نصوص ومقالات مختارة

  • شروط المرجعية الشمولية العلمية (31)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللّهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    اتضح لنا بأن القرآن الكريم استعمل بالنسبة إلى السفراء الإلهيّين عناوين متعددة، العنوان الأوّل هو أنهم أنبياء، العنوان الثاني هو أنهم رسل، وهذه من أوضح العناوين القرآنية التي استعملت للسفراء الإلهيين، السفير الإلهي الذي عليه هداية البشرية إلى الصراط المستقيم وعليه بيان أو عليه مسئولية بيان الحقائق والمعارف الإلهية، اصطلح عليهم القرآن سماهم بأنهم أنبياء ومرسلين، طبعاً هناك تعبير ثالث أيضاً استعمله القرآن الكريم بالنسبة إلى هؤلاء حيث عبر عنهم بأنهم خلفاء، إني جاعلٌ في الأرض خليفة.

    ومن أوضح مصاديق الخلفاء في الأرض يعني خلفاء الله، من أوضح مصاديق الخلافة الإلهية أو الخلفاء الإلهيين هم الأنبياء والرسل، هذه هي العناوين الثلاثة التي أشار إليها القرآن الكريم، طبعاً لا أريد أن أحوّل البحث إلى بحث قرآني ولكن بودي أن ترجعوا إلى الآيات القرآنية لتتعرفوا على وظائف الأنبياء ووظائف المرسلين ووظائف الخلفاء الإلهيين، لا أقل عندما ترجع إلى القرآن الكريم عندما يقول ﴿إني جاعل في الأرض خليفة﴾ يقول هذا الخليفة ﴿وعلم الآدم الأسماء كلها﴾.

    إذن من حيث العلم هذا الخليفة وظيفته تعلم الأسماء، الآن ما هي هذه الأسماء وما المراد منها فقد وقفنا عندها في كتاب الذي أعطي للأعزة وهو الاسم الأعظم، في اعتقادنا أنّها ليست أسماء الأشياء ولا غير ذلك وإنّما هي الأسماء الإلهية، القرآن لم يسمّي الأشياء بالأسماء وإنّما أشار القرآن عموماً إلى الأسماء الإلهية ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وعشرات الآيات التي تكلمت عن الأسماء الإلهية، والمفسرون أيضاً أشاروا… هذا بيان علم الخليفة حتى أبيّن… لأن واحدة من أهم المساحات التي لابدّ أن يتوفر علىها الخليفة هو العلم بالأسماء الإلهية، بالإضافة إلى المسائل الأخرى من الحلال الحرام ونحو ذلك ولكن القرآن الكريم وضع يده على ﴿وعلم الآدم الأسماء كلها﴾ ما قال وعلم الآدم الحلال والحرام ومسائل المعاملات ومسائل النكاح والصوم والفقه الأصغر، نعم تلك أيضاً مطلوبة ولكن القرآن يضع يده على المعارف التوحيدية، هذا الذي عبرنا عنه بعلم الأسماء الإلهية الذي لابدّ أن يتوفر عليه أيّ طالب علم، هذا العلم المغفول عنه والعلم المتروك والمهجور وهو علم قرآني لأنّ القرآن لا أقل أشار إلى 125 إلى 130 اسم في القرآن، لو تركنا الروايات جانباً لا أقل 125 اسم موجود في القرآن.

    يأتي سائل ويسأل هذا السؤال: هذا الموجود هو حقيقة واحدة وبيده الأمر كله فلماذا يسمي نفسه بأسماء متعددة؟ قرآنياً ما هي الضرورة أن الله الواحد الأحد الذي بيده كل شيء يسمّي نفسه بأسماء متعددة؟

