نصوص ومقالات مختارة

  • فقه المرأة (221) دور الذكر والأنثى في النظرية القرآنية (12)

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    قلنا بأن النظرية القرآنية تقوم على أساس أن الذكر والأنثى لا يمكن لهما أن يصلا إلى كمالهما الذي من اجله خلقا إلا بالزوجية يعني بالاقتران وهنا كما اوضحنا بالأمس أن المراد من الزوجية هنا ليس البحث في الزوجية الفقهية وإنما البحث في الزوجية اللغوية يعني لابد أن يكون الذكر مقترناً بالأنثى والأنثى مقترنة بالذكر.

    نعم لابد من خلال دليل آخر نقول من خلال رابطة النكاح من خلال رابطة الزوجية الفقهية أن يقرأ بينهما عقد النكاح وعقد الزواج ونحو ذلك هذه أبحاث لاحقة وهذه أبحاث فقهية الآن نحن نتكلم في البعد التكويني الوجودي بالنحو الوجودي لا في البحث الفقهي لا يمكن لأحدهما أن يكمل من دون الآخر وهذا لا يختص بالذكر بل الأنثى كذلك ولا يختص بالأنثى بل الذكر أيضاً كذلك، وقلنا بأن القرآن الكريم أسس لهذا بشكل واضح وصريح واشرنا إلى الأصل الأول وهو الآية 49 من سورة الذاريات الذي الله سبحانه وتعالى قال: (من كل شيء خلقنا زوجين).

    الأصل الثاني وهو أنّه في سورة فاطر الآية 11 قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً) إذن هذا الأصل الذي ورد في سورة الذاريات الإنسان غير مستثنىً من هذا الأصل القرآني وهو (والله خلقكم) هذا الخطاب موجه إلى الإنسان لا إلى عموم المخلوقات (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) هذه أيضاً اثنين.

    وأنّ هذه الزوجية كما في الآية 45 من سورة النجم التي تقدمت في الدرس 151 فيما سبق ولكن للاستذكار لترتيب الآثار في الآية 45 من سورة النجم أن هذه الزوجية التي أشار إليها القرآن الكريم هي زوجية الذكر والأنثى لأنه الزوجية في الإنسان قد تكون مصاديقها متعددة ولكن القرآن عندما يشير إلى الزوجية يشير إلى زوجية الذكر والأنثى، قال: (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى)، (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى)، (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى) إذن الزوجية التي أشارت إليها الآيات أي زوجية؟ زوجية الذكر والأنثى.

    ثم قلنا في أبحاث سابقة وكررنا هذا المعنى عندما نأتي إلى الآية 29 من سورة العنكبوت يقول بأن هذا هو النظام الأحسن التكويني قال: (وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ)، (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) إذن الذي أبيح ونظّم تكويناً هو التزاوج الجنسي أو الاقتراب الجنسي بين الذكر والأنثى لا الذكر مع الذكر ولا الأنثى مع الأنثى لأنه نتكلم في النظرية القرآنية، النظرية القرآنية تقول هذا قطع للسبيل هذا انحراف عن نظام التكوين.

    (أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ) أعزائي المنكر ليس بالضرورة المنكر الفقهي هذا منكر قد يكون منكراً تكوينياً وقد يكون منكراً تشريعياً وفقهياً، هذا انحراف عن الصراط التكويني يعني اشتباه في المصداق أو خطأ في تشخيص المصداق وهذا يثبت أن الأصل أن الحاجة موجودة هذه الحاجة الجنسية، الحاجة الجنسية تكوينية فطرية طبيعية ولكنه قد يخطأ في المصداق هذا الأصل الرابع.

    والأصل الخامس الذي هو لعله من الأصول المهمة وان هذا الأصل التكويني ليس مختصاً بالدنيا وإنما أيضاً يسري في الآخرة، يعني نظام التكوين الذي يوجد في الدنيا أيضاً نفس هذا النظام موجود في الآخرة، هذه قرينة مهمة جداً التي لم نشر إليها في الدرس 151.

    (وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).

    سؤال هذه أي أزواج؟ الأزواج بحسب الفقه أم الأزواج بحسب التكوين أي منهما؟ من الواضح وإلا هناك أيضاً نحتاج تقليد ومرجعية وفقه وكذا؟ لا هذه كلها لا نحتاجها.

