نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (4)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    في المقدمة كان بودي أن أذكر بأنه كتاب البيع يختلف عن كتاب المكاسب المحرمة باعتبار أن المطالب الموجودة فيه دقيقة جداً, طبعاً ليس كل كتاب البيع هكذا, في موارد لعله إنشاء الله نستطيع في هذا القطع الكبير أن نقرأ صفحة واحدة, فالإخوة وإن وجدوا أننا نتأخر في بعض المطالب ولكن حيث أنها مطالب تبني الطالب.

    بعبارة أخرى: الطالب عندما ينتقل من هذه المرحلة كما تعرفون بعد هذه المرحلة الطالب لا يقرأ فقهاً, لعله يقرأ الأصول ولكنه لا توجد دورة فقهية بعد كتاب المكاسب, الآن ينتقل بعد ذلك إلى بحث الخارج في الفقه.

    الأستاذ يفترض أن الطالب في بحث المكاسب هذه المطالب مفروغ عنها عند الطالب, فلهذا عندما يبدأ بحثه يبدأ من حيث انتهى كتاب المكاسب, ولا يقرر له كتاب المكاسب ماذا يقول الشيخ في قوله إنشاء اللفظ باللفظ محال, ولا يحق أيضاً للطالب من الناحية الفنية أن يسأل الأستاذ ما هو مرادكم من إنشاء اللفظ باللفظ, هذا يجاب على أحسن التقادير بأنه أنتم ارجعوا واقرؤوا المكاسب من الأول. فبعض المطالب نحتاج إليها ولهذا نتأمل فيها, وأما البعض الآخر التي يمكن المرور فيها بسرعة فنقرأ بسرعة إنشاء الله. فلهذا الإخوة يعذروننا إذا تأخرنا في بعض المطالب.

    طيب, بسم الله الرحمن الرحيم.

    انتهينا إلى تعريف الشيخ الأعظم حيث قال: الأولى تعريفه بأنه إنشاءُ تمليك عينٍ بمال ولا يلزم عليه شيء مما تقدم.

    هذا التعريف هو تعريف صاحب المصابيح السيد الطباطبائي(رحمه الله) مع تغيير فيه, حيث أن السيد الطباطبائي صاحب المصابيح عرف البيع بأنه: إنشاءُ تمليك عينٍ بعوضٍ على وجه التراضي, هنا الشيخ ماذا فعل, قال: بمالٍ ولم يقل بعوضٍ وحذف قيد التراضي.

    أما حذفه قيد التراضي لِمَا أشكلنا عليه في بيان التعريف الأول, إما إبداله بعوض قوله بمالٍ لأن العوض يصدق على الحقوق وقد ذكر الشيخ فيما سبق أن الحق لا يمكن أن يكون عوضاً بل لابد أن يكون مالاً والحق ليس بمالٍ.

    إذن الشيخ عندما غير في تعريف صاحب المصابيح حذف البعض وغير البعض الآخر كان يريد أن يشير إلى هاتين النكتتين, حذف قيد التراضي لِما أشكلنا على التعريف الأول أنه لا يكون جامعاً لأن بعض أفراد البيع صحيح ولا يوجد فيه تراضي.

    أبدل بعوضٍ أبدله بمالٍ لأن العوض يصدق على الحقوق والشيخ فيما سبق قال ماذا؟ حتى الحق من القسم الثالث لا يمكن أن يكون عوضاً بل لابد أن يكون مالاً عرفاً والحق ليس بمالٍ.

    ومع هذا فقد أشكل على هذا التعريف بإشكالات متعددة حتى أن المحقق الإيرواني في حاشيته على المكاسب التي هي من الحواشي المهمة والدقيقة والتحقيقية أيضاً هناك أشكل بإشكالات متعددة على هذا التعريف لعلها تصل إلى ستة إشكالات, الآن على أي الأحوال هذا هو تعريف الشيخ.

    الشيخ يقول بأنه: تعريفنا لا يرد عليه جملة مما أوردناه على ما سبق, ولكنه كما أشرت بالأمس فإنه يرد عليه أيضاً بعض ما سبق, حيث أنه عرف البيع بأنه إنشاء والإنشاء لفظ ولا يمكن إنشاء اللفظ باللفظ, هذا أولاً.

    وثانياً: أن حقيقة البيع ليست هي الإنشاء وإنما هي نفس التمليك.

    إلا أن الشيخ بعد ذلك يذكر جملة من النقوض والإشكالات التي يمكن أن ترد على تعريفه ويجيب عنها.

    فلهذا يقول: ولا يلزم على هذا التعريف المختار شيءٌ مما تقدم, نعم يبقى عليه أمور منها, يعني تبقى جملة من الإشكالات لابد أن نجيب عنها.

    منها الإشكال الأول: يقول الشيخ المستشكل يقول أنك قلت أن البيع إنشاء تمليك, يعني أن البائع يستطيع أن ينشأ البيع بملّكت لا فقط يستطيع إنشاء البيع ببعت, يستطيع أن ينشئه بملّكت لأنك أخذت الملك التمليك في البيع, فإذن صحة التعريف تتوقف على جواز إنشاء البيع بملّكت, فإن لم يصح تعريف إنشاء البيع بملّكت هل يكون التعريف صحيحاً أم لا؟ لا يكون صحيحاً, الشيخ في مقام الجواب يقول: وهو الحق كما سيجيء بعد ذلك ونبين لكم في الصفحة الآتية أنه الحق هو كذلك أنه يمكن إنشاء البيع بملّكت ولا محذور فيه.

    نعم لو لم نقبل ذلك كان تعريفنا فيه إشكال.

