نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (149)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: وأما القلب فلتقلبه بين الوجه الذي يلي الحق فيستفيض منه الأنوار وبين الوجه الذي يلي النفس الحيوانية فيفض عليها ما استفاض من موجدها على حسب استعداها.

    أنا أتصور بأنه احتاج إلى بعض المقدمات لتوضيح هذا البحث في الفصل العاشر:

    البحث الأول الذي نحن بصدده أو موضوع البحث هو أنه ما هو موضوع البحث في هذا الفصل العاشر, هو ما هو وجه تسمية حقيقة واحدة بأسماء متعددة هذا هو البحث الأول أو موضوع هذا البحث, لأنه نحن عندما نضع يدنا على هذا الأمر القدسي الذي عبر عنه القرآن الكريم ونفخت فيه من روحي أو عبر عنه القرآن الكريم {ثم انشأناه خلقا آخر} أو تعبيرات أخرى نجد أنه سمي في الآيات والروايات بأسماء متعددة, سمي نفسا, سمي عقلا, سمي روحا, سمي قلبا, سمي سرا, سمي خفيا, سمي صدرا, {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} واقعا لماذا ينسب العمى إلى القلب وينسب إلى الصدر فهذا أي قلب, أو صدر, وأي عمى, إذن ما هو وجه تسمية تلك الحقيقة صدرا, قلبا, كلمة, روحا, نفسا, سرا, خفيا, ونحو ذلك هذا هو موضوع الفصل العاشر, المسألة التي ينبغي أن يلتفت وكان ينبغي أن  يكون هذا البحث بهذه الطريقة الفنية التي سأشير إليها وهو أنه انتم قرأتم في محله أن التعريف قد يكون تعريفا اسميا وقد يكون تعريفا حديا وكلاهما تعريف حقيقي, يتذكر الإخوة في البداية والنهاية نحن ميزنا بين التعريف الاسمي وتعريف شرح الاسم, قلنا أن التعريف الاسمي من أقسام التعريف الحقيقي أما التعريف الشرح الاسمي هذا تعريف لفظي لذا في أول لابد أن نقول هكذا: التعريف إما لفظي وإما حقيقي والحقيقي إما اسمي وإما حدي, وإذا يتذكر الإخوة ميزنا بين الاسمي والحدّي قلنا إذا كان ما قبل هل البسيطة فهو اسمي وإذا كان ما بعد هل البسيطة فهو حدّي, كان ينبغي هنا أن يدخل إلى البحث بهذه الطريقة وهو أن يذكر التعاريف الاسمية التي هي اقرب إلى التعريف الاسمي وهي بنفسها ستكون بعد إثبات وجودها إما بالوحي وإما بالعقل بعد إثبات وجودها تكون تلك التعاريف الاسمية تعاريف حدّية ولكن هذا البحث لم يبين بهذه الطريقة الفنية التي أشرت إليها هذا أولا.

    ثانيا: من مقدمات البحث الاساسية في هذا الفصل هو أننا عندما نقول صدر, نقول فؤاد, نقول كلمة, نقول قلب, وغيرها من الالفاظ هل أن هذه الالفاظ موضوعة لمصاديقها المادية بنحو إذا استعملت في غير مصاديقها المادية يكون من قبيل استعمال الشيء في غير ما وضع له فيكون استعمالا مجازيا كما هو المشهور الموجود  في الكلمات أو لا أن الالفاظ موضوعة لروح المعاني وللغايات المترتبة وعند لا ذلك لا فرق بناء على هذا التوجه والنظرية الثانية لا فرق بين أن يكون المصداق مصداقا ماديا أو يكون المصداق مصداقا معنويا ملكوتياً وعلى هذا الاساس, التفتوا جيدا هذا الذي على يساري صدر الإنسان الذي يسمى باصطلاح الأطباء قلبا وهو قلب حقيقة لماذا؟ لأنه تتقلب عليه الامور يأخذ ويعطي, حاله سليم حاله سقيم, لولاه لما وجدت الحياة والروح يمكن أن يسمى قلبا إذا كان فيه هذه الحالة يأخذ ويعطي من جهة أخرى ومنشأ  للحياة ونحو ذلك.

