الولاية العامة.

    إذن دعوى أن الشيخ لا يؤمن بالولاية العامة كلامٌ يخالفه هذا الذي فهمه الميرزا النائيني. يقول: [فغاية تقريبه للمدعى ما أفاده في المتن] من أفاده؟ أفاده الشيخ الأنصاري, باعتبار أن هذه تعليقات وشرح لمكاسب الشيخ الأنصاري [من الوجوه: منها, ومنها..] إلا أنه يقول: [ولا يخفى ما في هذه الوجوه من المناقشة ..] كل تلك المناقشات التي ذكرها السيد الخوئي ذكرها الميرزا هنا في (منية الطالب).

    هذا تمام الكلام فيما يتعلق بهذه أو بنظرية الميرزا النائيني في هذا المجال. طبعاً حتى تتضح الأمانة العلمية أيضاً, هناك جملة موجودة في حاشية (منية الطالب) في (ص237) الحاشية بهذا العنوان [منه عفي عنه] الآن هذا منه من من؟ يعني من الميرزا النائيني؟ طيب إذا كانت من الميرزا فمن البعيد جداً أن يعبر عنه [عفي عنه] لأن هذه التعابير عادةً لا تستعمل لمثل هؤلاء الأعلام. الآن مقصوده من المقرر؟ لا أعلم واقعاً, لأنه في الحاشية بعد أن يقول بأن هذه الوظائف ليست من شأن القاضي, يقول: [ولا يخفى أن المقبولة أيضاً ليست ظاهرة في المدعى] طيب كل كلام الميزرا أن المقبولة ظاهرة في المدعى بالتقريرين, أما هنا يقول: [ولا يخفى] أن المقبولة أيضاً ليست ظاهرة].

    في اعتقادي: بقرينة [عفي عنه] هذه من المقرر, وليست من الماتن وليست من الميرزا النائيني.

    فهذه تابعة للاستظهار الموجود, وإلا متن ما ورد في التقرير الأول للآملي والتقرير الثاني للخوانساري, ظاهر في أن الميرزا قائل بالولاية العامة للفقيه.

    تعالوا معنا إلى بحث آخر مستقل عن هذا البحث, وهو: ما هي القرائن التي يمكن استفادة العموم منها؟ لأنه قلنا: يوجد اتجاهان في فهم هذه الرواية وهي رواية معتبرة –  كما بينّا- خلافاً لما ذكره سيدنا الأستاذ الخوئي, هذه الرواية المعتبرة واقعاً هل هي مختصة أو بصدد جعل الولاية للقاضي أو بصدد جعل الولاية للوالي؟ ما هي القرائن التي يمكن الاستناد إليها لإفادة أنّه جعلت الولاية للوالي لا للقاضي, القدر المتيقن أنها جعلت الولاية للقاضي, وهذا ما قبله أيضاً سيدنا الأستاذ السيد الخوئي, قال ولكن الرواية ضعيفة السند. فإذا أحد جعل الرواية صحيحة السند معتبرة إذن لا يوجد عنده بحث بهذا القدر, القدر المتيقن: أن الولاية القاضي مجعولة من قبل الأئمة, لا القضاء بما هو قضاء بل القضاء بلوازمه وشؤونه بالمعنى الذي بينا.

    أما القرائن:

    القرينة الأولى: الرواية كما تتذكرون قراناها مراراً للأعزة, التي استفاد منها الأعلام أنها تشير إلى ولاية القضاء ولا يمكن أن تكون الرواية بصدد ولاية الوالي والقضاة, الرواية قالت: >عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دينٍ أو ميراث<. ومن الواضح أن التنازع والتخاصم مورده أين؟ باب القضاء وليس باب الولاة, والحاكم والسلطان. هذه هي القرينة الأولى التي ذكروها لاستفادة الاختصاص, فهل هذا تام أم لا؟

