الأخبار

حديث الثقلين سنده ودلالته ق (12)

 25/07/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. أسعد الله أيامكم نبارك لكم هذه الأيام المباركة التي نقترب فيها من النصف من شهر شعبان المعظم ذكرى ولادة بقية الله الأعظم وحفيد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمدخر ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه الشريف.
نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم في هذه الحلقة من برنامج الأطروحة المهدوية، وضمن عنوان هذه السلسلة المستمرة (حديث الثقلين سنده ودلالته، القسم الثاني عشر) وتعلمون أن دخول هذا البرنامج في ضمن هذا العنوان وهو حديث الثقلين يريد سماحة آية الله السيد كمال الحيدري أن ينتهي بعد أن أثبت صحة هذا الحديث وأنه هو الحديث المعول عليه بصيغة (وعترتي) ينتهي إلى بيان من هم العترة وهل هم الأئمة الاثنى عشر أم لا، وهل الإمام الثاني عشر موجود ومولود أم لا، كل هذا سيأتي تباعاً إنشاء الله تعالى، نرحب باسمكم بضيفنا الدائم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، أهلاً ومرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم دكتور.
المُقدَّم: نبارك لكم سماحة السيد بذكرى ولادة الإمام الثاني عشر عجل الله فرجه الشريف، نبدأ معكم والمحور الأول الذي يحمل هذه الصيغة، وهو ما هو موقف العلامة الألباني من حديث الثقلين بصيغة (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وسنتي).
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في المقدمة أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة وهي أنني رأيت في بعض الكتابات التي صدرت من المبتدأين في علم الجرح والتعديل، وإن كانوا يحملون ألقاباً كبيرة أنهم من أهل العلم وأنه دكتور وأنه أستاذ وأنه رئيس جامعة وأنه محقق ونحو ذلك، ولكنه في الواقع هم جملة من المبتدأين في علم الجرح والتعديل، وجدت أنهم يستندون إلى كلام العلامة الألباني لإثبات صحة حديث الثقلين بصيغة (كتاب الله وسنتي) يعني لو سألتهم ما الدليل على أن هذا الحديث له سند صحيح بهذه الصيغة، يقولون حسنه الألباني وصححه الألباني ونحو ذلك، في هذه الليلة أنا أريد أن أبين أن هذه الدعوة هل هي صحيح أو ليست بصحيحة، ولكنه في الضمن سيتضح للمشاهد الكريم نحن أشرنا إلى هذه النقطة في أبحاث سابقة ولمرات عديدة قلنا نحن عندما نستند إلى الألباني أو نستند إلى الأرنؤوط أو نستند إلى أي محقق وعلم آخر هذا ليس بالضرورة أننا نوافقه في كل ما يقول، أخواني الأعزاء والمشاهد الكريم لابد أن يلتفت إلى هذه الحقيقة في كثير من الأحيان أنا إنما أستند إلى كلمات هؤلاء الاعلام والأئمة من المتقدمين والمتأخرين من باب أن لهم مرجعية في الأمة أو لا أقل لهم مرجعية إلى طائفة واسعة في الأمة أو لهم مرجعية لطبقة معينة في الأمة فيكون من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم، وليس بالضرورة أني موافق على ما يقول هؤلاء. وكنموذج لهذه الحقيقة إنشاء الله تعالى سيتضح في هذه الليلة أن الألباني صحح هذا الحديث وحسن هذا الحديث عند ذلك سنأتي إلى الموازين العلمية في علم الرجال وعلم الجرح والتعديل لنرى أن الألباني أصاب في تصحيحه وتحسينه أصاب في تعديله، أصاب فيما ذهب إليه، أنه واقعاً أخطأ في ذلك وهذا ما سيتضح إنشاء الله تعالى في حلقة هذه الليلة، ولذا في المقدمة اعتذر للمشاهد الكريم أن البحث قد يكون فيه جنبة علمية وجنبة مرتبطة بأبحاث تخصصية لذا أرجو من المشاهد الكريم الدقة والالتفات والتدبر فيما أقول.
