نصوص ومقالات مختارة

  • موقف ابن تيمية من حديث رسول الله : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق (2)

  •  01/04/2010
    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم في هذه حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة وهو استمرار لما سبق: (موقف ابن تيمية من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي علي السلام: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، القسم الثاني) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المقدم: في البدء لا بأس من تمهيد وخلاصة لما سبق في الحلقة السابقة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    قلنا في الحلقة السابقة أن مجموعة هذه الأبحاث وهي التي نحاول فيها أن نتحدث عن مناقب وفضائل أمير المؤمنين عليه السلام، والهدف من طرح هذه الأبحاث هو بيان وإثبات أفضلية علي على جميع الصحابة بمن فيهم الخليفة الأول والخليفة الثاني، فضلاً عن باقي الصحابة، بل سيتضح إنشاء الله تعالى أن الفضائل والمناقب التي ذكرت لعلي لا يوجد ما يناظرها في فضائل الصحابة الآخرين إن وجدت هناك فضائل متفق عليها بين المدرستين. بل سيتضح في مرحلة ثالثة أساساً لا مجال للقياس بين علي عليه أفضل الصلاة والسلام وبين باقي الصحابة وهذا ما أشار إليه علي عليه أفضل الصلاة والسلام في خطبة من نهج البلاغة، قال: لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد. وهذا ما نحاول إنشاء الله تعالى أن نقف عنده في حلقات كثيرة في اعتقادي أنها ليست عشرة أو عشرين بل كثيرة جداً هذه الأبحاث، ولكن المهم الذي لابد أن يلتفت إليه المشاهد الكريم أنا كما اتفقنا مع المشاهد أننا لا ننقل رواية انفرد بها علماء مدرسة أهل البيت والكتب الحديثية والمصادر والمراجع الحديثية لمدرسة أهل البيت. يعني لا أنقل رواية من أصول الكافي وإن كانت هذه الرواية صحيحة عندنا، لا ننقل من كتب البحار أو الصدوق أو غيرها، وإنما نكتفي فقط بالروايات الواردة والمجمع عليها بين علماء المسلمين، وسيتضح للمشاهد الكريم أن هذه القضية وهي الفضائل والمناقب الثابتة لعلي في كتب الفريقين لا تناظرها أي فضيلة وأي منقبة لأحد بعد الخاتم (صلى الله عليه وآله)، لماذا انتخبنا هذا المنهج؟ لأننا قلنا فيما سبق وبودي الآن أن أشير إلى نصين أو أكثر في هذا المجال، قلنا فيما سبق أن النصوص الواردة والمقبولة لا أقل من الطرف الآخر يعني من مدرسة الصحابة أنه لو اجتمعت الأمة على شيء فهي معصومة عن الخطأ، معصومة من الضلالة، وعندما أقول الأمة مرادي جميع علماء الأمة بمختلف اتجاهاتهم ومبانيهم العقدية والفكرية وغير ذلك، إذا وجدنا مفردة عقدية اتفق عليها جميع كلمات علماء المسلمين بمن فيهم مدرسة أهل البيت ومدرسة الصحابة فإن هذه الأحاديث تقول أنها ليست خاطئة وليست ضالة وإنما لابد أن تكون حقاً. أما الروايات الواردة في هذا فهي كثيرة، أنا أقف عند بعض هذه الروايات.
    من هذه الروايات ما ورد في كتاب (نظم المتناثر من الحديث المتواتر) تأليف أبي الفيض مولانا جعفر الحسني الإدريسي الشهير بالكتاني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، طبعاً لم أجد طبعة أخرى من هذا الكتاب إلا هذه الطبعة القديمة المطبوعة في بيروت سنة 1400 من الهجرة، طبعاً في الصفحة الأولى يقول طبع بالمطبعة المولوية بفاس العليا المحمية سنة 1328، ولم أجد طبعة أخرى. هناك يقول: أحاديث عصمة الأمة وأنها لا تجتمع على ضلالة وخطأ، ذكر ابن الهمام في التحرير وغير واحد أنها متواترة معنى، يعني هذه الأحاديث التي قال بأنها لا تجتمع أمتي على ضلالة، لا تجتمع أمتي على خطأ، لا يوجد فيها تواتر لفظي ولكن يوجد فيها تواتر معنوي، ونص ابن الهمام ومن الأدلة السمعية، أي على أن الإجماع حجة قطعية، قال: لا تجتمع أمتي على الخطأ ونحوه كثير، ومن ألفاظه أن الله لا يجمع أمتي على ضلالة، أخرجه الترمذي وغير الترمذي باسانيد متعددة. ثم يقول وأورده وأخرجه عن ابن عمر وعن أبي بصرة الغفاري وعن أبي مالك الأشعري وعن أنس وعن ابن عباس .. إلى أن قال: وبالجملة فهو حديث مشهور المتن ذو أسانيد كثيرة وشواهد متعددة في المرفوع وغيره وراجعه … الخ.
    إذن المنهج الذي نتبعه ومن هنا أنا أقدم هذا التساؤل بل هذا التحدي، أننا من الآن نتفق على أن أي حديث ورد تريدون الاستدلال به أنتم في مدرسة الصحابة أو في منهج ابن تيمية ومن يتبع ابن تيمية من الأمويين إذا أرادوا أن يستدلوا فعليهم أن يأتوا بأحاديث متفق عليها بين علماء المسلمين وصحيحة عند الجميع، وهذا الحديث كما هو واضح وأشرنا إليه أنه متواتر ولا يحتاج إلى معرفة السند ولكن مع ذلك ورد في السلسلة الصحيحة، المجلد الثالث، ص319، للعلامة الألباني، رقم الحديث 1331، إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على خطأ، رواه ابن أبي عاصم عن سعيد سمع النبي يقول … إلى أن يقول: ثم رواه ثم رواه … إلى أن يقول ورجاله ثقات، قلت فالحديث بمجموع هذه الطرق حسن. التصحيح أيضاً وارد عن العلامة الألباني. وكذلك لمن أراد أن يراجع يمكن مراجعة (مسند أحمد) المجلد 45، ص200. وكذلك (الفقيه والمتفقه) للخطيب البغدادي، المجلد 1، ص423.
    إذن منهجنا وهو هذا الذي وعدنا به المشاهد الكريم أننا لا نأتي في الفضائل والمناقب إلا بتلك النصوص المتفق عليها بين علماء المسلمين، فإذا أردتم أن تأتوا بمنقبة لأي صحابي كان لابد أن تكون تلك المنقبة متفق عليها بين المسلمين وإلا لا تكون حجة علينا وإنما تكون حجة عليكم. إذا أرتم في الحجاج العلمي وفي المنهج العلمي وفي المحاججة العلمية وفي المنطق العلمي السليم لا تقولون قال البخاري في أبي بكر وقال في سعد بن أبي وقاص كذا وقال في معاوية كذا، هذا لكم حجة عليكم، ولا قيمة له من الناحية العلمية والمنهجية، ليس حجة علينا. إذن وهذا ما سأفي إنشاء الله ووفيت به في الحلقات السابقة، أني لا اذكر نصاً في مناقب علي إلا بعد تصحيح علماء المسلمين له من المدرستين، مدرسة أهل البيت ومدرسة الصحابة. هذا هو المنهج المتبع عندنا.
    المقدم: سماحة السيد بالنسبة لحديث (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) يعني سنده متفق عليه أو هو مورد شك وترديد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: من المناقب ما يكون له سند صحيح ولكن قد يشكك به البعض ويصححه البعض الآخر، يعني ليست كل المناقب التي وردت في علي متفق عليها بعض هذه المناقب حتى لو كانت صحيحة عند مدرسة الصحابة إلا أنها ليست صحيحة عند جميع علماء مدرسة الصحابة، بعض المحدثين وبعض الأئمة والأعلام يصححونها وبعض من أعلام مدرسة الصحابة يضعفونها. نحن نريد أن نعرف أن حديث (لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق) أو (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) هل يوجد هناك من شكك في هذا الحديث، يعني في سند هذا الحديث أم أن هذا المضمون متفق عليه بين جميع علماء المسلمين. نعم لعله إذا كان هناك كلام، فهو في بعض الطرق ولا يؤثر، ولكنه في الأعم الأغلب السند صحيح ومعتبر عند القوم. في الواقع بأن النصوص الواردة في ذلك كثيرة، كما اشرنا في الحلقة السابقة، من النصوص الواردة ما ورد في صحيح مسلم، ويتذكر المشاهد الكريم أننا قرأنا من صحيح مسلم الرواية الدالة على هذا المعنى بشكل واضح وصريح، وقلنا بأنه في (صحيح مسلم) ص60، الحديث 78، ومصادر أخرى. ولكن ما أريد أن أشير إليه فقط من باب الإجمال، ما ورد في (خصائص أمير المؤمنين) قلنا توجد أحاديث ثلاثة، ص86، وهي الأحاديث 100 و 101 و 102، يقول الحديث 100 إسناده صحيح، الحديث 101 يقول إسناده صحيح. الحديث 102 يقول: وهو إسناد صحيح. إذن ما أورده الإمام النسائي في (خصائص أمير المؤمنين) من (لا يحبك أو لا يحبني) وحديث رسول الله عن علي، هذه الأحاديث الثلاثة كلها صحيحة السند.
    ومن تلك الموارد التي لابد أن يُشار إليها في هذا المجال، ما ورد في (فضائل الصحابة) المجلد الثاني، ص196، للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، طبعة جديدة منقحة، حققه وخرج أحاديثه عباس، وقرأنا هذا في الحلقات السابقة. الرواية عن علي رقم الرواية 948، قال: عهد إلي النبي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، يقول إسناده صحيح وهو في المسند يعني مسند أحمد بن حنبل، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة، وأخرجه الترمذي وابن ماجة، وأحمد والبغوي في معجم الصحابة، والخطيب في تأريخه، وأبو نعيم في الحلية، كلهم من طريق الأعمش وقال أبو نعيم: هذا حديث صحيح متفق عليه. بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الكلمة من صاحب تأريخ بغداد، يقول: حديث صحيح متفق عليه ورواه الجم الغفير. إذن من حيث السند لا مجال للتشكيك في هذا السند، بل أكثر من ذلك أنا بودي ان المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقائق لأنه بعد ذلك سيتضح أنه يوجد من يشكك في صحة هذا السند وفي صحة هذا النص الصادر عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله).
    في (سير أعلام النبلاء) للذهبي، المجلد السابع عشر، مؤسسة الرسالة، ص169، قال: وقد جمعت طرق حديث الطير في جزء – الذهبي- وطرق حديث من كنت مولاه وهو أصح، يعني أصح من حديث الطير، وأصح منهما ما أخرجه مسلم عن علي قال: أنه لعهد النبي إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. يعتبر الإمام الذهبي أن حديث (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) يعتبره أصح من حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فإن قلت: ما هو قيمة حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) ما هو قيمته عند الذهبي. التفتوا جيداً ماذا يقول الذهبي في المجلد الثامن من سير أعلام النبلاء، المجلد الثامن، هناك يقول: فخرج علينا رسول الله من خباء أو فسطاط فأشار بيده ثلاثة فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، هذا حديث حسن عال جداً ومتنه فهو متواتر.
    فهو متواتر وهذا أصح منه. إذن هذه نكتة أساسية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها، قد يقال قائل: ما هو سبب إصراركم على هذا؟ نقول: باعتبار أنه إذا وردت عندنا روايات أخرى أو تشكيك من أحد عند ذلك يوجد عندنا حديث متواتر قطعي الصدور فإذا ورد خبر آحاد ظني الصدور إذا تعارضا يسقط ذلك الخبر الآحاد الظني الصدور وهذه من قواعد باب التعارض كما ذكر في علم الأصول.
    أنا أريد أن أثبت أن هذا الحديث من الأحاديث أولاً المجمع عليها بين علماء المدرستين وثانياً أنها أصح عند الإمام الذهبي من حديث من كنت مولاه فهذا علي مولاه الذي متنه متواتر عند الإمام الذهبي. هذه هي القيمة السندية لحديث (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) وهذه الجملة تفيد الحصر، لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق.
    المقدم: وقد قطع الذهبي على من يشكك في هذا الحديث. سماحة السيد ما هو موقف ابن تيمية من سند هذا الحديث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: بل قال اصح حتى من حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) الذي هو اثبت تواتره في محل آخر.
    في الواقع بأنه هذه هي طريقة الشيخ ابن تيمية، واقعاً بودي أن المشاهد الكريم يلتفت جيداً، عنده إستراتيجية في كل النصوص والأحاديث التي تكلمت عن فضائل ومناقب علي وأهل البيت، أولاً يأتي ليحذفها ويذهب وينتقصها سندياً يقول لم تثبت موضوعة، وكم له من نظير، وبعد ذلك سيأتي إنشاء الله في مناقب علي روايات صحيحة ثابتة ومن حيث السند تامة وجيدة ولكن يقول موضوعة. هذه طريقته. ابتداء يقول موضوعة وانتهت القضية. وفي تصوره أن هذا المعنى لا يراجعه أحد لأنهم يثقون به ثقة عمياء، لأنهم يعتبرون شيخ الإسلام، ونحن ذكرنا مراراً أننا نقبل أنه شيخ الإسلام ولكن شيخ الإسلام الأموي. شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة) المجلد السابع، بشكل واضح وصريح في ص147 هكذا يقول، طبعة الدكتور محمد رشاد سالم، ص147- 148 يقول: وأهل العلم يعلمون يقيناً أن النبي (صلى الله عليه وآله) قاله – قال النص- الوارد في هذا وهو (آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار). يقول أهل العلم يقولون أن هذا مما لا ريب في صدوره من النبي (صلى الله عليه وآله) يعلمون يقينا أن النبي قاله. أما وحديث (حب علي) قد شك فيه بعضهم، وعلى طريقته هذه الطريقة التي لا أعلم ماذا أعبر عنها إلا أنها طريقة الشياطين هي أنه يقول: شك فيه. من هذا البعض الذي شك؟ لا يوجد، لا تعليق من المعلقين ولا إشارة، مع أنه كان لابد للمعلق أن يشير إلى من شك فيه، شك فيه فلان وفلان. ولا أعلم واقعاً انظروا إلى الطريقة هذه الطريقة السقيمة المعوجة، يقول: وحديث علي قد شك فيه بعضهم. وأنا لا أعلم كيف يمكن أن يشك فيه وقد ذكره مسلم. إذا كان الحديث قد صدر وجاء في حديث مسلم ورواه مسلم كيف يمكن أن يشك فيه. فلماذا تقولون الصحيحان. وهو يقول قبل ذلك بصفحة واحدة، يقول: فإن هذا من أفراد مسلم والبخاري أعرض عن هذا الحديث، حديث لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.
    ومن هنا يقول فإن هذه الأحاديث أصح مما يروى عن علي: أنه لعهد النبي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق، ولكن لأن البخاري أعرض عنه إذن هو مشكوك. وهنا واقعاً تأتي علامة الاستفهام الكبيرة على طول التأريخ حجمها بطول التأريخ لماذا أن البخاري مثل هذه المناقب لم يذكرها عن علي، ما هي مشكلة البخاري مع علي حتى لا ينقل له هذه الروايات المتفق عليها بين علماء المسلمين. لا أعلم واقعاً؟ لابد على المحقق أن يذهب ويعرف لماذا. يعني ما الذي كان يخفيه البخاري عندما لم ينقل هذه النصوص في فضائل علي، ولكن ذهب ونقل النصوص التي هي في ذم علي، أنه أراد أن يتزوج على فاطمة الزهراء، وعندما أراد أن يتزوج عليها قال (من آذاها فقد آذاني)، هو يعتقد أن الذم ممكن أما الفضائل فلابد أن لا تذكر. هذا كلام ابن تيمية. إذن المرحلة الأولى عندما لا يستطيع أن يقول أن الحديث موضوع يقول وحديث علي قد شك فيه بعضهم، يعني من حيث السند غير معلوم أنه ثابت أو غير ثابت، ونحن قرأنا للمشاهد الكريم ما قاله أبو نعيم في فضائل الصحابة في الحلية قال: متفق عليه، وقد رواه جم غفير، هذا أولاً.
    وثانياً: وتابعه جملة من المعاصرين، وهذه هي المشكلة، البعض يتصور ويقول سيدنا لماذا تقفون عند هذه القضية؟ باعتبار أن أهل التحقيق يتابعون هذا المنهج. انظروا ماذا يقول الأرنؤوط في تعليقاته. الشيخ شعيب الأرنؤوط الذي هو محقق مسند الإمام أحمد بن حنبل، المجلد الثاني، ص72 بعد أن ينقل الرواية يقول: قال علي والله – قسمٌ يذكره عن علي عليه السلام- أنه لمما عهده إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه لا يبغضني إلا منافق ولا يحبني إلا مؤمن. يقول الأرنؤوط – معلقاً على هذا النص-: إسناده على شرط الشيخين. لا أعلم كيف يكون فيه شك. إسناده على شرط الشيخين، إلا أن عدي بن ثابت وإن أخرجا له – مسلم والبخاري أخرجا لعدي بن ثابت- قال فيه أحمد: كان يتشيع، وهذه هي البدعة، كان يحب علياً، وإن أخرج له الشيخان، بل أكثر، قال أحمد: كان يتشيع، وقال ابن معين: شيعي مفرط، وقال الدارقطني: ثقة، إلا أنه كان غالياً في التشيع. قلنا – شعيب الأرنؤوط-، التفتوا كيف يغمز في الحديث، يقول: وقد رد أهل العلم من مروايات الثقة ما كان موافقاً لبدعته، وحب علي بدعة، وهذا موافق لبدعة الراوي فلابد أن يحذف. هذا هو منهجهم، هذا الذي أعبر عنه بالنهج الأموي. أنت تجد إن الإمام النسائي لا يتكلم بهذه الصورة، هذا هو النهج الأموي، هذا هو نهج ابن تيمية الذي يؤسس له هؤلاء، هذه ثمرة من ثمرات النهج الأموي. يقول: وقد رد أهل العلم من مرويات الثقة، يقبلون أنه ثقة صدوق ولكنه لأنه يحب علياً إذن لابد أن يُرد. بل أكثر من ذلك يقول: وقد انتقد الدارقطني في التتبع ص427 مسلماً لإخراجه هذا الحديث، لماذا أخرجت هذا الحديث وورطتنا، كان تتعلم من البخاري أن لا ينقل هذا الحديث وأرحتنا، أنت نقلت هذا الحديث، الآن تورط الشيخ ابن تيمية ومن جاء بعده ماذا يفعلون بالسند وماذا يفعلون بالمضمون كيف … ولذا عبارته واضحة يقول: وقد انتقد الدارقطني مسلماً لإخراجه هذا الحديث فقال: وأخرج مسلم حديث عدي بن ثابت ولم يخرجه البخاري، وقلنا وقد اتفق الشيخان البخاري ومسلم على إخراج حديثه (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله) وقال شيخ الإسلام … الخ. ينقل العبارة التي أشرنا إليها هنا في الجزء السابع، ص147 و 148.
    إذن سند هذا الحديث عند علماء المسلمين متفق عليه إلا عند، وهذا الذي أنا قلته تكراراً ومراراً أن النهج الأموي له حساب آخر غير حساب مدرسة الصحابة، وإلا أنت تجد بأنه عندما يأتي الإمام النسائي ينقل الروايات بلا .. وليس عنده مشكلة، ولكن عندما نصل إلى النهج الأموي إلى الاتجاه الأموي نجد أنهم بدءوا يشككون في سند هذا الحديث، شك فيه بعض ولم يذكر البعض وبعد ذلك قرأنا عن الأرنؤوط ما قرأنا.
    المقدم: هذا في الواقع مشكلة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: المحقق والمتتبع والعالم والمحدث وأهل العلم لابد أن يلتفتوا إلى النهج عندما يريدون أن ينقلوا.
    المقدم: مع خطورة التشكيك بهذا الراوي مع أنه روى له الشيخان وهذه خطورة تطعن بالصحيح.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لأن الفضيلة كانت في علي.
    المقدم: إذن سماحة السيد الآن ما أهمية مضمون ودلالة هذا النص النبوي.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأن مضمون هذا الحديث بودي أن المشاهد الكريم يقف معي قليلاً لأبين مضمون وأهمية هذا الحديث، النتائج المترتبة بعد ذلك أبيها. في المقدمة أريد أن أبين مضمون هذا الحديث.
    هذا الحديث المبارك وهو عندما يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. أو لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. وينقل ذلك علي عن رسول الله، عمن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. هذا الحديث يعطي لنا ضابطاً وميزاناً ومعياراً يجعل لنا علياً أو يجعل لنا حب علي وبغضه هو ميزان الإيمان والنفاق، يعني إذا سأل سائل يا رسول الله ما هو ميزان الإيمان والنفاق، كيف نعرف من أنفسنا أننا أهل إيمان أو أننا من أهل النفاق؟ قال: انظروا إذا كنتم تحبون علياً فأنتم من أهل الإيمان، وإن كنتم تبغضون علياً فأعلموا أنكم من أهل النفاق. في جملة واحدة. يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) جعل علياً هو الفاروق الأكبر للتمييز بين الإيمان والنفاق، هو الفاروق بين الإيمان والنفاق، هذه القضية غير مرتبطة بالسلوك الخارجي، بل مرتبطة بإيمان الإنسان، يعني لو فرضنا إن إنساناً يصلي ويصوم ويحج وينفق الأموال، له كل الخيرات ولكن في نفسه يجد اشمئزازاً عندما يذكر علي ومناقب علي، لابد أن يعلم أن فيه شيء من النفاق، فيه مرض، في قلوبهم مرض هو مرض النفاق. لابد أن يعلم، وإلا فليكن صادق الحديث وليكن مصلياً صائماً، حاجاً، مزكياً، إلى غير ذلك إذا وجد في نفسه ذلك فليعلم أنه بقدر ما تشمئز قلوبهم من ذكر علي وفضائله فليعلم بقدر ذلك فيه آيات وعلامات النفاق والعكس بالعكس.
    والنتيجة المترتبة على ذلك ما هي؟ قبل أن أذكر النتيجة بودي أن أشير إلى أن العبد متى يصل إلى هذا المقام؟ المشاهد الكريم فليدقق معي متى يصل العبد إلى هذا المقام، يعني يكون حبه وبغضه ميزان الإيمان والنفاق، يعني العبد لابد إلى أي درجة يصل حتى يُجعل ميزاناً يُجعل حبه وبغضه ميزاناً للإيمان والنفاق؟ الجواب: إذا كان مع الحق وكان الحق معه. يعني بعبارة أخرى إذا كان الشخص مع الحق والحق معه يدور الحق حيث ما دار ذلك الشخص، إذن هذا هو الذي يستطيع أن يكون حبه وبغضه هو ميزان الإيمان والنفاق. إذا كان العبد قد وصل إلى مقام يدور الحق معه، أو هو يدور مع الحق حيثما دار الحق، عند ذلك يكون هذا الإنسان حبه إيمان وبغضه نفاق. التفتوا إلى تسلسل البحث، متى يصل العبد إلى هذا المقام؟ يصل العبد إلى هذا المقام إذا كان مع الحق والحق معه، والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لم يجعل علياً حبه وبغضه فاروق الإيمان والنفاق إذا اتبع علي الحق، قال لا، انظروا إلى علي فإذا أحببتموه فأنتم مؤمنون وإذا أبغضتموه فأنتم منافقون، يعني جعل الإيمان والنفاق يدور مدار حب علي وبغض علي. والإيمان والنفاق ما هو؟ الإيمان حق والنفاق باطل. أليس كذلك, الإيمان هدى والنفاق ضلال وبطلان وخطأ، رسول الله يجعل حب علي وبغضه مدار الإيمان والنفاق، هذا معناه أن الحق يدور مع علي حيثما دار علي، أعيد الجملة، مرة نقول أن علي مع الحق والحق مع علي يدور علي حيث ما دار الحق، ومرة نقول لا، الحق وهو الإيمان مع علي والنفاق وهو البغض مع عدم حب علي، هذا معناه أن علي صار مدار الحق والباطل. هذا علي صار مدار الإيمان والنفاق، إذن هو يدور الإيمان والنفاق حوله، النتيجة ما هي؟ النتيجة أن الجملة هكذا تكون: علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق حيثما دار علي، الآن هذا بحث استطراداي ذكرته لعلي أقف عنده في محل آخر. فقط هذه الجملة أريد أن أقولها: إذا ثبت أنه من أحب علي فهو مؤمن ومن أبغضه فهو منافق إذن لابد أن يكون معصوماً وإلا لو لم يكن علي معصوماً لعل علي يصدر منه خطأ أو معصية أو اشتباه وهذه المعصية مبغوضة لله، فإذا أبغضت علياً لأجلها لا يكون دليل النفاق بل يكون دليل الإيمان، فالنبي عندما قال أن الإيمان والنفاق يدور مدار حب علي وبغضه لابد أن يكون علي معصوماً وإلا لو لم يكن معصوماً لعله يصدر منه معصية ولو خطأ ولو اشتباهاً فإذا أبغضتها فلا يكون هذا علامة النفاق بل يكون علامة الإيمان.
    النتيجة المترتبة على ذلك آخروياً؟ نحن نعلم أن قبول الأعمال ورد الأعمال يوم القيامة إنما يدوران مدار الإيمان والنفاق، يعني أنما يتقبل الله من المؤمنين ومن المتقين، إن المحور لقبول العمل يوم القيامة هو الإيمان والتقوى، وأنه إذا لم يكن هناك إيمان بل النفاق (وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) هذا نتيجته أن يوم القيامة قبول أعمال الناس ورد أعمال الناس إنما هو يدور مدار حبهم لعلي وبغضهم لعلي. فمن كان محباً لعلي فيقبل عمله ومن كان مبغضاً لعلي فهو منافق يرد عمله، وهذه الذي ذكرته نصوصنا أن علي هو ميزان الأعمال يوم القيامة، لا أريد أن أنقل روايات من عندنا ولكن استخرج مضمون هذا النص. إذن تحصل إلى هنا عندنا أن هذا الحديث المبارك أولاً يجعل علي هو ميزان، يجعل حب علي وبغضه يجعله ميزان الإيمان والنفاق، ويترتب على ذلك أن قبول الأعمال يوم القيامة وردها متوقف على الإيمان والنفاق فمن كان مؤمناً يقبل عمله ومن كان منافقاً يرد عمله.
    المقدم: إذن سماحة السيد أشرتم إجمالاً إلى النتائج المترتبة على هذه الحقيقة، هل لديكم إضافة أخرى على هذه النتائج.
    سماحة السيد كمال الحيدري: قبل أن أذكر النتيجة، قد يسأل سائل بأنه لماذا أن حب علي صار هو دليل الإيمان وبغض علي صار دليل النفاق؟ في الواقع لكي أجيب على هذا التساؤل بودي أن المشاهد الكريم يدقق معي، لأن حب علي من أحب علياً فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغض الله. ومن الواضح أن الإنسان إذا أحب الله مؤمناً وإذا أبغض الله فهو ليس بمؤمن قطعاً. من حق السائل أن يسأل: بأي دليل تقولون أن من أحب علياً فقد أحب الله ومن أبغض علياً فقد أبغض الله. أنا أشير إلى نصين أو ثلاثة في هذا المجال.
    المورد الأول في (تأريخ الخلفاء) للسيوطي، المتوفى سنة 991هـ، عني بتحقيقه إبراهيم صالح، دار صادر، بيروت، هناك في ص206، يقول: وأخرج الطبراني بسندٍ صحيح عن أم سلمة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله. وإنشاء الله تعالى سيتضح لاحقا، من آذى علياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله. من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله. إلى غيرها من الروايات التي سنعرض لها لاحقاً إنشاء الله وسترون أن ابن تيمية عندما يأتي إلى هذه النصوص ماذا يفعل بالسند. هذا هو المورد الأول الذي أشرت إليه.
    المورد الثاني ما ورد في (الجامع الصغير) للسيوطي، تحقيق حمدي الدمرداش محمد، مكتبة دار نزار مصطفى الباز، المجلد الرابع، ص1667: من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني. يقول (ص ح) يعني صحيح. الحديث 8319 يقول صحيح أخرجه الحاكم في المستدرك، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. ونحن نعلم تشدد الذهبي. وأخرجه أحمد والطبراني في الكبير عن أم سلمة. وصححه الألباني وهذه هي القضية الأساسية، الألباني نحن نعلم ما هو منهجه وما طريقته في هذه الأبحاث، الألباني في المجلد الثالث ص287، هذه عبارته، الحديث 1299، سلسلة الأحاديث الصحيحة، يقول: من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله عز وجل، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وجل. رواه المخلص في الفوائد المنتقاة بسند صحيح عن أم سلمة قالت: أشهد أني سمعت رسول الله يقول. فذكره ثم ينقل المصادر الأخرى في هذا المجال.
    إذن اتضح لماذا أن حب علي إيمان وبغض علي نفاق، لماذا؟ الجواب في كلمة واحدة، لأن حب علي هو حب لله عز وجل، وبغض علي هو بغض لله عز وجل. ومن هنا ومن هذا المنبر نتحدى كل المسلمين، كل علمائهم، كل كتبهم، أن يجدوا لنا نصاً واحداً في منقبة أحد من الصحابة، المهم عندهم أبو بكر وعمر، في أبي بكر وعمر صحيح من الفريقين أثبت هذه الحقيقة. ولكنه عندما تأتي إلى علماء النهج الأموي وأئمة النهج الأموي تجد بأنهم يقولون لا، من قال بأفضلية علي على الخليفتين الأول والثاني فهو صاحب بدعة كبرى لا صاحب بدعة، وأنا لا أعلم من أين جاءوا بأفضلية أبي بكر وعمر على علي. ألستم تقولون أنه النصوص هذه النصوص التي تقولونها. رجائي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة مرة أخرى الأرنؤوط ذكر قاعدة وهي سلاح ذو حدين، قال في (مسند الإمام أحمد) الجزء الثاني، ص72 قال: وقد رد أهل العلم من مروايات الثقة ما كان موافقاً لبدعته. نحن نعتقد أن الاعتقاد بأفضلية أبي بكر وعمر بدعة، لم يرد فيها نص صحيح. تقولون: قالها البخاري ومسلم وفلان وفلان. نقول: هذا موافق مع لبدعته. فهو ليس بحجة، بالقاعدة الرجالية التي أنتم أسستموها. إذا كان الحديث موافقاً لصاحب الدعوى وتردون حتى لو كان ثقة أيضاً نحن نرد الحديث إذا كان موافقاً لدعواهم حتى لو كان الراوي ثقة. هذه موافقة لبدعته لأنه أنتم لابد أن تأتوا بحديث صحيح مقبول عند علماء المسلمين يثبت أفضلية أبي بكر وعمر على علي عليه أفضل الصلاة والسلام، عند ذلك تكون سنة إذا لم تثبتوا ذلك فتكون بدعة. طبعاً إنشاء الله تعالى في الحلقات القادمة سننقل بعض الروايات التي قالوها وننظر في سندها حتى عند القوم أنها صحيحة أو أنها من الكذابين أو من الموضوعات وستأتي أبحاثها بعد ذلك لاحقا.
    إذن تلخص إلى هنا – في جملة واحدة وفي كلمة واحدة- بأن من أحب علياً فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغض الله. إذن اذهبوا أنتم إلى أنفسكم لتعرفوا بينكم وبين الله تحبون علياً كما تحبون رسول الله لأن رسول الله قال: من أحب علياً فقد أحبني. ولابد أن يكون حب رسول مقدم على حب أي شيء آخر، على الأولاد على التجارة، كلها لابد أن تكون أولى حتى تكون محباً لرسول الله وحتى تكون محباً لله عز وجل.
    إلى هنا اتضح البحث وهو أنه أساساً لابد أن يعلم كل مسلم أنه إذا أراد أن يحب الله فطريقه يمر من طريق محبة علي (من أحب علياً فقد أحب رسول الله ومن أحب رسول الله فقد أحب الله، ومن أبغض علياً فقد أبغض الله في النتيجة) هذه هي من أهم الأمور التي لابد أن يلتفت إليها.
    ومن أهم النتائج المترتبة على هذا الأصل وهو أن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أعطى بيدنا ميزاناً ومعياراً لتمييز الصحابة من منهم مؤمن ومن منهم منافق، نحن نعلم بشكل واضح وصريح أن القرآن الكريم في آيات متعددة منها ما ورد في سورة التوبة في الآية 101 قال تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلموهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم) وكذلك ما ورد في سورة الأحزاب في الآيات 11 و 12، قال تعالى: (هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً * وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا – في الخندق) إذن القرآن ميز بين المؤمنين وبين المنافقين (وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب) وكذلك ما ورد في سورة النساء، في الآية 61، قال تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً).
    سؤال: الآن المجتمع الإسلامي صريح القرآن يقول مكون من مؤمنين ومنافقين، ما هو الضابط والمعيار والميزان لتمييز المؤمنين عن المنافقين؟ انظروا إلى الروايات الواردة في هذا المجال. الروايات الواردة في هذا المجال منها ما ورد في (الصحيح المسند من فضائل أهل بيت النبوة) تأليف أم شعيب الوادعية، إشراف وتقديم أبي عبد الرحمن مقبل ابن هادي الوادعي، وهو من الأعلام المعاصرين، أنا بودي أن أقرا في ص4 من المقدمة، يقول: ومن بين هؤلاء الباحثات الباحثة الفاضلة الزاهدة أم شعيب الوادعية، فقد قامت حفظها الله بالكتابة في الصحيح المسند في فضائل أهل بيت النبوة، يعتبر أحسن ما أُلف في فضائل أهل النبوة لاقتصارها على الصحيح. في ص63 من هذا الكتاب انظروا ماذا يقول في النص، الرواية قال الإمام أحمد … إلى أن تقول: عن أبي سعيد الخدري قال: إنما كنّا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علياً. يعني الميزان لتمييز الصحابة، كيف كنا نعرف أن هذا الإنسان منافق أو مؤمن، يقول: كنّا نرى بأنه إن كان محباً لعلي فهو مؤمن وإن كان مبغضاً لعلي فهو منافق. هذا مورد.
    طبعاً في (فضائل الصحابة) أيضاً النص موجود، ص715 هناك روايات متعددة في هذا المجال، الحديث 979، الرواية عن أبي سعيد الخدري، قال: إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم لعلي. هذا النص ليحفظوه، يقول: إسناده صحيح، يعني محقق الكتاب الذي هو محمد عباس، يقول إسناده صحيح. وكذلك في ص792 ورد هذا النص بشكل واضح وصريح إشارة إلى هذا المعنى، الرواية: عن جابر بن عبد الله قال: ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علياً. وكذلك ما ورد في (جامع الترمذي)، ص591، هذه عبارته: الرواية عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري، قال: إنا كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. طبعاً هنا الألباني يقول الرواية ضعيفة الإسناد. يقول: ضعيف الإسناد جداً، هذا نظره وإلا الترمذي في آخر الكتاب هذه عبارته، قال أبو عيسى جميع ما في الكتاب من الحديث فهو معمول به، وبه أخذ بعض أهل العلم. فإذا كان في نظرك ضعيفاً أي عند الألباني فلا قيمة لنظرك. نحن نتكلم مع الترمذي يقول هذا الكتاب ما خلا حديثين ضعاف والباقي كلها صحيحة.
    إذن إلى هنا اتضح أن رسول الله كان يجعل الميزان لمعرفة الصحابة.
    المقدم: فيما بقي من الدقائق معنا الأخ علي من الفلوجة من العراق تفضلوا.
    الأخ علي: السلام عليكم.
    المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ علي: يا شيخ قُل أمين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أمين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا هو أسلوبكم سبحان الله، والله كونوا على ثقة أدخلت السرور على قلبي، الله يعلم، لماذا؟ لأني أمدح علياً وأنت لمدح علي أخذك البغض، بينك وبين الله ماذا قلت؟ لم اقل إلا فضائل علي، إلا مناقب علي، ولهذا أنا قلت أن هذا النهج الأموي قائم إلى يومنا هذا، وهذا نموذجه، ادعوا الله لك الهداية والتوفيق واقعاً لمعرفة علي، وإلا اطمأن أنك يوم القيامة إن لم تحب علياً سوف تحشر في النار.
    المقدم: معنا الأخ أبو فاطمة من الجزائر، تفضلوا.
    الأخ أبو فاطمة: السلام عليكم.
    المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو فاطمة: في الحقيقة عندي سؤال وهو ما الفرق بين المنافق والكافر، وهل بغض علي أكبر أم سبه أو مواجهته بالسلاح، بحيث قدم لنا التأريخ أنه هناك من أبغض علياً وهناك من سبه وهناك من حاربه، شكراً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أقول للأخ العزيز أن النفاق أعظم (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار) أما ما الفرق بين المنافق والكافر، أن الكافر كما هو من حيث القلب لا يؤمن بالله ومن حيث الظاهر يعلن ذلك، أما بخلاف المنافق يبطن الكفر ويظهر الإيمان والإسلام، ولذا فخطره على الإسلام وعلى المجتمع الإسلامي أشد وأخطر من الكافر بمراتب.
    المقدم: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) مرض الكفر زائد مرض النفاق.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز هذا ليس أسلوب أهل الإيمان.
    المقدم: نحن نسأل الله أن يغفر للأخ علي وأن يسامحه ونأسف لأنه كان متعصباً إلى هذا الحد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا ما قلت إلا الأدلة الموجودة في كتب القوم.
    المقدم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري كما نشكر الأخوة والأخوات جميعاً وحتى الأخ علي ونسأل الله لنا وله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/19
    • مرات التنزيل : 2640

  • جديد المرئيات