الأخبار

المحاضرة (1)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

في هذا اليوم إن شاء الله تعالى نحاول أن نبدأ هذه الدورة الأصولية ولكنه كما هو واضح للأخوة الأعزاء أن الأعلام عندما دخلوا في البحث الأصولي تقريباً في المئة سنة الأخيرة يعني من صاحب الكفاية، طبعاً قبل ذلك كان أيضاً موجود، ولكن ليس بهذه السعة التي نراها هذه الأيام، عندما دخلوا إلى البحث الأصولي ذكروا مجموعة من المقدمات، هذه المقدمات اتفقت كلمتهم على أنها ليست من مسائل علم الأصول، وإنما هي من المبادئ ومن المقدمات لسبب أو لأخر عرضوا لها في مقدمة علم الأصول، وبعد ذلك سيتضح للأعزاء أنه هذه المسائل ليست لها مسيس حاجة أو ليس لها مسيس ارتباط بمباحث علم الأصول ولكن لسبب أو لأخر لعلنا نعرض لتلك الأسباب عرضت هذه المسائل في مقدمات بحث علم الأصول، وإلا بينكم وبين الله ما هي العلاقة بين بحث أن لكل علم موضوعاً حتى يبحث عنه في مقدمات علم الأصول.

نعم، مسألة مهمة من مسائل نظرية المعرفة أو من مسائل فلسفة العلم أو من أي باب معرفي آخر ولكنه لا علاقة له ببحث علم الأصول، وإنما يؤخذ كأصل موضوعي من بابه الخاص ويقال ثبت في محله كما نفعل في كثير من المسائل والأصول الموضوعة، نقول ثبت في محله هكذا كأصل موضوعي، أو مثلاً ما هي الحاجة ولماذا تذكر مسألة تعريف العرض الغريب والعرض الذاتي في مقدمات أبحاث علم الأصول، وأنتم تعلمون أن هذه المسألة من أهم المسائل المنطقية، يعني أنتم درستم في منطق المظفر أو في غيره وجدتم أن هناك أبحاث مفصلة في بيان أقسام الأعراض وفي بيان المراد من الذاتي وفي بيان المراد من الغريب وغير ذلك، ما هي علاقة هذا البحث بمقدمات علم الأصول؟ وإن شاء الله تعالى بالقدر الذي نحتاج إليه سأشير إلى أن العشرات من المقدمات التي ذكرت في مقدمات علم الأصول لا علاقة لها بشكل أساسي بمباحث ومسائل علم الأصول. ولكنه أقول مع الأسف أو لا مع الأسف أن الطالب عندما يريد أن يدخل هذه المباحث أو مسائل علم الأصول بشكل أو بآخر مضطر إلى أن يقف عند هذه المسائل، وإذا حذفت يقال له أنت لست بمحقق، واقعاً بين محذورين محذور بين أن تبحث وتأخذ وقتاً طويلاً من الطالب وهو بصدد أن يتوفر على مقدمات علم الاستنباط الفقهي وهذه لا علاقة ولا حاجة له بذلك.

الأبحاث التي طرحت أنا أعنونها كعناوين ولعله بعد ذلك استشير الأخوة فليقترحوا عليّ إذا كانوا يريدون البحث التفصيلي فلا مانع لدي، وإذا يريدون البحث الإجمالي ثم الدخول في المسائل الأصلية فلا مانع لدي أيضاً.

المسائل التي هي كمقدمات تبحث في علم الأصول وليست من مسائل هذا العلم هي كالتالي:

البحث الأول الذي يعرضون له هو تعريف علم الأصول. وأنتم تعلمون عندما يطلق أو يذكر لفظ التعريف يراد التعريف بحسب الاصطلاح المنطقي، أنتم هناك قرأتم في علم المنطق ما هي شروط التعريف، أساساً أن يكون المعرِف أوضح وأجلى من المعرَف، أن يكون المعرِف جامعاً، أن يكون المعرِف مانعاً، أن لا يكون هذا المعرف سبباً في الدخول أو خروج بعض المسائل، وأن يذكر في التعريف جنس الشيء وفصل الشيء، لماذا أن المناطقة أخذوا هذه القيود في التعريف لأن المناطقة بصدد تعريف الحقائق الماهوية في الواقع الخارجي، هم يريدون أن يعرفوا الإنسان والإنسان بحسب البحث الفلسفي أو المنطقي مركب من جنس ومن فصل ولذا قالوا أن التعريف بالماهية وللماهية، إذا أردت أن تعرف في علم المنطق إذا أردت أن تعرف شيئاً يكون تعريفك بالماهية المركبة من الجنس والفصل ولأي أمر؟ لأمر له ماهية، وإلا هل يمكن أن يُعرف أمر لا ماهية له بأمر ماهوي؟ لا يمكن ذلك. ومن هنا نحن دخلنا في مسألة تعاريف علم الأصول التي هي لا أقل في الكتب الأصولية خمسة أو ستة أو سبعة وكل يأتي ويعرف علم الأصول بتعريف جديد باعتبار أنه وجد أن التعريف الذي سبقه جامع أو ليس بجامع؟ ليس بجامعة. مانع أو ليس بمانع؟ ليس بمانع؟ ومن هنا قرأتم لا أقل على مستوى الحلقة الثالثة ولا أقل على مستوى الكفاية قرأتم النقض بمسائل علم الرجال، النقض بالقواعد الفقهية، النقض بمسائل اللغة. والفقهاء والأصوليون صاروا بصدد الدفاع عن التعاريف الموجودة بأيديهم. فإن وجدوه قابلاً للدفاع دافعوا أما إذا لم يجدوه قابلاً للدفاع أقروا بالإشكال واستبدلوه بتعريف آخر، وأتصور الآن الأخوة لو يراجعون الكتب الأصولية يجدون بأن الكتب الأصولية تأخذ قسطاً وافراً في أبحاث تعريف علم الأصول، وبعد أن انتهوا من ذلك دخلوا في مسألة أخرى، بعض الذين لم يوفقوا لتعريف علم الأصول تعريفاً جامعاً مانعاً ذكروا ضابط المسألة الأصولية، وأنتم تعرفون أن ضابط المسألة الأصولية ليس هو تعريف علم الأصول، فقط قالوا هذا الضابط فأنت تطبقه، فإن انطبق عليه فهو مسألة أصولية وإن لم ينطبق عليه فهو ليس مسألة أصولية، بعض وجد مسائل علم الأصول أو علم الأصول لا يمكن تعريفه فجمع أبواب علم الأصول في التعريف قال هو مباحث الألفاظ والاستلزامات والأصول العقلية، وبينك وبين الله هذا تعريف أو عناوين الأبواب؟ ما هي علاقة تعريف علم الأصول به؟ التعريف لابد أن يكون جامعاً مانعاً بالمعنى المنطقي، إلا أن تقولوا من أول الأمر ويا ليتهم فعلوا ذلك إلا أن تقول من أول الأمر نحن عندما نقول تعريف ليس مرادنا التعريف المنطقي بل التعريف اللغوي والعرفي فيما بيننا. أنت في بعض الأحيان تسأل تقول عرف لي الشيء الفلاني، عرف لي فلان، ليس مرادك من التعريف المعنى المنطقي والمصطلح المنطقي، وإنما مرادك من التعريف المعنى العرفي والمعنى اللغوي لا محذور، عند ذلك لا نحتاج إلى الشرائط التي ذكرت في باب التعريف في علم المنطق، هذا بحث، وهو بحث طويل الذيل.

البحث الثاني موضوع علم الأصول، ما هو موضوع علم الأصول، موضوعه الأدلة الأربعة بما هي هي، أو موضوعه الأدلة ما هي أدلة، أو موضوعه العناصر المشتركة كما يقول سيدنا الشهيد، أو أساساً لا هذا ولا ذاك ولا ثالث ولا رابع ولا خامس ولا عاشر، لماذا؟ لأنه من قال لكم أن علم الأصول يحتاج إلى موضوع أصلاً؟ وهنا بدأت المعركة بين الأصوليين، وإلا البحث ليس في محل آخر، بين الأصوليين أنه أساساً هل ثبت من الناحية الفلسفية والمنطقية، معرفية، هل ثبت أن لكل علم موضوع أو لم يثبت هذا أصلاً؟ لأنه تعلمون أن السؤال عن أن علم الأصول له موضوع أو ليس له موضوع هذا يستبطن فرضية أن كل علم يحتاج إلى موضوع، إذن لابد أن نبحث في الرتبة السابقة هل هناك ضرورة لإثبات الموضوع لكل علم، أو أن هذه الكبرى أساساً في نفسها غير تامة، ومن هنا صار الاختلاف ويوجد اتجاهان، لا في علم الأصول، في الكبرى الكلية لا في الصغرى، لا في محل الكلام، لا في مباحث علم الأصول، له موضوع أو ليس له موضوع، لا، في الكبرى، هل أن كل علم يحتاج إلى موضوع أو لا يحتاج؟ المشهور إن صح التعبير قالوا أن يحتاج، وأنه يستحيل وجود علم بلا موضوع، هذا غير ممكن، أصلاً هذا ليس بعلم، هذا كشكول، إذا وجدتم أن علم من العلوم لا موضوع له إذن هو ليس بعلم، بل نقول أنه مجموعة من المسائل، أما اقتضاها غرض معين أو غاية معينة، سنخية معينة كما قال السيد الخميني قدس الله نفسه وغيره، إذن لا ضرورة أصلاً، فمن منكر لأصل الكبرى ومن مصر على أصل الكبرى، ثم بعد ذلك رتبوا عليه فمن أمن بأن لكل علم موضوع قال إذن علم الأصول أيضاً فيه موضوع، بدأت الآن المعركة الأخرى، سلمنا الكبرى، في الصغرى ما هو الموضوع. ومن أنكر هناك أن يكون لكل علم موضوع إذن بعد هو مرتاح في علم الأصول لا يبحث عن موضوع معين، لأنه لم يثبت عنده أن لكل علم موضوع حتى نبحث عنه. ثم أولئك لا أدري أقول مساكين، أولئك الذين قالوا أن علم الأصول أو أن لكل علم موضوع سألوا إذن ما هو ضابط المسألة في العلم، قالوا ما يكون المحمول عرض ذاتياً للموضوع، لأننا عندنا موضوع افترضوا (أ) المسألة تتشكل من الموضوع وحده أو تحتاج إلى موضوع ومحمول، فلكي تتشكل عندنا مسألة نقول الظهور واجب، إذن لابد وجود محمول للموضوع، وهذه نسبة المحمول إلى الموضوع ما هي؟ قالوا لابد أن تكون المسألة أو العرض يكون عرضاً ذاتياً، ثم دخلوا في نفق في اعتقادي إلى الآن لم يخرجوا منه وهو أنه ما هو ضابط العرض الذاتي. أنتم ارجعوا إلى كتابات الأعلام من زمن صاحب الكفاية، ما قبل صاحب الكفاية هذه الأبحاث لم تطرح بعد، باعتبار أن الكفاية صارت هي الكتاب أو هذا الكتاب صار الكتاب الأساسي والدرسي وصار هو المرجع للشروح وللدروس وللتعليقات ولأبحاث الخارج أنت تجد هذه القضايا بدأت من صاحب الكفاية، والآن ارجعوا أنتم إلى كلمات النائيني والعراقي والأصفهاني، والخوئي والصدر والسيد محسن الحكيم في حقائق الأصول والمعاصرين من الأعلام الذين كتبوا كالسيد الروحاني وغيره والسيد الإمام كل هؤلاء أول مسألة هي مشكلة العرض الذاتي وما هو ضابط العرض الذاتي. فدخلوا في بحث له أول وليس له آخر.

سؤال: الآن لا أدخل في المقدمة الثالثة وهي تقسيمات مباحث علم الأصول، علم الأصول كيف نرتبه من أين نبدأ؟ هل نبدأ من بحث القطع كما بدأ السيد الصدر مثلاً؟ أو نبدأ من مباحث الألفاظ؟ وهذه أبحاث تنظيمية وليست أبحاث علمية بذلك المعنى الذي أشير له.

سؤال: هذه المقدمات الآن اساساً نحتاج إليها أو لا نحتاج إليه؟ مهمة أو ليست مهمة؟ نقرأها أو لا نقرأها؟ واقعاً أيضاً الأصوليون هم اختلفوا فيما بينهم، السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه في هذه التقريرات وهي (تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر) هذه التقريرات أخواني الأعزاء أنا أوصي الأخوة جميعاً أنه هذه التقريرات أن تكون موجودة عندهم، تعلمون أن هناك ثلاث تقريرات في الأسواق، تقريرات السيد الحائري وتقريرات السيد الهاشمي وتقريرات الشيخ حسن عبد الساتر، طبعاً كما هو واضح للأخوة تقريرات السيد الحائري تعد هي الدورة الأولى، لأن السيد الصدر رحمة الله عليه درس دورتان في علم الأصول، الدورة الأولى كاملة، والدورة الثانية ناقصة، السيد الشهيد لم يدرس دورتين كاملتين في علم الأصول، الدورة الأولى كما قلت للأخوة كاملة إلى آخر أبحاث تعارض الأدلة، والدورة الثانية انتهت إلى تنبيهات الاشتغال، بعد ما دخلنا لا الاستصحاب ولا التعارض، إذن بحث التعارض والاستصحاب ليس دورتين ولا ثلاثة دورات، وإنما هو دورة واحدة، يعني تقريرات السيد الحائري مع تقريرات السيد الهاشمي في هذه القضية واحدة، لا يتبادر إلى ذهن الأعزاء أن هناك دورتين دورة أولى ودورة ثانية بل هي دورة واحدة في الاستصحاب، أبحاث الاستصحاب الموجودة في تقريرات السيد الحائري وتقريرات السيد الهاشمي في الحقيقة هي دورة واحدة لا دورتان. وكذلك أبحاث التعارض يعني مكتوبة بدورة واحدة.

أما خصوصية هذه الدورة، يعني خصوصية هذه الدورة وهي الدورة الثانية يعني الدورة التي كتبها الشيخ حسن عبد الساتر، وليست الدورة الأولى، هذه الدورة خصوصيتها هذه بالدقة عبارات السيد الشهيد رحمة الله عليه، لأن الشيخ حسن عبد الساتر كان عنده دفتر يكتب في الدرس وكذلك عنده كاسيت يسجل وأنا كنت أراه كان يجلس على يمين السيد الشهيد رحمة الله عليه وهو الشخص الأول لأن الأمكنة كانت مقسمة من يجلس على يمين السيد ومن يجلس على يسار السيد، على يمينه كان يجلس الشيخ حسن عبد الساتر وعلى يمينه كان يجلس الشيخ يوسف الفقيه رحمة الله عليه الذي توفي. وأمامه كان يجلس وهذه للذكريات احتفظوا بها، وأمامه على مسافة قليلة كان يجلس السيد محمود الهاشمي، أيضاً كان مسجد الجواهري الذي كان الدرس فيه في الفترة الأخيرة كان بهذه الطريقة يعني فيه أعمدة فأنا كنت أجلس على هذا العمود والسيد الهاشمي يجلس على هذا العمود، يعني مكاننا مشخص، يعني هذا المكان لا يأتي طالب آخر ويجلس فيه، بل هو مخصص لي، والسيد محمد الصدر رحمة الله تعالى عليه كان يجلس عند الباب، وكان هناك مكبر صوت وكان السيد عنده مسجل ويسجل من مكبر الصوت، فبعض الأحيان كان يطلب من السيد الشهيد أن يرفع صوته فكان السيد الصدر رحمة الله عليه بكل ابتسامة يقول له: هذا احتمال أول والاحتمال الثاني أن صوتي صحيح وإنما الإشكال في اذنيك.

هذه الدورة الشيخ حسن عبد الساتر لم يكن يستطيع أن يجاري السيد في الكتابة، فلهذا كنت ترى أنه في أول الصفحة يكتب سطرين وفي وسط الصفحة كذلك وفي نهاية الصفحة كذلك، في الأماكن التي لم يكن يستطيع أن يجاري السيد يتركها لأنه يعتمد على المسجل لملء الفراغ، ولذا تجدون أن هذا الدورة صارت بهذا التفصيل أي (13 , 14) مجلد، وسبب هذا أنها هي البيان الحرفي للسيد الشهيد رحمة الله عليه. بخلاف ما كتبه الأعلام الآخرين أما السيد الحائري اختصر منها مقداراً، وأما السيد الهاشمي فاختصر منها كثيراً، أنا كان عندي الاستصحاب وأخذت من السيد محمد الصدر رحمة الله عليه الاستصحاب كان عندي كتاباته مكتوبة بالأوراق الكبيرة (1700) صفحة. الآن تقريرات السيد الهاشمي في الاستصحاب (360) صفحة تقريباً، وتقريرات السيد الحائري في الاستصحاب (800) صفحة تقريباً، وهي في الواقع 1700 صفحة فتكون مجلدين أو ثلاثة. بعض الأعلام من تلامذة السيد اختصرها وبعضهم لم يختصرها، وأنا أتصور أن الشيخ لم يختصرها بل تركها إلى وضعها، ولهذا تكون هذه الدورة في أيديكم لا أقل اطمأنوا أنها هي عبارات السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه.

سؤال: هذه الأبحاث ماذا نفعل؟ في هذه التقريرات الجزء الأول من هذه التقريرات من (ص1- 123) في هذه المقدمات، يعني تعريف علم الأصول، موضوع علم الأصول، تقسيمات مباحث علم الأصول. يعني جزء كامل. واطمأنوا إذا أردنا أن ندخل إلى هذا البحث وبهذا الشكل المطروح هنا أشك أنه سنة كافية لعله نحتاج إلى سنتين حتى نستوعب كل هذه الأبحاث. ولكن السؤال المطروح هنا أن هذه المباحث مهمة أو ليست مهمة؟ الجواب: لا إشكال أنها مهمة. السؤال الثاني: أن الذي يريد أن يبحث مباحث الأصول والاستنباط الفقهي محتاج إليها بهذه السعة؟ الجواب: لا إشكال أنه لا يحتاج إليها. نعم، إذا كان يريد أن يكون متخصصاً في نظرية المعرفة، أو يكون متخصص في مباحث المنطق أو يكون متخصص في مباحث فلسفة العلم، نعم تلك الأبحاث في محلها مهمة كثيراً، أما أنت الآن حيث حددت عملك ودائرة عملك وهي أنك تريد أن تدخل عملية الاستنباط الفقهي تحتاج هذه المسائل بهذه السعة أو لا تحتاج؟ مع كونها مهمة في محلها ولكن لا تحتاج إليها.

حتى أقرب المطلب إلى ذهن الأخوة، أنا من أولئك الذين أعتقد أن الطالب لكي يقرأ أصول بشكل جيد ويفهم الأصول بشكل جيد لابد أن يكون قد قرأ دورة فلسفة لأن كثير من الأبحاث الفلسفية واصطلاحات الفلسفة جاءت في علم الأصول، يعني عندما تصل إلى الإطلاق واعتبارات الماهية، وبحث اعتبارات الماهية بحث فلسفي فأنت إذا لم تكن تعرف الاصطلاح لا تستطيع أن تستوعب القضية. عندما تصل إلى بحث اجتماع الأمر والنهي وأنه مبني على أصالة الوجود أو أصالة الماهية، إذا أنت لم تكن تعرف ما هو الوجود وما هي الماهية، بينك وبين الله اجتماع الأمر والنهي تفهمه أو لا تفهمه؟ عندما تأتي إلى بحث الاستصحاب واعتبارات الكلي وأن الكلي على أقسام متعددة، بحث الكلي بحث أصولي أو بحث منطقي فلسفي؟ هو بحث منطقي. إذن لابد أن تكون قد قرأت دورة فلسفية. وأنا معتقد أيضاً أنه لابد من دورة في العرفان، يعني أنت عندما تأتي إلى الفقه، تقول قائل بوحدة الوجود كافر أو ليس بكافر؟ أقول ما معنى وحدة الوجود، تقول لا أعلم لكن هو كافر. لابد أن تعرف ما معنى وحدة الوجود. ولا يكون بحثك ومع الأسف الشديد كما نجد في بعض المتكلمين هنا وهناك إن كان مراده كذا فكذا وإن كان، هذا معناه أنه لم يفهم، وإلا لا معنى أن تجعل اثنا عشر احتمالاً إن كان مراده. هو يبين مراده أن مرادي من وحدة الوجود هذا، قل هذا المعنى هذا حكمه، كما أنت تسأل في باب الماء وباب الاستنساخ، بينك وبين الله من يريد أن يعطي حكماً في الاستنساخ جائز أو لا شرعاً، أسأله ما هو الاستنساخ، يقول: لا أعلم. هذا هل يستطيع أن يفتي بالحكم أو لا يستطيع؟ ليس من حقه اصلاً. تشخيص الموضوع أولاً.

إذن أنا أتصور أخواني الأعزاء أنا لا أقل ولو من باب الرد لا من باب القبول أنت لابد أن تعرف أنه اصطلاحات هؤلاء ماذا يريدون حتى عندما تريد أن تنفي أو تثبت لابد أن تعرف اصطلاحهم.

أخواني الأعزاء إذا أردنا أن ندخل هذه الأبحاث بهذه السعة وأنتم تعرفون بأنه أنا هذه الأبحاث كونوا على ثقة الله يعلم لا من باب المدح بل من باب المعرفة أن تعرفوا، والله كالعجينة في يدي، هذه الأبحاث مراراً وتكراراً بينتها وأعرفها وكتبتها أيضاً، بإمكان الأخوة أن يرجعوا إلى بحث الفلسفة يعني الجزء الأول من شرح الأسفار، يجدون ماذا كتبت هناك في مسألة العرض الذاتي كتبت خمسين صفحة أوسع مما كتبه السيد الشهيد، ولكن هذا الطالب الآن في هذه المرحلة مرحلة أبحاث علم الأصول ومسائل علم الأصول هذا يحتاجها بهذه السعة أو لا يحتاج؟ الجواب: لا يحتاج. حتى أدى بالبعض أن حذفها جميعاً من علم الأصول. ونحن لا نريد ذاك الإفراط ولا نريد ذاك التفريط، السيد الروحاني رحمة الله تعالى عليه في (منتقى الأصول، تقريرات السيد عبد الصاحب رحمة الله تعالى عليه، ج1، ص21) قال: (تمهيد، اعتاد الأعلام أن يبتدئوا بالبحث عن بعض الأمور وما يتعلق بها كموضوع العلم وخصوص علم الأصول والمائز بين العلوم ونحوها إلا أنها حيث كانت عديمة الفائدة) أصلاً ليست لازمة، وبتعبيرنا أرموا بها عرض الجدار. طبعاً هذا الكلام أنا أتصور لابد أن يقيد بقيد أنها عديمة الفائدة في أبحاثنا الأصولية لا أنها عديمة الفائدة سيدنا، وإلا فلسفة العلم واحدة من أهم مباحث فلسفة العلم معرفة موضوع العلم وتعريف العلم والغاية من العلم وتمايز العلوم بماذا، وإلا بينكم وبين الله إذا كنا لا نعرف تعريف العلم ولا نعرف موضوع العلم ولا نعرف تمايز العلوم، فكيف نقول أن هذا فقه وهذا أصول وهذه فلسفة وهذا عرفان وهذا تفسير، فلنبحث بشكل كشكول، ليس هكذا، وأنا قلت أن قرينته أنه يتكلم في علم الأصول فيقول عديمة الفائدة، هذا يقين عندي في هذا البحث، (عديمة الفائدة رأينا أن الإغماض عن ذكرها والبحث عنها طولاً … بسم الله الرحمن الرحيم … بحث الوضع) ونسي أن بحث الوضع من هذه المقدمات، وإلا أن الواضع الله أو الواضع أبو البشر أو الواضع كذا ما علاقتي أنا، تقول: أن هذا في فقه اللغة مهم، نعم في فقه اللغة لابد أن تتطلع على المسألة وتبحثها في فقه اللغة، ولكن أنت الآن عرفت أن الواضع الله أو أن الواضع هو الإنسان ما علاقة هذا في أن تعرف أن الظهور حجة أو ليس بحجة. ليس له أي علاقة. وكثير من هذه المقدمات، ولذا البحث لم يحذف هذه، بل حذف تعريف علم الأصول وموضوع علم الأصول وتمايز العلوم وحذف بحث الوضع وبحث المشتق وبحث الصحيح. قال: بسم الله الرحمن الرحيم بحث في الأوامر. لأن البحث الأصولي يبدأ من الأوامر، هذا على بعض المباني وإلا النائيني يقول أن بحث الأوامر ليس من علم الأصول. إن شاء شيئاً فشيئاً أنا فقط أريد أن أجعلك في خارطة البحث، اليوم لا ندخل في البحث، اريد أن أضعك في خارطة الطريق، لا السياسية بل خارطة الطريق الأصولية، أن مدخل هذه الخارطة من أين، باب علم الأصول من أين، حتى نفتح ويقولون لنا دخلتم في أول دهليز من دهاليز علم الأصول. هل انفتح لنا الباب نحن أين، يقولون أنت بعدك في المقدمات، الباب الثاني يقولون بعدك في المقدمات، بعض الأحيان يعطوك هدية تفتح الكيس الأول ترى كيساً ثانياً وأنت في النهاية تقول لهم لا أريد هذه الهدية، أنا فتحت سبعين كيساً ولم أصل لها. يا أخي علم الأصول هو علم مقدماتي فما بالك بمقدمات مقدمات مقدمات علم الأصول، ولذا تجدون أن الطالب يقضي أوقات مفصلة وطويلة من عمره في المقدمات، وعندما يصل إلى ذي المقدمة يكون منهكاً من البحث، عشرين سنة يحضر دورة اصولية يقولون له لا يكفي لابد أن تحضر أكثر، مع أنه بيني وبين الله أمثال محمد باقر الصدر وأمثال هؤلاء الأعلام المعاصرين من المراجع كلهم هؤلاء درسوا دورات أصولية لا تتجاوز خمس إلى ست سنوات، كل دورات السيد الخوئي قدس الله نفسه سيدنا الأستاذ رحمة الله تعالى عليه سبع دورات أصولية لم تتجاوز إلى خمسة إلى سبعة سنوات، الآن الدورات الاصولية عشرين سنة وعندما تنهي الدورة الثانية يقول لك لا تتصور أنك تستغني عن الدورة الثانية بل بينهما عموم من وجه لابد أن تحضر. يا أخي العمر قصير، وأنت بعدك في المقدمات وآخر المطاف لم تحصل من علم الأصول إلا على مجموعة من المقدمات، يعني أقول لك اكتب لي خمس سنوات تكتب لي خمس سنوات في تعرف علم الأصول، لكن ما ربط هذا بعملية الاستنباط الفقهي.

أخواني الأعزاء لذا أنا معتقد أنه لا بهذا الشكل الذي قاله السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه أو أوسع منه في مقدمات علم الأصول ولا بأنها عديمة الفائدة، حتى الطالب عندما يجلس في مجلس علمي ويأتي الاصطلاح لا يكون غريباً عن مثل هذه الاصطلاحات بالقدر الذي يمكن وأحاول أن أقتصر على ما أعتقده أما قال فلان وقال فلان وقال ابن سينا وقال الطوسي وقال فلان وعشرات الأقوال وهذا يرد عليه وذاك يرد عليه أنا أتصور أن الأخوة الأعزاء الحاضرين لا أقل 70% أو 80% من هذه المباحث في علم الأصول هو يستطيع أن هو يستطيع أن يراجعها، أنا أكررها له وأناقشها، وهذا كلام موجود هو مناقشاته، إذن ما يستحق البحث يطرح وإذا كان هناك عندنا نظر خاص في القضية نطرحه ونتجاوز عنها إلى أن نصل إلى المسائل الأصلية.

المسألة التي أنا في اعتقادي هي جديرة بالبحث ومع الأسف الشديد أن هؤلاء الأعلام على طول الأبحاث التي عرضوا لها أساساً لم يبينوا لنا أساساً أن علم الأصول هل هو علم بالمعنى المصطلح أو ليس بعلم، من قال لكم أن علم الأصول علم؟ تقول لي سيدنا: يعني ماذا؟ يعني لابد أن نعرف متى تكون مجموعة من المسائل علم ومتى تكون مجموعة من المسائل لا تكون علماً؟ ليست كل مجموعة من المسائل جمعت في موضع وبحثت نسميها علماً، بل لها ضابطة، ما هي ضابطة أن تكون مجموعة من المسائل تعد علماً من العلوم، نميز هذا العلم عن هذا، وأنا أتصور الآن أنت جنابك تستطيع أن تفهم مباشرة لو أنا جئتك بمسألة من الأصول ومسألة من الفلسفة ومسألة من الكلام ومسألة من المنطق ومسألة من العرف ومسألة من العقليات ومسألة من العرفان ومسألة من النقل وجعلت لك خمسين مسألة ثم هذه الخمسين مسألة بدأت أبحثها لك بالتسلسل هل يسمى هذا علماً؟ علم في قبال علم الأصول والفلسفة والعرفان والكلام والفقه والتفسير، هل يسمى علماً أو لا يسمى؟ لا يسمى، لماذا فهو مجموعة من المسائل؟ الجواب: لعل هذه المسائل جميعاً تؤدي غرضاً واحداً ولكنها مسائل متفرقة ومتشتتة لا سنخية بينها، هذه واحدة مأخوذة من الفلسفة وهذه مأخوذة من الكلام وهذه مأخوذة من التفسير، كل واحدة لها بابها وعلمها وطريقة ومنهج بحثها، القضية النقلية لا تبحث بقضية عقلية، والقضية العقلية لا تبحث بمنهج نقلي.

إذن أتصور في الرتبة الأولى، إن شاء الله الأخوة يصبروا معنا، لأنه لابد أن تقبلوا إذا هذه الدورات ندخلها لابد أن نبقى في التعريف مدة ستة أشهر، ونحن نريد في طريق آخر نبحث القضية، وهو أنه اخواني الأعزاء تعالوا معنا في المقدمة أساساً ولمرة واحدة نعرف متى تكون مجموعة من المسائل تشكل علماً بالمعنى المصطلح، الذي يقولون عنه له تعريف وله موضوع وله مسائل ويبحث عن أعراضه الذاتية، هذه الأمور التي ذكروها في مصطلح العلم، يعني في فلسفة العلم، أنتم الآن الرؤوس الثمانية والرؤوس الأربعة والرؤوس الثلاثة في حاشية ملا عبد الله، هذه الرؤوس الثمانية يعني تعريف العلم وموضوع العلم ومسائل العلم وغاية العلم والفائدة من العلم وتأريخ العلم … الخ، هذه متى نسأل هذا السؤال، يعني الرؤوس الثمانية أو الخمسة أو الأربعة، متى نسأل عن مجموعة مسائل؟ يقول: إذا كان علماً. ما هو ضابط العلم؟ الآن المنطق تسميه علم المنطق، على أي أساس أن المنطق علم، ما هو الضابط، الفلسفة نسميها علم الفلسفة، الرياضيات نسميها علم الرياضيات، الفقه نسميه علم الفقه، على أي ضابط قلنا هذا علم وهذا علم. غداً أنا أجمع خمسة من هنا وخمسة من هنا وخمسة من هنا وأجمعها في كتاب واحد أو في درس واحد هل يجعله هذا علماً؟ إذن ما هو الضابط في مجموعة المسائل؟

ثم بعد هذا إذا اتضح لنا على هذا المقياس سنأتي لنرى أن علم الأصول، هذا الذي يصطلح عليه في حوزاتنا العلمية أنه علم الأصول هل هو أساساً علم بالمعنى المصطلح أو ليس علماً بالمعنى المصطلح؟

