20/12/2009
المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته وأعظم الله لنا ولكم الأجر في ذكرى شهادة أبيّ الضيم وأبي الأحرار وسيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) نحييكم أطيب التحية ونلتقيكم في هذه الحلقة في برنامج الأطروحة المهدوية، عنوان حلقة الليلة: هل يجوز الأخذ بأخبار الآحاد في العقيدة. يسرنا أن نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المقدم: سماحة السيد العنوان كما عرّفناه للأخوة المشاهدين، هل يجوز الأخذ بأخبار الآحاد في العقيدة، والسؤال المطروح على سماحتكم هو أن هل أخبار الآحاد يمكن الاستناد إليها في تأسيس الأمور العقائدية والإيمانية أو لا يمكن الاستناد إليها.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين.
في البداية أشير إلى مقدمتين قبل أن ندخل هذا البحث. المقدمة الأولى بودي أن أشير إلى أن هذا البرنامج وهو (الأطروحة المهدوية) لا يمثل رداً على أحد، أقول هذا الكلام باعتبار أن البعض يظهر يحلو له أن يقول أن هذا البرنامج هو للرد على الفضائية الكذائية أو الجهة الكذائية أو الجماعة الكذائية ونحو ذلك من الكلمات، في الواقع أن هذا البرنامج لم يعقد لأجل هذا الغرض ولا لأجل هذا الهدف وهو أن يكون رداً على فلان أو تسجيل نقطة على فلان أو مناقشة فلان. وإنما الهدف الأصلي من عقد هذا البرنامج وهو (الأطروحة المهدوية) لبيان النظرية التي أعتقدها في المهدي المنتظر (عليه أفضل الصلاة والسلام). حيث أني اعتقد أن الأطروحة المهدوية تعد ركناً أساسياً من أركان العقائد الإسلامية عموماً عند جميع علماء المسلمين والشاهد على ذلك هو أننا نجد أو وجدنا على ما مر التأريخ الإسلامي قديماً وحديثاً فيما مضى وفي زماننا أن كثيراً من أعلام المسلمين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية والعقائدية والفقهية أنهم صنفوا كتباً مستقلة في المهدي المنتظر، وعلى هذا الأساس حاولت أن اقف عند ذلك بقدر ما يمكن لأبين أن العقيدة المهدوية عقيدة متفق عليها بين جميع علماء المسلمين إلا من شذ منهم كما لعله سنشير أو أشرنا إلى بعضهم في الأبحاث السابقة. وحاولت بإذن الله وسأحاول أيضاً أن تكون الخطوط العامة للعقيدة المهدوية وللأطروحة المهدوية وللمهدي المنتظر أحاول أن أأتي بالروايات المتفق عليها بين علماء المسلمين ليكون هذا البحث نافذة للتقريب بين وجهات علماء المسلمين، لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ إن هذا البرنامج إنما عقد لإيجاد الفتنة، أو لإيجاد الفرقة، أو لتسجيل نقاط بعض على بعض آخر، نحن لسنا في مباراة ولسنا في حلبة، ولسنا في صراع أبداً، وإنما نحن في مقام بيان مجموعة من الحقائق التي وردت عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وهذا ما نحاوله إنشاء الله تعالى من خلال هذا البرنامج، هذه مقدمة أولى.
المقدمة الثانية التي بودي أن أشير إليها، في الأبحاث السابقة وقفنا بما يكفي ولو إجمالاً على مجمل ما نريد أن نشير إليه في العقيدة المهدوية، واتضح لنا بأن هذه العقيدة عقيدة متواترة بين جميع علماء المسلمين بنحو الإجمال. هذه هي الفكرة الأصلية، نعم هناك مجموعة من التفاصيل المرتبطة بالعقيدة المهدوية من قبيل أنه من هو المهدي ما هو نسبه وهل أن المهدي حي أو ليس بحي ومتى يظهر وما هي شروط ظهوره وما هي العلامات التي تسبق ظهور المهدي المنتظر ونحو ذلك، وهذا إنشاء الله تعالى ما سنحاول الوقوف عليه في الأبحاث اللاحقة، ولكن قبل أن أدخل إلى تلك الأبحاث بودي أن أشير أيضاً إلى أن هناك مجموعة من التساؤلات ومجموعة من الشبهات ومجموعة من الإشكالات طرحت على العقيدة المهدوية، من قبيل أن يقال أن العقيدة المهدوية الأخبار التي وردت فيها عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) هي أخبار آحاد، ومن الواضح كما يقول أصحاب هذه الشبهة وهذا التساؤل أن خبر الواحد لا يمكن الاستناد إليه لتأسيس عقيدة من العقائد الأصلية والأساسية، أو من قبيل ما يقال على سبيل المثال أن أخبار المهدي لم ترد في الصحيحين، يعني صحاح البخاري وصحيح مسلم، والخبر الذي لم يرد في هذين الصحيحين لا اعتبار له أو إذا كان له اعتبار فهو اعتبار من الدرجة الثانية، يعني لا يمثل أصلاً وركناً في المعارف الدينية وفي منظومة المعارف الدينية، من قبيل البعض حاول أن يقول أن كثيراً أو جل الروايات، روايات ضعيفة السند، ولا يمكن الاستناد إليها.