    إذن: إطلاق القلب على ذاك المعنى الملكوتي {ونفخت فيه من روحي} بناء على النظرية الاولى يكون إطلاقا مجازيا أما على النظرية الثاني يكون إطلاقاً حقيقاً, نعم المصداق واختلاف المصداق لا يؤثر في الاستعمال استعماله في الأول وهكذا في العقل وهكذا في الكلمة, الكلمة إذا أريد منها وضعت لهذه الكلمات فقط فاستعمالها في الوجود الخارجي يحتاج إلى قرينة ومؤنة أما مجازية كنائية استعارية سمها ما شئت, أما إذا قلنا أن لفظ الكلمة إنما وضع لإخراج ما هو المكنون واعم من أن يكون هذا المكنون وجودا لفظيا أو أن يكون وجودا خارجيا وهكذا وهذه القاعدة الثانية التي لا بد أن يشار إليها.

    القاعدة الثالثة: وهو أنه دائما, هذه القاعدة أحفظوها في القرآن وفي الحديث وكذلك القاعدة الثانية لا تنسوها ما هي؟وهي أن المعنى الاصطلاحي لهذه الالفاظ بناء على القاعدة الثانية لابد أن لا يكون مناقضا مضادا مبايناً لمعناه اللغوي, إذا كان هناك اختلاف فلابد أن يكون اختلاف في المصداق وليس في المفهوم فالمفهوم يبقى مشترك لفظي أو معنوي؟” لابد أن يبقى مشتركاً معنويا يعني المفهوم مفهوم واحد عندما نقول سمع فهذا مفهوم السمع يبدأ من أي درجة من أدنى الموجودات إلى واجب الوجود فالمفهوم واحد, البصر عندما يبدأ من أي نقطة والى أي درجة يصعد هو بصر, طبعا بعض المفاهيم فيها القدرة أن يبقى المفهوم مشتركا معنويا حتى في الواجب كما الوجود السمع والبصر والعلم ونحو ذلك, أما بعض المفاهيم توجد فيها هذه القدرة أو لا توجد؟ وإذا كانت ففيها خفاء شديد من قبيل الجسمية, الجسمية مفهوم وأنت تستطيع أن تنقله من الجسم الطبيعي إلى الجسم المثالي, افترض على سبيل الفرض تنقله الجسم العقلاني ولا تستطيع أن تصعد به إلى الجسم الإلهي لأنه هذه المفهوم ليس له مصداق هناك فلهذا نقول ينزه عن الجسمية, لماذا لا نقول ينزه عن السمع والبصر لأن السمع والبصر له مصداق ينسجم مع تلك المرتبة مع الشأن الإلهي.

    إذن: اخواني هذه القواعد أحفظوها لتفسير أي نص الهي ومقصودي من هذا النص القرآني أو النص النبوي لا فرق فعندما يأتينا نص لابد أن نفهم هذه الامور أو نأخذ بعين الاعتبار هذه القواعد وخصوصا القاعدة الثانية والقاعدة الثالثة, وهي أن المعنى الاصطلاحي لا يمكن أن يكون مبايناً للمعنى اللغوي فلابد أن يأتي في نفس إطار المعنى اللغوي وان كان يختلف عنه مصداقا, إذا اتضحت هذه الامور أتصور أن البحث سيكون واضحا على هذا يعني عندما نعبر عن الحقيقة بالروح أي حقيقة؟ التي هي الروح الانساني التي هي الروح الأعظم نعبر عنها الروح فنرجع إلى المعنوى اللغوي لنرى ماذا يقول عن الروح؟ الذي به الحياة منبع الحياة, هذه الروح أيضا سميت روحا لانها منبع الحياة ولهذا قال: وأما الروح فباعتبار, الآن ارجعوا معنا إلى العبارة التي فوق حتى نصححها: فأما كونه سرا, هذه قرأت بقراءتين وفي نسختين, فلاعتبار أنه يُدرك أنواره لأرباب القلوب والراسخين, وهذه قراءة ليس فيها لا وإلا فهذه مرفوعة هذه نسخة, وعند ذلك لأرباب القلوب والراسخين تصير وإذا صارت بهذه النسخة التي هو ينقلها شيخنا الاستاذ الشيخ حسن زاده: فلاعتبار أنه لا يدرك أنواره, أي انوار هذا الروح, إلا أرباب القلوب والراسخون في العلم بالله, لأنه الراسخون تكون معطوفة على أرباب القلوب, نعم تكون الراسخين إذا كانت لأرباب القلوب فعند ذلك تصير والراسخين ولكن شيخنا الاستاذ مع الاسف الشديد جمع بين عبارة أرباب وعبارة راسخين يعني هذه نسختين وليس نسخة واحدة نسخة ليس فيها لا وإلا ولكن فيها لأرباب القلوب والراسخين ونسخة وتوجد فيها لا وإلا فتصير أرباب القلوب والراسخون هذا أولا.