تقول لي: ما هي الثمرة على كونه علماً مصطلحاً أو لا؟

الجواب: إذا صار علماً مصطلحاً عند ذلك يأتي السؤال الأول ما هو تعريف هذا العرف، لأنه يكون له وجود خارجي مثلما الآن أنت موجود أمامي أقول هذا وجود هذا الوجود ما هو تعريفه، تقول سماء تقول أرض تقول إنسان، هذا العلم أيضاً له تعريف ما هو تعريفه؟ له موضوع ما هو موضوعه؟ فيه مسائل ما هي مسائله؟ فيه محمولات ما هي محمولاته؟ فيه منهج متبع في تحقيق مسائله ما هو المنهج المتبع؟ المنهج المتبع طريقة المحقق الأصفهاني في الأصول أو أن المنهج المتبع طريقة النائيني في الأصول أي منهما، أنت الآن لو تقرأ المكاسب للشيخ الأصفهاني وتقرأ منية الطالب للنائيني كلاهما كتب في المكاسب ولكنك تجد أن هذا المكاسب كتب بمنهج وهذا المكاسب كتب بمنهج آخر، أي المنهجين أطبق؟ أطبق منهج الأصفهاني أو أطبق منهج النائيني وهو منهج عرفي عقلائي، أي منهما؟

إذن في الرتبة السابقة أولاً لابد أن نعرف ضابط العلم ثم نأتي إلى الأصول عندنا لنرى أنه علم بالمعنى المصطلح أو ليس علماً؟ فإن كان علماً بالمعنى المصطلح نسأل عن تعريفه وموضوعه ومسائله والغاية والفائدة المترتبة عليه والمنهج المتبع في تحقيق مسائله. أما إذا لم يثبت أنه علم بالمعنى المصطلح فلا تعريف له، تعريف مصطلح ليس له، ولا موضوع واحد له تدور حوله المسائل، وليس له منهج موحد بل لكل مسألة منهجها الخاص. الثمرة خطيرة جداً.

إذن إن شاء الله تعالى في يوم غد بإذن الله تعالى سوف ندخل في هذه المسألة الأولى وهي مسألة أن علم الأصول هل هو علم أو ليس بعلم، ولا أريد أن أسميه علم الأصول، هذه المباحث التي الآن تقرأ بعنوان في حوزاتنا العلمية بعنوان علم الأصول والذي يكبر حجمه يوماً بعد يوم، وإلا الشيخ الطوسي بـ (عدة الأصول) أصبح شيخ الطائفة والمحقق بـ (معارج الأصول) صار اصولياً، والسيد الحكيم بـ (حقائق الأصول) صار صاحب المستمسك والسيد السبزواري رحمة الله تعالى عليه بـ (تهذيب الأصول) والبعض يقول لك لابد أن تقرأ أكثر. أي منهما؟ نذهب بهذا الطريق أو بهذا الطريق؟ آلة الاجتهاد هذه أو هذه؟

ولكن قبل أن ندخل في هذا البحث الأساسي عندي بحثين، البحث الأول أن هذا العلم وهو علم الأصول علم مستورد أم علم أصلي داخل البيئة الإسلامية؟ وأنتم تعلمون أن علمائنا قسموا العلوم إلى علوم … وأنا لا أريد أن استعمل كلماتهم وإلا هم استعملوا وقالوا أن هناك علوم جاءتنا من سؤر الكافرين، باعتبار أن الفلسفة والعرفان وغيرها جاءت من اليونان والفرس، فالسؤر سؤر المؤمن والمسلم أو سؤر الكافر هذا السؤر الفكري وليس السؤر المادي، هذه العلوم مستوردة، ونحن كل ما هو مستورد لا ربط لنا به، وهذا اتجاه قوي في حوزاتنا العلمية. وقسم آخر من العلوم علوم اُنشأت في بيئتنا الفكرية، هذا التقسيم نقف عنده قليلاً لأنه بيني وبين الله هذا التقسيم صحيح أو غير صحيح؟ هل نستطيع على أساسه أن نتخذ قراراً أو لا نستطيع أن نتخذ قرار، هذه قضية مهمة.

المسألة الثانية التي في نظري أننا نحتاجها أهمية مباحث علم الأصول، قد يأتي قائل ويقول أن علم الأصول أيضاً من العلوم المستوردة ولكنه ليس مستورداً من خارج البيئة الإسلامية وإنما مستوردة من سؤر مدرسة الصحابة ولا أريد أن أعبر تعبيراً آخر، كما أنه الآن المدرسة الأخبارية لا تقبل الأصول، وأشكالها ما هو؟ تقول أنه مستورد من غير أهل البيت وهم الاتجاه الآخر. هاتين القضيتين نقف عندها قليلاً يومين أو ثلاثة لا أكثر حتى نرجع إلى بحثنا الأصلي.

أنا أتصور أن خارطة البحث اتضح للأخوة، ماذا نريد أن نفعل في المقدمات، قبل أن ندخل في أبحاثنا الأصلية، إذا كان عند الأخوة اقتراحات استمع لهم، نبحث أولاً تاريخ المسألة، ثانياً نبحث أهمية هذه المسائل، ثالثاً نبحث أن هذه المباحث هل علم أو ليست علم، وبعد ذلك ندخل في باقي المباحث.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات