المُقدَّم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحييكم في هذه الحلقة من مطارحات في العقيدة، أنهينا ما تقدم من البحث حول رزية يوم الخميس، واليوم نبدأ موضوعاً جديداً يدور حول حديث الرسول الكريم الذي يخاطب فيه سيد الأوصياء علي بن أبي طالب (حديث رسول الله: يا علي أنت خليفتي من بعدي، القسم الأول) حول هذا الموضوع سوف نستطلع رأي سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، لكم الكلام سماحة السيد ولكن قبل أن ندخل في الموضوع يظهر أن الموضوع بحاجة إلى مقدمة، فما هي هذه المقدمة التي سوف تقدمها قبل الدخول في صلب هذا الموضوع الذي بالتأكيد سيأخذ أكثر من حلقة من البرنامج.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع أعتقد أنه قبل أن ندخل في مسألة الخلافة والولاية والإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنها هل هي بالتعيين أو هي بالشورى وأن النبي صلى الله عليه وآله ترك الأمة بلا أن يعيّن أحداً، وجعل الإمامة والخلافة والولاية من بعده شورى بين أهل الحل والعقد، هناك أصل لابد من الالتفات إليه وإلا ما لم نلتفت إلى هذا الأصل وهذه القاعدة فأننا لا نستطيع أن ننتهي إلى أمر ذي شأن في هذه المسألة.
وهذا الأصل هو أن نتعرف على شخصية الرسول الأعظم وما هي المسؤوليات التي أوكلت إليه في الأمة.
لا أريد أن أطيل الكلام وإلا فالبحث يستحق أن نقف عليه كثيراً لأنه ما لم تتضح لنا الرؤية والأبعاد الموجودة في شخصية النبي الأكرم لا نستطيع أن نتعرف على الأبعاد التي توجد للخليفة الذي يخلف هذا الشخص. يعني أولاً لابد أن نعرف مسؤوليات النبي حتى نتعرف على مسؤوليات خليفة النبي وإلا إذا كانت مسؤوليات النبي في الأمة مجهولة ومبهمة وغائمة بطبيعة الحال لا نعرف أن هذا الخليفة خليفة في أي بعد وفي أي مجال، وهذا البحث في الأعم الأغلب عادة عندما يدخلون هذه المسألة عندما تطرح والآن أتصور أنها تطرح في المواقع والفضائيات نجد أنهم مباشرة يدخلون على هذه المسألة وهي هل أن رسول الله عين من بعده أحدا أو لم يعين، من غير أن يشخصوا ما هي صلاحيات وما هي مسؤوليات وما هي الأدوار التي أوكلت إلى الأصل حتى نتعرّف من خلال على الأدوار والمسؤوليات التي أوكلت إلى الخليفة الذي هو فرع ذلك الأصل.
في تصوري بنحو الإجمال يمكن أن أشير إلى أبعاد ثلاثة لشخصية النبي صلى الله عليه وآله، طبعاً هناك أبعاد أخرى ولكن الآن لا أريد الدخول فيها:
البعد الأول: البعد الذي عبر عنه القرآن بأنه رسول يوحى إليه من الله ليبلغ رسالة السماء إلى البشر وإلى الأمة وإلى البشرية (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) باعتبار أننا نعتقد أن هذه الشريعة هي الشريعة الخاتمة التي هي صالحة لكل زمان ومكان وفي أي بعد من الأبعاد التي انتهى إليها العقل البشر والحضارة الإنسانية.
إذن البعد الأول وظيفة الرسول أن يبلغ الناس ما أمر الله وما نهى ونحو ذلك (يا أيها الرسول بلغ …) ولذا نجد القرآن يقول (وما هو على الغيب بضنين) عنده وظيفة أن يأخذ عن طريق الوحي أوامر الحق سبحانه وتعالى ويوصلها … فيقول إن الله سبحانه وتعالى أيها البشر إن الله سبحانه وتعالى أمركم بالصلاة، إن الله سبحانه وتعالى أمركم بالخمس، إن الله سبحانه وتعالى أمركم بالصوم، بالزكاة، بالحج … وكل مفردات الشريعة.
قد يقول قائل: سيدنا لا أراك تقول قال التوحيد والنبوة والإمامة.
الجواب: هذه من الأمور العقلية وليست من الأمور التعبدية حتى تتوقف على النقل، وإذا بينها القرآن الكريم وبينها النبي الأكرم فهو إنما يبينها مع دليلها العقلي لا أنها تقبل تعبداً، الفارق الأساس بين الأمور العقدية والأمور الفرعية أن الأمور العقدية لابد أن تكون مقرونة بالدليل، لا أن الرسول يطلب من الأمة أن الله واحد. يقولون: لماذا أن الله واحد. يقول: أنا أقول لكم تتعبدون بأن الله واحد، لا، ليس الأمر كذلك، لابد من إقامة الدليل على ذلك، لذا أنا لم أشر إلى الأبحاث العقدية.
أما عندما يأتي يقول إن صلاة الصبح ركعتين لا أكثر، هذا أمر تعبدي، لماذا؟ يقول: ويسلموا تسليماً، لماذا يقول تطوفون حول هذا البيت بهذا النحو وسبعة أشواط، يا رسول الله لماذا ليس تسعة أو خمسة أو أربعة، أنا أريد أن أضيف؟ يقول: لا، كما أقول، صلوا كما رأيتموني أصلي.
