نصوص ومقالات مختارة

  • ولعلماء الدين في آخر الدروس كلمة

  • اعتاد علماء الدين والمراجع على أن تكون لديهم كلمة توجيهية لحضّار دروسهم من الأساتذة والفقهاء, ومن هنا جاءت كلمة المرجع الديني سماحة السيد كمال الحيدري, في آخر درس خارج الفقه لهذه السنة, وأمام العشرات من طلابه الأعزاء.

    نكتفي بهذا القدر من البحث لهذا اليوم الذي هو آخر أيام الدرس لهذا العام والذي جرت عادتي فيه أن استميح العذر من كل الأخوة الأحبة الحضور, عن ما يمكن ان يكون قد صدر مني خلال هذا العام, داعيا الله لكم بالتوفيق والسداد في مسيرتكم العلمية.

    ولي أن أشير الى حقيقة تتعلق بوظيفة طالب العلم, فبحسب تتبعي التاريخي فأنني قد وجدت ان الائمة عليهم السلام كانوا يركزون على ظاهرتين مهمتين هما:

    الأولى: ظاهرة الشعائر الحسينية: حيث كانوا عليهم السلام كثيراً ما يؤكدون على الاهتمام بهذه الظاهرة؛ لما لها من الدور الكبير في نشر المعارف الدينية وبقاء الرسالة المحمدية؛ إّذ من الواضح ان الأدلة العقلية والفلسفية والكلامية لا تستطيع أن تكون مؤثرة في الناس جميعاً؛ لأنها جاذبة للنخب لا غير, أما الشعائر الحسينية ففيها إمكانية الجذب لجميع المستويات والطبقات, وغير مختصة بفئة دون أخرى, فنجدها محل تعاطف الجميع من أصحاب الشهادات وغيرهم المتدينين منهم وغير المتدينين.

    الثانية: الحوزة العلمية, غير خاف على أحد أن الأئمة عليهم السلام هم من أسس ورعى هذه المؤسسة العظيمة, وبذلوا قصارى الجهود من أجل استمرارها وبقاءها, لذلك نرى فاعلية هذه المؤسسة ومدى انتشارها في عهد الصادقين عليهم السلام.

    علما ان هذه المؤسسة هي حلقة الوصل بين الائمة وشيعتهم, لذلك نجد:

    أولا: وجود القدسية العالية لهذه المؤسسة, التي لم تحصل لأي مؤسسة أخرى في العالم.

    ثانياً: أن المؤسسة هذه لها ارتباط وثيق بعمق وعي الفرد الشيعي, وهذا ما لا نجده في كثير من المجتمعات الأخرى القائمة على أساس التنظيم والتحزّب.

    من هنا ينبغي لنا الالتفات الى أمرين مهمين:

    الاول: ضرورة عدم صدور أي فعل يكون سبباً لتضعيف هذه المؤسسة أو النيل منها ممن ينتمي ـ وذلك بارتدائه اللباس الحوزوي المتعارف ـ إلى هذه المؤسسة؛ وذلك لأن الانتماء لها يلازم تحمل الأعباء والمسؤوليات الملازم للعمل غير المنافي للأخلاق والمروءة والدين, فمن كان غير أهل لذلك ينبغي عليه الابتعاد عن تلك المسؤوليات؛ لكي لا يكون سبباً لإضعافها, أو النيل منها, الباعث على هتك حرمتها والتقليل من هيبتها.

    فلابد لمرتدي العمامة ان يكون مثالاً عالياً وقدوةً حسنةً في أخلاقه ودينه ومجاراته لأبناء مجتمعه, فلا ينبغي له أن يعيش الرفاهية والسعادة بين قوم يتضورون جوعاً, بل عليه أن يكون مصداقاً لقول أمير المؤمنين عليه السلام «أأقبل أن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشارككم مكاره الدهر», وعليه أيضاً أن يكون محتاطاً في جميع حركاته وسكناته, وأن لا يصدر منه قولاً أو فعلاً يتنافى مع ما هو عليه من حال.

    الثاني: غير خاف على احدٍ أيضا ان الحوزة العلمية قد قامت على أساس الورع والتقوى, والعلم والعمل الصالح, هدفها تأسيس قواعد المذهب والدفاع عن قواعده ومقدساته, فلا ينبغي لمن لا يكون جديراً لذلك أن ينخرط في هذا الأمر؛ لكونه أمانة إلهية في أعناقنا حيث إن الواجب على من سلك هذا الخط وانخرط فيه هو حفظ الشريعة وتبليغها, علماً أن الأمر غير متوقف على مسائل مرتبطة بالطهارة والنجاسة فحسب, بل هو أعمق من ذلك بكثير, فينبغي تجنيد النفس للدفاع عن المذهب من كل الاتجاهات والجوانب, وها نحن اليوم نرى الأعداء قد صوبوا سهامهم تجاهنا من كل حدب وصوب, من غزوٍ عقدي وفكري وثقافي, فلابد لنا من توطين النفس للدفاع عن مذهبنا والحفاظ على حياضه.

    والحمد لله رب العالمين

     

    • تاريخ النشر : 2011/08/23
    • مرات التنزيل : 1837

  • جديد المرئيات