الأخبار

المحاضرة (4)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

انتهينا في البحث السابق إلى أن كل فرع من فروع المعرفة الدينية أعم من أن يكون فقهاً أو أن يكون تفسيراً أو أن يكون مرتبطاً بالمسائل العقدية والإيمانية أو يكون مربوطاً بالأبحاث التأريخية، لا إشكال ولا شبهة لكي نصل في من معلوم إلى مجهول، لنستعير اصطلاح المنطق، لكي نصل فيه من معلوم إلى مجهول لابد من وجود أداة ومنهج أو عبر منه منطق لا فرق، وهذا هو الذي وجدنا أن علمائنا قدس الله أسرارهم التفتوا إليه في عدة أبواب، كالفقه فإنهم أوجدوا له أداة سموه أصول الفقه، أعم من أن يكون علماً بالمعنى المصطلح أو لا يكون الآن همنا ليس هو أنه يسمى أو لا يسمى، في النتيجة عندما ندخل عملية الاستنباط الفقهي يعني نريد أن نستكشف من مجموع المعلومات عندنا للوصول إلى المجهولات ومعرفة أحكام هذه المجهولات نحتاج إلى أداة ومنهج، نحتاج إلى طريقة في التفكير هذه الطريقة في التفكير أسماها علمائنا بعلم الأصول، ولكن علم أصول الفقه لا علم الأصول مطلقاً لكل المعارف الدينية، ولذا كثير من المسائل التي طرحت في علم أصول الفقه لا تخضع لأمور أخرى، وخصوصاً عندما جنابكم تأتون إلى أبحاث تعارض الأدلة، 90% إن لم أقل أكثر من أبحاث تعارض الأدلة إنما هي تعارض الأدلة الفقهية، مسائل الجمع العرفي، مسائل تقديم أقوى الظهورين على أضعف الظهورين، مسائل الحكومة، مسائل الورود، مسائل الترجيح، الترجيح بالسند أو الترجيح بالاقوائية أو الأشهرية، بينك وبين الله في مسائل الاختلاف والتعارض في الأدلة العقائدية بماذا نأخذ؟ نأخذ بالأشهر هل هذا منطق، إذا صار أشهر فهو أصح، أبداً لا، بينك وبين الله مسألة حجية الظهور، الظهور ماذا يفيد كما قرأنا في علم الأصول؟ لا يفيد إلا ظناً، على أقصى التقادير يفيد اطمئناناً عرفياً، والاطمئنان العرفي والظن حجة في المسائل الإيمانية والعقائدية أو ليس بحجة؟ قد قرأتم أنه ليس بحجة، لابد من تحصيل اليقين ولابد من تحصيل العلم.

خبر الواحد الذي لا أقل نصف علم الأصول خبر الواحد، ربع علم الأصول خبر الواحد هل هو حجة في الأمور العقائدية أو ليس بحجة؟ ليس بحجة.

الاستصحاب، البراءة، الأصول العملية كلها لها علاقة بالأبحاث التأريخية أو لا علاقة بها؟ لا علاقة لها. بالأبحاث التفسيرية لا علاقة بها، إذن هذا الأصول المكتوب عندنا يصلح أن يكون أداة لكل أبواب المعرفة الدينية أو لا يصلح؟ لا أحد يستطيع، نعم قد توجد فيه بعض النكات والمفردات يستفاد منها في أبحاث غير الفقه ولكن في الأعم الأغلب كتبت بروح أن تحل لنا مشكلات علم الفقه، علمائنا كتبوا هذا وجزاهم الله خيرا والحق أنهم أبلوا بلاءً حسناً وجهاداً كبيراً في هذا المجال، ولكنه من جهة أخرى كانت هذه البحوث على حساب بحوث أخرى، وهنا عندما أقول على حساب بحوث أخرى يعني على حساب أبحاث التفسير وعلى حساب أبحاث العقائد، قد يخطر على ذهن أحد أننا تخلفنا وتقدم الآخرون، لا، لا يتبادر إلى ذهن احد أن المسائل الأخرى التفت، إشكالاتها أكثر من إشكالاتنا، يكون في علم الأخوة أنا عندما أقول أن علم أصول التفسير تأخر عندنا لا يتبادر إلى ذهن أحد أن علم أصول التفسير قد تقدم عند الآخرين، لا، أنا أتكلم بالقياس إلى علم أصول الفقه، لا أنه بالقياس إلى الآخرين، وإلا ما كتب عندنا في علم أصول التفسير يفوق ما كتب عند الآخرين بكثير، أساساً أنت في كتب التفسير هذه الآن عشرات لعله تصل إلى مئة وخمسين بحسب علمي أو مئتي تفسير، في ذهني إلى حدود 170 تفسير مكتوب إلى الآن، أنت 95% من هذه التفاسير القواعد التي يستندون إليها في عملية التفسير غير معلومة، يعني فيها علم أصول التفسير أو لا يوجد؟ لا يوجد، نعم عندنا بحمد الله تعالى الآن خصوصاً في الخمسين سنة الأخيرة هناك كتب قيمة ولكن إذا قيست إلى علم أصول الفقه كبيرة أو صغيرة؟ جداً صغيرة، ولذا أنا هنا بودي أن أشير إلى هذه الملاحظة لا يتبادر إلى ذهن الأخوة أنا عندما أقدم ملاحظة أو اعتراض أريد أن أقول لم يتحقق شيء، لا، الأمر نسبي، أنا أقيس إلى تقدم علم الفقه عندنا نرى هذا متأخر، يعني عندما أقيس العقائد الموجودة عندنا وما كتب في العقائد وما كتب في علم أصول العقائد إذا قسته إلى ما كتب في الفقه وما كتب في علم أصول الفقه النسبة واسعة جداً، الفجوة كبيرة، الثغرة واسعة جداً.

الآن لو اسأل الأخوة كم كتاب عندنا في التوحيد، كم كتاب عندنا في الطهارة، أنا أتصور كل أخ من الأخوة في بيته لا أقل عشرين دورة من أبحاث الطهارة، وهي للمعاصرين لا أتكلم في المتأخرين بل أتكلم في المعاصرين في المئة سنة الأخيرة. أما كم كتاب عنده في التوحيد، أقصى ما يكون كتاب التوحيد للشيخ الصدوق أو بعض الشروح القليلة وبعض كتب المتأخرين، بينكم وبين الله أيهما أهم، التوحيد وأول الدين معرفته أو أول الدين طهارته، أمير المؤمنين لم يقل أول الدين الطهارة بل قال أن أول الدين المعرفة، معرفة الله، وهكذا في أبواب أخرى، في التفسير أيضاً كذلك، الآن اذهبوا إلى المكتبات بل ادخلوا في المواقع الالكترونية وانظروا بأنه كم كتاب تستخرجون في علم أصول التفسير لا في علوم القرآن، علوم القرآن غير علم أصول التفسير، من مسائل علم أصول التفسير أن القرآن كيف يفسر، يستغنى به عن الحديث أو لا يستغنى، ما هو دور الحديث، لا علاقة لهذا بعلوم القرآن، في علوم القرآن نبحث فيها عن الناسخ والمنسوخ، هنا نبحث كيف نفهم كتاب الله، الآن تجدون كم اتجاه، اتجاه يقول نفسر القرآن بالقرآن هذا الاتجاه الذي يصر عليه السيد الطباطبائي رحمة الله تعالى عليه، ونحن لا نوافق عليه وكتبنا في مقدمة كتاب (اللباب) وكذلك في كتاب (المنهج التفسيري) وعندنا كتاب مفصل في أصول التفسير ومبنانا في التفسير والتأويل لعله في 700 صفحة لعلنا نوفق لإخراجه في الوقت المناسب. لم نوافق على هذا لأن جملة من الأحيان أن الآية في القرآن لم ترد إلا مرة واحدة، كيف نفسر القرآن بالقرآن، نعم الموضوع لو ورد في عشرين مورد يلقي بعضه ضوءً على الآخر، أما آية الكرسي لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة (وسع كرسيه) ولم تأت في مكان آخر، كيف نفسر، ولذا نحن انتخبنا المنهج التركيبي حيث عبرنا عنه بهذا في محله.

وهكذا في التأريخ، يا أخي الكثير من القضايا التي نحن الآن نطرحها تأريخياً لنرتب عليها أمور إيمانية، معركة الجمل قضية تاريخية أو قضية عقائدية؟ في ظاهرها قضية تاريخية ولكن نحن نريد أن نرتب عليها الخروج على إمام الحق، والخروج على إمام الحق، يعني الذين خرجوا بقوا على بيعتهم أو خلعوا بيعتهم، وإذا خلعوا بيعتهم ماتوا ميتة جاهلية، هذه آثار عقائدية، ولكن ثبت العرش ثم انقش، أنت ثبت لي تأريخياً أن هذا الخروج كان خروجاً بلحاظ خلع … هذه قضية تأريخية، أي منهج يعيننا على فهم هذه القضية التأريخية، ما هو منهجنا؟ تذهب إلى خبر الواحد لعله بيني وبين الله تذهب إلى كتب التأريخ 80% أو 90% منها تجد روايات ضعيفة، إذن يسقط ما في يدك. خروج من خرج في صفين، خروج من خرج في النهروان، إلى غير ذلك.