    ثانيا: وأما القلب, اخواني صححوا العبارة لا حاجة لأن نعيد, وأما القلب, يعني لماذا سميت هذه الحقيقة الملكوتية القدسية سميت قلبا ما هو وجه تسميتها قلبا؟

    قال: وأما القلب فلتقلبه, ليس تقلب القلب تقلب الروح الذي سمي بالقلب, وأما القلب فلتقلبه بين الوجه الذي يلي الحق الذي هو وجه الاستفاضة ووجه الأخذ, فيستضف وليس تستفيض لأنه  الروح, فيستفيض الروح منه, أي من الحق الأنور, يتقلب بين ماذا وماذا؟ بين الوجه الذي يلي الحق وهو الاستفاضة وبين الوجه الذي يلي النفس الحيوانية وهي الافاضة, فلماذا سميت هذه الحقيقة قلبا؟ لأنه يتقلب بين هذين الوجهين, أو سمي بذلك لأنه يقلبه كيفما يشاء بين إصبعي الرحمن يقلبه كيفما يشاء يعني هذه الحقيقة بين إصبعي الرحمن يقلب هذه الحقيقة كيفما يشاء فسميت هذه الحقيقة لأجل هذا اللحاظ قلبا.

    وبين الوجه الذي يلي النفس الحيوانية فيفيض عليها, يعني الروح يفيض على النفس الإنسانية ما استفاض, يفيض من ذاته هو عنده شيء؟ لا

    يقول: ما استفاض من موجده, وليس من موجدها لأن ما استفاض الروح وليس القلب فالقلب وجه التسمية والاسم ونحن نتكلم عن المسمى لماذا سمي الروح قلبا, ما استفاض من موجده على حسب استعداده أو استعدادها أي منهما؟ (كلام لأحد الحضور) فيفيض الروح من موجده, على من يفيض؟ على النفس على حسب استعداد النفس, إذن العبارة هنا صحيحة, لماذا أقول هذا؟ باعتبار أنا أرجعت الضمير على النفس الحيوانية جملة من الأعلام هنا يقولون على حسب استعدادها هذا على نحو التنازع وهو أيضا يعود على الحقيقة أيضا يعود على ماذا, يعني تلك الحقيقة على حسب استعدادها تأخذ وعلى حسب استعدادها تفيض, الجواب هذا الكلام يتم لو كان مرجع الضمير إلى الحقيقة وليس إلى الروح وعند ذلك وحدة الضمير الحقيقة والنفس الإنسانية واحدة فيمكن أن يكون على نحو التنازع ولكن لأنه الكلام في الروح وهو مذكر إلا من أول الأمر نرجع كله نؤنثه نقول: وأما تسمية وجه تلك الحقيقة بالقلب فلتقلبها, يعني الحقيقة, بين الوجه الذي يلي الحق فتستفيض يعني الحقيقة من الحق الامور وبين الوجه الذي يلي النفس فتفيض, تلك الحقيقة على النفس, ما استفاضت تلك الحقيقة من موجبها, وهنا يمكن أن نقول على حسب استعداها, نقول على نحو التنازع, على حسب استعدادها تستفيض وعلى حسب استعدادها تُفيض.