    الجواب: صريح القرآن الكريم قال: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ يعني أن دعائكم وعبادتكم ومعرفتكم لا تكون إلّا من خلال الأسماء الحسنى، من الواضح بأنه والدعاء والعبادة إذا كانت من خلال الأسماء فلا يمكن العبادة والدعاء إلّا بعد معرفة الأسماء، ما الفرق بين هذه الأسماء؟ ولذا تجدون أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذه من اختصاصات مدرسة أهل البيت أنهم جعلوا لكل شيء ولكل دعوةٍ ولكل عبادةٍ ولكل حاجة دعاء خاصّاً، المدعو واحد فلماذا؟ لأنّ كل حاجة لها طريق مخصوص لقضائها لا يمكن أن تقضى من طريق آخر، إذا تحتاج رزق فلابد أن تقرأ دعاء رزق مع أن الرازق والمميت والمحيي والقابض والباسط واحد وليس بمتعدد، الآن سواء تريد العلم أو الشفاء أو الرزق تقول يا الله، لا ليس الأمر كذلك، ولذا في كل ساعة دعاء خاص وفي الليل دعاء وفي الصباح دعاء وفي النهار دعاء وفي ليلة الجمعة دعاء وليلة القدر دعاء.

    ما هي فلسفة ذلك هل هو التفنن؟ لا ليس تفنن ولا عبث ولكن لأنّ الله اقتضت حكمته أن يصل الإنسان إليه من الطريق الخاص الذي عيّنه لذلك وهو الذي يمرّ من خلال علم الأسماء الإلهية، وهذا العلم لا موجود في الفقه ولا موجود في الأصول ولا موجود في الكلام ولا في الفلسفة ولا في التفسير وإنّما فقط الذي تصدى له هو العرفان، ويا ليت أنهم سموا هذا العلم بعلم الأسماء الإلهية ولم يسموه علم العرفان، لا يوجد في العرفان النظري إلا…

    أحد أركان العرفان النظري هو علم الأسماء الإلهية، ولذا عبارة جدية وقيمة ودقيقة وأنا نصحت مراراً الأعزة أن هذا الكتاب روح المعاني للآلوسي ينبغي أن يكون تحت أيديهم في ذيل هذه الآية المباركة من سورة البقرة المجلد الثاني صفحة 96، يقول: أن المراد من الآية بيان الحكمة من الخلافة على أدقّ وجهٍ وأكمله، فكأنه قال جلّ شأنه إني جاعل في الأرض… ولذا تجد أنه جاء الاستفهام (ولا أقول الاعتراض) من الملائكة  أنه لماذا تحتاج إلى خليفة ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، أين تجد أطهر منا لهذا، يقول جاء الجواب: فكأنه قال جل شأنه لهؤلاء المستفهمين أو المعترضين أريد الظهور بأسمائي وصفاتي، أريد موجوداً يكون مظهراً لجميع أسمائي وصفاتي ولذا قال لهم وعلم الآدم الأسماء كلها، أريد أن يكون هناك مظهر كامل للأسماء الإلهية، ولم يكمل ذلك بخلقكم فإني أعلم ما لا تعلمونه، لماذا؟ قال لقصور استعدادكم ونقصان قابليتكم فلا تصلحون لظهور جميع الأسماء والصفات فيكم، ﴿أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها﴾؛ فلا تتم، لماذا تحتاج إلى موجودٍ يكون مظهراً لجميع أسمائك؟ يقول لأنه فلا تتم بكم معرفتي، أحتاج إلى من عرفهم فقد عرف الله ومن عرف الملائكة لا يستطيع أن يعرف الله إلا في أسمائه التنزيهية، أما كامل الأسماء ليسوا هؤلاء مظهر.