في المقدمة لابد أن أشير إلى أن العلامة الألباني وهنا أيضاً عندما أقول العلامة فلان والإمام فلان والحافظ فلان هذا هو الأدب الذي أدبنا به أهل البيت وقبل ذلك أدبنا القرآن الكريم على هذا أننا وإن كنا نختلف مع الآخر ولكنه ينبغي أن نتكلم بلغة المنطق ولغة الأمانة العلمية وبلغة الأدب، وبحمد الله تعالى نحن جميعاً من المسلمين والمسلمون جميعاً أخوة، الله سبحانه وتعالى جعل الأخوة بينهم، ولذا أحاول بقدر ما يمكنني أن ابتعد عن هذا المنطق الذي أنتم تجدونه على بعض الفضائيات من أنهم يكذبون وأنهم أكذب الناس وأنهم عملاء وأنهم مرتبطون باليهود إلى غير ذلك، هذا المنطق لا أعهده ولا أعرفه ولا استطيع أن أتكلم بهذا المنطق، إذن عندما أقول العلامة والإمام والحافظ ليس بالضرورة أني أوافق على كل ما يقول أو اعترف له أنه إمام أو اعترف له أنه من أهل العلم ولكنه عرف بذلك واحتراماً ينبغي أن يشار إلى ما عرف به بين الناس. طبعاً إذا كان هناك خطأ علمي أو خيانة علمية أو اشتباه علمي ينبغي علينا أن نبين ذلك ونوضحه للناس.
في المقدمة بودي أن أشير إلى أن العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة كان من أشد المدافعين عن تصحيح حديث الثقلين بصيغة كتاب الله وعترتي أهل بيتي، أنا أؤكد هذا عنوان (العترة) لها خصوصية وراء أهل البيت، هذه نقطة إنشاء الله سيأتي بحثها مفصلاً في عنوان أهل البيت، وهذا ما اشار إليه في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص355، في ذيل الحديث 1761) الرواية هذه، وهو يعبر عنها يقول: حديث العترة وبعض طرقه، الألباني يقول ذلك، حديث رسول الله: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي. بعد أن يشير إلى طرق الحديث يأتي في (ص358) يقول: بعد أن ينتقد بشدة جملة من أولئك المعاصرين الذين قالوا أن هذا الحديث بهذه الصيغة ليس له سند صحيح يقول: وفاته كثير من الطرق والاسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة فضلاً عن الشواهد والمتابعات. كما يبدو لكل ناظر يقابل تخريجه بما خرجته هنا، أنه لم يلتفت إلى أقوال المصححين للحديث من العلماء، كثير من العلماء صححوا هذه الصيغة من الحديث، لا مطلق حديث الثقلين ولو كان بصيغة (وسنتي) وإنما صححوا بصيغة (وعترتي أهل بيتي) ولا إلى قاعدتهم التي ذكروها في مصطلح الحديث أن الحديث الضعيف يتقوى بكثرة الطرق … .
إذن العلامة الألباني يصرح أن الحديث بصيغة (كتاب الله وعترتي) ورد صحيحاً وحسناً، مضافاً إلى الشواهد والمتابعات. وبهذا تبطل نظرية جملة من المعاصرين الذين كتبوا في هذا الحديث وضعفوا سند حديث الثقلين بصيغة (وعترتي) ومنهم السالوس، ومن أولئك المعاصرين الذين ضعفوا حديث الثقلين بصيغة (وعترتي) ما ورد عن المحقق عادل بن محمد في كتاب (شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن، ص41- 42) تصنيف أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، تحقيق عادل بن محمد، مؤسسة قرطبة، توزيع مكتبة الخراز، جدة. يقول: ورواه زيد بن الحسن الانماطي عن النبي وزاد فيه وعترتي أهل بيتي. يقول: وهو منكر. ثم يقول والمنكر أبداً منكر كما قال الإمام أحمد أي لا يستشهد به ولا يتقوى وكما هو معروف ومشهور في علم المصطلح وقد رويت هذه الزيادة من حديث زيد بن أرقم ولا تثبت وصح الحديث بدونها. بدون هذه الزيادة وهي (عترتي أهل بيتي). وأنتم رأيتم أن الألباني يقول في هذا المجال. إلى أن يأتي ويقول في (ص43) يقول: هذه هي أصح طرق هذه الزيادة وكما ترى لا تسلم من الضعف، ولكن الألباني وكما تقدم كلها يقول عنها بأنها صحيحة السند وحسنة بل يتقوى بعضها ببعض حتى لو كانت ضعيفة السند.
إذن فيما يتعلق بهذا الحديث بصيغة (كتاب الله وعترتي) لا يوجد هناك مجال للمناقشة فيه، إنما الكلام كل الكلام أنه نجد بأنه أساساً الألباني هل صحح هذا الحديث الوارد بصيغة كتاب الله وسنتي أو لم يصححه؟ هذا هو بحثنا في هذه الليلة.
في هذه الليلة هناك عدة موارد يمكن الاستناد إليها لإثبات أن الألباني صحح هذا الحديث بصيغة (كتاب الله وسنتي). المورد الأول ما ورد في كتاب (مشكاة المصابيح، ج1، ص66، الحديث الرقم 186) تأليف محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة سنة 1405هـ، يقول التبريزي: وعن مالك بن أنس مرسلاً، كما سبق وبينا أن الذي ذكره الإمام مالك في الموطأ حديثه كان مرسلاً، قال: قال رسول الله: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة رسوله. رواه في الموطأ، هذا كلام التبريزي في مشكاة المصابيح. أما تعليقة الألباني على الحديث، قال: وهو معضل كما ترى. الآن ينتظرني المشاهد الكريم سأبين ما هو المراد من الحديث المعضل بحسب الاصطلاح، وهو معضل كما ترى، فإذا كان حديث معضل إذن ليس بحجة كما سيتضح، لكن له شاهد من حديث ابن عباس بسند حسن أخرجه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين، إذن الحديث الذي ذكره بصيغة (وسنتي) السند الذي رواه الإمام مالك فهو معضل ومرسل، أما له شاهد يصحح هذا السند، ما هو الشاهد؟ يقول: من حديث ابن عباس بسند حسن وروي من حديث أبي هريرة، والمشاهد يتذكر أن الطريق الذي ورد وكان ينتهي إلى أبي هريرة كان فيه صالح بن موسى الطلحي الذي اتفقت الكلمة على أنه متروك الحديث وساقط الحديث وأنه لا يعتنى به.
تعالوا معنا إلى الحديث المعضل، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، في كتاب (تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، ج1، ص324) للحافظ السيوطي، قدم له وراجعه وأضاف عليه بعض التعليقات الدكتور الشيخ أحمد معبد عبد الكريم، الأستاذ بكلية أصول الدين بالرياض سابقاً، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى سنة 1424هـ، المملكة العربية السعودية، يقول: النوع الحادي عشر المعضل، قال: وهو ما سقط من إسناده اثنان فأكثر. يعني لا فقط أنه سقط شخص واحد بينه وبين من ينقل الحديث عن الرسول، وإنما إسناد فأكثر، ويسمى أيضاً منقطعاً، ويسمى مرسلاً عند الفقهاء وغيرهم. إذن بهذا يتضح أن الحديث المعضل هو الحديث أيضاً المرسل ولكن مع هذه الخصوصية بشرط أنه سقط من سنده إثنان فأكثر. وهذا الحديث ليس بحجة ولا يعتمد عليه، ولذا تجدون أن العلامة الألباني قال: ويشهد له حتى يقويه، باعتبار أنه ضعيف لا يمكن الاستناد إليه ولا يمكن الاحتجاج به، إذن استند إلى حديث ابن عباس الذي قال ورد بسند حسن عند الحاكم النيسابوري.
تعالوا معنا إلى الرواية التي يشير إليها الحاكم النيسابوري بسند حسن عن ابن عباس، (المستدرك على الصحيحين، ج1، ص93) للحاكم النيسابوري، الرواية هذه وقد قرأناها فيما سبق وهي: قال وأخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل الشعراني حدثنا جدي حدثنا ابن أبي أويس، وهو الذي تقدم في أحد الطرق وهو إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطب الناس في حجة الوداع فقال: … إلى أن قال تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه. وهنا لابد أن أشير أنه النص الوارد عن ابن عباس لا يوجد فيه ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ذاك النص كتاب الله وسنتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فقط ورد في طريق عن أبي هريرة الذي فيه صالح بن موسى الطلحي، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت أنا وجدت بعض الكتابات يضيف إليه وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، ويلفق بين رواية أبي هريرة وبين رواية ابن عباس مع أنه الرواية التي فيها (ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض) هي رواية أبي هريرة التي فيها صالح بن موسى الطلحي فلا ينبغي الخلط بين الروايتين وبين الطريقين. هذا هو الطريق الأول الذي أشار إليه العلامة الألباني وعبر عنه بسند حسن كما قرأنا في مشكاة المصابيح، وفيه إسماعيل بن أبي أويس كما أشرنا. فالتعبير الأول للعلامة الألباني أنه لم يقل أنه صحيح وإنما قال أن الرواية حسنة.
المورد الثاني الذي أشار إليه هو ما ورد في (صحيح الجامع الصغير، ج1، ص615، رقم الحديث 3232) تأليف محمد ناصر الدين الألباني قال: خلفت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض. هذه رواية أبي هريرة وليست رواية ابن عباس. (ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض) هذه الرواية ليست هي الواردة عن ابن عباس التي فيها إسماعيل بن أبي أويس بل هي رواية أبي هريرة التي فيها صالح بن موسى الطلحي، والذي هو اتفقت الكلمة على أنه متروك الحديث، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف يقول الألباني صحيح. هذه الرواية لو لم يكن فيها كما فعل في مشكاة المصابيح لم يرد فيها ولن يتفرقا كنت أقول أنه يشير إلى رواية ابن عباس، ولكن قال ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فأنه يشير إلى رواية أبي هريرة التي فيها صالح بن موسى الطلحي، وهو ملتفت إلى ذلك، ولذا ينقلها يقول أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي هريرة، إذن هذه الرواية ليست المنقولة عن ابن عباس وإنما هي المنقولة عن أبي هريرة والرواية المنقولة عن أبي هريرة في سندها صالح بن موسى الطلحي وهو متفق على أنه متروك الحديث وأنه لا يحتج بكلام، وأنت عندما تراجع الغيلانيات تجد هذا المعنى بشكل واضح وصريح، هذا كتاب (الفوائد الشهير بالغيلانيات، ص510، الرواية 632) للحافظ أبي بكر ابن إبراهيم الشافعي المتوفى سنة 354هـ، عندما راجعنا الرواية وهي حدثنا صالح بن موسى الطلحي عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض. في الحاشية يقول: إسناده ضعيف جداً فيه صالح بن موسى الطلحي وهو متروك، ومع ذلك يقول العلامة الألباني صحيح، لماذا يقول صحيح؟ لابد أن نعرف السر، مع أني لا أتصور ان الألباني خفي عليه أن هذا النص هو لأبي هريرة وأنه ليس لابن عباس وقد صرح به أنه عن أبي هريرة وسند أبي هريرة فيه الطلحي وهو متروك الحديث، إذن لماذا عبر عنه أنه صحيح هذا بحثه إنشاء لابد أن نتعرف على السر.
إلى هنا الألباني قال في مشكاة الصحيح أنه ورد بسند حسن عن ابن عباس وقال في صحيح الجامع الصغير أنه صحيح وإن كان ذكره أنه عن أبي هريرة كما في الغيلانيات كما أشرنا.
المورد الثالث الذي صحح فيه الألباني الحديث وذكره وقال بشكل واضح أنه صحيح، وهو ما ورد في (صحيح الترغيب والترهيب، ص124) تأليف محمد ناصر الدين الألباني. قال: وعنه أيضاً يعني ابن عباس أن رسول الله خطب الناس في حجة الوداع فقال: إن الشيطان قد يأس أن يعبد بأرضكم ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك، فاحذروا إني قد تركت فيكم ما إن اعتصتم به فلن تضلوا ابداً كتاب الله وسنة نبيه. قال: صحيح. أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت. قال: صحيح. إذن هذه موارد ثلاثة صحح فيها الالباني الحديث، في مشكاة المصابيح قال بسند حسن عن ابن عباس، وفي صحيح الجامع الصغير قال صحيح وإن كان عن أبي هريرة، وهنا في صحيح الترغيب والترهيب قال عن ابن عباس صحيح.
السؤال المطروح أنه كيف أن الألباني صحح هذا السند مع أنه ورد فيه إسماعيل بن أويس؟ وأنا لا أتصور أن علم مثل الألباني لم يكن ملتفتاً أن إسماعيل بن أبي أويس لا أقل ورد فيه جرح شديد، في الواقع عندما نراجع كتب الجرح والتعديل والتي كتبت في هذا المجال في ترجمة إسماعيل بن أبي أويس نجد أن هناك بعض الكلمات وردت في تعديل هذا الرجل، وفي توثيق هذا الرجل، في مقابل كلمات أكبر وأعظم وأكثر وأشد في تضعيف إسماعيل بن أبي أويس، يعني بعبارة أخرى عندما نراجع الكلمات نجد أنه يوجد اتجاه يرى أنه ثقة أو لا بأس به واتجاه يرى أنه ضعيف بل كذاب بل سارق إلى غير ذلك، إذن الآن أنا أشير إلى هذه الكلمات بالإجمال لنرى أن الألباني لماذا قدّم النصوص الدالة على التعديل على التجريح وعلى الجرح في إسماعيل بن أبي أويس فإذا تم هذا التقديم عند ذلك تكون الرواية إما حسنة وإما صحيحة، إما صحيحة السند إذا تقدم التعديل على التجريح وأما لا أقل تكون حسنة يمكن الاحتجاج بها.
تعالوا معنا إلى كتاب (تهذيب التهذيب، ج1، ترجمة إسماعيل بن أبي أويس، ص157) للحافظ العسقلاني، إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك الأصبحي … إلى أن يقول: من عدله؟ بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، عدله أحمد، قال أبو طالب عن أحمد: لا بأس به. لم يقل ثقة ولكن قال لا بأس به. وكذا قال عثمان الدارمي عن ابن معين، وقال ابن أبي خيثمة عنه صدوق ضعيف العقل. هذا فيما يتعلق بتعديل إسماعيل بن أبي أويس. أما فيما يتعلق بتجريحه وجرحه وتضعيفه، انظروا إلى الكلمات الواردة فيه، أولاً عُبر عنه أنه يسرق الحديث، قال عن أحمد بن أبي يحيى عن ابن معين ابن أبي أويس وأبوه يسرقان الحديث، وقال إبراهيم بن الجنيد يكذب ليس بشيء، وهنا لابد أن يعلم المشاهد الكريم أن أعلى درجات الجرح إذا ثبت أن الراوي يكذب، هذه أعلى درجات الجرح وفوقه يثبت أنه وضاع، وقال النسائي ضعيف، وقال اللالكائي بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدي إلى تركه فهو متروك الحديث، ولعله بان له ما لم يبنِ لغيره، يعني اتضح للنسائي ما لم يتضح لغيره. الآن اتضح العناوين الواردة في التجريح أنه يسرق الحديث وأنه يكذب وأنه ضعيف وأنه متروك الحديث وأنه وضاع. وقال ابن حزم في المحلى: قال ابن الفتح الازدي حدثني سيف بن محمد أن ابن أبي أويس كان يضع الحديث. ولذا يتذكر المشاهد الكريم فيما سبق قرأنا قال: سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم. ولذا يقول قال البرقاني قلت للدارقطني من حكى لك هذا عن محمد بن موسى قال الوزير كتبتها من كتابي وقرأها عليه قلت، يعني العسقلاني: وهذا هو الذي بان للنسائي منه حتى تجنب حديثه.
سؤال: الآن يوجد عندنا اتجاه يقول لا باس به واتجاه يقول متروك، سارق، وضاع، كذاب. ومن أولئك الذين يقولون أنه كذاب وضاع، أو يضع الحديث هو النسائي. أنا أريد أن أعرف للمشاهد الكريم من هو النسائي.
في (سير أعلام النبلاء، ج14، ص133، ترجمة النسائي) للإمام الذهبي يقول: قلت: ولم يكن أحد في رأس الثلاثمئة أحفظ من النسائي، هو أحذق بالحديث وعلله ورجاله من مسلم. هذا هو النسائي فإذا قال النسائي أنه يضع الحديث، ومن أبي داود ومن أبي عيسى وهو جارٍ … ولكن كما ذكرنا مراراً يقول: إلا أن فيه قليل تشيع. لماذا صار هذا المسكين فيه قليل تشيع؟! وانحراف عن خصوم الإمام علي كمعاوية وعمر والله يسامحه. لو كان منحرف عن علي كان ثقة، ثبتاً، متديناً، ولكن عندما يصل الانحراف عن معاوية وعمر بن العاص والله يسامحه، هذا النهج الأموي، هذا المنطق الأموي، ولذا واقعاً هذا كلامي موجه إلى المحققين وإلى أهل العلم وإلى الطلبة وأهل التحقيق لابد أن يميزوا عندما يقرءوا لشخص ما هو منهجه العقدي، ما هو منهجه الكلامي، ما هو منهجه الحديثي، ما هو منهجه في علم الجرح والتعديل. هذا المسكين انحرف عن معاوية صار الله يسامحه، لأنه كان خصماً لأمير المؤمنين، ولا يوجد شيء آخر لأن معاوية أهم خصوصية فيه أنه ناصبي وأنه أبغض علياً وأنه سب علياً ونحو ذلك.
السؤال المطروح هنا هو مما تقدم يتضح للمشاهد الكريم أن العلامة الألباني قدم التعديل أو قدم التجريح؟ قدم التعديل بدليل أنه قال بحديث حسن عن ابن عباس، وقال في صحيح الترغيب عن ابن عباس صحيح. إذن هو يعدل ويقدم التعديل في إسماعيل بن أبي أويس على التجريح.
إذن بحثي في هذه الليلة هو أن العلامة الألباني مع أنه يعلم أنه ورد في سند هذا الحديث عن ابن عباس إسماعيل بن أبي أويس ومع ذلك تارة عبر عنه بسند حسن وأخرى عبر عنه بسند صحيح، على أي أساس قام بهذه الخطوة، ما هي القاعدة عندما يتعارض الجرح والتعديل، يعني ما هي القاعدة الرجالية، هذا الكلام وجه لأهل العلم والتحقيق والمطالعة ولطالبي الحقيقة حتى يعرفون ماذا فعل الألباني في هذا المقام ويعرفون خطأه الكبير واشتباهه الكبير إن لم أقل تعمده في هذه المسألة.
إذا كان عندنا شخص ورد فيه تعديل وورد فيه جرح فهل نقدم الجرح على التعديل فنسقط الرواية عن الاعتبار أو نقدم التعديل على الجرح فنجعل الرواية معتبرة وحسنة وصحيحة؟
الجواب: التفتوا ماذا يقول أهل التحقيق ومنهم الألباني نفسه. يقولون: إذا كان الجرح مفسراً ومبيناً، يعني يجرح ويقول سبب الجرح ما هو، علة الجرح ما هي، كذب، وضع، ضعف، عدم ضبط، اشتباه. وكان القائل بالجرح ممن يعتمد على جرحه يعني كان عالماً كالنسائي وغيره، كما علمنا أنه من الأعلام في هذا المجال. فإذا تعارض عندنا تجريح مبين ومفسر مع تعديل فإنه يقدم الجرح على التعديل، هذه القاعدة من أشار إليها؟ بودي أن المشاهد الكريم يلتفت، في كتاب (النكت على نزهة النظر، ص193) للحافظ ابن حجر العسقلاني بقلم علي بن حسن بن علي بن عبد الحميد الحلبي الأثري، دار ابن الجوزي. يقول: والجرح مقدم على التعديل إن صدر مبيناً من عارف بأسباب الجرح، في الشرح يقول: والجرح مقدم على التعديل وأطلق ذلك جماعة ولكن محله إن صدر مبيناً من عارف بأسبابه، لأنه إن كان غير مفسرٍ لم يقدح فيمن ثبت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضاً. الآن سؤال هو العلامة يقبل هذه القاعدة أو لا يقبل هذه القاعدة؟
الجواب في كتاب (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ج1، ص93) للعلامة الألباني، يقول: فهذه النصوص تدل على أن الرجل كان مع حفظه كذاباً والكذب أقوى أسباب الجرح، وقد ثبت أن إسماعيل بن أبي أويس كان لا فقط كذاباً بل وضاعاً للحديث. والكذب أقوى أسباب الجرح وأبينها فكيف ساغ للشيخ تقديم التعديل على الجرح المفسر. يقول لا يحق له أن يقدم التعديل على التجريح المفسر، وهنا نسأل العلامة الألباني مع كل ما نقيمه من احترام، أنه في المقام لماذا عدلت، لماذا يوجد هنا تعديل لإسماعيل بن أبي أويس ويوجد تجريح مفسر ومبين وقدمت التعديل على التجريح. هذه هي الأمانة العلمية وإذن ارجع إلى مقدمة هذا البحث حيث قلت مراراً للمشاهد الكريم أنا عندما أبين وأقول العلامة الألباني والإمام فلان والحافظ فلان هذا ليس معناه أني أسلم كل ما يقوله وهذا هو الشاهد، الألباني هنا حسن وصحح واتضح أنه مشتبه مخطأ، هذا الحمل على الصحة، وإلا لمعرفتي بالألباني لا استطيع أقول أنه أخطأ أو اشتبه وإنما هو تعمد التصحيح لأنه لم يبق عند ذلك أي طريق لتصحيح حديث (كتاب الله وسنتي) إلا الخروج على القاعدة، وهنا حاول أن يخرج عن القاعدة الرجالية الثابتة، وهي أنه إذا تعارض الجرح مع التعديل فإن الجرح يكون متقدماً إذا كان مفسراً ومبيناً ممن يعلم أسباب الجرح والتعديل، وفي المقام الذي قال أنه مجروح هو النسائي والنسائي إمام من أئمة الجرح والتعديل ومقدم على مسلم. هذه من الأخطاء المشهورة والمعروفة للألباني.
المُقدَّم: معنا الأخ وعد من بريطانيا، تفضلوا.
الأخ وعد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ وعد: أنا أضيف إلى ما ذكرت، هناك كتاب مطبوع من خمسة مجلدات لمقبل بن عبد الوادعي، قد علق على السند الذي ذكرته في موضوع كتاب الله وسنتي، وأنا أنقل لك تعليق مقبل الوادعي، يقول بعد أن ذكر الحديث: حديث ضعيف لأنه من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، وفيهما كلام، وشاهده من طريق صالح بن موسى الطلحي وهو متروك، إذن ما اعتمده الألباني في تصحيح حديث المستدرك الذي حتى في المستدرك بعد أن تتبع الذهبي في تلخيصه ذكر أن هذا الحديث ضعيف بطريق، إذن من هنا نفهم أن الألباني قد خان الأمانة العلمية في طريقة البحث. هذه النقطة الأولى. النقطة الثانية وهي بشرى لسماحة السيد يعني بدل أن يشكره الأخوة المخالفون له، إنشاء الله الأسبوع القادم ننشر ملفاً قد كفروا فيه سماحة السيد كمال الحيدري علنا، وأنا أقول لهم اسمعوا للأطروحة العلمية التي يطرحها السيد وأرجوا أن تقابلوا العلم بالعلم لا أن تقابلوا اطروحات السيد بالتكفير، ثم نقطة أخيرة، ثم حديث (كتاب الله وسنتي) في الموطأ مرسلاً قد ضعفه السيوطي وبشار عواد معروف في تعليقه على الموطأ.
المُقدَّم: معنا الأخ أحمد من الكويت، تفضلوا.
الأخ أحمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أحمد: أنا عندي طلب منكم، أتمنى رؤيتكم قريباً في الكويت لنتشرف بتقبيل أياديكم الطاهرة.
المُقدَّم: معنا الأخ حسن من البحرين، تفضلوا.
الأخ حسن: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ حسن: والله الشيخ يعني أنا أشكركم على البرنامج الطيب وطريقة الشيخ بارك الله فيه طريقة طيبة وجيدة، وعنده من البلاغة والفصاحة في الكلام، أتمنى أن نقرب وجهات النظر فبالتالي، نحن نسمع من جانب الشيخ ولا نسمع من الجانب الآخر، فيا حبذا أن يكون هناك مثلاً مناظرة من جهة أخرى من أهل السنة والجماعة من الشيخ عدنان العرعور.
المُقدَّم: هذا الشخص الذي ذكرته تريده أن يناظر سماحة السيد، سماحة السيد الآن يتحف المشاهد الكريم بهذه المعلومات القيمة التي لا تحتاج إلى زيد ولا من تقوله الذي إذا جاء ويناظر السيد هل يقول أن النسائي أخطأ أو أن الذهبي أخطأ، يعني هذا الذي تقوله كيف يسعف ذلك.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا مضافاً إلى أن الهدف من هذا البرنامج هو أن نقترب من الحقيقة، وإذا اتضحت الحقيقة فإن كثير من الناس بل أكثر المسلمين يتفق معنا إلا شرذمة قليلة لا تريد الحقيقة يعني أولئك الذين طبع الله على قلوبهم سواء أنذرتهم، أما عموم المسلمين فأنهم سيتفقون على الحقيقة، وكما قلت أخي العزيز من غير ذكر الأسماء أنا أبين هذه الحقائق هنا لماذا في المواقع هنا وهناك التكفير والتهمة والتسقيط فليجيبوا على ما أقوله، في هذه الليلة نحن ناقشنا العلامة الألباني ووجدنا أن كلامه لا يلتزم بأقل القواعد العلمية والأمانة العلمية، فليأتوا في أي برنامج من البرامج ويقولوا إن قال قائل كذا فنستطيع أن نجيبه بكذا وكذا، أنا أتصور أن هذا الطريق الذي فتحناه، وأنا معتقد أن هذا الكلام الذي أقوله يتفق عليه 95% من المسلمين بمختلف الاتجاهات.
المُقدَّم: هذا الشخص الذي ذكره لا أريد أن انتقصه ولكن الله يشهد على ما أقول، دعيت مرة إلى الاستماع إلى حديث سريع، والله سماحة السيد والمشاهدون يشهدون قال من يأتيني بدليل أن الكافر ملعون في القرآن فله جائزة، نحن لا نلعن حتى الكافر والقرآن لم يلعنه، وأول سورة بعد الحمد وهي سورة البقرة تقول لعنة الله على الكافرين، ينكر أن الكافر ملعون في القرآن، كيف يأتي ليناظر علماً كبيراً مثل سماحة السيد وهو يا يعلم أن القرآن يلعن الكافرين ويتحدى من يأتي بآية تلعن الكافرين في القرآن.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا مضافاً إلى ما ذكره أخي العزيز الدكتور أنا أبين نكتة إضافية، وهو أنه لابد أن يأتي أحد للمناظرة يكون واقفاً على كتبهم لا على كتبنا، وأنا إلى الآن كونوا على ثقة أقولها للتاريخ وللعلم أقولها كونوا على ثقة إلى الآن لم أجد أحداً على هذه الفضائيات التي ملأها السباب والشتام والتهمة أن يأتوا بكتاب علمي واحد حتى بكتبهم فضلاً عن كتبنا، نعم إذا رأينا شخصاً له القدرة على أن يراجع الكتب العلمية ويحاكمها بالنحو الذي نحن نحاكمها ونقف عندها عند ذلك يكون البحث بحثاً علمياً وأما هذه الطريقة وأنه فلان قال في الكاسيت وفلان قال على المنبر وفلان في الشارع قال هذا.
المُقدَّم: معنا الأخ عمر من سوريا، تفضلوا.
الأخ عمر: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عمر: نهنئكم ونهنئ الأمة الإسلامية وعلى رأسها النبي الأكرم بولادة الحجة عجل الله فرجه الشريف، في الحلقة السابقة وحلقة اليوم في حديث (كتاب الله وعترتي) ورد بطريقين صحيحين عن حديث أويس بن ثابت في مسند أحمد، ج5.
سماحة السيد كمال الحيدري: فتحصل إلى هنا للمشاهد الكريم بشكل واضح وصريح أن حديث (كتاب الله وسنتي) يعني حديث الثقلين بهذه الصيغة، لا أنه ليس له سند صحيح، بل ليس له حتى سند حسن، بل ليس له حتى سند ضعيف، لأن الذين نقلوا هذه الصيغة إما هم من أركان الكذب وإما أنهم من الوضاعين وإما هم من الكذابين فهذه الصيغة تعد من الأحاديث من الصيغ الموضوعة لا من الصيغ الضعيفة، الضعيف قد يكون مشتبهاً ولذا تجدون معاصر وهو عادل بن محمد في شرح مذاهب أهل السنة يقول إسناده تالف ولا يصح بهذا اللفظ، ثم يقول: بأنه أساساً وأما الحديث بهذا اللفظ فلا تسعفه الأسانيد، لأن فيه من هم ركن من أركان الكذب. إذن هذا الذي يتداول على الألسنة في المساجد والمنابر والفضائيات حديث متروك.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة السيد كمال الحيدري، كما نشكر الأخوة والأخوات إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • جديد المرئيات