نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (8)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال الشيخ الأعظم(قدس سره): ثم إذا كان مؤثراً في نظر الشارع كان بيعاً عنده وإلا كان صورة بيعٍ نظير بيع الهازل عند العرف.

    كان الكلام في التوجيه الذي ذكره الشيخ الأعظم لكلام الشهيدين حيث أنه قلنا بأن مراد الشهيدين لو كان مرادهما أن البيع مراد منه هو البيع الصحيح عند الشرع, فيلزم منه أولاً: أن البيع حقيقة شرعية, ويلزم منه ثانياً: أنه لا يمكن التمسك بإطلاق أدلة العقود من قبيل {أحل الله البيع} ونحو ذلك, لأنه لم يحرز الموضوع أي لم يعلم أن هذا بيع أو ليس ببيع.

    الشيخ بعد ذلك صار بصدد توجيه كلام هذين العلَمين بهذا البيان, بأنه نقول: أن الشارع, بأن نقول أن البيع يحمل في الآيات والروايات على البيع الصحيح المؤثر عرفاً, ويستكشف من صحة البيع عند العرف أنه صحيح عند الشرع أيضاً.

    إلا إذا قام دليل على الخلاف في موردٍ من الموارد, مثلاً أن الشارع يعتبر العربية في صحة البيع لكي ينعقد البيع مثلاً ولكن العرف لا يعتبرون هذا الشرط, فهنا نحن في كل موردٍ شككنا أن الشارع هذا البيع عنده صحيح أو ليس بصحيح هل هو بيع عرفاً أو ليس بيعاً عرفاً؟ فإن كان يصدق عليه أنه بيعٌ عرفي وشككنا أن الشارع هل أخذ قيداً إضافي على تلك القيود والشرائط التي يعتبرها العرف, نتمسك بقوله {أحل الله البيع} لأن المفروض هذا بيعٌ عرفاً, والآية المباركة أيضاً محمولةٌ على البيع الصحيح المؤثر عرفاً.

    ففي كل قيد إذا شككنا فيه أنه يشترطه الشارع أو لا يشترطه الشارع بشرط هذا أن يكون محفوظاً أن البيع يكون صحيحاً عند العرف مؤثراً عند العرف في كل مورد شككنا نرجع إلى إطلاق قوله تعالى {أحل الله البيع} لأن المفروض الإشكال الذي أشكلناه وهو أن الموضوع ليس محفوظ بناءً على الكلام الأول هنا هذا الإشكال غير موجود لماذا؟ لأن العنوان محفوظ هنا البيع متحقق ولكن نشك أن الشارع هل أراد قيداً جديداً أو لم يرد.

    فإذن بناءً على هذا التوجيه لا يرد لا الإشكال الأول كما هو واضح, لأنه لم يدعوا هؤلاء حقيقة شرعية حتى يقال أن ألفاظ العقود ليست لها حقائق شرعية.

    ولم يرد الإشكال الثاني بأنه لا يمكن التمسك بإطلاق قوله: {أحل الله البيع} لأنه يمكن التمسك بإطلاق قوله {أحل الله البيع}.

    إذن يمكن بهذا التوجيه أن نرد كلا الإشكالين اللذين تقدما من الشيخ.

    فلهذا يقول: ثم إذا كان ذلك البيع المؤثر الصحيح في نظرهم أي في نظر العرف, ثم إذا كان أي ذلك البيع الصحيح المؤثر في نظر العرف مؤثراً في نظر الشرع أيضاً إذن يكون ماذا؟ كان بيعاً عند الشرع كما هو بيع عند العرف, وأما إذا لم يكن ذلك البيع المؤثر عند العرف مؤثراً عند الشرع, لأن الشارع أخذ قيداً جديداً غير ذلك القيد أو غير تلك القيود الموجودة عند العرف كان صورة بيعٍ وإلا ليس ببيع حقيقة عند الشارع وإن كان بيعٌ حقيقة عند العرف.

    كان بيعاً عنده وإلا أي إذا لم يكن مؤثراً عند الشارع, وإلا كان صورة بيع, ثم ينظر لذلك يقول وهذا من قبيل بيع الهازل عند العرف, طيب بيع الهازل عند العرف هذا بيع حقيقة مؤثر عند العرف أم صورة بيع؟ قال: صورة بيع, لماذا؟ لأن العرف يشترط أن يكون البائع جاداً لا هازلاً, كيف أن الهازل عند العرف إذا باع يكون صورة بيع لا حقيقة البيع, كذلك عند الشارع إذا لم تتوفر تلك القيود والشرائط التي يريدها يكون صورة بيع لا بيع حقيقةً وشرعاً. نظير بيع الهازل عند العرف.

    إذن فالحاصل ماذا يريد أن يقول الشيخ من هذا التوجيه, يقول: فالبيع الذي يراد منه ما حصل, يعني اسم المصدر يعني ذلك المؤثر الصحيح عند العرف, فالبيع الذي يراد منه ما حصل عقيب قول القائل بعتُ فالبيع عند العرف والشرع حقيقةٌ في الصحيح ولكن في أي صحيح الصحيح الشرعي؟ لا, في الصحيح العرفي ويستكشف منه الصحيح الشرعي إلا إذا دل دليل على الخلاف في موردٍ.

    فالبيع هذا تعريف للبيع الذي ذكرناه, أي بيع مقصودك شيخنا؟ يقول اسم المصدر الحاصل من إنشاء التمليك, فالبيع عند العرف والشرع حقيقة في الصحيح وليس المراد أن البيع حقيقة في الصحيح عند الشرع لا حقيقة في الصحيح عند العرف ويستكشف منه أنه صحيح عند الشرع أيضاً.