    والامر إليكم لأنه فيما سبق ارجع إلى الحقيقة وفي بعض الأحيان ارجع إلى الروح الأعظم.

    وأما الكلمة, لماذا سميت هذه الحقيقة أو الروح الأعظم أو الروح الانساني سمي كلمة, يقول الكلمة هي التواجد من نفس الإنسان حيث أنا أتنفس والتنفس يمر على مخارج الحروف فتتشكل منها الكلمات فباعتبار أن الروح الأعظم يوجد من خلال النفس الرحماني فبهذا اللحاظ سمي الروح كلمة من الكلمات الوجودية.

    وأما الكلمة, يعني وجه تسمية الروح بالكلمة, فباعتبار ظهورها أو تقلبه, ظهور من؟ الحقيقة لماذا إذن أنت جعلتها مذكر وهذا الكلام ليس موجها للشيخ حسن بل موجه إلى القيصري, أنت في النتيجة أما أن ترجع الضمائر كلها إلى الروح حتى كلها تكون مذكر أو ترجع الضمائر  كلها إلى الحقيقة حتى كلها تكون مؤنث, لأنه هو أول الأمر قال: أن الروح الأعظم الذي في الحقيقة هو الروح الإنسان, أنا في قناعتي الصحيح لابد أن يكون كله مذكر لأنه في الحقيقة ليس حقيقة الروح الإنساني بل في واقع الأمر يريد أن يقول: إن الروح الأعظم الذي في الحقيقة, هذه الذي لو ترفعوها ليس فيها مشكلة, أن الروح الأعظم هو الروح الانساني, فلابد أن الضمائر كلها تكون مذكر.

    وأما الكلمة فباعتبار ظهوره, أي الروح, في النفس الرحماني, من باب التنظير, كظهور الكلمة في النَفَس الانساني, وليس في النْفس الانساني.

    سؤال: هذه الروح واحده من أسمائها الفؤاد لقوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى, لماذا سميت هذه الحقيقة فؤاد أو سمي الروح فؤادا, انظروا كيف أنه يرجع إلى المعنى اللغوي والقاعدة تامة لأنه يريد أن يفهم المعنى اللغوي وبعد ذلك يجعل المعنى الاصطلاحي في إطار المعنى اللغوي.

    بعبارة أخرى: يذكر تعريفا اسميا الذي بعد هل البسيطة يكون تعريفا حقيقا تعريفا حديا.

    وأما الفؤاد, يعني سمي الروح فؤادا, فباعتبار تأثر الروح من مبدعه فان الفأد الذي هو مصدر اشقاق الفؤاد فان الفأد هو الجرح والتأثر لغة, فإذا كان الفأد الفؤاد هو المتأثر من مبدعه من موجده, لماذا سمي صدرا؟

    يقول باعتبار أنه عند المواجهة مع هذه الحقيقة أنت عندما تواجه الإنسان أولا تواجه بوجهه أو بظهره فهو الذي يلي الإنسان فالروح هو الذي يلينا وهو منبع الحياة والأنوار فلهذا سمي الروح صدرا.

    وأما الصدر, يعني وجه تسمية الروح الانساني بالصدر فباعتبار الوجه الذي يلي الإنسان أنت أول شي تواجه من الإنسان صدره وليس ظهره ولهذا سمي الروح صدرا, نكتة التسمية, لكونه, كون الصدر لا كون الروح, لكونه مصدر انوار البدن هذا أولا وتصدره, يعني وكونه, لكونه ولتصدره, ولتصدره عن البدن, يعني أن الأصل هو الروح وان البدن هو التابع هو الذيل هو الشأن وليس هو الأصل.

    لماذا سمي روعا؟ باعتبار الرواية التي وردت وفي الحديث الصحيح أن روح القدس نفث في روعي.

