نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (120)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    الفصل السابع: في مراتب الكشف وأنواعها إجمالا.

    اعلم أن الكشف لغة رفع الحجاب يقال كشفت المرآة وجهها أي رفعت نقابها واصطلاحا هو الاطلاع.

    اذن من هنا لابد من الوقوف على أمرين:

    الامر الاول: ما هو الكشف لغة؟ بين المراد من الكشف اللغوي وهو الرفع, أما ما هو المراد من الكشف الاصطلاحي, في ما يتعلق بالكشف الاصطلاحي وهي التي ترتبط بمكاشفات العارف طبعا بعد ذلك سيتضح بأنه عندما نقول مكاشفات هذه ليست مختصة بالعرفاء بالأولياء بعموم الناس وإنما هي عامة تبدأ من الانبياء والائمة والأوصياء وتنتهي الى العلماء والصالحين ونحو ذلك.

    لذا بعد ذلك إنشاء الله تعالى سيتضح بأنه مراتب الكشف ليست واحدة وإنما تبدأ من أدنى الدرجات لتنتهي الى أعلى الدرجات, لذا اذا يتذكر الاخوة نحن في الابحاث السابقة كان هذا تعبيره قال: المنبأ كل منهما عن الكشف التام المحمدي ’ وهذا يكشف عن أن الكشف له مرتبة واحدة او مراتب متعددة؟ مراتب متعددة.

    النقطة الاولى: ما هو المراد من الكشف اصطلاحا؟ الجواب: في جملة واحدة هو الاطلاع على عالم الغيب, ولكن درجات الاطلاع على عالم الغيب متعددة, لذا بعد ذلك أول تقسيم له يقول: إن الكشف أما صوري وأما معنوي ثم يأتي ليبن اقسام الكشف الصوري الذي له صورة, ولهذا بعد ذلك سيتضح أن الكشف الصوري مرتبط بعالم المثال المنفصل, أما الكشف المعنوي لا, فوق عالم المثال المنفصل, مرتبط بعالم العقل, وعندما نصل على الاطلاع المعنوي او مراتب الكشف المعنوي, تعالوا معنا الى ص 132 آخر الصفحة قال: وأما الكشف المعنوي المجرد من صور الحقائق اذن مرتبط بعالم المثال المنفصل او لا علاقة له؟ لا صورة له, له مراتب هذا الكشف المعنوي, أولها: ظهور المعاني في القوة المفكرة وهذا الذي نسميه ماذا؟ الذي نصل إليه بالبرهان بالاستدلال النظري بالمفهوم ونحو ذلك, هذا أول مراتب الكشف المعنوي, ثم في القوة العاقلة, ثم في مرتبة القلب, ثم في مرتبة الروح, ثم في مرتبة السر, ثم, ثم .. الى أن يصل الى أتم المراتب وهو الكشف المحمدي ’ الأتم.

    إذن النقطة الاولى: الكشف هو الاطلاع على حقائق عالم الغيب, هذا الاطلاع على حقائق عالم الغيب له طرق متعددة وله مراتب متعددة.

    لذا نقرأ هذه العبارة اولا حتى نأتي الى التفاصيل.

    يقول: اعلم أن الكشف لغة هو رفع الحجاب, وهذا واضح, يقال كشفت المرأة وجهها أي رفعت نقابها, أما واصطلاحا ليس هو مجرد رفع الحجاب, التفتوا جيدا, الكشف في الاصطلاح ليس هو مجرد رفع الحجاب وإنما ما هو؟ الإطلاع على ما وراء الحجاب, وإلا كم من يرفع له الحجاب ولكن يطلع على ما وراء الحجاب او لا يطلع؟ لا يطلع, في النوم الانسان يرتفع الى هذه العوالم {الله يتوفى الأنفس حين موتها} فيذهب الى تلك العوالم او لا؟ يذهب يرفع له الحجاب او لا؟ يرفع ولكن يطلع او لا؟ لا يطلع, بهذا يتضح الفرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي, في المعنى اللغوي هو رفع أما في المعنى الاصطلاحي هو اطلاع بعد هذا الرفع, والا اذا لم يحصل الاطلاع يحصل الكشف او لا؟ لا يحصل الكشف, لذا قال: واصطلاحا هو الاطلاع على ما وراء الحجاب, من المعاني الغيبية, والامور الحقيقية.

