الأخبار

المحاضرة (3)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

البحث الثاني أو الأمر الثاني الذي كنا نحتاج إلى بحثه في مقدمات الأبحاث المرتبطة بمباحث الأصول هو أين تكمن أهمية هذه المباحث التي يصطلح عليها في الحوزات العلمية بأنها علم الأصول كما أشرت في البحث السابق أو الأبحاث السابقة قلت إنما أقول يصطلح عليها باعتبار أنه إلى الآن لم يتضح أنه هل هو علم بالمعنى المصطلح أو ليس علماً بالمعنى المصطلح.

في هذا البحث الثاني أو الأمر الثاني تعلمون بأن هناك جناح مهم في مدرسة أهل البيت لا ترى أي ضرورة لمثل هذه المباحث التي هي علم الأصول واحدة من أهم أدلتها أن هذا العلم مستورد من خارج مدرسة أهل البيت، ليس علماً أؤسس على أئمة أهل البيت وإنما هو علم من خارج هذه المدرسة، بغض النظر عن البحث التأريخي أن علم الأصول هل هو علم مستورد في مدرسة أهل البيت عند علماء الأصول أو أنه لا، أن أئمة أهل البيت هم من أسس هذا العلم ومباحث هذا العلم، ذاك بحث تأريخي لا علاقة لنا بهذا البحث الآن. ولكنه نريد أن نقف عند أهمية وضرورة هذا العلم أن هذا العلم ضروري في عملية الاستنباط أو ليس بضروري لأنه بغض النظر أنه ماذا يقول الآخرون أنت من حقك كطالب علم وكمحقق وكعالم وكمجتهد أنه ترى أن هذا العلم هل هو ضروري في عملية الاستنباط أو ليس ضروري في عملية الاستنباط، قد تنتهي أنه ليس له أي ضرورة، فلماذا نقضي هذا العمر الطويل في مباحث علم الأصول أو لا أقل تنتهي إلى أنه ضروري ولكنه بهذا الشكل، مقبول عندنا علم الأصول ولكن لا بهذا الحجم الذي الآن يدرس ويدرّس في الحوزات العلمية، هناك تعبير للسيد الشهيد الصدر قدس الله نفسه أستاذنا السيد الشهيد كان يقول أن علم الأصول طغى في حوزاتنا العلمية ثم طغى ثم طغى إلى أني أخشى أن يقضي على علم الفقه. الآن ترون في الحوزات العلمية الاهتمام الموجود بعلم الأصول إن لم يكن بأضعاف فلا أقل أكثر من الاهتمام بعلم الفقه، مع أنكم تعلمون أن علم الأصول علم آلي يعني وسيلة، وسيلة لأي شيء؟ وسيلة لعملية الاستنباط الفقهي، أساتذة آخرون كان لهم عبارات أشد من هذه العبارة لا استطيع أن أنقلها، هذه العبارة منقولة عن السيد السبزواري صاحب التفسير وصاحب الدورة الفقهية عبارته شديدة في علم الأصول ولذا قلنا أنه لم يكتب في الأصول إلا ما لا يتجاوز 300 أو 400 صفحة، مجموع الجزأين لا يتجاوز رسالة من الرسائل التي يبحثها علماء الأصول في مكان آخر. يقول الذي يحتاج إليه الفقيه في عملية الاستنباط هذا القدر لا أكثر من هذا. وبعض الأعلام المعاصرين في قم لا يدرس الأصول اصلاً، اسألوا تعرفون أنهم يدرّسون الفقه فقط ولا يدرّسون الأصول.

إذن من هنا تأتي هذه المقولة أو هذا التساؤل الأساسي أساساً نحتاج أو لا نحتاج؟ يعني أولاً سؤال عن كان التامة نحتاج أو لا نحتاج؟ وبعد ذلك إن ثبت أننا نحتاج نسأل سؤال عن كان الناقصة أي قدر نحتاج؟ نحتاج عشر سنوات أو خمس سنوات، نحتاج خمسين مسألة نحتاج مئة مسألة، نحتاج عشرة مسائل، هذا بحث آخر. الآن حديثي ليس في كان الناقصة وإنما حديثي في كان التامة، نحتاج أو لا نحتاج.