    قال: فباعتبار أن الروح تخاف وتفزع من قهر مبدعه القهار, فإذن هذا البعد أيضا موجود في الروح أنه يفزع ممن؟ كما أنه يأمل رحمته وثوابه يفزع من عقابه وقهره, فباعتبار خوف الروح وفزعه من قهر مبدعه القهار, التفت جيدا الروع من أين مأخوذ؟

    قال: اذا أخذه من الرَوع وهو الفزع وليس الرُوع صححوا الكلمة, يعني لماذا الروح روعا؟

    قال: لأن الروع مأخذه الروع والروع هو الفزع فسمي الروح روعا, إذ أخذه, وليس إذا, إذ أخذه, يعني مأخذه, إذ أخذه الرُوع من الرَوع, أخذه يعني مأخذ الرُوع مصدر الرُوع, إذ أخذه من الرَوع والرَوع هو الفزع.

    لماذا تسمى هذه الروح عقلا؟ تعالوا إلى اللغة ماذا تقول عن العقل من العِقال يعقل الشيء يقول هذا المعنى محفوظ هنا لأن العقل بعد أن أدرك أي شيء يحفظ ويعقل ما أدركه فلها سمي الروح عقلا.

    وأما العقل, في الحاشية شيخنا الاستاذ يقول من العِقال وهو الذي يعقل الشيء, يدرك, ويحفظ, وأما العقل فلتعقله ذاته وموجده, باعتبار أن هذه القوة تدرك ذاتها وتتميز بهذا الإدراك عن غيرها, أنت كيف تستطيع أن تقول هذه الذات غير تلك الذات إذا عقلت هذه الذات وميزتها عن تلك الذات فهي التي تميز هذه الذات عن تلك الذات.

    قال: فلتعقله ذاته وموجده, هذا الضمير كله هذه لام الجر ادخلوها على الجميع, فلتعقله وتقيده بتعين خاص, لأنه له مقام معلوم هذه المرتبة لا قبلها ولا بعدها, ولتقييده بتعين خاص وتقييده, العقل, ما يدركه ويضبطه وحصره إياه في ما تصوره, وليس إياها لأن الضمير يعود على ما يدركه.

    قال: فلتعقله ذاته وموجده وتقيده بتعين خاص وتقييده ما يدركه ويضبطه وحصره إياه فيما تصوره.  وأما النفس, لماذا سميت الروح نفساً ؟

    قال: فلتعلقه إلى البدن وتدبيره البدن, نعم هنا لم يبين ما معنى أن النفس التي هي أمر مجرد خصوصا بناء على مبنى المشائين جسمانية الحدوث وجسمانية البقاء ما معنى انها تدبر البدن, ما هي العلاقة بين النفس وبين البدن هذا الذي عقد له التنبيه الثاني في هذا الفصل, تعالوا معنا إلى صفحه 157 قال: اعلم أن الروح من حيث جوهره وتجرده وكونه من عالم الارواح المجردة مغاير للبدن متعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف قائم بذاته غير محتاج إلى البدن في بقائه وفي قوامه ومن حيث.

    هنا يأتي هذا السؤال: ما هو نحو العلاقة التدبيرية الموجودة بين المجرد وبين المادي؟ هنا لم يبين هو وإنما أوكل بحثه إلى تنبيه آخر وسيأتي بحث بعد ذلك.

    عندما وصل إلى بحث النفس كأنه آخر مرتبة من مراتب الروح, هذه الحقيقة الإنسانية إذا أردنا من مراتبها من أعلى تبدأ من الأخفى والخفي والسر, في قوس النزول, والسر والروح والقلب والنفس ودونه البدن الذي هو الطبع, الآن في قوس الصعود من أين تبدأ؟ الذي هو البدن وبعد البدن يوجد النفس وعند ذلك تجدون الآن بعد أن ذكر مجموعة هذه الأسماء أراد أن يشير إلى المراتب المعروفة وهي أنه يبدأ من النفس والنفس تبدأ نباتية ثم حيوانية ثم انسانية والإنسانية مسولة وأمارة ولوامة ومطمئنة ثم مقام القلب ومن القلب الى الروح ومن الروح إلى السر والخفي والاخفى.