أخواني الأعزاء إذن النكتة الأصلية التي لابد أن يلتفت لها طالب العلم والعالم والمحقق أنه عندما يريد أن يدخل في أي باب معرفي وفي أي حقل من المعارف الدينية عليه أولاً أن يقول هذا منهجي للوصول إلى النتائج المرجوة، هذا منهجي. قد نتفق معه وقد نختلف، ولكن لابد أن يذكر المنهج، لابد أن يذكر المنهج، وهذا مما يؤسف له في كثير من الأحيان غائب عن كتبنا الأصلية.

إلى هنا أتضح لنا هذا العنوان الثاني، أهمية بحث كما قلت لا مشاحة في التسمية، أهمية بحث ما يصطلح عليه بعلم الأصول، أو ما يعبر عنه بالفوائد، أو ما يعبر عنه بالمقدمات، سموه ما شئتم، أو ما أعبر عنه بمنهج استنباط الفقه، أو ما عبر عنه سيدنا الشهيد قدس الله نفسه قال الأصول منطق علم الفقه، ماذا يعني بمنطق علم الفقه؟ ما معنى منطق؟ يعني أنه الأدوات، لأن المنطق ما هو بحسب الاصطلاح لا بحسب اللغة، ما هو المنطق؟ يعني كيفية بيان طريقة التفكير للانتقال من المعلوم إلى المجهول، هذا هو المنطق، السيد الشهيد يقول أن الأصول، هذه ليست مختصة بالسيد الشهيد، بل هي قول أساسي لا فقط في الفقه بل في التأريخ هكذا وفي علم الحديث، ما هو منطقك إن صح التعبير لتقبل رواية وترفض رواية؟ ارفع المنطق لأنها من اليونان، عبر ما هو منهجك، ما هو المنهج الذي تتبعه في قبول حديث ورد حديث، أنت جنابك تقول بأن منهجي هو أنظر إلى السند لا علاقة لي بالمتن سواء كان هذا المتن مستغرب أو غير مستغرب، غريب أو ليس بغريب، مقبول أو ليس بمقبول لا علاقة لي به، أنا أنظر إلى سند الحديث، هذا منهج. شخص آخر يقول أنا لا علاقة لي بالسند بل أنظر إلى المضمون، إلى المنهج الدلالي الذي وقفنا عنده في السنة الماضية مفصلاً، أنا أنظر إلى المضمون إن كان المضمون ينسجم مع القواعد العامة أقبله وإن كان لا ينسجم لا أقبله سواء كان السند صحيحاً أو كان، روايات العرض على الكتاب هذا مضمونها، يقول اعرضوا كلامنا على كتاب ربنا، ليس الروايات الضعيفة اعرضوها، بل كل ما وصل لكم عنا اعرضوه على كلام ربنا، فإن وجدتم عليه شاهد أو شاهدان فنحن قلناه وإلا فزخرف ارمي به عرض الجدار.

سؤال: صار منهجك سندي، منهجك سندي متشدد أو منهج سندي منفتح، انفتاحي؟ لا انفتاح اقتصادي ولا إعلامي ولا حجاب، ليس انفتاح العولمة، بل هذا الانفتاح في التسهيل والتشدد، الآن لو تأتون إلى السيد الخوئي سيدنا الأستاذ قدس الله نفسه في المنهج الرجالي لا أقل في الأيام الأولى أو بعد ذلك كان متشدداً وكثير من الروايات ضعفها، وبعد ذلك توسعت الدائرة، ولكن قبل ذلك كان يضعف كثيراً، وهذا التقسيم الرباعي صحيح وحسن وموثق وضعيف جملة من كبار علمائنا لم يقبلوا هذا التقسيم، إذن من يقبل هذا التقسيم نجعله في خانة المتشددين أو في خانة المتساهلين؟ في خانة المتشددين. في بعض كتب الآخر كتب أهل السنة والجماعة يقولون أن هذه الرواية صحيحة على شرط البخاري، وهذه الرواية صحيحة على شرط مسلم، وهذه الرواية ليست صحيحة على شرط النسائي، وإن كانت صحيحة على شرط مسلم والبخاري. لأن النسائي كان أشد من البخاري ومسلم في قبول الرواية. ومن هنا أنا واقعاً أوجه دعوة لأصحاب الشأن، نحتاج في حوزاتنا العلمية إلى مؤسسة علمية قوية ومتمكنة من كل الإمكانات العلمية والمادية، واقعاً هذه كتبنا الحديثية لا أقل يقام عليها هذا العمل العلمي، بكتبنا الأربعة والبحار والوافي والوسائل والمستدرك، يعني الكتب الثمانية، أنه بيني وبين الله كل رواية لا أقل سنداً، مضموناً يترك للعالم، سنداً يقال أنها صحيحة أو ضعيفة، وإذا كانت صحيحة على شرط من صحيحة، لأنه قد فلان يصححها وفلان يضعفها، والله خدمة ما بعدها خدمة في المذهب، لأنه عند ذلك يتضح أن الكثير من هذه الروايات المتداولة بين أيدينا من الروايات الموضوعة، ونحن ننقلها على منابرنا ونثقف بها شيعتنا. وهذا غير موجود الآن أبداً، أبداً ما موجود. عمل أساسي مهم يخدم التشيع ومدرسة أهل البيت واقعاً ما بعدها خدمة من الناحية العلمية، وهو أنه لا أقل العالم والمحقق والخطيب والمنبري والمتكلم في الفضائيات عندما يرجع إلى أصول الكافي يقال له أن هذه الرواية صححها فلان وضعفها فلان، على شرط فلان صحيحة وعلى شرط فلان ضعيفة، علم الحديث، طبعاً متفرقات موجودة في هذا المجال، الآخرون أو بعض الآخرين سبقونا كثيراً، يكون في علم الأخوة، ولعل السبب بعض المباني الرجالية أو بعض المباني في علم الحديث عندنا لأنه كثير من علمائنا يعتقدون بصحة هذه الكتب جميعاً، فلا معنى للبحث السندي.

إذن أنا أعتقد مسألة ضرورة أن الإنسان إذا أراد أن يدخل عملية الاستنباط الفقهي يكون مسلحاً بمنهج وبطريقة وبأدوات تعينه على عملية الاستنباط للانتقال من معلوم إلى مجهول هذه من الضروريات التي لا مجال للمناقشة فيها من أحد، نعم إذا كانت هناك مناقشة في سعة هذه الضرورة وضيقها، في عدد المسائل التي نحتاجها، بعض يقول نحتاج مئة والبعض الآخر يقول نحتاج عشرة، أما إنكار أصلها فلا مجال للإنكار، هذا تمام الكلام في ضرورة الحاجة أو ما هي الحاجة إلى علم يصطلح عليه بعلم أصول الفقه لا علم الأصول، لا علم أصول، بل علم أصول الفقه. كذلك في التفسير علم أصول التفسير، كذلك في التاريخ علم أصول التاريخ، كذلك في الحديث علم أصول الحديث، كذلك في العقائد علم أصول العقائد ونحو ذلك.

والأخوة الذي يريد أن يعمل على هذا البعد أنا عندي استعداد لا أقل كل واحد من هذه لا أقل في التفسير أو غيرها أعطيه بعض القواعد لأني قد كتبتها مع نفسي، في التفسير ماذا نحتاج؟ في العقائد ما هي القواعد التي لابد أن ننقحها قبل الدخول في التوحيد وقبل الدخول في الإمامة وقبل الدخول في النبوة وقبل الدخول في المعاد.

العنوان الثالث، وأنا أتصور لعله من هنا إن شاء الله تعالى شيئاً فشيئاً سندخل في مقدمات البحث الأساسي لعلم الأصول، العنوان الثالث من مقدمات هذه الدورة وهو أهم العناوين وأدق العناوين وأعمق العناوين وأطول العناوين، التي سوف نقف عندها وهي مهمة جداً، وهي أنه المعروف عندهم أنهم يقولون أن لكل علم موضوعاً يختص به، ذاك الموضوع موجود هنا وغير موجود هنا، ورتبوا على ذلك أولاً أنه ما هي النسبة بين محمول موضوع العلم وموضوع العلم، النسبة ما هي؟ نسبة ضرورة، أو نسبة ذاتية، هذا البحث المعروف ما يبحث عن عوارضه الذاتية، ثم دخلوا إلى بحث وهو أنه بماذا تتمايز العلوم، هل تتمايز بالموضوعات، أو تتمايز بالأغراض المترتبة عليها؟ ثم أشاروا من بعيد لا من قريب، لأن هذا البحث تقريباً مغفول عنه أيضاً، ما هو المنهج المتبع في تحقيق مسائل كل علم، هل هو منهج واحدة أو أن المناهج متعددة، يعني أنا عندما أريد أن أبحث في علم التاريخ وأريد أن ابحث في علم الفقه هل المنهج واحد أو هما منهجان، لابد أن نعرف، وإذا قيل لنا واحد لماذا وإذا قيل لنا متعددة نقول لماذا، لماذا يتعدد المنهج، أنا عندما أريد أن أبحث في العقائد وأبحث في العقائد أصول الاستنباط فيهما يعني في العقائد وفي الفقه، أصول الاستنباط واحدة أم متعددة، إذا كانت واحدة لماذا وإذا كانت متعددة لماذا.

أخواني الأعزاء هذه المسائل التي أشرنا إليها أن كل علم ما يبحث عن عوارضه الذاتية أو تعريف العلم بنحو جامع ومانع أو تمايز العلوم بالموضوعات، أو المنهج المتبع في تحقيق مسائل كل مفهوم، بحث آخر، ما هي النسبة موضوع العلم وموضوع المسألة، أنتم تعلمون أن لكل علم مسائل متعددة لعله في باب واحد في علم واحد من العلوم هناك ألف مسألة، كما أشرنا في الفلسفة كم مسألة موجودة؟ 500 أو 700 مسألة لا يهم، موضوع العلم ما هي نسبته إلى موضوع مسائل العلم؟ نسبة الكل إلى الجزء، نسبة الكلي إلى الجزئي، أي كلي، كلي طبيعي، غير كلي طبيعي، أي منها، لأنك ما دمت استعرت اصطلاح المناطقة لابد أن تحفظ الاصطلاح أو تعطيني معنى الاصطلاح، ما مقصودك، عندما تقول نسبة الكلي الطبيعي إلى أفراده ومصاديقه إذن أنت إن لم تعطني معنى جديداً للكلي الطبيعي وأفراده أنا أحمله على أي معنى؟ على المعنى المصطلح فيه، وليس من حقك أن تبدل، إذا كان مقصودك شيء آخر فأتيني باصطلاح آخر، عندما تقول ما يبحث عن عوارضه الذاتية، أي ذاتي هذا؟ لأن هناك عشرة أنواع من الذاتي في المنطق، هذا أي ذاتي؟ هذا ذاتي باب الكليات، ذاتي باب الحمل، ذاتي باب العروض، ذاتي باب الأقسام …، أي منها، لا يمكن أن أدخل إلى هذه الأبحاث … هل يستطيع أحد أن يدخل … بعدنا في الأصول بعدنا في أول تعريف علم الأصول وموضوع علم الأصول ولم نقرأ دورة منطق ارسطو هل يمكن أو لا؟ وهذا سؤر الكفار، وسؤر المجوس والنصارى، فماذا نفعل أنتم جئتم بها إلى علم الأصول.

كما في الكفاية وهو الكتاب الرسمي في الحوزات العلمية (بسم الله الرحمن الرحيم وهو الذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتية أي بلا واسطة في العروض) أقسم أن كل كلمة من هذه الكلمات فيها خمسين بحث في المنطق والفلسفة، أولاً ما هو المراد من الموضوع (إن موضوع كل علم) أصلاً اصطلاح الموضوع كم معنى، المقصود أي موضوع؟ كل علم أي علم هذا؟ كم قسم، بعد ذلك سأذكر لك أربعة أنواع من العلوم، (يبحث فيه عن عوارضه) أي عارض هذا؟ (الذاتية) أي ذاتي هذا؟ (أي بلا واسطة) أي واسطة هذه، هل هي الواسطة في العروض أو واسطة في الثبوت أو واسطة في الإثبات، ثم الواسطة في الثبوت على أقسام، واسطة في الثبوت النفس أمرية، واسطة في الثبوت الأمر خارجية، لا يمكن، إما أن لا تستخدم هذه الاصطلاحات، أدخل وقل هذا تعريفي لعلم الأصول لا مشكلة، (هو نفس موضوعات مسائله عيناً وما يتحد معها خارجاً) لم نفهم، الاتحاد والعينية شيء واحد أو شيئان، العينية يعني لا اثنينية، الاتحاد فرع الاثنينة، لم نفهم يقول (موضوعات مسائله عيناً وما يتحد معها خارجاً) في النتيجة النسبة بين المحمولات والموضوع هناك اتحاد أو عينية (وإن كان يغايرها مفهوماً) جملة من الفلاسفة يقولون يستحيل التغاير المفهومي والاتحاد الخارجي، يقولون محال، لا تقول لي كيف قرأنا الكفاية، ذاك بحث آخر، أنت قرأت الكفاية حيث يمر على كل هذه مرور الكرام. (تغاير الكلي ومصاديقه والطبيعي وأفراده) لماذا، هذا تفنن في العبارة مصاديق وأفراد أم أن المصداق والفرد له بحث في الفلسفة. (والمسائل) سؤال: انظروا إلى القضية كيف معقدة ولكنها كلها جيء بها عنوة وقسراً من تلك الأبحاث إلى هذه الأبحاث، أنتم تقولون موضوع كل علم ما يبحث عن عوارضه الذاتية، عوارض الموضوع العلم أو عوارض الموضوع المسألة أي منها، لأنه إذا فرضنا أن العلم فيه مسائل متعددة، الذي يجعل المسألة مسألة أن يكون المحمول عارض ذاتي لموضوع المسألة أو يكون عارض ذاتي لموضوع العلم؟ أضرب لكم مثلاً ليتضح المطلب وهو قريب من أذهان الأخوة، قرأتم جميعاً أن موضوع الفلسفة هو الموجود بما هو موجود، وقرأتم من مسائل الفلسفة بعد أن قلتم بأن الموجود بما هو موجود تقولون الموجود أما واجب وأما ممكن، إذن الوجوب والإمكان عارضان ذاتيان لموضوع العلم وهو الموجود بما هو موجود، ثم تأتي وتقول الممكن إما جوهر وإما عرض والجوهر أقسام، هذا الجوهر والعرض عارض ذاتي للممكن أم معارض ذاتي للوجود؟ من الواضح أنه عارض على ماذا … لا أن الموجود إما جوهر وإما عرض، الممكن إما جوهر أو عرض، فالجوهرية والعرضية عارضان ذاتياً لموضوع العلم أو لموضوع المسألة؟ لموضوع المسألة، أنتم الذين تشترطون أن يكون عوارض ذاتية لموضوع العلم فإذا صار عارض ذاتي لموضوع المسألة وليس لموضوع العلم هل يكون خارج عن العلم أم داخل في العلم؟ وأنتم تعلمون أن كل موضوع كم عارض مباشر فيه؟ خمسة أو عشرة أو خمسة عشر … لا يتحمل ألف مسألة وألفين مسألة … وأريد هنا أن استقرء آرائكم هل ندخل في هذه البحوث أم لا ندخل، تريدوا أن تفهموها أم لا، هذه موجودة أينما تذهب، ولم يستثنى منها أحد ممن قبل الأصول وممن أنكر، حتى أولئك الذين قالوا بعدم الحاجة إلى الأصول ولكنهم تكلموا في هذه المسألة، هل ندخل فيها أو لا ندخل؟ واقعاً أنا استشير الأخوة في هذا، هذا كتاب الكفاية لم أقرأ من ملا صدرا، وأنا بالأمس قرأت لكم من السيد الصدر في الجزء الأول من تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر هذا موجود، هل نحذف هذا كله ونبدأ من الأوامر. ولا تنسى أن في بحث الأوامر هناك أيضاً وردت اصطلاحات الكلي والطبيعي والذاتي والعرضي، هل أتجاوزها وأحذفها، اقسم لك لو حذفناها جميعاً لا يبقى من الأصول إلا اسمه! يعني نحذف كل علم الأصول مئة وخمسين سنة. هذا معناه أنه أنت جهد من سنة 1281هـ إلى يومنا هذا وهو 1431هـ أي 150 عاماً وفيها لا أقل أربع إلى خمس مدارس أصولية، يعني مدرسة الشيخ الأنصاري مدرسة، ثم مدرسة صاحب الكفاية وأتباع صاحب الكفاية الأصفهاني وغيره، ثم مدرسة النائيني وأتباع النائيني التي آثارها حاكمة إلى يومك هذا في حوزاتنا العلمية ثم مدرسة الشهيد الصدر رحمة الله تعالى عليه، الذي يدعي أنا قلبت نصف علم الأصول رأساً على عقب، صح أو غلط ذاك مقام آخر، هذا أربعة مدارس هل نتجاوزها وكأنها لم تكن، ماذا تفعل في عملية الاستنباط الفقهي، الكتب التي كتبت على مدى 150 سنة الماضية كتبت على أي أساس؟ كتبت على أساس هذه المدارس الأصولية الموجودة، ولذا أنا في البحث السابق قلت للأخوة أن السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه يقول أن علم الأصول طغى ثم طغى ثم طغى وأخشى أن يقضي على علم الفقه، واقعاً يجد الطالب عندما يدخل … إن تجاوزها وبغض النظر عن مقام الإثبات في الحوزة يقولون له أنه لا يفهم، من لا يفهم أصول في الحوزة ليس بعالم، وإن لم يفهم في التفسير والعقائد، لابد أن يفهم في الأصول، هذا مقام الإثبات يمكن أن يتجاوزه أحد، ولكن مقام الثبوت والواقع أن كل هذه الكتب الفقهية الموجودة بأيدينا يعني التنقيح لسماحة آية الله العظمى السيد الخوئي قدس الله نفسه مكتوب على أساس أصول ما قبل الشيخ الأنصاري أم مكتوب على أساس هذه الكتب الأصولية؟ هل تستطيع أن تستفيد منه أو لا تستطيع؟ المستمسك للسيد الحكيم على أي أساس مكتوب، نعم إلا أن تقول لي سيدنا تعال نحذف هذه ونتخلص منها ونرجع إلى فقه صاحب الجواهر، نعم فقه صاحب الجواهر هذه البحوث بهذا الحجم غير موجودة فيه، المدارسة الأربعة التي ذكرتها لك مدارس النجف بتعبير السيد محمد تقي الحكيم كان يعبر عن مدرسة ما بعد الشيخ الأنصاري يقول مدرسة النجف الحديثة لأن هناك مدارس قبل ذلك. وإذا المدارس التي وجدت في قم من قبل الشيخ عبد الكريم الحائري باب آخر ومفتاح آخر، ثم أنت في باب الرسالة العملية غداً عندما يسألونك عن الأعلم تأخذ بعين الاعتبار هذه النقاط أم لا تأخذها؟ أي منها، على أي ميزان تقيم الأعلم هذا أعلم أو غير أعلم، إذا قال أحد أنا بيني وبين الله أنا 150 سنة من علم الأصول ماذا فعلت له؟ خط أحمر، هل تعتبره أعلم أم لا؟ القضية ليست قضية نظرية محضة حتى تقول لي هذا ليس ضروري، هناك آثار عملية في الواقع الفقهي في الرسالة العملية.

لذا نحن نحاول هنا بإذن الله تعالى جهد الإمكان أن نختصر، يعني أذكر الضروري الضروري الضروري، يعني لا فقط ضرورة واحدة بل ضرورتين وثلاث ضرورات أبحث القضية، بعض الأحيان إن كان أربع ضرورات أبحث، وإلا فيها ضرورة واحدة لا أبحثها. وإلا يطول الأمر كثيراً، وهذه موجودة في الكتب وأنا إن شاء الله تعالى عندما أعرض لأي مسألة سوف أشير إلى مصادر البحث حتى أنه إذا أرادوا أن يراجعوا يراجعوه.

المسألة التي سنبدأ فيها التي هي محور كل هذه المسائل، الآن ذكرنا أربع أو خمس مسائل، محور هذه عنوان واحد، ذكرنا مسائل تعريف العلم، موضوع العلم، الأعراض الذاتية لموضوع العلم، تمايز العلوم، المنهج المتبع في تحقيق مسائل علم من العلوم، وحدة العلم، أن العلم له وحدة أو ليست له وحدة، هذا الكتاب ماذا تقول عنه واحد أم اثنين؟ كتاب واحد، والوحدة ليست اعتبارية ومجازية وإنما وحدة حقيقية، هل العلم يتصف بأنه واحد، يعني نستطيع أن نقول علم واحد، علمان، ثلاثة علوم، وحدة العلم بماذا؟ كل هذه المسائل وعشرات المسائل لها محور واحد، هذا المحور إذا ثبت ثبتت باقي المسائل، إن قبلت قبل ما سواها، إن فهمت فهم ما سواها، وإن جهلت جهل ما سواها. ما هو؟ أساساً هل يوجد هناك أصل، قانون، قاعدة، تقول أن كل علم يحتاج إلى موضوع أو أن هذا الأصل وهمي أصل غير أصيل، أي منهما؟ فإذا ثبت أن كل علم يحتاج إلى موضوع عند ذلك نبحث … هذا الموضوع هو موضوع واحد وليس عشر موضوعات، فالعلم يكون علم واحد، بماذا إذن في ذلك العلم نبحث في مسائله، نبحث عن أعراض هذا الموضوع، يبحث عن عوارضه الذاتية. بماذا يتمايز هذا العلم عن باقي العلوم؟ بموضوعه، ما هو المنهج الذي نتبعه في تحقيق مسائل هذا العلم؟ هذا الموضوع يعينه، إذا كان الموضوع غيبي فلا تستطيع أن تأتي به بالتجربة وتجري عليه المنهج التجريبي، إذا كان الموضوع نقلي لابد أن تستعمل الدليل النقلي أو الدليل العقلي، إذا كان القضية عقلية محضة لابد أن تستعمل أي منهج فيه؟

إذن من الذي يحدد لك المنهج؟ الذي يحدده سنخ الموضوع، بماذا تتمايز؟ بالموضوعات لا بالأغراض، ما هي المسائل؟ أعراضه الذاتية، وحدته بماذا؟ بوحدة الموضوع.

إذن يتضح أن كل هذه المنظومة التي أشرنا لها محورها هو موضوع العلم وهذا ما فهمه جملة من الأعلام، جملة من الأعلام في المئة سنة الأخيرة لا أقل في الخمسين سنة الأخيرة التفتوا ولذا جاءوا إلى هذه المسألة قبل أن يبحثوا عن تعريف العلم وعن تمايز العلوم وعن وحدة العلوم وعدم وحدتها الحقيقية وعن المنهج وغيره، ماذا بحثوا لنا؟ لم يبحثوا في ما هو موضوع علم الأصول، لا، لم يبحثوا هكذا، قالوا هل توجد ضرورة أن يكون لكل علم موضوع فإن ثبتت الكبرى عند ذلك نأتي إلى صغراها، إلى صغرياتها، إلى مصاديقها فنسأل ما هو موضوع علم الأصول، ما هو موضوع علم الفقه، ما هو موضوع علم التفسير، ما هو موضوع علم النحو، ما هو موضوع علم الصرف، ما هو موضوع علم المنطق وهكذا، أما إذا كان من الأصل لم يثبت أن لكل علم موضوع فهذا السؤال في علم الأصول غير منطقي وباطل، السؤال عن تمايز العلوم بالموضوعات أو بالأغراض سؤال صحيح أو باطل؟ باطل. تعريف العلم ما هو؟ لا معنى له لأنه لا موضوع حتى نعرفه، ليس عندنا شيء واحد لكي نعرفه، فهذه الأبحاث كلها تكون جانبية، ولذا الأخوة الأعزاء الذين يريدون أن يبحثوا لابد أن نبدأ من هنا، وهنا وجدت اتجاهات ثلاثة:

الاتجاه الأول: قالوا أن كل علم يحتاج إلى موضوع سواء كان علماً (أ) علماً (ب) علماً (ج) علماً (د) أي نحو من أنحاء العلم، هذه لم أبينها الآن لأن الوقت انتهى، غداً أبينها.

كل أقسام العلوم أو لا أقل ما يصطلح عليها بالعلوم تحتاج إلى موضوع.

الاتجاه الثاني: هذا الاتجاه الثاني فيه جناحان، جناح قال لا ضرورة، يمكن ولكن لا ضرورة، من قال لكم أن كل علم يحتاج إلى موضوع، والجناح الثاني قال نقيم الدليل على أنه يستحيل أن يكون لكل علم موضوع، الاتجاه الأول كان يقول نقيم الدليل على ضرورة أن لكل علم موضوع، هذا جناح الثاني من الاتجاه الثاني لا فقط يقول لا ضرورة، لا أنه ينفي، لا يقول عدم الدليل على ذلك يقول بل الدليل على العدم.

هذه خارطة البحث.

الاتجاه الثالث: يقول حفظتم شيئاً للأول وللثاني وغابت عنكم أشياء، أنكم لم تميزوا بين أقسام العلم، فلو ميزتم لرأيتم أنه لا الموجبة الكلية تامة ولا السالبة الكلية تامة، السبب هو أنكم تصورتم أن جميع العلوم على نحو واحد، ذاك قال موجبة كلية، وذاك قال سالبة كلية، في الاتجاه الثالث يقول بعض الأحيان ضرورة وبعض الأحيان الضرورة على العدم، وتفصيله يأتي.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات