نصوص ومقالات مختارة

  • المهدوية في تراث المدرستين (ق2)

  • 11/10/2009
    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدم: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسل الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين.
    تحية طيبة لكم مشاهدين الكرام أينما كنتم، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج (الأطروحة المهدوية)، في هذه الحلقة نتواصل معكم إنشاء الله تعالى ضمن عنوان حلقتنا الذي هو في الواقع نفس عنوان الحلقة السابقة (الأطروحة المهدوية في تراث المدرستين) معنا في هذا البرنامج دائماً إنشاء الله تعالى سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم، حياكم الله.
    المقدم: سماحة السيد هل من خلاصة للحلقة السابقة كيف تلخصوها للمشاهد الكريم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. في الواقع بودي في المقدمة وقبل البدء بحديثي لهذه الليلة أن أشير الى مسألة لعل جملة من المشاهدين الأعزاء الكرام تصوروا أنه وقع فيها خلط واشتباه، ولكنه أتذكر في الحلقة السابقة أكدت ذلك لمرات عديدة، أننا نحن عندما نتكلم في هذه المرحلة عن المهدي والمهدوية وعن هذه الاطروحة والعقيدة لسنا بصدد الحديث عن عقيدة المهدي في مدرسة أهل البيت عليه الصلاة والسلام، لأننا بعد ذلك سوف نتوفر على هذه المسألة بشكل واضح ودقيق وصريح، ونبين أننا نعتقد أن المهدي الذي وعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهو وعد صادق لا ريب فيه لأنه (ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) هذا الوعد سيتحقق وتحققه لا يكون إلا على يد الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وأنه إمام معصوم يصلي خلفه عيسى (عليه السلام) وهو نبي من أنبياء أولي العزم، وأنه الآن حي الى أن يأذن الله سبحانه وتعالى بالظهور، هذه عقيدة المهدوية والمهدي عند مدرسة أهل البيت، وهذا ما سنتوفر عليه لاحقاً، بودي أن المشاهد الكريم ينتظر معي قليلاً ويتسلسل معي في الأبحاث حتى نستطيع أن نصل الى نتيجة قاطعة، وخصوصاً أننا وجدنا أن بعض المتصلين يبحث معنا عن الحقيقة، يعني الأخ الذي أتصل من فرنسا في ا لحلقة السابقة الإنسان يجد أنه باحث عن الحقيقة ليس كلامه في هذه المدرسة أو تلك المدرسة وإنما يريد أن يعرف حقيقة الأمر في هذه المسألة العقدية الضرورية المتواترة التي أشرنا غليها في الحلقة السابقة.
    إذن ليس حديثنا نحن في العقيدة المهدوية كما تعتقدها مدرسة أهل البيت، وإنما نتحدث عن العقيدة أو الأطروحة المهدوية بشكل عام بالنحو الذي اتفقت عليها كلمة علماء المسلمين، هذا هو القدر المشترك وهو أنه سيخرج في أخر الزمان إمام – عبروا عنه شخص ليس مهما هذا- عادل يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلما وجوراً، وأن هذا الشخص هو الذي سيصلي خلفه عيسى (عليه أفضل الصلاة) هذا هو القدر المتيقن، أما ما هو نسبه، هل هو معصوم أو لا، هل هو حي أو لا، الآن لا أتكلم في هذا، ولذا لا يتبادر الى ذهن الأخوة الأعزاء المشاهدين أنني أريد أن أوجد حالة من الضبابية عندما أنقل كلمات أعلام المسلمين من المتقدمين والمتأخرين، لا أبداً، أنا بشكل واضح وصريح أقول أن أولئك الذين نقلت أسمائهم ونقلت كلماتهم في هذا المجال لا يريدون أن يثبتوا عقيدة المهدي كما تعتقدها مدرسة أهل البيت، وإنما أشير الى القدر المشترك بين المدارس والاتجاهات في هذا المجال.
    المقدمة: وهي كلمة سواء بين المدرستين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، تعالوا الى كلمة سواء، واقعاً هذه هي الكلمة السواء، وهذا هو المتفق عليه، القرآن (تعالوا الى كلمة سواء) أنا لا أريد أن أُلزم الطرف الآخر في هذه المرحلة، أن يعتقد بما تعتقده مدرسة أهل البيت، نعم، سوف أتوفر وسوف أحاول إنشاء الله تعالى في الحلقات القادمة أن أشير الى الأدلة والبراهين التي تعتقدها مدرسة أهل البيت في العقيدة المهدوية، والطرف الآخر والاتجاه الآخر هو حر أن يقبل هذه الأدلة أو لا يقبل، ولكنه لابد أن يلتفت الى أن هناك قدر مشترك بين المسلمين جميعاً وهو ليس في حل أن يقبل أو يرفض، وإنما لابد أن يقبل، لماذا؟ لأنها صدرت من الصادق الأمين، صدرت من الرسول الأعظم، هي وعد إلهي خرج وصدر من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله). هذه النقطة الأولى.
    النقطة الثانية التي بودي أن المشاهد الكريم أن يلتفت إليها، أخواني الأعزاء بحثنا باعتبار أنه خرج من حالة سابقة، كنت أتكلم فيها خصوصاً في مطارحات في العقيدة، وهي بيان عقيدتنا وأركان وأصول عقيدتنا على أساس ما نعتقده من أدلة، وأخذ البحث بعداً حوارياً أن صح التعبير، حوارٌ على الهواء مباشر، نحن نطرح النظرية التي نعتقدها من خلال الأدلة التي نعتقدها ولكن باعتبار أننا نوجه الكلام من الناحية العلمية الى الطرف الآخر إذن سوف نحاول أو سوف بطبيعة الحال سيكون بحثنا جدلياً أكثر منه برهانياً – الآن لا أريد أن أدخل في الاصطلاح- ولكنه لابد أن يلتفت المشاهد الكريم أن البحوث التي نعرضها في الأعم الأغلب، هي بحوث جدال بالتي هي أحسن (وجادلهم بالتي هي أحسن) ما معنى جادلهم بالتي هي أحسن، يعني: أنني استند الى مسلمات الاتجاه الأخر والطرف الاخر والقول الأخر لإثبات ما اعتقده من الحق، ليس لإثبات باطل، بل لإثبات بحق، ولكن استند الى أي دليل؟ قد استند الى دليل لا يقبله الطرف الآخر، هذا لا يمكن أن يكون حجة عليه. متى يكون الدليل حجة عليه؟ إذا قبل الطرف الآخر هذا الدليل، ومن باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم. لو قال لي قائل: أنت تقبل أن الألباني إذا ادعى الإجماع أو التواتر تقبل كلامه. أقول: لا، أنا لا أقبله بالنسبة الى اعتقاداتي لا أقبل أدعاء الألباني أو ابن باز أو غير هؤلاء من الأعلام، وإنما أشير إليهم من باب أنك تقبل بهذا وتراه أنه حجة عليك، الطرف الآخر عندما يعتقد أن البخاري (كتاب البخاري) هو أصح كتاب بعد كتاب الله، وأن كل ما ورد فيه صحيح وأنه وأنه الى آخره إذن أنا أحاول أن أحاججه أن أجادله بالتي هي أحسن من الدليل ومن المسلمات التي يقبلها لإثبات حق أنا اعتقد به، أو إبطال أمر هو يعتقد به.
    إذن لا يتبادر الى الذهن نحن عندما ننقل كلمات علماء المسلمين يأتينا شخص من الخارج يقول: إذا كانت بالنسبة إليكم كلمات أعلام الذين نقلت حجة لماذا لا تقلبون أقوالهم في مكان آخر، لا لا، لا تكون أقوالهم حجة علينا في موضع آخر إلا إذا تمت الأدلة على ذلك.
    المقدم: من باب أن عندكم التوراة فأتلوها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، من هذا الباب، وهذا هو المنطق القرآني.
    جيد، إذا اتضحت هاتان النقطتان، أرجع الى حديثي وبحثي في هذه الحلقة، يتذكر المشاهد الكريم نحن في الحلقة السابقة أشرنا إلى جملة من كلمات أعلام المسلمين وأكتفي في هذه الليلة بالإشارة الى الكلمتين الأخيرتين اللتين أشرت إليهما، وهي كلمة ناصر الدين الألباني، حتى أشير ايضاً الى مصدر هذا الكلام لأنه بعض الأخوة اتصلوا قالوا سيدنا لم تذكر المصدر، والكلمة الأخرى والتي هي من الكلمات الأساسية التي اشرنا إليها، وهي كلمة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية سابقاً، وهو الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وأنا إنما استند إلى هذين العلمين لا من باب هم أكبر من غيرهم، لا، من باب أنه اساساً في خصوص الثاني الشيخ عبد العزيز بن باز هو من الأعلام الكبار في المدرسة السلفية الحديثة، وقوله حجة، يعني بعبارة أخرى قوله يعد قول المرجع الأول في المدرسة السلفية الحديثة.
    علي أي حال، فيما يتعلق بكلام ناصر الدين الألباني، هذا المقال نشر في مجلة (التمدن الإسلامي) دمشق السنة 22، ذي القعدة 1371، تحت عنوان (حول المهدي) ما نص عبارته هذه، أنقل عبارته مرة أخرى: أما مسألة المهدي فليعلم أن في خروجه أحاديث كثيرة صحيحة قسم كبير منها له أسانيد صحيحة وأنا مورد هنا أمثلة منها، ثم معقب ذلك – تعقيباً على ذلك- بدفع شبهة الذين طعنوا في هذه الأحاديث وأنكروا ظهور الإمام المهدي، – وبعد ذلك سأشير من الذين أنكر ذلك فأقول، إلى أن يقول في آخر المقال: وخلاصة القول أن عقيدة خروج المهدي – قلنا هذه القضية مهمة جداً، إن الألباني يعتبرها مسألة عقدية وليست مسالة مرتبطة بالفروع، فإذا كانت مسألة عقدية على المباني لابد أن يكون الدليل الدال عليها أمراً متواتراً أو قطعياً مفيد لليقين، وأن القضايا العقائدية الأساسية لا يمكن إثباتها بخبر واحد أو بخبرين أو ثلاث حتى لو كانت الأخبار مستفيضة، نعم في القضايا العقائدية الجزئية أو الثانوية هناك بحث، أما في العقائد أو في الأمور العقدية الأساسية لا يمكن الاعتماد إلا على اليقين ومن الواضح أن التواتر يفيد اليقين. يقول: خلاصة القول أن عقيدة خروج المهدي عقيدة ثابتة متواترة عنه (صلى الله عليه وآله) يجب الإيمان بها، ليست أنها خبر آحاد يخرج شخص في آخر الزمان، من هو؟ اسمه محمد بن عبد الله، ما هي خصوصياته، لا يعنينا ذلك. لا، قضية أخبر بها ويعبر عنها مثل الألباني يقول: يجب الإيمان بها، لأنها من أمور الغيب، والإيمان بها – نكتة أخرى يضيفها الألباني- والإيمان بها من صفات المتقين، كما قال تعالى في أول سورة البقرة: (ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه * هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) ومن الواضح أن هذا من أوضح مصاديق الغيب وإن إنكارها – التفت جيداً- لا يصدر إلا من جاهل أو مكابر أسأل الله أن يتوفانا على الإيمان بهذه العقيدة، وبكل ما صح في الكتاب والسنة. هذا هو الكلام الأول.
    الكلام الثاني هو كما قلت للشيخ ابن باز، هذا الكلام ورد في مقال لابن عباد تحت عنوان (عقيدة أهل السنة والآثر في المهدي المنتظر) هذا المقال نشر في العدد الثالث من مجلة (الجامعة الإسلامية) في المدينة المنورة، السنة الأولى، ذي القعدة، 1388. هذا أيضاً مصدر المقال، بعد أن ذكر ابن عباد عقيدة أهل السنة هناك تعقيب للشيخ ابن باز، فعند ذلك عقب على كلام ابن عباد. قال: فأمر المهدي معلوم والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة – وهذه نقطة أساسية- متعاضدة وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، بعبارة أخرى إذا أردنا أن نتكلم بلغة علمية يعني أن التواتر فيها محصل ومنقول، يعني هو ابن باز حصل التواتر، راجع الروايات فوجدها متواترة، ثم صح عنده أن جملة من الأعلام قالوا بالتواتر وهذا هو التواتر المنقول، والتواتر الأول هو التواتر المحصل، من قبيل الإجماع، يعرفون أهل الاختصاص، من قبيل الإجماع فقد يكون إجماع منقول وقد يكون إجماع محصل، الإجماع المحصل أو التواتر المحصل يعني أنت تتابع كلمات أعلام المسلمين فيحصل لك – أنت الشخصي- تواتر وإجماع، وأخرى لا، أنت لا تتابع وإنما تنقل الإجماع أو التواتر من الآخرين. يشير هنا ابن باز إلى هذه الحقيقة يقول: بل متواترة متعاضدة وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، كما حكاه الأستاذ في هذه المحاضرة – يعني ابن عباد في محاضرته (عقيدة أهل السنة في المهدي)- وهي متواترة تواتراً معنوياً – لا أريد الدخول في أقسام التواتر اللفظي والمعنوي والإجمالي- ولكنه في النتيجة درجة قوية من درجات التواتر، وهي متواترة تواتراً معنوياً لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها – الصحابة الذين نقلوها- ورواتها وألفاظها فهي تدل على أن هذا الشخص الموعود به ممن؟ من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمره ثابت وخروجه حق. يعني بعبارة أخرى بتعبير القرآن (لا ريب فيه) لا مجال للريب والتردد والتشكيك في ذلك، ومن الواضح أنه لو كانت أخبار آحاد، لو كانت أخبار مستفيضة كانت تفيد أنها حق وثابت، لا، لأن خبر الواحد قد يصيب وقد يخطأ خبر الواحد لا يمكن أن يثبت شيئاً على نحو القطع واليقين.
    المقدم: لا يكون الحق حقا بغير يقين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: العبارة الثالثة التي بودي أن أشير إليها – لم أنقلها في الحلقة السابقة- وهي عن الشوكاني وهي أيضاً من العبارات الجيدة في هذا المجال، هذه العبارة للشوكاني المتوفى سنة 1250 من الهجرة ، ذكره القونجي في الإذاعة تصحيح الشوكاني لبعض أحاديث المهدي، يعني ذكر القونجي أن الشوكاني صحح بعض أحاديث المهدي. والرواية هذه: ينقل ومما ذكره الشوكاني حديث أبي هريرة يكون في أمتي المهدي، قال الشوكاني: رواه البزاز ورجاله ثقات، حديث أخر في المهدي، أخرجه الطبراني في الأوسط والبزاز في مسنده قال الشوكاني: ورجاله ثقات، حديث جابر في المهدي: يكون في أمتي خليفة يحثو المال – وإنشاء الله بعد ذلك سيأتي أن البخاري ينقل ماذا؟ لا يقول المهدي، ولكن يقول يوجد من يحثو المال، وهذا إنشاء الله بعد ذلك سأشير إليه، أنه قد يقال أن البخاري لم يذكر، الجواب: بعد ذلك سيتضح أن البخاري ذكر أو لا، وإذا ذكر بأي عنوان ذكر، هذا بحثه سيأتي- أخرجه الدارقطني، قال الشوكاني: رجاله رجال الصحيح. ثم قال- نقل عن الشوكاني- والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها خمسون حديثاً فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، هذا محل الشاهد، متواترة.
    المقدم: حتى الضعيف منجبر.
    سماحة السيد كمال الحيدري: احسنتم، متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق – الشوكاني يقول أنها ليست متواترة، بل أنها فوق التواتر- يقول: بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها، لو كانت الأحاديث أقل من هذا أيضاً لكانت متواترة، فما بالك بهذه الأحاديث.
    المقدم: تجاوزت حد التواتر.
    سماحة السيد كمال الحيدري: فإذن هي ماذا؟ ليست فقط متواترة، بل هي فوق التواتر، هذا كلام الشوكاني. وأرجع مرة ثانية وأقول: لست أنا أقول أن الشوكاني يقول أن المهدي بحسب عقيدة أهل البيت هي أنه كذلك، لا أنه ليس هذا مراده، وإنما نتكلم عن أصل الموضوع في هذا المجال، قال: بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في علم الأصول. يقول: على جميع المباني هذه الأحاديث ما هي؟ قضية المهدي ما هي؟ متواترة. هذا كلام جداً مهم، يقول: أنها متواترة على جميع المباني، لا على بعض المباني دون البعض ا لآخر، لأن المباني قد تختلف في التواتر، يقول على جميع المباني المحررة في علم الاصول لا اقل في مدرسة الصحابة هذا يفيد التواتر.
    المقدم: فالتهاون فيها كالتهاون في أي أصل التوحيد أو غيره.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا ما يقوله، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدي فهي كثيرة أيضاً ولا مجال للاجتهاد فيها. فالقضية ثابتة، وبتعبير الشيخ ابن باز ماذا؟ حق وثابت لا مجال للريب فيه. إذن بهذا أنا أصل إلى هذه النتيجة المهمة وهي: أن قضية المهدي – للمرة الثالثة لأني أخشى أن بعض المشاهدين دخلوا البرنامج الآن كما حصل في الحلقات السابقة ثم قالوا سيدنا لماذا تدلس، ومع أني لم أدلس لكنه احترم آراء المشاهدين الأعزاء- أقول: أصرح للمرة الثالثة لا أتكلم عن المهدي بحسب عقيدة الشيعة وأنه إمام حي حتى يخرج من لم يستمع إلى حديثي، لا أقول أنه يوجد غرض آخر، يقول لماذا أنت توهم الناس ان ابن باز يقول بالعقيدة المهدوية كما تعتقدها أنت، لا أخي العزيز، أنا أتكلم عن أصل هذه العقيدة، وأنها متواترة حق لا ريب فيها.
    المقدم: الآن المشاهد صار عنده يقين سماحة السيد بأن هذه القضية ثبتت وهي الحق باتفاق المدارس الإسلامية، هنا يأتي السؤال وهو: ما هي أهم النتائج المترتبة على ثبوت هذه العقيدة، يعني العقيدة المهدوية.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنت، واقعاً أنا هذا السؤال بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه النتائج، لأنه جداً خطيرة، النتيجة الأولى المترتبة على ثبوت عقيدة المهدي وأنه يخرج في آخر الزمان شخص يملأ الأرض – عبر عنه إمام عادل أو عبر عنه ما شئت-.
    المقدم: المنجد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، لأنه مسألة المهدي في النصوص الروائية الواردة عند المسلمين واقعاً مما لا ريب فيه، والتعبير عنه بأنه المهدي، أما هو مهدي من فاطمة أو من غيرها ذاك حديث آخر، الآن لا أريد أن أتكلم في هذه القضية لأن المصادر تأتي بعد ذلك، النتيجة الأولى المترتبة: أنه هذه الدعوى وهذه الكلمات التي أشرنا إليها من جملة من أعلام المسلمين الذين وسعهم الوقت – وهناك العشرات من هذه الكلمات التي تدعي التواتر وثبوت هذه العقيدة وهذه الأطروحة- يثبت بطلان ما ادعاه جملة من المتقدمين والمتأخرين أن عقيدة المهدي أمر موهوم، باطل لا أساس له. تبطل هذه الدعوى بأي شكل من أشكالها. لأنه تقول تقول هل يوجد في علماء المسلمين، أو هل يوجد أحد واقعاً من المثقفين ومن أهل الكتاب ومن أهل العلم ينكر هذه الفكرة، نعم. ومن هؤلاء سأشير إليهم على نحو الإجمال، وأملي أن المشاهد الكريم يصبر عليّ ويتحملني.
    المورد الأول الذي سأشير إليه ما ذكر ابن خلدون في (تاريخ ابن خلدون) الجزء الأول، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ص311، هذه عبارة ابن خلدون، تحت عنوان الفصل 52 في أمر الفاطمي، من يعني؟ أنه من عترة فاطمة, في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك. يقول: اعلم أن في المشهور بين الكافة من أهل الإسلام، أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى بالمهدي – هذا تعبيره المشهور بين الكافة من أهل الإسلام- هذا تعبير ابن خلدون. المشهور بين الكافة، يعني لا يستثنى أحداً، ويكون خروج الدجال وما بعده من اشراط الساعة الثابتة في الصحيح على اثره وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل ا لدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته، من يقول هذا؟ ينقل عن مشهور أهل الإسلام، كافة أهل الإسلام، ويحتجون في هذا الشأن بأحاديث خرّجها الأئمة، أئمة من؟ أئمة الحديث، وتكلم فيها المنكرون لذلك، وربما عارضوها ببعض الأخبار، إلى أن يقول: ونحن الآن نذكر هنا الأحاديث الواردة في هذا الشأن وما للمنكرين فيها من المطاعن وما لهم في إنكارهم من المستند. إذن هو يريد أن يذكر النصوص وبعد ذلك يبين رأيه أن هذه النصوص صحيحة أو مطعونة ساقطة. بعد أن يذكر جملة من الأدلة التي هي جداً ناقصة، ولكن لا أدخل فيها، يقول – هذه جملته-: يعرض لها إلى أخره، فلان وفلان بأسانيد، ربما يعرض لها كما نذكره إلا أن المعروف عند أهل الحديث أن الجرح مقدم على التعديل، وحيث أن البعض جرح بهؤلاء الذين نقلوا هذه إذن الجرح مقدم، إذن هذه الروايات كلها تسقط عن الاعتبار، إذن لا اعتناء بما ذكره المشهور من كافة المسلمين.
    فإذا وجدنا طعناً في بعض رجال الأسانيد بغفلة أو بسوء حفظ أو ضعف أو سوء رأي تطرق ذلك إلى صحة الحديث وأوهن منها ولا تقولن مثل ذلك قد يتطرق إلى رجال الصحيحين، التفت هو أيضاً ملتفت، يقول: بعض هذه الطعون أيضاً وردت في رجال الصحيحين – صحيح مسلم والبخاري- وهذا لازمه أن الطعن مقدم على التعديل، إذن يلزم الطعن بالصحيحين – الصحيحين وليس أكثر- لاعتقاده أن صحيح البخاري وصحيح مسلم ما ورد فيهما صحيح.