    إذن: البحث هنا سيتبدل لذا عندما انتهى إلى النفس قال: ويسمى, هذه ليس الروح التفتوا جيدا الروح أيضا يسمى ولكن بلحاظ هذه المرتبة النفسية, هذه أسماء تلك الروح لا بالذات بل بلحاظ مرتبتها النفسية أتضح المطلب, انظروا تلك أسماؤها مباشرة يعني وصف بحال نفس الشيء أما هنا أيضا أسماء للروح ولكن وصف بحال النفس هذه النفس وهذه الروح سميت نفسا ولكن هذه النفس لها مرتبة واحد أو لها مراتب متعددة؟ مراتب متعددة أتضح البحث.

    قال: ويسمى, يعني الروح وإلا لو كان مراد النفس لكان يقول وتسمى, ويسمى عند ظهور الافعال النباتية من النفس, ليس من الروح ويسمى الروح بلحاظ تعلق الموصوف, ويسمى الروح بلحاظ النفس عند ظهور الافعال النباتية منه, أي من النفس, بسدنتها, بخدمتها بقواها لان النباتية أو النفس النباتية لها قوى غاذية ومولدة والى غير ذلك بسدنتها, يعني بواسطة سدنتها يسمى ذلك الروح النفس النباتية, وعند ظهور الافعال الحيوانية من النفس يسمى الروح نفسا حيوانيا.

    الآن عندما دخلنا في عالم الحيوانية والله العالم أن النفوس النباتية يوجد بينها تزاحم وغلبة ذلك بحث آخر وان كانت العلوم التجريبية الحديثة تثب هذا الشيء وان كل واحدة منها عندها دائرة وجود وإذا دخل عليها في دائرة وجودها أحد هذه أبحاث في العلوم القديمة لم تكون موجودة ولهذا التزاحم يبدأ عندنا من النفس الحيوانية لا من النفس النباتية وان كانت العلوم الطبيعية الآن تثبت أن لها إدراك وشعور ومنطقة نفوذ ومعارك وتزاحمات إلى آخره.

    الآن دخلنا في النفس الإنسانية أو الروح بلحاظ نفسها الحيوانية, ما هي مراتبها؟ يشير إلى هذه الثلاثة المشهورة وهي النفس الأمارة والنفس اللوامة والنفس المطمئنة ولكن القرآن الكريم وعلماء الأخلاق يشيرون بشكل دقيق وواضح بأنه النفس لاتصل إلى مرحلة النفس الأمارة إلا أن تسبقها نفس مسولّه وإلا أن لم يتسول للإنسان شيء ويتزين ويخرج عن قبحه الظاهري ويكون جميلا ظاهريا النفس تأمر أو لا تأمر؟ إذا كان قبيحا النفس لا تأمر به ومتى بالسوء إذا لبس السوء لباس ماذا, يعني إذا لبس القبيح لباس الجميل أما إذا لم يلبس وبقي السيء على قبحه إلا أن تكون النفس مجنونة وهي ليست كذلك لانها تبحث عن الجمال وتحب الجمال فإذا لم يزين السيء بالجميل ولم يتسول للإنسان فانه نصل إلى مرتبة النفس الأمارة أو لا نصل؟ لا نصل, لذا في المفردات الراغب الاصفهاني هناك عندما يصل إلى هذه القضية يشير إليها هنا في صفحه 249 في المفردات الراغب الاصفهاني هي هذه عبارته يقول: والتسويل, سولت لي نفسي أو {سولت لكم أنفسكم فصبر جميل} والتسويل تزيين النفس أن يزين لها, تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن عند ذلك النفس ماذا تفعل؟ تأمر بأن يفعل.

    قال: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا} الشيطان سول لهم ونحو ذلك إذن الأمر الأول الشيطان وظيفته الاساسية هي التسويل وإلا هو يأمر دعوتكم فاستجبتم لي وإلا أنا ليس لي علاقة أنت الذي أمرت أنت الذي فعلت أنا كل الذي فعلته المسولة التسويل للإنسان, طبعا بعض الأحيان هذا الإنسان إذا صار مظهرا من مظاهر الشيطان أو صار مظهرا من مظاهر إبليس ليس فقط يسول لنفسه بل يسول للآخرين {شياطين الجن والإنس} على أي الأحوال.