إذن البعد الأول هو بعد التبليغ وإيصال وحي السماء إلى الامة.
البعد الثاني: هو التبيين، يعني كثير من الأمور التي يوصلها إلى البشرية في بعض الأحيان قد يقع فيها الاختلاف، من المرجعية الدينية فيها، هو النبي، وهذا ما أوضحناه عندما وقفنا على المرجعية الدينية، لماذا؟ باعتبار أننا أمرنا بالقرآن الكريم قال (لتبين للناس ما نزل إليهم) (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أن يكون) التبيين لابد أن يبين. هذا الأمر الثاني.
كلا هذين الأمرين مرتبط ببعد واحد إن صح التعبير، المقدمة قد تطول ولكن ضرورية لفهم الابحاث اللاحقة، كلا هذين البعدين مرتبط ببعد واحد أو بجهة واحدة وهي بيان الدين للبشرية. التبليغ. تبليغ مع تبيين. ولكنه إذا قال للأمة أدوا الخمس فالناس بالخيار أدوا الخمس أو لم يؤدوه، وإذا لم يؤدوا ماذا يقول لهم؟ يقول لهم سيعاقبكم الله. ولكن يبعث إليهم من يأخذ الخمس منهم أو الزكاة بالقوة. لا أبداً. هذا البعد ليس هذا دوره، ولهذا هذا البعد تقريباً ينسجم مع الفترة المكيّة وهو أن الرسول لم يكن بيده إلا أن يبين ولا يوجد شيء آخر.
أن يقول: صوموا، يأتي شخص ويقول له صم. بعد دعوي محض، لا بعد تنفيذي تطبيقي.فقط أريد أن أقول يعني إذا أردنا أن نقرب هذه الجهة، هي السلطة التشريعية في الدولة الحديثة، السلطة التشريعية تأتي وتشرع وتقول هذا تشريع وهذا تشريع، يعني يأتي رسول الله ويقول من شرب الخمر فحدّه كذا، ويأتون بشخص قد شرب الخمر ماذا يفعل له؟ هذه غير مرتبطة بهذا البحث.
أما البعد الثاني وهو البعد التطبيقي والذي اصطلح عليه ليس مرتبط ببيان الدين وقواعد الشريعة والتشريعات الإلهية وإنما هو مرتبط بإقامة الدين في حياة الناس، فرق كبير بين بيان الدين وبين إقامة الدين، أنا أريد أن استعمل الاصطلاحي القرآني لأن القرآن يقول: (أقاموا الصلاة) أقاموا الصلاة ليس معناها صلوا، بل معناه أنهم وضعوا ضوابط أن الدولة تتبنى إقامة مثل إقامة العدل مرة يبين أن العدل هذا ومرة يقيم العدل الاجتماعي في حياة الناس، يقيم العدل السياسي في حياة الناس.
المُقدَّم: في الاصطلاح الحديث قانون على المادة الدستورية وفيه إلزام.
سماحة السيد كمال الحيدري: وبعبارة أخرى السلطة التنفيذية.
هذان بعدان في شخصية النبي، إذا لم يثبت عندنا البعد الثاني في شخصية النبي أساساً لا معنى أن نبحث أن النبي عين خليفة أو لم يعين خليفة، لماذا؟ باعتبار أن البعد الأول في شخصية النبي لا يحتاج إلى خليفة، من صار عالماً يستطيع أن يبلغ لله، البعد الدعوي لا يحتاج إلى أن يخلف رسول الله أحداً في الأمة، الذي يحتاج إلى التعيين هو البعد الآخر والبعد التطبيقي، بعد إقامة الدين في حياة الناس وأنت عندما تأتي إلى القرآن الكريم تجد الآيات التي تكلمت عن البعد ا لثاني … البعد الأول أتصور من المسلمات يعني ليس فيه بحث، إنما الكلام في البعد الثاني، لقائل أن يقول: ما الدليل على البعد الثاني؟ الجواب: الآيات في هذا المجال كثيرة مرة الله سبحانه وتعالى يقول: (أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة) أو (يؤتون الزكاة) ومرة يقول لرسوله (خذ من أموالهم صدقة تزكيهم وتطهرهم) لا أنه بلغهم أن الصدقة واجبة، لا، أبعث من يجبي الصدقات ويأخذ الصدقات، يعني وضع دائرة وجهة مختصة وظيفتها جباية الصدقة، يعني أن ذلك الإنسان مخير أن يدفع أو لا؟ كما الآن في الدولة الحديثة يشرع القانون ويعطى بيد السلطة التنفيذية والسلطة التنفيذية تقيمه وتطبقه في حياة الناس، وليس الناس في خيار أن يقبلوا أن لا, يعني إذا شرب الخمر رسول الله صعد المنبر وقال من يشرب الخمر فيجلد كذا وكذا، وجيء له بشخص شرب الخمر لا يقول تب إلى الله والله يتوب عليك، لا، يقيم عليه الحد. نعم، إذا سرق يقيم عليه الحد، هذه إقامة الحد وأخذ الزكاة وأخذ الصدقة هذا ليست مرتبطة بالبعد الأول وإنما مرتبطة بالبعد الثاني، ولذا تجد القرآن الكريم بشكل واضح وصريح، طبعاً هذه القضية ليست مختصة بشريعتنا، بل في كل الشرائع هذه القضية واضحة وموجودة بشكل واضح وصريح.