في هذه الليلة سنحاول إنشاء الله أن نقف عند التساؤل الأول كما تفضلتم وهو أنه هل يمكن الاستناد إلى خبر الواحد لتأسيس عقيدة، نحن طبعاً في الأبحاث السابقة أثبتنا أن روايات المهدي هي روايات متواترة، الآن نريد أن نسلم مع الطرف الآخر، يعني لو أن علماً من أعلام المسلمين قال لم يثبت عندي تواتر روايات المهدي المنتظر، يعني نسلّم جدلاً نتنزل درجة، نقول لو سلّمنا مع الطرف الآخر والرأي الآخر وهو رأي محترم، نريد أن نرى أنه إذا كانت أخبار المهدي أخبار آحاد فهل يمكن تأسيس العقيدة على خبر واحد وما هو رأي علماء المسلمين في هذا المجال.
في الواقع للإجابة على هذا التساؤل وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه القضية بشكل واضح، بودي أن أشير في المقدمة إلى أنه أساساً الشيخ ابن تيمية في (منهاج السنة النبوية في نقض الشيعة والقدرية) شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي المتوفى سنة 728هـ وضع حواشيه وخرج آياته وأحاديثه عبد الله محمود محمد عمر، المجلد 2، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، ص 420، يوجد عنده بحث أريد أن أشير إليه. هناك بعد أن ينقل عن ابن المطهر الحلي بتعبير قال (الرافضي): وولده – ولد العسكري- مولانا المهدي محمد (عليه السلام) روى ابن الجوزي بإسناده عن ابن عمر قال ص187 تحت هذا الفصل قال: قال رسول الله: يخرج في أخر الزمان رجل من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي. هو في مقام الجواب بعد أن يشير إلى ذلك يقول: قال روى ابن الجوزي بإسناده قال: قال رسول الله: اسمه اسمي وكنيته فلان. فيقول الجواب من وجوه – يذكر مجموعة من الوجه ومنها هذه النقطة- يقول: إن هذا من أخبار الآحاد، يعني أنه سيخرج في أخر الزمان رجل من ولدي يملأها قسطاً، يقول أنها من أخبار الآحاد فكيف يثبت به أصل الدين، لا يمكن أن نثبت بخبر الواحد أصلاً من أصول العقيدة. سيتضح بأنه الشيخ ابن تيمية ماذا يقول، طبعاً كلماته متناقضة في هذا المجال، ولكن في هذا المورد يقول: فكيف يثبت به أصل الدين الذي لا يصح الإيمان إلا به، من الواضح أن الدين لا يصح إلا بالإيمان بالأصل، والأصل لا يثبت بخبر الواحد، هذا كلام الشيخ ابن تيمية رأس السلفية كما عبرت عنه مراراً وتكراراً وبعد ذلك سأبين بأن السلفية هي مدرسة في فهم الكتاب والسنة، منهج خاص في الكتاب والسنة. ونحن حديثنا مع المنهج، وليس حديثنا مع شخص فلان وإلا نحن لا علاقة لنا بالأشخاص، الأشخاص آرائهم محترمة، كلماتهم محترمة، واقعاً تقدر ولكنه نحن أيضاً لنا رأينا في هذا المجال ونريد أن نبين ما نعتقده خصوصاً فيما يعتقده أبناء وأعلام مدرسة الصحابة في هذا المجال.