    الآن وصلنا إلى مرتبة النفس الأمارة وإذا وصلنا إلى مرتبة النفس الأمارة الفطرة موجودة في النفس أو غير موجودة؟ عند ذلك تبدأ المعركة هذا هو بحث الجهاد الأكبر وهنا بحث الجهاد الأكبر من هنا يبدأ لأن الفطرة تريد شيئا والنفس تريد شيئا آخر بسب تسويلات الشيطان وتزيين القبيح جميلا فتبدأ المعركة الأصلية التي عبر عنها الرسول الأعظم بالجهاد الأكبر لماذا الجهاد الأكبر؟ الجواب لأن هذا الجهاد 50 مشكلة توجد فيه والجهاد الأصغر ليس فيه مشكلة لأن العدو واقف خلف الجبل وذاك الخد الدفاعي التي له ولك مشخص ولذا إذا صار العدو داخل الجبهة التي لك تكون المعركة صعبة وهذا هو الطابور الخامس وواقعا تمييزه ليس أمر سهل وفي الجهاد الأكبر العدو غير مشخص هو معك > أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك<  هذه مشكلة.

    المشكلة الثانية: أن هذا العدو سنخ عدو مستولي على كل المواقع الأصلية قبل أن يكتمل عقل الإنسان لأن الإنسان عندما يبدأ يبدأ بالشهوة والغضب والوهم والعاقلة تأتي بعد 30 أو 40 سنة ذاك الوقت يكمل عقله فلما يأتي يجد كل المواقع مستول عليها فلابد أن يزيل ذلك في أول الأمر ولذا المعركة غير سهلة.

    ثالثا: هناك توجد هدنة في الجهاد الأصغر وهي وقف إطلاق النار أما هنا في الجهاد الأكبر لا يوجد وقف إطلاق النار أنت في كل آناتك هذا العدو يعمل عمله ومن هنا سمي جهاد اكبر وسمي ذلك جهاد ومن باب تطابق النسختين يعني النسخة الداخلية والنسخة الخارجية الآن هذه المعركة فيها حالات ثلاثة إما أن ينتصر العقل وجنود العقل وأما أن ينتصر الجهل وجنود الجهل وأما أن يستشهد العقل المسكين بالطريق لا ويوجد عنده (جاره)  ماذا يفعل المسكين هل يوجد حالة رابعة؟ لا يوجد, أما إذا انتصر العقل وجنود العقل فكل القوى تكون مشايعة للعقل وجنود العقل فنومه وسجوده وحركته وقيامه وجلوسه واكله وشربه يكون تحت إمرة من؟ والعقل ما هو؟ ما عبد به الرحمن, عند ذلك تقول السلام عليك حين تقوم, السلام عليك حين تقعد, السلام عليك حين تشرب, السلام عليك حين تضحك, ماذا تصنع أنت سلام لك من رب العالمين هذا كله سلام لأنه كله تحت إمرة العقل وبتعبير الرسول الأعظم ’> شيطاني اسلم على يدي < إذن هو مأمور العقل فيفعل شيئا أو لا يفعل؟ يستطيع أن يمنع يستطيع أن يسول يستطيع أن يمانع {لأقعدن لهم صراطك} هذا كله موجود أو انتهى هذا وواقعا طوبى لمن وصل إلى هذا المقام الذي هو الدرجة الاعلائية ولها مراتب هذا أولا.

    ثانيا: يصير العقل المسكين أسير عند الجهل فيصير الجهل وجنود الجهل هو الأمير والعقل وجنود العقل هو الأسير, هنا يصير كما قال أمير المؤمنين > كم من عقل أسير عند هوى أمير<  نحن نرى عندما يأسرون شخص لا أقل يقعدوه بالبيت والبعض يقعدوه في السجن وفي البعض يوجد عندهم إشغال شاقة, هذا الجهل وجنود الجهل يرسلون العقل إلى ماذا؟ لا توجد استراحة 24 ساعة يعمل إلى جنود الجهل نريد فلان شيء نريد فلان شيء نريد فلان طريق اصنع لنا حيلة شرعية اصنع لنا الحيلة الفقهية واصنع لنا كذا وتجد هذا المسكين هو وجنوده جميعا في خدمة هذا الموجود فلذا 24 سعة لابد يشتغل حتى يؤمن حاجات الجهل وجنود الجهل فلذا عبروا عنه أنه في 24 ساعة يعيش الأعمال الشاقة.

