الأخبار

حديث الثقلين سنده ودلالته ق (6)

10/06/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، أولاً نهنئكم بذكرى ولادة الإمام الباقر إذ تصادف هذه الأيام، ثم نعتذر لكم عن هذا التأخير وعن هذا الانقطاع بسبب خلل فني، نحييكم مرة أخرى ونلتقيكم في حلقة جديدة من برنامج الأطروحة المهدوية، عنوان حلقة الليلة: (حديث الثقلين سنده ودلالته، القسم السادس) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: سماحة السيد في الحلقة السابقة وعدتم الأخوة والأخوات بأن تذكروا لهم أسماء الصحابة الذين رووا حديث الثقلين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه الصيغة المشهورة، ولكن قبل ذلك هل هناك أعلام آخرون غير الذين ذكرتموهم ذكروا الحديث بهذه الصيغة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
بحمد الله تعالى أتضح لنا في الحلقات السابقة أن هذه الصيغة وهي النص الذي يقول: (تركت فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي) تعد هذه الصيغة هي الصيغة المشهورة الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذكرنا كلمات الأعلام سواء ما ورد من علماء الحديث أو التفسير أو التأريخ. والقضية لا تنتهي عند هذا الحد، نحن عندما نراجع أيضاً كلمات علماء الأدب واللغة أيضاً نجد أنهم عندما ينقلون هذا الحديث فأنهم ينقلونه بهذه الصيغة (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي أهل بيتي) ولا نجد أي رائحة لصيغة (كتاب الله وسنتي) هذا إن دل على شيء إنما يدل على أن هذه الصيغة هي الصيغة المشهورة بين علماء الحديث وعلماء التفسير وعلماء التأريخ وعلماء اللغة وعلماء الأدب وهكذا، وليست الصيغة التي يحاول البعض أن يجعلها هي الصيغة الأصلية وهي وما ورد عنه (صلى الله عليه وآله) (كتاب الله وسنتي) ولا اريد أن أقف طويلاً عند هذه المصادر، ولكنه من باب الإشارة.
من هذه المصادر ما ورد في كتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر، ص125، في باب الثاء مع القاف، ثقل من باب الثقلين) للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير، أشرف عليه وقدم له علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري، دار ابن الجوزي، 1430هـ، الطبعة الخامسة، المملكة العربية السعودية، يقول: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، إذن القضية من المسلمات، أصلاً لا يشير أنه توجد صيغة أخرى باعتبار أن هذه الصيغة هي الصيغة المشهورة والثابتة عند العلماء وإن كان مع الأسف الشديد نحن نجد الآن على الفضائيات هناك إصرار على إثبات أن الصيغة الواردة عن الرسول الأعظم هي (وسنتي) يقول: سماهما ثقلين لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، وهذا ما سيأتي إنشاء الله تعالى في دلالة وفقه الحديث، لماذا سمى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الكتاب والعترة بالثقلين (سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً) ما هو هذا الثقل الذي يحمله الكتاب والى جنب ذلك وعدل الكتاب الذين هم العترة، ويقال لكل خطير ونفيس … هذا ما ذكره الإمام الجزري ابن الأثير.
وممن أشار أيضاً إلى ذلك ما ورد في كتاب (الفائق في غريب الحديث، ج1، ص150، باب الثاء مع القاف) للعلامة الزمخشري، صاحب التفسير، المتوفى سنة 583هـ، وضع حواشيه إبراهيم شمس الدين، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1417هـ، يقول: ثقل أو ثَقَل، النبي (صلى الله عليه وآله) قال: خلفت فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي. أيضاً يعبر بخلفت فيكم، هذه النكتة التي أشرنا إليها في الأبحاث السابقة.