هذا الكلام الذي صدر من هؤلاء الأعلام بودي إذا كان الوقت يسع أتكلم في مصادر ثلاث في هذا المجال. المورد الأول في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) للعلامة الألباني، إنشاء الله تعالى سيأتي الوقت المناسب في هذا البرنامج لأبين سبب استنادي إلى كلمات العلامة الألباني. في (سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها) تأليف محمد ناصر الألباني، المجلد 4، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ص605، تحت ذيل الحديث 1964، هذا أمين هذه الأمة، يعني أبا عبيدة. الآن ليس محل حديثنا هذا، بعد أن ينقل هذا الحديث ويقول أنه أخرجه فلان وفلان وفلان. يقول: قلت: وفي الحديث فائدة هامة وهي أن خبر الآحاد حجة في العقائد – يقول العلامة الألباني، الذي يعد علماً من أعلام السلفية الحديثة كما سأبين- وهي أن خبر الآحاد حجة في العقائد كما هو حجة في الأحكام لأننا نعلم بالضرورة أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يبعث أبا عبيدة إلى أهل اليمن ليعلمهم الأحكام فقط بل والعقائد أيضاً، فلو كان خبر الآحاد لا يفيد العلم الشرعي في العقيدة ولا تقوم به الحجة فيها لكان إرسال أبي عبيدة وحده إليهم ليعلمهم أشبه شيء بالعبث، لأن كلامه ليس حجة في الأمور العقائدية وهذا مما يتنزه الشارع عنه فثبت يقيناً إفادته العلم، يعني خبر الواحد، خبر الآحاد الصحيح بذاته أو بغيره يكون حجة في العقائد، وهو المقصود، ولي في هذه المسألة الهامة رسالتان معروفتان. نحن استطعنا أن نحصل على رسالة من هاتين الرسالتين، وهي الرسالة المعروفة بـ (وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة والرد على شبه المخالفين) بقلم العلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتبة الإسلامية، عمان، الأردن، الطبعة الثانية، 1422هـ يقول في المقدمة في ص3: فقد ظهرت عند بعض علماء كلام المسلمين منذ قرون طويلة فكرة خاطئة ورأي خطير – أنا لا احتاج إلى التعليق- وذلك قولهم أن حديث الآحاد ليس بحجة في العقائد الإسلامية وإن كان حجة في الأحكام الشرعية وقد أخذ بهذا الرأي عدد من علماء المسلمين المتأخرين وتبناه حديثاً طائفة من الكتّاب والدعاة المسلمين، وبودي أن يلتفت المشاهد الكريم عندما يستمع إلى بعض المتكلمين على المنابر والفضائيات أو غيرها بأن هذا خبر آحاد وخبر الآحاد ليس بحجة، على مبنى العلامة الألباني، بل على مبنى مشهور علماء مدرسة الصحابة أنه لا يقبلون هذا الرأي، وإنما يعتبرون خبر الآحاد حجة في العقيدة، وقد كتب في الرد على هذا الرأي الشاذ – العلامة الألباني يعتبر القول بأن خبر الآحاد ليس حجة في العقيدة رأياً شاذا- ومعنى ذلك أن خبر الآحاد حجة في العقيدة هو المشهور والمتسالم عليه بين أعلام مدرسة الصحابة، هو لا يتكلم عن مدرسة أهل البيت، وإنما يتكلم عن مدرسة السنة والجماعة، مدرسة الصحابة، وقد كتب في الرد على هذا الرأي الشاذ كثير من علماء الإسلام والحديث قديماً وحديثاً ومن أهم الردود ما كتبه العلامة الإمام ابن القيم الجوزي (رحمه الله) – بتعبير الكتاب- في كتابه (الصواعق المرسلة) والإمام الكبير ابن حزم في كتابه القيم (الإحكام في أصول الأحكام) هذا هو المورد الثاني. طبعاً في موارد متعددة والوقت لا يسع أن أدخل فيه يقول: ذهب بعض – ص7- إلى أنه لا تثبت العقيدة إلا بالدليل القطعي من آية أو حديث متواتر تواتراً حقيقياً إن كان. وأقول إن هذا القول وإن كنا نعلم أنه قد قال به بعض المتقدمين من علماء الكلام فإنه منقوض من وجوه عديدة – المشاهد الكريم أريده أن يدقق ويفقه ما أقول- الوجه الأول أنه قول مبتدع محدث لا أصل له في الشريعة، العلامة الألباني يقول هذا القول قول بدعي مبتدع لا أصل له في الشريعة الإسلامية وهو غريب عن هدي الكتاب وتوجيهات السنة ولم يعرفه السلف الصالح ولم ينقل عن أحد منهم، بل ولا خطر لهم على بال ومن المعلوم المقرر في ا لدين الحنيف أن كل أمر مبتدع من أمور الدين باطل مردود لا يجوز قبوله بحال عملاً بقول النبي: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه. حديث متفق عليه. وقوله: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) رواه أحمد واصحاب السنن والبيهقي والجملة الأخيرة وهي (وكل ضلالة في النار) يقول: عند النسائي والبيهقي وإسناده صحيح كما يقول العلامة الألباني.
الآن النكتة التي أريد أن أقف عندها، وهي أن العلامة الألباني يثبت لنا -بحسب هذه الرسالة الصغيرة ولكن فيها أمور كثيرة بودي أن المشاهد ا لكريم يلتفت إليها- أن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. إذا كان الأمر كذلك أنا فقط أريد أن أرشد المشاهد الكريم إلى صحيح البخاري، من باب الإشارة عرضاً لكي أفيض الكلام في الوقت المناسب. صحيح البخاري، المتوفى 256هـ، اعتنى به أبو صهيب الكرمي، هناك في هذا الكتاب، في الحديث 6576، باب في الحوض، يقول: حدثنا شعبة عن المغيرة قال: سمعت أبا وائل عن عبد الله عن النبي: أنا فرطكم على الحوض، وليرفعن معي رجال منكم ثم ليفتلجن دوني – أي يجتذبون دوني- فأقول: يا ربِ أصحابي، لماذا هؤلاء يجتذبون دوني ولا يسمح لهم أن يكونوا معي ويشربون من الحوض الذي لا يظمئون بعده أبداً- فيقال: أنت لا تدري ما أحدثوا بعدك. والآن نحن قرأنا من العلامة الألباني يقول إسناد صحيح، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. إذن مجموعة من أصحاب رسول الله صريح النص الوارد في صحيح البخاري هم في النار. هذه واحدة. رواية ثانية عن أنس عن النبي قال: ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك. وهذا النص الثاني – الحديث عن أنس- أخرجه مسلم أيضاً في الحديث 2304 في نفس هذه الطبعة، يعني في الصحيحين، يعني متفق عليه. ومن الأحاديث الواردة، الرواية عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله قال: يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيفلجون عن الحوض – يذادون عن الحوض ويدفعون عن الحوض، يعني لا يسمح لهم بأن يشربوا من الحوض، ومن لا يشرب من الحوض لا يدخل الجنة- فأقول يا رب أصحابي، فيقول: أنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. هذا النص فيه أمران: أولاً: أنهم أحدثوا. وثانياً: أنهم ارتدوا. نعم هم رهط من أصحابه ولكنهم أحدثوا وارتدوا. ومع الأسف الشديد استغرب أنهم يتهمون مدرسة أهل البيت بأنها تقول أن الصحابة ارتدوا جميعاً.
صحيح البخاري هو الذي يقول أن رهطاً من أصحاب رسول الله ارتدوا بعد رسول الله. ومن الأحاديث حدثني هلال عن عطاء بن ياسر عن أبي هريرة عن النبي قال: بين أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم فقلت: أين. قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم. قال: أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم إذا زمرة – جماعة، هم زمر متعددة وليسوا زمرة واحدة، زمرة بعد زمرة، هذا نص البخاري، وطبعاً في البخاري تقريباً عشرين رواية واردة في هذا المجال، والوقت لا يسع لاستعراضها جميعاً، وإنشاء الله أعد المشاهد الكريم بإذن الله تعالى في الوقت المناسب سأقرأ جميع هذه النصوص الواردة التي وردت أنهم ارتدوا وأنهم أحدثوا وأنهم بدلوا وأنهم غيروا. ثم تتهمنا مدرسة الصحابة بأنا نقول بأن الصحابة ارتدت، نحن لا نقول ذلك، ونجل الصحابة، نعم هناك طبقة، وهناك مجموعة وخصوصاً الذين كانوا في السلطة والخلافة هم الذين يوجد عندنا كلام فيهم، وهم نعتقد انهم من مصاديق هذه النصوص، وإلا نحن نعتقد بجلالة الصحابة بإيمان الصحابة، بإسلام الصحابة، هؤلاء الذين قاتلوا مع رسول الله، استشهدوا مع رسول الله، جاهدوا مع رسول الله، هؤلاء الذين فتحوا البلدان الإسلامية، هؤلاء الذين قاتلوا مع علي في صفين والنهروان والجمل، آلاف مؤلفة من هؤلاء شهداء في سبيل الله، هؤلاء بنوا الإسلام، حديثنا نحن مع هؤلاء على نص البخاري ووفاقاً له. المشاهد الكريم يتذكر قلت هذه الحقيقة وأقول كل ما نعتقده في خطوطه الأصلية هنا أقول بضرس قاطع استطيع أن أثبته من كلام أعلامهم وصحاحهم ومسانيدهم- فقلت: أين. قال: إلى النار. قلت: وما شأنهم. قال: أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة – الزمرة الثالثة- حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: أين. قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم. قال: أنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم. جملة واحدة أقولها للمشاهد الكريم، والله أعلم لا أقل جمعت ما يقارب عشرين نصاً في صحيح مسلم وصحيح البخاري، في الصحيحين الذين هما أصح صحيحين في صحاح الصحابة. هنا جملة واحدة أقولها كيف تنسجم مع نظرية عدالة الصحابة. هذا الكلام ولو مئة، ولو عشرة، ولو شخص واحد لا يفرق، كما يقال أن نقيض الموجبة الكلية السالبة الجزئية، هؤلاء يقولون بعدالة الصحابة جميعاً، ولذا يقولون وصحبه أجمعين، يؤكدون عليها. ومن صحبه هؤلاء الذين يحال بينهم وبين الحوض ويأمر بهم إلى النار. كيف يقال بعدالة الصحابة، كيف يقال بأنه من انتقص صحابياً فهو كافر كما يقول الشيخ ابن تيمية، بينكم وبين الله الإنسان إذا انتقد أو انتقص أو بين عمل هؤلاء وماذا فعلوا يستحق أن يكون كافراً، هذا منطق سليم! هذا منطلق القرآن! يعني أنا إذا قلت على إنسان من أهل النار، على إنسان منافق ثبت نفاقه، وبينت أنه كان منافقاً استحق النار، بل إذا يتذكر المشاهد الكريم في الحلقات السابقة الشيخ ابن تيمية قال في (الصارم المسلول) في أواخر كتابه ص587 تقريباً، قال بأنه ومن شك في كفر هؤلاء فكفره متعين، بل من أنتقص أو سب صحابياً قال علمه قليل ليس بزاهد يستحق التعزير والتأديب، وأنا لا أعلم كيف ينسجم ذاك المنطق مع ما يقوله علم من أعلام الحديث عندهم وهو البخاري. ولا يقول لنا قائل أنتم لا تعتقدون بروايات البخاري. نعم، نحن لا نعتقد بجميع روايات البخاري ولكن في البخاري ما هو متفق مع ما عندنا من النصوص وإذا اتفق عند ذلك يحصل إجماع ولا تجتمع امتي على ضلالة. إذن أرجع وأقول بأنه هذه القضية وهي أنه كل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، هذه (وكل ضلالة في النار) منشأها الإحداث بأن الحديث يبدأ (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة) وهؤلاء أحدثوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذن على هذا الأساس أقول أي منطق هذا الذي يقول أن الصحابة جميعاً كلهم عدول وكلهم في الجنة. وقد قرأنا هذه العبارة في (مطارحات في العقيدة) أنهم كلهم عدول وكلهم في الجنة، ومن شك في ذلك فهو كذا وكذا. أنا أترك هذا للمشاهد الكريم أن يتخذ (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) واقعاً الأمر يحتاج إلى التدبر. هذا المورد الثاني.
المورد الثالث الذي أريد أن أشير إليه وهو من الموارد المهمة في هذا الكتاب (المهدي وفقه اشراط الساعة) تأليف محمد أحمد إسماعيل المقدم، الطبعة الأولى، 1423هـ، الدار العالمية، الاسكندرية، ص135، يقول: وأما قولهم إن أحاديث الآحاد لا تفيد العلم فجوابه على فرض التسليم بأن أحاديث المهدي آحاد – يقول لو سلمنا وتنزلنا وقلنا أن أحاديث المهدي آحاد مع أنها متواترة- أن حديث الآحاد حجة بنفسه في العقائد والأحكام ويفيد العلم، ويقطع بصحته إذا تلقته الأمة بالقبول أو عملت به وهذا ما ذهب إليه أكثر أهل الأصول وعامة الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلا فرقة تبعت أهل الكلام. كل هؤلاء يقولون أن خبر الآحاد حجة في العقائد بشرط أن تتلقاه الأمة بالقبول، ومن الواضح أن أحاديث المهدي المنتظر متلقاة من الأمة بالقبول. وقد قرأنا روايات كثيرة وسنأتي إنشاء الله إلى غيرها. سلمت الأمة بأنها صحيحة, وقد أفاد – يقول هذا الكاتب الدكتور أحمد محمد إسماعيل- وقد أفاد وأجاد الإمام الجهبذ المحقق ابن قيم الجوزية في الانتصار للقول بأن خبر الواحد يفيد العلم في كتابه الجليل (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) ثم في الحاشية – الجزء الثاني، ص332- ثم يوصي الكاتب بالرجوع في هذه المسألة إلى عدة مصادر، يقول: إحكام الأحكام لابن حزم، رد شبهات الالحاد عن أحاديث الآحاد للشيخ عبد العزيز بن راشد النجدي، الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام للعلامة الألباني، أخبار الآحاد في الحديث النبوي للعلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن جبريل وهو من أقوى وأجمع ما كتب في المسألة، أصل الاعتقاد لفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر …
إذن القضية واضحة ومفروغ عنها، طبعاً بعض هذه الكلمات يقبلها الشيخ ابن تيمية، ولكنه هنا – لأن القضية مرتبطة بالمهدي المنتظر- قال بأنها أخبار آحاد، وإلا فأنه في ص135 من هذا الكتاب عندما ينقل هذا المعنى الكلمة أنه اتفقت عامة الفقهاء ينقله من كتاب (المسودة) ص240- 244 لابن تيمية. أنا أتصور أن القضية واضحة وضوح الشمس في مدرسة الصحابة، أن أخبار الآحاد حجة في الأمور العقائدية، فهنا حتى لو سلمنا وتنزلنا أن أخبار المهدي المنتظر هي أخبار آحاد فهي حجة في الأمور العقائدية. فيمكن تأسيس أمر عقدي وإيماني عليها.
المقدم: ما دمت تقطع بصدور الكلام عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
سماحة السيد كمال الحيدري: المهم هذا هو رأي الجماعة.
المقدم: بعد أن اتضح هذا الأمر – سماحة السيد- جلياً إنشاء الله تعالى فلا يحتاج إلى مزيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: بودي أن المشاهد الكريم يعرف هذا المنهج الذي سنسير عليه في أتباع مدرسة الصحابة.
المقدم: سيضحك على نفسه من يدعي أن أخبار المهدي آحاد وأنها ليست عقيدة.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا يكشف عن جهلهم بمبانيهم وقواعدهم.
المقدم: ولكن قد يقال: نلاحظ أن سماحة السيد يركز على العلامة الألباني، فلماذا هذا التركيز على العلامة الألباني؟
سماحة السيد كمال الحيدري: أولاً بودي أن المشاهد الكريم يلتفت بشكل واضح وصريح أن العلامة الألباني يعد من كبار علماء السلفية المحدثين والمعاصرين، ولذا هناك كتاب كبير ومهم لمن يريد أن يعرف (المنهج السلفي عند الشيخ ناصر الدين الألباني) تأليف عمر عبد المنعم سليم، في هذا الكتاب هناك بشكل واضح وصريح يقول: وقد سُئِلَ الشيخ لماذا التسمي بالسلفية، يعني لماذا أنت تختار هذا المنهج أو تختار هذه التسمية، تسمي نفسك سلفياً، أهي دعوة حزبية، لماذا التسمي بالسلفية أهي دعوة حزبية أم طائفية أم مذهبية أم هي فرقة جديدة في الإسلام، ثم يقول: أن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع، وما يهمنا هو بحثنا من الناحية الشرعية، ثم يبين لماذا أنه يعتقد أنه هو سلفي. النقطة المهمة في هذا الكتاب في ص18 وهذا هو الذي نحن ذكرناه في (مطارحات في العقيدة) وأريد أن أؤكده هنا، يقول: وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح فأنه ينتسب إلى العصمة، إذن يعتقدون أن المنهج السلفي منهج العصمة، هذا الذي يشكلونه على مدرسة أهل البيت، يعني أن أهل البيت لا عصمة لهم ولكن السلف لهم العصمة، ومرادهم من السلف كما يقولون الصحابة جميعاً مطلقاً بزمرهم الذين يذادون عن الحوض ويُذهب بهم إلى النار. يقول: وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح فأنه ينتسب إلى العصمة على وجه العموم، وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما كان عليه أصحابه بلا استثناء. أيضاً يعتقد جميعهم. إذن يعتقد بعصمة الأصحاب بشكل عام وفيهم من يكون من الزمر التي تساق إلى النار كما في البخاري حيث قرأنا روايات متعددة في هذا المعنى – زمر إلى النار- فمن تمسك بهم كان يقيناً على هدى من ربه، وأنا لا أعلم كيف يمكن أن يكون بعض هؤلاء من أهل النار وبعض من أهل الجنة ومن تمسك بهم يكون على هدى من ربه.
المقدم: بأيهم اقتديتم اهتديتم.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا الحديث (بأيهم اقتديتم اهتديتم) هم يضعفونه، ولكن عملاً يطبقونه. هذه هي نظرية الصحابة في كل المجالات. لابد أن يتضح أن هذا التوجيه وهذا الاستناد إلى الصحابة جميعاً الآن جملة من الأعلام أعلام المسلمين في مدرسة الصحابة ليسوا كذلك، يقولون نحن لا نوافق أن كل الصحابة هم في الجنة وكلهم عدول. هذه النقطة الأولى. إذن أنا استند إلى العلامة الألباني لأنه من أعلام السلفية، ومن هنا ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم.
النقطة الثانية التي بودي أن أشير إليها، هناك كتاب قيّم لبيان هذه الحقيقة وهو كتاب (حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه) تصنيف محمد إبراهيم الشيباني، ص541، يقول: كلمات في العلامة الألباني من أهل العلم، أنا أشير إلى كلمتين من هذه الكلمات. الكلمة الأولى من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم الشيخ محمد بن إبراهيم الشيباني – مؤلف الكتاب- يقول: نفيدكم أن الشيخ المذكور معروف لدينا بحسن العقيدة والسيرة ومواصلة الدعوة إلى الله سبحانه، مع ما يبذله من الجهود المشكورة في العناية بالحديث وقد أحسنتم فيما عزمتم عليه من كتابة ترجمة له توضحون له كذا … وصاحبنا وأخينا الشيخ فلان زاده الله من العلم والهدى ونصر به الحق وجعلنا وإياكم … الخ. الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء عبد العزيز بن عبد الله.
الكلمة الثانية، وهي لا تقل أهمية عن الأولى، هي لمحمد الصالح العثيمين التي كُتبت في 22/8/1405هـ. يقول: محمد بن ناصر الدين الألباني الذي عرفته عن الشيخ من خلال اجتماعي به وهو قليل أنه حريص جداً على العمل بالسنة ومحاربة البدعة سواء كانت في العقيدة أم في العمل، أما من خلال قراءتي لمؤلفاته فقد عرفت عنه أنه ذلك، وأنه ذو علم جم في الحديث رواية ودراية … إلى أن يقول: وعلى كل حال فالرجل طويل الباع، واسع الاطلاع، قوي الإقناع، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك سوى قول الله ورسوله، ونسأل الله أن يُكثّر من أمثاله في الأمة الإسلامية.
إذن أولاً هو يصرح في كتابه أنه سلفي، وثانياً أنه مقبول عند أعلام السلفية، إذن عندما أؤكد على كلمات العلامة ابن باز في هذه المجالات هذا لا لاعتقادٍ مني بالعلامة ابن باز ونظريات ابن باز وما يقوله في التوحيد لأن له أبحاث في التوحيد وفي الرؤية وفي نساء النبي وفي عائشة أم المؤمنين، له كلمات لا نتفق معه فيها ولكنه في الواقع طبعاً لا هو تبعاً للشيخ ابن تيمية الذي سيأتي إنشاء الله تعالى لاحقاً أنه ماذا يقول في عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وآله)، وماذا يقول في نفس النبي وأنه في قصة الإفك هل أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان متأكداً من براءة وعصمة وطهارة عائشة أم ارتاب في أمرها. سيتضح إنشاء الله لاحقاً إن الشيخ ابن تيمية يقول إن النبي (صلى الله عليه وآله) ارتاب في أمر عائشة، ثم نجدهم يتهمون الآخرين أنهم ارتابوا في أمر عائشة مع أنه ينسب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) أنه ارتاب في زوجه وبحثه إنشاء الله تعالى سيأتي.
المقدم: معنا الأخ محمد من السعودية، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: أولاً: المقصود بالصحابة، ما هم نفس الصحابة، بل من اتبع الرسول، لأن الحديث يقول: (لا تدري ما صنعوا من بعدك). الذين ابتدعوا والصحابة لم يبتدعوا ولم يرتدوا بل أن الصحابة هم الذين حاربوا المرتدين وحاربوا أهل الردة وهم المغفور عنهم وهم الذين ذكرتهم الآيات والأحاديث الكثيرة. ثانياً أهل الكهف نزلت فيهم سورة في القرآن أين السورة أو الحديث عن الإمام المهدي المنتظر، المهدي المنتظر الذي يؤمن به أهل السنة هو الذي كما ورد في الحديث يملأ الأرض عدلاً أما الذي تؤمنون به أنتم وهذا موجود في كتبكم الذي يقتل العرب، عندما يأتي يقتل العرب، ثانياً: اليوم تستشهد بالألباني، قبل أيام أحد المعممين منكم عندما استشهد أحد المشايخ بالألباني قال: هذا مسمكري، مصلح ساعات، لا نعتد به، عندما أورد أحاديث تدين وتثبت – لا أريد أن أتكلم كلام-. ثانياً: السيد يلمز إلى أبي بكر وعمر ويريد أن يقول أن أبا بكر وعمر هما المرتدان، أبو بكر وعمر وعثمان هم الذين نشأ الدين على أيديهم، وهم الذين أقاموا الدين على أيديهم بعد الرسول (صلى الله عليه وسلم) هم الذين أقاموا العدل، الفاروق عمر هم الذين فتحوا السند والهند، هم الذين لهم فضل على العالم الإسلامي، هم الذين فتحوا إيران وحرروهم من عبدة النار ومن عبدة الطواغيت والسلام عليكم.
المقدم: معنا الأخ حسن من المغرب، تفضلوا.
الأخ حسن: السلام عليكم.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ حسن: سيدنا الأحاديث التي ذكرتها من صحيح البخاري بشأن الصحابة، هذا منسجم مع القرآن الكريم، أنا أذكر آيتين، آية من سورة الأنفال، وآية من سورة مريم (عليها السلام) الباري سبحانه وتعالى يقول في سورة الأنفال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). وفي سورة مريم (عليها السلام) يقول الباري سبحانه وتعالى: (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيّاً * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً) أما الأخ الذي من السعودية يقول أنهم فتحوا بلاد فارس أنا أقول له أن يرجع إلى سورة ياسين الباري سبحانه وتعالى يقول أن أغلب العرب لم تؤمن وأن الله سبحانه وتعالى قد عفى عنهم، وفي آخر سورة الحجرات في قوله سبحانه وتعالى (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا) وفي سورة ياسين (لِتُنذِرَ قَوْماً) (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وأن العرب تأمروا على قتل رسول الله.
المقدم: محل بحثنا ليس العرب وغيرهم. سماحة السيد نرجع إلى أسئلة الأخ محمد، السؤال الأول إن من ورد في الروايات ليسوا من الصحابة.
سماحة السيد كمال الحيدري: واقعاً أنا لا أعرف أن الأخ العزيز الذي اتصل من السعودية، الرواية تقول عن أبي هريرة أن رسول الله قال: يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي، ماذا يريد أن يفسرها، أنا لا أعلم، يرد علي فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك. رواية ثانية قال: هلم إلى النار. الروايات صريحة في أن رهط من الصحابة يردون على رسول الله في الحوض ويحدث فيهم ما يحدث، هذا الأمر الأول.
المقدم: السؤال الثاني يقول أن المهدي غير مذكور في القرآن.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنا لم أدعي وجود سورة في المهدي حتى تقول، ولم أقرأ لك شيئاً من كتبنا حتى تقول موجود في كتبكم يقتل العرب، نأنا في الواقع استدللت فقط بكتبكم وإذا كان هناك شيء فكان ينبغي من الناحية العلمية والمنهجية أن تشير إلى ما قلته في هذه الكتب. أما تقول أن فلان شخص على فلان فضائية قال كذا أو قال كذا، واقعاً أنا كما تعلمون لست مسؤول عما يقوله الآخرون في فضائيات أخرى، فلا تزر وازرة وزر أخرى. أما ما قلت أن شخص يأتي على الفضائية ويقول أن العلامة ا لألباني يفهم أو لا يفهم، أنا طالعت كثيراً عن العلامة الألباني وهو علم من أعلامكم سواء اتفقت معه أو لم أتفق، وأنا بودي هنا أن أشير إلى نكتة أريد أن يلتفت إليها الأخ المتصل من السعودية وهي أنني عندما أقرأ رواية عن الألباني ليس معناه أني أقبل كل ما يقوله الألباني، لا، أنا أقبل الألباني لأنك تقبل به أنت وغيرك، وإلا أنا بعض الأحيان قد أتفق مع الألباني وبعض الأحيان اختلف، أما أنت الذي آمنت بأنه علم من أعلامكم، كما لو أنه أنا عندما أقبل افترضوا الطوسي أو المفيد أو أعلام مدرسة أهل البيت تستطيع أن تلزمني به إذا قلت إن كل ما يقولونه صحيح، أما تذهبون وتأتون بكتب مخطوطة غير مطبوعة من أناس ليسوا من أعلام مدرسة أهل البيت ثم تخرجونها على المواقع والفضائيات وتقولون انظروا ماذا يقولون في كذا وكذا، هذا ليس هو المنهج الصحيح وليس ينبغي عندما ندخل أن نبحث بهذه الطريقة.
المقدم: هل كنتم تلمزون إلى الخلفاء الثلاثة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا لا أدري، هذا اتهام، قلت بأنه نحن نعتقد بجلالة الصحابة وبإيمان الصحابة، ونعتقد بأنهم مجاهدون شهداء في سبيل الله هم الذين جاهدوا مع رسول الله، هم الذين فتحوا البلاد الإسلامية، أنا قلت هذا الكلام لا أنت أخي العزيز، قلت أن هؤلاء فتحوا البلاد الإسلامية، هؤلاء قاتلوا مع علي، قاتلوا على حد اعتقادكم مع الخليفة الرابع، فهؤلاء كلهم مجاهدون شهداء، نعم وهناك من وقف في وجه الإمام علي (عليه أفضل الصلاة والسلام) وخرج على إمام زمانه، فإن ثبت أنه تاب بعد ذلك فبها، وإن لم يثبت أنه تاب بعد ذلك فيحاسب على فعله هذا، وإن كان صحابياً، وإن كان من العشرة المبشرة بالجنة.
المقدم: إذن وضح الكلام. نلخص كلامكم سماحة السيد. الذي انتهى إليه سماحة السيد أننا لسنا في صدد أن هذا الصحابي فلان بالذات أصاب أو أخطأ.
سماحة السيد كمال الحيدري: نحن نريد أن نناقش نظرية عدالة الصحابة جميعاً.
المقدم: فما دام البخاري يقول: يعرفهم رسول الله، يقول: أصحابي، فيرد أصحابي، فيقول: إلى أين. فيقال: إلى النار، إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك، لا تعلم ماذا غيروا بعدك، ثم جاءت زمرة ثم زمرة، هذا ينسف نظرية عدالة الصحابة.
سماحة السيد كمال الحيدري: ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم، اصحابي، وكنتم أعرفهم، لا أنهم بعد ذلك من 140 ألف أو 40 ألف أو 30 ألف الذين لا يعرفهم، بل يعرفهم هذا فلان وهذا فلان، اختلجوا دوني. أقول: أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك، وكل محدثة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
المقدم: ثم إذا كانوا لا يعتقدون أن الصحابة بهذا الإطلاق لماذا قالوا بأن كل صحابة رسول الله عدول، لماذا لا تقيدون.
سماحة السيد كمال الحيدري: قيدوا، لا مشكلة عندنا، أنتم لو تقولون أن عموم الصحابة مؤمنون مجاهدون ولكن فيهم منافقون يستحقون نار جهنم، نحن نتفق معكم فيها، أما عندما تقولون حتى بسر بن ارطأة حتى معاوية حتى من كان مع يزيد وقتل الإمام الحسين من الصحابة اجتهد وأخطأ نحن مشكلتنا معكم في هذا. والبخاري يرد هذا.
المقدم: إذن صار واضحاً، نشكركم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما نشكر الأخوة والأخوات، وأكرر الرجاء بأن لا تؤدي هذه الأبحاث إلى الاختلاف، فنحن والله يشهد نجل الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم خاصة من يستحق منهم.
سماحة السيد كمال الحيدري: من يستحق منهم لا من كان من أصحاب النار.
المقدم: لا نرضى عن أصحاب النار، أولئك عليهم لعنة الله والناس أجمعين. نستودعكم الله مشاهدينا الكرام والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. شكراً سماحة السيد.
- تاريخ النشر : 2011/10/19
- مرات التنزيل : 2694
-