انظروا إلى هذه الآيات المباركة في سورة المائدة، قال تعالى: (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والانف بالأنف والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) يعني ليس فقط تشريع، كتبنا أنه أفعل يعني قصاص النفس بالنفس وقصاص العين بالعين والأنف بالأنف، ليس فقط بيان التشريع وإنما تطبيقه في حياة الناس، لأنه قال ومن لم يحكم فهم الظالمون. وفي آية أخرى (فمن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) و(وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه) بما أنزل الله البعد التبليغي، يحكم بما أنزل فيه البعد التنفيذي والتطبيقي (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون). إذن عشرات الآيات تتكلم عن هذه. وإذا أردنا أن نعطي الطابع العام للفترة المكية لعله تنسجم مع البعد الأول للشخصية النبوية، وإذا أردنا أن نذكر طابع الفترة المدنية نجد أنها تنسجم مع البعد الثاني ولذا تجدون أن النبي صلى الله عليه وآله عندما جاء إلى المدينة شكل دولة بالمعنى المتعارف في ذلك الزمان، لا يتبادر إلى الذهن عندما أقول دولة يعني كانت هناك سلطة تنفيذية منفصلة عن السلطة التشريعية، هذه اصطلاحات الدولة الحديثة ونحن بنحو ما قد نقبلها وقد تجتمع في شخص واحد، ولذا رسول الله كان مشرّعاً وكان منفذاً وكان قاضياً هو الذي يقضي بين الناس. إذن هذه القضية لابد أن تكون واضحة بشكل لا مجال للريب فيها وهي أن السيرة النبوية والحياة النبوية والشخصية النبوية الخاتمة لا تنحصر ولا تتلخص في البعد الأول أو الثاني وإنما بالإضافة إلى هذين البعدين يوجد البعد الثالث أو الثاني الأساسي وهو بعد إقامة الدين في حياة الناس، ويكون في علم الأعزاء نحن حتى لو لم توجد عندنا أدلة قرآنية أو روائية على ذلك تكفينا السيرة النبوية لأن سنة النبي قولاً كانت أو فعلاً أو تقريراً وفعله أقام دولة أو لم يقم دولة؟ ولهذا كتبت عشرات الكتب لبيان أحكام النبي المرتبطة بالأحكام السلطانية والمرتبطة بالحكم والقيادة والإدارة والحرب والسلم ونحو ذلك.
الإنسان ينظر إلى المجتمع المدني هذه الفترة القصيرة وهي الفترة المدنية يجد أن الرسول بحسب تلك الشروط والظروف التي كانت حاكمة هناك أن النبي صلى الله عليه وآله تصدى لإقامة دولة بالمعنى المصطلح في ذلك الزمان لا يتبادر إلى الذهن ولا يشكل علي مشكل ويقول سيدنا لا، لم نجد ملامح الدولة العصرية في ذلك الزمان، لا لا، أنا لا أدعي أن الدولة العصرية موجودة في … أساساً الدولة العصرية متأخرة ولا معنى لأن نسقطها على ذلك.
وهنا لابد من بيان قضية وهي أنه لا ينبغي أن نسقط ما اصطلحنا عليه وما انتهينا إليه على التراث لفهمه، الآن عندنا اصطلاحات رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، تقولون لو كانت هناك سلطة تنفيذية أين نجد في الآيات والروايات رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، لا يا أخي، هذه اصطلاحات حديثة وهي اصطلاحاتنا، لابد أن نرجع إلى القرآن لكي نعرف اصطلاحه والمفهوم الذي يتعامل به في هذا المجال.
إذن الشخصية النبوية والسيرة النبوية قولاً وفعلاً قائمة على أساس البعد الأول فقط أو البعد الأول والثاني؟ الجواب: قوامها بالبعد الثاني، وإلا لو لم تكن لما تشكلت عندنا دولة إسلامية … نحن في ربع قرن أو في نصف قرن نستطيع أن نشكل امبراطورية إسلامية في ذلك الزمان، هذه لم تتشكل من خلال البعد الدعوي فقط أو البعد التبليغي أو البعد التبييني فقط.
المُقدَّم: من مستلزمات شخصية النبي البعد الأول.
سماحة السيد كمال الحيدري: وقد يفترقان، ولكن في وجوده المبارك عليه الصلاة والسلام نجد أنه مبلّغ ومبين وحاكم وقاضٍ ومشرع … طبعاً قد يقول قائل: هل هذه من مختصات النبي أم أنها استمرت بعد ذلك، هذا هو الذي لابد أن نبحث عنه. إذن أتصور بهذه المقدمة ولو كانت مجملة جداً استطعنا أن نحرر بالاصطلاح الحوزوي أن نحرر محل النزاع، يعني عرفنا موضوع المسألة أين، وبعد ذلك لابد أن نرى أن الرسول عندما ذهب هل عين للبعد الأول وشخص من هو المرجع في البعد الأول، يعني في المسألة الدينية، المرجعية.
المُقدَّم: أجبنا عنه في بداية …
سماحة السيد كمال الحيدري: وسنؤكده لاحقاً، وهكذا سوف نقف هل أن الرسول صلى الله عليه وآله تحدث عن البعد الثاني أو ترك الأمة بلا تعيين وبلا قائد بهذا المعنى.
