نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (163)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: فالأنبياء صلوات الله عليهم مظاهر الذات الإلهية من حيث ربوبيتها للمظاهر وعدالتها بينها, فالنبوة مختصة بالظاهر ويشترك كلهم في الدعوة والهداية والتصرف في الخلق وغيرها مما لابد منه في النبوة.

    انتهى بنا البحث بأنه توجد عندنا نبوة حقيقة وهي واحدة لا تتعدد ولا تتكثر وهي ثابتة أزلاً وأبداً وأولا وآخراً وظاهرا وباطنا, أما عندما ننتقل الى النبوة الظاهرية الى النبوة التي هي لهداية الناس الى النبوة التي هي الدعوة لإرشاد الناس والى إيصالهم الى الكمال المقدر لهم في العين الثابتة ونحو ذلك عند ذلك تتعدد النبوات ويتعدد الانبياء ويتعدد المرسلون كما سيأتي واشرنا إليه في ما سبق.

    من أهم الوظائف التي توجد للأنبياء بحسب عالم المظاهر يعني بحسب عالم الشهادة بحسب العالم الذي نعيش فيه وهو انه هناك جهة اشتراك بين الانبياء جميعا وجهة امتياز بينهم, أما جهة الاشتراك فهي في الهداية والدعوة ونحوهما, وأما جهة الامتياز فهي تختلف من حيث سعة دائرة شريعة ذلك النبي انه صاحب شريعة او ليس صاحب شريعة وإذا لم يكن صاحب شريعة فهو حافظ للشرائع السابقة وان شريعته خاتمة او لا, وهذا هو الذي التمييز.

    لذا تجدون أن القرآن الكريم أيضاً أشار الى هذين البعدين معا, قال: {لا نفرق بين احد منهم} في هذه الأبعاد بأنهم كلهم أنبياء مرسلون مبعوثون من قبل الله (سبحانه وتعالى) لهداية ودعوة البشر وإيصالهم الى الكمال الذي لائق بهم هذا أي بعد؟ هذا من جهة الاتفاق بينهم {لا نفرق بين احد منهم} وهذا لا ينافي انه توجد بينهم جهة امتياز {وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} {ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض} وهكذا, لذا هذه المقدمة نقرأها لكي نصل الى البحث الاصلي.

    قال: فالأنبياء صلوات الله عليهم مظاهر الذات الإلهية, طبعا في الواقع هم مظاهر من؟ مظاهر مظهر الاسم الاعظم, ولكنه في النتيجة مظهر المظهر مظهر وهذا البحث حققناه في الابحاث السابقة, يعني مظاهر لا مباشرة بل مظاهر بالواسطة وهذا لا محذور فيه.

    فالأنبياء صلوات الله عليهم مظاهر الذات الإلهية, ولكنكم اذا تتذكرون, ومراده من الذات هنا يعني مقام الواحدية, مرارا ذكرنا انه عندما نقول ذات ومظهر, والا الذات بمعنى اللا بشرط المقسمي له مظهر او لا؟ لا مظهر له, المراد من الذات هنا يعني الذات مقام الواحدية.

    من حيث ربوبيتها هذه الذات من حيث انها رب للمظاهر, هذا المعنى اذا يتذكر الاخوة تعالوا معنا الى ص 51 من الكتاب, قال: وإذا أخذت الذات بشرط, المراد من الذات يعني اللا بشرط المقسمي, وإذا أخذت بشرط شيء فأما أن تؤخذ بشرط جميع الاشياء اللازمة لها كليّها وجزئيّها المُسماة بالأسماء والصفات هذه المرتبة ماذا تسمى؟ الذات مع اخذ بشرط شيء ماذا تسمى؟ بالإلهية المسماة عندهم بالواحدية ومقام الجمع في مقابل مقام الاحدية ومقام جمع الجمع, طيب الآن هذه المرتبة أي مرتبة؟ مرتبة الواحدية, وهذه المرتبة باعتبار الإيصال لمظاهر الاسماء التي هي الاعيان والحقائق إيصالها الى ماذا؟ الى كمالاتها المناسبة لاستعداداتها إيصالها اين؟ ليس في العلم بل في الخارج تسمى بالمرتبة الربوبية وهذه هي مرتبة رب العالمين, أليس هكذا.