    السؤال الاول: أن منشأ هذا الحجاب اين؟ قد يتوهم أن منشأ هذا الحجاب ليس العالِم او المنكشف له لا لا, هو لا يوجد عنده حجاب ولكن الحجاب والغطاء اين موجود؟ كما انه جنابك الآن ترى شيئا تستطيع أن ترى الجدار ولكن إذا وضع عليه حجاب انت تستطيع أن ترى الجدار او لا تراه؟ فالمشكلة اين في عدم وجود المقتضي او وجود المانع؟ (كلام أحد الحضور) نعم انت لو يرفع هذا الحجاب ترى ولكنه الحجاب على الشيء المرئي على الشيء المكشوف إذن انت تراه او لا؟

    فالشيء المكشوف عليه حجاب لا الذي ينكشف له وهو العارف وهو الذي تنكشف له الحقائق له الحجاب, السؤال هنا: عندما يقول من وراء الحجاب الاطلاع على ما وراء الحجاب منشأ هذا الحجاب اين؟ هل منشأ هذا الحجاب هو العارف تنكشف له الحقائق او أن الحقائق عليها حجاب وعليها غطاء أي منهما؟ الغطاء على عيني او الغطاء على المرئي أي منهما؟ (كلام أحد الحضور)

    وهذه نقطة أساسية لابد أن تلتفوا إليها, إذن الحقائق الغيبية إنما صارت غيبا لانها هي غيب او انا غائب عنها؟ فرق بين أن تكون غائبة وأنا حاضر وبين أن تكون حاضرة وأنا غائب.

    وهذه قاعدة عامة في المعارف القرآنية والعقدية والروائية إن لم تفهم كثير من الحقائق لا يمكن فهمها واحدة من أهم مصاديقها انت عندما تبحث عن الدليل لإثبات وجود الله يعني ماذا؟ يعني الله حاضر أم غائب؟ (كلام أحد الحضور) لا لا إذا تبحث عن الدليل لإثبات وجوده انت تبحث عن الدليل لإثبات الشمس الآن؟ لماذا لا تبحث؟ الآن لو سألتك انه نحتاج الى دليل لإثبات؟ لا تحتاج لماذا؟ لأنه حاضر امامي هذا نوره هذه شرائطه هذه كذا, اذن لماذا تبحث عن الدليل لإثبات الله لأنه حاضر أم لأنه غائب؟ لأنه غائب, لا اقل انت تفترضه غائب مع انه هو غائب عنك او انت غائب عنه؟ إذا فرضت أن الحجاب عليه فهو غائب يحتاج أن نرفع الحجاب عنه حتى نراه, أما اذا فرضنا لا هو حاضر ولكن انت على عينك ماذا يوجد؟ غشاء وحجاب وغطاء اذن انت ارفع غطاءك, لذا قال الامام × متى غبت حتى تحتاج الى دليل, يعني الغائب يحتاج الى دليل أما اذا كان حاضرا يحتاج الى دليل او لا؟ لا يحتاج الى دليل.

    الآن انتم هذه المعرفة انقلوها الى الحقائق الأخرى أن الآخرة حاضرة أم غائبة؟ هذه أيضاً على المبنى تارة نفترضها غائبة وعليها حجاب وبالموت يرفع الحجاب عنها عن البرزخ عن الآخرة فنرى البرزخ والآخرة, وتارة لا الحجاب ليس على الآخرة ليس على البرزخ ليس على حقيقة الآخرة وليس على حقيقة البرزخ لا على حقيقة الغيب يعني ما نصطلح عليه غيبا وإنما الغطاء والحجاب على ماذا؟ أنا أوجدته لنفسي, واضحة هذه الحقيقة.

