نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (34)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    و به نستعين

    و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

    إذا يتذكر الأعزة كان البحث في معتبرة عمر بن حنظلة, أو كما يعبر عنها المشهور مقبولة عمر بن حنظلة.

    قلنا: بأنه لا كلام بين الأعلام أن الرواية جعلت الولاية بالحد الأدنى وهي ولاية القضاة هذا القدر حتى سيدنا الأستاذ السيد الخوئي وافق عليه قال أن الرواية دالة على ذلك إلا أنه غير تامة سنداً, وقد صححناها سنداً فيما سبق بمختلف الطرق سواء على المنهج السندي أو على منهج جمع القرائن, كما بينا سابقاً.

    هذه الرواية هل هي مختصةٌ بجعل الولاية للقاضي أم أنها أوسع من ذلك جعلت الولاية للوالي, يعني: كل تلك الصلاحيات الثابتة للوالي في أي بلدٍ من البلدان الإمام في هذه الرواية بصدد جعل تلك الولاية.

    أما القائلون بالاختصاص فقد استدلوا بصدر هذه الرواية, وهي قوله: >بينهما منازعة< قالوا أن التنازع لا يكون إلا في باب القضاء.

    ونحن أجبنا عن هذه القرينة قلنا: أولاً: أن التنازع لا يختص بباب القضاء, وذلك لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} كما قرأنا في الآية 59 من سورة النساء, قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} ومن الواضح بقرينة صدر الآية المباركة أن الإطاعة ليست في باب القضاء, بقرينة {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ومن الواضح أن اصطلاح أولي الأمر لا يختص بباب القضاء بل هو أوسع من ذلك.

    مضافاً إلى قوله: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} وقلنا: أن هذا التنازع أعم من الفتوى والقضاء واستنقاذ الحق, يعني السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية, وهذا ما وقفنا عنده في البحث السابق, هذا أولاً.

    وثانياً: حتى لو فرضنا وتنزلنا أن التنازع يختص بباب القضاء يأتي جواب المحقق النائيني أن المورد لا يخصص الوارد.

    إذن, هذه القرينة التي استند إليها القائلون بالاختصاص مردودة, أولاً: لعدم تماميتها, وعلى فرض تماميتها فإن المورد لا يخصص الوارد.

    أما القرينة الثانية التي نستند إليها في التعميم:

    القرينة الثانية: الرواية قالت: >فإني قد جعلته عليكم حاكما< وهذه قضية أعزائي سيالة في موارد كثيرة, وهو: أن اصطلاح أو لفظ حكم حاكم حكّام تحاكموا يحكم جعلته حاكماً ما هو المراد من الحاكم, هل المراد من الحاكم يعني القاضي, عند ذلك لا يمكن الاستدلال بها لجعل الولاية بالنسبة إلى الولاة, وإنما تختص بولاية القضاة, >جعلته حاكما< أي: جعلته قاضيا. إذن, هذه تكون مؤيدة للقرينة السابقة التي استدل بها أهل الاختصاص بباب القضاء.

    من هنا, وهذا أشرت إليه سابقاً وأذكر الأعزة, وهو أنه لابد أن تختلف النظرة أو الرؤية, مرةً: نقول نحن وهذه الرواية, واقعاً هذه الرواية لا أقل يمكن أن يقول قائل أنها مجملة لا نعلم أن الحاكم فيها بمعنى القاضي أو أن الحاكم فيها بمعنى الوالي, أي منهما؟ >جعلته حاكما< يعني جعلته والياً, جعلته أميراً, جعلته عليكم من أولي الأمر أو جعلته قاضياً يرجع إليه في باب القضاء. هذه النظرة التجزيئية التي عبرنا عنها.

    وأخرى لا, لابد أن نرجع إلى الآيات إلى الروايات لنرى أن القرآن والرواية عندما استعملت الحكم الحاكم لتحكم بين الناس, يعني لتقضي بين الناس, مثلاً: أنظروا إلى هذه الآية المباركة في سورة ص الآية 26, قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس} ما معنى {فاحكم بين الناس} يعني فاقضي بين الناس؟ أو {فأحكم} كن أميراً والياً سلطان عبروا ما تشاؤون, أو قوله تعالى في الآية التي قبلها: {إن الله} الآية 58 من سورة النساء, {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس} ما معنى حكمتم بين الناس؟ يعني: قضيتم بين الناس؟ فاحكموا بالعدل بين الناس {أن تحكموا بالعدل} يعني أن الشارع أن الآية قالت: أنه القضاء لابد أن يكون بالعدل, أما الولاية وإدارة شؤون الناس لا تكون بالعدل؟!

    إذن القضية سيالة في الآيات وفي الروايات, ومنها هذه الرواية التي هي رواية معتبرة بالبيان الذي تقدم, >فإني قد جعلته عليكم حاكما, فإذا حكم< يعني ماذا يعني فإذا قضا؟ >فإذا حكم بحكمنا< يعني إذا قضا بالذي يعرفه منّا >فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله<.

    إذن هذه القضية من القضايا السيالة وواقعاً من القضايا المشكلة أيضاً في الآيات والروايات, ولذا تحتاج إلى استقراء واسع لكل الآيات ولكل الروايات.

    بنحو الإجمال حتى لا نطيل: عندما نرجع إلى الآيات والروايات نجد أن الآيات والروايات استعملت الحاكم, والحكم, بالقضاء تارةً وبأوسع منها والولاية العامة تارة أخرى, كلاهما وارد, على سبيل المثال: تعالوا معنا إلى الآية 188 من سورة البقرة, قال تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكّام} إلى من الحكّام من يعني؟ يعني إلى السلاطين إلى الأمراء إلى الرؤساء أو إلى القضاة أي منهما؟ هنا في ذيل هذه الآية المباركة توجد رواية وهي: الواردة في (وسائل الشيعة, ج27, ص15, رقم الرواية 9, من الباب الأول من أبواب صفات القاضي 33087) الرواية: >سأله ما تفسير قوله: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} فكتب بخطه الحكّام القضاة<. جيد. ولعل قرائن الآية أيضاً لعلها تشير لأنها تقول: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم} طيب يعني من خلال القضاء.

    وآيات وروايات لعله أخرى بالاستقراء يتضح أنه استعمل ولو بشهادة ومؤيدات الروايات استعمل الحاكم والحكّام وأريد منه القاضي والقضاة, واقعاً هذه رسالة ماجستير الأعزة الذين يبحثون عن رسالة, هذه من أهم الرسائل الماجستير, أساساً هذه الاستعمالات القرآنية واللغوية والعرفية في الحاكم والحكّام وتحاكموا وحكمَ وحاكم, هذه ما هو المراد منها؟ هذا الاستعمال الأول.

    الاستعمال الثاني: وهو استعمالٌ يراد من الحكّام يعني الولاة, يعني: الملوك, يعني: الرؤساء يعني من يدير البلد الآن سمه ما تشاء, سمه ملكاً, سمه حاكماً, سمه والياً, سمه سلطاناً, سمه أميراً سمه أولي الأمر سمه ما تشاء, القرآن سماه أولي الأمر, وسماه حكّام, أين هذه؟ طبعاً الآن الكلمات كثيرة جداً, ولكن أنا أحاول أن أقتطف منها بعض الشواهد.

    من الشواهد: ما ورد في (خطبة أمير المؤمنين, المعروفة بخطبة القاصعة, نسخة محمد عبده, ص323) وهي من الخطب الكبيرة والمهمة التي هي الخطبة رقم 191, يقول: [وهي تتضمن ذم إبليس على استكباره ..] إلى أن يأتي تقريباً في الصفحة الأخيرة أو الصفحتين الأخيرة من الخطبة, يقول: [حتى إذا رأى الله جد الصبر منهم على الأذى في محبته والاحتمال للمكروه من خوفه, جعل لهم من مضايق البلاء فرجا, فأبدلهم العزة مكان الذل, والأمن مكان الخوف, فصاروا ملوكاً حكّاما]. إذن ما هو المراد من الحكّام؟ القضاة, لا لا جداً أوسع, ولاية الملك جداً أوسع من شؤون الملك ولاية القاضي, [فصاروا ملوكاً حكّاما وأئمةً أعلاما] هذا المورد الأول.

    المورد الثاني: في (خطبة من خطب نهج البلاغة, محمد عبده, ص352) التي هي من الخطب القيمة: [وقد سأله سائل عن أحاديث البدع, وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر, فقال عليه السلام: وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس] التفتوا جيداً هذا النص من أهم نصوص نهج البلاغة واقعاً. يقول: الروايات الواردة بأيديكم من زمان رسول الله لا زمان الإمام الباقر والصادق, يقول الذين جاؤوا بالحديث أربعة: [رجلٌ منافقٌ مظهرٌ للإيمان, ورجلٌ سمع من رسول الله لم يحفظه على وجهه فوهم فيه, ورجلٌ ثالث سمع من رسول الله شيئاً يأمر به ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم, وآخر رابعٌ لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغضٌ للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه] وهذا هو فقط الحق وإلا الباقي الثلاثة ماذا؟

    الآن بينكم وبين الله إن شاء الله في بحث تعارض الأدلة سيتضح لماذا إذن لابد أن تعرض أحاديث رسول الله على القرآن الكريم, وإلا كيف نميز بين المنافق وبين وبين…, المهم في المورد الأول. يقول: [رجل منافق مظهر للإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج يكذب على رسول الله’ متعمداً] وهذا ما ذكر مراراً على المنبر رسول الله’ قال: >كثرة الكذابة عليّ< [فلو علم الناس أنه منافقٌ كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدقوا قوله ولكنهم قالوا] ما هي المشكلة؟ [قالوا صاحب رسول الله] هذه المشكلة التي نحن الآن عندنا نعيشها وستعيشها الأمة إلى أن يظهر الإمام, اطمأنوا هذه القضايا لم ننتهي منها, وهي: أن هؤلاء أصحاب رسول الله, يعني يعقل هؤلاء يكذبون على رسول الله, هذا العنوان عنوان الصحبة التي أعطت لهم العصمة, بل أعطت لهم الضمان للدخول إلى الجنة, على أي الأحوال.

    قال: [ولكنهم قالوا صاحب رسول الله, رآه وسمع منه ولقف منه فيأخذون بقوله وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك, ثم بقوا بعده عليه وآله السلام فتقربوا إلى أئمة الضلالة] هؤلاء الذين يبحثوا أنه أين في نهج البلاغة أمير المؤمنين ذم أبا بكر وعمر وعثمان؟ هذا حديث واضح أنه يعبر عنهم ماذا لا أنهم ضلال, بل هم أئمة الضلال, قال: [فتقربوا إلى أئمة الضلالة] يا ليت فقط أئمة ضلالة, لأن الضلال قد يكون عن قصور, فما يستحق نار جهنم, إذا كان عن تقصير يستحق, إذا كان الجهل قصوري وإن كان مشتبه ولكن يحاسب أو لا يحاسب؟ لا يحاسب, ولكن التفتوا إلى الجملة اللاحقة, قال: [والدعاة إلى النار بالزور والبهتان] {جعلناهم أئمة يدعون إلى النار} الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يطبقه على الذين جاؤوا بعده. قال: [فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان فولوهم الأعمال] هؤلاء المنافقين صاروا ولاة الأمر, [وجعلوهم حكّام على رقاب الناس] هنا حكّاماً يعني جعلوهم قضاة؟ يراد من الحكّام القاضي هنا؟ طيب من الواضح يقول [فولوهم] هذه ولاة الأمر, هذا كان والي على المحافظة والي على المدينة والي على دمشق كما حدث, هذا هو المورد الثاني التي هي الخطبة رقم (209).

    المورد الثالث: وهو ما ورد في (البحار, ج1, ص183) روايات كثيرة, ولكن أنا كما قلت أذكر لكم شواهد منه, وهي (كتاب العلم, رقم الحديث 92) قال الصادق: >الملوك حكّام على الناس والعلماء حكّام على الملوك<. ماذا تفهم من هذه الجملة >العلماء حكّام< يعني وظيفة العالم أن يكون حاكماً, لا أنه والله إذا دعوك فبها وإلا فاجلس في بيتك, لا لا, وظيفة العالم أن يكون حاكماً على الملوك, هذه من وظائف العالم, يقول ما أكدر, طيب انتهت القضية. >الملوك حكّام على الناس, والعلماء حكّام على الملوك<. هذا أيضاً مورد.

    مورد آخر: في (البحار, ج52, ص372) بعبارة أخرى: (في تاريخ الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام) باب سيره وأخلاقه, رقم الحديث 164, ينقل الرواية عن كتاب الاختصاص) الرواية: قال: قال أبو عبد الله (عليه أفضل الصلاة والسلام): يكون شيعتنا في دولته (عليه أفضل الصلاة والسلام) سنام الأرض وحكّامها< يعني قضاتها؟ طيب من الواضح لا يراد من الحكّام هنا القضاة, وإنما يراد الولاة. هذا مورد.

    والمورد الأخير: وهو ما ورد في (إعلام الورى لأعلام الهدى, للطبرسي, من أعلام القرن السادس, ص146) الآن أنا ما أدري الطبعات التي توجد بيد الأخوة ولكن هذه في (الباب الخامس في ذكر أزواج رسول الله’) هناك يقول: >الحمد لله< هذه الخطبة التي خطبها أبو طالب عندما أراد أن يزوجه خديجة, في نكاحه فقال: >الحمد لله الذي جعلنا من ذرع -أو زرع- إبراهيم وذرية إسماعيل, وجعل لنا بيتاً محجوجاً وأنزل حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شيء وجعلنا الحكّام على الناس< حكّام يعني قضاة؟ طيب القضاء في ذلك الوقت لا معنى للقضاة أصلاً.

    إذن إذا كنّا نحن والشواهد فبعض الشواهد تقول أن المراد من الحاكم والحكّام يعني القضاة, وبعض الشواهد أو الاستعمالات قولوا يراد من الحاكم والحكّام الولاة.

    سؤال: بعد أن اتضح ذلك: هذه الرواية التي نحن بصددها >قد جعلته عليكم حاكما< طبعاً القاعدة واضحة, كيف نشخص أن المراد من الحاكم يعني القاضي أو الوالي؟ الجواب: من خلال القرائن, لا يوجد عندنا طريق آخر, لأنه بحسب الاستعمال الحاكم استعمل في القاضي واستعمل في الوالي, في القضاة وفي الولاة, بماذا نعين؟ نعين من القرائن, لا يوجد عندنا طريق آخر, وهذه قاعدة عامة, لا هنا. إذن لا يذهب أحد ومع الأسف الشديد في كلمات الأعلام الذين قالوا أن الرواية, التفتوا جيداً, أنا لم أجد هذا البحث الذي الآن أطرحه طرحه الأعلام, الذين قالوا أن الرواية تريد الولاة ذهبوا إلى الشواهد الدالة على الولاة, والذين قالوا أن الرواية تريد القضاة ذهبوا إلى الشواهد التي استعملت الحاكم في القاضي.

    السؤال: وهو أنه: الحاكم والحكّام كما استعمل في القضاة استعمل في الولاة, هنا كيف نشخص أن المراد القضاة أو الولاة؟

    إذن لابد من القرائن.

    في عقيدتي أفضل قرينةٍ يمكن الاستناد إليها لا من الخارج من الداخل من داخل الرواية, أفضل قرينةٍ يمكن الاستناد إليها هي أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) طبق أو جعل المورد من مصاديق هذه الآية المباركة, وهي قوله تعالى, الرواية التفتوا قال: >فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة –  بعض النسخ- أو إلى القضاة< بعضها أو وبعضها و, >أيحل ذلك, قال: من تحاكم إليهم في حقٍ أو باطلٍ فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقاً ثابتاً له, لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به}<. أين القرينة؟

    القرينة: أن الإمام طبق آية الرجوع إلى هؤلاء الرجوع إلى من؟ إلى الطاغوت, لنرى الآن أن الروايات طبقت عنوان الطاغوت على القاضي أو على الوالي أي منهما؟ الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) جعل المورد من مصاديق التحاكم إلى الطاغوت, تعالوا معنا لنرى بأن الطاغوت استعمالاً هل يراد به القاضي أو يراد به الوالي؟ فإن ثبت أن المراد من التحاكم إلى الطاغوت يعني إلى الوالي, إذن الإمام يطبقه على القضاة أو على الولاة؟ يطبقها على الولاة لا على القضاة. جيد.

    على هذا الأساس تعالوا معنا إلى محل الكلام, في رواية الكافي, يعني في (روضة الكافي) هناك رواية صحيحة السند, ج15, دار الحديث, وج8, ص295, وج15, ص666, ورقم الرواية 15267, بحسب دار الحديث, ورقم الرواية 452, بحسب ترقيم الروضة) الرواية: >عنه عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد, عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن أبي بصير< والرواية من حيث السند صحيحة معتبرة لا يوجد فيها خللٌ سندي حتى أنه يشكل عليها سنداً >عن أبي عبد الله (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: كل رايةٍ ترفع قبل قيامه< وتعلمون اللفظة الموجودة هنا, لأنه تلك اللفظة الموجودة باعتبار توجد شبهة الوجوب ما ذكرت تلك اللفظة يجب القيام لها, فلهذا أنا لا أشير لها >كل رايةٍ ترفع قبل قيامه فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عزّ وجلّ<.

    سؤال: هذه الراية التي ترفع قبل قيامه راية قضاء هذه أو راية حكم؟ هل يستطيع أحد أن يقول أن المراد من هذه الراية يعني ينصب نفسه للقضاء مثلاً, يوجد عاقل, أنظروا كل الشروح كل الكلمات, هذه من الروايات التي استدل بها المنكرون لجواز إقامة الدولة الإسلامية في عصر الغيبة هذه الرواية, توجد روايات كثيرة, ولكن من أهم الروايات هذه الرواية لأنها صحيحة السند بحسب الموازين السندية. >كل راية ترفع قبل قيامه# فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عزّ وجلّ<.

    الآن لماذا سمي طاغوت؟ قالوا: باعتبار أنه تعديه جداً كثير, تعدٍ كثير, تعلمون من أوزان المبالغة هذه, الآن فقط جملة معترضة, الآن كل راية واضح أعم من أن تكون راية حق أو راية باطل, ولكنه القائلون بجواز إقامة بل ضرورة إقامة الدولة والسعي لها في عصر الغيبة استندوا إلى روايات أخرى قالوا لا, بينت لا مطلق الراية وإنما راية الضلال.

    ولذا في (نفس الباب, ج8, ص297) قال: >ومن راية ضلال فصاحبها طاغوت< رقم الرواية (456) تلك رقم الرواية (452).

    الآن المهم, هذه الرواية تبين لنا, أعم من أن تكون مطلق الراية أو خصوص راية الضلال أن المراد بالطاغوت يعني القاضي أو الوالي؟ طيب من الواضح أنها يراد بها الوالي وليس القاضي. هذا أولاً, هذا بحسب الروايات.

    وثانياً: أعزائي, أنتم تعالوا إلى الآيات التي قبل هذه الآية, لأن هذه الآية هي الآية 60 من سورة النساء, قال الآية 58 و59 و 60, هذه الآية 60 من سورة النساء, تعالوا إلى الآية 58 و59, قال: {إن الله إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}.

    إذن هذه الحكومة مرتبطة بأي دائرة؟ بدائرة القضاة أو أوسع من ذلك؟ وإذا حكمتم بين الناس تختص بالقضاة أو أوسع من ذلك؟ واضحة بقوله: {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} ثم قالت الآية {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} إذن الآيات التي سبقتها ماذا تدل؟ المراد من الحاكم أي حاكم القاضي أو الوالي؟

    إذن فتحصل إلى هنا: أن الحاكم في مقبولة أو صحيحة معتبرة عمر بن حنظلة >جعلته حاكما< يعني والياً, بأي قرينة؟ بقرينة أن الإمام طبّق المورد أو جعله من مصاديق {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ} والمراد من الطاغوت لا يقول أحد أن المراد من الطاغوت يعني: القاضي, وإنما الوالي.

    تتمة الكلام تأتي في غد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/02/01
    • مرات التنزيل : 1548

  • جديد المرئيات