نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية ولاية الفقيه (39)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صلي علي محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    كان الكلام في الدليل الاجتماعي لإثبات ولاية الفقیه في عصر الغيبة الكبرى، وقلنا بأنه لكي يتضح مفاد هذا الدليل لابدّ من الإشارة ولو من باب المقدمة وإن كانت هذه المقدمة هي في نفسها مهمة وتعد مفتاحاً من مفاتيح عملية الاستنباط، وأن الفقيه إذا لم يلتفت إلى ذلك سوف يقع في مطبات وسوف يقع في الخروج عن الصراط المستقيم كما نعتقد يعني هذا فهمنا أعزائي لا يتبادر إلى الذهن أن ما نقوله هو الحق المطلق الذي لا مجال للمناقشة فيه وما يقوله الآخرون هو الباطل المطلق، لا هذه نظرات اجتهادية صادرة من أناس سواء أنا أو غيري، صادرة من أناس يصيبون ويخطئون، هذا نظر وذاك نظر آخر، ولا قدسية لأحد، هذه قاعدة لابدّ أن تحفظوها، لا للعمائم الكبيرة ولا للعمائم الصغيرة، ولا لللحى البيضاء ولا للسوداء، هذه لا علاقة لها وإنّما الحكمة ضالة المؤمن، هذا هو المقصود ولذا لا ينبغي أن فلان قال وفلان قال واجماع موجود، وأهل الخبرة يقولون والشهرة بين علماء الإمامية، هذه كلها لو كان الأمر كذلك لتوقف العلم من زمان بعيد جداً مع أنّه لم يتوقف اعزائي، واقعاً من هنا افتحوا لي قوس أنا أنصح الأعزة أنّه يراجعون تأريخ المدارس الفقهية والأصولية والكلامية والفلسفية والعرفانية عند الشيعة أنا لا أتكلم عن الآخرين ليروا بأنه لم يتوقف العلم يوماً من الأيام، مدرسة الكلام في قم كانت شيء ثم تغيرت بعد قرن ثم تغيرت بعد قرنين ثلاثة ثم… على أي الأحوال، قلنا بأنه هذا الأصل وهو القراءة الاجتماعية للمعارف الدينية وخصوصاً عملية الاستنباط الفقهي، قلنا بأنه هذه القراءة لكي نقيم الدليل عليها لابدّ من الإشارة إلى مقدمتين المقدمة الأولى أن الدين إنّما جاء لتنظيم حياة الإنسان بما يسعده ويهيئ له السعادة في الدنيا بما ينسجم مع السعادة الأبدية والكمال الأخروي، هذا هو الدين، أساساً فلسفة الدين ومجيئه في حياة الإنسان هو هذا، لماذا يحتاج الإنسان إلى الدين؟ الجواب: لينظم حياته تنظيماً يوصله إلى سعادته الدنيوية بما ينسجم مع سعادته الأخروية، وهذا أوضحناه بالأمس بشكلٍ واضح وصريح، المقدمة الثانية: أن الإنسان هل ينحصر في البعد الفردي أم كما أن له أبعاد فردية له أبعاد اجتماعية؟ الجواب: أنا أتصور بأن القضية من الواضحات في علم الاجتماع، وواضح في علم الاجتماع أن الإنسان ليس له بعد فردي فقط، وإنّما له بعد فردي وبعد اجتماعي، نعم وقع الاختلاف في علم الاجتماع هل أن الإنسان عندما نقول له بعدٌ اجتماعي وهو يحتاج إلى أن يجتمع مع غيره ويشكل المجتمع هسه سواء كان المجتمع صغير أو كبير هل أن هذه الحاجة (حاجة إلى الاجتماع، حاجة إلى أن يتعاون مع الآخر) هل أن هذا أمر نابع من ذاته ومن فطرته وحاجة فطرية في الإنسان كما في النظريّة المعروفة على الألسن وهو أن الإنسان مدنيّ يعني يبحث عن التمدن وعن المدنية وعن الاجتماع والتعاون مع الآخرين، مدني بطبعه يعني أن هناك أمور داخلية تدفعه إلى أن يجتمع مع الآخر بغض النظر عن أنّه محتاج إلى الآخر أو مستغن عن الآخر، لا، كما يحتاج إلى الغذاء كما يحتاج إلى الماء والمسكن و… يحتاج إلى الآخر هذا الآخر الإنساني ليتعاون معه، وهذه هي النظريّة المعروفة أن الإنسان مدني بالطبع، يعني بطبعه يعني توجهه إلى الاجتماع مع الآخر هذا أمر داخلي وليس أمرا مفروضا عليه من الخارج، هذه نظريّة. النظريّة الثانية وهي النظريّة التي تقول: لا، إن الإنسان ليس مدنياً بالطبع وإنّما هو مدني بالتطبع وهو إنّما حاجته أدت به إلى أن يجتمع مع الآخر، بعبارة أخرى أن الأمور الخارجيّة إضطرّته إلى أن يجتمع مع الآخر وأن يتعاون مع الآخر وإلّا لو لم تكن تلك العوامل الخارجيّة كان يريد أن يكون اجتماعياً أو لا يريد، بعبارة أخرى هذه النظريّة تقول هو فردي بالطبع، يريد الفرد، يريد الانفراد، وإنّما اضطر إلى الاجتماع وإلى أن يكون مدني لأنّه وجد أنّه لا يستطيع أن يؤمن كل احتياجاته إلا مع التعاون مع الآخر، وإلّا لو لم تكن هذه الحاجات لما اضطر إلى… ولذا هو اجتماعي بالاضطرار، ما الذي اضطره إلى ذلك؟ عوامل خارجيّة، احتياجاته، فهو لا يستطيع أن يؤمن كل احتياجاته إلّا من خلال التعاون مع الآخر ومن هنا بناء على هذه النظريّة كل ما ازدادت احتياجات الإنسان، كلما احتاج إلى أن يتعاون مع الآخر، أمّا إذا عنده حاجة حاجتين فمن الواضح أن تعاونه مع الآخر في حدود هذه الحاجة، أمّا إذا ازدادت وصارت خمسين وصارت مائة…. الآن أنتم أنظروا إلى المدنية الحديثة، بيني وبين الله من الماء والكهرباء والاتصالات، والمسكن والطرقات والأمن والسلامة والصحة والاقتصاد و… هذه كلها هل يستطيع الإنسان بمفرده أن يؤمن كل ما يحتاج إليه؟ لا، ولذا تجدون أنه في غابر الأزمان البشر كان يعيش في الغابات والكهوف، نفر ونفرين وثلاثة وخمسة ويؤمنون حاجاتهم، أمّا الآن هل يمكنهم ذلك أم لا؟ لا يمكنهم لأنّه ازدادت الحاجات. طبعاً هذه النظريّة الثانية هي التي يؤكد عليها السيد الطباطبائي في الميزان ولا يقبل النظريّة الأولى وإنّما يصر على النظريّة الثانية والاعزة إذا أرادوا أن يراجعوا هذا البحث بإمكانهم أن يرجعوا إلىه في الميزان في ذيل الآية 213 من سورة البقرة، يقول: جريه على استخدام غيره، يقول الإنسان ليس مدنياً بالطبع وإنّما مستخدم بالطبع ويريد أن يستفيد من كل شيء لمنفعة نفسه، لماذا؟ لأنّه يحب ذاته، وإذا أحب ذاته كل ما من جماد ونبات وحيوان وإنسان يريد أن يستخدمه لأجل نفسه، ولكن بعد ذلك يأتي عنوان يقول كونه مدنياً بالطبع غير أن الإنسان لما وجد سائر الأفراد من نوعه وهم أمثاله يريدون منه ما يريده منهم، أضطر أن يتنازل عن بعض منافعه حتى ينتفع، فهذا الحكم أعني حكمه (الإنسان) بالاجتماع المدني إنّما هو حكمٌ دعى إليه الاضطرار، لا أنّه بطبعه يبحث عن الاجتماع بل اضطر إلى أن يجتمع، لماذا؟ لأنّه لا يستطيع أن يؤمن احتياجاته بمفرده ولو لا الاضطرار المذكور لم يقضي به الإنسان أبدا، لو لا هذا الاضطرار كان يريد الاجتماع أو يريد الانفراد؟ يريد الانفراد، وهذا معنى ما يقال أن الإنسان مدني بالطبع، لا ، هذا الكلام لا يوافق عليه السيد الطباطبائي، الإنسان مدني بالطبع يعني العامل داخلي وهذا الذي أشرت إليه يعني العامل خارجي، الآن ما هو أدلة الطرف الأوّل، الطرف الثاني الآن ليس مهم عندي فقط أريد أن أصل إلى النتيجة وهو أنّه اتفقت الكلمة في علم الاجتماع أن الإنسان فيه أبعاد اجتماعية، الآن سواء كان هذا بالطبع كما في النظريّة الأولى أم كان بالتطبع والاضطرار والاستخدام كما في النظريّة الثانية، جيد، إذا كان الأمر كذلك أعزائي تعالوا الآن أنظروا إلى المقدمتين: المقدمة الأولى: الدين لأجل تنظيم حياة الإنسان، المقدمة الثانية: والإنسان كما له بعدٌ فردي له بعدٌ اجتماعي، سؤال: الدين فقط يأتي ويؤمن وينظم حياته في بعده الفردي أم يجب عليه أن ينظم كما ينظم بعده الفردي ينظم بعده الاجتماعي؟ إذا فقط نظّم بعده الفردي دون البعد الاجتماعي فهذا الدين كامل أم ناقص؟ من الواضح أنّه ناقص لأنّ الإنسان ليست له أبعاد أو بعد فردي فقط وإنّما بالإضافة إلى بعده الفردي توجد عنده أبعاد اجتماعية فما هي أحكام أبعاده الاجتماعية ما هي القوانين التي وضعها الدين لأجل تنظيم حياة الإنسان الاجتماعية بما يؤمّن له العدل والرفاه والسعادة في الدنيا بما يؤمّن له الكمال الأخروي، أتصور  هذا الأمر من الأمور التي قياساتها معها، إذن الدين  بمختلف معارفه ليس فقط الأحكام الشرعية بمختلف معارفه من عقائدية وأخلاقية وفقهية بالمعنى المصطلح في الحوزات العلمية كما أن الدين يبيّن الأبعاد الفردية للإنسان يبيّن الأبعاد الاجتماعية للإنسان، سؤال: الآن تعالوا للقضية إلى الواقع العملي، الآن مباشرة ندخل إلى الرسالة العملية، والرسالة العملية تتبنى ماذا؟ أنتم عندما تقرئون الرسالة العملية سواء على مستوى العبادات أم المعاملات و… تجدون أيّ أثر للأحكام الاجتماعية أم لا تجدون؟ بل في الآونة الأخيرة وجدنا أن الأبواب المرتبطة بالأبعاد الاجتماعية بدأت تحذف من الرسائل العملية الآن كثير من الرسائل العلمية باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجود فيها أم غير موجود؟ حذفت. لماذا حذفت؟ سأبين ذلك. إذن أعزائي الرسائل واحدة من أهم الإشكاليات والنقائص التي تعيشها حوزاتنا العلمية أولاً وتوجيهنا للناس ثانياً أن التوجّه انصب على الأبعاد الفردية للإنسان وأغفل النظر عن الأبعاد الاجتماعية للإنسان، لا أتكلم الآن في السياسة فلا تقول لي السياسية، دعوا السياسية، الآن هل الأبعاد الاجتماعية فقط السياسية؟، لا. بل عشرات الموارد ومنها الامور السياسية، ولذا سيد الشهيد (رحمة الله تعالى عليه) في كتاب له اسمه ومضات، مجموعة من المقالات ومحاضرات ووثائق عن السيد الشهيد التي طبعت أخيراً هناك يوجد عنده بحثٌ أعزائي بودي أن الأعزه يرجعوا إلى هذا البحث وهو من الأبحاث القيمة في هذا المجال الاتجاهات المستقبلة لحركة الاجتهاد، هناك يقول ما هو هدف الاجتهاد، نحن عندما نقول لابدّ من تربية المجتهدين في الحوزات العلمية، واحدة من أهم بل أهم هدف وأهم غاية وأهم وظيفة للحوزات العلمية هو تربية المجتهد يعني تربية المتخصص في المعارف الدينية وإن كان مع الأسف الشديد الآن تربية المجتهد صارت فقط في الفروع الفقهية فقط وإلّا لا يوجد عندنا في الحوزات العلمية مناهج لتربية المجتهدين في التفسير لتربية المجتهدين في العقائد لتربية المجتهدين في المباني الأخلاقية في الحوزات العلمية. الآن أسألك: بينك وبين الله لو أسألك في الفقه والأصول مباشرة تقول لي بأنه المنهج لابدّ أن يبدأ كذا وينتهي عند كذا، جيد، هذا الذي سطوحه عالية وبحث خارج ويصير مجتهد هذه كل المناهج مرتبطة بالفروع أعزائي وأي فروع؟ الآن يتضح؛ الفروع ببعدها الفردي حتى الفروع ناقصة في حوزاتنا العلمية ولذا تجدون يوم بعد يوم أن الحوزة العلمية تنفصل عن الواقع الاجتماعي، لماذا؟ السبب لأنه أساساً الحوزة العلمية تؤمّن الاحتياجات العملية والعقائدية للواقع الاجتماعي أم لا تؤمّن؟ لا تؤمّن. ولذا يقول هدف الحوزة أولاً لابد أن نميز بين أمرين أولاً تطبيق النظرية في المجال الفردي تطبيق النظرية في المجال الاجتماعي، هذان بعدان للإنسان وحركة الاجتهاد في الحوزات العلمية من حيث المبدأ، لابد أن تربي مجتهدين بكلا الاتجاهين ولكنه عندما ننظر إلى الخط التأريخي الذي عاشته الحوزات على الصعيد الشيعي كانت تتجه في هدفها على الأكثر نحو المجال الأوّلي فحسب، يعني دائماً تجد أن الاتجاهات والمناهج والكتب والتربية كلها باتجاه: أولاً لا يوجد أيّ مناهج لتربية المجتهدين في التفسير والعقائد والأخلاق، أنظروا الآن لم أأتي باسم الفلسفة والكلام والعرفان حتى تقولون بأن هذه العلوم ليست دينية، لا، أنا أتكلم في العلوم الدينية إلا إذا واحد يخرج لنا أخيراً يقول بأن التفسير ليس من العلوم الدين، ذاك بحث آخر، أو يقول لنا أن العقائد التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد ليست من علوم الدين، ذاك بحث آخر، بينكم وبين الله والحوزة ببابك، الآن نتكلم عن حوزة قم فما بالك بحوزة النجف التي هي متأخرة عن هذا بعقود. هذه أمامك الآن بعد ثلاثين عام من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أين المناهج… كم درس تفسير الآن يوجد في الحوزات العلمية في قم؟ سؤال: كم درس تفسير؟ كم درس عقائد رسمي في الحوزات العلمية؟ عندما أقول رسمي يعني أكابر العلماء أما كم درس فقه واصول يوجد في الحوزات العلمية؟ لا أقل الخبراء يقولون ليس أقل من ثمانمائة إلى ألف درس فقه وأصول موجود في الحوزات العلمية من دروس رسمية، أما تفسير… ولذا بطبيعة الحال ماذا يكون؟ أنت عندما تدخل إلى مكتبتك تجد خمسين دورة فقهية ولكنه لا تجد دورة واحدة تفسير بل حتى الذي يهتم بشأن التفسيري يُنظر إليه نظرة احترام أم نظرة اقصاء وأن هذا ليس قادراً على البحث الفقهي؟ السيد الطباطبائي ماذا فعلوا به، أعزائي أرجع إلى البحث. يقول أولاً: أنه أساساً… الآن لماذا؟ السيد الشهيد يوجه يقول بيني وبين الله من الناحية الموضوعية إنما توجه علمائنا إلى البحث الفردي ولم يتوجهوا للاجتهاد في الأبعاد الاجتماعي لأنهم أقصوا من الحياة الاجتماعية والسياسية في الأمة، ما كان لهم دور ولذا عبارته هذه، يقول: وهذا التخصيص والانكماش في الهدف وهو أنه تربية مجتهدين في الأبعاد الفردية في الفقه له ظروفه الموضوعية وملابساته التأريخية فإن حركة الاجتهاد عند الإمامية قاست منذ ولدت عزلاً سياسياً عن المجالات الاجتماعية للفقه الإسلامي نتيجة لارتباط الحكم بحركة الاجتهاد عند السنة وإلا ما كان يسمح للمجتهدين… ومن هنا هؤلاء طبيعياً انعزلوا عن الواقع السياسي والاجتماعي فإذاً أبحاثهم كلها انصبت على الأبعاد الفردية ولم تتجه إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية ولكن ما هي النتائج، أنا الآن لست بصدد ما هي العوامل التي أدت إلى ذلك، ذاك بحثٌ آخر، ما هي النتائج التي ترتبت على ذلك وهذه هي النقطة الخطيرة أعزائي، يعني الآن لسبب من الأسباب علماء أو حوزاتنا الشيعية لا أقل في المائتين السنة الأخيرة توجهت… طبعاً أنا عندما أقول حوزاتنا لا يتبادر إلى ذهنكم… وإلا السيد الإمام (قدس الله نفسه) من هذه الحوزات، السيد الطباطبائي من هذه الحوزات، محمد باقر الصدر من هذه الحوزات، مطهري من هذه الحوزات، لا أريد أن… ولكن أقول هذه ليست هي الظاهرة العامة ليست هي القاعدة وإنّما هذه استثناءات وإلا أمثال محمد حسين كاشف الغطاء ومحمد رضا المظفر وهذه الطبقة لا يستطيع الإنسان أن يستثنيها ولكن أنت عندما تقرأ في تأريخ هؤلاء تجد أن الجهود جهود فردية وليست هي نتاج الظاهرة الحوزوية. جيد، ما هي أهم النتائج التي ترتبت على ذلك؟ طبعاً هذا البحث أيضاً أشير الىه في 476 يقول إن الانكماش في الهدف وأخذ المجال الفردي للتطبيق بعين الاعتبار نجم عنه انكماش الفقه من الناحية الموضوعية فقد أخذ الاجتهاد يعني الحركة الاجتهادية في الحوزات يركز باستمرار على الجوانب الفقهية الأكثر اتصالاً بالمجال التطبيقي الفردي وأهملت المواضيع التي تمهد للمجال التطبيقي الاجتماعي نتيجة لانكماش الهدف، باعتبار أن الهدف في الحوزات العلمية صار تربية مجتهدين في كتاب الطاهرة والصلاة والصوم والعبادات والمكاسب المحرمة والمكاسب المحرمة أيضاً بأبعادها الفردية لا بأبعادها الاجتماعية، طبعاً سأضرب بعد الأمثلة، جيد، ما هي أهم النتائج التي ترتبت على ذلك؟ تارةً أن الفقيه صحيح لا يبحث في القضايا الاجتماعية والأحكام الاجتماعية والمعارف الاجتماعية ولكن النظارة التي يلبسها لقراءة المعارف نظارة تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي أيضاً يعني عندما ينظر إلى الاحكام الفردية ليس بمعزل عن الأبعاد الاجتماعية، نعم، لا يكتب شيئاً، الظروف لا تسمح أن يكتب، ولكن هو غافل أن ليس بغافل؟ ليس بغافل، تارةً هكذا، وأخرى، لا، إن هذا الانكماش في الهدف لأسباب (بعضها موضوعية وبعضها غير موضوعية) أدى إلى أن تتغير رؤية الفقيه إلى الفقه يعني بدأ ينظر إلى الفقه وإلى الدين وإلى الشريعة لتأمين الحياة الفردية ليس إلا، يقول ليس له وظيفة أخرى، والخطورة في هذا الأمر الثاني وليس في الأمر الأول، أنظروا الآن إذا قلنا الرؤية الأولى، لا، هذا الرجل ملتفت إلى أهمية الأبعاد الاجتماعية في الدين ولكن يقول لا أستطيع أن أقول، وأخرى تقول لماذا لا تقول؟ يقول لأن الدين لا علاقة له بالمجتمع لأن الدين لا علاقة له بحياة الناس الاجتماعية وعلاقة الدين بالإنسان أن يقول كيف تصلي كيف تصوم وكيف تحج. هذا الذي يعبر عنه بأنه الرؤية إلى الدين من نضارة ماذا؟ أنتم شايفين هذه النظارة إذا لونها أبيض وتلبسها ماذا ترى الأشياء تراها على ما هي عليه أما إذا صار هذا اللون أسود أو أحمر، ماذا ترى الأشياء؟ تراها حمراء، المشكلة التي حصلت بعد ذلك أن الفقيه لطول هذه الفترة تحولت رؤيته إلى الفقه رؤية فردية، فبدأ يستنبط الأحكام كلها من انطلاق تأمين الرؤية الفردية، أنا أتصور حتى يتضح المطلب وإن كان الوقت انتهى ولكن أشير إلى مثال، أنظروا تعالوا إلى مثالين أضربها لكم، المثال الأول: نحن من مسلّماتنا ومن مسلّمات فقه المكاسب عندنا الناس مسلطون على أموالهم، هذا ليس فيه شك، يعني أنه يستطيع أن بالموازين الشرعية يفعل فيه أمواله ما يشاء وأن يزيدها كيف يشاء وأن يصرفها كيف يشاء وأن يربح فيها كيف يشاء ضمن الموازين الشرعية العامة، سؤال: فإذا كان هذا الإنسان يؤدي تسلطه على هذه الاموال إلى ضرر اجتماعي، يقيد الإطلاق أم لا يقيد؟ الفقه الموجود ماذا يقول؟ يقول لا يقيد أبداً إلا إذا تدخل الفقيه وأصدر أمراً ولائياً بالعنوان الثانوي. هذه الرؤية لهذه القاعدة رؤية فردية أم اجتماعية؟ هذه رؤية فردية. تقول المدار هو الفرد وإذا أدى إلى الضرر، حتى لو أدى إلى ضرر ما هو علاقته، فإذا الحاكم يتدخل ويقول له لا تحتكر، هذا لمن يقول بأن الفقيه عنده مثل هذه الولاية، وإلا من لم يقل بأن الفقيه له مثل هذه الولاية أصلاً لا يستطيع أن يتدخل، مثل أولئك الذين يقولون أنه لم تعطى الولاية للفقيه في عصر الغيبة بأي عنوان يتدخل… الأمور الحسبية! حيث الأمور الحسبية عبرنا عنها أمور مدنية، ليست ولائية شرعية أما الرؤية الاجتماعية ماذا تقول؟ تقول المال الذي بيد الفرد فيه مسئوليات اجتماعية يستطيع أن يتصرف في هذا المال ضمن الصلاح الفرد أم المجتمع؟ ضمن صلاح المجتمع، ولذا أساساً هذه الحاجات الاجتماعية أساساً من الأصل تقف أمام إطلاق الناس المسلطون على أموالهم، لا تعطي إطلاق حتى نبحث أنه بماذا نقيد، من أول الأمر ليس له حق أن يحتكر لا أنه إذا احتكر نقول الشارع… يعني من أول الأمر لا مقتضي للإطلاق حتى نحتاج إلى التقييد، أصلاً ليس من حقه أن يحتكر، بما يضر الحالة الاجتماعية، طبعاً كل هذه الأحكام الشرعية، إذا نظرت إليها من زاوية ورؤية فردية سوف تعطيك نتيجة وإذا نظرت إلىها من زاوية اجتماعية تعطيك نتيجة أخرى، ولذا بشكل واضح وصريح أعزائي من أهم أسس النظرية في عملية الاستنباط أننا ننطلق من الرؤية الاجتماعية لفهم المعارف الدينية ولذا من لم ينطلق بهذه الرؤية أنا أرى أن انطلاقته اجتهاده باطل، وخاطئ كما أعتقد، الرؤية لابد أن تكون اجتماعية لأن الإنسان كما له بعد فردي له بعد اجتماعي، تقول لي سيدنا هذا أين تقوله هل في المعاملات أم في المعاملات والعبادات؟ الجواب: في المعاملات والعبادات. كلتاهما؛ من قبيل المثال الذي أشرنا إليه بالأمس، قلنا أن الإنسان إذا صلى منفرداً له أحكامه أما إذا صار في الجماعة له أحكامٌ أخرى، والشريعة كلها كذلك أعزائي، إذا كانت على انفراد لها حكم وإذا صارت ضمن المنظومة الاجتماعية لها حكمٌ آخر. الآن هنا تقول لي سيدنا هذا تركيز على ماذا؟ السؤال الذي أريد أن أطرحه هذا: إذا كان الامر كذلك (أنا أريد أن استبقي البحث حتى تعرفوا لماذا أنا دخلت هذا البحث) إذا كان الأمر كذلك في الأحكام الفردية من يطبقها على نفسه؟ هو الفرد. في الأحكام الاجتماعية من المسئول عن تطبيقه؟ هل يمكن أن نقول أن الفرد مسئول عنها وهو لا يرى في مصلحته أن يطبقها على نفسه؟ فلابد أن تكون هناك جهةٌ هي المسئولة عن تطبيق وتنظيم الحياة الاجتماعية، من هو المسئول عنها؟ لابد أن يتوفر فيه شرطان: الشرط الأول أن يكون عالم، عالم بالمعارف الدينية وإلا إذا لم يعرفها كيف يطبقها، الشرط الثاني أن يكون عادل، وهذا هو المجتهد. حيث المجتهد هو الخبير العادل، أساساً دينٌ بلا ولايةٍ ليس بدين، لا معنى لمثل هذا الدين وإلا يرجع إلى أن الدين يكون مجموعة من التقوس بين الإنسان وبين ربه وهذه هي النظرية الليبرالية الذي تقول الدين ما لله لله وما لقيصر لقيصر، إذا قلت أن الدين فردي… يقول اذهب واعبد وصلي وصوم ولكن هذا لا يؤثر على حياتك الاجتماعية والتتمة إنشاء الله تأتي والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/02/09
    • مرات التنزيل : 1576

  • جديد المرئيات