الجواب: هناك مجموعة من المقدمات التي لا ندخل فيها الآن فعلاً وهي أنه لا إشكال ولا شبهة إن الإنسان لابد أن يتدين بدين. لأنه رب قائل يقول: من قال أنه لابد أن تتدين. ذاك بحث كلامي لا ربط لنا به. بعد أن ثبت أن الله موجود وأن له نبي وأن له أنبياء وأن له شريعة وأن العقل يدرك ضرورة الالتزام بالشريعة وأن الله أنزل ديناً كاملاً تبياناً لكل شيء، الآن كل فرد من الأفراد سواء كانوا في عصر الحضور أو كانوا في زمن الغيبة سواء كانوا قريبين من النصوص أو كانوا كأمثالنا بعيدين عن عصر صدور النصوص التي الآن نحن موجودين، ولعله بعد ذلك يكونوا أبعد منا، الآن نحن نبعد عن النصوص 14 قرناً، لعله الإمام سلام الله عليه لا يظهر بعد قرن أو قرنين أو خمس قرون أو أربعة عشر قرن أو 140 قرن، هذا ليس بأيدينا لا نستطيع أن نثبت ولا نستطيع أن ننفي. لا نستطيع أن نقول ليس بقريب الآن هذا توقيت، ولا نستطيع أن نقول أننا نعيش عصر الظهور وأيام الظهور، هذه الكلمات التي لا أصل لها. هذه كلها كلمات، نعم ممكن للإنسان أن يقول بعض الحقائق ولكن بنحو الاحتمال، أما أننا نعيش، هذا كلام غير علمي وغير دقيق.

كل فرد منّا عندما يأتي إلى أي مفردة دينية سواء كانت عقدية، سواء كانت أخلاقية، سواء كانت سلوكية وفقهية، له طريقان لاكتساب المعرفة الدينية، الطريق الأول، ما أسهل هذا الطريق، وهو أنك تأتي إلى النبي صلى الله عليه وآله أو إلى الإمام المعصوم وتقول له ماذا أفعل؟ يقول: أفعل هذا، فلا تحتاج إلى أن تجتهد ولا تستنبط، كما كان الكثير من صحابة رسول الله ومن تلامذة الأئمة عندما يكون عنده سؤال يأتي إلى الإمام والإمام يجيبه من غير أن يعرف الدليل والاستدلال والمعارض والمقيد والعام والخاص، هذا كله لا يحتاجه، يقول ما هو تكليفي، يقول له هذا تكليفك. هذا هو الطريق الأول. هذا الطريق مَنْ؟ باصطلاحاتنا الحوزوية هذا طريق عموم الناس، ولذا الآن يأتي ويسألك أهل الكتاب طاهرين أو نجسين؟ تقول له: طاهر، والفقيه الآخر يقول له نجس، هذا لا ربط له بروايات الطهارة والروايات القائلة بالنجاسة، ماذا يفعل بها، كيف يجمع بينهما، ماذا يفعل بالآيات القرآنية، وعشرات الأسئلة التي كتب علمائنا فيها رسائل في باب طهارة ونجاسة الكتاب، هذه كلها لا علاقة له بها، طاهر أو نجس. ولكنه هذا طريق تحصيل العلم، هذا هو الطريق الصحيح والمنهجي لتحصيل العلم؟ الجواب: كلا، ولذا القرآن الكريم صريح يقول (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) (ليتفقهوا) لا أن يأخذ الفتوى، يتفقهوا يعني يكون من أهل الفقه. طبعاً ليس الفقه الأصغر بل التفقه في الدين (ليتفقهوا) المتعلق واضح في الآية (في الدين) لا يتفقه في الحلال والحرام، الحلال والحرام أقصى ما يكون من الدين 5% أو 10% و90% من الدين ليست حلال وحرام، ولذا تجدون أن القرآن عرضه لمسائل الأحكام لا يتجاوز 500 أو 600 آية من الأحكام، و6400 الآية الباقية معارف دينية أو معارف فيزيائية ورياضية؟ كلها معارف دينية. 10% أو 8% أو 5% في الحلال والحرام، والآية المباركة تقول (فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا) لا يقول حلال وحرام، يقول في كل مسائل الدين.