    قال: منها: أنه موقوف يعني صحة التعريف موقوف على جواز الإيجاب من قبل البائع بلفظ ملّكت يقول ملّكتك العين بكذا ثمن, أما إذا لم يجز إنشاء البيع بملّكت فلا يكون التعريف صحيحاً, بلفظ ملّكت وإلا يعني إذا لم يصح إنشاء البيع بملّكت إيجاب البيع بملّكت وإلا لم يكن التمليك مرادفاً للبيع, ويرد هذا الإشكال أنه الحق كما سيجيء, نحن نلتزم بأنه يمكن إنشاء البيع بملّكت, لأن البيع يرادفه التمليك يرادفه النقل يرادفه المبادلة كما سيأتي بيانه بعد ذلك.

    إذن هذا الإشكال لا يرد علينا.

    ومنها: المستشكل يقول أن هذا التعريف لا يشمل بيع الدين على من هو عليه, لا نطيل الكلام في هذا الإشكال باعتبار أننا بينا حقيقة بيع الدين على ما هو عليه فيما سبق.

    المستشكل يقول: أن هذا التعريف لا يشمل بيع الدين على من هو عليه لماذا؟ لأنكم عرفتم البيع إنشاء تمليك يعني البائع يملك من؟ يملك المشتري شيئاً, المستشكل يقول: وهل يمكن أن يملك الإنسان شيئاً على نفسه, لأن هذا دين عليه, والدين البائع يريد أن يملكه لمن؟ يملكه للمشتري والمفروض أن الدين على من هو؟ على المشتري فلابد أن يكون المشتري مالكاً لما في ذمته وحيث أن تملك ما في الذمة محال إذن هذا التعريف لا يكون شاملاً له, واضح الإشكال. هذا التعريف لا يكون شاملاً لهذا الفرد لأن البيع حسب تعريفكم إنشاءُ تمليك ولا يمكن تمليك الدين لمن عليه الدين, هذا هو الإشكال.

    الجواب الشيخ يقول, يقول: أولاً نجيب بجوابين:

    الجواب الأول: أننا قلنا أنه يمكن تمليك المدين ما عليه, تمليك يمكن من قال لكم أنه لا يتعلق تمليك أو تملك المدين ما عليه من الدين, لا نحن قلنا فيما سبق فلهذا قلنا فيما سبق واستشهد أيضاً الشيخ(رحمه الله) بكلام الشهيد بأن الإبراء ردده بين التمليك وبين الإسقاط.

    إذن أولاً: نقول لكم يتعقل أن يتملك الإنسان الدين الذي عليه, هذا أولاً, ذكرنا وسيأتي بعد ذلك هذا أولاً.

    ثانياً: لو سلّمنا معكم قلنا أن تملك الدين على من هو عليه أو تمليك الدين لمن هو عليه أو بيع الدين لمن هو عليه غير معقول, طيب إذا كان غير معقول أنتم تتوقعون أن يشمل فرداً غير معقول؟ فليكن لا يشمل التعريف هذا الفرد, هذا الفرد معقول أم ليس بمعقول حسب بناءكم؟ طيب تقولون غير معقول, أنتم تريدون من تعريفنا أن يكون شاملاً للأفراد غير المعقولة؟ طيب مستحيل, طيب إذا كان مستحيلاً لا يرد علينا أنه لماذا لا يشمل هذا الفرد, تعريفنا يشمل الأفراد الممكنة حتى تقولون أنه ليس بجامع, أما إذا كان الفرد غير معقول, فهل يمكن أن تشكلوا علينا أن التعريف ليس بجامع؟ متى يمكن النقض على التعريف بأنه ليس بجامع؟ إذا كان من قبيل على وجه التراضي هناك بيع صحيح شرعاً ولكن التعريف في بيع المجبر الذي يجبره الحاكم, بيع صحيح شرعاً ولكن التعريف لا يشمله, فيقال أن التعريف ليس شاملاً لجميع الأفراد, ليس جامعاً لجميع الأفراد أما إذا كان البيع ماذا؟ مستحيلاً فهل يمكن أن ينقض على التعريف بأنه ليس جامعاً لجميع الأفراد حتى المستحيلة منها, طيب نحن نلتزم معكم بأن هذا الفرد من البيع غير معقول فليكن تعريفنا أيضاً غير شامل له بل لا يمكن أن يكون شاملاً له, فلهذا يجيب بجوابين عن هذا الإشكال.

    يقول: ومنها: أن التعريف لا يشمل بيع الدين على من هو عليه الدين, لماذا لا يشمل؟ لأن الإنسان طيب لا يملك مالاً على نفسه يعني لا يعقل أن يملك الإنسان مالاً على نفسه, والبيع هو ماذا؟ إنشاء تمليك وحيث لا يعقل للإنسان أن يملك مالاً على نفسه فلا يعقل البيع هنا.

    وفيه: مع ما عرفت فيما سبق أنه يمكن للإنسان أن يكون مالكاً لما في ذمته وفيه مع ما عرفت هذا أولاً وستعرف وبعد ذلك أيضاً نزيدك إيضاحاً أن هذا ممكن, وستعرف من تعقل تملك ما على نفسه أو ما في ذمته على نسختين لا فرق, من تعقل تملك ما على نفسه أو تملك ما في ذمته, طيب نتيجة هذا التملك ما هو؟ السقوط كما أشرنا, قلنا المدين عندما يتملك الدين الذي عليه نتيجة ذلك ماذا؟ نتيجته سقوط ذلك الدين.