    ولذا ورد في زيارة الجامعة من عرفكم فقد عرف الله، لماذا لأنه هؤلاء هم أتم مظاهر الأسماء الإلهية، فلا تتم بكم معرفتي فلابد من إظهار من تم استعداده وكملت قابليته ليكون مجلاً لي، الآن هنا المحقق ما قادر أن يفهم المجلى والمظهر ما هو فكتبه مجّلّي لي، وهو خطأ لأنه المحقق أعرف من هو، هو وهابي سلفي فلا يفهم هذه المباني جيداً فيتصور أنه مجلّي مع  أنه هو مجلى ومظهر، على أي الأحوال، ومرآة لأسمائي وصفاتي ومظهراً، أيضاً هو تصور مُظهراً هي ليست مُظهر وإنّما مَظهر، ومظهراً للمتقابلات فيّ، لأن الله سبحانه وتعالى جامع بين الأضداد، لا محيي مميت، يا قابض با باسط، يا معطي يا مانع، ولهذا نحن واحدة من أهم الأسماء التي نقولها للنبي وأهل البيت أنهم مجمع الأضداد، يعني الأسماء الإلهية تجلت فيهم ومظهراً لما خفي عندي، لماذا؟ فبي يسمع وبي يبصر وبي و… هذا هو الخليفة طبعاً تقول لي يعني أن العالم أيضا يكون… لا، لا يستطيع كما قال أمير المؤمنين (سلام الله عليهم) ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد، لا يمكن لأحد أن يكون كأحد الأئمة.

    ولذا السيد الطباطبائي في ذيل هذه الآية الجزء الأول من الميزان صفحة115، قال ما المراد من الخلافة؟ في ذيل هذه الآية من سورة البقرة قال: والخلافة هي قيام شيءٍ مقام آخر ولا تتم إلا بكون الخليفة حاكياً للمستخلف في جميع شئونه الوجودية وآثاره وأحكامه، وإلا لغة لا يكون خليفة ولا اصطلاحاً، إذا تم هذا فتعالوا معنا إلى أهل البيت وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال اللهم ارحم خلفائي، إذن ما هي وظيفة العالم في عصر الغيبة؟ خمسة وثلاثين يقرأ كتاب الطهارة؟ جيد فليقرأ كتاب الطهارة فنحن نحتاج إليه وهو من الأحكام ولكن هذه هي وظيفة الخليفة وخليفة رسول الله؟ هذا الذي تجدون بأنه أنا عندي إصرار وأكرر المسألة مائة مرة لهذه القضية، لأن النبي قال اللهم ارحم فالعلماء في عصر هم خلفاءُ خلفاء الله سبحانه وتعالى، إذن فلكي يتمكن من أداء هذه المسئولية لابد أن يتعلم علم الأسماء وإلا لا يكون خليفة لأن أهم خصوصية في الخليفة الإلهية هو وعلم الآدم الأسماء،  فلكي يستخلفه لابد  أن يتعلم الأسماء الإلهية لا فقط علم الأصول ولا فقط علم الرجال.

    ولذا تجدون بأنه القرآن الكريم بعد أن أعطى هذه العناوين للسفراء الإلهيين وهو عنوان النبوة وعنوان الرسالة وعنوان الخليفة نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يضع يده على هذه العناوين الثلاثة فيعطيها للعلماء في عصر الغيبة، يقول أما العلم فهم ورثة الأنبياء، وأما الأمانة فهم أمناء الرسل وأما الخلافة فهم الله ارحم خلفائي، ولهذا من مجموع هذه العناوين الثلاثة، نستطيع أن نقيم واحدة من أهم وأقوى الأدلة على ولاية الفقيه المطلقة، لأنه تعالوا معنا إلى الأنبياء والمرسلين وخلفاء الله، هل لهم ولاية أم لا؟ إلا أن تقول ليست لهم ولاية فذاك بحث آخر، تقول ليس لديهم ولاية سياسية أو اجتماعية، جيد إذا صار مبناك أن النبي والرسول ليس له فمن يقوم مقامه فـمن يقوم مقامهم أيضاً… فهذا مبناك وأنا لا… ولكن من قبل هذا في النبي والرسول وفي الخليفة فلابد أن يقبله في خليفته ووارثه وأمينه، ولهذا قال حاكياً للمستخلف في جميع شئونه الوجودية وآثاره وأحكامه وإلا إذا لم يكن حاكياً هل يصدق وارث أم لا؟ هل يصدق أمين أم لا؟ لا يصدق، هل يصدق أنه خليفة أم لا؟ لا يصدق.