    حقيقة في الصحيح المفيد للأثر ومجازٌ في غيره يعني في غير المفيد للأثر, إلا أنه هذا لابد أن يكون محفوظاً, إلا أن الإفادة يعني إفادة البيع بإنشاء التمليك وثبوت الفائدة يعني ثبوت الأثر وهو أنه صحيح مؤثر, هذا مختلف في نظر العرف والشرع, قد يكون البيع صحيح عرفاً وشرعاً وقد يكون البيع صحيح عرفاً وليس بصحيح شرعاً, ولكن القاعدة ماذا تقتضي القاعدة تقتضي أن كل ما ثبتت صحته عرفاً يستكشف منه أنه ثابت صحته شرعاً.

    طيب أما وجه تمسك العلماء الأعلام بـ {أحل الله البيع} يقول اتضح لأن البيع ونحو ذلك الوارد في الآيات والروايات محمول على البيع العرفي الصحيح عرفاً لا الصحيح شرعاً حتى يشكل عليه بأنه لا يمكن التمسك بالإطلاقات.

    وأما وجه تمسك العلماء بإطلاق أدلة البيع ونحو ذلك فلأن الخطابات لما وردت على طبق العرف نزلت إلى العرف أعطيت للعرف إذن تحمل على البيع عند العرف الصحيح المؤثر عند العرف, على طبق العرف حمل لفظ البيع وشبه البيع في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف, طيب الصحيح المؤثر عند العرف يعني ماذا؟ يعني الحاصل من المصدر يعني اسم المصدر, أو يحمل على ماذا؟ أو يحمل على المصدر, المصدر ما هو؟

    بينا فيما سبق قلنا الفعل, الفعل هنا في المقام ما هو؟ هو إنشاء التمليك, إذن هذا البيع الذي ورد في الخطابات الشرعية إما يحمل على الحاصل من المصدر وهو البيع المؤثر الصحيح عند العرف وإما يحمل على المصدر يعني ما يعتبره العرف إنشاءً للبيع يعتبره الشرع ايضا إنشاءً للبيع إلا إذا كان عنده خلاف في مورد فيبين ذلك.

    فلهذا الشيخ هنا ردد قال: إما أن يحمل على الحاصل من المصدر وهو اسم المصدر وإما أن يحمل على نفس المصدر الذي هو الإنشاء.

    الآن إذا فرضنا هذا في الإنشاء أين يظهر؟ إذا فرضنا أن العرف لا يفرق عنده أن إنشاء التمليك يكون باللفظ أو يكون بالفعل إذن يستكشف منه أن الشارع ماذا؟ أيضاً لا يفرق عنده لأن المفروض أن الخطابات الشرعية منزلة على البيع الذي هو المصدر يعني ما هو عند العرف يمكن أن ينشأ به البيع هو عند الشرع ايضا يمكن أن ينشأ به البيع, فإذا ثبت عند العرف أنه ينشأ البيع بالمعاطاة يعني فعلاً لا قولاً.

    إذن يمكن أن نقول عند الشرع ايضا كذلك إلا إذا دل دليل على الخلاف في مورد, حمل لفظ البيع وشبهه في الخطابات الشرعية على ما هو الصحيح المؤثر عند العرف أو على المصدر ثم شرح المصدر ما هو مرادك من المصدر؟

    قال: الذي يراد من لفظ بعتُ وهو إنشاء التمليك, فيستدل بإطلاق الحكم بحله كما في قوله: {أحل الله البيع} أو بوجوب الوفاء كما في قوله: {أوفوا بالعقود} على كونه لأن هذا {أحل الله البيع} يعني أحل الله البيع العرفي يستدل منه على أنه مؤثر عند الشرع ايضا. على كونه ذلك البيع مؤثراً في نظر الشرع أيضاً, فتأمّل.

    ذكر المحققون أنّ مراد التأمّل هنا أنه يمكن أن لا يكون مراد هذين العلمين لا الصحيح شرعاً ولا الصحيح عرفاً وإنما هو مرادهم هذا الذي هو متعارف في أزماننا بين المتشرعة. إذن يحتمل على أي معنى؟ يحمل على الصحيح شرعاً؟ لا, يحمل على الصحيح عرفاً؟ لا, يحمل على ما هو المتداول بين المتشرعة.

    طيب إذا قلنا أن البيع الموجود في الخطابات يحمل على ما هو المتداول بين المتشرعة, المتداول بين المتشرعة أنهم عقد البيع يجرونه بأي صيغة فإذن هذا البيع صحيح شرعاً أو ليس بصحيح شرعاً؟ يقول: نعم محمول على هذا, طيب إذا شككنا قيد فيه أو لا يشترط قيد فيه, نتمسك بإطلاق قوله: {أحل الله البيع} لأن هذا بيع عند المتشرعة, افترض أنه في المتشرعة في البيع لا يشترطون اللغة العربية, ولكن في النكاح ماذا؟ يشترطون اللغة العربية, طيب إذا شككنا في البيع أن الشارع يريد العربية أو لا يريد العربية.

    طيب هذا البيع في الآية القرآنية محمول على ماذا؟ محمول على هذا البيع عند المتشرعة, إذن هذا بيع عند المتشرعة الفاقد للصيغة العربية أو ليس بيعاً؟ نعم بيع, طيب نشك أنه يشترط فيه قيد آخر أو لا؟ نتمسك بقوله {أحل الله البيع}. إذن أساساً لا مجال لا للإشكال ولا للتوجيه, فلهذا قال: فإن للكلام محلاً آخر.

    هذا تمام الكلام في المراد من البيع المصطلح, وقد تبين أن الشيخ يرى أن البيع المصطلح هو إنشاء تمليك عينٍ بمال.

    البحث الجديد والذي هو من البحوث المهمة أيضاً والبحوث العملية التي يبتلي كل إنسان متشرع أساساً حياته قائمة على هذا البحث وهو: الكلام في المعاطاة.

    البحث في المعاطاة

    ينصب في هذه الجهة وهو أنه: بعد أن فرغنا أن البيع فيه شرائط وفيه قيود وهناك موانع, إذا تحققت كل تلك الشرائط والقيود في الثمن والمثمن وباقي الشرائط التي يأتي بحثها بعد ذلك, وإنما انتهينا إلى هذه الجهة أن البيع هل يشترط أن يتحقق بالصيغة باللفظ أو أنه لا يشترط ذلك؟

    البحث في المعاطاة في هذه الجهة وهو أنه: بعد أن تحققت الشرائط والقيود وارتفعت الموانع كاملاً هل يشترط أن يكون بصيغة أو لا يشترط أن يكون بالصيغة, بحثنا في المعاطاة هذا, هو أنه القائل بالاشتراط بالصيغة يقول بأنه المعاطاة لا تفيد التمليك الذي ذكرناه في البيع, والقائل هناك أنه لا تشترط الصيغة يقول أنه كما أنه باللفظ يتحقق البيع شرعاً وهو إنشاء تمليك عينٍ بمال مع القبول من المشتري, كذلك يتحقق في المعاطاة, فمن قال أن البيع شرعاً يشترط فيه الصيغة يقول أن المعاطاة لا تفيد ما يفيده البيع الشرعي, (كلام أحد الحضور) بلي الآن البحث أعم الصيغة عربية الآن الصيغة العربية مخصوصة تكون بلفظ ماضي أو لا يكون, البحث بنحو العموم هكذا, أنه نشترط صيغة خاصة أو لا نشترط صيغة خاصة, أو البحث نوسعه أساساً نشترط صيغة سواء كانت عربية أو غير عربية أو يكفي الفعل في تحقق البيع الشرعي.

    قال: الكلام في المعاطاة.

    اعلم أن المعاطاة ما هي؟ على ما فسره, طبعاً لا يخفى أن بحثنا الآن في المعاطاة في البيع, أما المعاطاة في غير البيع من العقود والمعاملات, بحثه سيأتي بعد ذلك, لا يصير خلط في البحث, الآن بحثنا في المعاطاة في البيع, فلهذا تجدون الشيخ أردف هذا البحث بعد البيع مباشرة, هذا البحث ليس في مطلق المعاطاة في مطلق المعاملات والعقود سواء كان بيعاً هبةً صلحاً, لا ليس الأمر كذلك, هذا البحث إنما هو في خصوص المعاطاة في كتاب البيع.

    اعلم أن المعاطاة على ما فسره جماعة أن يعطي كل من اثنين عوضاً عما يأخذه من الآخر, يعطي درهماً ويأخذ الخبز, يعطي هذه الساعة ويعطي مقابلها ثمن ونحو ذلك, بلا أن يوجد هناك أي لفظ من إيجاب أو قبول الآن سواء كان بالعربية أو غير عربية, لا توجد هناك صيغة لفظية وإنما يوجد هناك فقط فعل خارجي.

    أن يعطي كل من اثنين عوضاً عمّا يأخذه من الآخر ويتصور على وجهين, هذه هي القرينة على أن المعاطاة هنا المعاطاة في البيع, لأن هذا التصور على وجهين, هذا مختص بباب البيع وإلا في باب العارية يمكن أن يتصور على أكثر من وجهين كما سيأتي بيانه بعد ذلك, هذه ويتصور على وجهين إذن الكلام أين؟ الكلام في البيع, طيب وسيتضح من الوجهين إما إباحة وإما تمليك وفي العارية نحن يوجد عندنا تمليك, ولكن لا يوجد غير الانتفاع, إذن ويتصور على وجهين يظهر أن محل الكلام أين ما هما الوجهان؟ الإباحة أو التمليك وهذا لا يتصور إلا في البيع لأنه نحن في البيع يوجد عندنا تمليك أما في العارية هل يوجد عندنا تمليك؟ لا يوجد عندنا تمليك, إذن هذا الذي يذكره الشيخ في المعاطاة مختص الآن بباب البيع.

    وهو يتصور على وجهين:

    الوجه الأول: أنه أساساً تمليك وتملّك لا يوجد من قبل المتعاطيين وإنما هناك توجد إباحة, هذا يبيح له أن يتصرف في هذه العين وذاك يبيح له أن يتصرف في هذا الثمن, من قبيل أنك تذهب إلى بيت صديق ويضع الطعام أمامك طيب هذا يملّكك الطعام أو يبيح لك الطعام؟ من الواضح أنه يبيح لك أن تتصرف بهذا الطعام أن تأكل من هذا الطعام ونحو ذلك, هذا عندما يقدم الأكل أمامك لتأكل هذا تمليك أم إباحة في التصرف, لا واضح إباحة في التصرف, عندما نقول أن الشارع جعل من حق المارة أن يأخذوا مقدار كذا من الأشجار التي بالشرائط الخاصة, هذا تمليك من الشارع للمارة أو إباحة من الشارع للمارة؟ طيب إباحة من الشارع لا أنه تمليك لهم, فهل أن المعاطاة تفيد الإباحة إباحة التصرف من الطرفين هذا هو الاحتمال الأول.

    طبعاً الإباحة أيضاً على قسمين لعله تأتي الإشارة إليه بعد ذلك, أنه تارة الإباحة مطلقة يعني أنت يحق لك أن تتصرف في هذا الذي أبيح لك حتى تلك التصرفات التي تتوقف على الملك, من جملة التصرفات أن تبيع ولا بيع إلا في ملك, تارة المراد من الإباحة هذا المعنى وأخرى المراد من الإباحة تلك الإباحة الخاصة يعني ما لا يتوقف على الملك.

    الآن هذا بحثه يأتي, المهم أن المعاطاة لا تفيد التمليك والتملّك وإنما تفيد إباحة تصرف كل من الطرفين فيما وصل إليه من الطرف الآخر.

    أن يبيح كلٌ منهما للآخر التصرف فيما يعطيه من دون نظر إلى تمليك ما يعطي لا البائع لا المعطي الأول يملّك ولا المعطي الثاني يملّك (كلام أحد الحضور) الثاني لا أن يتعاطيا على وجه التمليك يعني كما في البيع الذي يوجد فيه إيجاب وقبول توجد فيه صيغة هنا ايضا في المعاطاة يفيد نفس ما يفيده في البيع. في البيع ما هو؟ إنشاء تمليك عينٍ بمال هنا في المعاطاة ايضا نقول هو إنشاء ولكن إنشاء بالفعل لا أنه إنشاء باللفظ.

    الثاني: أن يتعاطيا على وجه التمليك, هذا التفتوا جيداً, هذا إذا قلنا أن المعاطاة ليست معاملة مستقلة معاملة منفصلة عن البيع, قلنا المعاطاة نتيجةً ترجع إلى حقيقة البيع, أما إذا قلنا أساساًَ أن المعاطاة معاملة مستقلة, أليس يوجد عندنا بيع هبة صلح إجارة ايضا عندنا عقد جديد نسميه بالمعاطاة, أساساً لا علاقة له بالبيع له أحكامه الخاصة به.

    ذهب بعض المحققين الأعلام على أن المعاطاة أساساً لا يرجع إلى البيع حتى نقول أن المعاطاة تفيد الإباحة أو تفيد التمليك كما هو في البيع وإنما هو معاملة مستقلة عقد مستقل كما هو رأي طبعاً كاشف الغطاء(رحمه الله) أنه اعتبر المعاطاة معاملة مستقلة لا علاقة لها بالبيع, وعلى هذا الأساس إذن لابد أن نفسرها بتفسير لا يرجع إلى البيع, لأنها معاملة في مقابل البيع, كيف أن الهبة أو الصلح عقد في قبال البيع فلابد أن يفسر بنحو لابد أن يكون في قبال البيع, كذلك هنا لابد أن يفسر بنحوٍ يكون في قبال عقد البيع.

    من هنا قال: وربما يذكر وجهان آخران منشأ هذين الوجهين هو أن المعاطاة معاملة مستقلة, لا أنه يرجعها إلى البيع ويذكر هذان الوجهان لا معنى لهما كما سيتضح من هذين الوجهين.

    الوجه الأول: أنه يوجد هناك نقل وانتقال خارجي ولكن من غير أن يقصد لا البيع ولا الإباحة, فقط هذان المتعاطيان أحدهما يعطي العين ينقل العين وينتقل إليه مقابل العين, أما هو إباحة؟ يقول لا ليس إباحة, بيع؟ يقول لا ليس ببيع, لا الإباحة يعني الوجه الأول ولا التمليك يعني الوجه الثاني, بل هو النقل والانتقال الخارجي من غير قصد الإباحة ومن غير قصد التمليك, هذا هو الوجه الأول, أحدهما أن يقع النقل من غير قصد البيع, ولا تصريحٍ هذا من غير قصد البيع يعني الوجه الثاني الذي ذكره الشيخ قبل ذلك, هذا على نحو اللف والنشر غير المرتب, لا هو قاصد الوجه الثاني أن يتعاطيا على وجه التمليك, لأن التمليك بعوض هو ماذا؟ هو بيع, وليس تمليك مجاني تمليك بعوض, فإذن لا يقصدان من النقل لا البيع كما في الوجه الثاني المتقدم, ولا تصريح بالإباحة المزبورة كما في الوجه الأول المتقدم, إذن ما هو؟

    يقول: بل يعطي شيئاً ليتناول شيئاً فدفعه الآخر إليه, يعطي شيئاً والآخر يدفع شيئاً في مقابله, فقط نقل وانتقال خارجي يوجد, طيب تمليك هذا؟ يقول لا ليس بتمليك, إباحة هذا؟ يقول لا ليس بإباحة وإنما شيء وراء التمليك ووراء الإباحة, هذا هو الوجه الأول.

    الوجه الثاني: أن يقصد التمليك المطلق بعوض لا التمليك الخاص.

    أنتم تعلمون بأن التمليك ليس فقط في عقد البيع نحن في كثير من الموارد يوجد عندنا تمليك وليس ببيع, التمليك بشرائط مخصوصة تمليك العين بمالٍ هو ماذا؟ هو البيع.

    قد يقال, وإن كان الشيخ قد يناقش بعد ذلك, قد يقال: بأن التمليك بعوضٍ هذا أعم من البيع, الشيخ في مقام الجواب يقول بأنه إذا كان هناك تمليك وكان هذا التمليك على وجه المقابلة والمعاوضة الحقيقية ونحن قلنا فيما سبق أنه يقع بيعاً لا غير, يتذكر الإخوة هذا المطلب, أن الشيخ ذكر أنه إذا كان هناك تمليك لعينٍ على وجه معاوضة فيقع بيعاً لا غير, وإن كان في بعض كلمات الفقهاء أنهم يقولون أنه التمليك للعين بعوض هذا أعم من البيع قد يقع بيعاً وقد يقع غير البيع, كما سيضرب مثاله بعد ذلك.