    ورجوعه إلى سقوط الدين يعني رجوع هذا التملك لِما في ذمته, ورجوعه إلى سقوط الدين هذا تقدم فيما سبق سقوطه عنه أي عن المدين هذا نظير من؟ بيع الدين على من هو عليه نظير ماذا هل يوجد له نظير في الفقه؟ يقول نعم يوجد له نظير في الفقه, وهو باب التهاتر زيد كان مديناً لعمر بعشرة دراهم ثم صار عمر مديناً لزيد بعشرة دراهم في معاملة أخرى طيب هذا الدين يسقط بذاك الدين وهذا ما يسمى بالتهاتر, زيد باع شيئاً لعمر طيب عمر الآن يكون مديناً وعمر لم يدفع الثمن يكون مديناً لزيد بعد ذلك عمر باع شيئاً لزيد بنفس المبلغ في معاملة أخرى, فهو مدين زيد مدين لعمر بمائة درهم وصار عمر مدين لزيد في معاملة أخرى بمائة درهم فيقع التهاتر ويتساقط كلا الدينين, يقول هذا من هذا القبيل, شبيه التهاتر, نظير (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) لا يريد أن يشير بأنه التساقط الذي هو نتيجة بيع الدين على من هو عليه هناك يوجد تمليك لماذا (كلام أحد الحضور) لا التساقط نتيجة التمليكين قلنا معاملتين: المعاملة الأولى أن زيد يبيع شيئاً لعمر يبيع الكتاب بعشرة دنانير هذا ملكه الكتاب ام لا؟ ذاك أيضاً ملكه الثمن أم لا, ثمن (كلام أحد الحضور) أنا أيضاً أقول هنا يريد أن يذكر الشيخ شبيهاً نظيراً للسقوط, نحن أليس قلنا نتيجة تملك العين على من هو عليه نتيجته السقوط؟ الآن نريد أن نرى أنه يوجد عندنا نظير في الفقه أن نتيجة تملك الدين أنه نتيجته السقوط أيضاً أو لا يوجد عندنا نظير؟ الشيخ يقول عندنا نظير, أين نظيره شيخنا, يقول زيد باع لعمر شيئاً وعمر لم يدفع الثمن هنا صار مدين أو ليس بمدين؟ مدين أليس هكذا, الآن لو انعكست المعاملة عمر باع لزيد شيئاً الآن مدين أو ليس بمدين؟ طيب يتملك هذا دينه أو لا يتملك؟ نعم يتملك نتيجة تملكه للدين ماذا يكون؟ التساقط, أنا ما أدري سؤالكم لم التفت إلى سؤالكم (كلام أحد الحضور) نحن أيضاً نذكر شبيه للإسقاط ولم نذكر للتمليك شبيه, التفتوا مولانا إلى العبارة ارجعوا للعبارة معي.

    ورجوعه إلى سقوطه عنه عن المدين, طيب هل يوجد نظير للسقوط أو لا يوجد نظير للسقوط؟ يقول نعم في باب التهاتر عندنا نظير لهذا السقوط، نظير تملك ما هو مساوٍ لما في ذمته, هذا الإنسان يتملك الثمن الذي على عمر أو لا يتملك؟ (كلام أحد الحضور) تملك, هذا التملك هو أيضاً مدين عشرة دراهم فنتيجة تملك هذه العشرة دراهم يسقط تلك الدراهم العشرة الأخرى التي هو مدين بها, قليلاً إذا تتأملون المسألة واضحة. وإذا يحتاج إلى إيضاح أبين المسألة بشكل آخر.

    انظروا التفتوا زيد باع لعمر عشرة دراهم, شيئاً بعشرة دراهم أليس هكذا, الآن عمر مدين بعشرة دراهم, أليس هكذا, الآن لو صار عمر دائناً لعشرة دراهم أليس هكذا, هذه العشرة دراهم يتملكها أو لا يتملكها التي باعها؟ نتيجة هذا التملك ماذا يكون؟ سقوط تلك العشرة دراهم التي في ذمته وهذا هو باب التهاتر واضح صار.

    قال: نظير تملك ما هو مساوٍ لما في ذمته وسقوطه بالتهاتر, طيب هذا أولاً هذا الجواب الأول عن الإشكال.

    الجواب الثاني عن الإشكال: يقول لو سلمنا معكم أن تملك الدين محال, طيب إذا كان محالاً فالبيع أيضاً يكون محالاً طيب إذا صار البيع هذا الفرد من البيع محال هل تتوقعون أن يكون تعريفنا شاملاً له؟ أنه هذا هو الإشكال الثاني.

    أنه لو لم يعقل التمليك كما هو مدّعاكم سلمنا معكم نقول أنه لم يعقل البيع لأنه هناك ترادف بين التمليك وبين البيع كما أشرنا, إذا لم يعقل التمليك لا يعقل البيع, إذا لم يعقل البيع لم يعقل التمليك للتلازم بين الأمرين, أنه لو لم يعقل التمليك لم يعقل البيع إن قال قائل شيخنا من أين تقولون أنه إذا لم يعقل التمليك لم يعقل البيع فهل يوجد تلازم بين التمليك والبيع؟ يقول: نعم أحدهما مرادف للآخر, إذ ليس للبيع لغةً وعرفاً معنىً غير المبادلة والنقل والتمليك وما يساويها من الألفاظ, أساساً البيع هو التمليك والتمليك هو البيع, ولكنه ليس مطلق التمليك تمليك عين بعوض, وإلا في مكانات أخرى يوجد عندنا تمليك في باب الصلح يوجد عندنا تمليك, سيأتي بيانه.

    إذ ليس للبيع لغة وعرفاً معنىً غير المبادلة والنقل والتمليك وما يساويها من الألفاظ, ثم يذكر الشيخ شاهداً على ذلك, ولذا قال: فخر الدين أن معنى بعت في لغة العرب يعني ملّكت غيري أحدهما مرادف للآخر.

    فإذا استحال التمليك استحال البيع وإذا كان البيع محالاً فلا يمكن أن يكون تعريفنا شاملاً له حتى تنقضوا علينا أنه ليس جامعاً للأفراد.

    فإذا لم يعقل كما تدعون وسلمنا معكم, فإذا لم يعقل ملكية ما في ذمة نفسه إذن لم يعقل شيء مما يساوي الملكية يعني لم يعقل البيع إذن البيع ليس شاملاً لهذا الفرد. لم يعقل شيء مما يساويها إذن فالنتيجة فلا يعقل البيع, طيب إذا لم يكن البيع معقولاً إذن لا تتوقعون من تعريفنا أن يكون شاملاً له.

    ومنها: أنه يشمل التمليك بالمعاطاة إشكال آخر, أنتم ماذا قلتم؟ قلتم إنشاءُ تمليك عين, الإنشاءُ تارةً يكون فعليا وأخرى يكون قوليا, أنتم إذا قلتم إنشاءُ تمليك فيشمل المعاطاة أيضاً, وسيأتي بعد ذلك أن المعاطاة ليست بيعاً, كما يذهب جملة من الفقهاء, إذن تعريفكم ليست مانعة عن الأغيار ليس مانعاً عن المعاطاة.

    إذن الإشكال ما هو؟ أن التعريف ليس مانعاً عن الأغيار لماذا؟ لأنه يشمل المعاطاة والمعاطاة ليست بيعاً.

    الشيخ يجيب على ذلك, أولاً: أن المعاطاة بيع. وثانياً: قولكم أن الفقهاء أنكروا أن تكون المعاطاة بيعاً لم ينكروا أن المعاطاة بيعاً وإنما أنكروا صحة هذا البيع, المعاطاة بيع عرفاً ولكنه تارةً يكون صحيح وأخرى لا يكون صحيح, فإذن المعاطاة بيع عرفاً أو ليست بيعاً عرفاً؟ لا, بيع عرفاً ولكنه البيع العرفي قد يكون صحيحاً وقد يكون باطلاً.

    إذن النافيين عندما نفوا أن المعاطاة بيع مرادهم نفي صحة بيع المعاطاة لا انه مرادهم نفي أصل أن يكون المعاطاة بيعاً, فنحن نلتزم أن تعريفنا لابد أن يكون شاملاً للمعاطاة لا أنه لابد أن تخرج المعاطاة عن التعريف.

    ومنها: أنه يشمل التمليك بالمعاطاة مع حكم المشهور من الفقهاء بل دعوى الإجماع من الفقهاء أن المعاطاة ليست بيعاً, والشيخ في مقام الجواب يشير يقول: وفيه ما سيجيء من كون المعاطاة بيع إذن تعريفنا لابد أن يكون شاملاً له, فإن قلت: إذن ماذا تعملون بذلك الإجماع أو الشهرة؟ يقول: لأن مراد النافيين الذين نفوا أن المعاطاة أن تكون بيع, مرادهم نفي الصحة لا مرادهم أن تكون المعاطاة بيع عرفاً, ونحن نعرف البيع العرفي, لأنه قلنا أنه لا حقيقة شرعية له, لا حقيقة متشرعية له, نريد أن نرى أن البيع عرفاً ما هو؟ البيع عرفاً هذا إذن فلابد أن يكون شاملاً للمعاطاة أيضاً.

    ومنها: صدقه على الشراء, في هذا الإشكال قليلاً يوجد دقة, المستشكل يقول: هذا التعريف يكون شاملاً لفعل المشتري أيضاً, نحن في التعريف ماذا نريد أن نعرف؟ نريد أن نعرف البيع, البيع فعل من فعل البائع أم فعل المشتري؟ فعل البائع, نريد في البيع أن نبين فعل من؟ فعل البائع أم فعل المشتري؟ البيع فعل من هو؟ فعل البائع, إذن البيع إذا كان هو فعل البائع إذن في تعريف البيع لابد أن نبين فعل من؟ فعل البائع.

    المستشكل ماذا يقول؟ يقول هذا التعريف الذي ذكرته للبيع لتبين به فعل البائع يصدق على فعل المشتري أيضاً إذن ليس مانعاً عن الأغيار.

    أولاً دعونا نبين محل النزاع حتى نرى أنه كيف يصدق على فعل المشتري, كيف يصدق على الشراء.

    التعريف يبين البيع والبيع هو فعل البائع, وتعريفكم الذي ذكرتموه يشمل فعل المشتري أيضاً, إذن هل هو مانع عن الأغيار؟ لا, بل هو ليس مانعاً.

    بيانه كيف يشمل فعل المشتري؟ أنتم قلتم أن البيع إنشاءُ تمليك عينٍ بمال, طيب المشتري ألا ينشأ تمليك الثمن بإزاء المبيع, عندما يقول قبلت عندما يقول رضيت عندما يقول تملّكت ألا ينشأ تمليك الثمن للبائع بإزاء المبيع الذي قبضه من البائع؟ نعم, إذن أيضاً يصدق عليه التمليك, فقولكم أن تعريف البيع هو إنشاءُ تمليك والمفروض فيه أن يبين فعل البائع هذا التعريف يشمل فعل المشتري أيضاً, هذا الإشكال.

    الجواب: الشيخ(رحمه الله) يقول: عندما تدققون تجدون بأن تعريفنا لا يشمل فعل المشتري لأن المشتري ابتداءً لا يقوم بعملية تمليك, المشتري ابتداءً يقوم بعملية تملّك, البائع يقوم أولاً وابتداءً بعملية التمليك ولكن هل يملك عينه مجاناً أم في مقابل العوض؟ البيع هو أن البائع أولاً وبالاستقلال يملّك العين يعني التمليك ممن أولاً بالاستقلال؟ من البائع لكن مجاناً أم على سبيل المعاوضة؟ لا على سبيل المعاوضة, طيب المشتري ماذا يفعل؟ المشتري أولاً وبالذات يملك الثمن بإزاء المبيع أم أولاً يملك المبيع ولكنه هذا التملّك مجاناً أم بعوض؟

    إذن فعل المشتري ليس هو تمليك الثمن ابتداءً بل فعل المشتري هو التملّك ابتداء وضمنا حيث أن التملّك ليس مجاني بل بالعوض يملك شيئاً للبائع. ونحن عرفنا البيع بأنه تمليك والمشتري ليس له تمليك ابتدائي بل له تمليك تبعي تمليك ضمني. واضح الجواب.

    إذن نحن نريد من التعريف أن يبين لنا فعل البائع وهذا التعريف يبين لنا فعل البائع, طيب هل يشمل فعل المشتري؟ لا لا يشمل فعل المشتري لأن فعل المشتري ليس هو التمليك ابتداءً بل فعل المشتري هو التملّك ابتداءً ولكن هذا التملّك تارة يكون على وجه الهبة غير المعوضة فيكون مجاني وأخرى يكون على وجه المعاوضة فلابد أن يدفع في قبال هذا التملّك عوضاً, إذن دفعه العوض استقلالي ابتدائي تمليكه العوض للبائع ابتداء استقلالاً أم بتبع تملّكه؟

    والشاهد على ذلك: أنه لو لم يوجب البائع لو لم يقل البائع بعت هل يستطيع المشتري أن يملّك الثمن للبائع؟ لا يمكن, متى يستطيع ذلك؟ يستطيع ذلك إذا ملّك البائع المبيع للمشتري عند ذلك يستطيع أن يملّكه الثمن.

    تريدون شاهداً آخر الشيخ يقول؟ عندنا شاهد آخر وهو: أنه لو كان فعل المشتري هو التمليك لكان يمكنه أن يتقدم على البائع ويقول ملّكت الثمن بهذا العين, وقد قال الفقهاء أنه لا يحق للمشتري أن يكون ملّكت ولو كان فعله مثل فعل البائع كان كما يجوز للبائع أن يكون ملّكت العين كان ينبغي للمشتري أن يقول ملّكتك الثمن. أنت تقول لا فرق بينهما, طيب كما يجوز للبائع أن يكون ملّكتك العين بعوض, يجوز للمشتري أن يقول ملّكتك الثمن بإزاء المبيع, مع أن الفقهاء يقولون لا يجوز أن يتحقق المشتري ملّكتك الثمن سواء تقدم على الإيجاب أو تأخر عن الإيجاب. وهذا شاهد على أن فعل المشتري ليس فيه تمليك بالابتداء والاستقلال وإنما هو يتملّك أولاً ولكنه يتملّك بعوض فتمليكه الثمن للبائع يكون تبعاً وضمناً.

    (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) نعم نحن الآن بحث لا رتبةً مختلفان رتبةً حتى زماناً يعني إذا لم يوجب البائع التمليك طيب لا يستطيع أن يتملّك (كلام أحد الحضور) أنا أيضاً الآن أقول والصحيح هو هذا, يعني إذا لم يتحقق التمليك من البائع هل يستطيع المشتري أن يتملك؟ يتملك ماذا إذا لم يتحقق البائع التمليك؟ (كلام أحد الحضور) أنا أيضاً أقول ما يصير في وقت واحد شيخنا مترتب عليه رتبةً وزماناً, البائع إذا لم يقل ملّكتك هل يستطيع أن يقول المشتري قبلت؟ ما يمكن, نعم يستطيع أن يقول تملّكت لا ملّكتك تملّكت يعني يبين لنا فعل المشتري وهو أنه يتملك ولكن يتملك بعوض, فإذا تملك شيء عندنا ذلك يستطيع أن يملّك البائع الثمن فتمليك البائع الثمن فعل ابتداء للمشتري أم فعل تعبي وضمني للمشتري؟ تبعي وضمني, والهدف في التعريف بيان فعل البائع بالابتداء والاستقلال. إذن هذا التعريف لا يشمل فعل المشتري أيضاً, فليس كما تقولون أنه ليس بمانع عن الأغيار.

    ومنها: صدق هذا التعريف على الشراء فإن المشتري بقبوله للبيع أيضاً يملّك ماله الذي هو الثمن بعوض المبيع يعني بإزاء المبيع, أيضاً عملية تمليك توجد للمشتري.

    وفيه الشيخ يقول: أن التمليك في الشراء ضمني طيب إذن حقيقة الشراء ما هي؟ قال: وإنما حقيقة الشراء هو التملّك ولكنه بعوض, إذن فعل البائع أولاً وبالذات هو التمليك ولكن التملّك فعل تبعي وضمني له, والمشتري فعله أولاً وبالذات هو التملّك وتمليك الثمن يكون تبعي وضمني.

    قال: وإنما حقيقة الشراء التملّك بعوض, والشاهد على ذلك: ولذا لا يجوز الشراء بلفظ ملّكت لا يستطيع المشتري أن يقول للبائع ملّكتك الثمن بإزاء المبيع, ولو كان فعل المشتري هو التمليك كان ينبغي أن يجوز ملّكت كما يجوز في البائع أن يقول ملّكت.

    ولذا لا يجوز الشراء بلفظ ملّكت سواء أن هذا اللفظ تقدم على إيجاب البائع أو تأخر عنه.

    وبه يظهر اندفاع, هذا الذي ذكرناه في جواب هذا النقض يوجد نقض آخر شبيه هذا النقض يندفع بجواب واحد, يعني نقضان ولكن يندفعان بجواب واحد.

    النقض الأول واضح, هذا الذي ذكرناه.

    النقض الثاني ما هو؟ لو جاء شخص واستأجر عيناً استأجر هذه الدار طيب في مقابل منفعة تملّك منفعة هذه الدار ماذا جعل العوض؟ تارةً يجعل العوض نقداً وأخرى يجعل العوض سلعةً عيناً من الأعيان, يقول أدفع لك إيجار هذه الدار سنة كاملة دورة الميزان مثلا, الكتاب الكذائي قطعة السجاد.

    هنا لو استأجر عين بعين هذا مرادهم, يعني استأجر منفعة عين وجعل العوض عيناً لا نقداً من النقود هنا هذا العمل هذا العقد عقد البيع أم عقد الإجارة؟ عقد الإجارة هذا ولكن تعريفكم يكون شاملاً له لماذا؟ لأن المستأجر ملك عيناً أم لم يملك عيناً؟ (كلام أحد الحضور) ملك عيناً لا, ملك المستأجر لا المؤجر, المستأجر ملك عيناً لصاحب الدار أو لم يملك؟ فإذن هو تمليك عين بمال, ما هو المال؟ المنفعة, وقد قال الشيخ فيما سبق أن المنفعة يمكن أن تكون عوضاً.

    إذن تعريفكم يشمل بعض موارد الإجارة فليس مانعاً عن الأغيار, واضح أم أكرر (كلام أحد الحضور) واضح طيب الحمد لله.

    إذن نقض آخر يرد على هذا التعريف وهو من استأجر عيناً بعين فإن المستأجر يملك العين بإزاء ماذا؟ بإزاء المنفعة فيكون التعريف الذي هو للبيع شاملاً لبعض أفراد الإجارة. الجواب ما هو؟ يقول: نفس الجواب المتقدم فإن المستأجر لا عمله الابتدائي هو تملك المنفعة لا تمليك العين, يتملك المنفعة ولكن تملك المنفعة مجاني أم بعوض؟ بعوض, فيدفع العين في قبال تلك المنفعة فهو تملك بعوض تملك المنفعة بالعين لا أنه تمليك العين بالمنفعة.

    فعل المستأجر من قبيل فعل المشتري, فعل المستأجر هو تملك أم تمليك؟ فعل المستأجر تملك يريد أن يتملك المنفعة ولكن يتملكها بعوض.

    يقول: وبه أي بهذا الجواب الذي ذكرناه في هذا النقض يظهر اندفاع الإيراد بانتقاض التعريف بمستأجر العين بعين, لماذا يندفع؟ حيث أن الاستيجار يتضمن التملك وحقيقته هو التملك, المستأجر لا يملك ابتداء وإنما يتملك ابتداء ولكن يتملك بعوض وهو المنفعة.

    حيث أن الاستيجار يتضمن تمليك العين بمالٍ هذا المال ما هو؟ المنفعة.

    ومنها ومن النقوض, انتقاض طرده بالصلح, يقول أنه شامل لعقد الصلح ومن الواضح أن التعريف لابد أن لا يكون شاملاً للصلح باعتبار أن عقد الصلح في مقابل عقد البيع, طيب كيف يشمل الصلح؟ تقول هذه عين وقع النزاع فيها بين زيد وعمر هذا يدعي الملكية وذاك يدعي الملكية, طيب لو صالح زيد عمراً على هذه العين أن تكون هذه العين لعمر ولكن في قبال أن يدفع عمر مقدار من المال لزيدٍ, طيب زيد ملك هذه العين لعمر أو لم يملكها؟ بلي ملكها بإزاء ماذا؟ بإزاء مقدار من العوض, إذن تعريفكم يكون شاملاً للصلح إذا كان متعلق الصلح عوض, إذا كان متعلق الصلح عيناً من الأعيان, لا مطلق باب الصلح لأن الصلح كما قد يتعلق بالعين يتعلق بالمنفعة يتعلق بالعارية كما سيأتي بيانه.

    إذا كان متعلق الصلح الذي صار النزاع فيه عيناً من الأعيان ووقع التصالح بين التطرفين على أن تكون هذه العين لزيد في مقابل أن يدفع زيد مقداراً من المال لعمر, فهنا إنشاءُ تمليك عين أيضاً بمالٍ, هذا هو النقض الأول.

    النقض الثاني الذي يذكره هنا, يقول في الهبة المعوضة, أنت تهب زيداً هذه الساعة أو هذا الكتاب ولكن تشترط عليه ماذا؟ تشترط عليه أن يهب لك الكتاب الكذائي أو الحاجة الكذائية, طيب هنا أنت بهبتك ملكته العين أو لم تملكه؟ نعم في مقابل ماذا؟ في مقابل الشرط الذي اشترطه وهو أن يملكك شيئاً إذن يشمل الهبة المعوضة أيضاً.

    قال: ومنها انتقاض طرده بالصلح على العين, الآن واضح لماذا قيد الصلح أن يكون متعلقه العين حتى يكون مشمولاً لتعريف إنشاءُ تمليك عين, لأن الصلح إذا كان على المنفعة طيب لا يكون مشمولاً للتعريف.

    انتقاض طرده بالصلح على العين بمالٍ, هذا النقض الأول.

    النقض الثاني: وبالهبة المعوضة لا الهبة المجانية الهبة التي تشترط فيها العوض. هذا هو الإشكال.

    الجواب: وفيه, الشيخ(رحمه الله) يقول: لابد أن تتأملوا جيداً في حقيقة الصلح, هل أن الصلح هو البيع أو أن الصلح هو التسالم والاتفاق على شيء؟ يقول حقيقة الصلح ليست هي البيع حقيقة الصلح هي التسالم على شيء بين المتصالحين, الآن إن قلت شيخنا هذه دعوى طيب أنت تدعي أن حقيقة الصلح ليست بيعاً وإنما حقيقة الصلح هي التسالم بين المتصالحين على أمر من الأمور, يقول: نحن نثبت لك بشاهد أو بشاهدين وبدليل أن حقيقة الصلح هي شيء غير حقيقة البيع.

    الشاهد الأول: هي أن حقيقة الصلح لو كانت هي حقيقة البيع البيع يمكن إيجادها بالتمليك ملكت أو لا يمكن؟ يمكن, طيب عندما تقول ملكتك العين التي هي متعلق التمليك التمليك يتعدى إليها بحرف أو بلا حرف؟ بلا حرف, تقول ملكتك هذه العين, ولو كان الصلح حقيقته أيضاً التمليك كالبيع كان ينبغي أن تقول صالحتك العين مع أنه لا يمكن لابد أن تقول صالحتك على هذه العين أو عن هذه العين, هذا الشاهد يذكره مؤيد يذكره وليس دليل.

    يقول شاهدنا أن الصلح شيء غير البيع, لأن البيع يرادفه التمليك والتمليك يتعدى بنفسه ولكن الصلح لو كان هو التمليك وهو حقيقة البيع كان ينبغي أن يتعدى أيضاً بنفسه ونحن نجد أنه لا يتعدى بنفسه, هذا هو الشاهد.

    فلهذا يقول: وفيه أن حقيقة الصلح ولو تعلق بالعين لأن حقيقة الصلح قد تتعلق عقد الصلح قد يتعلق بغير العين ومورد النقض هو أين؟ تعلق الصلح بالعين, ولو تعلق بالعين حقيقة الصلح خبره, ليس هو التمليك على وجه المقابلة والمعاوضة, البيع هو التمليك ولكن لا تمليك مجاني بل على وجه المقابلة والمعاوضة, ليس هو التمليك على وجه المقابلة والمعاوضة, بل معنى الصلح الأصلي هو التسالم التوافق الاتفاق بين المتصالحيّن أو المتصالحين على أمر معين.

    طيب ما هو الشاهد؟ يقول: ولذا لا يتعدى الصلح بنفسه إلى المال أو إلى العين المتصالح عليها لا يقال صالحتك العين, يقال: صالحتك على هذه العين أو عن هذه العين, ولذا لا يتعدى بنفسه إلى المال فإن قلت أليس الصلح فيه تمليك يعني عندما يقول صالحتك على هذه العين هذه العين تكون ملكاً لزيد أو لا تكون؟ إذن المصالح قد ملّك زيد, يقول نعم التمليك نتيجة الصلح لا أنها هي حقيقة الصلح, من قبيل أن الانتقال هي نتيجة البيع لا أنها هي البيع.

    كذلك هنا التمليك الذي يوجد في الصلح هذه ليست هي حقيقة الصلح, حقيقة الصلح هو التسالم على أمر الاتفاق على أمر ولكن نتيجة هذا الاتفاق نتيجة هذا التسالم أثره ماذا؟ أن العين يملكها أحد الطرفين بإزاء عوض.

    فلهذا قال: نعم نحن لا ننكر هو متضمن للتمليك لا أن الصلح حقيقته هو نفس التمليك, نعم هو متضمن للتمليك ولكن إذا تعلق بعين لا أن الصلح أنه نفس التمليك كما أن البيع هو نفس التمليك, هناك البيع هو نفس التمليك ولكن هنا الصلح ليس هو نفس التمليك وإنما يتضمن التمليك. من قبيل ما ذكرناه في المشتري, لا أنه نفسه, هذا الشاهد.

    والذي يدلك على هذا, هذا الدليل الذي يقيمه المصنف على إثبات أن حقيقة الصلح ليست هي حقيقة البيع.

    يقول: أن الصلح نحن قلنا أن حقيقته هو التسالم والتوافق على أمر, متعلق هذا التصالح تارة يكون عيناً من الأعيان فيفيد تمليك تلك العين يعني نتيجة هذا التسالم ماذا؟ تمليك تلك العين, وأخرى يكون الصلح على منفعة من المنافع منفعة هذه الغرفة منفعة هذه الدار منفعة هذه السيارة يقع النزاع فيها ملكية واضحة ولكن منفعتها يقع النزاع فيها بين طرفين أو أكثر, فأيضا يفيد ماذا؟ يفيد تمليك المنفعة, وثالثة يقع الصلح على الانتفاع لا على المنفعة, من قبيل ماذا؟ أنه هذا الكتاب معار لزيد أو معار لعمر؟ معار لزيد, هذا الكتاب النفيس أخذته من المكتبة نسخة واحدة أيضاً أنت تريد أن تنتفع وهو أيضاً يريد أن ينتفع ووقع النزاع أنه هذه الإعارة لي أو لك؟ يقع التصالح هنا على الانتفاع, هنا عندما يقع التصالح على الانتفاع يفيد التمليك أم يفيد العارية؟ يفيد العارية لا يفيد التمليك.

    الفرق بين المنفعة والانتفاع أنه في المنفعة يكون الشخص مالكاً للمنفعة فيترتب آثار الملك, أما بخلافه في العارية فإن الشخص لا يكون مالكاً للمنفعة وإنما له حق التسلط على المنفعة فلا تترتب آثار الملك. واضح.

    إذن في المنفعة توجد ملكية للمنفعة فتترتب آثار الملكية الموجودة في الشريعة, أما في العارية يوجد ملكية للعارية, ملكية للانتفاع؟ لا, يوجد تسلط للانتفاع يعني هذا الإنسان له الحق أن ينتفع بهذا الكتاب ولكن ليست له ملكية الانتفاع بهذا الكتاب فلهذا لا تترتب آثار الملكية.

    (كلام أحد الحضور) إذن اسمحوا لي أن أنتهي من الدليل وأنا بخدمتكم.

    إذن إذا كان متعلق الصلح عين أو منفعة فيفيد الملكية, إذا كان متعلق الصلح انتفاع يفيد العارية, إذا كان متعلق الصلح حق من الحقوق حق الخيار, قد يفيد إسقاط الحق وقد يفيد انتفال الحق, إذن من هنا نجد ماذا؟ أن الصلح في مورد يفيد الملك في مورد يفيد العارية في مورد يفيد الاسقاط أو الانتقال, إذن يتبين حقيقة الصلح هي نفس هذه الأمور, أنت تدعي أن حقيقة الصلح تفيد التمليك طيب في العارية لابد أن تفيد العارية, في الانتقال والإسقاط لابد أن تفيد ماذا؟ يعني عندما يتعلق الصلح بالانتفاع لابد الصلح يفيد فائدة ماذا؟ يفيد فائدة العارية فالصلح يكون بمعنى العارية, وهذا نتيجته أن عقد الصلح يكون مشترك لفظي أن الصلح تارة يطلق ويراد منه الملكية وأخرى يطلق ويراد منه العارية وثالثة يطلق ويراد منه ماذا؟ يراد الانتقال أو الإسقاط, مع أنه ثابت في محله أن عقد الصلح ليس بمشترك لفظي بل حقيقة واحدة ولكنه في كل مورد لاختلاف المتعلق تفيد فائدة خاصة, فحقيقة الصلح ليست هي التمليك لأنه لو كانت حقيقة الصلح هي التمليك لابد في باب العارية تقول حقيقة الصلح هي العارية ويلزم الاشتراك اللفظي, واضح برهان الشيخ دليل الشيخ.

    دليل الشيخ يقول: بأن حقيقة الصلح لا يمكن أن يكون تمليكاً لأنه يفيد التمليك وإلا لو كانت حقيقة الصلح تمليك لأنه يفيد التمليك لابد أن تكون عارية لأنه في مورد آخري يفيد العارية, لابد أن يكون إسقاط لأنه في مورد ثالث يفيد الإسقاط, فيلزم أن يكون الصلح مشتركاً لفظياً وليس كذلك.

    قال: فقط هذه العبارة نقرأها.

    قال: والذي يدلك على هذا أن الصلح قد يتعلق بالمال عيناً ذلك المال أو منفعة فيفيد الصلح التمليك, وقد يتعلق بالانتفاع فيفيد الصلح ماذا؟ فائدة العارية, طيب فائدة العارية هو ماذا؟ هو مجرد تسليط لا ملكية الانتفاع, وهذا الفرق بين المنفعة وبين الانتفاع. وهو مجرد التسليط وقد يتعلق الصلح بالحقوق فيفيد الإسقاط في بعض الحقوق ويفيد الانتقال كما في القسم الثاني من الحقوق فيفيد الإسقاط أو الانتقال.

    وقد يتعلق هذا مثال آخر ما ذكرناه, أمثلة, وقد يتعلق بتقرير أمر بين المتصالحين, شريكان اشتركا في مالٍ في عملٍ هذا دفع مقدار وذاك أيضاً دفع مقدار, اشتركا في المال وبعد سنة كانت عندهم أرباح ولكن جملة من هذه الأرباح هي دين في بطون الناس بعد لم تستوفى, أحد الشريكين يخاف أنه هذه الديون لا يمكن استيفائها فيخسر يأتي إلى شريكه الآخر يقول أصالحك على أن تدفع رأس مالي والربح والخسارة تكون عليك, هذه رواية توجد فيه الإمام سلام الله عليه يقول هذا جائز لأنه شرط لم يخالف كتاب الله, إذن هنا الصلح ماذا أفاد؟ لم يفد الملكية ولا أفاد العارية ولا أفاد الإسقاط والانتقال وإنما تقرير ما بنيا عليه لا يوجد شيء آخر, هذا الذي اتفقا عليه الصلح يفيد هذه الفائدة لا يفيد تمليك ولا عارية ولا إسقاط ولا انتقال. وقد يتعلق بتقرير أمر بين المتصالحين كما في قول أحد الشريكين لصاحبه صالحتك على أن يكون الربح لك والخسران عليك ويكون طبعاً رأس المال محفوظ له, فيفيد هنا مجرد التقرير هذا الذي قرراه فيما بينهما يفيد لا التمليك ولا الأشياء الأخرى.

    فلو كانت من هنا يبدأ دليل الشيخ, فلو كانت حقيقة الصلح هي عين كلٍ من هذه المفادات الخمسة, لأنك قلت في التمليك يفيد البيع, طيب ينبغي في العارية أيضاً يفيد العارية فلو كانت حقيقة الصلح هي عين كل من هذه المفادات الخمسة لزم كون الصلح مشتركاً لفظياً وهو واضح البطلان عند الفقهاء.

    إذن النتيجة ماذا؟ فلم يبقى إلا أن يكون مفهوم الصلح معنىً آخر غير حقيقة البيع ما هو ذلك المعنى الآخر؟ وهو التسالم, طيب هذا التسالم باختلاف متعلقه يختلف فيفيد في كل موضعٍ فائدة من الفوائد المذكورة بحسب ما يقتضيه متعلق الصلح, فالصلح على العين بعوضٍ تسالم عليه وهو يتضمن لا أنه عين التمليك نتيجته التمليك وهو يتضمن التمليك لا أن مفهوم الصلح في خصوص هذا المقام حقيقته هو إنشاء التمليك وإلا لو كان كذلك كان ينبغي في العارية أن يكون حقيقته العارية ويلزم الاشتراك اللفظي.

    في خصوص هذا المقام حقيقته هو إنشاءً التمليك هذا إشارة إلى مؤيد آخر إنشاء الله يأتي الكلام فيه.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2011/11/02
    • مرات التنزيل : 1482

  • جديد المرئيات