الأخبار

حديث الثقلين سنده ودلالته ق (3)

 16/05/2010
 
المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه الكرام المنتجبين.
عظم الله لكم الأجر وأعظمه بذكرى رحيل سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها إذ تصادف هذه الأيام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم مع حلقة جديدة من برنامج الأطروحة المهدوية، ونحيي باسمكم ضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدِّم: سماحة السيد ذكرتم في الحلقة السابقة بعض المصادر التي تثبت صيغة الحديث المروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بصيغة (إني تارك فيكم خليفتين) فهل هناك مصادر أخرى لإثبات هذه الصيغة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قلنا بأن لحديث الثقلين صيغ متعددة وأن كل صيغة من هذه الصيغ تشتمل على مجموعة من الأمور التي تنفعنا كثيراً عندما ندخل في البحث الذي يتعلق ببيان دلالة ومضمون حديث الثقلين، بحمد الله تعالى في الحلقتين السابقتين انتهينا من بيان الصيغة الأولى وكذلك ما يتعلق بالصيغة الثانية، وبينا أنه في الصيغة الثانية أن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قال: (إني تارك فيكم خليفتين) بخلاف الصيغة الأولى فإن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قال: (إني تارك فيكم الثقلين أو ثقلين) على اختلاف المتون الواردة في الحديث. وبحمد الله تعالى أشرنا في الحلقة السابقة إلى مجموعة من المصادر المهمة التي أثبتت صحة هذا الحديث، وأن صيغة (إني تارك فيكم خليفتين) إما أنها صحيحة بنفسها وإما أنها صحيحة بغيرها وإما أنها حسنة بذاتها وإما أنها حسنة لغيرها، وهذا ما أوضحناه بحمد الله تعالى في الحلقة السابقة، وهناك مصادر إضافية أثبتت هذه الصيغة وبينت أن هذه الصيغة أيضاً واردة بهذا البيان الذي أشرنا إليه. من هذه المصادر ما ورد في كتاب – لم نشر إلى هذا الكتاب من قبل- (السنة، ج2، 1021) للإمام أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم، المتوفى سنة 287هـ، حققه وخرج أحاديثه الأستاذ الدكتور باسم بن فيصل الجوابرة، استاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، دار الصميعي، الطبعة الثالثة، 1426هـ. هذه هي العبارة، أشارة إلى روايتين، الرواية الأولى قال عن أبي شيبة حدثنا شريك عن الركين عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت يرفعه قال: (إني تركت فيكم الخليفتين) إلى هنا النص متفق مع النصوص والصيغ السابقة، ولكنه بحمد الله تعالى هذا النص فيه إضافة وهي إضافة مهمة جداً وإن كانت أيضاً نفس لفظة الخليفة موجودة فيها هذا المعنى، لأن الخليفة يعني من يستخلف الإنسان، من يقع بعده، ولكن هذا النص يصرح بهذا، يقول: (إني قد تركت فيكم الخليفتين بعدي) إذن بعد القضية لا يوجد فيها أي مجال أنه كان خليفة في حياته ولم يكن خليفة بعد مماته، كما حاول جملة من الأعلام فيما يتعلق بـ (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) قالوا أن هذه مرتبطة بحياته عليه أفضل الصلاة والسلام، ولكن هذا الاحتمال لا يرد في هذا النص، لأن النص يقول (إني قد تركت فيكم الخليفتين بعدي كتاب الله وعترتي أنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) هذا الحديث رقم (1593).
وكذلك الحديث (1594) أيضاً قال رسول الله: (إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يتفرقا) وفي ذيله يقول الأستاذ باسم بن فيصل الجوابرة محقق هذا الكتاب: إسناده حسن، إذن الحديث ليس ضعيفاً، إسناده حسن، فيه شريك بن عبد الله صدوق، وفيه القاسم بن حسان، وهذا سيأتي البحث عنهما معاً إنشاء الله تعالى في الأبحاث اللاحقة.
المصدر الثاني الذي ورد فيه هذا الحديث هو كتاب (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول وأهل الشرف، ج1، ص350، الحديث رقم 74) للحافظ السخاوي، المتوفى 902هـ تحقيق ودراسة خالد بن أحمد بابطين، دار البشائر الإسلامية، وقد أشرنا في حلقات سابقة أن اصل هذا الكتاب رسالة ماجستير تقدم بها المحقق إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة وقد أجيزت بتقدير ممتاز مع التوصية بالطباعة، الرواية وأما حديث زيد فرواه أحمد في مسنده ولفظه قال رسول الله: (إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله عز وجل حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) يقول المعلق على الكتاب يعني خالد بابطين: إسناده حسن بشواهده، أخرجه أحمد وعبد بن حميد في مسنده رقم 240، وابن أبي شيبة في المصنف رقم كذا، وعنه الطبراني في الكبير، وابن أبي عاصم في السنة، والفسوي في المعرفة والتاريخ وابن الأنباري كما عزاه المتقي في الكنز كلهم من طريق شريك عن الركين بن ربيع عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعاً. هذا هو المصدر الثاني الوارد في المقام.
المصدر الثالث الذي لابد من الإشارة إليه هو ما ورد في (مسند ابن أبي شيبة، ج1، ص108) لم نشر إلى هذا الكتاب في الحلقات السابقة، تصنيف الإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن أبي شيبة، المتوفى سنة 235هـ، تحقيق عادل بن يوسف العزازي، أحمد بن فريد المزيدي، دار الوطن للنشر، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ. الرواية قال (صلى الله عليه وآله): إني تركت فيكم – أي في الأمة- الخليفتين كاملتين – وهذه نكتة إضافة لم توجد في الأحاديث السابقة. إذن صار عندنا (من بعدي، وكاملتين)- كتاب الله وعترتي وأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. انظر إلى المحقق ماذا يقول؟ يقول: إسناده ضعيف وهو صحيح. لماذا صحيح؟ لأن المشكلة في شريك النخعي والحديث بعد ذلك سنشير إليه لماذا أنهم شككوا في شريك النخعي؟ المهم يقول في آخر المطاف: قلت والحديث صحيح له شواهد. انظر السلسلة الصحيحة للألباني. إذن أيضاً وإن كان في هذا السند، هذه النكتة بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، ليس كل طرق هذه الصيغة ضعيفة، لا أبداً، هذه الصيغة يوجد فيها شخصان سأشير لهما، وهما شريك النخعي والقاسم بن حسان، والحديث عنهما سيأتي إنشاء الله تعالى لاحقا.
والمصدر الرابع الذي أشار إلى هذا الحديث هو (المصنف، ج16، ص426) لابن ابي شيبة نفس صاحب المسند بتحقيق محمد عوامة، هذه عبارته، يعني هذا نص الحديث الوارد في هذا الكتاب، الرواية كما يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي – طبعاً في مسند ابن أبي شيبة قال كاملتين وهنا يقول من بعدي- كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) إذن هذه مصادر بالإضافة إلى المصادر السابقة أثبت لنا بما لا مزيد عليه أن هذه الصيغة واردة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وهي أنهما خليفتان من بعدي، خليفتان كاملتان.
هنا أريد أن أبين للمشاهد الكريم لماذا قالوا بأن هذا الحديث ضعيف وإن كان هو صحيح بشواهده وبالمتابعة؟
لوجود شخصين في هذا الحديث، الشخص الأول هو شريك بن عبد الله النخعي، العلامة الألباني في كتاب (السنة، ص345) لابن أبي عاصم الشيباني بتحقيق العلامة الألباني – لا بتحقيق الجوابرة، لأن هذا الكتاب حققه كل من العلامة الألباني والأستاذ الجوابرة- يقول: أن هذا الحديث ضعيف بسبب شريك بن عبد الله النخعي، في هذا الكتاب هذه عبارته بعد أن ينقل الحديث، قال: قال رسول الله: (إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي) يقول: حديث صحيح، العلامة الألباني يقول عن هذه الصيغة: حديث صحيح، أما وإسناده ضعيف لسوء حفظ شريك وهو ابن عبد الله، والقاسم بن حسان مجهول الحال. إذن المشكلة في هذين الشخصين. السؤال المطروح هنا واقعاً هل أن هذا الإنسان ضعيف لأنه كذا؟ الجواب: كلا، بل هو صدوق كما يصرحون، ولكنه توجد مشكلة فيه وهي أنه كان سيء الحفظ لم يكن قوي من حيث الحافظة والذاكرة، وهذا ما أشار إليه العلامة الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في (تقريب التهذيب، ص436) مع التوضيح والإضافة من كلام الحافظين المزي وابن حجر أو من مأخذهما، حققه وعلق عليه ووضحه وأضاف إليه أبو الأشبال صغير أحمد شاغف الباكستاني، تقديم بكر بن عبد الله أبو زيد، دار العاصمة للنشر والتوزيع، وهذا المصدر لم نشر إليه سابقاً، النشرة الأولى 1416، النشرة الثانية أي الطبعة الثانية 1423، المملكة العربية السعودية، دار العاصمة، عبارته هذه يقول: شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم الكوفة أبو عبد الله صدوق – لا أنه كذاب ولا أنه وضاع- يخطأ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة وكان عادلاً، فاضلاً، عابداً، شديداً على أهل البدع. إذن هذا الرجل هو من الطبقة الثامنة سنة 78 من الهجرة، إذن لا يوجد في شرك مشكلة، وأنا أشرت إلى هذا حتى لا يتبادر إلى الذهن أن شريك وضاع أو كذاب أو غير ثقة، لا، بل هو صدوق ولكن توجد فيه مشكلة وهي سوء الحفظ، وهذا سوء الحفظ الأعلام يقولون أنها تحل بطريق وهو كما ذكر جملة من الأعلام في هذا المجال ولا يسع الوقت للإشارة إليهم، أشاروا بأنه أساساً شريك بن عبد الله، وأنقل هذا من (استجلاب ارتقاء الغرف، ج1، ص351) قال: شريك بن عبد الله النخعي صدوق، سيء الحفظ، نعم روى له مسلم، لم يتردد فيه، ولو كان كذاباً، ولو كان وضاعاً ولو كان غير مقبول ولا يعتمد على حديثه، نعم روى له مسلم في الشواهد والمتابعات، بمعنى يعني أنه لم يكتفِ به وإنما ينضم إليه غيره، يعني ينجبر بعضه ببعض، وهذا ما تقدم أيضاً أن هذه الروايات وردت بصيغ أخرى كما أشرنا إلى ذلك. إذن هذا الرجل الذي قيل عنه أنه ضعيف، لا ليس بضعيف وإنما هو صدوق ولكنه توجد فيه مشكلة وهي أنه سيء الحفظ وقد روى عنه مسلم.
والشخص الثاني الذي فيه مشكلة هو القاسم بن حسان، القاسم بن حسان مع الأسف الشديد أن العلامة الألباني يعبر عنه يقول: والقاسم بن حسان مجهول الحال، إلا أنه عندما راجعنا المصادر وجدنا أن هذا الكلام غير دقيق، وعلى سبيل المثال في كتاب (الثقات، ج2، ص439) لابن حبان، المتوفى سنة 354هـ، وضع حواشيه إبراهيم شمس الدين وتركي فرحان المصطفى، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1419، يجعله الكتاب في كتاب الثقات، هناك يشير إليه ويقول: القاسم بن حسان يروي عن زيد بن ثابت، كما قرأنا، روى عنه الركين بن الربيع، إذن دعوى أنه مجهول الحال لا، ليس الأمر كذلك بل هو من الثقات، لعله لم يطلع على ذلك أو غفل أو نسي، وإلا فهو من الثقات كما يصرح ابن حبان بذلك. بل أكثر من ذلك نجد أن مصنف أو محقق كتاب (المصنف) وهو محمد عوامة، هذه عبارته يقول: والقاسم بن حسان ثقة أيضاً، لا أنه مجهول الحال، لا مقبول ولا مجهول الحال، كأنه يرد على العلامة الألباني الذي عبر عنه بأنه مجهول الحال، لا فهو ليس مجهول الحال، يقول: ثقة لا هو مقبول ولا مجهول الحال، فقد ذكره ابن حبان في ثقاته وذكره أيضاً ابن شاهين في ثقاته ونقل عن الإمام أحمد بن صالح المصري أنه قال فيه ثقة. يعني ابن شاهين نقل عن الإمام أحمد بن صالح المصري أنه ثقة، إذن فهو ليس مجهول الحال. إذن هذا النص بالإضافة إلى النصوص السابقة لا توجد فيه مشكلة إلا شريك الذي قلنا بأنه ليس وضاعاً وكذاباً وإنما هو سيء الحفظ، وهذه نكتة مهمة لابد أن يلتفت إليها.
إذن بحسب هذه المصادر الموجودة بأيدينا اتضح بما لا مجال للريب فيه أن هذه الصيغة الثانية ثابتة وهي (إني تارك فيكم، لا فقط الثقلين بل الخليفتين من بعدي)، هذه أيضاً من الصيغ الثابتة لهذا الحديث المبارك. لماذا؟ قد يقول قائل: سيدنا في النتيجة إما الصيغة الأولى صادرة وإما الصيغة الثانية؟ الجواب: لا، لأن هذا الحديث صدر عن النبي في أكثر من مناسبة وفي أكثر من مكان وفي أكثر من حال إذن له صيغ متعددة، فلا يتنافى فيما بينها وليست متنافيات حتى نرجع إلى التعارض فيما بينها.
المُقدِّم: كل رواية تفسر الرواية الثانية.
سماحة السيد كمال الحيدري: جزاكم الله خيرا وهذه نقطة أساسية أن كل واحدة من هذه الصيغ تفسر الصيغة الأخرى، يعني بهذا أن الثقلين هما الخليفتان، وأن الخليفتين هما الثقلان، هذا من خلال مجموع هاتين الصيغتين، وبعبارة أخرى يفسر بعضه بعضاً.
المُقدِّم: اتضحت الصيغة الثانية وثبتت كما تفضلتم وقدمتم ولكن أين تكمن أهمية هذه الصيغة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا الآن لا أريد أن أدخل في بيان مضمون هذه الصيغة ودلالة هذه الصيغة، يعني على ماذا تدل، ولكن أريد فقط أن أشير إلى أهمية هذه الصيغة في نقطتين:
النقطة الأولى: إن أولئك الذين كانوا يقولون والى يومنا هذا يرددون عن جهل في بعض الفضائيات وبعض المواقع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لو أراد أن ينصب من بعده إماماً وخليفة لقال فلان خليفتي، قالوا لم يقل بلفظ خليفة، قال من كنت مولاه فهذا علي مولاه، قال حديث إني تارك فيكم الثقلين، أتصور بأن هذا النص لا يوجد فيه لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد لمن كان واقعاً منصفاً ولمن كان له تدبر في اللغة العربية وفي بيانات النبي الأكرم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يترك الأمة بلا تعيين خليفة من بعده، لأن قال: (إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي، وهما، كتاب الله وعترتي أهل بيتي) وفي نص آخر (إني تارك فيكم الخليفتين كاملتين) إذن نظرية أن النبي (صلى الله عليه وآله) ترك الأمة بلا استخلاف بحمد الله تعالى بنص هذا الحديث سقطت عن الاعتبار، هذه الدعوى سقطت، نعم قد يقول قائل: ما المراد من العترة؟ هذا بحثه سيأتي، المهم نظرية أن النبي (صلى الله عليه وآله) ترك الأمة سداً بلا إمام وبلا خلافة وبلا أن ينص على أحد هذا الكلام غير تام، وإنما النظرية الحقيقية أن النبي استخلف، قد تقولون: لم يستخلف علياً، جيد، المهم الآن نحن نتكلم في المبدأ أن النبي ترك الأمة بلا استخلاف أو استخلف من بعده، إذن لا تقولوا لنا أن النبي ترك الأمة للصحابة هم يختارون إماماً وخليفة ينصبون خليفة لرسول الله، وبينا في الحلقة السابقة أن الاستخلاف من رسول الله شيء وأن الأمة تنتخب شخصاً وتجعله خليفة لرسول الله شيء آخر، هذا الاختيار قد يصيب وقد يخطأ والجميع اتفقوا على أن صحابة رسول الله لم يكونوا معصومين، قد يصيبوا في اختيارهم وقد يخطأوا. أما استخلاف رسول الله فهو استخلاف الله وهو استخلاف من معصوم، هذه هي النكتة الأولى والأمر الأول وهي ببركة هذه الصيغة لحديث الثقلين تسقط نظرية الشورى وأن النبي ترك الأمة سدا من غير استخلاف، بل تثبت نظرية النص وأن النبي (صلى الله عليه وآله) استخلف من بعده خليفتين، هما القرآن والعترة. نعم، من حق المشاهد الكريم أن يطالبنا من هم العترة؟ هذا إنشاء الله سيأتي بحثه، هل العترة بني العباس وبني عبد المطلب وآل فلان وغيرهم ونساءهم وأزواجه، أو أن المراد من العترة طبقة مخصوصة سيأتي الحديث عنها بعد ذلك، هذه النكتة الأولى.
النكتة الثانية التي بودي أن يلتفت إليها المشاهد الكريم، وهي نكتة أساسية أن هذا النص المبارك الوارد من لسان الرسول الأعظم (إني تاركم فيكم خليفتين من بعدي) يبين لنا من هم الخلفاء في الأحاديث المتفق عليها بين جميع علماء المسلمين (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي) هنا يقول من بعدي أيضاً، إذن هذا النص لحديث الثقلين سيفسر لنا الخلفاء الراشدين المهديين، لأن هؤلاء هم الذين استخلفهم، فإذا دار الأمر بين من استخلفهم رسول الله وهو لن يستخلف أحداً إلا بإذن الله سبحانه وتعالى وبين من اختارته الأمة للخلافة، أنا لا أتصور أنه يوجد هناك مسلم عاقل يحترم دينه وإيمانه وعقله يقول بأنه إذا اختار رسول الله للأمة من يخلفه فإنه يقدم من اختارته الأمة لخلافة رسول الله، أنا لا أعتقد أنه يوجد منصف يدعي أن اختيار الأمة يقدم على اختيار الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله). إذن إن هذه الأحاديث وهي قوله (إني تارك فيكم خليفتين من بعدي) سوف تفسير لنا تلك الأحاديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء) من حقك أن تسأل وتقول سيدنا: لماذا قال هنا خليفتين وهنا يقال سنة الخلفاء؟ الجواب: هو لأن العترة هي ليس واحداً وإنما متعدد، فلذا قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي. وهذه عنوان الراشدين المهديين لن تتحقق إلا لمن كان هم عدل القرآن لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن، ونحن هنا نطلق هذا التساؤل بل نطلق هذا التحدي لكل العالم الإسلام إذا استطاعوا أن يأتوا بنص واحد صريح يثبت لنا أن أولئك الذين جاءوا بعد رسول الله هم الذين استخلفهم رسول الله ولكن بشرط أن يكون متفق عليه بين جميع علماء المسلمين، أو من العترة، هذه قضية واضحة، أنه يثبت لنا أن من تصدى أو من استخلفه الناس أو من انعقدت عليهم الأمة إجماعاً غير إجماعٍ ذاك بحث أخر لا أريد أن أدخل فيه، أن هؤلاء يمكن أن يكونوا مشمولين لهذا الحديث، عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي أو لا يمكن؟ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين من هم الخلفاء الراشدون المهديون من بعده، من هم؟ هم كتاب الله وعترة نبيه (صلى الله عليه وآله) من هم العترة؟ بحثه سيأتي بعد ذلك. هذا مهم جداً، ولذا وجد المشاهد الكريم أني حاولت أن أقف عند هذا النص لأن أثاره كبيرة وعظيمة جداً ستتبين عندما نصل إلى البحث الدلالي لهذا الحديث.
المُقدِّم: وحتى حديث الاثني عشر الخلفاء الاثني عشر.
سماحة السيد كمال الحيدري: ثم يأتي بحث وهو أن النبي (صلى الله عليه وآله) هؤلاء الذي قال عنهم (إني تارك فيكم خليفتين من بعدي) ثم قال (عليكم بسنتي وسنة الخفاء الهادين المهديين من بعدي، هل عين عددهم أم لم يعين عددهم؟ الجواب: قال: الخفاء من بعدي إثنا عشر، الأئمة من بعدي إثنا عشر، الأمراء من بعدي إثنا عشر، وذكر مواصفاتهم، وهذه المواصفات لا تنطبق إلا على أولئك الذين هم عدل القرآن، لا يفارقهم القرآن ولا يفارقون القرآن، وهم العترة (وعترتي أهل بيتي)، إذن لابد أن نبحث فيمن استخلفهم رسول الله نبحث عنهم في العترة الذين لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن بنص حديث الثقلين بالبيانات المتقدمة.
وأنا أريد أن أضع هذه الحقائق بأيدي الناس، ولذا هنا أعيد ذلك الذي قلته في أول هذه الأبحاث لعله قبل سبعة أشهر أو ثمانية أشهر قلت: أنا على استعداد أن أبين كل حقائق وأصول اعتقادات مدرسة أهل البيت من الكتب والمصادر المعتبرة عند المسلمين جميعاً من غير أن استند إلى حديث واحد من مصادر مدرسة أهل البيت، وأنتم وجدتم إلى اليوم بأني لم أتِ بمصدر واحد مرتبط بمصادر مدرسة أهل البيت كالكافي أو البحار أو غيرهما، أبداً، لأني اعتقد أن كل ما نحتاج إليه بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبحمد الله تعالى نقل ذلك في مصادر علماء المسلمين ومصادر مدرسة الصحابة، نعم، حاول النهج الأموي ومن هم أتباع النهج الأموي أن يضيعوا هذه الحقائق ولكن بحمد الله تعالى أن المسلمين ليسوا كذلك، عموم المسلمين ليسوا كذلك، قد يقول لي قائل: سيدنا لماذا تقول هذا الكلام؟ الجواب: وإن كان هذا البحث بعد ذلك سيأتي مفصلاً، هذا كتاب (منهاج السنة النبوية، ج4، ص300) لابن تيمية في الطبعة الحديثة، بعد أن ينقل حديث الثقلين، التفتوا ماذا يقول صاحب هذا النهج الأموي والمصادر بأيديكم، يقول: إن لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: (قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة قال: أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ربي وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه – هذا كلام ابن تيمية- فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله) انظروا ماذا يعلق على الرواية؟ يقول: وهذا اللفظ يدل على أن الذي أمُرنا بالتمسك به وجعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله فقط، والعترة فقط للتوصية بالمحبة، كل هذه العناوين التي أشرنا إليها كلها حذفها، هذا هو النهج الأموي، وهكذا جاء في غير هذا الحديث كما في حجة فلان، وأما قوله (وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يتفرقا) فهذا ما رواه الترمذي وقد سُئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه، ونحن عشرات المصادر في حلقتين سابقتين، وضعفه غير واحد من أهل العلم، هذا هو التدليس وهذا هو الكذب المبين، وهنا واقعاً احتمالان لا ثالث لهما، أما إن هذا الإنسان جاهل مطبق، واقعاً يسمى بشيخ الإسلام واقعاً هذا الإنسان شيخ الجهلة، إذا كان إلى الآن لا يعلم أن هذا الحديث فيه عشرات الطرق الصحيحة المتفق عليها بين علماء المسلمين، وإما أنه صاحب مدرسة وصاحب نهج أموي يحاول أن يجعل كل شيء يرتبط بأهل البيت أما أن يقول أنه مكذوب وأما أن يقول أنه موضوع وأما أن يقول ضعفه وغير ذلك، وهذا الذي قلنا مراراً وتكراراً أننا نميز جيداً بين علماء النهج الأموي أمثال ابن تيمية ومن هو على نظيره ويشبه هذا كابن حجر وابن القيم وابن كثير وهذه الطبقة الذين سيحشرون مع بني أمية لأنه من أحب قوماً حشر مع من أحب، وهم في كتبهم يقولون أمتنا على محبتهم، هنيئاً لهم وطوبى لهم أن يحشروا مع بني أمية، نحن نريد أن نحشر مع محمد وأهل بيته الذين هم عدل القرآن، الذين هم لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم القرآن. يقول: وقد سُئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه وضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا لا يصح، كلها غير صحيحة، الروايات التي قرأناها وكل هؤلاء الأعلام الذين نقولها أمثال ابن أبي شيبة وابن حبان كلهم جهلة إلا الذين يفهم ابن تيمية، هذا الذي كبروه وجعلوه شيخ الإسلام وهو واقعاً شيخ النهج الأموي. وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على أن أهل البيت … الخ.
إذن أنا عندما يجد المشاهد الكريم أركز على هذه القضية لا يتبادر أن القضية هي ترفية، لا، فبعد ذلك سيأتي وسيتضح للمشاهد الكريم أن البخاري لم ينقل ولا نصاً واحداً مرتبطاً بحديث الثقلين، وهذا السؤال على طول التأريخ وعلى حجم التأريخ لابد أن يجيب عليه من يتبع البخاري وأمثال البخاري، لماذا أن هذه الرواية بهذا المستوى من القوة بمختلف الأسانيد والطرق الصحيحة المعتبرة لماذا أن البخاري عميت عينه ولم يراها لماذا؟ أين الإشكالية؟ أنا لا أريد أن أجيب ولكن أضع هذه الحقائق، لماذا أن صحيح مسلم ينقل هذه الصيغة فقط، وهي الصيغة التي تفصل بين أهل البيت وبين القرآن، فقط يقول تمسكوا بالقرآن ولكن أذكركم الله بأهل بيتي، هذه الصيغة من أين جاءت؟ المهم بعد ذلك سيتضح بأنه عندما نصل إلى الإشكالات أو الموانع التي تذكر ازاء حديث الثقلين سنقف عندها.
المُقدِّم: الآن سماحة السيد ذكرتم صيغتين، هل هناك صيغة ثالثة لحديث الثقلين.
سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، هناك صيغة ثالثة بودي أن المشاهد الكريم يلتفت لها، فيما يتعلق بالصيغة الثالثة، أخواني الأعزاء هذه الصيغة الثالثة تعد من الصيغ لا فقط من الأساسية، بل فيها عنصر أساسي فيما يرتبط بحديث الثقلين وهو قوله (إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا – لا فقط محبة ومودة وتذكير وتوقير واحترام، وإنما ما إن أخذتم به، وعندما نرجع إلى الروايات قال: حبل ممدود يعني تمسكتم بهذا الحبل لا أحببتم، الآن يخرجون على فضائياتهم البائسة ويقولون كلنا نحب أهل البيت، ولكنكم لم تتبعوا سنة رسول الله، وسنة رسول الله أن تأخذوا بالعترة لا فقط أن تحبوا العترة، أنتم إذا لم تحبوا العترة تخرجون من الدين باتفاق كلمة علماء المسلمين، وهل فيه خيار وهل فيه فضل، منة منكم، (قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم) بل القرآن يمن عليكم، بل رسول الله يمن عليكم، بل أهل البيت يمنون، ما لم تحبونه خرجتم من الإسلام، نعم فيما يتعلق ببحث الاتباع والعصمة له حديث آخر، أما فيما يتعلق بالحب نحن كلنا نحب أهل البيت، كلكم تحبون أهل البيت، وتشكلون علينا تقولون لماذا لا تسمون باسماء الخلفاء فلان وفلان، أنتم لماذا لا تسمون بأسماء أئمة أهل البيت، طبعاً أتكلم في النهج الأموي في أتباع النهج الأموي وأتباع ابن تيمية، دلوني من منهم يسمي جواد من منهم يسمي تقي، من منهم يسمي رضا، نعم تسمون بعض الأحيان الحسن والحسين باعتبار أنه حتى أنه إذا هذه الأسماء لا تسمون بها فلابد أن تسمون يزيد وأبو سفيان، هؤلاء أيضاً من العترة، سلمنا ليسوا من المعصومين، هم من العترة، انظروا إلى أسمائكم، أرجع وأقول أنا أتكلم عن أتباع النهج الأموي، لا يقول لي قائل من بعض جهلتهم ويقول انظر إلى مصر والى المغرب، لا، لا، هؤلاء كلهم أتباع مدرسة الصحابة، وهؤلاء هم أهل السنة والجماعة، ونحن نجد أننا نتفق معهم في كثير من القضايا، إنما اختلافنا مع النهج الأموي، مع نهج ابن تيمية ومن يحاول أن يبشر بأفكار ابن تيمية وهذا مثال ناضج، يقول: بأن الذي أٌمرنا بالتمسك به هو الكتاب، أما أهل البيت نعم هناك توصية بمحبتهم باعتبار أنهم كانوا أولاد النبي أو كانوا عترة النبي وأهل بيته، مسألة حب ومودة، مع أن النص هكذا يقول.
التفتوا إلى المصادر الموجودة في هذا المجال، وهي مصادر كثيرة الوقت لا يسع أن أشير إليها جميعاً، من هذه المصادر ما ورد في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص355) للعلامة الألباني هذه عبارته: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به – لا ما إن أحببتموهم، بل أخذتم، إلا أن يكون في اللغة العربية معنى الأخذ هو المحبة، اللغة العربية هذه، أنتم تدعون أنكم أفصح من نطق وتعرفون اللغة العربية- ما أن أخذتم به لن تضلوا. إذن المنجي من الضلالة هو الأخذ بالثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. وفي أخر المطاف يقول: قلت: لكن الحديث صحيح، ولكنه يخرج علينا ابن تيمية ويقول: وقد ضعفه أهل العلم وأنه لن يفترقا لا وجود له. لكن الحديث صحيح، أرجع إلى عبارة ابن تيمية في (ج4، ص300) يقول: وأما قوله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا، فهذا رواه الترمذي وقد ضعفه فلان وفلان وفلان، قد تركت ما لن تضلوا بعده يقول: نشهد أنك فلان، يقول: وهذا اللفظ يدل على أن الذي أُمرنا بالتمسك به وجعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله لا العترة، مع العلامة الألباني يقول: حديث صحيح، هذا النص الأول.
النص الثاني ما ورد في (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، ج9، ص279) تأليف الإمام أحمد البصيري، تحقيق عادل بن سعد، ألستم تشهدون بأن الله ربكم، قالوا: بلى، قال: ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم وأن الله ورسوله مولاكم، قالوا: بلى، قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركتم فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله سببه بيده وسببه بأيديكم وأهل بيتي. لن تضلوا يقول: رواه إسحاق، انظروا أيها المسلمون الذين يقول عنه الأموي المدلس ابن تيمية يقول لم يرد بسند صحيح وضعفه أهل العلم، يقول: رواه إسحاق بسند صحيح، أيها المسلمون في العالم هذا ابن تيمية، وقد قلت إن أمره يدور بين أمرين إما جاهل، شيخ الجهلة، وإما شيخ النواصب وشيخ الاتجاه الأموي، وعندما أقول أمويين أقصد (ولا يبغضك إلا منافق).
وكذلك ما ورد في (الجامع الكبير لسنن الترمذي، ج6، ص335) تحقيق شعيب الأرنؤوط، طبع الرسالة العالمية، هذه عبارته هناك، يقول: عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: أيها الناس إني تركتم فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي. صحيح لغيره. اللطيف ينقل عبارة عن السندي، قال السندي في تفسير عترتي: كأنه (صلى الله عليه وآله) جعلهم قائمين مقامه فكما كان في حياته القرآن والنبي كذلك بعده القرآن وأهل بيته. يعني ما هو دور النبي فهو دور العترة، ولكن قيامهم مقامه في وجوب المحبة، ولا أعلم من اين جاءت هذه، انظروا كيف يحرفون الكلم عن مواضعه، لأن رسول الله في حياته واقعاً القرآن والنبي (صلى الله عليه وآله) وهو إمام الأمة وإمام الجميع ولذا قيل لعلي كما في أصول الكافي عندنا: أفنبي أنت قال: ويلك ثكلت أمك أنا عبد من عبيد محمد. هذا اعتقادنا في النبي الأكرم وعلي بن أبي طالب، عبد من عبيد محمد، هذا ما نعتقده في رسول الله. إذن في حياته القرآن والنبي، وبعده القرآن والعترة.
المُقدِّم: معنا الدكتور أحمد الحسيني من المغرب، تفضلوا.
الدكتور أحمد الحسيني: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الدكتور أحمد الحسيني: سماحة السيد كمال الحيدري جعلكم الله من عباده الكمل وزادكم بسطة في العلم والجسم، أنا عندي مداخلة تتمحور حول نقطتين: الأولى: هو كيف نفسر ونحلل نعلل ونوضح قضية مهمة جداً في تاريخ الإسلام، وهو أن التدوين بدأ في القرن الثاني الهجري والثالث الهجري وفي هذين القرنين كان هناك أئمة كبار من أهل البيت أحياء وعلى سبيل المثال يعني الإمام جعفر الصادق الذي يقول عنه الإمام مالك: ما رأيت جعفر بن محمد إلا وفيه إحدى ثلاث، قائما أو صائماً أو ذاكراً، كيف نفسر إعراض أصحاب التدوين جميعاً إلا اللمم عن الرواية عن أهل البيت، كيف نفسر إعراض جل أهل التدوين عن ما سمعوه وما قرءوه وما شاهدوه وما حضروه مما يتعلق من علوم اهل البيت عليهم السلام، والسؤال الثاني يتعلق بقضية تعريف أهل البيت الذين يريدون، الله عز وجل يقول في القرآن الكريم (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) إذن كيف نحدد مصطلح أهل البيت أو مصطلح العترة حتى تحديداً ينطلق من الراسخين في العلم بدأ بالرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وأختم مداخلتي بأن هناك في المغرب الأقصى الإمام الحافظ أحمد بن الصديق الغماري الحسني في كتابه (فتح الملك العلي) بتصحيح حديث باب مدينة العلم علي يبين أن ابن تيمية كفره علماء زمانه أولاً وسجنوه لذلك، ويبين أن هذا الرجل هو شيخ النواصب، يصرح بذلك.
المُقدِّم: في سؤال وردنا يقول السائل بأن سماحة السيد تفضل قائلاً فيما مضى بأن العترة لا تشمل النساء فهل العترة لا تشمل الزهراء وأنها غير داخلة فيه أيضاً. ولكن الوقت لا يسع للإجابة عليه.
شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات وإلى اللقاء في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

  • جديد المرئيات