    اذن الانبياء مظاهر مقام الواحدية بأي لحاظ؟ ليس مطلقا ليس بالاسم الاعظم بل بلحاظ الربوبية, فلذا قال: من حيث ربوبيتها, واضح, أما بخلاف مظهر الاسم الاعظم فهو مظهر لمقام الواحدية وهو ليس بلحاظ ربوبيته بل بلحاظ كل ما يوجد فيها من الكمالات, وهذا هو الفارق بين الانبياء ونبوة الحقيقة يعني النبي الحقيقي.

    قال: فالأنبياء صلوات الله عليهم مظاهر الذات الإلهية يعني مظاهر مقام الواحدية لكن لا مطلقا, بل من حيث ربوبية تلك الذات للمظاهر وعدالة تلك الذات وبين المظاهر, فإذن النبوة التي يصطلح عليها عند هؤلاء فهي مختصة بالظاهر, فالنبوة, التي هي النبوة التشريعية عبروا عنها, فالنبوة مختصة بالظاهر. طيب هل أنهم جميعا متمايزون مشتركون؟

    يقول: جهة اشتراك توجد بين الانبياء بحسب الظاهر وتوجد جهة امتياز, ويشترك كلهم في الدعوة الى الحق (ادعوا الى الله ببصيرة أنا) الى آخره, ويشترك كلهم في الدعوة والهداية والتصرف في الخلق, الآن يمكن المراد من التصرف في الخلق يعني كل واحد منهم له آية تدل على نبوته التشريعية, هذا اذا كان المراد من التصرف في الخلق يعني المعجزة, أما اذا كان المراد من التصرف في الخلق الهداية وكذا فيكون هذا عطف تفسير بيان الهداية والارشاد ونحو ذلك, والتصرف في الخلق.

    انظروا في ما يتعلق بالدعوة والهداية مرتبط بالأمور التشريعية أما التصرف في الخلق مرتبط بالأمور التكوينية, أما أن تحمل على انه في التصرف في الخلق يعني لابد أن يكون لكل نبي معجزة, فلذا قال في ما سبق, لذا قُرنت النبوة بالمعجزة, وأما مراده لا التصرف في الخلق باعتبار انه به يهتدى الناس الى طريق الحق حتى يكون منسجما مع النبوة التشريعية.

    والتصرف في الخلق وغيرها مما لابد منه في النبوة, أما جهة الامتياز.

    ويمتاز كل منهم أي الانبياء صلوات الله عليهم, ويمتاز كل منهم عن الآخر في المرتبة بحسب الحيطة التامة, الآن هذه الحيطة التامة من حيث الشريعة سعتها وضيقها من حيث انه صاحب شريعة او ليس صاحب شريعة.

    قال: بحسب الحيطة التامة, كأولي العزم من المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين بحسب الحيطة التامة وغير التامة كأنبياء بني اسرائيل, هذا السطر توضيحه أكثر سيأتي بعد ذلك, أن هذه الاحاطة في الرسالة والشريعة مرجعها الى الاحاطة في الولاية وعدمها في الاحاطة بالولاية وعدم الاحاطة.

    فالنبوة أي نبوة؟ التي عبر عنها في الصفحة السابقة قال: وهو النبي الحقيقي, فالنبوة تلك النبوة الحقيقية, فالنبوة دائرة تامة وهي نبوة من؟ نبوة قطب الأقطاب والحقيقة المحمدية تلك النبوة تامة تشمل قوس النزول وتشمل قوس الصعود, فهي دائرة تامة, ولكنه في بطن هذه الدائرة توجد دوائر اصغر وهي هؤلاء الانبياء فالأنبياء صلوات الله عليهم, كل بحسبه وبسعته وجوده او ولايته.

    فالنبوة دائرة, من قبيل اخواني اسم الاعظم, فان الاسم الاعظم مشتمل على كل الاسماء الإلهية فإذا أردنا أن نمثل الاسم الاعظم بالدائرة التامة في بطن وداخل هذه الدائرة التامة توجد دوائر الاسماء الإلهية بعضها واسعة وبعضها ضيقة.

    فالنبوة دائرة تامة مشتملة على دوائر متناهية ولكن هذه الدوائر متفاوتة بعضها واسع وبعضها ضيق بعضها نبي من أنبياء أولي العزم وبعضها ليس كذلك.

    متفاوتة في الحيطة, وقد علمت. نقطة, هذه النقطة وقد علمت بحث جديد, قبل أن أدخل إليه.

    طيب الى هنا اتضح بأنه عندنا نبوة حقيقة لا تتعدد وهي نبوة قطب الأقطاب وبتعبيره هي دائرة تامة, وعندنا مظاهر هذه النبوة في عالم الشهادة وفي عالم الظاهر.