    من هنا تجد أن بعض أهل المعرفة بالنسبة الى الامام الحجة × أيضا يشير الى هذه الحقيقة, هو غائب عنا او نحن غائبون عنه؟ الحجاب عليه او على أعيننا لا نراه أي منهما؟ بعض أهل المعرفة يقول لا الامام × لا يمكن أن يكون غائبا هو الذي يكون واسطة الفيض في كل شيء لا يمكن أن يكون غائبا نحن الغائبون عنه, طيب كيف نحضر؟ برفع حجابنا يعني ماذا؟ يعني لابد أن نصعد, فإذا وصلنا الى مرتبة من مراتب الوجود نراه او لا؟ وهذا معنى أن البشرية لابد أن تصعد وتتكامل لكي تصل الى خدمة الامام×, الآن هذه أبحاث كلامية الآن لا نريد أن ندخل فيها ولكنه من باب الإشارة, انا فقط كل همي من هذه الابحاث أن تعرفوا أن هذه ليست فقط أبحاث نظرية, الابحاث العرفانية أبحاث عمقها أبحاث عقدية ولا اقل أريد أن افتح الأفق للاخوة وإنشاء الله يشتغلون عليها.

    الآن انظروا الى الروايات الواردة ادخلوا الى هذه الرؤية وانظروا ماذا يقول الامام السجاد ×وانك تحتجب عن خلقك او لا؟ (وإنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال دونك) قريب المسافة, هو قريب أم بعيد؟ كيف يمكن أن يكون بعيدا كيف يمكن أن لا يكون مشاهدا, كيف يمكن أن لا يكون حاضرا من أشار إليه القرآن {يحول بين المرء وقلبه} يعني قبل أن ترى وتشاهد نفسك لابد أن تشاهده وترى حضوره (سبحانه وتعالى) ولكنه مع ذلك تشاهده وترى حضوره او لا؟ إذن المشكلة اين؟ المشكلة ليست في القرب من طرفه, إنما البعد من طرفها ومنشأ هذا البعد هو الغفلة, إنشاء الله كما سنشير إليه, والا هو موجود حاضر.

    ولعله أوضح الآيات القرآنية التي تكلمت عن هذه الحقيقة هي هذه الآية المباركة من سورة ق الآية 22 هذه الآية القيمة إنشاء الله الاخوة كثيرا يشتغلون عليها وهي قوله تعالى {فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} قال تعالى {وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا} عنها غطائها او {فكشفنا عنك غطاءك} لا الحجاب على تلك الحقائق الأخروية أبدا, الحجاب على من؟ على من يريد أن يشاهدها, لا انه فكشفنا عنها غطاءها فبصرك اليوم حديد, {فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} الآن بصرك نافذ وعينك ترى وقبل ذلك كانت أعشى لا يبصر أعمى الى آخره.

    لذا السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه في ذيل هذه الآية الجزء الثامن عشر ص 350 يعني الآية 22 من سورة ق يقول: ولذا خُوطب بقوله {لقد كنت} الخطاب موجه الى الانسان, لقد كنت في الدنيا في غفلة أحاطت بك من هذا, من هذا ماذا؟ هذا الذي الآن تشاهده يوم القيامة, هذا يعني المشاهد يوم القيامة الذي تشاهده وتعاينه الآن يوم القيامة, طيب في الدنيا كان موجودا او الآن وجد؟ وان كان في الدنيا نصب عينيك لا يغيب لكن تعلقك بذيل الأسباب أذهلك وأغفلك عنه, فكشفنا عنك غطاءك الآن بأي قرينة يقول كان في الدنيا؟ يقول: لان الغفلة لا تعقل الا عن أمر ماذا؟ وإلا لا يعقل أن الشيء غير موجود ويقول انت غافل عنه, الغفلة إنما تكون عن أمر موجود حاضر وانت غافل وهل يعقل أن يكون معدوما وانت غافل عنه؟ غير معقول هذا.

    ويتبين بالآية أن المعرِّف يوم القيامة انه يوم ينكشف فيه غطاء الغفلة عن الانسان فيشاهد حقيقة الامر وفي هذا المعنى الآيات كثيرة.

    ثانيا: أن ما يشاهده الانسان يوم القيامة موجود مهيأ له وهو اين؟ في الدنيا, بعبارة أخرى: برزخه الآن موجود او لا؟ نعم, آخرته موجودة او لا؟ نعم فقط يحتاج الى أن ترفع الغطاء عن نفسك درجة فترى برزخك وترفعه درجة ثانية فترى آخرتك, فالأمر إليك, تريد أن ترفع انت فبها ونعمت طوبى لك, في النتيجة اذا انت لم ترفع يأتي يوم يرفعونه عنك, وإذا جاء ذلك اليوم الذي يرفعونه عنك فانت يوجد عندك فرصة جديدة او لا؟ {كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون} انتهى أغلق الملف, أما اذا انت موتوا قبل أن تموتوا لا الطريق مفتوح والفرصة قائمة.