    إذن هنا عندما يشير إلى نظرية الأزواج ليس المراد الأزواج بحسب الاصطلاح الفقهي وإنما الأزواج بحسب الاصطلاح التكويني يعني الذكر والأنثى هذا الذي قلنا بأنه لا ينبغي الخلط بين الأزواج بحسب الاصطلاح التكويني والأزواج بحسب الاصطلاح الفقهي هذه الآية خير شاهد على أن المراد من الأزواج ليس الأزواج بحسب الاصطلاح الفقهي وإن كان لعله كلمات الآخرين تقول أزواج، أزواج يعني الأزواج الفقهي هذا تأثر بالرؤية الفقهية وتحميلها على النص القرآني، إذن تبين نظام التكوين يختلف أو لا يختلف؟ نظام التكوين لا يختلف أنّه أساساً الله سبحانه وتعالى خلقهما أو خلق الإنسان من زوجين ومن زوجين يعني من ذكر وأنثى.

    السؤال المطروح هنا ما هي العلاقة بينهما؟ هل العلاقة بين هذين الزوجين يعني الذكر والأنثى لا الزوج والزوجة بحسب الاصطلاح الفقهي الزوج والزوجة اصطلاح فقهي الآن لا علاقة لنا الآن نتكلم بحسب الاصطلاح القرآني وقلنا أن الأزواج يعني الذكور والإناث ما هي العلاقة فيما بينهما؟

    هنا يأتي هذا البحث الأساس الذي لابد أن نقف عنده مفصلاً وهو الآية 21 طبعاً توجد كم آية في القرآن لكن هذه من أهم الآيات، الآية 21 من سورة الروم قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ…) إذن البحث أين؟ تكويناً أم تشريعاً؟ تكويناً هذه آيات تكوينية (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ…) هذا الخطاب لمن موجه؟ موجه للذكور؟ الجواب كلا، موجه إلى الإنسان لأنه قلنا ضمير لكم أو ضمير هذا ليس جمع المذكر السالم وإنما ليس للتأنيث إذن (وَمِنْ آيَاتِهِ… يخاطب البشر يخاطب الإنسان ولهذا قلنا مراراً وتكراراً جملة من المفسرين قالوا أن الخطاب للذكور  (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً..) يعني النساء (لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)، لا قلنا بأنه أساساً النص القرآني وجملة من المفسرين أشاروا إلى هذه منهم هذا الرجل وهو التفسير القرآني للقران عبد الكريم الخطيب المجلد 11 قال الخطاب هنا للناس عموما ولكن هذا الكلام يحتاج إلى تأسيس نظري والتأسيس النظري نحن أسسنا له، من أين تقول أنّه أساساً للناس عموما؟ مع أنّه لكم جمع المذكر السالم إلا أن يقول من باب التغليب من باب الاشتراك أنّه لا حاجة إلى مثل هذه التخريجات والتأويلات.

    الخطاب هنا للناس عموماً رجالاً ونساءً وليس للرجال كما فهم كذلك كثير قلنا في ذاك الدرس قلنا هنا يوجد خطأ وإلا يقول كثير من المفسدين بل كثير من المفسرين لا المفسدين وإن كان هذا نظرهم فاسد ولكنه هم ليسوا فاسدين لعله نظره أيضاً المفسر إلى هذا ولكن كما ذكر ذلك كثير من الفاسدين مفسدين مفسرين ليس مهماً.

    فكما خلق الله سبحانه للرجال من أنفسهم أزواجا خلق سبحانه للنساء من انفسهن أزواجا فكان الوفاق وكان الائتلاف بين هذين الزوجين أو الصنفين من الإنسان وهما الذكر والأنثى.

    هذه الأبحاث مهمة وهو أنّه أساساً إذن لابد أن نقف عند هذه القضية وهي هذه الأمور الثلاثة وهو أوّلاً كلاهما خلق من حقيقة واحدة من نفس واحدة وخلق منهما زوجها آية سورة النساء قلنا أن الذكر والأنثى مخلوقان من حقيقة واحدة بقرينة آية سورة النساء، لماذا؟

    قال أوّلاً: لتسكنوا إليها هذا أوّلاً.