    من الابحاث الاساسية التي أشار إليها هنا قال: قرنت النبوة بإظهار المعجز, أنا أريد أن أشير الى هنا بنحو الاجمال, لأنه كما تعلمون أن بحث الإعجاز من الابحاث الاساسية وأحاول أن أركز على النكات التي مثلا لا توجد في كتابي الإعجاز او على الكتب الأخرى والا كثير من هذه الابحاث مطروحة هناك.

    البحث الاول: الذي لابد أن يشار إليه ما هي حقيقة المعجزة.

    في ما يتعلق بحقيقة المعجزة كلماتهم في ذلك كثيرة ولكن مرجعها الى كلمة واحدة, مثلا القوشجي هكذا يعرفها يقول: هو الامر الخارق للعادة المقرون بالتحدي مع عدم المعارضة.

    البلاغي لعله توضيحه وبيناه في تفسيره أفضل منهم جميعا أوسع قال: المعجز هو الذي يأتي به مدعي النبوة, اولا, بعناية الله الخاصة, خارقا للعادة, لا خارقا للقوانين العقلية, خارقا للعادة, خارجا عن حدود القدرة البشرية, وقوانين العلم أيضاً, لا انه القدرة البشرية لا تستطيع ولكن العلم يستطيع وإلا اذا استطاع العلم أن يفعل أيضاً لبطلت المعجزة, وخارجة عن حدود القدرة البشرية وقوانين العلم والتعلم, لا يستطيع احد أن يذهب ويدرسها في مدرسة ويأتي بخارق للعادة, ليكون بذلك دليلا على صدق النبي وحجته في دعواه النبوة ودعوته.

    القرطبي أيضاً يشير يقول: سميت معجزة لان البشر يعجزون عن الإتيان بمثلها وشرائطها خمسة, في تفسيره يشير إليها, في تفسيره في جامع القرآن الجزء الاول ص 69 مؤسسة الأعلمي, وشرائطها خمسة فان اختل منها شرط لا تكون معجزة, أن تكون مما لا يقدر عليها الا الله, وانت تخرق العادة, وان يستشهد بها مدعي الرسالة على الله عز وجل, وان تقع على وفق دعوى المتحدي بها, لا مسيلمة الكذاب الذي كان عندما يبصق في البئر بدل من انه يكون فيها الماء يجف الماء لا ليس هكذا, وان لا يأتي احد بمثلها على وجه المعارضة, هذه الشروط التي تذكر في الإعجاز وهي مذكورة في الكتب الكلامية بشكل مفصل.

    البحث الثاني: اقسام المعجزة.

    اذا يتذكر الاخوة بالأمس اشرنا الى اقسام المعجزة قلنا تنقسم الى قولية والى فعلية والخاصة للقولية أطوع والعامة للفعلية أطوع, وبينا أيضاً الجهات في ذلك ولعله الجهات أيضاً مفصلا موجودة في كتابنا الإعجاز.

    البحث الثالث: من هو المحتاج الى المعجزة.

    هذا الذي لم يطرح في كتابي الإعجاز, هل نفس الذي هل هو النبي الذي يحتاج الى المعجزة, طبعا هذه الابحاث طرحت عندهم وهي انه النبي كيف يعرف انه صار نبيا, ببرهان عقلي بعلم شهودي, بحث مفصل يوجد عندهم, المهم من الذي يحتاج الى المعجزة هل نفس المدعي او الذي يأتي بالمعجزة؟ الجواب: كلا, ذاك له طريقه الخاص ليعرف انه نبي او لا, هذا اولا, وثانيا: هل يحتاجها من يستطيع أن يسمع ويرى كما يسمع صاحب المعجزة ويراها؟ (انك تسمع ما اسمع وترى ما أرى الا انك لست بنبي) هذا يحتاج الى معجزة او لا؟ هذا أيضاً لا يحتاج الى معجزة, لذا تجدون القرآن ومن هنا يتضح هذا البحث لماذا أن القرآن الكريم يجعل أمير المؤمنين {ويتلوه شاهد منه} أصلاً هو شاهد على صحة الرسالة لا انه يطلب دليلا على صحة الرسالة, لذا تجدون في آخر سورة الرعد إشارة الى هذه الحقيقة وهي أن الذين يشهدون بصحة ذلك من هو؟ الله والذين أُتوا علم الكتاب, من يوجد عندهم علم الكتاب.