    قال: وخاصة يوم القيامة هو يوم إنكشاف الغطاء ومعاينة ما ورائه وذلك لان الغفلة إنما يتصور في ما اذا كان الامر موجودا.

    قال: واصطلاحا هو الاطلاع على ما هو وراء الحجاب من المعاني الغيبية والامور الحقيقية وجودا او شهودا, هؤلاء الكشف عندهم كما قلنا تارة يكون كشفا معنويا وأخرى يكون كشفا صوريا, في الكشف الصوري اخواني الاعزاء لا يكون إلا بمشاهدة عالم المثال, سؤال: اذا كان الامر مرتبط بعالم المثال المنفصل فيوجد هناك مجال للمفهوم او لا يوجد؟ لا يوجد, التفتوا لأنه نحن عندما نأتي الى الكشف المعنوي سوف نرى بأنه لا, اعم من الأمر المفهومي العقلي الاستدلالي ومن الامر الشهودي.

    إذن في الكشف الصوري ما ه والكشف الصوري؟ وهو ما يحصل في عالم المثال من طريق الحواس الخمس الباطنية الآن هذا التعريف الاولي أحفظوه, ما هو الكشف الصوري, اتضح انه ما هو المراد منه, أما كشف صوري وأما كشف معنوي, ما هو الكشف الصوري؟ هو الاطلاع هو ما يحصل الانسان عليه من عالم المثال عن طريق حواس الخمس الباطنية لا الحواس الخمس الظاهرية, لان عالم المثال يرى بالعين المادية او لا؟ يسمع او لا يسمع؟ يشم او لا يشم؟ أبدا, بناء على الكشف الصوري يعني ما دمنا نتكلم في الكشف الصوري, اين تبدأ درجة الكشف من عالم الاستدلال المفهومي او من عالم المشاهدة العينية أي منهما؟ الجواب: من الآن لابد أن تعرفوا انه في الكشف الصوري لا نبدأ من علم اليقين نبدأ من اين؟ من حق اليقين وعين اليقين وإذا كانت هناك مراتب فبها, واضحة هذه الحقيقة.

    اذن من هنا لابد أن نقف على هذه المراتب الثلاث لا اقل المشهورة او الأربع او الخمس, تعرفون انتم أن هناك مراتب متعددة:

    المرتبة الاولى: هي المصطلح عليها بعلم اليقين, المرتبة الثانية: هي عين اليقين, المرتبة الثالثة: هي حق اليقين, هذا المعنى المحقق الطوسي كما ينقل شيخنا الاستاذ شيخ حسن زاده (هشت رسالة عربي) هذا الكتاب عربي ولكن العنوان فارسي, (هشت رسالة عربي) هناك في ص 13 من الكتاب ينقل عبارة عن المحقق الطوسي يقول: اعلم أن تلك المعرفة التي يمكن أن تصل إليها إفهام البشر لها مراتب متخالفة ودرج متفاوتة يعني درجات متفاوتة, قال المحقق الطوسي في بعض مصنفاته لم يقل من اين؟ إن مراتبها مثل مراتب معرفة النار مثلا, فان أدناها من سمع أن في الوجود شيئا يعدم كل شيء يلاقيه ويظهر أثره في كل شيء يحاذيه وأي شيء اخذ منه لم ينقص منه شيء, وضيفوا إليها أيضاً خصوصية أخرى كما ذكرها أمير المؤمنين × انه له إمام وخلف ووجه وقدّام الى آخره يمين, له او ليس له؟ ليس له, كلها وجه, صحيح, ولكن رأى النار او لا؟ لم يراها, ولكنه علم انه في الوجود يوجد موجود بهذه الخصوصيات, هذه أدنى المعرفة وهي معرفة المقلدين, أدنى المعرفة التي لا فيها لا استدلال ولا برهان ولا كشف الى غيره.