    وبعضهم يعني في الحالة الثالثة يستشهد, يعني يستسلم أو لا يستسلم, يستطيعون أو لا يستطيعون؟ > من مات على حب آل محمد مات شهيدا ولو كان على فراش النوم < هذه أي شهادة؟ هذه الشهادة الأنفسية هذه ليس لها علاقة ولو على فراش النوم, هذا ليس الجهاد الأصغر لأنه على فراشه ولكن لأنه كان يجاهد الشيطان في أن يأخذ منه حب آل البيت فيموت شهيدا وهذه الشهادة الانفسية لا الشهادة الآفاقية وكل على حسبه وكل على مرتبته في هذا المقام.

    الآن تعالوا إلى الحالة الثانية, الحالة الأولى اتضحت والحالة الثالثة أيضا اتضحت الحالة الثانية: وهي أنه اسر, إذا هذا العقل المسكين الذي اسر استسلم كاملا وباع نفسه كما أنه يوجد عملاء يبيعون أنفسهم لأميرهم لأجل سلطة أو لأجل مقام وهو فعلا يعطيه سلطه ومقام ولكن يشتري العقل وعند ذلك عندما يقوم بالمعصية وعندما يقوم بأي عمل ينافي الفطرة لا يتألم أبداً {وقد افلح اليوم من استعلى} ( بابا الله كريم الآن لنعيش كم يوم الآن) والعقل أيضا يصل إلى هذه المرحلة, وبعض لا يستسلم يبقى على المقاومة ويبقى على الدفاع كل الذي يقدر أن يفعله لا أقل بعض الأحيان ينبه هذه النفس التي أعدى عدوك.

    بعبارة أخرى: يقوم بدور اضعف الإيمان وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن على مستوى العتاب والاحتجاج اللفظي عبروا ما هو, هنا الناس ماذا تصير؟ (كلام لأحد الحضور) تبدأ(كلمة غير واضحة)  فإذا استطاعت بجهدها وجهادها الداخلي وبمقاومتها للنفس وللهوى أن تعدل النفس وان تأسره من جديد عند ذلك تصل إلى مقام النفس المطمئنة ونحن إلى الآن لم نصل إلى مقام القلب ونحن في اوائل مقام النفس لأنه قلنا بعد النفس يأتي مقام القلب وبعد القلب يأتي مقام الروح وبعد الروح يأتي السر والخفي والاخفى إلى آخره ولنقرأ هذه العبارات.

    قال: ثم باعتبار غلبة القوى الحيوانية على القوى الروحانية التي هي العقل تسمي أمارة وقلنا مسبوقة بالمسولة, وعند تلألؤ نور القلب من الغيب لإظهار كماله, أي هذه الروح, وإدراك القوة العاقلة وخامة عاقبتها انها عندما تطيع هو النفس وفساد أحوالها, إذا بدأت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو بمستوى اضعف الإيمان تسمى لوامة للومها على أفعالها, يعني تلوم العاقلة أو تلوم النفس على الافعال التي تصدر منها, وهذه المرتبة مع المرتبة اللوامة, وهذه المرتبة كالمقدمة لظهور المرتبة القلبية وإلا بعدنا نحن لم ندخل إلى المرتبة القلبية وهذه بشائر المرتبة القلبية.

    فإذا غلب النور القلبي وظهر سلطان القلب على القوى الحيوانية وصارت مأسورة وأسيرة عند هذا النور القلبي واطمأنت النفس فلا تخشى عدو ما فتسمى نفسا مطمئنة وإذا صارت النفس مطمئنة ما هي خصائصها؟ إنشاء الله  يأتي.

     

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/04/21
    • مرات التنزيل : 1973

  • جديد المرئيات