    قال: ولا تقولن مثل ذلك ربما يتطرق إلى رجال الصحيحين فإن الإجماع قد اتصل في الأمة على تلقيهما بالقبول، هناك إجماع على صحة ما ورد في الصحيحين، وأنا لا أعلم ما مقصود من الأمة؟ ظاهراً مقصوده مدرسة الصحابة، وإلا بشكل واضح أنه ليس مقصوده مدرسة أهل البيت أنهم أجمعوا على تصحيح ما ورد في الصحيحين. إلى أن يقول: قال: قال رسول الله: من كذب المهدي فقد كفر، ومن كذب بالدجال إلى والله أعلم بصحة طريقه، ثم يبدأ برد كل هذه الأحاديث، فهي مطعونة فيرد فكرة المهدي. هذا من؟ هذا ابن خلدون في تاريخه الجزء الأول كما أشرت.
    جملة من المعاصرين أيضاً ذهبوا هذا المذهب واتجهوا بهذا الاتجاه، أي اتجاه؟ اتجاه ابن خلدون في تأريخه، وطعنوا فيمن؟ في نصوص المهدي. وهذا الذي نجده نحن الآن من بعض المتكلمين على بعض الفضائيات، أنهم بدءوا لا يطعنون ولكنهم بدءوا يهمشون ماذا؟ المهدوية، هذه العقيدة، لا أقول أطروحة، أقول عقيدة، لأنه ثبت أن هذه الفكرة فكرة متواترة، بتعبيره هو يقول: المشهور من كافة أهل الإسلام، والآخرون قالوا متواترة. من هؤلاء محمد فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين، ج10، ص481، عباراته مفصلة الأخوة يمكنه بالإرجاع إليها، هنا يقول تحت عنوان – الأخوة الذين يريدون أن يراجعوا- المهدي في ص475 في مادة (هدي أو هدى) ورد في الكتب القديمة كذا، ثم يبدأ بنقل روايات وينقل خمسة عشر رواية في هذا المجال، إلى أن ينتهي يقول: هذا ما ورد من الأحاديث في المهدي المنتظر، والناظرون فيها من أولي البصائر لا يجدون في صدورهم حرجاً من تنزيه رسول الله من قولها. يقول: أهل البصيرة لابد أن ينزهوا رسول الله.
    المقدم: يعني ابن تيمية وابن باز ليسا بصيرة له.
    سماحة السيد كمال الحيدري: كل علماء الإسلام، ليس ابن تيمية فقط، ابن باز والشوكاني والألباني وغيرهما. هذا نص عبارات محمد فريد وجدي أقرأها بالنص ليلتفت لها المشاهد الكريم. هذا كتاب دائرة معارف القرن العشرين، طبعة دار الفكر، المجلد10، بيروت، ص480 يقول: والناظرون فيها – يعني في هذه الأحاديث- من أولي البصائر – إذن الذين قبلوها ليسوا من أهل البصائر- لا يجدون في صدورهم حرجاً من تنزيه رسول الله من قولها، فأن فيها – في الروايات- من الغلو والخبط في التواريخ والإغراق في المبالغة والجهل بأمور الناس والبعد عن سنن الله أنها إذن والمطالع يعلم لأول وهلة أنها أحاديث موضوعة تعمد وضعها رجال من أهل الزيغ أو المشايعين لبعض أهل الدعوة من طلبة الخلافة في بلاد العرب …. هذه نص عبارة محمد فريد وجدي.
    وفي الأخير يقول: وقد ضعّف كثير من أئمة المسلمين أحاديث المهدي واعتبروها مما لا يجوز النظر فيه وأننا إنما أوردناها مجتمعة لتكون بمرأى من كل باحث – طبعاً لم يوردها مجتمعة، بل بعضها، أورد 15 رواية وفي نصوص الأعلام 50 رواية كما قرأنا عن الشوكاني – وأننا إنما أوردناها مجتمعة لتكون بمرأى من كل باحث في هذا الأمر حتى لا يجرأ بعض الغلاة على التضليل بها على الناس، هذا الذي نسمعه على بعض الفضائيات، أنهم كالببغاء يقلدون كلمات الآخرين وهذه الكلمات التي لا أساس لها على خلاف إجماع ماذا؟ على خلاف دعاوى التواتر التي وجدت في كلمات أعلام المسلمين.
    اعتذر للمشاهد الكريم أن البحث طال في هذه الكلمات والنتائج بعد لم تنتهي.
    من الكلمات في هذا المجال ما ذكره الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (الإمام الصادق) ص238، قال: وقد تكلم بعض السنين في ظهور المهدي – شيء غريب واقعاً، علم من أعلام، التعبير موهم والتعبير غير علمي وغير منهجي، ونحن كنا نتوقع من الشيخ أبو زهرة وهو من الأعلام واقعاً، كان ينبغي أن يكون أكثر دقة عندما يتحدث عن مثل هذه المسائل، وهذا ما عهدناه من البعض- يقول: وقد تكلم بعض السنين في ظهور المهدي في آخر الزمان، ومنهم من اعتنق تلك العقيدة – أيضاً على نحو التقليل- مع أن الألباني يقول بالتواتر.
    المقدم: الإجماع.
    سماحة السيد كمال الحيدري: ليس إجماعاً، بل التواتر. ومنهم من اعتنق تلك العقيدة وأثبتها بعض من كتب في العقائد – شيء غريب أيضاً- وقد جاء ذكره في بعض كتب السنة، كسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، يعني إذا هذه لم تكن كافية فأنا لا أعلم بعد أي شيء يكفي. ولكنه لم يجد ذكر للمهدي في الصحيحين، وهذه من أهم شبهات المتأخرين، أنه أساساً جعلوا المدار على ما ورد في الصحيحين، حيث لم يذكر الصحيحان هذا المعنى إذن لا قيمة لما ذكر في غيرهما. أساساً لنعرف بعد ذلك، واقعاً ابن باز لم يكن يعلم أنه لم يذكر في الصحيحين فكيف ادعى التواتر، واقعاً الألباني لم يكن يعلم وهو الذي حقق في هذه النصوص.
    المقدم: أما أنهما لم يعيرا أهمية للصحيحين وأما أن الضابط مرتفع عندهم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا لابد أن نقف عنده، هذه نقطة أساسية، وهو أنه كيف ادعوا التواتر مع أنه بتعبير هؤلاء لم يذكر في الصحيحين، هذا معناه يمكن أن ينعقد التواتر وإن لم يذكر في الصحيحين، هذه نقطة أساسية مركزية في منهج البحث وفي البحث العلمي. أنه ذكر أو لم يذكر هذا لا يؤثر شيئاً، ذكر فبها ونعمت، لم يذكر فلا يضر شيئاً، نعم إذا ذكر فيه نفع لمن يعتقد بالصحيحين، أما إذا لم يذكر فلا يضر بمن لا يعتقد بهما.
    قال: ولكنه لم يجد ذكر لها في الصحيحين، وقد تكلم علماء السنة في إسناد الأخبار – يعني جمع سند، يعني أسانيد الأخبار التي وردت ذكر المهدي- وفندوا أسانيدها – شيء غريب هذا الدعوى واقعاً، كيف فندوها وهذه دعاوى التواتر من الأعلام جميعاً- ولذلك نقول أنها ليست عقدية متقررة عند السنيين.
    المقدم: أين الإجماع وأين التواتر.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا لا أريد أن أعلق، أترك الأمر لمن؟ للمشاهد، أنه هو يعلم أن يتكلم محمد أبو زهرة وأين يتكلم الأعلام.
    المقدم: في الواقعزلت قدمه.
    سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً ولا يستحق، على أي حال.
    أما أحمد أمين المصري صاحب كتاب (ضحى الإسلام، وفجر الإسلام) -لا أحمد أمين صاحب (التكامل في الإسلام)- يقول في كتابه (المهدي والمهدوية) ص41: وقد وضع كل من السنة والشيعة الأحاديث في تأييد المهدي المنتظر ومما يشهد بالفخار للبخاري ومسلم أنهما لم تتسرب إليهما هذه الأحاديث – باعتبار أنها موضوعات وإسرائيليات مثلاً- فهؤلاء فقط الذين سلموا عن هذا التسريب. وأخر وهو الأستاذ علي حسين السائح المغربي أو الليبي فكان أشدهم تمسكاً فقال: أن البخاري ومسلم لم يثبتا حديثاً واحداً من الأحاديث التي تبشر بظهور المهدي إلى أن قال: وقد أزعجني جداً إرهاب العقول وتقويفها لتقبل ما لا تقبل وحاولت كثيراً أن أقنع نفسي بأن هذا الحديث متواتر ولكن أي قيمة لتواتر حديث لا يذكره الشيخان، مقصوده البخاري ومسلم، شيء غريب، اساساً هذا منهج جديد في التواتر، وهو أن التواتر يعرض على خبر الواحد، لأنه لم يدعي أحد أن البخاري ومسلم أخبارهم متواترة وإنما هي أخبار آحاد، فكيف يعرض المتواتر على الآحاد، وإنما الميزان أن يعرض الآحاد على المتواتر، هذا منهج بعض المحدثين والكتاب.
    وأخرهم وهو ما ورد في المهدي المنتظر للدكتور عذاب محمود الذي أشرت إليه، هناك هذا الرجل في آخر كتابه عندما يشير إلى ص531 أيضاً في نفس المضمون حتى لا نأخذ وقت الأخوة، هذه النتيجة الأولى.
    النتيجة الثانية – وهي من النتائج الرئيسية التي أشرت إليها-: مما تقدم أولاً اتضح بأنه أساساً هذه الدعاوى عدم صحة أحاديث المهدي وأنها موضوعة كلها أحاديث تجانب الحق والحقيقة وأنه لا أصل لها وإنما صدرت أما – بتعبير الألباني- من جاهل وإما من مكابر ومعاند.
    النتيجة الثانية التي أريد أن أؤكد عليها في هذه النقطة وهي أن عدم نقل الحديث في الصحيحين لا مدخلية فيه في صحة الحديث وعدم صحته، يعني ليس المدار أن الحديث إذا كان في الصحيحين أو في أحدهما فالحديث صادر وإذا لم يكن فيهما أو في أحدهما فالحديث ليس صادراً. هذا المستدرك، والدليل ماذا؟ الدليل كلمات علماء المسلمين، أنهم قبلوا تواتر أحاديث المهدي وهي غير واردة بالصراحة في الصحيحين، وهذا خير شاهد من كلمات أعلام المسلمين وبمختلف اتجاهاتهم وبمختلف مدارسهم سواء كانوا فقهاء أو متكلمين، سواء كانوا أشاعرة كانوا معتزلة، كانوا سلفية، كانوا أتباع ابن تيمية، كانوا أتباع محمد بن عبد الوهاب، كلهم قبلوا تواتر هذه الروايات مع أنها لم ترد في صراحة الصحيحين، وهذا له مدلول التزامي بودي على طلاب الحقيقة أن يلتفتوا إليه، وهو أن المدار ليس على وجود الحديث في الصحيحين أو عدم وجوده، فلا تأتي بعض الفضائيات وبعض المتكلمين وينسبون أنفسهم إلى أهل العلم ويقولون أنقلوا لنا روايات من الصحيحين، من البخاري ومسلم، لا لا أبداً، هؤلاء علماء المسلمين قبلوا صحة هذه الروايات، بل قبلوا تواتر هذه الروايات مع أنكم لا أقل أو بعضكم يقول أنها لم ترد صراحة في الصحيحين.
    القاعدة، إذن المدار ليس على أنه ورد في الصحيحين أو لم يرد، الآن أن أخرج بنتيجة مهمة من هذه النتيجة الثانية، إذن نحن عندما نأتي إلى بيان مقامات علي وآل علي والعترة وبيان درجاتهم وبيان فضلهم ومناقبهم لا يقول لنا قائل أين يوجد في الصحيحين، نعم إن وجد فطوبا للصحيحين، وإن لم يوجد واقعاً أريد أن أقول لا يضر شيئاً ولا أعلق أكثر من هذا، وإلا واقعاً هذا من سوء حظ الصحيحين أن الأحاديث المتواترة لا ترد فيهما.
    المقدم: هذا نقص فيهما.
    سماحة السيد كمال الحيدري: نقص في الكتابين فيا لصحيحين، وفيهما، كيف أن أحاديث متواترة بين علماء المسلمين هم ماذا؟
    المقدم: قبلوا وأقروا بثبوتها وتواترها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: وهم ينقلونها، هذا لا يكشف إلا عن أحد أمرين: إما عن عدم إحاطة وعن الجهل وعن الغفلة، وإما التعمد والعناد والمكابرة كما قال الألباني، وإلا أرجع وإن كان طال عليكم البحث، أرجع إلى عبارة ابن باز والى عبارة الألباني أنظروا ماذا يقول؟ يقول: وهي متواترة تواتر معنوياً لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها فهي تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق، ثم يقول في موضع آخر: ولقد تأملت ما ورد في هذا الباب فاتضح لي صحة كثير منها كما بيّن ذلك العلماء الموثوق بعلمهم ودرايتهم كأبي داود والترمذي والخطابي ومحمد بن الحسين الأبري وشيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم والشوكاني و…. إلى غيرهم. إذا كان علم مثل الشيخ ابن باز يقول هذا الكلام، والغريب تجد أن الآخرين يقولون أن البخاري – طبعاً أقول للمشاهد الكريم نحن لا نقبل، بعد ذلك سيأتي، نعم لم يرد ذكر صريح للمهدي في صحيح البخاري، هذا واقعاً لابد أن يسأل البخاري ومن يدافع عن البخاري، ولكن بحسب القاعدة أن هذا لا يؤثر على الحقيقة شيئاً- لابد أن يتذكر المشاهد الكريم الضابط الذي ذكرته في (مطارحات في العقيدة) في الجمعة الماضية، قلت: أن المدار أن يكون الحديث متفق عليه بين المدرستين سواء ورد في الصحيحين أو لم يرد.
    المقدم: الأخ أبو عبد الرحمن من الأمارات.
    الأخ أبو عبد الرحمن: السلام عليكم سماحة الشيخ.
    سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو عبد الرحمن: بارك الله فيكم كلام طيب ومثل للحوار، لكن عندي بعض الأسئلة:
    السؤال الأول: فضيلة الشيخ قال أن المهدي نبي من أولي العزم.
    المقدم: لا، قال يصلي خلفه نبي من أولي العزم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: عيسى يصلي خلف المهدي.
    الأخ أبو عبد الرحمن: أنا معكم من بداية الحوار.
    سماحة السيد كمال الحيدري: قد يكون هناك سبق لسان، الآن أصرح لك أخي العزيز أن الإمام المهدي ليس نبياً والنبوة ختمت في الخاتم (صلى الله عليه وآله): لا نبي بعدي. خاتم النبيين. وإنما مقصودي أنه يصلي خلفه نبي من أنبياء أولي العزم وهو ليس بنبي.
    الأخ أبو عبد الرحمن: أحسنتم يا شيخ، هذا أردت توضيحه للمشاهد.
    الشيء الثاني: يا ليت عندما تستدل بكلام المشايخ في الحوارات لا تستدل بمجلات أو مقالات، لتستدل بالكتب التي تكلموا فيها، مثلاً الشيخ ابن باز أو الشيخ الألباني عندما يتكلمان عن المهدي نريد أدلة من كتب الشيخ الألباني وكتب الشيخ ابن باز، لا نريد كلام من مجلات أو مقالات.
    أهل السنة والشيعة كلهم متفقون على وجود المهدي، لا أحد يختلف على هذا، ولكن نحن نختلف في بعض الأمور ألا وهي أنك قلت المهدي من أولي العزم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لا تؤكد على قضية أنت تعلم أني لم أقلها، لا تؤكد عليها.
    المقدم: عيسى من أولياء العزم يصلي خلف المهدي كما في البخاري.
    الأخ أبو عبد الرحمن: ولكن في البداية شيخنا أنت ذكرتها قد يكون خطأً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: ألتفت جيداً أخي، أنا لم أقل أني قلت خطأً حتى أنت تحملني، لم أقل خطأ، أنت سمعت خطأً، ولذا صححت لك خطأك.