    قال: ونظير هذه المعرفة في معرفة الله او المرتبة في معرفة الله معرفة المقلدين الذي صدقوا بالدين من غير وقوف على حجة, وهذا نحن بحث مفصل وقفنا عليه في كتاب معرفة الله, عندما وصلنا الى طرق مراتب معرفة الله في بيان مراتب معرفة الله بيناه, طرق معرفة الله بيناه, آثار معرفة الله أيضاً بيناه, طيب وأعلى مرتبة منها ما هي؟ وأعلى منها مرتبة من وصل إليه دخان النار, يعني شاهد الأثر من غير أن يقف على حقيقة المؤثر, هناك الأثر رآه او لا؟ لا لا هنا شاهد بعلم إحساسي شاهد الدخان, وعلم انه لابد له من مؤثر فحكم بذات لها اثر أثرها ما هو؟ هو الدخان ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة أهل النظر والاستدلال الذين حاولوا الاستدلال الإني من الآيات للوصول الى ذي الآية الى صاحب الآية الى الله (سبحانه وتعالى) اثبتوا حكمته اثبتوا عدله اثبتوا صنعه, عدله الى آخره من طريق برهان الإن وهذا هو الطريق المتعارف, {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم}.

    وأعلى منها مرتبة من أحس بحرارة النار, لا انه وجد اثر النار, لا انه رأى الدخان وإنما وضع يده على النار, طبعا الذي رأى الدخان انت تستطيع أن تذهب وتشككه وتقول له من قال بان هذا الدخان من النار لعله من مصنع اتماتيكي وليس من نار وإنما هذه كهرباء مثلا, أما هنا عندما يرى النار ويرى حرارته فلو تأتي ألف دليل ودليل انه هذه ليست النار ولا يوجد فيها حرارة, قد يجيبك, ولكنه تستطيع أن تشككه او لا؟ لا تستطيع, وهذه هي المرتبة الاولى من مراتب الشهود, تلك المرتبة الاولى والمرتبة الثانية قابلة للتشكيك او لا؟ قابلة للزيادة والنقص او لا؟ نعم, أما هذه ليست قابلة للتشكيك, فلذا هذه لم تدخل في علم اليقين هذه تدخل أما في حق اليقين او في عين اليقين.

    وأعلى منها مرتبة من أحس بالنار بسبب مجاورتها وشاهد الموجودات بنورها وانتفع بذلك الأثر ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة المؤمنين الخلص الذين اطمأنت قلوبهم بالله وتيقنوا أن الله نور السماوات والارض فهؤلاء عندهم اليقين او علم اليقين أي منهما؟ يوجد فرق كبير بين انه يوجد عندك ماء وبين انه يوجد علم بالماء؟ بين أن يوجد عندك الألم وانت ذاهب الى الطبيب وبين أن يوجد عند الطبيب علم بالألم, ذاك الذي عند الطبيب يقين او علم اليقين, أما انت ماذا عندك, علم اليقين او نفس اليقين؟ لا لا, نفس اليقين موجود, لذا انتم عندما تذهبون الى الطبيب تقولون له عندما يضع يده على هذا السن تقول لا لا الألم ليس هنا الألم هنا, طبعا الطبيب يتصور الألم لا انه لم يتصوره ولكنه يتألم او لا يتألم؟ لا يتألم يظهر له اثر او لا؟ أبدا لعله السيكارة في جنبه وهو على راحته وانت تتألم بشدة, لأنه هو ماذا عنده يقين او علم اليقين؟ بعبارة اصطلاحية: عنده الحقيقة او صورة من الحقيقة, عنده مفهوم او مصداق؟ (كلام أحد الحضور) نعم إذن اخواني الاعزاء ميزوا بين هذه البيانات بين علم اليقين وبين نفس اليقين, فان العلم باليقين مفهوم ونفس اليقين مصداق, ولكن الوقوف على المصداق له مرتبة او له مراتب؟ هذه مرتبة أدنى مراتبه ماذا؟ ان تضع يدك على النار وتحس بحرارتها, المرتبة الثانية: انت تصير نار لا فقط تحترق, نعم بلي هذه مرتبة, ولكنه انت تكون نار.

    يوجد فرق كثير بين أن الانسان بمشاهدة ملكوتية يرى الصراط المستقيم, وبين أن يكون هو الصراط المستقيم, وبين أن يعلم بالصراط المستقيم, الآن نحن عموما ماذا نعرف عن الصراط المستقيم؟ مفهومه صورته فلهذا تتأثر او لا؟ تحرك او لا؟ كما انه لم تحرك الطبيب, أما متى تحركنا؟ اذا شاهدناها او صرنا هي, نحن نعلم {ونصبت الموازين القسط يوم القيامة} طيب هذا علم حصولي, بعض تقليدا يعرفها بعض استدلاليا يعرفها بعضه لا يشاهده بشهود ملكوتي, هذه الموازين يشاهدها كما الآن أشاهدك أنا ولكن بعين البصيرة وبعض يصير نحن الموازين نحن ميزان الاعمال يوم القيامة, واضح.

    فلذا يقول: وأعلى منها مرتبة من احترق بالنار بكليته وتلاشى فيه بجملته ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة أهل الشهود والفناء في الله وهي الدرجة العليا والدرجة القصوى رزقنا الله الوصول إليها والوقوف عليها بمنه وكرمه.

    هذا المعنى بشكل دقيق وجيد مع الامثلة أشار إليه السيد حيدر الآملي في جامع الأسرار ص 602 أيضا أشار الى هذه المعنى: هو أن علم اليقين ما كان بشرط البرهان, ولكن هذه المرتبة الثانية من علم اليقين لأنه عند المقلدين أيضاً يوجد علم اليقين ولكن مع الدليل او بلا دليل؟ بلا دليل, علم اليقين او العلم باليقين لأنه ذاك الذي يورث اليقين لا هذا, وانت بحسب العلم الحصولي يوجد عندك اليقين او يوجد عندك علم بذلك اليقين؟ الآن لماذا اقول يقين؟ مرادي اليقين الاصطلاحي {وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين} يكون صاحب يقين لا انه يكون عنده علم باليقين وفرق كبير, الآن لماذا الانسان اذا انكشف له الملكوت يصل الى اليقين الآن ذاك بحث آخر, لأنه يرى حقيقة الشيء وعندما يرى حقيقة الشيء يمكن أن ينفصل عن بارئه وخالقه او لا يمكن؟ لا يمكن, لذا قال: علم اليقين وحق اليقين وعين اليقين لأصحاب العلوم أي العلوم الحقيقية الإرثية الإلهية يعني العرفاء, هذا من؟ عين اليقين وحق اليقين لأصحاب المعارف أي الانبياء والأولياء والكمل الذين حصلوا معرفة الله ومعرفة الاشياء بالكشف والمشاهدة والذوق والفناء يقول ومثال هذه المراتب مثال شخص ولد في بيت مظلم الآن إما يرى طلوع الصبح من غير أن يرى الشمس او يرى آثار الشمس وأما يرى الشمس وأما أن يكون شمسا يشير الى هذه المراتب الأربع التي اشرنا إليها.

    على هذا البيان إذن في الكشف الصوري من اين يبدأ؟ يبدأ من علم اليقين بمرتبتيه التقليدية والبرهانية او يبدأ من علم اليقين وحق اليقين أي منهما؟ يبدأ من لأنه هذا كشف الحقائق وكشف الحقائق غير العلم بتلك الحقائق هذه مفاهيم.

    لذا التفتوا الى العبارة قال: واصطلاحا هو الاطلاع على ما وراء الحجاب من المعاني الغيبية الحقيقة لا مفاهيمها, أما وجودا وهو حق اليقين, او شهودا وهو عين اليقين, الآن لماذا سمي حق اليقين وجودا؟ لأنه بعد أن صار نارا يجد حقيقة النار, هذا من الواجدان وجودا يعني وجدانا وجد تلك الحقيقة, إذن وجودا هذه المرتبة العالية شهودا هذه المرتبة الأدنى منها يعني حق اليقين وعين اليقين, واضح هذا المعنى هذه الجملة واضحة.

    عندما ترجعون الى الروايات تجدون أن هذا المعنى بشكل واضح وجلي سلام الله على ائمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) أشاروا إليه بنحو دقيق, أنا أشير الى بعض الروايات.

    في اصول الكافي الجزء الثاني كتاب الإيمان والكفر باب فضل الايمان على الإسلام واليقين على الإيمان, عن جابر قال: (قال لي أبو عبد الله الصادق × يا أخا جُعف إن الإيمان أفضل من الإسلام, إسلام العام, وان اليقين أفضل من الايمان وما من شيء اعز من اليقين) لا العلم باليقين, هذا العلم باليقين مفهوم, الذي هو نادر ما هو؟ ليس علم اليقين ليس العلم باليقين الذي هو النادر هو نفس اليقين.

    عن ابي الحسن الامام الرضا × قال سمعته يقول: (الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الايمان بدرجة, واليقين فوق التقوى بدرجة, وما قسم في الناس شيء اقل من اليقين) نادر جدا, والروايات عديدة.

    في رواية أخرى بينت ما هو المراد من اليقين يعني بينت مصداق من مصاديق اليقين وهي الرواية المعروفة قال: (قال سمعت الامام الصادق × يقول: أن رسول الله صلى بالناس الصبح فنظر الى شاب في المسجد يخفق ويهوي برأسه مصفرا لونه قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه فقال له رسول الله   ’ كيف أصبحت يا فلان, قال: أصبحت يا رسول الله موقنا), اذن انا عندي علم اليقين مفهوم اليقين او عندي نفس اليقين, فقال: (× فعجب رسول الله  ’من قوله) بأنه من الذي يحصل هذا الكبريت الأحمر, اين يحصل الانسان؟ (فعجب رسول الله  ’ من قوله وقال أن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك) أعطني علامة كيف تقول انا وصلت الى هذا المقام؟ (فقال: أن يقيني يا رسول الله  ’ هو الذي أحزنني واسهر ليلي وأظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى) هذا محل الشاهد هنا (حتى كأني انظر الى عرش ربي) انا الآن لعلي عندي استعداد اجلس في العرش الإلهي أتكلم بمائتين كلمة خمسة وخمسين محاضرة في العرش والكرسي أتكلم, لكن أرى او لا أرى؟ هذا كذلك لم يكن يرى كان قد وصل الى مقام كأني أرى, وإلا مقام إني أرى, ومقام فوق إني أرى الذي يصير نفس الحقيقة هو يصير العرش والكرسي هذا بعده ذاك اين تلك مقامات أخرى.

    (وقد نصب للحساب وحشر الخلائق وأنا فيهم وكأني انظر الى أهل الجنة يتنعمون ويتعارفون وكأني انظر الى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون, وكان الإن اسمع زفير النار يدور في مسامعي فقال رسول الله ’لأصحابه هذا عبد نور الله قلبه بالإيمان ثم قال له إلزم ما انت عليه) هذا هو اليقين هذه هي علامات اليقين, تحتاج الى علائم الى حقيقة.

    اذن اخواني الاعزاء هنا قال: وجودا او شهودا وهو معنوي طبعا على نحو اللف والنشر غير المرتب, وهو معنوي وصوري, المعنوي سيأتي في ص 132 وقلنا له مراتب, واعني بالصوري الكشف الصوري, ما يحصل في عالم المثال عن طريق ماذا؟ من طريق الحواس الخمس, هذه الحقيقة من الحقائق القرآنية ومن الابحاث الاساسية, الذي واقعا عندهم شغل ويريدون أن يفهموا حقيقة السلوك وطريق السلوك الى الله (سبحانه وتعالى) يبدأ من هنا, اولا لابد أن نثبت هذه الحقيقة قرآنيا, وأنا أحاول أن لا اذهب روايات كثيرا تعلمون منهجي, أحاول قرآنيا أجد دليل او لا.

    في القران, عندما نأتي الى القرآن الكريم الشواهد على ذلك كثيرة جدا, انا اقرأ لعله أربع او خمس شواهد منها لا أكثر من القران الكريم.