وهكذا ما ورد في (لسان العرب، مادة (عتر)) للإمام العلامة ابن منظور، المتوفى سنة 711هـ، دار إحياء التراث العربي، يقول: نحن عترة رسول الله … إلى أن يقول: قال ابن الأثير لأنهم من قريش والعامة تظن أنها ولد الرجل خاصة وأن عترة رسول الله ولد فاطمة رضي الله عنها، وسيأتي بحث هذا في بحث العترة، من هم العترة. … إلى أن يقول: وقال الأزهري: وفي حديث زيد بن ثابت قال: قال رسول الله: إني تارك فيكم الثقلين خلفي … التفت جيداً، هذه كلها تشير إلى (إني تارك فيكم خليفتين) أو (من بعدي) … إني تارك فيكم الثقلين خلفي كتاب الله وعترتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، قال: وقال محمد بن إسحاق: وهذا حديث صحيح. كما يقول العلامة ابن منظور في هذا المجال.
إذن عندما ننظر إلى مجموع الكلمات واقعاً نجد أن هذه الصيغة كانت هي الصيغة المتداولة بين جميع العلماء باختلاف اتجاهاتهم سواء كانوا علماء تفسير أو لغة أو أدب أو غيرها، ولا نجد أي رائحة لصيغة (كتاب الله وسنتي) إلا في بعض الكتب التي سنشير إليها إنشاء الله تعالى لاحقاً، وأنا أعد المشاهد الكريم بإذن الله تعالى سنقف مفصلاً عند هذه الصيغة وهي قوله أو ما نسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) أو (وسنة نبيه) لنرى أن هذه الصيغة هل لها سند صحيح أو ليس لها أي سند صحيح.
وسأقف مفصلاً عند هذه القضية، لأني أجد على المنابر وعلى صلوات الجمعة وعلى الفضائيات والقنوات هناك تركيز وتثقيف على صيغة (وسنتي) وأنا لست معارض بشكل كثير لهذا، ولكن لماذا تغيب الصيغة الأخرى، وسيأتي بحثه بعد ذلك، الآن الأمانة العلمية تقتضي كما نقول وسنتي نقول وعترتي لأن هذه هي الروايات الصحيحة السند الواردة لإثبات هذه الحقيقة.
المُقدَّم: هل يمكن ذكر أهم الصحابة الذين رووا هذا النص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
سماحة السيد كمال الحيدري: يتذكر المشاهد الكريم في الحلقات السابقة نحن قلنا بأنه أكثر من عشرين صحابي من كبار صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجملة منهم يعدون من اجلاء صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) نقلوا هذا الحديث. ومن باب الإشارة أحاول أن أشير إلى أسمائهم إجمالاً مع ترجمة قصيرة تقع في سطر أو سطرين لضيق الوقت. أنقل هذه الأسماء من كتاب (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول وذوي الشرف، ج1، ص345) تأليف الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، تحقيق ودراسة خالد بن أحمد الصمي بابطين، في هذا الكتاب هناك مجموعة من أسماء الأعلام.
الاسم الأول هو جابر بن عبد الله الأنصاري، وأنا أتصور أن جابر بن عبد الله الأنصاري علم، فلذا يقول في (345) وجابر بن عبد الله بن عمر بن حرام الأنصاري، صحابي جليل وهو راوي أكثر أحاديث المعجزات، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صبي، روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) 1540 حديثاً، على ما ذكر ابن حزم، مات سنة 74هـ وقيل 77هـ وكان عمره 94 عاماً.
الشخص الثاني الذي روى هذا الحديث هو حذيفة بن أسيد بن خالد الغفاري، قال شهد الحديبية وبايع تحت الشجرة، إذن من أولئك الذين رضي الله عنهم، نزل الكوفة وتوفي فيها سنة 42هـ، وصلى عليه زيد بن أرقم، روى 13 حديثاً.
الشخص الثالث الذي نقل هذه الرواية هو خزيمة بن ثابت الأنصاري الأوسي ملقب بذي الشهادتين، أسلم بالمدينة قديماً وشهد بدراً والمشاهد بعدها، روى عن رسول الله 38 حديثاً واستشهد بصفين مع علي عليه أفضل الصلاة والسلام.
الشخص الرابع الذي روى هذا الحديث هو زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي استصغر يوم بدر ويقال أنه شهد أحد، كان من علماء الصحابة المشهورين، وهو الذي جمع القرآن في عهد أبي بكر، مات سنة 42هـ.
الخامس وهو عبد الرحمن بن عوف الذي وردت ترجمته في (ص354) يقول: هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، عبد الرحمن بن عوف ومقبول عند الجماعة أنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة من رسول الله كما ينقلون.
الشخص السادس أو الصحابي السادس هو ابن عباس الذي هو حبر الأمة وترجمان القرآن ولا يحتاج الوقوف على ترجمته.
الشخص السابع هو ابن عمر وهو كما يقول في الترجمة، يقول: هو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر، ولد في السنة الثالثة وأسلم مع أبيه وهاجر … كان من المشهورين بالورع والعبادة والفقه ولكنه مع الأسف الشديد لم يوفق لبيعة أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة والسلام، يعني علي بن أبي طالب، وإن بايع معاوية ويزيد … .
الشخص الثامن هو عدي بن حاتم، يقول: صحابي جليل أبوه حاتم الطائي سيد طي المشهور بالجود والكرم، أسلم عدي في السنة التاسعة للهجرة وشهد فتوح العراق وسكن الكوفة، شهد صفين مع علي بن أبي طالب.
الشخص التاسع الذي نقل هذه الرواية هو عقبة بن عامر، قال: صحابي مشهور كان قارئاً عالماً بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعراً كاتباً وهو أحد من جمع القرآن، شهد الفتوح … .
الشخص الآخر هو أبو ذر الغفاري وهو لا يحتاج إلى ترجمة، وهو جندب بن جنادة الغفاري، صحابي جليل، مشهور بكنيته، وهو من السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى المدنية، كان صادق اللهجة، مات بالربذة وحيداً سنة 32هـ.
الشخص الآخر هو أبو شريح الخزاعي ويشير إلى ترجمته في (ص362) يقول: الصحابي الجليل أبو شريح الخزاعي من بني عدي، أسلم قبل الفتح، وكان معه لواء خزاعة يوم الفتح، روى عن رسول الله أحاديث ومات بالمدينة.
الشخص الآخر هو أبو قدامة الأنصاري، قال: هو فلان وفلان، شهد أحد وله فيها أثر حسن، وبقي فيها …
ومنهم أبو هريرة، ومنهم أبو الهيثم مالك بن التيهان الذي شهد العقبة وكان أحد النقباء، شهد المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وفي الأخير ممن أيضاً نقلت هذا النص هي أم المؤمنين أم سلمة.
إذن بمجموع هذه الأبحاث أنا لا أتصور، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة، أنا لا أقول كل الروايات التي وردت عن هؤلاء كلها طرق صحيحة، لا، بعضها صحيحة وبعضها حسنة وبعضها ضعيفة ولكن ينجبر ضعف بعضها ببعض.
ولهذا تنقسم هذه النصوص بهذه الصيغة المشهورة وهي (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) النصوص الواردة فيها على ثلاثة أقسام:
القسم الأول صحيحة، يعني صحيحة لذاتها، القسم الثاني حسنة لذاتها، والقسم الثالث إما صحيحة لغيرها وإما حسنة لغيرها. نعم، بعضها ضعيفة في نفسها وذاتها ولكن بالمتابعة يتضح أنها صحيحة، وهذا ما أكده علم من المحققين في هذا المجال، وهو العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها، ج4، في ذيل الحديث 1761) يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي. بعد أن ينقل المصادر والأسانيد وكلمات الاعلام لهذه الصيغة، أؤكد لا لـ (سنتي) بل لـ (عترتي وأهل بيتي) لا لصيغة (كتاب الله وسنة نبيه أو سنتي) يقول: التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة فضلاً عن الشواهد والمتابعات. هذه إشارة إلى الأقسام الثلاثة التي اشرنا إليها، قلنا يعني أن بعض هذه الطرق صحيحة السند بذاتها، هي بذاتها صحيحة، يعني صحيحة بذاتها، او حسنة بذاتها فضلاً عن القسم الثالث التي هي حسنة لغيرها أو هي صحيحة أو حسنة بالشواهد والمتابعات.
فلو نظرنا إلى سند حديث الثقلين أو سند حديث الخليفتين كما أشرنا في الأبحاث السابقة بهذه الصيغة وهي صيغة (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) لم يختلف أحد من علماء المسلمين في أن هذا صدر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحيث أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كما نص القرآن الكريم على ذلك (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) إذن هذا هو النص القطعي وهذا هو الوحي الإلهي الذي صدر على لسان الرسول، وإذا ضممنا إلى ذلك قوله تعالى (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) عند ذلك من الواضح بأنه هل العترة أمر الرسول بالتمسك بها أو لم يأمر، وأنا استغرب أن البعض يخرج على الفضائيات، وأحملهم إذا أردت حملهم على الصحة أقول أهل جهل، وإلا يقولون أين في القرآن، صريح القرآن هذا يقول: (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) ثم يقول (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) ثم يأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي قال عنه القرآن (وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى) قال: ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.
أعيد الكلام الذي صدر من العلامة الألباني، نص العبارة هي: ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، هذا هو الذي أتانا به رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذن يجب التمسك بالعترة أو لا يجب؟ يجب.
المشكلة الأصلية هو أن الطرف الآخر كما هو الألباني يحاول أن يقول أن المراد من العترة عنوان عام يشمل نساءه ويشمل علماء أهل بيتيه، وبعد ذلك سيتضح أن هذا العنوان بالنصوص القطعية لكلمات علماء المسلمين مختص بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام، وسيأتي بحث هذا.
إذن لا يوجد هناك شك في أنه المراد أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الكتاب والعترة.
هنا عندي ملاحظة وهي أنه بمناسبة أني ذكرت أم المؤمنين زوج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أم سلمة، بودي أن أشير إلى عدة ملاحظات وخصوصاً في الآونة الأخيرة وجدت بأنه يحاول، لا أقول بعض المغرضين، ولا أقول بعض المفرقين، ولا أقول بعض أصحاب الفتن، لا أعبر مثل هذه التعبيرات لأنها ليست من مزاجي وليست من منهجي أن أعبر عن الآخر الذي يختلف معي منهجياً وعلمياً أن استعمل هذه التعابير أنهم أهل الفتنة، أنهم أهل الانحراف، يا أخي والله غريب أنهم يدعون في فضائياتهم ويسألونهم أن موتى شيعة أهل البيت يدفنون في مقابر المسلمين؟ يقول: لا، لا يدفنون في مقابر المسلمين، ومع ذلك تخرجون وتدعون إلى الوحدة والتقريب، هذان المنطقان لا يجتمعان، يا أخي أنتم تعتقدون باعتقادات ونحن لنا اعتقادات نحن نشير إلى أدلتنا أنتم أيضاً بينوا أدلتكم، والإنسان المسلم هو حر في اختيار أي اتجاه شاء، يسألونه عن مساجد وحسينيات شيعة وأتباع مدرسة أهل البيت، يقول: هذه ينطبق عليها مسجد ضرار، لماذا يا أخي العزيز. لماذا هؤلاء أيضاً مسلمون ويعتقدون، هؤلاء لهم مبانيهم العقائدية والفقهية، أما أنك لا تفهمها فهذه ليست مشكلة مدرسة أهل البيت.
الملاحظة التي كان بودي أن أشير إليها، وجدت في الآونة الأخيرة أن هناك إصرار متعمد أن يثبتوا كما حاولوا مدة من الزمن، يظهر أن هناك طريقة خاصة وهو أن مدة من الزمان يؤكدوا على أن مدرسة أهل البيت وعلماء مدرسة أهل البيت لا يؤمنون بهذا القرآن وأنهم يعتقدون أن القرآن محرف. أصروا على هذه وتكلموا ما شاؤوا، ولكن في الواقع هذا كلام باطل لا أساس له، وسأشير إلى هذه الفرية وهذه الشبهة على علماء مدرسة أهل البيت، وعندما أقول علماء مدرسة أهل البيت أقصد الطبقة الأولى من علماء مدرسة أهل البيت الكبار وأئمة علماء مدرسة أهل البيت.
الفرية الأخرى التي يحاولون في الآونة الأخيرة أن يلصقوها باتباع وعلماء مدرسة أهل البيت أن يقولون أن هؤلاء يطعنون في عرض النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بعبارة أخرى يقولون أن الشيعة يطعنون في أزواج النبي، وهنا بودي أن أشير إلى مجموعة من الملاحظات ولو إجمالاً:
الملاحظة الأولى التي لابد أن أقف عندها وأشير إليها، أننا نعتقد اعتقادا كاملاً، وليس هذا اعتقادي أنا فقط، بل كل علماء مدرسة أهل البيت يعتقدون أن القرآن الكريم عندما قال (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) أن جميع أزواج النبي إنما هن أمهات المؤمنين، نعم، هذا الحكم التشريعي وهذا الحكم الفقهي الذي صدر في الآيات المباركة ما هي حدود ذلك، هذا بحث آخر لعلنا نوفق للإشارة إليها.
ومن هنا أنا أدعو جميع الذين يخرجون على الفضائيات عندما يذكرون أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يذكرونهن بعنوان أنهن أمهات المؤمنين، لا أننا نجد أن البعض عندما يصل إلى عائشة يقول أم المؤمنين، ولكن عندما يأتي إلى أم سلمة لا يقول أم المؤمنين، وتلك قسمة ضيزى، هذه زوجة النبي وهذه زوجة النبي، فلا ينبغي التبعيض، جميع أزواج النبي (صلى الله عليه وآله)، جميع أزواج النبي هن أمهات المؤمنين، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني أنه لا ينبغي لأحد ولا يصح من أحد أن يتكلم بأي أمر يسيء أو يهين أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولا أقل للقاعدة التي نحن تعلمناها (ألف عين لأجل عين تكرم) لما كُنَّ هؤلاء أزواج النبي فلا يمكن أن نشير إليهن أو نوجه إليهن شيء من الإهانة والإساءة فضلاً أن نطعن في عرض النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، يعني في عرض أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، هذا ليس منهج علماء مدرسة أهل البيت، علماء مدرسة أهل البيت كلهم يعتقدون أن أزواج النبي الأكرم بل أزواج جميع الأنبياء لا إشكال ولا شبهة أنه لا يصل إلى عرضهن شيءٌ من السوء والفحشاء والمنكر. هذه حقيقة لابد أن يلتفت إليها المشاهد الكريم ولا يستمع إلى بعض هذه الأصوات النشاز التي تخرج على الفضائيات وتنسب نفسها إلى مدرسة أهل البيت، وأهل البيت منهم براء، ومدرسة أهل البيت منهم براء، هؤلاء لا يمثلون مدرسة أهل البيت، مجموعة من الجهلة وضعوا على رؤوسهم إما قطعة سواء أو بيضاء، وإلا فأنتم اذهبوا إلى حوزاتنا وكتبنا تجدون إصراراً من أكابر علمائنا على طهارة أعراض النبي (صلى الله عليه وآله) من أي فحشاء أو منكر.
أنا أشير فقط إلى كلمة من كلمات علم من أعلامنا المعاصرين وهو السيد العلامة الطباطبائي في كتابه المهم (الميزان في تفسير القرآن، ج15، في ذيل الآية 26من سورة النور) للعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي، منشورات مؤسسة الأعلمي، بيروت، لبنان، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى رأي علماء مدرسة أهل البيت في عرض النبي وعرض أزواج النبي بل أزواج الأنبياء جميعاً، في ذيل الآية (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) وهي الآية 26 من سورة النور، قال: على أنا نقول أن تسرب الفحشاء والفحشاء أعم من الزنا، يعني أي أمر يسيء، سواء كان الزنا أو دون الزنا، أن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه، أي عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فمن الواجب، يعني من الواجب في الحكمة الإلهية، فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء، لا فقط أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، نحن حتى الأنبياء الذين ليسوا من أولي العزم، كما في امرأة نوح وامرأة لوط فما بالك بغيرها، مع أن صريح القرآن يقول فخانتاهما كما في سورة التحريم، يقول: فمن الواجب في الحكمة الإلهية أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء، لا فقط الزنا بل كل ما يمس أعراض أزواج الأنبياء جميعاً وبالخصوص أعراض أزواج خاتم الأنبياء والمرسلين وهن جميع أمهات المؤمنين، وإلا إن لم يفعل الله سبحانه وتعالى ذلك، يقول: وإلا لغت الدعوة، الدعوة الإلهية تكون لاغية وتكون عبثاً، وتثبت بهذه الحجة العقلية، يعتبرها من الأدلة العقلية لطهارة أذيال أزواج الأنبياء جميعاً، وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً، لا ظاهراً بحسب، لا أنه لم تقم عندنا بينا على أنه لم يصدر منها زنا أو فحشاء بل حقيقة وواقعاً أزواج النبي جميعاً مطهرات من أي فحشاء أو أي شيء يلوث أعراض أزواج الأنبياء جميعاً، وإلا لغت الدعوة وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعاً لا ظاهراً فحسب، والنبي (صلى الله عليه وآله) أعرف بهذه الحجة منا، هذه الحقيقة يذكرها السيد الطباطبائي، يقول أن جملة من الروايات التي وردت من الفريقين يقولون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) شك في عرض زوجه، عندما وقعت قضية الافك، السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه يقول هذه الروايات كذا، ولكنه هذا مما يجل عنه مقامه (صلى الله عليه وآله) الرسول أجل من أن يشك في عرضه، وهذا قرأناها إذا يتذكر المشاهد الكريم أن ابن تيمية قال أن أول من شك وراب في أمرها هو رسول الله، السيد الطباطبائي يجل رسول الله عن هذا المقام، كيف يمكن أن يشك في عرضه، إذن هذه القضية أنا وقفت عندها قليلاً.
الملاحظة الثالثة ولكن هذا لا يعني أن كل أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) أو أن بعض أزواج النبي لم تكن لهن مواقف ثبت خطأه، ولكن إثبات الخطأ لبعض مواقف أزواج الأنبياء شيء والاهانة والإساءة والتعرض لعرضهن شيء آخر، لا توجد ملازمة بينهما، وهذا ما أريد أن أشير إليه في جملة واحدة، العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1، القسم الثاني، ص854) بعد أن يشير إلى الحديث المعروف، حديث الحوأب، أيتكن تنبح عليها كلام الحوأب، وجملة القول أن الحديث صحيح الإسناد، ولا إشكال في متنه، فإن قلت: كيف يمكن أن عائشة فعلت ذلك، فإن غاية ما فيه أن عائشة لما علمت بالحوأب كان عليها أن ترجع، يقول الألباني: بعد أن رأت هذه العلامة الفارقة التي أشار لها رسول الله كان عليها أن ترجع، ولكن الحديث يدل على أنها لم ترجع، ويقول وهذا هل يليق بأم المؤمنين عائشة أم لا يليق؟ يقول: وجوابنا أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقاً، قد يصدر منهم ما لا يليق بهم، يقول: لأننا لا نعتقد بعصمة أزواج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولذا يقول: والسني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه، الآن نجد على بعض الفضائيات وكأنه لا يحق لنا أن نذكر الحقائق التاريخية، لا، نذكر ولكن من غير إهانة، من غير تسقيط، من غير انتقاص، من غير تعرض لعرض أزواج النبي. يقول: ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله، هذا العلامة الألباني يقول، (سلسلة الأحاديث الصحيحة) يقول كان خطأ من أصلة، يقول: والشاهد ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقق نبوءة النبي عند الحوأب ولكن الزبير أقنعها بترك الرجوع بقوله: عسى الله أن يصلح بك بين الناس، يعني اجتهدت فأخطأت، الآن ليس بحثنا أنها اجتهدت أو لم تجتهد، أنها مؤاخذة أو غير مؤاخذة، المهم أن العلامة الألباني يصرح أن خروجها كان خطأ، ولا نشك أنه مخطأً في ذلك أيضاً، يعني أن الزبير كان مخطأ، والغريب أننا نجد على بعض الفضائيات البائسة واقعاً أنه إذا قال بعض علمائنا وبعض أعلامنا أن الزبير أخطأ في الخروج على علي يقولون بأنه انتقص الصحابة، وهذا الألباني يقول بأنه أخطأ، يقول: والعقل يقطع بأنه لا مناص بالقول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلين، يعني في الجمل، اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولا شك أن عائشة هي المخطئة، لا شك في ذلك، لأسباب كثيرة وأدلة واضحة ومنها ندمها على خروجها، يقول هذا خير شاهد على خطئها وإلا لماذا تندم، ولذا ينقل رواية، يقول: وقد أظهرت عائشة الندم كما أخرجه ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن ابن أبي عتيق عن أبي بكر وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال: قالت عائشة لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن، ما منعك أن تنهاني عن مسيري، قال: رأيت رجلاً غلب عليك، يعني الزبير، فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. إلى أن يقول العلامة الألباني، وقال أيضاً إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: قالت عائشة وكانت تحدث نفسها أن تدفن في بيتها، كانت تريد أن تدفن إلى جنب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) حدثاً، هذا إقرار من عائشة أنها أخطأت، ما هو الحديث؟ هو يقول: ادفنوني مع أزواجه فدفنت بالبقيع، قلت – العلامة الألباني-: تعني بالحديث مسيرها يوم الجمل، فأنها ندمت ندامة كلية وتابت من ذلك، هذا حديث آخر.
وخلاصة ما تقدم وهو أنه أساساً لابد أن نمشي على هذا الصراط المستقيم وأنا أدعو كل أخواني وأبنائي من الخطباء والعلماء وأهل المنبر والفضائيات أن لا يستمعوا لهؤلاء الجهلة من هذا الطرف أو من ذاك الطرف وهو الطعن بعرض النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو الإساءة أو الاهانة، ولكن هذا لا يعني أن بعضهن لم تخطأ وأنها ندمت على ذلك.
المُقدَّم: معنا الأخ أبو أحمد من البحرين، تفضلوا.
الأخ أبو أحمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو أحمد: في حرب الجمل حينما كرم أمير المؤمنين أم المؤمنين عائشة في هذه الحرب حين أخذها من الحرب وأخرجها إلى المدينة معززة مكرمة، الآن فيما يقول بعض المشايخ المخالفين للمذهب الشيعي أن بعض علماء الشيعة لا يحترمون السيدة عائشة بل يشتمونها ويلعنونها، وأمير المؤمنين هو أول من أسس هذا المذهب الصحيح، الآن نريد الرد على خطاب علماء السنة الذين يتهمون علماء الشيعة بهذا الأمر.
سماحة السيد كمال الحيدري: بيني وبين الله أنا أخاطب العلماء والمثقفين في مدرسة الصحابة وفي الاتجاه الآخر أنهم إذا أرادوا أن يتعاملوا مع كلمات وآراء وعقائد مدرسة أهل البيت أن لا يستمعوا إلى بعض العوام الذين يخرجون على الفضائيات وينسبون أنفسهم إلى التشيع وأنهم يقولون أنهم يمثلون التشيع، أخي العزيز الكثير من هؤلاء لا يمثل التشيع، كما أن بعض الذين يخرجون على الفضائيات ويقولون أنهم يمثلون أهل السنة والجماعة نحن لا نحمل هذا الكلام على محمل الجد لأنه لا يوجد أي دليل أنه يمثل أهل السنة والجماعة، بل هو يمثل رأيه الشخصي أو رأي جماعة معينة. ولذا بودي أن يتعاملوا مع هذه القضايا تعامل علمي منهجي وتعامل قائم على أسس كتبنا ومصادرنا الاصلية.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات، ملتقانا وإياكم إنشاء الله تعالى في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • جديد المرئيات