    نعم، أخي العزيز، أنت لا تقول أن السيد أخطأ، أنا لا أوافقك. وهذا أتصور واضح.
    المقدم: شكراً للأخ أبي عبد الرحمن من الأمارات، الآن الأخ محمد من السعودية تفضلوا.
    الأخ محمد: السلام عليكم.
    المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري:عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ محمد: بالنسبة لصلاة عيسى (عليه السلام) خلف المهدي، لا اعتقد أنها لها دخل بالعصمة لأن عيسى (عليه السلام) كان يصلي بصلاة الرسل السابقة، فهذا صلاة عيسى (عليه السلام) لأنه يصلي صلاة المسلمين.
    ثانياً: أن هذه القضية لو كانت تعني شيء فالمعصومين لدى الشيعة صلوا خلف أُناس ليسوا معصومين كأبي بكر وعمر وعثمان.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب أخي العزيز إنشاء الله تعالى سأثبت لك أخي العزيز – إذا صبرت معي- سأثبت لك أن المهدي بحسب عقيدة الإمامية لابد أن يكون معصوماً أما أنك قلت أن عيسى هو شريعة أخرى، لا، هو الآن عندما صلى خلف المهدي ففي شريعتنا صلى خلف المهدي، وليس في زمانه، وفي هذا الزمان لابد أن يكون، إلا أن تقبلوا بنظرية بعض المعتزلة الذين قالوا بإمامة المفضول للفاضل، وهذا ما لا نقبله لا عقلاً ولا نقلاً. وأما ما ذكرته ثانياً، ماذا قال؟
    المقدم: أن بعض المعصومين صلى خلف غير المعصوم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب أخي العزيز، لا تستطيع أن تثبت لا أنت ولا غيرك وأذهب إلى من شئت أن معصوماً صلى خلف غير المعصوم بدليل قطعي واضح عندنا. وإذا ثبت ذلك فله اعتبارات أخرى، وإلا لا يمكن لمعصوم أن يقتدي بغير معصوم.
    المقدم: معنا الأخ أبو علي من البحرين.
    الأخ أبو علي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري:عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو علي: كيف حال سماحتكم، سماحة الشيخ أنا عندي ثلاث أسئلة يا ليت سماحة الشيخ تجيبني على المباشر. أريد اسم المهدي تقوله أمام الملأ أسم المهدي كاملاً، هذا السؤال الأول. السؤال الثاني: في الكافي عن أبي عبد الله، قال: إذا قام القائم يأتي بقرآن جديد على العرب شديد ويهدم الحرمين ويخرج الشيخين ويجلدهما أمام الملأ ثم يبعث السيدة عائشة ويجلدها.
    السؤال الثالث: أنت تقول: أن الإمام المهدي من لم يؤمن به فهو كافر مخلد في النار، وأما عند السنة فلا يوجد هذا المبدأ، يعني الذي لا يؤمن بالمهدي ليس كافر أو ليس بمسلم، أما عندكم الذي لا يؤمن بالمهدي فهو كافر مخلد في النار.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أما السؤال الأول فاسم المهدي هو محمد بن الحسن إلى آخر قائمة الأئمة (عليهم السلام) فهو محمد بن الحسن العسكري، اسمه محمد، والمهدي من آل محمد، فاسمه محمد، ونسبه هو نسب الأئمة الأحد عشر الذين يرجعون إلى علي بن أبي طالب.
    أما سؤاله الثاني فهو خارج الآن عن محل كلامي، أخي العزيز أنا طلبت من المشاهد الكريم ومنك أخي العزيز أن تكون الأسئلة في محور، وإلا اطمئن سوف أأتي على كل مفردات بحث المهدوية. وأن هذا الذي نقلته هذه الرواية صحيحة أو غير صحيحة قبلها علماؤنا أو لا، كما أنتم تفعلون ذلك نحن عندما ننقل أي رواية تقولون الرواية ضعيفة، الرواية لم يعمل بها، الرواية رواتها مجروحين، وهذا بحثه سيأتي.
    وأما السؤال الثالث: وهو من الأسئلة المهمة، الذي يقول لا يوجد عندنا مبدأ من أنكر المهدي فهو يُكفر، أنا لا أجد وقتاً كافياً فقط أرجعك أخي العزيز إلى كتاب (البرهان في علامات مهدي آخر الزمان) لعلاء الدين ابن حزام الدين الشهير بالمتقي الهندي المتوفى سنة 975 من الهجرة صاحب كتاب الموسوعة المعروفة (كنز العمال) ينقل هناك آراء علماء الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية أن من أنكر فكرة المهدي فقد كفر.
    أقرأ نص واحد: قال أن إنكاره هكذا، فهو يقتضي ثم قال: يزجز ويكفر ويرجعوا رغماً على أنوفهم ويردهم إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفرهم وإكبارهم، النصوص كذلك. وإنشاء الله أعدك في الحلقة القادمة أذكر كلمات المسلمين. طبعاً نحن نقبل أو لا ذاك حديث آخر، أنت تقول أن هذا المبدأ لا يوجد عند علماء مدرسة الصحابة وعند علماء السنة. سأثبت لك أن هذا المبدأ موجود عندهم. أما موجود عندنا أو لا فله حديث آخر.
    المقدم: شكراً لكم سماحة السيد كمال الحيدري.
    سماحة السيد كمال الحيدري: شكراً لكم وللمتداخلين.
    المقدم: كما نشكر مشاهدينا الكرام إلى اللقاء في الأسبوع القادم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/18
    • مرات التنزيل : 1511

  • جديد المرئيات