إذن أيضاً أؤكد على نكتة أخرى منهجية وتمهيدية للبحث، ولذا عندما نبحث عن الأدلة وهذه النقطة في الأعم الأغلب يغفل عنها، أن الأدلة التي نقيمها أو نستدل بها من القرآن أو من الرواية بعضها بصدد إثبات البعد الأول، وهذا لا يستلزم منه البعد الثاني، وبعضها بصدد إثبات البعد الثاني وبعضها بصدد إثبات البعدين معاً، إذن لابد أن ننظر مضمون الدليل الذي نريد أن نستدل به هو بصدد إثبات المرجعية الدينية وأن لا يتم الخلط بين الأدلة.
المُقدَّم: تريد أن ترد على البعد الأول باستخدام دليل البعد الثاني.
سماحة السيد كمال الحيدري: والعكس صحيح، أو تستدل على البعد الثاني بأدلة مرتبطة بالبعد الأول، وهذا الذي تجدون أن واحدة من إشكالياتنا المنهجية الموجودة في كتبنا الكلامية وخاصة في أبحاث الإمامة، تجد أن الطرف الآخر يعني مدرسة أهل السنة عندما تقرأ لهم بعض الروايات والنصوص من نهج البلاغة أو بعض الروايات من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله. يقولون: نعم، نحن نقبل أن علياً كان أحد مراجع الدين في هذا المجال، ولكن هذا لا علاقة له ببعد الخلافة والسياسة، ولعل الحق مع بعضهم، لأن الدليل إنما يسوق إلى البعد الأول فلا يمكن الاستناد إليه لإثبات البعد الثاني.
وهذا ما سنتوفر عليه بإذن الله تعالى ولذا مع كل احترامي لكل الأبحاث التي تطرح في مثل هذه المسألة أنتم لو تنظرون إلى المواقع والقنوات والفضائيات تجدون أنه يوجد خلط كبير بين أدلة البعد الأول وأدلة البعد الثاني ويستدل للبعد الثاني الذي هو محل النزاع بين علماء المسلمين يستدل بأدلة … أعلمكم علي، أقضاكم علي … افترضوا أن الطرف الآخر يسلم بهذه، يقول: أنا أعلم بهذا, ولكن من قال بأن الأعلم لابد ان يكون هو الحاكم، نعم الحاكم السياسي والقائد السياسي والخليفة السياسي يكون أحد الصحابة وفي مسائله العلمية يرجع إلى الاعلم، ويقولون لا محذور، فأن الخليفة الأول والثاني والثالث في أمورهم العلمية والدينية رجعوا إلى علي بن أبي طالب، وعلي بن ابي طالب في كثير من الأحيان في نهج البلاغة وغيره إنما أشار إلى البعد الأول ولم يؤكد على البعد الثاني.
إذن هذه القضية لابد أن تكون بمكان من الوضوح وبمكان من المنهجية وبمكان كبير حتى أنه لا يقع الخلط بين مثل هذه الأبحاث المرتبطة بالبعد الأول، يعني أدلة البعد الأول وأدلة البعد الثاني، ولذا نحن بقدر ما يمكننا، وإلا إذا أردنا الدخول في تفصيل هذه المسألة كونوا على ثقة لا ننتهي معكم في 100 حلقة لا في خمس حلقات، في 100 حلقة لا ينتهي هذا البحث لأن عشرات الأدلة الرواية والقرآنية لا أريد أن أقول تحدث عن خلافة علي بن أبي طالب، لا لا، أريد أن أشير إلى أن هناك العشرات من الأدلة تكلمت عن البعد الأول يعني البعد الديني والمرجعية الدينية وعشرات الأدلة تكلمت عن البعد الثاني يعني الخلافة أو بعد التطبيق وإقامة الدين في حياة الناس.
المُقدَّم: سماحة السيد ما دمنا نتحدث عن مصادر البعد الثاني، ما الذي أو ما الاصطلاح الذي استخدمه القرآن الكريم للإشارة إلى البعد الثاني في شخصية الرسول أو في شخصية … الذي يترأس المجتمع الإسلامي.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه نقطة أساسية، هنا يأتي البحث الذي اشرت إليه إجمالاً قبل قليل وهو أنه لا ينبغي إسقاط اصطلاحاتنا في الدولة الحديثة على اصطلاحات القرآن والمفاهيم القرآنية، القرآن له مفاهيمه واصطلاحاته الخاصة، لا يأتي قائل ويقول: أين يوجد في القرآن أن النبي عين قائداً سياسيا، لا يوجد عندنا أي دليل. نعم، لو بحثت في أي دليل لا يوجد عندنا قول لرسول الله يقول فيه عينت قائداً سياسياً بعدي. ولكن لماذا لم يوجد؟ لأن هذا اصطلاح متأخر وكيف لنا أن نحاكم النصوص المتقدمة على اصطلاح متأخر فلا معنى له. طبعاً عشرات المصاديق موجودة لهذه القضية والآن لا أريد الدخول فيها تفصيلاً.
مسألة الشورى، هذه من الأخطاء الشائعة عندما يسمعون الشورى الكثير تصور أن القرآن عندما يقول (وأمرهم شورى بينهم) قالوا انظروا أن القرآن يقول بنظرية الديمقراطية وحكومة الشعب، يا أخي العزيز هذه اصطلاحات مستحدثة لها قواعدها، ومبنية على فلسفات بشرية، لا علاقة لها باصطلاح الشورى في القرآن، وإلا لو كان اصطلاح الشورى في القرآن يشير إلى هذا لبين النبي كما بين الصلاة ما هي كان بين الشورى ما هي وحدودها ما هي، هل هي بالأكثرية نصف زائد واحد أو أكثرية الثلثين أو أكثرية 60% ، أبداً لا يوجد عندنا نص واحد يتكلم عن حقيقة الشورى، فلو كانت أصلاً من أصول النظام السياسي في الإسلام أليس على الرسول أن … الرسول الذي يقول (ما من شيء يقربك إلى الله إلا وبينته وأمرتكم، وما من شيء يبعدكم إلا ونهيتكم عنه) بينكم وبين الله الذي بين لنا أصغر الصغائر كل صغيرة وكبيرة إلا وبينها رسول الله وعندما نأتي إلى حكومة الإسلام والنظام السياسي في الإسلام رسول الله لا يشير لها ولا في رواية واحدة. أيعقل هذا.
إذن هذه قاعدة وهي أنه لا ينبغي إسقاط المفاهيم التي نفهما من بعض الاصطلاحات على المفهوم القرآني، ولا ينبغي أن نفهم المفهوم القرآني من خلال المصاديق المعاصرة لنا، يعني القرآن عندما قال (وأمرهم شورى بينهم) أو عندما قال (وشاورهم في الأمر) لا يتبادر إلى ذهنك أن هذه هي نظرية الشورى في عصرنا أو الديمقراطية، أو حكم الشعب للشعب، لا علاقة لهذا …
اليوم سنعيش حالة المقدمات حتى يتبين البحث ويعتمد على قواعد صحيحة منهجية والأطر تكون واضحة ماذا نريد أن نبحث.
في الواقع أهم وأفضل وأدق اصطلاح استعمله القرآن للإشارة إلى البعد الثاني الذي أشرنا إليه في الشخصية النبوية هو مفهوم الولي والولاية ونحو ذلك من مشتقاتها. قد يقول قائل: ما الدليل؟ أقول كونوا على ثقة لا استطيع أن أفصل هذه الأبحاث ولكني امر عليها مرور الفتاوى والعناوين من غير تفصيل.
انظروا إلى هذه الآية المباركة في قوله تعالى في سورة المائدة قال: (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) هذه الآية 55 من سورة المائدة, الآن اتركوا ما هو مصداق الذين أمنوا … إنما للحصر، إنما وليكم الله ورسوله، قد يقول قائل: سيدنا المراد من الولاية هنا يعني المحبة؟ أنا سؤالي هذا قد يقول وليكم الله يعني من تحبونه ومن تنصرونه ومن تمدونه الله ورسوله، ولكن هذا سؤالي أن الله سبحانه وتعالى ورسوله فقط له مقام المحبة والنصرة فقط أو أن البعد الثاني أيضاً موجود؟ هنا السيرة النبوية والأدلة تقول أن رسول الله كما ينبغي على الامة أن تنصره وأن تحبّه يجب عليها أن تتولاه يعني أن تتخذه إماماً وقائداً وتطيعه في كل ما يريد، ولذا نجد في القرآن الكريم يقول (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) إذا كان القضية مرتبطة بالبعد التبليغي ما معنى الإطاعة، الإطاعة لا تكون إلا إذا كان هناك آمر، والآمرية مرتبطة بالبعد الأول من شخصية النبي أو بالبعد الثاني، مرتبطة بقيادة الإنسان ومرتبطة بالبعد التطبيقي في حياة الإنسان، هذا مضافاً إلى أنه القرآن الكريم عندما ننظر إلى هذه الآيات نجد بشكل واضح وصريح بأنه أساساً الآيات التي قبلها وبعدها تبين بأن القضية ليست مرتبطة بالمحبة فقط، هذه الآيات التي قبل هذه الآية من سورة المائدة قال تعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) إذن القضية مرتبطة بالمحبة أو بالحكم (وإن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فأعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وأن كثيراً من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون) هذه مرتبطة بالبعد الاول من شخصية النبي أو بالبعد الثاني (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) ثم قال: (يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياً) يعني لا تحبونهم، أنا لا أتصور أن قضية الحب له ذلك التأثير، الذين يخرب المجتمع الإسلامي أن يجعل للكافر ولاية على المسلم، ما معنى أن يجعل للكافر ولاية؟ يعني أن يأتمر المسلم بأمر غير المسلم (يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فأنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين … يا أيها الذين أمنوا …. إنما وليكم الله ورسوله) يعني القيادة بيد الله ورسوله ثم قالت: (والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ثم أشرنا إلى القرينة الاخرى وهي أن الآية بعد ذلك قالت (يا أيها الذين أمنوا) الآن نحن جعلنا الرسول والياً وولياً عليكم، ما هي وظيفة الأمة أن تطيع أو تخالف؟ الله يقول (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منك) إذن إلى هنا يتضح لنا بشكل واضح وصريح أن الذي يعبر عن هذا البعد الثاني هو عنوان مفهوم الولاية في القرآن الكريم. طبعاً حتى لا أطيل على الأعزاء طبعاً أنا معتقد أن هناك عنوان آخر يشير إلى هذه القضية أيضاً وهو عنوان الإمامة.
انظروا إلى هذه الآية المباركة في سورة البقرة الآية 124 قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً). هذا أي مقام؟ مقام النبوة. الله يتكلم معه إذن هو نبي، مقام القدوة والأسوة؟ أيعقل أن يكون نبياً من أنبياء أولي العزم ولا يكون قدوة وأسوة هذا تحصيل حاصل. إذن ماذا بقي؟ الجواب: البعد الثاني وهو أنه في أخريات حياته أمر إبراهيم بأنه لا يكفي أن تبين الدين للناس والشريعة للناس وظيفتك الآن أن تقيم الدين في حياة الناس. وهذا مقام عظيم بدليل أن إبراهيم لم يصل له إلا في أخريات حياته، ولذا طلبه لذريته قال (ومن ذريتي).
المُقدَّم: هو دليل على أن من مستلزماته المقامات السابقة.
سماحة السيد كمال الحيدري: يعني كل هذه المقامات تؤدي إلى هذا المقام، (قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). هذا له بحث آخر لا أريد الدخول فيه.
إذن من العناوين المهمة في هذا المجال هذا العنوان وهو عنوان الإمامة.
السؤال المطروح: أين يقع بحث الخلافة؟ الجواب: الخليفة هو من يخلف من له مقام الإمامة. ومقام الولاية. من يخلف هذا المقام. هذا البعد الثاني.
إذن عندما نتحدث عن الخليفة وعن الخلافة إنما نتحدث عن من يقوم مقام البعد الثاني في الشخصية النبوية، من يقوم مقام البعد الثاني من الشخصية النبوية، تقول: يعني البعد الأول لا يقوم أحد مقامه؟ أقول: لا، بل هناك من يقوم، ولكن تلك مرتبطة بالمرجعية الدينية ولكن الاصطلاح الكلامي والذي يصطلح عليه عندما نقول أن فلان خليفة رسول الله هذه الخلافة ليس المراد منها البعد الأول وهو المرجعية الدينية، عندما يقال أن فلان هو خليفة رسول الله المراد البعد الثاني يعني الولاية يعني (أولي الأمر منكم). نعم، الرسول صلى الله عليه وآله هذه الولاية قد يعطيها لغيره أيضاً، يقول هذه الولاية الثابتة لي أفوضها لفلان في بعض الموارد. هذه الصلاحية أعطيت له.
المُقدَّم: اذهب لجباية المال.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا نحو من الولاية، وإلا هذا الإنسان من أين عنده الولاية هذه الولاية مرتبطة بالأصل التي هي ولاية رسول الله التي هي مرتبطة بولاية الله فلذا قال القرآن الكريم (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) إذا لم تكن هذه الولاية متفرعة بشكل كامل على ولاية الله سبحانه وتعالى فلا معنى أن يكون طاعتها طاعة الله سبحانه وتعالى، وهذه واحدة من أهم أدلة العصمة المطلقة لرسول الله، في كل شيء، لماذا؟ لأن القرآن الكريم لم يقل لنا أطيعوا الرسول في الأمور الدينية ولا تطيعوه في الأمور الدنيوية، أنتم أعلم بأمور دنياكم، لا أبداً، هذه الآية مطلقة قالت (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) فيها قيد أو لا يوجد فيها؟ في كل شيء دنيوياً كان أو اخروياً ثم قالت: (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله).
سؤال إذا كان رسول الله ولو خطأ ولو سهواً ولو نسياناً ولو غفلة فمن يطيعه في غفلته أطاع الله أو لم يطع الله؟ لم تتحقق إطاعة الله لان هذا اشتباه أمرني بأمر اشتباه، إذن لا يعقل حتى أربط هذا البحث ببحث الأمس إذن لا يعقل أن يوجد شخص في الأمة أعرف منه في مصلحة الأمة وأدق منه تطبيقاً لأحكام الدين وأكثر استشرافاً منه للمستقبل، وإلا لازمه أنه من أطاعه لم يطع الله وأطاع الخليفة الثاني. لأن طاعة الخليفة الثاني تكون إطاعة الله، إذن قوله عندما قال في الحديث الذي قرأناه بالأمس في حديث أبي هريرة أن رسول الله قال كذا وبشرهم بالجنة ثم قال له لا تفعل … إذن تبين افعل الذي قاله رسول الله كان إطاعة الله أو لا تفعل إطاعة الله؟ تبين أن الحديث لا تفعل، إذن لا أنه من يطع الرسول فقد أطاع الله وإنما من أطاع الخليفة الثاني أطاع الله.
على هذا الأساس نفهم عندما يعبر خليفة لا يتبادر إلى ذهن أحد في الروايات أن الخلافة يعني المحبة، لا ابداً، وإذا عبر الولي والولاية لا يتبادر إلى ذهن أحد أنه بمعنى المودة والمحبة والنصرة. نعم، قد تأتي الولاية بمعنى المحبة والمودة والنصرة.
المُقدَّم: مستلزمات الولاية هي المحبة والنصرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، وإلا هي الأصل.
إذن ننتهي إلى هذه القضية، إذن لفظة الولي ولفظة الخليفة … هذان عنوانان للإشارة إلى البعد الثاني في الشخصية النبوية. نعم، قد تطلق ويراد من الولي أو الولاية البعد الأول أيضاً أو بعد المحبة والنصرة ونحو ذلك، ولكن الاستعمال القرآني لمفهوم الولي ولمفهوم الولاية ولمفهوم أولي الأمر يراد منه البعد الثاني، وأن اصطلاح الخلافة ليس خليفة في البعد الأول وإنما يخلفه في البعد الثاني.
المُقدَّم: هل نفهم من هذا أن مصطلح الخليفة لا يأتي للبعد الأول مطلقاً.
سماحة السيد كمال الحيدري: أبداً لم يستعمل عندنا. طبعاً الاستعمال القرآني له حساب آخر (إني جاعل في الأرض خليفة) … ولذا قلت لا ينبغي أن نسقط استعمالات الاصطلاحية على الاصطلاحات القرآنية، يعني نحن عندنا الآن في علم الكلام الخليفة يراد منه في البعد السياسي في البعد الثاني من شخصية النبي، أما القرآن عندما يقول (استخلفكم … استخلفكم، جعلكم خلائف … إني جاعل في الأرض خليفة) ما هو مراده من الخلافة؟ ذاك له بحث آخر يعني يفسر بعضه بعضا ًلابد أن نرجع إلى القرآن الكريم في هذا المجال.
المُقدَّم: هناك لربما مسألتين بقيت عالقة من بحث الأمس وما قبله، وهي ربما تكون جزءا من استفهامات المشاهدين الكرام ولابد من الإجابة عليها لكي ننهي الموضوع، هناك إشكالية هل هناك ما يدل على عدم وجود أهل البيت في مجلس يوم الخميس.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا التساؤل يطرحه البعض ويقول بأنه سلمنا معكم أن جماعة من الصحابة ثلاثة أو اربعة أو أي عدد كان ولكنهم فئة وجماعة هي التي خالفت الأمر الصريح لرسول الله صلى الله عليه وآله، لماذا لم يمتثل علي لذلك ولماذا لم يمتثل أهل البيت لهذا الأمر النبوي الصريح الواضح؟
الجواب: في الليالي الماضية أنا قلت ؟؟؟ الصحابة ولم يرد أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، إذن مراده من أهل البيت لا أهل بيت النبي بل أهل البيت الذين كانوا من الصحابة في بيت رسول الله، يعني في الغرفة التي كان فيها رسول الله مسجّى، هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني: في (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ج9، ص402) للقسطلاني، يقول: (فاختلف أهل البيت الذين كانوا فيه من الصحابة لا أهل بيته صلى الله عليه وآله) إذن هذا الاختلاف كان من الصحابة ولم يكن الاختلاف من الصحابة وأهل بيت النبي، لا أبداً، وإنما كان هذا اختلاف بين الصحابة فجماعة أيدت وجماعة رفضت الامتثال للأمر النبوي الصريح.
المورد الثالث ما ورد في (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج18، ص81) للعيني المتوفى855هـ دار الكتب العلمية قال: (قوله وفي البيت رجال أي والحال أن في بيت النبي صلى الله عليه وآله رجال من الصحابة ولم يرد أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله) إذن أتصور القضية واضحة أنه مراد من أهل البيت أو اختلف أهل البيت ليس المراد من أهل البيت يعني أهل البيت بمقتضى قوله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) وإنما المراد الصحابة الذين حضروا ذلك المجلس وتلك الغرفة التي كان فيها رسول الله.
المُقدَّم: هناك عبارة أخرى نود أن ننهي، قوله صلى الله عليه وآله وسلم (دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه) ما المقصود من هذا.
سماحة السيد كمال الحيدري: بالأمس سئل أحد الأعزاء عن ذلك، واقعاً اختلفوا اختلافاً شديداً في هذا، في (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج9، ص594) دار طيبة، قال: (فقوله دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه قال ابن الجوزي وغيره يحتمل أن يكون كذا وكذا أو أن الذي أنا فيه كذا وكذا أو تسألوني كذا وكذا ويحتمل أن يكون المعنى … قلت: ويحتمل) هذا الاحتمال الرابع، يقول في الجملة احتمالات كثيرة (قلت ويحتمل عكسه أي الذي أشرت عليكم به من الكتابة خير مما تدعوني إليه من عدم الكتابة). أنا الذي دعوتكم أن أكتب لكم اطمأنوا هو خير لكم.
المُقدَّم: هو الهدى في قبال الضلال.
سماحة السيد كمال الحيدري: الحق في قبال الباطل، إذن لماذا لم يكتب؟ لما أشرنا إليه بالأمس وذكره الشيخ ابن تيمية وقال بأنه وقع الشك فيه ففقد فائدته. ثم يقول ابن حجر (بل هذا هو الظاهر) يعني الاحتمالات السابقة هي احتمالات ضعيفة جداً والصحيح هو الذي اشرنا إليه.
المُقدَّم: الأخ أبو فاطمة من السعودية.
الأخ أبو فاطمة: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو فاطمة: سؤالي الأول: كيف نثبت بأن من يخلف كلا البعدين شخص واحد. والسؤال الثاني إذا كان هذا الشخص قد ورث كلا البعدين هل يحق له أن ينصب من ينوب عنه في كلا البعدين.
المُقدَّم: الأخ أبو سالم من السعودية.
الأخ أبو سالم: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو سالم: بما أنك تتكلم عن موضوع الخلافة أن تثبت في البداية وصاية الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأن لكل نبي وصي وبالتالي تثبت لنا كذلك فروع وأصول الإمامية من القرآن.
المُقدَّم: هذا بحث آخر، السؤال الأول ينسجم مع بحثنا.
سماحة السيد كمال الحيدري: السؤال الأول في صلب الموضوع، أما في الأصول الفروع تنتظر معي تدرس في حوزاتنا العلمية عشرة سنوات فتفهم كل أصولنا وفروعنا.
المُقدَّم: الأخ أبو مرتضى من لبنان.