سؤال: أين الدين الذين بين أيدينا؟ لو سألك أحد أين دينكم الذي تعتقدون به؟ ما هو جوابك؟ تقول: أولاً القرآن الذي بأيدينا، وثانياً النصوص الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وأئمة أهل البيت، لا اريد أن أوسع الدائرة على الأخوة الأعزاء وأقول كل النصوص الواردة عن الرسول الأعظم وإلا الدائرة تتسع كثيراً، بل لنبقى في النصوص الواردة عن النبي الأكرم وأئمة أهل البيت، ولا نوسع الدائرة أكثر.

سؤال: القرآن الكريم بحمد الله تعالى محفوظ من الزيادة والنقصان والتحريف وغير ذلك وذاك بحث يوكل إلى مله، أما تعالوا إلى النصوص، النصوص التي بأيدينا ما هي المشاكل الموجودة في هذه النصوص؟ الآن أنا صرت بصدد أن أأتي إلى النصوص وبالأمس بينا ضرورة السنة في فهم الدين، أصلاً دين بلا سنة وبلا رواية لا يمكن أساساً، إذن تعالوا إلى الروايات، ما هي المشاكل الموجودة في الروايات؟ أنا أشير إجمالاً إلى بعض هذه المشاكل:

المشكلة الأولى: إن الذين نقلوا هذه الروايات لا يخلو كل واحد منهم من السهو والخطأ والنسيان إلى غير ذلك، ولذا أنت في علم الأصول عندما تأتي لتصحح رواية من الروايات لابد من عشرة أصول عقلائية، أصالة عدم السهو، وأصالة عدم الغفلة وأصالة عدم الغلط وأصالة عدم القرينة وأصالة عدم النسيان وأصالة الحقيقة وغيرها، هذه كلها أصول عقلائية لابد أن تثبتها لكي تصحح بها رواية واحدة، وهذه الأصول العقلائية كم منها صحيح وكم منها غير صحيح ذاك بحث آخر، ولكن أنت لا تستطيع أن تعمل برواية إلا بعد أن تجري عليها مجموعة هذه الأصول العقلائية.

المشكلة الثانية: عدم الوقوف الدقيق، أنتم تعلمون أن الأحكام الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله وأئمة أهل البيت بينت دفعة واحدة أو بينت تدريجاً؟ إذا بينت تدريجاً لعل العام جاء في كلام أمير المؤمنين والخاص جاء في كلام الإمام الجواد، صحيح أو ليس بصحيح، المطلق جاء هناك والمقيد جاء بعد مئتي سنة، والحاكم والمحكوم والمفسِر والمفسَر والوارد والمورود وفي كلمات رسول الله الناسخ والمنسوخ هذه كلها لكي تتضح صحة رواية واحدة تعتمدها لابد ماذا تفعل في الرتبة السابقة؟ تنتهي من هذه القواعد كلها. سؤال: هذه القواعد ما هي؟ سمها أي علم، ليس مهماً أن تسميها علم الأصول أو غير علم الأصول، ولكن تحتاج أن تنقح هذه القواعد قبل الدخول في عملية الاستناد إلى النص الروائية.