    وثانياً: ـ كله كلام في التكوين ليس في البحث الفقهي بل في البحث الوجودي التكويني دور الذكر والأنثى في النظرية القرآنية العلاقة ما بين الذكر والأنثى في النظرية القرآنية لا التابعية لا التخاصم لا الاستقلالية بل لتسكنوا إليها يعني ليسكن الذكر إلى الأنثى وتسكن الأنثى إلى الرجل ـ الآن وجعل بينكم هذه الأزواج الأنفس وجعل بينكم مودةً ورحمةً وحباً وعاطفةً إلى آخر القائمة أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون، الله سبحانه وتعالى كم يؤكد على مسألة هذه العلاقة، ولهذا لا بأس أن نقف بشيء من التوضيح عند هذه المسألة وهي أن هذه العلاقة علاقة الذكر والأنثى هل هي علاقة ثقافية أم أنها علاقة تكوينية وجودية طبيعية.

    هنا واقعاً لا بأس أن نقف عند هذه الآية المباركة تعالوا إلى مادة سَكَن التي فيما سبق أيضاً وقفنا عندها في التحقيق للعلامة المصطفوي في المجلد الخامس هذه عبارته في المجلد الخامس قال إنّ الأصل الواحد في هذه المادة صفحة 197 أن الأصل الواحد في هذه المادة هو الاستقرار، الآن عندما يقول سَكَن هذا السكون له مصاديق وهو يشمل الاستقرار المادي والاستقرار الروحي سأبين كيف يتحقق الاستقرار المادي ويتحقق الاستقرار الروحي والاستقرار الباطني يعبر عنه بالطمأنينة ألا بذكر الله تطمئن القلوب، إذن من مصاديق السكن حصول الاطمئنان القلبي الاحساسي العاطفي إلى آخره وأبين مصاديقه.

    والاستقرار الباطني يعبر عنه بالطمأنينة ورفع الاضطراب والتشوش الآن يأتي إلى المصاديق يقول سَكن الدار وسَكن في الدار وسَكن الشيء أي استقر في محل وإذا استعمل بحرف (إلى) فيكون بمعنى الاعتماد والاطمئنان ولهذا الآية قالت لتسكنوا إليها فإذن تعدى الفعل سكن بـ(إلى) فيقول سكن إلى فلان أي استقرار معتمداً ومطمئناً عليه ومتكئاً إليه إلى أن قال أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا وجعل منها زوجها أن المادة إذا استعملت بحرف إلى وتعدت به تكون بمعنى الاطمئنان والاتكاء أي استقرار مرتبطاً إليه ومتعلقاً به ومستنداً إليه في حياته ومعيشته.

    الآن هذه الصلاحيات أو الحقوق التي أعطيت للزوج بحسب المنطق الفقهي هل يولّد الاطمئنان للمرأة أو يولّد الاضطراب للمرأة؟ إذن كل هذه الحقوق إذا أوجدت اضطراباً لها لابد ماذا تصير؟ موافقة للقرآن أم معارضة للقرآن؟ فتسقط عن الاعتبار هذا هو فهمي من الآيات القرآنية، أنّه الرجل لسبب أو لادنى سبب أو بلا سبب يستطيع أن يطلقها بينك وبين الله هذه المرأة تطمئن إلى الزوج مطلق الزوج جنس الزوج تطمئن أو لا تطمئن؟ تقول على ساعة ماذا يفعل؟ فلهذا تحاول أن تؤمّن اطمئنانها برفع المهر والآن تجدون انتم هذا تقول لماذا هذه المهور؟ تقول إذن ما هو الاطمئنان؟ كيف نطمئن إليه؟ فإذن فقط الذي نستطيع أن نفعله أن نقف أمام شهواته من خلال المهر وهو حل أو ليس بحل؟ ليس بحل لأنه هذا السلاح بيد المرأة سلاح ذو حدين قد تستعمله معكوساً تقول مادام كذا مبلغ مهري فلماذا استمر في حياتي اشتكي عليه كي اخذ مهري منه.

    فتجدون بأنه أساساً الآية القرآنية صريحة في أن هذا الارتباط لابد أن يكون ارتباطاً يولّد الاطمئنان يولّد الاتكاء يولّد الاعتماد يولّد الثقة بين الذكر والأنثى فإذن عندنا أصل في محله يقولون بأنه أساساً في البحث الاقتصادي يقولون بأنه أي مسألة فقهية هذه الشيخ المطهري طرحها بشكل جيد قال نحن عندما نأتي إلى الاقتصاد الإسلامي يوجد هناك ضابط وملاك كلي أي شيء ينافي العدالة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لا نوافق عليه يقول هذا هو المستفاد من مجموع الآيات القرآنية أن العدالة الاجتماعية وان العدالة الاقتصادية وان لا تتولى الطبقية في المجتمع والى غير ذلك هذه أصول نصّ عليها القرآن الكريم فاي فتوى فقهية تعارض هذه الأصول فهي ساقطة.

    الآن أنا أيضاً أريد أقول أن النص القرآني ماذا يقول؟ يقول أن هذه العلاقة لابد أن تكون سنخ علاقة تولّد ماذا بين الطرفين؟ تولّد الاطمئنان، الاتكاء، الثقة من الطرفين يعني كيف أنّه بينك وبين الله كيف أنّه أنت تترك زوجتك من شهر تسافر وترجع ومطمئن مئة في المئة تذهب إلى الفحشاء أو لا تذهب؟ تخونك أو لا تخونك؟ مئة في المئة لا يخطر على ذهنك هذا، هي أيضاً لابد أن تشعر أنّه أنت تتركها أو تذهب أو تطلقها أو لا تقوم بواجباتها يخطر على ذهنها أو لا؟ لابد أنت أن تتعامل والمنظومة الفقهية والمنظومة القيمية تكون بنحو تولّد اطمئنان لمن؟ لها، إذن هذا ملاك، هذا ضابط هذا أصل في الأحكام الشخصية بين الذكر، أنا في الفقه أتكلم لا أن أتكلم في التكوين.

    يقول نحن أصّلنا هذا الأصل أن العلاقة فيما بينهما لابد أن تكون قائمة على أي أساس؟ على الاعتماد من طرف واحد أم من طرفين؟ على الاعتماد المتقابل من الطرفين ولهذا تجدون، هذه قضية أصلية ولهذا إذا أردتم استحكاماً في نظام الأسرة لابد أن تولّدوا هذا الاطمئنان النفسي من الطرفين، هذا الاطمئنان النفسي الذي سأقول ما هو طريقه.

    تعالوا إلى سيد قطب انظروا ماذا يقول، يقول: حكمة الخالق فيدركون أن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون فيدركون حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقاً للآخر ملبياً لحاجته الفطرية نفسيةً وعقليةً وجسدية هذه مراتب ثلاث من المودة والمحبة والرحمة الجسدية، النفسية، العقلية وسأبينها، بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار ويجدان في اجتماعهما السكن والاكتفاء والمودة والرحمة لان تركيبهما ولهذا تجد أن السيد الطباطبائي عندما يصل إلى هذه القضية رحمة الله تعالى عليه في ذيل هذه الآية يقول فكل واحد منهما ناقصٌ في نفسه مفتقرٌ إلى الآخر.

    ولكن مع الأسف الشديد فقط ذهب به إلى البعد الجنسي قال بمجموعهما أمر التوالد والتناسل إذن البعد الروحي كيف؟ البعد النفسي كيف؟ البعد العاطفي كيف؟ وهكذا هذه كلها مراتب المودة والرحمة، لعله من ابرز المصاديق وإلا الأصل الكلي الذي ذكره مهم جداً قال فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر إلى الآخر ويحصل من المجموع واحد تام وإلا لو نظرت إلى الذكر بشرط لا والى الأنثى بشرط لا كلاهما يبقى ناقصاً، متى يكون الذكر ليس لا بشرط ولا الأنثى لا بشرط وإنما الذكر بشرط شيء والأنثى بشرط شيء يعني الذكر بشرط الأنثى والأنثى بشرط الذكر.

    ومن هنا أنا معتقد أن الكفئ الذي يقولونه لابد أن يكون كل واحد منهما كفئ للآخر ليس المراد فقط الكفئ المالي أو العرفي لا بل الكفئ النفسي، الكفئ الثقافي، الكفئ الفكري هذا كله له اثر والآن الدراسات الحديثة كلها تثبت هذه الحقيقة وهو أنّه عندما تبحث عن المرأة أو الذكر يبحث عن أنثى والأنثى تبحث عن ذكر لابد أن تبحث عن كفئ لها ما هو المراد كفئ؟ الكفئ في مختلف الأبعاد لا في بعد دون آخر حتى يستطيعا أن يكملا المسيرة معاً، وفي عقيدتي الشخصية أفضل آية أشارت إلى هذا المعنى هي الآية من سورة البقرة هذه الآية المباركة من سورة البقرة.