    ولذا بغض النظر عن الأدلة التي أقمناها لولاية الفقيه، نعم نحن نختلف في الصغرى مع القائلين بولاية الفقيه، لا نعطي الولاية لكل من قال أنا فقيه جامع للشرائط، لا، المراد من الذي له الولاية مصداق العالم الديني الجامع للشرائط لا الفقيه الجامع للشرائط، طبعاً الفقيه بالمعنى المصطلح في الحوزة العلمية، ولذا أنا أصرّ بأنه لابد أن يكون عالماً بعلم الأسماء الإلهية، لا يكفي أن يكون عالماً بالكلام والتفسير بل لابد أن يكون عارفاً بعلم الأسماء الإلهية، تقول لي مجتهد أم لا؟

    هذا بحث آخر فإن شاء الله في بحث الأصول في التعارض ومن هنا تجد أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بعد أن أعطوا هذه المقامات لنوابهم، هؤلاء هم نواب الأئمة في عصر الغيبة الكبرى وهؤلاء هم الذين جعلوا حجة علينا وهؤلاء هم الذين الراد عليهم كالراد على الأئمة.

    ومن هنا اجمع هذه الرواية: الفقهاء أمناء الرسل ضعها إلى جنب هذه الآية المباركة من سورة النساء الآية 58: إن الله… صغرى القياس بيّنه رسول الله ، كبرى القياس يبيّنه القرآن الكريم وكم له من نظير، واحدة من أهم الأبحاث هو أنه بعض الأحيان الكبرى تبيّن قرآنياً ولكن الصغرى أين تبين؟ روائياً ولا تبين في القرآن لسبب من الأسباب، ﴿فأتوا البيوت من أبوابها﴾، جيد، ما هو المراد من الباب؟ يقول الباب بابان باب فقهي وباب في المعارف الدينية والقرآنية، الباب الفقهي يبحثه الفقيه بأنه هل يجوز لأحد أين يتسور الجدار ويدخل على أحد فيقول لا يجوز حرام، وباب آخر باب الكلامي وباب المعرفة، أنا مدينة العلم وعلي بابها، جيد، هذه إخبار، علي بابها ثم ماذا؟ لا الكبرى قرآنياً يبينها فيقول فأتوا البيوت من أبوابها، ليس من حقك أن تذهب لباب آخر، تقول الروايات الصريحة والمعتبرة والصحيحة، ولذا السنة الوهابية أو الاتجاه الأموي عنده إصرار على أنه يضعف هذه الرواية لأنه يعلم قوة محتواها، لأن الرواية تقول أنا مدينة العلم وعلي بابها، أنا مدينة الحكمة وعلي بابها، أنا مدينة الحكمة وهي الجنة وعلي بابها، بصيغ متعددة، وبألسن متعددة وبأسانيد مجمع عليها، ولكن بعضها ضعيفة ولكن لا يؤثر.

    جيد، هذا إخبار ونحن أيضاً قبلنا كما يقال علي باب رسول الله، باب مدينة العلم، هذا لا ينافي كما يقال إثبات شيء لا ينفي ما عداه، فأنتم خذوا من علي ونحن نأخذ من صحابي آخر ما المشكلة؟ لا القرآن يقف أمامك ويقول فأتوا البيوت من أبوابها، فليس من حقك أن تذهب لآخر، لو لم تكن موجودة هذه الآية فلا نستطيع أن نفعل شيء، وكم له من نظير أنت مني بمنزلة هارون من موسى، أنظر إلى القرآن منزلة قارون من موسى ماذا كان قرآنياً؟ لأنه المتعلق هنا محذوف لذا ابن تيمية عنده إصرار أن هذه أنت مني منزلة هارون من موسى هو في التولية على المدينة لا أكثر من ذلك، وكم له نظير، كم مرة رسول الله جعل العميان ومرة جعل علي، ترون ماذا يفعل؟ إلى أين يريد أن ينزل علي؟ ابن ام مكتوم كان يجعله على المدينة يقول هذا مثل ذاك، أصلاً كم مرة رسول الله عندما كان يريد أن يطلع يأخذه مع أهل المشورة والرأي والدقة، أما أولئك العجزة والنساء والأطفال أيضاً مرة جعل علي معاهم، فإذن علي من أهل الرأي أم من العجزة؟ أنت لو تنظر إلى الرواية أنت مني بمنزله هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وتنظر شأن ورود هذه الرواية واقعاً لا تطلع منها مطلب إلا بحذف المتعلق والإطلاق و… ولكن كلها لا نحتاج إليه، ارجع إلى القرآن وقل إلهي أنت بينت منزلة هارون من موسى أم لا؟ قال اخلفني في قومي، وعشرات الموارد منها هذه: العلماء أمناء الرسل، ثم ماذا هذا إخبار؟

    لا هذه الآية قالت ﴿إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها﴾ رسول الله استأمنكم على الأمة إذن الوظيفة ما هي؟ أن تؤدوا الأمانة، كيف تؤدي الأمانة إلى أهلها؟ الآن إلى أهلها يعني إما إلى رسول الله الذي استأمنكم يوم القيامة يسألكم ما استأمنتكم عليه ما هو، أو إلى الأمة التي استؤمنت الأمة بيدهم، الأمة تسائلهم أنتم كنتم أمناء النبي والأئمة علينا ماذا فعلتم لنا؟ قمتم بوظيفتكم أم لا؟ قمتم بمسئولياتكم أم لا؟ لا أقل مسئولياتكم الدينية والعلمية، الآن مسئولياتكم الجهادية والسياسية والإدارية والاجتماعية اجعلوها على جانب، أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، عجيب الآية المباركة وإذا حكمتم بين الناس يعني من تلك الأمانات أي أمانة؟ إما الحكم بمعنى القضاء وإما الحكم بمعنى السلطة السياسية، هذا على الخلاف، ﴿وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً﴾ بالكم وإياكم الله سبحانه وتعالى سميع لما تقولون وبصير لما تفعلون والعجيب أن الآية المباركة اللاحقة تبين واحدة من مصداق الأمانات، ﴿يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ يعني من أوضح مصاديق أداء الأمانة أن تؤدى الأمانات إلى أهلها وهم أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، ولذا تجدون بأن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بشكل واضح وصريح عندما جائوا إلى مسئوليات العلماء في عصر الغيبة بينوها بشكل واضح.

    هذا البحار المجلد الثاني كتاب العلم الحديث السابع صفحة 4 باب ثواب الهداية والتعليم الرواية: قال الإمام محمد ابن علي الباقر: العالم كمن معه شمعة تضيء للناس (هذا العالم الديني) فكلّ من أبصر شمعته دعا له بخير كذلك العالم مع شمعةٍ تزيل ظلمة الجهل والحيرة، عن ماذا؟ لا فقط تزيل ظلمة الجهل في الفقه الأصغر بل في الفقه الأصغر وفي الفقه الأكبر أي في كل المعارف، فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرةٍ أو نجى بها من جهلٍ فهو من عتقاءه من النار، هذه رواية، الرواية الثانية في صفحة 5 رقم الرواية 9: عن الإمام العسكري عن الإمام الكاظم قال: فقيهٌ واحدٌ ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن ومشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه.

    سؤال: بينكم وبين الله أيتام آل محمد في زماننا فقط يحتاجون كتاب الطهارة؟ نعم كتاب الطهارة والصوم أيضاً يحتاجونه ولكن الحاجة كله في الفقه الأصغر أم المعركة في مكان آخر واللطيف الإمام يعبر عنه فقيه إذن أهل البيت يعبرون الفقيه يريدون الفقه الأصغر أم الاعم؟ وهذا هو الخلط الذي قلنا أن الألفاظ أخذت من معانيها، الآن يقال في الحوزة فقيهٌ الذهن يذهب إلى الفقه الأصغر ولا يذهب إلى مكان آخر، لو قيل لمفسر أنه فقيه يقول لا ليس فقيه، لو قيل لمتكلم أنه فقيه فلا يقبل، أما لمن لا يعرف شيء من القرآن والكلام ويعرف الطهارة والنجاسة يقال له ماذا؟ يقول الإمام:  فقيه واحد ينقد يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاجٌ إليه أشد على إبليس من ألف عابد.