انتشار ظاهرة النقل بالمعنى التي هي من آفات الروايات، تعلمون بأنه خصوصاً هذا في علم الرجال لم يأت، ولكن ينبغي أن يأتي، أن الراوي ليس بعربي، وإذا لم يكن عربياً بالضرورة يفهم كل ما يقوله الإمام أو لا يفهم؟ هذه مقدمة. المقدمة الثانية إذا فهم هل يستطيع أن ينقل الكلام ويراعي فيه الصرف والنحو والفاعل والمفعول أو لا يعرف؟ ففي باب آخر المطاف عندما يكتب وينقل ينقل له بالمعنى، فهي رواية الإمام أو ما فهمه الراوي من الإمام؟ يعني بعبارتنا المعاصرة هذا نص الإمام كالنص القرآني أو هذه ما فهمه وقراءة الراوي من الرواية عن الإمام، ولعله فهم صحيحاً ولعله لم يفهم، كما الآن في الحوزات العلمية عندما تجد أحد يشكل على أحد العلماء تقول له أن هذا ليس مقصوده، بل مقصوده هذا، العبارة واحدة ولم تتغير ولكن فهمك للعبارة يختلف من شرائط إلى أخرى، هذه القضية أنا نقلتها فيما سبق للأخوة الأعزاء يقال بأنه رأوا الشيخ الأنصاري في فترة مهموماً فقالوا له: لماذا؟فقال: اليوم جاءني أحد وسألني مجموعة من الأسئلة وانتقدني مجموعة من الانتقادات وأشكل عليّ مجموعة من الإشكالات على مطلب أنا ذكرته وهو لم يفهمه كما أنا أردته، قلت له هذا ليس مقصودي الذي في ذهنك، أنا لم أتألم من هذا، وبل أنا متألم لأني أخاف أنه في يوم القيامة ويقف أمامي الشيخ الطوسي والسيد المرتضى والمحقق والعلامة ويقولون لي كيف فسرت كلامنا بهذا الشكل ونحن لم نقصد هذا، هذه قرينة كلامنا. ممكن أو غير ممكن؟ نعم ممكن، والرواة أنتم تعلمون كل الرواة أمثال زرارة يعني، حتى عندما ينقل بالمعنى ينقل كعالم وكفقيه، كل الرواة محمد بن مسلم؟ لا، بل فيهم الخياط وفيهم الجمال وفيهم الحمال وفيهم البقال وفيهم السمان، يعني أناس كسبة عاديين جاء إلى مجلس الإمام وينقل، كما في هذا الدرس الآن أنا أسأل بعض الأحيان أنا أسأل بعض الاخوة يقول أنا جئت لزيارتكم فحضرت الدرس واحتمال يخرج من الدرس ويقول أنا كنت في الدرس والسيد قال كذا بحسب فهمه، هذا فهمه من الرواية، هذه ظاهرة النقل بالمعنى من أهم المشاكل التي تواجهنا في فهم الروايات.

ضياع كثير من الأصول الأربعمئة، أنتم تعلمون أن عندنا أربعمئة أصل كما قلت في بحث الأصول، ما هي الأصول الأربعمئة، الأصول الأربعمئة هي، قال الشيخ المفيد: (صنفت الإمامية من عهد أمير المؤمنين إلى عصر أبي محمد الحسن العسكري أربعمئة كتاب تسمى الأصول، وهو معنى قولهم له أصل) يعني الراوي له أصل، قد الراوي لم يعتنِ، ليس له أصل ولكنه قد واحد من هؤلاء الذين كتبوا الأصول نقل ممن سمع من الإمام وهذا الذي سمع من الإمام نقل باللفظ أو بالمعنى؟ وهذه جاءت في الأصول الأربعمئة.

قال الشيخ البهائي في (مشرق الشمسين): (قد بلغنا عن مشايخنا أنه كان من دأب أصحاب الأصول أنهم إذا سمعوا عن أحد من الأئمة حديثاً بادروا إلى إثباته في أصولهم لأن لا يعرض لهم نسيان لبعضه أو لكله بتمادي الأيام).

وقال الطهراني في (الذريعة): (الأصل من كتب الحديث هو ما كان المكتوب فيه مسموعاً لمؤلفه من المعصوم أو عمن سمع منه، لا منقولاً عن كتاب آخر) هذا لا يسمونه أصلاً، إذا نقل عن كتاب آخر لا يسمى أصلاً، إذا سمع مباشرة أو نقل ممن سمع من الإمام، ولكنه إذا سمع وكتب كتب باللفظ أو بالمعنى؟ قد باللفظ، أو نقل ممن سمع قد نقل … هذه الأصول الأربعمئة بقيت أو لا؟ أقصى ما قيل من هذه الأصول الأربعمئة ثمانين أصلاً، وثلاث مئة وعشرين أصلاً ضاعت، وكم فيها من القرائن وكم فيها من الخاص وكم فيها من المقيد ومن المبين، هذه كلها ليست بأيدينا، هذه هي المشكلة الأخرى.