    إذن الوجهان الآخران اللذان ذكرهما بعض المحققين أن يراد من المعاطاة النقل من غير قصد التمليك ولا الإباحة, أن يراد التمليك المطلق في مقابل التمليك المقيد الذي هو البيع.

    قال: والثاني أن يقصد الملك المطلق دون خصوص البيع لأن التمليك في البيع أحد أفراد وأحد مصاديق التمليك.

    إلا أن الشيخ يقول: هذان الوجهان الأخيران لا يمكن قبولهما لماذا؟ أما الوجه الأول فواضح الدفع؛ لأنه في النتيجة هذا الذي يعطي شيئاً ويأخذ شيئاً لابد قاصد لشيء, لا يمكن أن يخلو قصده أن هذا بيع هذه هبة هذه عارية هذه في النتيجة لابد أن يوجد شيء أما أنه يتحقق الانتقال الخارجي من دون قصد إلى شيء, طبعاً لا يقال بأنه نحن في الواقع الخارجي نقوم بهذا, يتحقق الانتقال ولكن لا يوجد قصد, يقول ارتكازاً موجود, يعني لو سألتك ماذا فعلت؟ تقول بعتُ هذا وأخذت مكانه كذا, ارتكازاً موجود, نحن عندما نقول لابد أن يكون هناك قصد ليس مرادنا أن يكون قصد تفصيلي آن الفعل, مرادنا ولو القصد الارتكازي الإجمالي.

    إذن القول الأول أو المعنى الأول الذي يرى أن البيع هو الانتقال من غير قصد شيء هذا غير معقول, لأنه لا يمكن أن يخلو قصد البائع أو قصد الناقل من إحدى هذه الأمور أنه بيع, أنه إباحة, أنه عارية, ونحو ذلك.

    قال: ويرد الأول ليس الأول في الأوليين, الأول في هذين الثاني, ويرد الأول: بامتناع خلو الدافع عن قصد عنوانٍ من عناوين البيع, أو الإباحة أو العارية, أو الوديعة أو القرض أو غير ذلك, قولك أنه فقط يقصد النقل والانتقال بلا أن يقصد العنوان هذا غير معقول في الواقع.

    (كلام أحد الحضور) أي وجه أول (كلام أحد الحضور) نعم مقصوده هذا المعنى, كما أنا راجعت, مقصوده هذا المعنى بأنه شيء في قبال هذه الأشياء, قلت معاملة مستقلة في قبال هذه لا أنه يرجع المعاطاة إلى واحدة من هذه العناوين المعروفة. وإلا لو كان هكذا معنى أن المعاطاة ترجع إلى واحد من هذه العناوين.

    قال: أو غير ذلك من العنوانات الخاصة. إذن هذا الوجه الأول لا يمكن قبوله, (كلام أحد الحضور) المقصود يريد أن يقول بأنه, لماذا أنا قدمت تلك المقدمة, مقصوده أنه هذا البيع هذه المعاطاة هل ترجع إلى واحدة من تلك أو لا ترجع إلى واحدة من تلك؟ طيب القائل كان يقول لا ترجع, الشيخ يريد أن يقول بأنه في النتيجة لابد أن ترجع نعم يمكن أن يناقش في جملة من هذه.

    طيب في الهبة يقول وغير ذلك, يعني يشمل الهبة؟ نعم يشمل الهبة, مع أنه في الهبة لا يوجد هناك في مقابله شيء يأخذ (كلام أحد الحضور) أنا ايضا أقول, أنه الشيخ يريد أن يقول أنه يرجع إلى واحدة إلى العناوين في النتيجة, طبعاً تلك العناوين التي توجد فيها مبادلة, أما إذا لم تكن فيها مبادلة طيب لا يمكن, لأنه انظروا (كلام أحد الحضور) أيضا أقول انظروا, طيب القرض معاوضة لا توجد فيه, أو غير ذلك غير ذلك ماذا؟ كالهبة, يشمل الهبة أو لا يشمل؟ مقصود الشيخ كما أشرت أنه يريد أن يقول أن الدافع لا يكون له قصد, طبعاً في الهبة المعوضة يمكن أن يقال بأنه أساساً يعطيه في مقابل ماذا؟ أن يهبه الآخر شيء, في القرض أيضاً أن يقال هكذا, في العارية أن يقال بأنه يعيره هذا المعنى, طبعاً حتى أوجه المطلب, يعيره هذا الشيء في مقابل أن يعيره ذاك شيئاً آخر, (كلام أحد الحضور) طيب أنتم شيخنا أيضا أقول, أنه الشيخ يريد أن يقول لا ترجعوا إلى عدم رجوعها إلى واحدة من هذه العناوين غير ممكن, لابد أن ترجع إلى واحدة من هذه العناوين, طيب.

    والثاني: الثاني الذي يمكن أن يقال في المقام, هو أنه أساساً نحن قلنا أنه إذا قصد التمليك على أساس المعاوضة فيقع بيعاً لا غير, لأنه البيع هو ماذا؟ هو التمليك على أساس المعاوضة وهنا ايضا يوجد تمليك في مقابل العوض وهو البيع لا غير, إذن قولك أنه ملك مطلق وليس ببيع هذا غير تام.

    والثاني: بما تقدم في تعريف البيع من أن التمليك بالعوض على وجه المبادلة والمعاوضة الحقيقية هو مفهوم البيع لا غير, وهذا ايضا كذلك لأنه يملك شيئاً على وجه المبادلة والمعاوضة الحقيقية لا غير. نعم. ولكنه الشيخ لا يدخل في جواب هذا لأنه جوابه واضح مما سبق.

    يقول: نعم, يظهر من غير واحدٍ من الفقهاء في بعض العقود كبيع لبن الشاة مدةً مدة سنة يبيع لبن الشاة وغير ذلك كون التمليك المطلق أعم من البيع إلا أنه بناءً على تعريف الشيخ فتمليك العين بعوضٍ ليس أعم من البيع بل هو البيع لا غير.

    يقول: لعله إشارة إلى ذلك المطلب.

    نعم, يظهر من غير واحد من الفقهاء في بعض العقود كبيع لبن الشاة مدة وغير ذلك كون التمليك المطلق أعم من البيع.

    الآن بعد أن ذكر الشيخ القول الأول والقول الثاني, يريد أن يأتي إلى الأقوال في المعاطاة أن المعاطاة تفيد الإباحة, أن المعاطاة تفيد الملكية اللازمة كما في البيع, أن المعاطاة أساساً لا تفيد شيئاً أي منها؟ يقول: الأقوال في المسألة ثلاثة:

    أولاً: ثم أن المعروف بين علمائنا, طبعاً إلى هنا كله مقدمات البحث, أصل البحث بعد لم ندخل فيه تفصيله يأتي.

    ثم أن المعروف بين علمائنا في حكم المعاطاة ثلاثة أقوال: في حكمها أن المعاطاة مفيدةٌ لإباحة التصرف, الآن مفيدة لإباحة التصرف مطلقا أو مفيدة لإباحة التصرف مقيداً بما لم يحتج إلى الملكية هذا بحث آخر سيأتي, المهم, أن المعاطاة تفيد الإباحة وهذا لعله هو المشهور بين المتأخرين من الأعلام, يعني كالسيد أبو الحسن الأصفهاني ونحو ذلك فإن هؤلاء يرون أن المعاطاة لا تفيد إلا الإباحة. نعم متى تكون لازمة؟ إذا تلف أحد العوضين, يعني الثمن أو المثمن إذا تلف إذا تغير إذا مات أحد المتعاقدين عند ذلك تفيد الملك اللازم, وأما قبل تلف أحد العوضين قبل تغير أحد العوضين قبل موت أحد المتعاقدين فالإباحة قائمة على حالها, هذا أباح له وذاك أباح له.

    أنها مفيدة لإباحة التصرف ويحصل الملك بتلف إحدى العينين, الآن الثمن أو المثمن, أو بتغير إحدى العينين أو بموت أحد المتعاقدين, هذا قول.

    وقول آخر: وعن المفيد وبعض العامة القول بكون المعاطاة لازمة كالبيع تفيد التمليك اللازم كما هو في البيع, وهذا معناه أن الصيغة ليست شرطاً في تحقق البيع الشرعي, لازمة كالبيع.

    وعن العلامة في النهاية احتمال كون المعاطاة بيعاً فاسداً, أساساً لا تفيد لا الإباحة كما في القول الأول, ولا تفيد الملك اللازم كما في القول الثاني.

    كونها بيعاً فاسداً في عدم إفادتها الإباحة التصرف في عدم إفادتها لإباحة التصرف, هذا فضلاً عن أن تفيد الملك اللازم.

    طيب الشيخ (رحمه الله) يقول في المقدمة لابد أن نعرف محل النزاع أين, التفتوا جيداً أنه تحرير محل النزاع من المسائل المهمة, نحن عندما نتنازع عندما يقيم كل من الطرفين أو الأطراف الأدلة على مدعاه أساساً محل النزاع أين؟ هذه الأقوال التي ذكرت وهي أنها تفيد الإباحة أو الملك أو لا تفيد شيئاً, هذا إذا قصد المتعاطيان الإباحة فتوجد هذه الأقوال الثلاثة أم إذا قصد المتعاطيان التمليك فتوجد هذه الأقوال الثلاثة أي منهما؟ يعني المتعاطيان إذا قصدا من التعاطي الإباحة فاختلف الفقهاء على ثلاثة أقوال أنها تفيد الإباحة أو تفيد التملّك أو لا تفيد شيئاً, أو أن هذه الأقوال الثلاثة إنما هي في مورد إذا قصد المتعاطيان التمليك فإما تفيد الإباحة إما تفيد الملك وإما لا تفيد شيئاً, أي منهما؟ لأنه وقع الخلاف بين المحقق الثاني(رحمه الله) وبين المحقق صاحب الجواهر, بأن محل النزاع أي منهما؟ المحقق الكركي يقول: أن محل النزاع شيء, والمحقق صاحب الجواهر يقول أن محل النزاع شيء آخر, إذن لابد أن نعرف أن محل النزاع الذي على أساسه وجدت هذه الأقوال الثلاثة وهو الإباحة أو الملك اللازم أو لا تفيد شيئاً, أنه إذا قصدا المتعاطيان الإباحة هذه الأقوال أو إذا قصدا المتعاطيان التمليك هذه في الأقوال.

    ومن هنا يقول الشيخ: ولابد أولاً من ملاحظة أن النزاع في المعاطاة المقصود بها الإباحة توجد فيها هذه الأقوال أو المعاطاة المقصود بها التمليك توجد فيها هذه الأقوال, أي منهما؟

    يقول: الظاهر من الخاصة علماء الإمامية والعامة هو المعنى الثاني, أن المتعاطيين إذا قصدا التمليك ذهب بعض حيث أنه لا يوجد صيغة خاصة لا يوجد لفظ لا يوجد عقد إيجاب وقبول ذهب بعض قال: تفيد الإباحة ولا تفيد الملك وذهب بعض إلى أنه لا تفيد الملك, وذهب بعضهم أنه حيث لا يوجد فيها صيغة شرعية والشارع لم يقل لنا أن المعاطاة سبب للنقل الشرعي إذن لا تفيد شيئاً, هذا إذا قصد المتعاطيان التمليك من المعاطاة فتوجد هذه الأقوال الثلاثة, وهذا ما ذهب إليه المحقق الكركي.

    قال: المقصود بها الظاهر من الخاصة والعامة هو المعنى الثاني, طيب وحيث التفتوا جيداً, طيب إذا قصدا التمليك آخر الإنسان قاصد التمليك, كيف يمكن أن تقع الإباحة؟ هذا يكون داخلاً في قوله ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد, هل يمكن أن يكون صحيحاً, المتعاطيان قصدا ماذا؟ التمليك نقول أنه وقعت الإباحة, الإباحة في مقابل التمليك أم هي نفس التمليك, في مقابل التمليك شيء في قبال التمليك, فكيف يمكن أن نلتزم أن مرادهم أنه تقع إباحة مع قصد المتعاطيين التمليك لا يمكن أن نحمل هذه الإباحة على معناها الظاهر.

    من هنا قال المحقق الكركي أن مراد القائلين أن المعاطاة المقصود بها التمليك أنها تفيد الإباحة المراد من الإباحة يعني الملك الجائز, تفيد الملك ولكن ليس ملكاً لازماً, وإنما ملكاً جائزاً يحق لكل من الطرفين أن يرجع فيما ملكه للآخر.

    إذن القول الأول الذي يقول أن المعاطاة تفيد الإباحة مراده من الإباحة ماذا يصير؟ يعني ملك متزلزل ملك جائز في مقابل الملك اللازم, طيب هذا الملك الجائز متى يكون لازماً؟ إذا تلف أحد العوضين.

    فحمل المحقق الكركي الإباحة في قول القائلين أن المعاطاة تفيد الإباحة حملها على الملكية ولكن الملكية الجائزة لا الملكية اللازمة, لماذا فعل هذا؟ قال لأنه لا يعقل أنه يقصدان التمليك وتقع إباحة, لابد أنهم يقصدان التمليك ويقع تمليك ايضا, إذن مراد القائلين بالإباحة يكون ماذا؟ مرادهم الملكية ولكن الملكية الجائزة لا الملكية اللازمة, طيب هذا الكلام خلاف الظهور أو ليس خلاف الظهور؟ خلاف الظهور.

    من هنا أشكل عليه المحقق صاحب الجواهر بأنه حملك للمتقدمين القائلين أن المعاطاة تفيد الإباحة على الملكية الجائزة هذا على خلاف الظهور, هذا لا يصدر من أصاغر الطلبة فضلاً عن أعاظمهم أنه يطلق الإباحة ويريد الملكية الجائزة, لأن الإباحة شيء والملكية شيء آخر.

    من هنا قال المحقق صاحب الجواهر أن محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان الإباحة لا ما إذا قصدا المتعاطيان الملكية, الآن واضح أنه محل النزاع كيف اختلف.

    قال: من هنا نحن نلتزم أن المتعاطيين ما لو قصدا الإباحة هل هذا يقع هذا أو يقع هذا أو يقع هذا, التفتوا للعبارات.

    قال: والظاهر كذا, الظاهر من الخاصة والعامة المعنى الثاني, وحيث هذا التوجيه الذي ذكره المحقق الكركي لحمل الإباحة في كلمات المتقدمين على الملكية المتزلزلة, لماذا؟

    قال: وحيث أن الحكم بالإباحة بدون الملك قبل التلف لأنه ما صار, معنى الإباحة ماذا كان؟ إباحة أنه لا تفيد الملكية قبل تلك أحد العينين, متى تفيد الملكية المعاطاة؟ إذا تلف أحد العينين, وحيث أن الحكم بالإباحة بدون الملك قبل التلف وحصول الملك بعد التلف هذا لا يجامع ظاهراً قصد التمليك من المتعاطيين, لأنه قلنا محل النزاع أين؟ قصد التمليك, قال هذا لا يجتمع معه لماذا؟ لأنه يقصد التمليك وتقع إباحة هذا يلزم أنه ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع, إذن مراد القائلين بالإباحة ماذا؟ الملكية المتزلزلة, قال: نزّل وحيث جوابه, وحيث كان الأمر كذلك لا يجامع قصد التمليك من المتعاطيين نزّل المحقق الكركي, غلط الكَرَكي, الكرْكي, بسكون الراء, نزّل المحقق الكرْكي الإباحة في كلام القائلين بالإباحة وأن المعاطاة تفيد الإباحة نزلها على الملك الجائز المتزلزل.

    إذن الأقوال تكون ماذا؟ إما ملك جائز متزلزل, وإما ملك لازم, وإما لا تفيد شيئاً. وأنه هذا الملك المتزلزل يلزم يكون لازماً لا جائزاً بذهاب إحدى العينين وحقق ذلك يعني أقام الأدلة على هذا المطلب والشواهد في شرحه على القواعد وتعليقه على الإرشاد بما لا مزيد عليه من التحقيقات الجيدة.

    لكن بعض المعاصرين, في الحواشي أنه المراد صاحب الجواهر, أشكل على مَن؟ أشكل على المحقق الكرْكي, قال: لا يمكن حمل القائلين أن المعاطاة تفيد الإباحة حملها على الملكية الجائزة لماذا؟ لأن الإباحة ظاهرها شيء في قبال الملك فيكف يمكن أن يقال أنهم أطلقوا الإباحة وأرادوا الملكية الجائزة بل لابد من حمل كلامهم على ظاهره, وهو أنهم يريدون الإباحة.

    قال: لكن بعض المعاصرين لما استبعد هذا الوجه أي وجه؟ هذا التنزيل الذي نزله المحقق الكركي, التجأ إلى جعل محل النزاع هي المعاطاة المقصود بها مجرد الإباحة إذن محل النزاع في تلك الأقوال الثلاثة ما لو قصد المتعاطيان التمليك أم الإباحة؟ يقول لا ما قصد المتعاطيان الإباحة وهو المعنى الأول وهو القول الأول.

    إذن الظاهر من الخاصة والعامة أن محل النزاع في المعاطاة وأنه توجد فيها أقوال متعددة ما لو قصدا المتعاطيان التمليك.

    صاحب الجواهر يقول لا يمكن أن يكون مقصودهم التمليك وتقع إباحة, وحيث أن هذه الإباحة لابد أن تحمل على ظاهرها إذن محل النزاع في المعاطاة أين؟ ما لو قصدا المتعاطيان الإباحة لا التمليك, واضح المطلب.

    فلهذا قال: التجأ إلى جعل محل النزاع هي المعاطاة المقصود بتلك المعاطاة مجرد الإباحة ومن هنا ماذا قال؟ ورجح بقاء الإباحة في كلام المتقدمين على ظاهرها لا أنه يراد من الإباحة في كلامهم الملك الجائز الملكية المتزلزلة لا يراد بها الإباحة وهي إباحة التصرف, في كلامهم على ظاهرها المقابلة للملك, ونزّل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه قال أنهم عندما قالوا أنها تفيد الإباحة لأن قصد المتعاطيين كان ايضا إفادة الإباحة.

    فإذن ذهب بعض القدماء إلى أن القول الأول لأن قصد المتعاطيين كانت إباحة لا أن قصدهم كان التمليك, (كلام أحد الحضور) نعم بلي (كلام أحد الحضور) طيب هذا متقدمين يقصد متقدمين, أنه محل النزاع عند المتقدمين في أن المعاطاة تفيد تلك الأقوال الثلاثة أين؟

    الشيخ يدعي وسيثبت هذا المعنى بعد ذلك, ويناقش صاحب الجواهر يقول كلام غير تام, لهذا قلت نحن الآن بعدنا في مقدمة الكلام, فيناقش المحقق الكركي ويناقش المحقق صاحب الجواهر ويذكر في المعاصر كلامه الذي يريد, بلي في أول الكلام الآن, يعني ليس هذا مختار الشيخ أنه طيب إذا كلام صاحب الجواهر هكذا إذن كيف يدعي الظهور هناك, سيثبت ذلك الظهور بعد ذلك عندما ينقل كلامات الفقهاء.

    يقول: نزّل مورد حكم قدماء الأصحاب بالإباحة على هذا الوجه وطعن على المحقق الكركي, وطعن على من جعل محل النزاع في المعاطاة بقصد التمليك أن المتعاطيين يقصدان التمليك قال هذا غير ممكن, قائلاً أن القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك مما لا ينسب إلى أصاغر الطلبة, طيب كيف يمكن أنه هؤلاء يقولون أنها تفيد الإباحة وقصدهم تفيد الملكية, إذن لابد أن يحمل كلامهم على ظاهره, يقصدان الملكية لأنه محل النزاع أنتم قلتم تمليك ولكنه يقع إباحة هذا كيف يمكن.

    قائلاً: أن القول بالإباحة الخالية عن الملك مع قصد الملك مما لا ينسب إلى أصاغر الطلبة فضلاً عن أعاظم الأصحاب وكبرائهم.

    هذا إلى هنا كان الخلاف القائم أن محل النزاع في أقوال المعاطاة تفيد الإباحة أو الملكية اللازم أو لا تفيد, أن محل النزاع هو الملكية التمليك, أو محل النزاع هو الإباحة.

    الآن من هنا الشيخ يريد أن يدخل في مناقشة كلا القولين.

    يقول: والإنصاف أن ما ارتكبه المحقق الثاني في توجيه الإباحة في كلام القدماء, بالملك المتزلزل بعيد في الغاية, كما قاله صاحب الجواهر, بعيد في الغاية عن مساق كلمات الأصحاب كما سيتبين مثل الشيخ في المبسوط والخلاف والحلي في السرائر وابن زهرة في الغنية والحلي إلى آخره والعلامة في التذكرة وغيرها, بل كلمات بعضهم صريحة في عدم الملك فإذا كانت صريحة في عدم الملك فكيف يمكن أن تحمل الإباحة على الملكية الجائزة كما ستعرف, طيب فقط هذا بعيد غايته؟ يقول: إلا أن جعل محل النزاع كما ادعاه صاحب الجواهر ما إذا قصد الإباحة دون التمليك أبعد مما ادعاه المحقق الكركي بل لا يكاد يوجد في كلام أحد من الفقهاء ما يقبل الحمل على هذا المعنى وهو أن محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان الإباحة دون التمليك, ولننقل أولاً كلمات جماعة ممن ظفرنا على كلماتهم ليظهر منه ماذا؟ يظهر منه بعد تنزيل الإباحة على الملك المتزلزل كما صنعه المحقق الكركي, وابعدية جعل محل الكلام في كلمات قدمائنا الأعلام ما لو قصد المتعاطيان مجرد الإباحة مجرد إباحة التصرفات دون التمليك, فنقول: وبالله التوفيق.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2011/11/02
    • مرات التنزيل : 1323

  • جديد المرئيات