    هذه الآية التي وقفنا عندها إجمالاً والآن إن شاء الله ازيدها توضيحاً وتفصيلاً وهي الآية 187 من سورة البقرة (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) الآن الآية مرتبطة بالبعد الجنسي فقط أليس كذلك؟ ولكنه كما ذكرنا في سبق أن عموم الآيات القرآنية فيها هذه، تذكر الضابطة الكلية ثمّ الآية تتحدث عن بعض المصاديق، فلهذا لا ينبغي لكم أن تقفوا ماذا؟ إذن السياق لا يمنعك تقول إذن هذه هنّ لباس لكم وانتم لباس لهن فتختصه بماذا؟ تختصه كما ذكر بعض المفسرين هنّ فراش لكم وانتم لحافٌ لهن، هذا صحيح ولكن هذا إشارة إلى بعض مصاديقه، هذا شيخ محمد جواد وهو من عنده بل اخذها من مفسرين آخرين أنا كنت أتصور هذه عبارة شيخ محمد جواد مغنية رحمة الله تعالى عليه وجدتها في مكان آخر.

    إذن هنّ لباس لكم وانتم لباس لهن نعم سياق الآية عَلَم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم مرتبطة بالبعد الجنسي ولكنه هذا لا يمنع أن تبقى هذه الجملة ماذا؟ ولهذا في منطق فهم القرآن حاولوا عندما تاتون إلى الآية انظروا أن الآية خصوصاً مثل هذه الآيات التي هي نصف صفحة انظروا أن القاعدة الكلية أين مذكورة في هذه الآية، اكتشفوا القاعدة عند ذلك تفهمون أن هذه الآية تشير إلى مجموعة من المصاديق.

    هذه القاعدة وأنا افهم أن أئمة أهل البيت عندما قالوا أنّه يمكنك أن تقتطع صدر الآية في شيء وذيلها في شيء ووسطها في شيء أو يمكن اقتطاع قطعة من الآية وأخذها مستقلة هذا ليس معناه أخذها مستقلة بنحو لا تنسجم مع المصاديق المذكورة في الآية وإلا يلزم أنّه هذا المقطع لماذا جاء هنا؟ إذا لا يتعلق به لا صدر الآية لا ذيل الآية لا وسط الآية لا سياق الآية أصلاً يصير فوضى في الآيات إذن هذا الأصل هنّ لباس لكم وانتم ماذا؟

    ولهذا جملة من المفسرين عندما جاءوا إلى مسألة اللباس قالوا ويراد من اللباس السكن، كاملاً التفتوا أنّه هنّ لباس لكم ما معنى هنّ؟ قالوا هنّ سكن لكم وانتم ماذا؟ سكنّ لهن وهو كذلك من مصاديقه هذا.

    انظروا سيد قطب الجزء الأول صفحة 174 هذه عبارته يقول: واللباس ساتر وواقٍ وكذلك هذه الصلة بين الزوجين تستر كلاً منهما وتقيه والإسلام الذي يأخذ هذا الكائن الإنساني بواقعه كله ويرتضي تكوينه وفطرته كما هي إلى آخره هذا مورد.

    المورد الثاني العلامة الالوسي في روح المعاني المجلد الثالث صفحة 140 يقول هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ أي هنّ سكنٌ لكم وانتم ماذا؟ مع أنّه اللباس غير السكن، الآن عندما نرجع إلى لَبَس تجدون أن لَبَس له مصاديق ولكن ذهننا نحن عندما نقول لباس أين يذهب؟ إلى هذا اللباس المادي وهذا هو منطق القرآن هذا هو التدبر في النص القرآني أنّه صحيح لأنه في جملة من الأحيان يذكر المفهوم العام ولكن نفس المفهوم أيضاً مرتبط بالمصداق ولكن هو ليس مقصوده ذلك المصداق بخصوصه وإنما يريد الأوسع لماذا؟ باعتبار أنّه أوضح المصاديق وإلا لباس هو لباس.