    الرواية الثالثة في صفحة 6: عن الإمام الباقر: لولا من يبقى بعد غيبة الإمام الثاني عشر من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله، المراد من الدين يعني فقط الفقه الأصغر؟ والمنقذين، كاملاً يبين وظيفة العالم، والمنقذين لضعاف عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله، هذه هي الوظيفة الأصلية وهذا هو الذي عبر عنه الأئمة الفقهاء حصون الإسلام، هذا هو الحصن، وبهذا يتضح حتى لو لم يكن العلماء فالفقهاء يكفي لأن المراد من الفقيه يعني الفقيه الذاب عن دين الله، قال ولكنهم هؤلاء العلماء والفقهاء والذابون، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، هذه هي وظيفة العالم فعلى العالم أن يظهر علمه هنا، ولكن مع الأسف الشديد الآن أنتم تجدون أن كلما كان العالم والمرجع الديني في الحوزة أكثر انزواءً وأكثر انقطاعاً وأكثر عدم ظهوراً كلما كان أكثر قدسيةً، أنظروا المقاييس كيف انقلبت، وبئس هذه المقاييس التي ضيعت دين الناس لأن الناس أين يذهبون وإلى من يتلجئون؟ يلتجئون إلى تلك القنوات والفضائيات والكتب والمدعين فيبينون لهم دين الناس، لماذا؟ لأنه في النتيجة الآن ضعفاء الشيعة واقعاً (عندما أقول ضعفاء لا يعني ضعفاء مادياً أو كذا بل المراد الضعيف الفكري) أين يتلجئ، في خضم هذا التراشق والهجوم الفكري والعقدي على ضعفاء الشيعة؟ يلتجئ إلى الفضائيات وهذه الفضائيات هي التي تعين دينه، يتلجئ إلى المواقع مع أنه وظيفة من لولا من يبقى بعد الغيبة، قال: يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يسمك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل.

    رواية أخيرة وأكتفي بهذا القدر وهي الرواية في صفحة 11 رقم 21 قال: من أعان محباً لنا على عدوٍ لنا، كيف يعينه سيدي يابن رسول الله؟ فقوّاه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورته ويخرج الباطل الذي يروم به أعداءنا ودفع حقنا في أقبح صورةٍ حتى ينبه الغافلين ويستبصر المتعلمون ويزداد في بصائرهم العالمون بعثه الله تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنة، هذه هي الوظيفة.

    إذن بهذا ننتهي إلى هذه القضية بأن الإمام (سلام الله عليه) يطبقها تطبيق جيد جداً، الحديث القيم الذي أشير إليه في الجزء الثاني صفحة 16 أنظروا الإمام أين يطبق الحديث والتتمة إن شاء الله تأتي: عن المفيد أنه قال قلت لأبي الصادق: أنزل الله عزوجل من قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعاً: قال من أخرجها من ضلالٍ إلى هدىً فقد أحياها ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله أماتها، لأنه مصاديق الحياة والموت تختلف من موردٍ إلى آخر، إذن أعزائي إلى هنا اتضح لنا بأنه دور هذه العناوين الأربعة: الخلافة، الوراثة، الأمانة، الحصن، هذه تبين أولاً من جهةٍ ما هي العلوم التي لابد أن يتسلح بها العالم في عصر الغيبة وثانياً تبين ما هي المسئوليات الملقاة على عاتقه في عصر الغيبة، نعم قد يقول قائل سيدنا الروايات بينت الأمناء على الحلال والحرام أنت لماذا وسّعتها، هذه إنشاء الله غداً سنجيب عليها، وهي في تحف العقول الرواية بغض النظر عن السند في تحف العقول قال: مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه، إذن هنا الرواية بيّنت متعلق الأمانة، لماذا أنتم توسّعون؟ يأتي بحثه والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2016/05/16
    • مرات التنزيل : 1580

  • جديد المرئيات