    اذن أمير المؤمنين ومن هو على شاكلته (عليهم أفضل الصلاة والسلام) صغرا, نتكلم مبدئيا الآن قد الكبرى كبرى نتكلم القضية كبروية, والا قد الصغرى لا يمكن أن نثبتها في بعض الافراد, ولكن الكلام انه من استطاع أن ينكشف له ما انكشف لصحاب الرسالة فيحتاج الى معجزة او لا؟ لا يحتاج, اذن من الذي يحتاج الى المعجزة؟

    اولا: ليس صاحب المعجزة ولا هو الذي انكشف له ما ينكشف لصحاب المعجزة وهم عموم الناس الذي يشكون أن هذا صاحب حق او ليس صاحب حق, هذه نقطة.

    النقطة الأخرى التي لابد أن يلتفت إليها: لماذا يأتي النبي بالمعجزة ليثبت ماذا؟ انظروا المعجزة النبي كل نبي عنده مجموعة من المضامين التي يطرحها, يدعوا الى التوحيد, يدعوا الى العدل, يدعوا… الى ما شاء الله, أليس كذلك, يأتي بالمعجزة لإثبات صحة هذه الدعاوى او يأتي بالمعجزة لإثبات صحة انه مرتبط بالسماء وبالوحي أي منهما؟

    الجواب: بينا هذا المعنى بشكل دقيق انه أساساً كثير من هذه المطالب بل لعله كل المطالب العقائدية يمكن أن يوجد عليها برهان عقلي فهو لا, بدليل القرآن الكريم عندما طرح هذه المضامين طرحها مع دليلها العقلي {لو كان فيهما آلة الا الله لفسدتا} الآن سواء الجائي بها له معجزة او لا, هذا برهان عقلي, كذلك في كلمات أمير المؤمنين.

    نعم باعتبار أن البشر لا يمكنه أن يصدق أن الانسان الذي هو مادي مرتبط بهذا العالم بنشأة الشهادة والمادة يرتبط بعالم الغيب بعالم الملكوت يريد أن يقيم الدليل على صحة أعدائه انه نبي, لا على انه صحة مدعياته في التوحيد وغيرها, وفرق بين الأمرين كبير, وهذا يدلنا على أننا مدعيات الانبياء الأصلية كلها امور عقلية لا تحتاج الى معجزة, المعجزة نحتاجها لإثبات صدق دعواه انه نبي وهذا البحث سيأتي بعد ذلك معنى النبوة, معنى النبوة هو الوجه الباطن من النبي بخلاف الرسالة هو الوجه الظاهر من النبي, يعني هذا الشخص له وجهان وجه يأخذ الذي هو وجه النبوة وهو البعد الباطني وهو البعد الملكوتي, ووجه يعطي يبين يبلغ هو وجه ماذا؟ هو وجه الرسالة, وهذا سيأتي بحثه في بيان الفرق بين النبوة وبين الرسالة.

    فإذن النبي يأتي بالمعجزة او يقيم المعجزة لإثبات دعواه انه نبي لا لشيء آخر, ولذا تجدون بأنه أساساً كل الذين عارضوا النبي وعارضوا الانبياء جميعا انه كيف يمكن لكم أن ترتبطوا بعالم الغيب, نحن لا نجد من أنفسنا ذلك, نحن لا نجد جعلوا ذلك دليلا على عدم وجود, الذي في محله قالوا عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.

    فلذا تجدون أن القرآن الكريم أيضاً أشار الى انه {أنا بشر مثلكم يوحى إلي} هذا يوحى هو بعد ماذا؟ هو البعد النبوي في كل موجود في كل نبي ورسول.

    اذن الحاجة, هذا البحث الاخوة اذا أرادوا أن يراجعونه موجود في كتابي هناك, وكذلك في الميزان الجزء الاول ص 83 تحت عنوان: القرآن يعد المعجزة برهانا على صحة الرسالة, ولو عبر النبوة لكان أدق, لأنه ادعاء النبوة هو يدعي لا الرسالة, لان الرسالة البعد الظاهري من النبي, برهانا على صحة النبوة او الرسالة لا دليلا عاميا, يعني ليس دليلا عاما لإثبات هذه المدعيات الموجودة, ولهذا يقول: ما هي الرابطة بين المعجزة وبين حقية دعوى الرسالة مع أن العقل لا يرى تلازما في صدق الرسول في دعوته وبين صدور أمر خارق للعادة منه, هذا أيضاً بحث.

    البحث الآخر: هل المعجزة لابد أن تكون معجزة في زمانها فقط او معجزة على مر الأزمنة الى قيام الساعة, التفتوا جيدا.

