نصوص ومقالات مختارة

  • موقف النهج الأموي من دعاء رسول الله (ص) على معاوية (لا أشبع الله بطنه) (ق 2)

  • 20/05/2010
    المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيب لكم مشاهدينا الكرام
    السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (موقف النهج الأموي من دعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) على معاوية (لا أشبع الله بطنه) القسم الثاني) نرحب باسمكم بضيفي الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    آية الله السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المُقدَّم: سماحة السيد في البدء هل من خلاصة لما تقدم في الحلقة السابقة.
    آية الله السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    قبل أن نلخص ما تقدم في الحلقة السابقة بودي الإشارة إلى ملاحظتي، الملاحظة الأولى أنه وردت هناك مجموعة من التساؤلات وهو أنه أين ذهب البحث عن فضائل ومناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام والتي أنكرها النهج الأموي وعلى رأسهم الشيخ ابن تيمية، في الواقع بأنه لمناسبة نحن دخلنا إلى هذا البحث وإنشاء الله تعالى سنرجع إلى بيان ما صدر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في مناقب وفضائل علي بن أبي طالب، تلك المناقب والفضائل التي اختصت به عليه أفضل الصلاة والسلام، لم يشاركه فيها أحد من المسلمين، وعندما أقول لم يشاركه فيها أحد من المسلمين، يعني السنة النبوية المجمع عليها لا يأتي قائل جاهل ويقول بأنه ورد في البخاري أو مسلم في فضائل فلان أو فلان ما ورد وهي أكثر كماً أو نوعاً من فضائل علي بن أبي طالب، نحن ذكرنا مراراً إننا إنما نحتج بتلك النصوص الصحيحة المتفق عليها بين جميع علماء المسمين وذلك تطبيقاً لقوله (صلى الله عليه وآله) لا تجتمع أمتي على خطأ، لا تجتمع أمتي على ضلالة، وإنشاء الله تعالى لعله من الأحاديث الأساسية التي نقف عندها بعد ذلك هو حديث (أنت ولي كل مؤمن بعدي) هذا النص الذي حاول بكل ما أوتي من قوة الشيخ ابن تيمية أن يكذب وأن يضعف وأن يبعد هذا المقدار من النص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسيأتي بحثه إنشاء الله بعد ذلك.
    الملاحظة الثانية التي بودي أن أشير إليها هو أننا عندما نقول النهج الأموي أو الإسلام الأموي لا نريد من ذلك أن هذا مختص ببني أمية حتى يقول قائل كما وردت بعض الرسائل تقول لماذا أنتم تستثنون بين العباس أو غيرهم، الجواب: نحن لم نستثنِ أحداً، نحن نتكلم على اتجاه ومدرسة وعلى رأس هذه المدرسة بنو أمية، نعم بعد ذلك هذا الميزان بأيدينا نستطيع أن نطبقه، فمثلاً عندما ورد وبينا فيما سبق (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) أينما وجدنا أحد يبغض علياً فهو تابع لهذا النهج وهذا الاتجاه، لا يتبادر إلى ذهن أحد أننا نحن نتكلم عن أشخاص، نتكلم عن شخص معين أو قبلية معينة، وإنما نتكلم على اتجاه ومدرسة لها معالمها ولها خصائصها ولها خطوطها العامة التي أشرنا إلى بعضها، وسيأتي الحديث عن بعضها الآخر في الحلقات القادمة إنشاء الله تعالى.
    خلاصة ما تقدم في الحلقة السابقة قلنا أن هذا الدعاء الذي صدر من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) على معاوية (لا أشبع الله بطنه) حاول جملة من الأعلام الأمويين سواء كانوا من الأمويين أو كانوا من المتأثرين بالنهج الأموي أن يدفعوا هذا النص عن محتواه الأصلي، وذكرنا مواقف متعددة، منهم من لم ينقل هذا الحديث أصلاً كما قلنا عن البخاري، ومنهم كمسلم ذكر هذا الحديث ولكن جعله تحت عنوان من ليس أهلاً لذلك، يعني رسول الله دعا عليه وهو غير مستحق لذلك، ومنهم من حاول تضعيف الحديث وبودي إنشاء الله تعالى في وقتها إن هذا الذي ضعف الحديث نجد أن كلما يرتبط بفضائل علي في صحيح مسلم نجد أنه يحاول تضعيفها، يعني هذا الإنسان وهو الشيخ مسلم بن محمود عثمان السلفي الأثري لا فقط هذا الحديث كذلك في صحيح مسلم ضعف حديث الكساء وهو جمعه لأهل البيت تحت الكساء وقال (اللهم أن هؤلاء أهل بيتي) وضعف حديث (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) الذي ورد في صحيح مسلم، مع أنه ورد في مسلم ولكن لأنه مرتبط بمقامات وفضائل ومناقب أهل البيت إذن لابد أن تضعف حتى صدرت في صحيح مسلم، المهم إنشاء الله بعد ذلك سأشير له، ومنهم من حاول أن يحذف هذا المقطع من الحديث (لا أشبع الله بطنه) وكما قرأنا من مسند أحمد، ومنهم من حاول أن يغير مضمون الحديث قال أساساً من قال لكم أن هذا دعاء عليه، بل هذا دعاء له، أن الله سبحانه وتعالى وأشرنا إلى مجموعة هذه المواقف.
    وفي قبال هذا الموقف الذي هو الموقف المتأثر بالنهج الأموي والاتجاه الأموي والمدرسة الأموية قلنا أن هناك مدرسة الصحابة التي أمنت بأن هذا دعاء صدر من النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على معاوية كما قرأنا عن ذلك بشكل واضح عن صاحب السنن يعني الإمام النسائي الذي عندما سئُل قال ماذا أقول عن معاوية أنقل عنه حديث (لا أشبع الله بطنه) هذا ما تقدم إجماله في الأبحاث السابقة.
    المُقدَّم: ولكن هنا الأساس في الواقع على ماذا يشتمل هذا الدعاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأن هذا الحديث كما قلنا تقريباً كتب التأريخ وكتب الحديث المهمة وغيرها أشارت إلى هذا النص الصادر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنا بودي هنا أولاً أن نقف على هذا النص لنقف على محتواه ما هو، هذا الحديث كما قرأنا قرأناه من (صحيح مسلم، ج4، ص387، الحديث رقم 2604) بتحقيق الشيخ مسلم بن محمود بن عثمان السلفي الأثري، في الحديث قال: حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله فتواريت خلف باب قال: فجاء فحطأني حطأة، في الحاشية يقول في التعليقة، فحطأني حطأة فسر الراوي حطأني أي قفدني وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين، هذا معناه. وقال: اذهب وادع لي معاوية قال: فجئت فقلت هو يأكل، يعني دعوته أن يذهب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فانشغل بالأكل ولم يعتنِ برسول الله يعني لم يجب دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت هو يأكل، فقال: (لا أشبع الله بطنه). هذا النص كما هو واضح وارد في صحيح مسلم، طبعاً بمقتضى قوله تعالى في سورة الأنفال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) يعني في استجابة الدعوة التي صدرت من رسول الله حياة الإنسان، ولكنه هذا الإنسان مثل معاوية أين هو من مثل هذه الحقائق، هذا مضافاً أن الخطاب موجه إلى الذين أمنوا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ) ومتى أمن معاوية حتى يكون هذا الخطاب موجه إليه، بل كان كافراً وانتقل من الكفر إلى النفاق، لا إلى الإيمان، بل إلى الإيمان، يعني أبطن الكفر وأظهر الإسلام، بل لا فقط أنه أبطن الكفر، تارة أن الإنسان يكون منافق ولكن نفاقه على مستواه الشخصي هذا هو رأس النفاق في زمانه بل مؤسس مدرسة واتجاه قائم على أساس النفاق لتدمير الإسلام ولتدمير السنة وإنشاء الله تعالى إذا صارت بعض المناسبات سأبين السنن الأساسية التي حاول معاوية أن يقضي عليها، يعني سنة النبي ومن تلك السنن هو محبة علي عليه أفضل الصلاة والسلام، وهذا ما صرح به الشيخ ابن تيمية أنه من السنة حب ومودة علي، لا فقط من السنة حب ومودة علي، بل هذا أصل قرآني (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) وهو لم يعمل بهذا الأصل القرآني لأنه لم يكن يؤمن، ما آمن يوماً بالقرآن، ولهذا فإن هذا الخطاب وهو (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) هذاخطاب للذين أمنوا، أما من لم يؤمن طرفة عين وكان كافراً ثم أسلم ظاهراً وأبطن الكفر وكان منافقاً.
    هذا النص الذي يشير إليه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا عليه بدعوة عقوبة له لعدم استجابته لدعوة رسول الله، لأن الآية صريحة (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم) يعني حياتكم باستجابة دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
    المهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما كرر عليه الدعوة ولم يستجب بماذا كان منشغل معاوية؟ بودي أن المشاهد الكريم يتلفت إلى هذه النكتة المستفادة من هذا النص الوارد عن صحيح مسلم وفي كثير من المصادر الأساسية، معاوية كان منشغلاً بالأكل، لأن النص يقول هو يأكل، ومقتضى القاعدة أن الإنسان إنما يأكل لتحصيل غاية، يعني لتحصيل الشبع، لماذا يشرب الإنسان الماء؟ لا لأنه يريد أن يشرب الماء، وإنما ليرفع العطش ويرتوي من العطش، لماذا يلبس الإنسان اللباس؟ حتى يكسو جسمه ويقيه الحر والبرد، لماذا يأكل الإنسان؟ حتى يصل إلى الغاية وهي أن يشبع وأن يرفع الجوع، رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما وجد أن معاوية فضل الأكل على استجابة دعوته نجد أنه عاقبه بعقوبة دنيوية أنه حرم الشبع إلى أن يموت من هذا العالم (لا أشبع الله بطنه) وسيأتي بعد ذلك بأنه اساساً استجيبت هذه الدعوة أو كانت سبق لسان كما يحاول البعض، إذن التفتوا إلى هذه النكتة، إذن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يدعو عليه بقصر العمر، هو لأي شيء لم يستجب لدعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأجل الطعام، والطعام لذته في حصول الشبع، نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرمه من الشبع لذا قال (لا أشبع الله بطنه) فالعقوبة كانت منسجمة كاملاً مع الذنب الذي اقترفه معاوية في هذا المقام، وهذا الاحتمال ذكره أيضاً جملة من الأعلام، أعلام المسلمين، وممن ذكر هذا الاحتمال هو الإمام النووي في (شرح صحيح مسلم، ج15 و ج16، ص370) من الكتاب هذه عبارته، بعد أن ينقل العبارة يقول في (ص371) في ذيل هذا الحديث، يقول: ففيه الجوابان السابقان، هذا في (لا أشبع الله بطنه) الجواب الأول أنه جرى على اللسان بلا قصد، أن رسول الله قال هذا من باب سبق اللسان، ولم يكن قاصداً أن يدعُ على معاوية، أما الثاني يقول: والثاني أنه عقوبة له لتأخره، عقوبة له لعدم استجابة الدعوة، هذه العقوبة الدنيوية أما العقوبة الاخروية لها حساب آخر (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ) ذاك بحث آخر، وهذه عقوبة دنيوية، والثاني أنه عقوبة له لتأخره، يعني لم يستجب دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) فرسول الله (صلى الله عليه وآله) ماذا فعل له؟ دعا عليه بنحو حرمه الشبع، حرمه لذة أكل الطعام، يعني الشبع المترتب والغاية المترتبة عليها إلى أن يموت، هذه هي الحقيقة التي تستفاد من مضمون هذا الحديث.
    المُقدَّم: هنا يأتي سؤال هل استجيبت دعوة رسول الله (صلى الله عليه وآله) على معاوية في عدم الشبع أم لا أنها لم تتحقق.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم كما يحاول البعض ان يقول أنها أساساً كانت عن سبق لسان وأنها لم تكن مقصودة، في الواقع أننا نجد هذا المعنى بشكل واضح أن البعض حاول أن يقول أن هذا دعاء صدر من الرسول (صلى الله عليه وآله) من غير قصد بل هو سبق لسان، وإلا معاوية كان مستحقاً لهذا الدعاء أو غير مستحقاً؟ ليس أهلاً لذلك كما قرأنا في صحيح مسلم. هذا الاحتمال ذكره الإمام الحافظ أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليعصبي المتوفى سنة 544هـ، في (شرح صحيح مسلم المسمى إكمال المعلم بفوائد مسلم ج8، ص75) دار الوفاء، دار الندوة العالمية، باعتبار أن هذا الكتاب لم نشر له في الأبحاث السابقة الآن بودي أن أشير، الطبعة الثانية 1425هـ، طريق الملك فهد، حي المحمدية، الرياض، بتحقيق الدكتور يحيى إسماعيل، هذه عبارته التي يحاول فيها كما قرأنا عن النووي، يحاول أن يقول بأنها سبق لسان، في ذيل هذا الحديث وهو (لا أشبع الله بطنه) يقول: فقلت قال الإمام، المراد الإمام عياض، قال الإمام: يحمل على أنه من القول السابق إلى اللسان من غير قصد إلى وقوعه، إذن هو سهو اللسان وسبق اللسان، المهم غفلة صدرت وسهواً صدر هذا الكلام من رسول الله، وإلا لم يكن هناك قصد إلى وقوعه ولا رغبة إلى الله تعالى في استجابته، يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يدع على معاوية بغرض أن يستجيب الله دعاء النبي (صلى الله عليه وآله)، هذا ما أشار إليه الإمام عياض أو القاضي عياض في (شرح صحيح مسلم المسمى إكمال المعلم بفوائد مسلم).
    هذا الكلام تام أو ليس بتام؟
    في الواقع بأن هذا الكلام أنا لا أعلم أن الإمام عياض أو القاضي عياض من أين جاء بهذا الكلام، وإلا كل الأعلام سواء كانوا على مستوى مرتبطين بالنهج الأموي أو غير النهج الأموي نجدهم يجعلون ذلك من معاجزه وكراماته (صلى الله عليه وآله)، يعني دعا على شيء واستجاب الله دعوته ولذا جعلها جملة من الأعلام في دلائل النبوة، دلائل نبوة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أنا أشير إلى بعض هذه المصادر ليتضح أنه كان هناك قصد جدي من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الدعاء على معاوية حتى لا يشبع إلى أن يموت.
    من المصادر التي أشارت إلى هذه الحقيقة بشكل واضح وصريح ما ورد في كتاب (سبل الهدى والرشاد في سيرة خيرة العباد، ج10، ص215) تأليف الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي، المتوفى 942هـ، تحقيق وتعليق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1428هـ، 2007م، قال: جماع أبواب معجزاته (صلى الله عليه وآله) في إجابة دعائه على أقوام بأشياء فحصلت لهم. دعائه على أقوام، هذا ليس دعاء له بل دعاء عليه، الباب الثالث في إجابة دعائه بأن لا يشبع أو لا يُشبع بطن معاوية، روى مسلم الذي قرأنا روايته والبيهقي وبعد ذلك سنقرأ في دلال النبوة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ادع لي معاوية فقلت له: أنه يأكل، قال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه فما شبع بطنه أبداً إلى أن مات. أنا لا أعلم إذا لم يكن هناك قصد لاستجابة الدعاء ولا رغبة في استجابة الدعاء من الله، إذا لم يكن معاوية أهلاً لذلك لماذا يستجيب الله دعائه في حياته، هذا ماذا تفعلون له، يعني إذا لم يكن معاوية أهلاً ومستحقاً لهذا الدعاء من رسول الله، افترضوا أن رسول الله سبق لسانه إلى الدعوة لماذا الله سبحانه وتعالى يستجيب دعائه، الجواب: لأن رسول الله قد دعا عليه حقا (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) وسيأتي بحثه بعد ذلك، ولكن هؤلاء كما قلت مسلمات القرآن الكريم ومسلمات النصوص النبوية يحاولون أن يضعوها جانباً لحفظ معاوية ولحفظ كرامة معاوية، وإلا ماذا يفعلون إذا لم يكن هناك قصد إذا لم يكن هناك رغبة في استجابة الدعاء، كان هناك سبق لسان وغيره، لماذا أن الله سبحانه وتعالى استجاب دعاء رسوله في حق معاوية، هذا هو المصدر الأول الذي قال (فما شبع بطنه أبداً).
    المصدر الثاني في هذا المجال هو ما ورد في (دلائل النبوة معرفة أحوال صاحب الشريعة، ج6، ص243) لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي، المتوفى 458هـ، وثق أصوله وخرج حديثه وعلق عليه الدكتور عبد المعطي قلعجي، يطبع لأول مرة عن عشر نسخ خطية، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة 1429هـ، يقول: رواه مسلم، الرواية بعد أن ينقل الرواية يقول: رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن منصور، ومن حديث أمية بن خالد عن شعبة عقيب حديث أنس بن مالك عن النبي أني اشترطت على ربي فقلت إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، يعني كيف أن البشر يرضون على من لا يستحق أن يرضى عنه ويغضبون على من لا يستحق أن يغضب، يعني يجعلوه كأي إنسان عادي، فأي ما أحد من أمتي دعوت عليه بدعوة، إذن يجعلون (لا اشبع الله بطنه) دعوة عليه لا دعوة له، ليس لها بأهل أن تجعلها له طهوراً وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، وقد روي عن أبي عوانة عن أبي حمزة أنه استجيب له فيما دعا في هذا الحديث، حديث (لا أشبع الله بطن) ثم يقول أخبرنا فلان كنت ألعب مع الغلمان … إلى أن يقول: فقيل أنه يأكل، فأتيت رسول الله فأخبرته فقال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه، قال: فما شبع بطنه أبداً، وروي عنه هريم عن أبي حمزة في هذا الحديث زيادة تدل على الاستجابة، أن الله استجاب دعائه في حق معاوية. هذا المصدر الثاني.
    المصدر الثالث الذي لا أتصور أن أحداً من هؤلاء الذين يدافعون عن معاوية إلى يومنا هذا وحشرهم الله مع معاوية لأن الإنسان يحشر مع من أحب، ومع من يؤمن به ويعتقد به إن كانوا يحبونه فحشرهم الله مع من يحبون، في (البداية والنهاية، ج9، ص86) للحافظ عماد الدين بن كثير القرشي الدمشقي، وهو لا يتهمه أحد أنه منحرف عن معاوية، بل هو مدافع عن معاوية، عبارته هي يقول: وقد روى البيهقي عن الحاكم عن علي بن فلان عن هشام بن فلان عن فلان قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله قد جاء فقلت … بعد أن ينقل الحديث فقيل أنه يأكل، فأتيت رسول الله فأخبرته فقال في الثالثة: لا أشبع الله بطنه، قال – الراوي-: فما شبع بعدها، الراوي يقول لا ابن كثير، وفي الحاشية يقول في الدلائل فما شبع بطنه بعدها، هنا يقول فما شبع بعدها. قلت – ابن كثير-: وقد كان معاوية – طبعاً يترضى عليه بحسب اعتقاده وقد ذكرنا فيما سبق بأنه كان ساباً لعلي ومن سب علياً فقد سب رسول الله فيكون ملعوناً وهذا بيناه فيما سبق- لا يشبع بعدها، ابن كثير يقول، لا يشبع بعدها ووافقته هذه الدعوة في أيام امارته فيقال أنه كان يأكل في اليوم سبع مرات طعاماً بلحم وكان يقول والله لا أشبع وإنما أعيى. هذا نص عبارة ابن كثير، هذا يقوله هنا ويقوله في (الجزء 11، ص400- 401) تعبت ولا شبعت. عييت ولا شبعت. أقرأها مرة ثانية: وكان يقول والله لا أشبع وإنما أعيى، هذا معناه أنه أخذت منه لذة الشبع فقد كان يشكو، هذه ليست لذة وإنما هي شكاية، أنه كان يتعب ولم يحصل له الشبع، وقد قلت مراراً وتكراراً أن الأكل ليس هو غاية في نفسه، الأكل لأجل الشبع، الإنسان إذا لم يجع لا يأكل، يأكل حتى يرفع ألم الجوع، فإذا لم يشبع هذا معناه أنه يأكل ثم يأكل ثم يأكل، وإنشاء الله تعالى إذا وفقنا أن نبحث هذه من آثار أصحاب جنهم، أنهم يأكلون ولا يشبعون، يشربون ولا يرتوون، هذا الذي يصيب أهل النار في القيامة في نار جهنم كان معاوية مبتلى به وهو في الدنيا، فكان يفعل ما يريد، ولكن دعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) في حقه قابلة للتبدل أو غير قابلة للتبدل؟ وأنتم تعلمون يعني لو أحصينا واقعاً نحن أولئك الذين دعا عليه رسول الله في حياته ليسوا كثيرين، إذن يظهر أن هذا كان بعيداً بعداً كبيراً من رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يدعو عليه بمثل هذا الدعاء، لعله والله العالم واقعاً أن هذه النكتة جديرة بالبحث وهو حتى تعلم الأمة وتعرف أن معاوية دعا عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليس بحثنا في هذه النقطة.
    إلى هنا اتضح لنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا على معاوية وأن الله سبحانه وتعالى استجاب دعوة نبيه في حق من يسميه هؤلاء الجهلة بأنه كاتب وحي الرسول (صلى الله عليه وآله)، هذه من الموضوعات هذه القضية، لا يقول لي قائل: كيف من الموضوعات وهي موجودة في صحيح مسلم، وهذا قد اتضح أنه يمكن ان يوجد في صحيح مسلم وهو يضعف، إذن لا تقولون في صحيح مسلم أو صحيح البخاري، فيمكن أن يكون في الصحيحين وليس بصحيح، هذا بحمد الله بدأ كسر هذه القارورة منكم من السلفي الأثري، يعني من الذين تتبعون النهج الأموي، أنتم فتحتم هذا الباب وهو تضعيف ما ورد في البخاري وما ورد في مسلم، فهذه من الموضوعات وبعد ذلك سيأتي، وأنا معتقد بأن كثير من الروايات الواردة في صحيح البخاري ومسلم من الموضوعات ومن المتأثرة بالنهج الأموي وسأشير إليها بحسب المنافسات مفردة مفردة.
    المُقدَّم: هنا يأتي تساؤل وهو أنه هل يمكن أن تصدر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلام غير حق ويدعو على من لم يكن أهلاً لهذا الدعاء، يعني هل يجوز على خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله) مثل هذا المعنى.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هنا أريد أن أبين حقيقة من الحقائق الأساسية وهي تعد مفصلاً أساساً في فهم مقام خاتم الأنبياء والمرسلين عند هؤلاء الذين يتبجحون أنهم يحترمون رسول الله وأنهم يتبعون سنته وبين أولئك الذين في الواقع أنهم يعرفون مقامات وفضائل ومناقب رسول الله، وهي قضية مرتبطة بسيرته وهذه القضية ليست قضية شخصية فردية لأنه كما قرأنا مراراً وتكراراً أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت للمرة الرابعة أو الخامسة (باب من لعنه النبي أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك) هذا معناه أنها كانت مرتبطة بسيرته وفي تعامله مع الناس، يعني ليست قضية شخصية وإنما لو سألنا ما هي سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع الناس؟ القرآن يقول (وأنك لعلى خلق عظيم) (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) هذا هو منطق القرآن في بيان رسوله، ومقامات وكيفية وسيرة الرسول مع الناس، أما منطق هؤلاء فيقولون أنه كان يسب وكان يلعن وكان يشتم، وكان يشتم ويلعن ويسب لمن ليس هو أهل لذلك، الرواية هذه رقم 2606 في صحيح مسلم، عن أبي هريرة أن النبي قال: اللهم أني اتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين أذيته، مؤذي المؤمنين، شتمته إذن شاتم المؤمنين، لعنته، جلدته فأجعلها لها صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة. إذن قضية مرتبطة بسيرة الرسول، قبل كل هذا القرآن يقول (لعلى خلق عظيم) الآن لا أريد أن استعمل صيغة المبالغة حتى يقول لي قائل… لا، كان يشتم، لا أقول كان شتاماً، كان يشتم وكان يلعن وكان يسب، ومن الواضح أن هذا ليس لمرة واحدة وإلا فلا يصدق عليه أن كان يشتم، كان يدل على أن الفعل صدر منه كثيراً، هذا هو منطق النهج الأموي في تقييم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قبال منطق القرآن الذي أشرنا إليه، وأنا لا أريد أن أدخل في القرآن لأقف عند قوله (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى)، أريد أن أرجع إلى النصوص الموجودة في مصادرهم لأرى بأنه يمكن بأن يكون هذا الحديث وهذا العنوان الذي ورد في صحيح مسلم حقاً أو أنه عنوان لا ينسجم مع أخلاق وسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    في كتاب (مسند الإمام أحمد بن حنبل، الموسوعة الحديثية، ج11، ص) بتحقيق العلامة شعيب الارنؤوط، مؤسسة الرسالة، هناك ثلاثة روايات أنقلها للمشاهد الكريم، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت جيداً إلى هذه الروايات، الرواية الأولى هي رقم (6510) الرواية عن عبد الله بن عمر، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه فنهتني قريش، من المراد من قريش، المهم الآن واقعاً لا أريد أن أدخل في البحث أريد البحث في جهة أخرى، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، يعني قد يغضب على من لا يستحق الغضب، وقد يرضى على من لا يستحق الرضا كيف تكتب عنه كل شيء، فأمسكت عن الكتاب، باعتبار أن القرآن يقول: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ) (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) ينسون هذا فقط يتذكرون هذا المقطع من الرواية، قال: فأمسكت عن الكتاب، يعني عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: اكتب، أمرني بالكتابة، لماذا يا رسول الله يكتب وأنت بشر تخطأ وقد تصيب، فقال: أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق، والآن لا أريد أن أدخل في فقه هذا الحديث ومضمون هذا الحديث، هذا يثبت العصمة الاعلائية بكل درجاتها للنبي الأكرم، لا العصمة في التشريع، ما خرج مني سواء كان في الأحكام أو في الموضوعات أو في أمور الاخرة أو في أمور الدنيا، كل ما خرج عني فهو حق، أيها المسلمون، هذا هو النهج الأموي الذي يحاول أن يجعل منه ساباً شاتماً لاعناً وآذيا وغيرها، وانظروا ماذا يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن نفسه يقول: فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق، سواء كان مرتبط بأمور الشريعة، فـ (ما) عامة وشاملة للأحكام والموضوعات والشريعة والأمور الطبيعية والتكوينية والأمور الدنيوية والاخروية، من يبحث عن دليل لإثبات العصمة المطلقة الاعلائية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فلينظر إلى هذا الحديث المبارك الذي ورد عنه، وواقعاً سيماء الصدق على هذا الحديث. يقول: إسناده صحيح، العلامة الارنؤوط يقول: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير الوليد بن عبد الله وهو ابن أبي مغيث العبدري فمن رجال أبي داود وابن ماجة وهو ثقة … إلى أن يقول: وسيكرر هذا الحديث في الأرقام (6802 و 6930 و 7018 و 7020) وكذلك ورد هذا الحديث في نفس الجزء (ص523) ومضمونه أعلى من المضمون السابق، ما خرج مني فهو حق، ولكن انظروا إلى رسول الله في هذا الحديث (الحديث 6930) الرواية عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قلت يا رسول الله: اكتب ما اسمع منك، قال: نعم، قلت: في الرضا والسخط، في كل حالاتك، قال: نعم، فأنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقاً. في كل حالاته، أغضب الله وادعُ لله، لا أنه دعا على من لا يستحق كما يقول هؤلاء الذين لا أعلم ماذا أقول في حقهم وأنا أترك للمشاهد الكريم أن يقيم هؤلاء الذين يقولون أنه دعا وهو سبق لسان، دعا وهو ناسي، دعا وهو غير قاصد، ورسول الله يقول: نعم، فأنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقاً. والرواية الثالثة (593) قال: قلت يا رسول الله إني أسمع منك أشياء فأكتبها، قال: نعم، قلت: في الغضب والرضا، قال: نعم، فإني لا اقول فيهما إلا حقاً. في الرضا والغضب، لا (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أيها الحمقى أنتم تتصورون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر مثلكم، نعم، انتم الذين أشربتم ماء بني أمية، اشرب عجل بن أمية في قلوبكم، نعم تقولون هذا الكلام بحق رسول الله بحق سيد الأنبياء، والله في حق سيد الأنبياء والمرسلين، في حق أول مخلوق خلقه الله في هذا العالم، جابر بن عبد الله يسأل رسول الله: ما أول شيء خلقه الله؟ قال: يا جابر أول ما خلق نور نبيكم ثم خلق منه كل خير، هذا هو اعتقادنا في رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونتحدى أي مدرسة من مدارسكم وأي اتجاه من اتجاهاتكم وأي عقيدة من عقائدكم أن تصل إلى هذا المستوى في فهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنتم هذا اعتقادكم في رسول الله، من لعنه النبي أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة، هذا هو تقيمكم لرسول الله، ولكن نحن نعتقد في رسول الله هذا الذي أشرنا إليه.
    هذا الحديث لا يتبادر أنه فقط العلامة الأنؤوط صححه، طبعاً كل الأحاديث التي أشار إليه صحيحة، وأشار إليه أيضاً (المسند للإمام أحمد بن محمد بن حنبل، ج6، ص400) هذا الحديث ورد وكذلك في (ص451) أنا فقط أشير إليه، قال: حدثنا … فأكتبها، قال: نعم، انظروا ماذا يقول في الحديث (6930) إسناده صحيح، وكذلك ورد في (ج6، حديث 7020) قال: حدثنا فلان، قال: فإني لا أقول فيهم إلا حقاً، قال: إسناده صحيح. هذه الاسانيد كلها صحيحة في هذا المجال. وممن روى هذا الحديث (مسند الدارمي المعروف بسنن الدارمي، ج1، ص429) تأليف الإمام الحافظ الدارمي، المتوفى 255هـ، تحقيق حسين سليم اسد الداراني، دار المغني، الطبعة الثانية، 1401هـ، المملكة العربية السعودية, هناك العبارة واضحة وصريحة، قال: فنهتني قريش فقال: أتكتب كل شيء سمعته من رسول الله ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت ثم قال لي: اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه – يعني من فيه- إلا حق، يقول: إسناده صحيح، أخرجه أحمد ابن أبي شيبة، وأبي داود، والخطيب في تقييد العلم، والحاكم في المستدرك، وغيرهم. وعشرات المصادر التي من خلالها يقطع الإنسان بصحة صدور هذا الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    وممن أيضاً نقل هذا الحديث ابن عبد البر في كتاب (جامع بيان العلم وفضله، ج1، ص266) دار ابن الجوزي، الطبعة الثامنة، 1430هـ، السعودية، هناك ينقل روايتين، نعم قلت في الرضا والغضب قال: نعم، هذه الرواية (388)، يقول: إسناده حسن، ثم ينقل الرواية (389) ويقول إسناده صحيح، هذا أيضاً موجود هنا.
    وممن نقل هذا الكتاب أيضاً ابن أبي شيبة في (المصنف، ج13، ص461) يقول: رواه فلان ورواه فلان، إلى أن يقول: قال الحاكم ثم يشير إلى عدد المصادر الواردة في هذا المجال، وممن روى هذا الحديث أيضاً العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص45) قال: الأمر بكتابة الحديث النبوي، اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق، أخرجه … يقول: والحديث صحيح أيضاً. وممن أخرج هذا الحديث (سنن أبي داود، ج5، ص489) بتحقيق العلامة الأرنؤوط، هذه عبارته وبعد أن يقول إسناده صحيح، يقول أن هناك طرق ثلاثة لهذا الحديث، الطريق الأول الطريق الثاني، الطريق الثالث ويصححها جميعاً.
    وممن أيضاً صحح هذا الحديث ما ورد في (صحيح سنن أبي داود) للعلامة الألباني أنا إنما أشير إلى هذه المصادر لأصل إلى هذه النتيجة، يعني اتفقت كلمة القدماء والمعاصرين على صحة هذا الحديث، فلا مجال للمناقشة فيه.
    هنا عندي تعليقان على هذا الحديث، وبودي أن يلتفت المشاهد الكريم:
    التعليق الأول: أن الغريب أن مسلم ينقل هذه الأحاديث عن رسول الله وأنه كان يلعن وكان يشتم وكان يدعو وكان يجلد من غير حق، ولكن لا ينقل رواية واحدة من هذه الأحاديث التي تنزه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لماذا؟ أنا أتركه للمشاهد الكريم، واقعاً انظروا إلى علامة الاستفهام هذه، تقول صحت عندي هذه الروايات ولكن هذه الروايات أيضاً صحيحة السند وأعلام المسلمين نقلوها لماذا تكتفون بالروايات التي تنتقص من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا تشيرون إلى تلك الروايات التي تنزهه عن كل نقص، ما هي العلة؟ أين السبب؟ بماذا كنتم متأثرين عندما كتبتم هذه الكتب؟ واقعاً هذا علامة استفهام على مر التأريخ لماذا تنقل واللطيف أنه لا ينقل رواية واحدة وإنما في هذا الباب ينقل من الروايات رقم 88 في هذا الباب إلى الرواية 97 يعني عشرة روايات ينقلها في انتقاص رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنه كان يدعو ويشتم ويجلد ويسب ويؤذي، الذي لا يقوله أي إنسان عادي في أوائل درجات إيمانه، لو قلنا لأحد الآن لو قلنا لداعية من هؤلاء الذين يخرجون على الفضائيات من الجهلة من علمائهم ويدعون أنهم أهل العلم ومع الأسف الشديد أنهم انتهت أعمارهم وبعد لم يتعلموا من العلم شيئاً، نجدهم أنهم ينقلون هذه الروايات، لو قلنا لواحد منهم أنت تشتم وأنت تسب وأنت تؤذي يقول: أعوذ بالله، ولكن عندما ينسب سيد الأنبياء والمرسلين، إلى إمام الأولياء، إلى أول مخلوق في هذا العالم، ثم لا تنقل الروايات التي تقابلها، لا اقل عندما نقلتم هذه الروايات انقلوا ما يقابلها حتى يقول القائل إذا أردنا أن نشكل على هذه النصوص من صحيح مسلم يقال لنا أنه لم ينقل هذه النصوص فقط وإنما نقل ما يقابلها بهذه النصوص الصحيحة التي قرأناها، ولا يتبادر إلى ذهن أحد أن هذا مختص بصحيح مسلم، كذلك في صحيح البخاري ولكن بشكل اخف، أيضاً نقل هذه الروايات التي قرأنا مضمونها من صحيح مسلم. ومما ورد في (صحيح البخاري، ج4، ص164، الحديث رقم، باب قول النبي من آذيته فأجعله له زكاة ورحمة) المكتبة السلفية، هنا م يقل من لم يكن أهلاً له, ولكن تعبيره من آذيته فأجعله له زكاة ورحمة فإذا كان مستحقاً لماذا يجعل له زكاة ورحمة، فهذا إذن نفس المضمون ولكن لم يصرح به البخاري، الرواية عن أبي هريرة أنه سمع النبي يقول: اللهم فأي ما مؤمن سببته، هو العنوان يقول آذيته مع أن الرواية سببته، إذن رسول الله كان يسب أيضاً، يسب المؤمنين، تبين أن رسول الله كان يسب، فأي ما مؤمن سببته فأجعل له ذلك قربة إليك يوم القيامة، إذن القضية ليست مختصة بصحيح مسلم ولكنه لم ينقل أي رواية من تلك الروايات التي أشرنا إليها وهي أنه لا يخرج مني إلا حق، لا يخرج مني إلا حق، سواء في السخط أو الرضا أو الغضب وغير ذلك كما بيناه قبل ذلك، هذا التعليق الأول.
    التعليق الثاني: وإن كان ليس حديثي هذه الليلة، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، ولو في جملة واحد وسأنقله من (صحيح سنن العلامة الألباني، ج2، ص408) هذه العبارة، قال: فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله فأومأ بأصبعه إلى فيه، هذه الإضافة موجودة في صحيح سنن أبي داود، فقال: اكتب، يعني أمر بالكتابة، لا خيره بأن يكتب أو لا يكتب، يعني أمر وفرض من الرسول بالكتابة، فو الذي نفسي بيده لا يخرج منه ألا حق. سؤال: إذن من أين جاءت هذه الدعوة الباطلة والزور أن رسول الله نهى عن كتابة حديثه، الآن أنتم تعلمون يذكرون بأن واحدة من مكارم عمر بن عبد العزيز أمر بتدوين الحديث النبوي، لأنه قبل ذلك قد منع عن تدوين الحديث النبوي، انظروا إلى (شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ج1، ص270) لابن العماد الحنبلي، في الحاشية يقول المحقق الذي هو محمود الأرنؤوط: ولو لم يكن له، أي لعمر بن عبد العزيز، من المكارم سوى الأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف لكفاه فخراً. سؤال: لماذا منعتم عن كتابة الحديث النبوي؟ حتى يأتي عمر بن عبد العزيز بعد 90 عاماً من رحلة الرسول الأعظم، حتى يأمر بكتابة الحديث، مع أن رسول الله يقول لهذا الإنسان: اكتب!!!
    إذن هذه الدعوة باطلة لا أساس لها، وأنا لا أعلم واقعاً في هذه 90 سنة من 11 للهجرة إلى سنة 90 للهجرة التي أمر فيها بتدوين الحديث، ماذا حدث للحديث، ماذا فعل الوضاعون، ماذا فعل وعاظ السلاطين، ماذا فعل النهج الأموي في جعل الأحاديث، لأنه لم يجرأ أحد على أن يدون الحديث، ولهذا من يريد، وهنا وهذه من اختصاصات مدرسة أهل البيت أنهم لا يأخذون الحديث عن رسول الله إلا عن المعصومين أئمة أهل النبي عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولذا نحن تجدون بشكل مباشر لا توجد عندنا أحاديث كثيرة ننقلها عن رسول الله، أحاديثنا جميعاً من أهل البيت، وهم صرحوا لنا بأن كل ما يقولونه هو من رسول الله، حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث أبيه أو جده وحديث أبيه حديث جده … إلى أن نصل وحديثنا حديث رسول الله، كلما يصدر عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام إنما هو من حديث رسول الله، ولذا تجدون أن العلامة الأرنؤوط في (مسند الإمام أحمد، ج11، ص59) اضطر أن يعترف بهذه الحقيقة، وهذه عبارته، لأن الرواية صريحة بهذا المعنى، يقول: قال ابن القيم: وقد صح عن النبي النهي عن الكتابة، لا أعلم من أين صح، والإذن فيها، والإذن متأخر عن المنع. إذن كان ينبغي إذن بعد رسول الله الجهاز الحاكم والخلافة القائمة أن تأمر بأخر الأمر، وهو يقول والإذن متأخر فيكون ناسخاً لحديث النهي، فإن النبي قال في غزاة الفتح: اكتبوا …
    إذن كان ينبغي أن يدون الحديث لا أن يترك أمر الحديث لكثير من الوضاعين والمدلسين حتى يجعل من مكرمات ومكارم عمر بن عبد العزيز.
    المُقدَّم: معنا الأخ ناصر الحق من فرنسا، تفضلوا.
    الأخ ناصر الحق: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ ناصر الحق: سماحة السيد عندي مداخلة ثم سؤال: المداخلة الأولى عن الحديث المعروف وقد أخرجه أبو نعيم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه في ذيل هذه الآية (أَلَمْ تَرَى إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِكُفْراً) قالوا هما الابتران من قريش، بنو المغيرة وبنو أمية، وذكر هذا الفخر الرازي والزمخشري في ذيل تفسير هذه الآية، وقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وذكر هذا الحديث الذهبي وقد صرح بصحته، إذا رأيتم معاوية على منبري فأقتلوه، وعندي أكثر من عشر أحاديث باسانيد صحيحة. سؤال: هل الصحابة قصروا في عدم قتل معاوية عندما صعد منبر رسول الله، ثم السؤال الثاني أن من أهل تونس وعندما أناقش أهل تونس من أخواننا السنة المعتدلين يقولون يعني يريدون شرعنة الواقع ويقولون بأنه يكفي أن الإمام الحسن صالح معاوية وسلم له الخلافة يعني يشرعنون الواقع، فهل هذا الصلح، ويا ريت سيدنا إذا تتطرقون إلى بحث صلح معاوية مع الإمام الحسن حتى يتبين هذه النقطة المهمة جداً لأنهم يستدلون علينا ويطعنون بكل هذه الروايات التي تكفر معاوية بل يقول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، يموت معاوية على غير ملة الإسلام بأحاديث صحيحة ومتواترة وقد ثبت أنه مبغض للإمام علي وثبت نفاقه، ولكن سيدنا يستدلون علينا بهذا الصلح.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو عبد الله من السعودية، تفضلوا.
    الأخ أبو عبد الله: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو عبد الله: أنا عندي مداخلة وهي بالنسبة لأحاديث ابن تيمية يريد إبعاد الناس عن أهل البيت، ولما نذهب إلى البقيع أحفاد ابن تيمية عندما تسألهم عن قبر الإمام الحسن يقولون غير معلوم لأن في البقيع عشرة آلاف صحابي مدفون في البقيع فمن أين ندلكم عليه، لما تسألهم عن قبر عثمان يدلك عليه، أرغب بتعليقكم على هذا الموضوع سماحة السيد.
    المُقدَّم: وهو سبط النبي فكان على الأمة أن تحتضن هذا لأنه يذكرهم بنبيه (صلى الله عليه وآله) يقولون توجد آلاف من الصحابة من أين ندلكم على قبر الحسن وكأنه إنسان مجهول.
    سماحة السيد كمال الحيدري: فيما يتعلق بالأخ ناصر الحق من فرنسا وقد طرح عدة موضوعات وكل واحد من هذه الموضوعات يحتاج إلى حلقات لبحثها، فيما يتعلق في صلح الإمام الحسن لابد أن نقف على ذلك، ولا يمكن أن يستدل بذلك الصلح على أن هناك قيمة لمعاوية وإلا وقع هناك صلح بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين المشركين ورسول الله أشرف وأعظم من الإمام الحسن وصالح من هم كانوا على الكفر الصريح وهم المشركون فما بالك بالإمام الحسن إذا اقتضت المصلحة فما يقال في صلح رسول الله (صلى الله عليه وآله) المصلحة التي أدت إلى أن يصالح المشركين لعله كثير من بواعثها ومعطياتها كانت موجودة في زمن الإمام الحسن، هذا على نحو الإجمال وإنشاء الله تعالى بنحو تفصيلي سأقارن إذا وفقت للبحث في صلح الإمام الحسن سأقارن بين هذين الصلحين وبين المعطيات الموجودة فيهما لنصل إلى نتائج لنبين لمن يريدون حقاً.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو علي من السويد، تفضلوا.
    الأخ أبو علي: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو علي: سؤال للسيد هناك حديث آخر يخص معاوية ولا أعرف مدى صحته وهو الحديث القائل بأنه عندما رأى رسول الله أبو سفيان على ناقة ويقودها معاوية ويسوقها يزيد ابن أبي سفيان فقال اللهم العن القائد والراكب والسائق، فمدى صحة هذا الحديث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: سنقف إنشاء الله عند هذا الحديث وكذلك عند الحديث الذي صححه الذهبي وهو (إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه) سنتعرض لهذه الأحاديث عند التعرض إلى سيرة معاوية إنشاء الله تعالى.
    المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري كما نشر الأخوة والأخوات إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/22
    • مرات التنزيل : 2471

  • جديد المرئيات