    الجواب, وهنا أنصح الأعزة مراراً ذكرت الآن أيضاً أؤكد, أعزائي: النظرة التجزيئية أولاً, والتلقي الذي يعيشه الإنسان ضمن ظروفه الثقافية والبيئية ثانياً, تؤدي إلى مثل هذه المسائل, نحن الآن عندما نأتي إلى ثقافتنا في الحوزة العلمية بمجرد أن نسمع فقه وفقيه أين يتبادر الذهن؟ يتبادر الذهن إلى الفقه الأصغر, ولا يتبادر ذهن أحد عندما نقول فقيه يعني متكلم, يعني متخصص في العقائد, لماذا؟ والأعلام أيضاً أسسوا أصلاً قالوا: والتبادر علامة الحقيقة, إذن الفقه كلما جاء في الآيات والروايات يراد منه الفقه الأصغر يعني باب الحلال والحرام باب الأحكام, نفس هذه المشكلة موجودة هنا, بمجرد أن الأعلام سمعوا منازعة وتنازع ذهب ذهنهم إلى باب القضاء, قالوا إذن هذه قرينة على أن الرواية مرتبطة بباب القضاء وليست أوسع من ذلك.

    ولكن هذه الرؤية التجزيئية أو الرؤية الموضوعة –  إن صح التعبير- إذا رجعتم فيها إلى القرآن الكريم تجدون لا, ليس الأمر كذلك, نفس الفقه, تعالوا معنا إلى القرآن الكريم, في القرآن الكريم عندنا آية 59 من سورة النساء, قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

    سؤال: إطاعة الله وإطاعة الرسول وإطاعة أولي الأمر هل هي مختصة بباب القضاء أم هي أوسع من ذلك, أي منهما؟ لا أتصور أن أحداً يستطيع أن يدعي أن وجوب الطاعة مختص بباب القضاء, لماذا؟ لأن فيها أولي الأمر, ومن الواضح أن عنوان أولي الأمر مرتبط بالقاضي أم مرتبط بالوالي؟ من الواضح أنها مرتبطة بالوالي لا بالقاضي. التفتوا جيداً: {فإن تنازعتم في شيء} هذا التنازع في ماذا؟ في باب القضاء؟!

    إذن القرآن الكريم, استعمل النزاع والتنازع مختصاً بباب القضاء أو أعم من ذلك؟! خصوصاً الآية ماذا قالت؟ قالت: {فإن تنازعتم في شيء} والشيء هل مختص بباب القضاء أو هو أوسع من ذلك؟ سيدنا ما هو المراد من الأوسعية؟

    الأوسعية يمكن أن تتصور على الأنحاء التالية:

    المورد الأول: في الشبهة الحكمية, يعني فإن تنازعتم في حكم من الأحكام الشرعية, يعني: أنه هذا الإنسان يجب عليه يحرم عليه أو لا يجب ولا يحرم, أصلاً يرث –  خصوصاً نريد أن نطبقها على المورد- أساساً بينهما منازعة في دينٍ أو ميراثٍ أريد أن أطبقها, مرة أن التنازع في الميراث أن فلان يرث أو لا يرث, هذه شبهة ماذا؟ شبهة حكمية, من الذي لابد أن يقول فيها رأياً؟ القاضي أم المفتي في الشبهات الحكمية؟ هذه وظيفة الجهة التشريعية, جهة المفتي جهة الفقيه حتى يفتي, يقول هذا المورد فيه ميراث هذا المورد لا ميراث فيه, هذا المورد فيه دين هذا المورد لا دين فيه, عبروا عنها بالشبهة الحكمية أو من شؤون الفتوى والسلطة التشريعية.

    الآن, افترضوا أن الرسالة العملية مكتوب فيها أن فلان الجهة ترث أو عليه الدين, ولكن وقع النزاع بين زيد وعمر أنه هل هو موضوع لهذا الميراث أو ليس موضوعاً؟ فالشبهة تكون شبهة موضوعية, وباب القضاء لحل الشبهات الموضوعية لا لحل الشبهات الفتوائية. النزاع والتنازع كلاهما في باب القضاء كلاهما الفتوى واضحة ولكنه لا يعلم هل هو من مصاديقها أو ليس من مصاديقها؟

    إذن, وقع بينهما منازع في ميراث, قد تتصور المنازعة في الشبهة الحكمية, وقد تتصور المنازعة في الشبهة الموضوعية, وظيفة من في الشبهة الموضوعية؟ باب القضاء السلطة القضائية, القاضي, القاضي بالمعنى المصطلح.

    الأمر الثالث: وقد يقع التنازع لا في الشبهة الحكمية ولا في الشبهة الموضوعية, يعني زيدٌ يعلم أنه مدينٌ ويقر على نفسه ولكنه يريد أن لا يدفع, لأي سبب من الأسباب, الآن إما غصباً, إما عدم وجود قدرة على الدفع, إما لأي سببٍ لا يريد أن يدفع والدائن يطالبه, طيب ماذا يفعل؟ هو يذهب إلى بيته ويأخذه ويسجنه حتى يدفع أو لابد أن يرفع أمره إلى القانون إلى الجهات المختصة, وبتعبيرنا: إلى الوالي لا إلى القاضي, لأن القاضي إنما يحكم من الذي ينفذ الحكم؟ الجهات التنفيذية وليست الجهات القضائية.

    إذن الحق معلوم, الفتوى معلومة الحق معلوم, ولكنه هذا الإنسان لا يريد أن يدفع, إذن, التنازع يمكن تصويره بنحوٍ في الشبهة الحكمية, وبنحوٍ في الشبهة الموضوعية, وبنحوٍ في مسألة التنفيذ والإنفاذ والتطبيق لا شبهة حكمية ولا موضوعية.

    سؤال: كان بينهما منازعة هذه أي منازعة؟ هذا التبادر, هذه البيئة الفقهية مباشرة عندما سمع منازعة ذهنه أين ذهب؟ ذهب إلى القضاء, مع أنه أي قرينة لا توجد أن المراد من المنازعة باب القضاء, أين توجد القرينة؟ >بينهما منازعة في دينٍ أو ميراث< أي منازعة؟

    تعالوا معنا لنذهب إلى اللغة, لنذهب إلى الآيات, لنذهب إلى الروايات, لنرى بأنه هل يوجد هناك اصطلاحٌ شرعي في المنازعة حتى بمجرد أن قيل توجد حقيقة شرعية يعني باب القضاء, هل هناك تبادر لغوي, هل هناك تبادر عرفي, هل هناك استعمال قرآني وروائي مختص حتى نقول أن الرواية مختصة بباب القضاء, هذا من أين؟

    ولذا, وعندنا شاهد على عكس ذلك أن المنازعة أعم, ما هو الشاهد؟ أنظروا إلى التفريع قال: >فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة< إذا كانت منازعة مرتبطة بباب القضاء لماذا يراجع السلطان؟  لماذا يراجع الوالي, الوالي ليست وظيفته أن يقضي, الوالي وظيفته أن يأخذ حقه.

    نعم, قد عندما يراجع, ولهذا التفتوا جيداً, إذا أنتم تنظرون إلى الرواية, الرواية تقول: >أيحل له ذلك< يعني أن يراجع إلى الوالي السلطان أو القاضي؟ >فقال: من تحاكم إلى الطاغوت< عجيب, إذا الرواية مرتبطة بباب القضاء لماذا يقول >تحاكما إلى الطاغوت< الطاغوت مختصٌ بباب القضاء أو أعم من القضاء والولاة أي منهما؟

    والشاهد على ما نقول: أن الإمام× في رواية أخرى أيضاً التي واردة في (أصول الكافي, ج1, ص168, رقم الرواية 202) بعبارة أخرى: (الطبعات القديمة: ج1, ص67) قال: >من تحاكم إليهم في حقٍ أو باطلٍ فإنما تحاكم إلى الطاغوت, وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به, قال الله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت}< يتحاكموا أعزائي, يعني: يتقاضوا إلى الطاغوت أو أعم؟ أنظروا كل المفسرين ماذا يقولون أن المراد من الآية المباركة؟ المراد منها: الولاة أو المراد منها القضاة, أنظروا ماذا يقولون؟ الإمام يستشهد بهذه الآية, المرتبطة بالقاضي أو بالوالي, مرتبطة بالوالي لا بالقاضي, إذن لماذا نجعلها مختصة بباب القضاء.

    ولذا في اعتقادي: جملة من الأعلام عندما جاؤوا إلى ذلك, وبعضهم تلامذة السيد الخوئي+, كما أشرنا بالأمس منهم: السيد مهدي الخلخالي, من تلامذته المعروفين, هناك في كتابه (الحاكمية في الإسلام, ص611) بعد أن ينقل الرواية يقول: [مصطلح المنازعة الذي ورد في السؤال المذكور يعم المنازعة في الحق بلحاظ الشبهة الحكمية أو الشبهة الموضوعية أو النزاع في استنقاذ الحق القطعي المعلوم] يعني مرتبط بالتنفيذ, لا مرتبط لا بالشبهة الحكمية التي هي الفتوى, ولا بالشبهة الموضوعية التي هي القضاء, بل هي مرتبطة –  بتعبيرنا الحديث- بالسلطة التنفيذية.

    أساساً نوسع القضية: سؤال: لو وقع تنازع بين اثنين أصلاً في أمر مباح قال هذا أنا أريد أن أفعل وذاك قال أنا لا أريد, هذا يريد أن يأخذ وذاك أيضاً يريد أن يأخذ, أساساً في المباحات العامة يريدون أن يستفيدوا, وتنازعا اثنان, افترضوا على سبيل المثال حتى تتضح المسألة: >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< افترضوا نريد أن نطبق هذا الأصل وشركتان جاءت ووقع التنازع جهة تريد الجهة ألف تريد أن تحيي هذه المنطقة والجهة باء أيضاً تريد ماذا؟ وكلٌ يدعي أنه أنا السابق إلى هذا المكان, من يحل النزاع؟ أين يرجعون؟ هذه لا مرتبطة لا بباب القضاء ولا بباب الفتوى ولا بأي شيء مرتبط, من يحل التنازع؟

    ولذا السيد الخلخالي يوسع دائرة رابعة من التنازع, يقول: [بل ويشمل أيضاً النزاعات والاختلافات الواقعة في آراء المجتمع ووجهات نظرهم التي هي أيضاً نوع من أنواع النزاع, فحصر النزاع في باب القضاء بأي قرينة, بل القرائن على خلافها].

    ولذا تتذكرون بالأمس الميرزا النائيني قال إذن ماذا تقولون في مورد الرواية, قال: مورد الرواية وإن كان خاصاً إلا أن المورد لا يخصص الوارد, افترضوا أن مورد الرواية, طبعاً مما بيناه لم يتضح أن مورد الرواية أيضاً خاص لأن الرواية لم تبين لنا أن النزاع في الدين أو الميراث كان في الشبهة الموضوعية أبداً, الآن لو سلمنا أنها في الشبهة الموضوعية فلماذا ينبغي أن نخصص وأنتم قلتم أن المورد لا يخصص الوارد, خصوصاً إذا كانت القرائن على خلاف ذلك؟

    ولذا السيد الإمام+ في (كتاب البيع) عندما يأتي إلى هذه القضية في (ج2, ص477) يقول: [كما لا شبهة في أن مطلق المنازعات داخلة فيه] لا خصوص المنازعات المرتبطة بباب القضاء [سواء كانت في الاختلاف في ثبوت شيء ولا ثبوته] يعني الشبهة الحكمية [أو التنازع الحاصل في سلب حق معلومٍ من شخصٍ أو أشخاص, أو التنازع الحاصل بين طائفتين المنجر إلى قتلٍ وغيره, الذي كان المرجع بحسب النوع فيها هو الوالي لا القاضي, سيما بملاحظة] التفتوا جيداً هذه النكتة التي أشرنا إليها, يقول: [سيما بملاحظة ما ذكره عقيب وجوب إطاعة الرسول وأولي الأمر] لأن القضية مرتبطة بأولي الأمر {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}. وهنا أيضاً الرواية على القاعدة تريد أن تقول بأنه أي منازعة أيها المؤمنون, أي منازعة وقعت بينكم ترجعون إلى الطاغوت أو ترجعون إلى الله والرسول وأولي الأمر أي منهما؟ واضحة, والله أوضح من الشمس في رابعة النهار. تقول لماذا إذن هؤلاء الأعلام؟

    الجواب: هذه الذهنية التجزيئية تؤدي إلى مثل هذه الأمور. هذه الذهنية المقطعية والتأثر بالأجواء تؤدي إلى مثل هذا الأمور.