    في ما يتعلق بالشريعة الخاتمة باعتبار أن هذه الشريعة مستمرة فمعجزتها أيضاً لابد أن تكون مستمرة الى قيام الساعة, هذا لا يوجد فيه بحث هذا خارج الكلام, أما الكلام في معجزة موسى في معجزة صالح في معجزة ابراهيم وهكذا هذه المعاجز التي جاءت لشرائع وانتهى دور تلك الشرائع, تلك المعجزات هل يشترط فيها أن تكون فقط معجزة في زمانها او لابد أن تكون معجزة على مر الأزمنة الى قيام الساعة؟

    الجواب: فهي هذه المعاجز وان كانت لظرف خاص ولزمان خاص ولمكان خاص ولجماعة خاصة الا انه لابد أن تبقى معجزة على مر الأزمنة الى قيام الساعة, بأي برهان؟ ببرهان عقلي, وهو انه لو أمكن لاحد أن يأتي الآن ويستطيع أن يخرج الناقة من بطن الجمل لعله صالح في ذلك الزمن قد وصل الى ما وصل إليه الانسان بعد ألفي سنة, ما الدليل على صحة وجودها؟ لذا لابد أن تكون المعجزة في أي ظرف صدرت ولأي جماعة ولأي مكان وبقدر أي محدودية لابد أن تكون الى قيام الساعة لا يمكن أن يؤتى بمثلها والا لو أُتي بمثلها لبطلت كونها معجزة وإنما صارت قابلة للتعلم والعلم.

    لذا قال العلامة البلاغي: بأنه لابد أن لا تكون قابلة للتعلم والعلم, والا لو كانت كذلك للزم بطلان المعجزة في زمانها.

    سؤال آخر: وهو من الاسئلة المهمة في بحث الإعجاز وهو انه: من هو الفاعل للمعجزة, من الذي يتصرف ويوجد هذا الامر الخارق للعادة؟ هل هو الله (سبحانه وتعالى) مباشرة الآن لماذا أقيد مباشرة؟ لأنه اذا غير مباشر {فالله خالق كل شيء} بشكل غير مباشر كل شيء يستند إليه, حتى هذا فعلي ارفع يدي واضعه أيضا أمر بين الأمرين, بهذا المعنى مستند كل شيء إليه, لا لا, الكلام صدور الفعل المباشر مباشرة الفعل ممن, هل أن المعاجز وخوارق العادات تصدر من الله مباشرة بلا توسط الاسباب, نعم يدعوا النبي والله يستجيب دعائه, او لا, أن هذا الانسان بسبب مرتبة وجودية خاصة وصل الى مقام أذن الله له تكوينا أن يتصرف في نظام عالم الطبيعة ويأتي بخارق العادات أي منهما؟ وهذا بحث مهم واقعا لان هذا البحث اذا تم فمسألة التصرف التكويني عند ذلك نبحث في حيثياتها التعليلية فإذا وجدناها انها مختصة بالنبوة نقول لا توجد في غير النبي, أما اذا ثبت انه لا حيثيات التعليلية لهذا التصرف أوسع من دائرة النبوة عند ذلك عندنا برهان على إثبات الولاية والتصرف في نظام التكوين لغير من؟ لغير الانبياء والمرسلين أيضاً, واضح هذا المعنى.

    طبعا الآن أنا لا أريد أن ادخل الى البحث التفصيلي ولكنه يكفي أن ترجعون الى آيتين من القرآن الكريم, الآية الاولى سورة الرعد الآية 38, الآية الثانية سورة غافر الآية 78 كلتا الآيتين هذا مضمونها, قال: {وما كان لرسول أن يأتي بآية} اذن الذي يأتي الآية من؟ الرسول ظاهر الآية هذه, الا اذا دل برهان عقلي يدل على انه لا يأتي بمعنى يدعوا والا هو لا يستطيع أن يأتي بالمعجزة هو بالآية لا يستطيع أن يأتي بالمعجزة لان البرهان العقلي يقول الله خالق كل شيء البرهان العقلي يقول لا مؤثر في الوجود الا الله, أما اذا لم يتم أي مانع من ذلك فنلتزم بظاهر الآية, {وما كان لرسول أن يأتي بآية الا بإذن الله} اذا اذن الله, وهذا الإذن ليس الإذن التشريعي وإنما هو الإذن التكويني, وهذا بحث مهم من أبحاث صدور المعجزة من الانبياء والمرسلين.