    تعالوا معنا إلى مادة لَبَس هذا مهم جداً مادة لَبَس في القرآن مهمة جداً مادة لَبَس في القرآن وقف عندها العلامة المصطفوي في المجلد العاشر صفحة 178 يقول الأصل في المادة مادة لَبَس هو الستر بعنوان الحفظ حاولوا قدر ما تستطيعون عموم كتبنا اللغوية من العين للفراهيدي والى تاج العروس للزبيدي عموماً مما يؤسف له عندما يأتون لمفردة يبينونها من خلال ذكر بعض مصاديقها مع أن المفهوم أعم وهذا هو الذي أوقع المجسمة في التجسيم لماذا؟ لأنه عندما يأتي إلى اليد كيف يعرّف اليد؟ يقول الجارحة مع أن الجارحة ليست هي اليد بل الجارحة مصداق من مصاديق مفهوم اليد.

    الرؤية عندما تقول رأى أين يذهب ذهنك؟ بالعين مع أن الرؤية البصرية بهذه الحاسة هذه من مصاديق الرؤية وليست هي ماذا؟ المفهوم اعم ألم يعلم بان الله يرى عندما يذهب إلى كتب اللغة يقول يرى يعني يرى من خلال هذا المصداق فإذن الله له عين الله له وجه الله له يد إلى آخره إذن صار موجود وله جسم من أهم أصول فهم القرآن هو أن المفهوم عام وإذا يذكر في الروايات أو في كلمات اللغويين فهي ماذا؟ بعض مصاديقها ولهذا هذا الرجل الله يعلم يعني انصافاً لابد أن يقال أن العلامة المصطفوي في الأعم الأغلب ملتفت إلى هذه النكتة.

    ولهذا يقول الأصل في المادة هو الستر بعنوان الحفظ أما ومن مصاديقه لباس البدن الآن ليست واضحة نظرية المفهوم والمصداق بالنحو الذي طرحناه لكنه تطبيقاته تجدها ومن مصاديقه لباس الكعبة ومن مصاديقه ما يلبس ومن مصاديقه وكل من الزوجين هنّ من الزوجين لباس ماذا؟ يعني هذا اللباس؟ لا، الذكر لباس من؟ الأنثى والأنثى لباس من؟ الذكر.

    وكل من الزوجين ساتر وحافظ للآخر في حياتهما إلى أن يصل إلى هذا ثمّ أن اللباس بعض مصاديقه مادية وبعض مصاديقه معنوية فاللباس الظاهري أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً هذا مصداق ولباس آخر ولباس التقوى ذلك خير فإذن تقوى الذكر لا يتحقق إلا بالأنثى وتقوى الأنثى لا يتحقق إلا بالذكر.

    ولهذا من تزوج فقد احرز … لماذا؟ لأنه المكمل الأصلي لتقوى الذكر هو بالأنثى والمكمل الأصلي لتقوى الأنثى بالذكر بل هناك ذكرنا نحن قلنا إذا نظرتم إلى الآية المباركة يتبين أن حاجة الذكر إلى الأنثى اشد من حاجة الأنثى إلى الذكر لأنه بدأت الآية قالت هنّ لباس لكم إذا قلنا أن الابتداء أو التقديم يدلّ على الأهمية والاشرفية يتبين أن حاجة الذكر إلى الأنثى أشدّ من حاجة الأنثى إلى ماذا؟ إلى الذكر.

    تعالوا معنا إلى الفخر الرازي ونِعمَ ما فعل في ذيل هذه الآية قال المسألة الأولى هنّ لباس لكم وانتم لباس لهنّ المسألة الأولى قد ذكرنا في تشبيه الزوجين باللباس وجوهاً أحدهما أنّه لما كان الرجل والمرأة فيضمّ كل واحد منهما جسمه إلى جسم صاحبه فيكون كالثوب الذي يلبسوه هذا هو البعد الجنسي وهو صحيح لأنه هذه الحاجة موجودة الجسمية أو غير موجودة؟ نعم موجودة هذه حاجة موجودة وهذه هي مرتبة من مراتب ماذا؟ وجعل بينكم مودة ورحمة الذي سأبينه في مراتب المودة.

    الثاني: هنّ فراش لكم وانتم لحافٌ لهن هذه العبارة بالنص ينقلها الشيخ محمد جواد مغنية وهو لا يقول لمن ولكن منشأها الفخر الرازي هنّ لباس لكم، الثانية: إنما سمي الزوجان لباساً ليستر كل واحد منهما صاحبه عما لا يحل انظروا واحدة من أهم فوائد اللباس الزينة واحدة من أهم فوائد اللباس هذا اللباس المادي ما هو؟ ستر العيوب إذن هو زينة وهو ستر للعيوب.

    ثالثها: أنّه تعالى ـ مهم جداً ـ يقول لباسك تشارك غيرك بلباسك أو لا تشارك؟ فلباسك خاص بك، ولهذا انتم الآن اللباس الخاص الذي تستعمله نادراً تسمح للآخرين أن يستعملوه ماذا تفهمون من هذا إذا تم التشبيه؟ فالتعدد يجوز أو لا يجوز؟ تعدد الزوجات؟ الآية تقول كما أنها مختصة بك لابد أن تكون مختص بها إلا للاضطرار أو لظروف اجتماعية هذاك بحث آخر هذا معنى ما ذكرناه في بحث الأبحاث اللغة الفارسية أن الأصل وحدة الزوجة أم تعدد الزوجة؟ النص القرآني يقول وحدة الزوجة ولكن ممكن أنّه تخرج عنه لظروف خاصة.

    رابعها وخامسها: أوسع من وقف عند هذا الشيخ جوادي بالإضافة إلى هذه جاء إليها تشبيه الزوجين بماذا؟ باللباس.

    يذكر مقدمة قيمة يقول من المعلوم أن اللباس يحمي مرتديه من العديد من الاضرار فالزواج أيضاً يحمي، اثنين: من شأن اللباس أن يستر عيوب الإنسان ويحفظ له ماء وجهه وكرامته كذلك ماذا؟ ثلاثة: أن اللباس يحمي الإنسان من شدة الحر وقسوة البرد وغير ذلك فعلى كل من الزوج والزوج الذي قلنا لغة رديئة أن يكون سبباً للطمأنينة والأمل والتفائل لكل منهما في الحوادث المرة والأوقات الحلوة معاً، أربعة: أن هناك علاقة قوية بين اللباس ومرتديه لالتصاق كل منهما بالآخر دون السماح لأي شيء آخر بأن ينفذ بين بدن الإنسان وبين لباسه فليكن الأمر كذلك في حفظ العهود بين الزوج والزوجة.

    خمسة أن تكون كذا، ستة: لا شك أن أي منهما لا يرغب في ارتداء كذا، سبعة: اللباس بشكل عام يمنح الراحة والسرور للإنسان ثمانية: اللباس كذلك تجد من هذا التشبيه أن القرآن وتلك الأمثال… الآن وتلك المفاهيم نبينها عليكم باستنباط المصاديق، هذا مفهوم كلي، لماذا القرآن الكريم ذهب لتشبيه العلاقة الزوجية وكنّى عنها باللباس كان بامكانه أن يكني عنها بأي كناية أخرى وان يشبهها بأي تشبيه آخر وان يضرب لها مثلاً غير هذه الأمثال.

    يقول والخلاصة فإنّ الهدف الأساسي من الزواج وإن شاء الله سأبين لا يقتصر على إرضاء الغريزة الجنسية واشباع الرغبات والاهواء بل وكذلك تأمين الرفاهية والراحة والطمأنينة والسعادة في ظل تأسيس الزوجين لأسرة حميمة ملأها الحب والحنان فضلاً عن إنجاب الأطفال والمحافظة على الجنس البشري.

    هذه الطبعة العربية المجلد التاسع صفحة 510 والنسخة الفارسية المجلد التاسع صفحة 459 وما بعد هناك أيضاً تشير إلى كل هذه الوجوه.

    الآن يبقى عندنا بحث أخير وهو الذي إن شاء الله نقف عنده في الغد لان وقتنا انتهى وهو أنّه وجعل بينكم مودة ورحمة إذن بالإضافة إلى تلك الآثار الوجودية المودة والرحمة فما هي مراتب المودة والرحمة في القرآن لان الآية صريحة وجعل بينكم مودةً ورحمة هذه مرتبة واحدة مراتب متعددة ما هو ادناها وما هو أعلاه ومنه ننتقل إلى بحث إذن العلاقة بين الذكر والأنثى علاقة تاريخية ثقافية أم علاقة تكوينية طبيعية؟ على هذا الأساس سننتقل إلى بحث وهو أن تكوين الأسرة أمر تكويني فطري أم أمر ثقافي تاريخي؟ أي منهما؟ البعض يقول تكويني والبعض يقول ثقافي وتاريخي هذا يأتي والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2019/12/25
    • مرات التنزيل : 1495

  • جديد المرئيات