    إذن, واقعاً هذه الأبحاث إنما أطرحها لفتح الأفق, عندما وجدت بأنه هنا تنازع لا تقول مورد الرواية دين وكذا, اذهب إلى مرادفاتها إلى الآيات إلى الروايات الأخرى أنظروا ماذا يستعمل التنازع, وعلى أساسه >هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله< بتعبير الإمام الصادق أو الباقر, >هذا وأشباهه يعرف من كتاب الله< هذه القاعدة طبقوها.

    لذا يأتي السيد الإمام+ في (ص478) [إن قوله منازعة في دين أو ميراث لا شبهة في شموله للنزاعات التي تقع بين الناس فيما يرجع فيه إلى القضاة كدعوى أن فلان مديون وإنكار الطرف, ودعوى أنه وارث ونحو ذلك, هذا ممكن, وفيما يرجع فيه إلى الولاة والأمراء كالتنازع الحاصل بينهما لأجل عدم أداء دينه أو إرثه بعد معلوميته] يعني مرتبط بالسلطة التنفيذية.

    خصوصاً أن الرواية ماذا قالت؟ >فتحاكما إلى السلطان أو القاضي< أصلاً الرواية واضحة تشير إلى هذه القضية.

    إذن, القرينة الأولى التي حاول البعض أن يقول هي قرينة الاختصاص بباب القضاء, إن لم نقل أنها لا تدل على الاختصاص فهي أدل على عدم الاختصاص. هذه هي القرينة الأولى.

    القرينة الثانية: وهي أن الرواية بشكل واضح وصريح ماذا قالت؟ قالت: >أنظروا من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما<, >ارضوا به حكما< قد يقول بأنه هذا مرتبط بباب القضاء ولا محذور, ولكن الكلام في التعليل الوارد من الإمام, التعليل وأنتم قرأتم في محله أن العلة قد تضيق وقد توسع, هذه >فإني قد جعلته عليكم حاكما< التفتوا, ما هو المراد من الحاكم؟ هل المراد من الحاكم يعني القاضي؟ واقعاً من يدعي الاختصاص, مع أنه كان بالإمكان للإمام أن يقول إني جعلته عليكم قاضيا, كما عندنا معتبرة أبي خديجة >جعلته عليكم قاضيا< طيب لماذا هنا يقول حاكما؟

    إذن لابد أن نقف على هذا الاستعمال والآن بودي أن الأعزة في هذه الليلة يراجعون هذه المفردة, >الحكم<, >الحاكم<, >بحكمنا<, >تحاكموا< انظروا لغة, استعمالاً, كلمات المفسرين, الروايات, واقعاً أن الحاكم مرادف للقاضي أو أنه ليس مرادف له, فإذا ثبت الترادف عند ذلك نقول هذه قرينة على الاختصاص, أما إذا لم يثبت الترادف بل الحاكم كان أوسع من القاضي, وخصوصاً أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول: >فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا الراد على الله<. هذه قضية جدُ خطيرة على هذا الأساس.

    وهذه هي القرينة الثانية التي سنقف عندها.

    ثم ننتقل إن شاء الله إلى القرينة الثالثة لو سلمنا أن الرواية جعلته عليكم قاضيا, فهل أيضاً تدل على الاختصاص أو لا تدل؟ يعني: نتنزل أن المراد من الحاكم يعني القاضي, فهل القضاء قرآنياً وروائياً مختص بالسلطة القضائية أو أنه أوسع من ذلك.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/01/31
    • مرات التنزيل : 1499

  • جديد المرئيات