    الشاهد الاول: وهو في سورة الحج الآية 46 قال تعالى: {أفلم يسيروا في الارض فتكون لهم قلوب يعقلون بها او آذان يسمعون بها, فإنها لا تعمى الأبصار} البصر يرى ما عنده مشكلة ولكن المشكلة اين؟ {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} نسبة العمى الى القلب ظاهره أن القلب له أبصار او لا؟ صريح الآية المباركة عندما ينسب العمى الى شيء طبعا متى نحملها على المجاز والكناية والتشبيه ونحو ذلك؟ اذا لم يكن الحمل على الظاهر وحملها على الظاهر مقتضى القواعد بعد أن أثبتنا انه يوجد عندنا تجرد مثالي إذن يحتاج الى شهود والى رؤية مثالية وهذا الذي نعبر عنه بالبصير.

    طيب الآية قالت {لا تعمى الأبصار} لماذا تقولون توجد آذان أيضاً مرتبطة ملكوتية؟ يقول: بقرينة المقابلة قال: {قلوب يعقلون بها وآذان يسمعون بها} {لا تعمى الأبصار} إذن الأذن توجد ملكوتية.

    من خلال هذه الآية اذا ضممناها الى الآية 179 من سورة الاعراف وهي قوله تعالى {لهم قلوب لا يفقهون بها, ولهم أعين لا يبصرون بها, ولهم آذان لا يسمعون بها, أولئك كالأنعام} جيد سؤال: هذا التشبيه متى يتم؟ اذا كان المراد من الأبصار والآذان والقلوب وغيره الظاهرية ماذا الأنعام الم توجد فيها هذه الظاهرية؟ عندها او لا؟ (كلام أحد الحضور) إذن وجه التشبيه ماذا؟ لماذا يقول: {لهم آذان لا يسمعون} عند ذلك يصيرون إذا لا يسمعون يكونون كالأنعام, طيب إذا كان المراد الآذان الظاهرية ماذا الأنعام الا يوجد عندها ظاهرية؟ إذن (كلام أحد الحضور) التفتوا الى النكتة.

    النكتة أن الآية تقول: إذا لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا يكونون كالأنعام, طيب السؤال: اذا كان الظاهري طيب الأنعام هذه موجودة عندهم, إذن عندما يريد أن يشبههم بالأنعام لابد أن يشبههم بأمر يوجد عند الأنعام او لا يوجد؟ (كلام أحد الحضور) ماذا يوجد عند الأنعام؟ الباطني غير موجود, لذا يقول: اذا كان يوجد عندكم هذا الظاهر يعني تسمعون وترون و.. ولكن ذاك الباطني ذاك الذي تطلعون من خلاله على عالم الملكوت لم يوجد عندكم عند ذلك تكونون مثل من؟ تكونون في صف الأنعام, القران الكريم لم يكتفي أن يكونوا في صف الأنعام.

    فلذا قلت مرارا وتكرارا التفتوا القران الكريم أبداً ليس بصدد أن يقول لاحد انت حمار انت أنعام أبدا, هذه بيان حقائق, يوجد فرق بين انه انت تريد أن تقل له تذمه, وتريد أن تبين حقيقة من حقائق هذا العالم, واضح أم لا.

    طيب القران لا يكتفي بل يقول {بل هم أضل} لماذا أضل؟ هذه وجه الأضلية, طيب انا صرت مثل الأنعام وهو انه حواسي الملكوتية لا استعملها طيب أكون في صف الدواب والأنعام لماذا أضل؟

    يقول: باعتبار أن الأنعام لا تستفيد من باب السالبة بانتفاء الموضوع وانت لا تستفيد لا تسمع لا ترى من باب السالبة بانتفاء المحمول, انت تملك ولا ترى وهو لا يرى يملك او لا يملك؟ لا يملك, إذن انت أضل او لا؟ لذا قال: {بل هم أضل سبيلا}, هذه آية.

    من الآيات وهي التي انا أمر عليها مرورا الاخوة بودي أن هذا يكون باب للانفتاح البحث التفسيري لا اقل يراجعون المفسرين ويجدون كم مشرقين ومغربين في مثل هذه الآيات لأنه المباني لم تكن موجودة طيب ماذا يقولون؟ يقولون كأنه لا ينتفع بها, هذه لا يعتبر به والى آخره. ومن هذه الآيات {ومن كان في هذه أعمى فهو في الأخرى أعمى وأضل سبيلا} يأتي.

     والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/02/07
    • مرات التنزيل : 1775

  • جديد المرئيات