    طبعا صريح الآيات القرآنية أثبتت هذا المعنى الآن لا نريد أن ندخل في مسألة {وقال عفريت من الجن أنا آتيك به} لا أنا ادعوا, {أنا آتيك} {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} اذن الآيات القرآنية صريحة في هذا المعنى لغير الانبياء أيضاً, هذا أيضا بحث مهم في المعجزة لابد أن يطرح.

    سؤال أخير او لعله من الاسئلة المهمة, الذي سوف يترابط بحثنا بالبحث اللاحق.

    سؤال: ما هي اذا قبلنا في الجواب عن السؤال السابق أن مبدأ صدور الفعل المباشر هو النبي, سؤال: ما هي الحيثية التي بها يكون مبدأ لصدور الفعل, انظروا الآن أنا عندي علم بالفقه, وعندي افترضوا علم بالطب وبالهندسة, اذا جاءني سؤال فقهي أنا أجيب عنه, ولكن بأي حيثيتي أجيب؟ بحيثية فقهية, اذا جاءني سؤال هندسي, طيب لا اعلم مملكتي الفقهية او الطبية, اعمل ملكتي الهندسية وهكذا, الآن هذا الموجود الذي نسميه النبي او الرسول يصدر منه فعل خارق للعادة, هذه الحيثية التي على أساسها يصدر منه الفعل ما هي؟ (كلام أحد الحضور) قلنا نبي ورسول نحن متى جئنا باسم الاسماء يا شيخنا, (كلام أحد الحضور) نحن عندنا رسول وعندنا نبي, عندنا نبي ورسول من أي حيثية يصدر منه فعل خارق للعادة من نبوته او من رسالته؟

    الجواب: لا من نبوته ولا من رسالته, هنا ينفتح هذا الباب الجديد, وهو انه ما هو مبدأ فعله؟ الولاية, (كلام أحد الحضور) قلنا لأنه هو سؤالي هذا من قبل هذا أبو المثل يقول بأنه: الديك وقف على جدار كذا وباض بيضة لنا او للجيران؟ (كلام أحد الحضور) طيب سالبة بانتفاء الموضوع أساساً لا يبيض, أساسا النبوة والرسالة تبيض او لا؟ لا تبيض النبوة والرسالة.

    فلذا تجدون أن القرآن الكريم وهذه نكتة التفتوا إليها قرآنيا, وهي انه عندما يتكلم عن رسالتهم عن نبوتهم يقول والله لا يوجد عندنا علم غيب, والله لو كنا نعلم الغيب لاستكثرنا, والله والله… كل شيء ما نعلم لماذا؟ لأنه يتكلمون عن أي حيثية؟ عند ذلك الذي لم يلتفت الى نكتة البحث يتصور هم يقولون نحن لا نعلم نحن لا نتصرف نحن لا نستطيع نحن لا نعلم الغيب والى آخره, مع أن القضية محيثة من جهة كونه نبيا ورسولا يعلم او لا يعلم؟ لا يعلم, يتصرف او لا يتصرف؟ لا يتصرف ,كل شيء لان حيثية النبوة وحيثية الرسالة حيثيتان إجرائيتان تنفيذيتان تبليغية اخذ وعطاء والذي هو به يكون مبدأ للتصرف في نظام التكوين او مبدأ للعلم بالغيب ليست هذه الحيثية بل حيثية وراء حيثية النبوة وحيثية الرسالة.

    هذا من قبيل انه هذا الانسان يجلس في مجلس القضاء ويعطي حكم بالسجن وبالغرامة وبالإعدام و.. الى غير ذلك, طيب واحد يقول على أي أساس هذا هكذا يفعل؟ هذا مثلي بشر او لا؟ بشر, ولكن هو يقول اعدموا يعدمون اذا أنا قلت لا يسمع احد كلامي, ما هو الفرق؟ الفرق أن ذاك رئيس القوة القضائية ذاك قاضي وانت لست قاضيا, طيب بأي حيثية صار قاضيا؟ صار بالعلم وبالعدالة والا اذا لا يوجد علم ولا عدالة وصار قاضيا فله قيمة او لا؟ لا قيمة له, بلي من باب الجور والظلم يعدم, فليعدم, ولكن متى يكون له حق أن يسجن وان يحكم وان يفض النزاع؟ اذا كان قاضيا اذا كان نبيا يدعو ويرشد ويجب على الآخرين أن يطيعوه, ولكن حيثية انه صار نبيا حيثية انه صار قاضيا حيثية انه صار إمام جماعة اذا ذهب الى الركوع وانت لابد أن تطيعه وتذهب الى الركوع, هذا لماذا؟ هذا فيه حيثيات خلفها والا اذا لم توجد تلك الخلفيات هذا من باب الغصب يستطيع أن يفعل ما يريد.

    من هنا يأتي بحث الولاية, ولهذا تتذكرون في أول الفصل نحن وقفنا على أي نقطة؟ قلنا سيتضح أن محور المقامات الإلهية نحن لا توجد عندنا مقامات أعلى من مقامات النبوة والرسالة في المنطق الإلهي, توجد أعلى من مقامات النبوة والرسالة؟ أي مقام آخر ذكرته دونه, الخلافة ذكرتها القضاء أي شيء ذكرتها هي كلها من شؤون النبوة ومن شؤون الرسالة, ولكن هذه المقامات الإلهية العالية التي يعبر عنها القرآن {الله يعلم حيث يجعل رسالته} حيثيتها اين؟ بمَ تتقوم مقومها اين؟ مقومها في الولاية, فإذا اتضح أن مقوم كل هذه المقامات هي الولاية اذن البحث الاصلي اين لابد أن ينصب؟ على الولاية, وإذا اتضحت حقيقة الولاية اولا, وأقسام الولاية ثانيا, ومراتب الولاية ثالثا, عند ذلك تتضح مقامات الانبياء والمرسلين والائمة والأوصياء والصلحاء هذه كلها تكون عندنا واضحة.

    قال: وقد علمت, هذه نقطة قلت هذه وقد علمت ينبغي أن يكون في أول السطر, بحث جديد هذا.

    وقد علمت أن الظاهر المراد من الظاهر هنا يعني النبوة التشريعية باعتبار انها هي التي تحكم بين المظاهر قال: وأما الحكم بين المظاهر, هذا الذي قال فالنبوة مختصة بالظاهر, قال: وقد علمت أن الظاهر لا يأخذ التفت جيدا, التأييد والقوة والقدرة والتصرف والعلوم كل شيء منشأ هذا الظاهر من اين؟ وجميع ما يفيض من الحق تعالى عليه أي على هذا الظاهر الا من اين هذا يأتي؟ يأتي من الباطن, طيب ما هو الباطن؟ قال: وهو مقام الولاية, من هنا لابد أن ينفتح واقعا بحث جديد, بحث انه ما هي الولاية وما هي اقسام الولاية, ما هي الولاية بالمعنى اللغوي وما هي الولاية باصطلاح هؤلاء, عندما يقولون هذا ولي ما هو مرادهم بالولي, عندما نحن نقول في علم الكلام هذا ولي, ما هو مقصودنا, هذا بحث مستقل هذا يريد أن نبقى عنده خمسة فصول, ورسالة الولاية للطباطبائي هذا البحث.

    هذه الرسالة الصغيرة التي هي رسالة درسية, اعدوا لنا واقعا شهر رمضان يصير أن هذه الرسالة من ألفها الى يائها ندرسها الذي شيخ حسن زادة درس هذه الرسالة, طبعا مع الاسف كاسيتاته لم توجد ولكنه يصرح واخبر مرارا في دروسه أن درس هذه الرسالة, لأنه هي رسالة مكتوبة ضمن أربعة خمس فصول ومنظمة تنظيما علميا دقيقا للإشارة الى هذه المطالب, الآن اذا صار وقت ضمن البحث إنشاء الله في الإشارات سوف نشير والا اذا نقف على الترتيب الذي هو أشار إليه, فلذا يبدأ الفصل الاول يقول: إن العالم له ظاهر وباطن, من هنا يبدأ وهي المقدمة, والا اذا لم يثبت ذلك, ثم ما هو كمال الانسان العمل بالظاهر او الباطن, وما هو كماله الأخير, كماله الأخير هو أن يكون فقهيا متفقها عاملا بالفقه, او انه واصلا الى مقام الولاية وهكذا, أبحاث قيمة ودقيقة نحاول أن نقف عليها.

    أولا: معنى الولاية لغة, الذي هو يقول وهو مقام الولاية, المأخوذة من الولي, اذن المعنى اللغوي, الراغب في المفرادت في مادة ولي, ص 533 يقول: وليَّ او الولي, الولاء والتوالي, التفتوا الى دقة تعبيره, الحق والإنصاف, الولاء والتوالي أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما, أن يحصل هذا القرب يصل الى درجة توجد واسطة بين الولي والمولى عليه او لا توجد واسطة؟ والا أي شيء غريب دخل على الخط تحصل الولاية او لا؟ لا تحصل, لذا انتم تجدون بأنه الآن هذا المعنى أخذه من العرفاء او طالع كلماتهم تجدون بأنه الولي لا يكون وليا الا بعد الفناء, والا اذا الفناء لم يحصل التفتوا جيدا, الفناء اذا لم يكن حاصلا فمن الذي يكون بين الولي والمولى عليه؟ (كلام أحد الحضور) من يوجد الذي يحجز بينهم؟ قبل الجواب تأملوا ثم أجيبوا, اذا السؤال بسيط أنا لا اسأله ولكن فيه نكتة أنا اسأله وانت أنا لم أتتم كلامي انت أجبتني هذا يحتاج الى تأمل اقول, التفتوا الآن متى يفترض أن يصل الانسان الى مقام الولاية؟

    يقول: اذا وصل الى مقام ليس بينهما ما ليس منهم, سؤال: قبل مقام الفناء ما الذي يوجد بين الاثنين بين الولي والمولى عليه فيمنع من الولاية والولاء؟ (كلام أحد الحضور) احسنتم إنية, احسنتم هو هذا, إنيتي, (بيني وبينك إنّيٌ او انيّيّ ينازعني) متى يحصل الولاء ما ليس منهما؟ برفع الفناء, وهذا هو, الفناء ما هو؟ الفناء انعدام؟ كلا, الفناء كمال العدم ليس كمال أن الموجود يعدم هذا كمال للوجود؟ متى يكون كمال للموجود؟ عندما يرفع تعينه وهو واحدة من انحاء الفناء المتقدم.

    قال: ويستعار ذلك حقيقة الوّلي والولي هو ذلك, أما يستعار ذلك بالقرب من حيث المقام, إذن عندما يقال معناه القرب أي قرب كان اذا أشير الى القرب المكاني فهو استعارة, أما اذا أشير الى القرب المعنوي يعني بينه ما ليس منهم, ذلك الحقيقة المطلوبة, وهو من حيث النسبة ومن حيث .. الى آخره, قال: والولاية النصرة والولاية, وقيل الوِلاية والوَلاية وحقيقته تولي الامر محل الشاهد والولي والمولى يستعملان في كل من الطرفين يعني أيضاً العبد ولي وأيضاً الله ولي, كل بحسب معناه, هذا من حيث اللغة.

    قال: وهو مقام الولاية, المأخوذة الولاية من الوَلي, وهو القرب والوليُّ بمعنى الحبيب اذا استعمل أيضاً منه من الوليّ ولكنه يؤخذ فيه اذن له قد يقال الولي يراد منه القريب وقد يقال الحبيب والمعنى مشترك, هذا ليس مهم, اصطلاحا: ما هو مراده من الولي اصطلاحا.

    يقول: في ص 54 في اصطلاحات الصوفية التي هذه انتشارات بيدار, ص 54 هذه عبارته قال: الولاية هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه, جدا مهم هذا المعنى, حتى نصف أحداً بالولي تارة المقصود الولي اللغوي وأخرى المقصود الولي الفقهي ومرة مقصوده ولي الأيتام وولي الأموال, ما عندنا مشكلة, أما اذا صار بناءك تتكلم بلغة الاصطلاح والفني وقلت هذا ولي من أولياء الله أفتهم ماذا تقول انت, لأنه من يصل الى هذا المقام, وبيني وبين الله هذا معناه إساءة لهذا المقام, لأنه هذا من قبيل انه جاهل جالس يبيع رقي تقول عجيب كم هذا فقيه, يعني هذه إهانة لمن؟ بينك وبين الله لو قيل أمام فقيه وعالم عجيب هذا فقيه, ماذا يقول لك؟ يقول والله أساءت الى الفقه, هذا اين والفقه اين؟ وحقه, وهذا الكلام في محله, فإذا انت تأتي وترى شخص أربعة اصطلاح عرفان نظري يعرف وهكذا يفعل قوس نزول وقوس صعود ما تعرف متى يستعملها صح او خطأ, تقول عجيب ولي من أولياء الله, او يمشي في الشارع والسبحة هكذا هكذا يفعل, هذه ليست الولاية بالمعنى الاصطلاحي, ماذا تريد أن تسميه.

    انتهت المحاضرة في هذه الدقيقة (46).

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/05/12
    • مرات التنزيل : 1673

  • جديد المرئيات