الأخ أبو مرتضى: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو مرتضى: قلتم أنه لم يكن أحد من أهل البيت حاضراً في مجلس النبي الذي طلبه في الدواة والكتاب لعل قائل أن يقول هل توفي النبي أو هل كان النبي يحتضر ولم يكن أحد من أهل البيت موجوداً.
المُقدَّم: هذا إشكال في غير محله، لم يكن النبي في حالة احتضار ولو كان بحالة احتضار لم يكن بهذا الشكل بحيث أنه يطلب الدواة والكتف.
الأخ عبد الله من قطر.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد الله: عندي سؤالين: استدللت بآيات كثيرة من القرآن الكريم، ماذا تقولون (إني جاعلك في الأرض خليفة) في سورة البقرة، أنتم تستدلون بآيات في غير محلها، لماذا لا تأتون بدليل واضح. السؤال الثاني.
المُقدَّم: أنت قلت أنكم تستدلون بآيات كثيرة (إني جاعلك في الأرض خليفة) أولاً لم يكن الاستدلال بآيات كثيرة بل ببعض الآيات التي تدل على مسألة الولي والإمام.
سماحة السيد كمال الحيدري: وقلت أن الخلافة لها اصطلاح قرآني ولم استعمل الخلافة القرآنية لإثبات خلافة علي.
الأخ عبد الله: أي آية تثبت أن علي خليفة.
المُقدَّم: هذا ما سيأتي إثباته في سياق البحث.
الأخ عبد الله: هناك قنوات كثيرة أنتم تتكلمون من هنا وهناك من يتكلم من هناك، والناس ضلت ألا تتفقون في موقف واحد … لأن قناة صفا دائماً تدعوكم للمناظرة وأنتم لم تجيبوا.
المُقدَّم: قرار المناظرة أو عدمها نحن الذي نتخذه، وعندما لا نجد الطرف الآخر بمستوى البحث العلمي فليس من المجدي أن تدخل في مهاترات مع طرف آخر.
سماحة السيد كيف نثبت وجود هذين البعدين في شخص واحد؟
سماحة السيد كمال الحيدري: الجواب: هذا سيأتي إن شاء الله تعالى من خلال الأبحاث اللاحقة هل يوجد عندنا دليل أنه يجتمع، هذان البعدان اجتمعا في شخصية النبي صلى الله عليه وآله، فهل عندنا دليل أنهما اجتمعا في شخص آخر بعد رسول الله أو لا يوجد عندنا دليل. هذا هو بحثنا وبعد لم ندخل في الأدلة، هل عندنا دليل أو لا؟ سيأتي لاحقاً أنه يوجد عندنا دليل أو لا يوجد.
المُقدَّم: هل يحق للنبي صلى الله عليه وآله أن ينصب؟
سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، بلا إشكال أنه له هذه الصلاحية لأنه لو لم يكن له هذه الصلاحية لما نصب ولما فعل ذلك، هذه من الصلاحيات، القرآن يقول (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) اطمأنوا لا فقط ما ينطق عن الهوى، بل ما يفعل عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ما يقر أحد عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لأن سنته حجة أعم من أن تكون قولية أو فعلية أو تقريرية، وله مثل هذه الصلاحية وبعد ذلك سيتضح أنه فعل ذلك أو لم يفعل.
المُقدَّم: أبو سالم قال هل أنتم بصدد إثبات ولاية الإمام علي من البداية، أم أنكم تريدوا أن تثبوا المفهوم ثم تأتوا إلى الاستدلال.
سماحة السيد كمال الحيدري: نحن أردنا أولاً أن نرى بأنه أساساً رسول الله له مقام الولاية أو ليس له مقام الولاية، إذا لم يثبت أن رسول الله له مقام الولاية بالبعد الثاني فلا معنى لأن نسأل أنها ثابتة لأمير المؤمنين أو ليست ثابتة لأمير المؤمنين، فإذا ثبتت لرسول الله عند ذلك نأتي إلى الذي هو خليفته نقول هل هي ثابتة أو لا، أما إذا في الاصل لم يكن له مقام الولاية والقيادة في الأمة فطبيعة الحال أن الفرع والذي يخلفه أيضاً ليس له مثل هذا المقام.
المُقدَّم: مداخلة الأخ عبد الله كانت غامضة بعض الشيء وقال أنكم استخدمتم الآية للإشارة.
سماحة السيد كمال الحيدري: سؤاله الأول قال أنك استدللت بآيات الخلافة لإثبات خلافة علي بن أبي طالب، بيني وبين الله والمشاهد الكريم شاهد على ما يقوله الأخ، أنا لم استدل بأي آية من القرآن لإثبات خلافة علي، أساساً لم يأتِ اسم علي بن أبي طالب، نحن نتكلم في الخلافة القرآنية وفي مفهوم الولاية. أما قوله بأنه لماذا لا نجتمع على طاولة واحدة، لا يا أخي العزيز، أنا أتصور بأنكم تجدون أن تلك الطاولات التي فيها أشخاص متعددون هل هي حوار علمي أم هي مهاترات وجدال عقيم لا يوصل إلى نتيجة بخلاف هذا المنهج، أنت اسمعني واسمع الآخرين وحكم عقلك في الصحيح منهما
المُقدَّم: ثم بعضهم أفتى بعدم مجالسة أتباع أهل البيت. شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، تتمة هذا البحث تأتي في الحلقات التالية، حتى ذلك الحين استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.