ومن المشاكل أيضاً صدور كثير من الروايات تقية حتى ذهب جملة من الأعلام أن الأصل في التعارض هو التقية، يقول لا يوجد أي سبب، نحن الآن ذكرنا ست أو سبع عوامل، بعض فقهائنا الكبار كالشهيد الأول وصاحب الحدائق يقولون لا سبب في التعارض في الروايات إلا التقية، يقولون كل الروايات صحيحة، ولهذا كل الكتب الأربعة صحيحة، وهناك توجه حتى في زماننا المعاصر، هذا المعنى في الحدائق في مقدمات الحدائق التي عبر عنها بالفوائد، طبعة دار الكتب الإسلامية، ص8، يقول: (ولعلك بمعونة ذلك تعلم أن الترجيح بين الأخبار بالتقية أقوى المرجحات) إذا وقع التعارض بين الروايات نسقط ونقدم على أساس ماذا؟ ليس على أساس آخر (فإن جل الاختلاف الواقع في أخبارنا بل كله عند التأمل والتحقيق) نحن ذكرنا كم عامل؟ إلى الآن ذكرنا خمس أو ست عوامل، يقول: لا، كل هذه العوامل غير صحيح، (بل كله عند التأمل والتحقيق إنما نشأ من التقية). (ص8، ص15، ص17) من المقدمات و(ص89 و ص90) من المقدمات يصرح بها. وجملة من الأعلام الآخرين. نحن لا نقول بأن كل السبب هو التقية، لا أقل واحد من الأسباب الأساسية هو التقية.

ومن الأسباب الروايات الموضوعة والمكذوبة عليهم عليهم أفضل الصلاة والسلام، وكم عندنا من الروايات يقولون بأنها ظاهرة الوضع والكذب منذ زمن رسول الله، يقولون كم من المرات صعد رسول الله على المنبر وقال كثرت الكذابة عليّ، إلا فمن كذب عليّ فليتبوء مقعده من النار. هذه ليست ظاهرة جديدة، وهذه روايات متفق عليها. إذا يرى بعض الأخوة أنني أنقل روايات من الآخر يعني من أهل السنة والجماعة لأبين أن هذه الروايات مجمع عليها فتدخل في قاعدة لا تجتمع أمتي على ضلالة، لا تجتمع أمتي على خطأ، لأن هذه الروايات متواترة عند القوم. نعم، عندنا موجودة الروايات ولكن سندها هل هو صحيح أو لا هذا ليس مهماً. المهم أن هذه الروايات متواترة عند القوم وبطرق متعددة وباسناد متعددة، لا تجتمع أمتي على خطأ، هذا الأصل تام أو لا في محله يبحث. المهم أنه في علم الخلاف والحجاج مفيد جداً هذا الأصل، وضع الروايات والوضاعين.

تغير الموضوعات بلحاظ الأزمنة والأمكنة، وأخيراً العام التاسع أو العاشر ولعله من أعقد العوامل في وقوع التعارض ما هو؟ وهو أن هذه الروايات علمائنا صار 1400 سنة يقدمون فيها يومياً فهم معين، فأنت عندما تأتي إلى هذا التراث تستطيع أن تتجاوز كلمات العلماء أو لا تستطيع؟ إذا تجاوزت فلا يقبل منك، يعني أنت تقول أنا أدخل وسائل الشيعة لا عندي ربط بالمفيد ولا بالطوسي ولا المرتضى ولا بان إدريس ولا العلامة ولا المحقق ولا المجلسي ولا المعاصرين من الفقهاء، أصلاً كل علاقة، هذا لا يمكن أبداً. وهؤلاء أفهامهم من النصوص واحدة أو متعددة؟ وأنت الآن طالب علم تريد أن تدخل في هذا التراث، خصوصاً عامل الكذب، ماذا نفعل له، وعامل الوضع. أقرأ رواية أو روايتين، وقد أشرتم إليها في كتاب (علم الإمام، ص481) الرواية الأولى واردة في (عيون أخبار الرضا، ج1، ص272، باب28) الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام قال: (إن مخالفينا وضعوا أخباراً في فضائلنا) إذن لا يذهب ذهنك مباشرة كلما وجدت رواية في أي كتاب من كتبنا هي صادرة عنهم عليهم أفضل الصلاة والسلام، أبداً، أهل البيت يقولون ليس الأمر كذلك (وضعوا أخباراً في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام، أحدها الغلو، وثانيها التقصير في أمرنا، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا) هذه المشكلة التأريخية المستمرة (فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا) وهو ما يحدث الآن، على أي أساس يكفرون الشيعة؟ يقولون هؤلاء غالين بربوبية الأئمة وعبادة الأئمة، (كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا) أنا بودي أن تذهب إلى تراث ابن تيمية وإلى تراث الذهبي وإلى تراث العسقلاني وغيرهم وانظروا كم هناك ما ذكر من المثالب لأئمتنا، يكون في علمك قد أنهم لا يستطيعون أن يصرحوا في علي بن أبي طالب أما في باقي الأئمة الله أعلم بل الله يعلم أنه كم ذكروا من المثالب في أئمتنا بشكل تصريح، يقولون عن الإمام الصادق هو واحد من الكذابين والعياذ بالله، تصريحات واضحة، ولا مشكلة عندهم لأن هذا ليس بصحابي حتى عنده صمام أمان من بني أمية. تقول له هذا من آل البيت، يقول أنتم لا تقبلون أن كل آل البيت صالحين، بل أنتم تقولون أن عندكم جعفر الكذاب، أنتم جعلتموها هكذا. في كتاب (تبديد الظلام) لسليمان الجيهان، هذا الكتاب طالعوه حتى تعرفوا ماذا يقولون في أئمتكم، هذا الكتاب ينشر الآن في السعودية وفي غيرها، وليس من الكتب القديمة بل من الكتب المعاصرة.

والرواية الثانية عن الإمام الصادق ورادة في (البحار، ج25، ص287) قال: (إنا أهل بيت صديقون لا نخلوا من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه عند الناس) هذه هي الظاهرة التي نعيشها الآن. ولكن روايات سعيد الخطاب ليست في المعارف بل في الأعم، وأنا لا اريد أن أنقل الروايات. مطلقاً، نعم في المعارف لأنه كان يستطيعون من خلالها أن يبعدوا الناس عن الأئمة. هذه رواية.

الرواية الثانية واردة في (اصول الكافي، ج1، ص63، باب اختلاف الحديث) الرواية عن سليم بن قيس الهلالي، طبعاً تعلمون أصل سليم، إذا صار وقت ولعله في الأيام القادمة لأننا نحتاج إلى هذا الكتاب، الرواية عن سليم بن قيس الهلالي، قال: (قلت لأمير المؤمنين سمعت سلمان والمقداد وأبي ذر سمعت شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله غير ما في أيدي الناس) هؤلاء أصحاب وأولئك أيضاً أصحاب (ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله أنتم تخالفونهم فيها) أهل البيت يخالفون تلك النصوص (وتزعمون ان ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله) المراد من الناس يعني الصحابة، هذا الذي الآن هناك عصمة وهالة حول الصحابة، يظهر أن هذه موجودة من ذاك الزمان (أفترى الناس يكذبون على رسول الله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم، قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فأفهم الجواب، إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً) هذا في أيدي الناس ليس من العقائد فقط بل مطلق (إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً وقد كُذِبَ على رسول الله في عهده حتى قام خطيباً فقال: أيها الناس قد كثرت عليّ الكذابة فمن كذب عليّ فليتبوء مقعده من النار، ثم كُذب عليه من بعده وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس) هذه عامة يقولها في رسول الله ولكن هي قاعدة عامة (رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله متعمداً) كما كان في أصحاب ائمة أهل البيت، يوجد منافقين أو لا يوجد؟ نعم يوجد. (فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم … ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال) أمثال معاوية، صحابي (ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله على وجهه ووهم فيه) هذه العوامل التي اشرنا إليها (ولم يتعمد كذباً فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول أنا سمعته من رسول الله، ورجل ثالث سمع من رسول الله شيئاً أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم أنه نهى أو سمعه ينهى ثم أمر وهو لا يعلم أنه أمر، ورابع لم يكذب على رسول الله، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله، لم ينسه بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ … قد يكون من رسول الله الكلام له وجهان كلام عام وكلام خاص …).

سؤال: في قبال هذا التراث ماذا نفعل؟ ما هو تكليفنا الشرعي؟ كل إنسان ينقل يأتي ويأخذ وسائل الشيعة هذا ينقل رواية دالة على المطلق وذاك ينقل رواية دالة على المقيد، هذا ينقل رواية دالة على العلم وذاك دالة على غير العلم، ما هو الطريق؟ أنا لا أتصور أنه يوجد عاقل يختلف معنا أنه لمن يريد أن يدخل إلى هذا التراث لابد أن تكون عنده مجموعة، لا أريد أن أسميها قواعد أصولية حتى لا يهرب مني منكر علم الأصول، مجموعة من القواعد والأسس والمناهج والأدوات والمفاتيح، عبر ما شئت، اصلاً سمها كما تريد، وبتعبير الحدائق مقدمات، وبتعبير الاسترآبادي فوائد، وبتعبير علماء الأصول قواعد أصولية، وبتعبير مفاتيح، سمها ما تريد، إذن لكي تدخل إلى النص الديني أنت لابد أن تكون عندك منهج، عندك قواعد، عندك أسس، علمائنا المتقدمون في صدر الغيبة، يعني الغيبة الصغرى وبعد ذلك الغيبة الكبرى بدءوا شيئاً فشيئاً يؤسسوا لنا علم الأصول، لو سألتهم ما هي، يقول لعله في زمن الباقر والصادق، طبعاً وإن كان زمن الباقر والصادق نحتاج أيضاً ولكن الحاجة أقل، لأنه يستطيع أن يرى الإمام في المدينة ويسأله عن أي شيء، وإلا روايات التعارض الواردة وعلاج الروايات المتعارضة والروايات العلاجية صدرت هذه في عهد الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام، يعني أصحاب الأئمة كانوا مبتلين بالروايات المتعارضة فاحتاجوا إلى العلاج. ثم أسسوا لنا علم الحديث، وهو متأخر عن الأصول، هذا التقسيم صحيح وحسن وموثق وضعيف، هذا أسس في صدر الغيبة، لا أبداً، هذا أسس أما على يد العلامة أو قبل ذلك بقليل، يكون في علمكم أن علم الحديث بهذه التصانيف الموجودة الآن متأخر كثيراً عن الآخرين، ولذا هذا الجناح الذي لا يقبل علم الأصول أيضاً لا يقبل هذا التقسيم الرباعي لعلم الحديث، يقول هذه كلها من العلوم المستوردة.

ولكن هؤلاء الأعلام في الأعم الأغلب إن لم أقل الكل، في الأعم الأغلب كان همهم وضع القواعد والأسس والمناهج لعلمية الاستنباط الفقهي فقط، يعني في عملية الاستنباط العقائدي وضعت لنا قواعد أو لم توضع؟ نحن الآن عندنا علم أصول الفقه، ولكن أسألك أين علم أصول العقائد، يعني إذا الروايات متعارضة في باب العقائد نجري بينها جمع عرفي، نحمل بعضها على الكراهة وبعضها على الاستحباب، إذن في تعارض الروايات العقدية ما هي القواعد المتعبة؟ أين ذلك العلم الذي عرض لعلم أصول، هذا الموجود عندنا علم أصول الفقه الأصغر، أين علم أصول الفقه الأكبر؟ دلونا عليه؟ ما هي القواعد المتبعة؟ خبر الواحد فيها حجة أو ليس بحجة؟ الاطمئنان فيه حجة أو ليس بحجة؟ هل يشترط فيه القطع واليقين أو لا يشترط؟ في مقام التعارض ماذا نفعل؟ الظهورات حجة أو ليست بحجة؟ الظهورات تفيد الظن لا تفيد القطع حجة أو ليست بحجة؟ هل تستطيع أن تأتي بالقواعد الموجودة في عملية الاستنباط الفقهي وتطبقها في عملية الاستنباط العقائدي والمسائل العقائدية؟ أين علم أصول التفسير؟ أنت عندما تريد أن تدخل إلى القرآن لابد عندك قواعد أو لا؟ أين علم أصول التفسير؟ لا علوم القرآن ناسخ ومنسوخ ما هو، لا، علم أصول التفسير غير علوم القرآن، يعني ما هو دور الرواية في فهم القرآن؟ الرواية مقدمة أو الآي مقدمة، ما هو دور العقل في فهم القرآن؟ العقل مقدم أم القرآن مقدم؟ فيما ظاهره تعارض الآيات ماذا نفعل؟ كيف نجمع بينها؟ سموه علم أصول … ولذا أنا كتبت علم أصول التفسير.

في رواياتنا التأريخية عندما كم هائل من الروايات، أين علم أصول التأريخ، أنت عندما تريد أن تنقل تأريخ الإمام أمير المؤمنين، تاريخ الأئمة، الروايات بينها تعارض، وفيها كذابون، أين علم أصول التأريخ عندنا؟ كيف نتعامل مع الروايات؟

ولذا حوزاتنا العلمية بدأت بعد جهد جهيد وسنين طوال تخرج لك عالم فقه لا عالم دين، تجده في الحلال والحرام ليس مجتهد بل أعلم بل أعلم الأعلمين، خاتمة الأولين والآخرين، ولكنه في العقائد ماذا؟ ماذا عندكم في العقائد؟ ماذا عندكم في التفسير؟ ولذا أنا قلت وأؤكد، هذا الحديث الآن إذا ترجعون إلى دروسي أنا قلت منذ عشرين عاماً وموجود، قلت أن الحوزات العلمية بشكل عام أتكلم إلا ما كان من جهد شخصي وإلا في حوزاتنا العلمية هناك مفسرين ولكن بشكل شخصي، هو ذهب واشتغل على نفسه، حوزاتنا العلمية مع كل الجهد الذي تبذله وهي مشكورة عليه آخر المطاف تخرج لنا علماء الفقه الأصغر، لا علماء الدين والفقه الأكبر، وهنا تصير عندنا مسألة أساسية الذي يجب تقليده عالم الفقه أو عالم الدين؟ ويأتيك الجواب: أنه أساساً في القضايا العقائدية لا يجوز التقليد لا بد أن يكون عالماً. الجواب: هذا أول الكلام، أين طرحت هذه المسألة، من قال أنه عالم في العقائد لا يجوز التقليد، هذا أصل مشتهر بين الناس بلا أصل، بينك وبين الله إذا أنا قلت لك لماذا يجوز للناس أن يقلدوا في الفقه، يقول لا يستطيع كل الناس أن يكونوا مجتهدين في الحلال والحرام، بينك وبين الله كل الناس يستطيعوا أن يكونوا مجتهدين في العقائد، هل هذا المنطق مقبول؟ كل الناس يستطيعون أن يكونوا أهل اجتهاد في الأمور العقائدية، هل هذا ممكن؟ إذن ما هو الطريق؟ لا أدعي جواز التقليد في العقائد حتى يتسبب لي هذا بمشكلة، لا أقل أقول جدوا لنا حلاً، الآن عموم الناس صحيح مكتوب في الرسالة العملية لا يجوز التقليد في العقائد، ولكن عموم الناس يقلدوا من في العقائد؟ خطباء المنبر! لأن المنبري يخرج ويتكلم ويقول هذه عقيدة أهل البيت، هو يرى المرجع أو لا يرى المرجع؟ لا، قد يسأله سؤال أو سؤالين في العقائد، وغلا الذي ينظم عقائد الناس من هم؟ أهل المنبر!

ولذا أخواني الأعزاء هذه الأبحاث لابد أن ننظر إليها واقعاً أين تنفع وأين لا تنفع وكيف نوسعها لتنفع في مجالات أخرى، إن شاء الله في يوم السبت.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات