الأخبار

المحاضرة (10)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

انتهى بنا الحديث إلى هذه النقطة، وهي أنه ما هي العلاقة بين مقدمات الاستدلال وبين النتائج المترتبة على ذلك. أهمية هذا البحث تنبع من هذه الجهة، وهي أنه إذا ثبت أن علم الأصول من العلوم الحقيقية التي تكون فيها الرابطة والعلاقة بين الموضوعات وبين المحمولات، التفتوا جيداً إلى هذه النقطة المنهجية، إذا كانت العلاقة في مسائل علم الأصول بين الموضوعات وبين المحمولات كانت علاقة من القسم الأول، يعني أن الموضوع هو العلة لحمل هذا المحمول عليه فإذن مقدمات الاستدلال وقواعد الاستدلال كلها لابد أن تكون عقلية، يعني عندما تريد أن تستدل على مسألة من مسائل علم الأصول لابد أن الدليل ماذا يكون؟ الدليل يكون من الأدلة التي تفيد اليقين، أما إذا لم تكن المسائل الأصولية من هذا القبيل فعند ذلك هل يشترط أن تكون الأدلة عقلية أو لا يشترط، لا يشترط، بل إن شاء الله تعالى بعد ذلك سيتضح هل يصح أن تكون الأدلة عقلية أو لا يصح؟ لا يصح أن تكون الأدلة عقلية، لأن الأدلة العقلية إنما يستفاد منها في القضايا التي تكون من القسم الأول، أما القواعد التي هي أو المسائل التي هي ليست من القسم الأول، فهل يمكن الاستعانة بالادلة العقلية أو لا يمكن؟ في اعتقادنا لا يصح أن نستدل بدليل عقلي لإثبات قضية من القسم الثاني.

أضرب لكم مثالاً، في القضايا الخارجية وفي القضايا الواقعية والتكوينية هل يمكن أن يكون المشروط متقدم على شرطه أو لا يمكن؟ يعني هذا الوجود لكي يتحقق ولكن شرطه لا يتحقق.

أضرب مثالاً له، لكي يتحقق الإحراق نحتاج إلى وجود المقتضي وإلى وجود الشرط وإلى ارتفاع المانع، فإذا تحقق المقتضي ووجد الشرط ولم يكن المانع موجوداً عند ذلك يتحقق المشروط بذلك الشرط وهو الاحتراق في الواقع الخارجي.

سؤال: هل يمكن أن يتحقق الاحتراق والشرط وهو التماس غير حاصل يعقل أو لا يعقل؟ لا يعقل، لأن المفروض أن الاحتراق متوقف على الشرط، ما هو الشرط؟ التماس الحاصل بين الشيء وبين النار، ومع عدم الشرط يتحقق المشروط أو لا يتحقق المشروط؟ لا يتحقق بحسب الواقع الخارجي، هذا أين؟ في القضايا التكوينية.

سؤال: في القضايا الفقهية هل يمكن أن يتحقق المشروط والشرط يأتي بعده أو لا يمكن؟ يعني اليوم يصح هذا العمل وشرطه متى يأتي؟ غداً، الغسل متى يأتي؟ فيما بعد، في باب المستحاضة تعرفون المسألة، هل يجوز تقديم المشروط على شرطه أو لا يجوز؟ كلهم قالوا ويستحيل تقدم المشروط على الشرط.

سؤال: البحث الفقهي هذا، وهو أنه في المسائل الفقهية هل تنطبق عليها القواعد العقلية أو القواعد النقلية، أي منهما؟ فإن قلنا أن المسألة الفقهية هي كالمسألة العقلية فنطبق عليها القواعد العقلية، أما إذا قلنا أن المسألة الفقهية يختلف حكمها عن المسألة العقلية، إذن لا معنى لتطبيق القواعد العقلية على المسائل الفقهية. الآن المسائل الأصولية مسائل عقلية أو مسائل غير عقلية، أي منهما؟ فإن ثبت قولك الخبر حجة، العلم الإجمالي، هذه مسائل علم الأصول، خبر الواحد حجة، الظهور حجة، الاستصحاب حجة، العلم الإجمالي بشروطه حجة ومنجز، إن ثبت أنه من قبيل اجتماع النقيضين محال، اجتماع الضدين محال، إن كان من هذا القبيل فطبق عليه أي قواعد؟ يعني يمكن الاستدلال بالقواعد العقلية لإثبات أن نفي المسائل الأصولية، أما إذا لم يثبت أن المسائل الأصولية التي هي محل بحثنا وأن المسائل الفقهية هي من قبيل المسائل العقلية فهل يوجد هناك مجال لتطبيق القواعد العقلية أو لا يوجد؟ الجواب: لا مجال لتطبيق القواعد العقلية.

إذن أي قواعد نطبقها؟ هذا معناه أنه سيدنا أن 90% من علم الاصول تريد أن تقول أنه في غير محله، لأن الاستدلالات … اذهبوا أنتم إلى مقدمة الواجب، وإلى أبحاث الترتب وإلى أبحاث العلم الإجمالي، هذه كلها من القواعد العقلية. أي قواعد نطبقها؟ هذا إن شاء الله بعد ذلك سيأتي.

لابد أن ننظر بنحو الإجمال في كل مسألة مسألة فبعضها نطبق عليها القواعد النقلية، يعني الآية والرواية ونحو ذلك، وبعضها نطبق عليها القواعد العقلائية، مثل السيرة العقلائية، وبعضها نطبق عليها القواعد المتشرعية، مثل السيرة المتشرعية، وبعضها نطبقها عليه قواعد لغوية، أين؟ في بحث الوضع، أي قاعدة نطبق في أبحاث الوضع؟ أبحاث المعنى الحرفي أي القواعد نطبق، عقلية، نقلية؟ لا العقل له علاقة بهذه المسائل ولا النقل يعني له علاقة بهذه المسائل، النقل يعني الدليل الروائي والقرآني، إذن أين أذهب؟ اذهب إلى اللغة وقواعد اللغة، اذهب إلى اللغوي، إلى القواعد اللغوية في هذا المجال.

لا أقل أنا لا أتكلم على مستوى التدريس، أنت الآن كعالم ومحقق ومجتهد تريد أن تدخل لتبين أو لتحقق آراءك الأصولية، تريد أن تستنبط فلابد أن تجتهد في المسائل الأصولية، واقعاً المنهج إذا بنينا أن المسائل الأصولية مسائل عقلية تحتاج إلى طريق للاستدلال، وإذا قلنا مسائل غير عقلية تحتاج إلى منهج آخر للاستدلال، وهذا هو الذي غير متوفر الآن في حوزاتنا العلمية، يعن بسم الله الرحمن الرحيم مباحث علم الأصول تعريف علم الأصول. أما هذه المقدمات يشار لها أو لا يشار؟ بعضها من قريب وبعضها من بعيد وبعضها لا يشار إليها، ويبقى الطالب بعد ثلاثين أو أربعين عام في حيرة هل يستدل بالعقل أو لا، هل يستدل بالقواعد العقلية أو لا يستدل.

إن شاء الله استطعت أن أوصل أهمية هذا البحث إلى أذهان الأخوة.

النتيجة هي أنه في كثير من الأحيان هناك خلط من الطرفين، يعني ماذا من الطرفين؟ يعني المسألة نقلية تحتاج إلى دليل نقلي، ماذا يستدل لي؟ بدليل عقلي، والطرف الآخر المسألة مسألة عقلية المطلوب فيها الدليل العقلي، أقول له ما الدليل يقول: قال الإمام الصادق. هذا خطأ وهذا خطأ. أنت في الرتبة السابقة عندما تأتي إلى علم الكلام تريد أن تعرف أن الله موجود أو ليس بموجود؟ هذه قضية، لا نعرف أيضاً أي سنخ من القضايا، من القسم الأول من القضايا من القسم الثاني من القضايا من القسم الثالث من القضايا، بأي دليل تستدل بأن الله موجود، أي طريق؟ بأي دليل؟ ترجع إلى الآية، ترجع إلى الرواية، ترجع إلى السيرة المتشرعية، إلى السيرة العقلائية، إلى قواعد اللغة، إلى ماذا ترجع؟ وهذا الخطأ الذي تجدوه الآن.

الإمامة التي تعتقدها مدرسة أهل البيت، الإمامة ضرورية من ضروريات مذهبنا، هل هناك شك في هذا؟ وإن كان في الآخر بدأ البعض يشكك حتى في هذا. الإمامة في مدرسة أهل البيت من ضروريات المذهب. سؤال: ما الدليل عليه؟ عقلي أو نقلي؟ فإن قلت الدليل عقلي واقعاً أنا من الآن أعلن لكم جائزة، تأتوا لي بدليل عقلي على أن الإمامة ضروري، أنا الآن كإنسان مطلع على الفكر الشيعي أأتني بدليل، ما الدليل العقلي على أن الإمامة ضرورية في اعتقاداتنا، أين أصلها؟ تقول: سيدنا هناك الكثيرة من الأدلة العقلية، أقول: نعم، أأتني بها لنتفاهم عليها، ونبحث هل هذه الأدلة العقلية تامة أو فيها خلل؟

أنا شخصاً إلى الآن لم أجد دليلاً عقلياً محض، لا أن نجعل معه مقدمات عقلائية وشرعية وشريعة والرسول لم يسعفه الوقت لإكمال الشريعة، ولابد أن يأتي بعده من …، هذه المقدمات لا تذكرها لي. أنت عندما تقول اجتماع النقيضين محال، تستدل بهذه المقدمات؟ لا أبداً، بل هي قضية عقلية محضة.

إذن في بحث القضية يستدل بها عقلياً أو نقلياً لابد أن يتضح في الرتبة السابقة، أصل النبوة، أصل التوحيد عقلي، أصل النبوة العامة أيضاً عقلي، أما النبوة الخاصة فلها حساب آخر، أما الإمامة التي نعتقدها فلها حساب آخر. هذا من باب الإشارة أشرت لها، فيوجد خلط من الطرفين يعني في المسائل التي لا يوجد ولا يمكن الاستدلال عليها إلا بالعقل نجد يستدل بالنقل، وفي المسائل التي لا يمكن الاستدلال عليها إلا بالنقل تجد يستدلون بالعقل.

لا هذا الاتجاه صحيح ولا ذاك الاتجاه صحيح.

ولذا نحن إنما قسمنا هذه الأقسام الثلاثة التي اشرنا إليها في الأبحاث السابقة عندما نأتي إلى محله من الكلام لنعرف أن مسائل علم الأصول، يعني المحمولات نسبتها إلى الموضوع هل هي من القسم الأول فلا طريق إلا البرهان العقلي، البرهاني العقلي الدقيق المحض، وإن لم يثبت أنها من القسم الأول وإنما كانت من القسم الثاني والثالث إذن لابد أن نعرف المنهج المتبع في تحقيق مسائل علم الأصول. وسيتضح لكم لاحقاً، هذه فتوى سيأتي تحقيقها واستدلالها، إن مسائل علم الأصول على ثلاثة أنحاء:

النحو الأول: هي المسائل العقلية التي بشكل أو بآخر جاءت إلى علم الأصول، مسألة الحسن والقبح العقلي مسألة على بعض المباني مسألة عقلية، فتحتاج إلى دليل من العقل، ولا يمكن الذهاب إلى الآية أو الرواية أو العقلاء أو السيرة أو غير ذلك، إلا أن تنكر أن هذه المسألة مسألة عقلية، إذا انكرت لا مشكلة عندنا. القطع حجة، هذه أي نوع من المسائل؟ واقعاً لابد أن نقف، إذا ثبت أن القطع حجة مسألة عقلية فلابد أن يكون البرهان عقلي، أما إذا لم يثبت أنها مسألة عقلية فبرهانها يكون ليس عقلياً بل شيء آخر. لا يقول لي قائل أنه يلزم اجتماع المثلين أو اجتماع الضدين إذا لم يثبت أنها عقلية، هذا اجتماع الضدين واجتماع المثلين لأي شيء؟ للمسائل العقلية، والقطع حجة مسألة عقلية أو ليست عقلية؟ ثبت العرش ثم انقش، ثبت أنها عقلية ثم استدل بالقواعد العقلية.

إذن النحو الأول من مسائل علم الأصول مسائل عقلية ولا طريق لنا لإثباتها إلا الدليل العقلي.

النحو الثاني من المسائل: مسائل نقلية، ولا طريق لإثباتها إلا بالنقل وبما أقره النقل، السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع، عندما تأتي إلى حجية خبر الواحد لا تقول ويدل عليه الأدلة الأربعة، هذا محال يصير فيه أدلة أربعة، لأن خبر الواحد حجة، هذه الحجية ثابتة لخبر الواحد من قبيل اجتماع النقيضين محال أو من القسم الثاني من المسائل، فإذن أما دليلها كتاب أو أن دليلها سنة وروايات أو سيرة ممضاة من قبل الشارع، وإذا وجدت من يستدل بالعقل فهذا اصطلاح خاص عند الأصوليين للعقل، ليس هذا العقل الاصطلاحي، العقل الاصطلاحي يعني قواعد عقلية لا تستعمل إلا في المسائل العقلية. هذا النحو الثاني من المسائل.

النحو الثالث من المسائل: مسائل مرتبطة باللغة وبفقه اللغة وباللغويين بالمعنى الواسع للغة، الذي يشمل النحو والصرف والبلاغة، هذه دليلها يكون عقلي؟ لا. نقلي؟ لا، وإنما إما كلمات اللغويين وإما كلمات علماء فقه اللغة، وأما كلمات النحوين إلى غير ذلك.

كما قلت للاعزاء هذه فتاوى.

إذن لو سألك سائل ما هو موضوع علم الأصول؟ عندك موضوع واحد أو عندك موضوعات متعددة؟ لما صارت المحمولات مختلفة بعضها من القسم الأول وبعضها من القسم الثاني وبعضها من القسم الثالث فالموضوع واحد أو متعدد؟ هذا أولاً. ثانياً أن محمولات ذاتية موجودة في علم الأصول أو غير موجودة محمولات ذاتية؟

الجواب: إذا كان من القسم الأول محمولات ذاتية وإذا لم يكن من القسم الأول فالمحمولات ليست ذاتية.

ما هو المنهج المتبع في تحقيق المسائل الأصولية؟ منهج عقلي، نقلي، لغوي، أي منهج؟ الجواب: كل بحسبه، إذا كان الموضوع عقلياً والمسألة عقلية فالمنهج عقلي، وإذا كان نقلياً فالدليل نقلي، وإذا كان نقلياً فالدليل نقلي.

بماذا يتمايز علم الأصول عن باقي العلوم؟ الجواب: نحن أصلاً ليس عندنا علم يسمى علم الأصول، أنا عندي مجموعة من المسائل لها مدخلية في غرض وإيجاد ملكة الاستنباط. فلا معنى للسؤال عن أن هذا علم، أولاً ثبت لي أن هذا علم لأقول بماذا يتمايز عن غيره، هذه مجموعة من المسائل، لماذا دونت تحت عنوان واحد؟

الجواب: هذه المسائل دونت تحت علم واحد للأسباب التالية، لأنه قد يقول قائل سيدنا أنت جعلت علم الاصول مجموعة من مسائل عقلية ومجموعة من مسائل نقلية ومجموعة من مسائل لغوية، وكل واحدة من هذه تبحث في علمها لماذا استحدثتم علماً يسمى بعلم الأصول، هذا لغو. المسائل العقلية أرجعها إلى البحث العقلي، المسائل النقلية أرجعها إلى … وهكذا باقي العلوم.

الجواب: أن هناك جملة من المسائل العقلية التي نحتاج إليها لم يبحثها أهل العقل في محله، ونحن اضطررنا أن نعنونها ونبحثها عندنا، لو أرجع إلى القواعد الفلسفية هذه المسألة غير موجودة عندهم، فأنا مضطر لبحثها هنا. هذا السبب الأول.

السبب الثاني: أنها مبحوثة في محلها ولكنهم لم يبحثوها بالدقة التي يريدها عالم الأصول أو الفقيه فيضطر أن ينتزعها من موضعها ويبحثها حتى يحققها كما يريد، وإلا هذه المسألة مطروحة في محلها، ولكن غير مطروحة بالدقة الموجودة هنا.

ولذا أنا أقول للإنصاف وللبحث العلمي، هناك عشرات من المسائل العقلية طرحت في علم الأصول بدقة لم تطرح مثلها في موضعها المناسب لها، يعني علماء الأصول طرحوها بشكل أدق مما طرحها الفلاسفة أو الحكماء أو المناطقة، هذه الأبحاث الموجودة في العرض الذاتي وغير العرض الذاتي لو ترجعوا إلى كلمات ملا صدرا والشيخ الرئيس بهذا التفصيل وهذه الدقة وهذا العمق الذي بحث هنا لا يوجد في كلمات المناطقة والفلاسفة السابقين. ولذا لا يأتي أحد إذن نستغني عن علم الأصول. أبداً، عشرات من المسائل حققت في علم الأصول بنحو لم تحقق في أي علم، وإن كانت مأخوذة بنحو الاقتراض من علوم أخرى.

ولذا علم الاصول، نصيحتي لكم، الذي يريد أن تكون له ملكة قوية في المعارف الدينية، علم الاصول من أهم العلوم في الحوزات العلمية، لا يتبادر إلى الذهن أننا لا نحتاج إلى علم الأصول، لا أبداً. ما أشكلناه سابقاً هو أن ليس له موضوع واحد، لا أنه ليست له أهمية، فرق كبير بينهما. ليس له منهج واحد لا ليس له ضرورة، فرق كبير. هذا هو السبب الثاني.

السبب الثالث: هو أن العالم الأصولي عندما جاء إلى المسألة وجد أن هذه المسألة أيضاً طرحت في موضعها المناسب، يعني كالمعنى الحرفي، المعنى الحرفي، معاني الاسماء ومعاني الحروف ليس من اختراعات الاصوليين، هذا موجود أيضاً في كلمات اللغويين، ولكن هناك حيثيات من بحث المعنى الحرفي بحثها أهل اللغة أو لم يبحثوها، من قبيل أن المعنى الحرفي يمكن أن يجري فيه المقدمات لإثبات الإطلاق أو لا يمكن؟ هو معنى حرفي فيمكن أن نجري فيه مقدمات الحكمة فنثبت الإطلاق أو لا يمكن؟ هذا بحث أساسي من أهم أبحث الإطلاق والتقيد في أبحاث علم الاصول. المعنى الحرفي تعلمون في الأصول المعنى الحرفي له مصاديق متعددة ومنه أن هيئة الفعل معنى حرفي، هيئات الجمل معنى حرفي، المقصود منه ليس (في، من، إلى)، فهل يمكن إجراء كما نجري مقدمات الحكمة في المادة ونثبت الإطلاق، يعني (صلى، صام) (ص، أ، م) هذه المادة، هل يمكن إجرائها في الهيئة وإثبات الإطلاق أو لا يمكن؟ دلني على أي فقيه لغوي بحث هذه الجهة، لم يبحثها، نعم بحث المعنى الحرفي ولكن هذه الحيثية من البحث بحثها أو لم يبحثها؟ لم يبحثها؟

إذن علم الأصول ضروري أو ليس بضروري؟ نعم من أهم المسائل أو النتائج المترتبة على علم الاصول أنه يعطيك القابلية على الاستنباط، تحصل عندك ملكة الاستنباط لا في الفقه فقط في عقيدتي، إذا درس علم الأصول جيداً، إذا قرأت المسائل الأصولية من زاوية الفقه فلن ينفعك إلا في الفقه، ولكن يمكن توسعة المسائل الأصولية لتكون نافعة في غير الفقه أيضاً.

أضرب لك مثالاً، خبر الواحد أنت تقول حجة، حجة في ماذا؟ نحن عادة فقط نقرأ هذا أن خبر الثقة حجة في المسائل الفقهية، سؤال: حجة في المسائل التاريخية أو ليس بحجة؟ لابد أن نبحث واقعاً لأن الكثير من القضايا التأريخية ثبتت بخبر الواحد، القضايا العقدية الثانوية لا القضايا العقدية الأصلية، لأن هذا التقسيم بين أصول الدين وفروع الدين أنا لا أوافق عليه، أنا أقسم المعارف الدينية إلى معارف عقدية وإلى معارف عملية، المعارف التي إنما بينت لأجل الإيمان بها، والمعارف التي بينت لأجل العمل بها. وإلا ذاك التقسيم غير صحيح، لأنه عندما نأتي إلى نفس أصول الدين بالاصطلاح القديم، نجد أن فيها مسائل أصلية ومسائل فرعية، يعني أصل أن الإمام معصوم هذه من أهم مسائل الإمامة، أما أن الإمام علمه حصولي أو حضوري، هذه من الأبحاث الأصلية في الإمامة أو من الأبحاث الثانوية في الإمامة؟ بدليل أنك لو أنكرت علمه الحضوري لا تخرج عن المذهب، أما لو أنكرت عصمته، إذن تبين أن العصمة أصل وأن العلم الحضوري أو الحصولي فرع. إذن يمكن أن نقسم المسائل الدينية إلى عقدية إيمانية قلبية، جوانحية، إلى معارف عملية، جوارحية. المقصود منها العلم. ثم كل واحدة من هذه تنقسم إلى أصول وإلى فروع، يعني عندما نأتي إلى العقائد نجد أنها فيها أصول وفروع، حتى عندما تأتي إلى العمليات أيهما أهم الصلاة أو ارش الخدش، كلاهما حكم فقهي، هذا حكم فقهي وهذا حكم فقهي، ولكن الصلاة إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت، ارش الخدش هل حكمه هكذا؟ لا، ليس من رد ارش الخدش حبط كل عمله، أما من لم يصلِ …

إذن عندما نأتي إلى الفروع، هذه يسمونها فروع وأنا أسميها عمليات جوارحية أيضاً تنقسم إلى أصول وإلى فروع.

سؤال: خبر الواحد الثقة الأعلائي، لأن بعض الرواة وبعض الاسناد في الروايات واقعاً السند قوي جداً فقيه عن فقيه، عالم عن عالم، وبعض الأسناد نعم ثقة ولكن بعض الاسناد ثقة ثقة عين في الثقات، وفرق كبير بين هذا السند عن هذا السند، فإذا جاءني سند كلهم ثقات من الطراز الأول وبيّن لي معتقداً من المعتقدات الفرعية، قال الصراط هذا وضعه يوم القيامة. وتطاير الكتاب هذا وضعها، هذا الخبر حجة في بيان هذه الحجية أو ليس بحجة؟ ولكن نحن فقط في علم الأصول طرحنا خبر الثقة من زاوية يثبت وجوب أو يثبت حرمة أو استحباب أو كراهة، يعني ضيقنا زاوية النظر والاستفادة من حجية خبر الواحد، مع أننا نستطيع في علم الأصول أن نوسع الدائرة ليكون مفيداً لنا في التاريخ وفي العقائد وفي الأخلاق.

إذن هذه أنت بيدك ومما يؤسف له أن الذين بحثوا في الأعم الأغلب لا كلهم، في الأعم الأغلب بحثوا المسائل الأصولية وتمام نظرهم وزاوية نظرهم منحصرة في الحلال والحرام، ولذا صار علم الأصول للفقه، مع أن قواعد علم الأصول شاملة ويمكن الاستفادة منها لغير الفقه، يعني أداة ومنهج، الحق والإنصاف من خير ما أنتجه العقل الشيعي، عقل علماء الشيعة من خير ما أنتجه، إذن الفلسفة جاءتنا من مكان آخر، أما الاصول فلم نأخذه من أحد، وأشرنا إلى هذا في أول الأبحاث، حتى لو فرضنا أنه في أول نشأته أخذناه من كذا ولكن عندما وصل بأيدينا ماذا فعلنا؟ قلبناه رأساً على عقب، وصار شيئاً آخر، وإلا أنت أقرأ أصول الفقه الذي يكتبه الآخرون وأصول الفقه الذي يكتبه علمائنا، لا قياس بينهما.

مثال آخر، حجية الظواهر، أحد أهم الأبحاث عندنا في الفقه أن الظواهر حجة أو ليست بحجة، وعندما نأتي إلى بحث الظواهر نبحث أن الظاهر القرآني حجة أو ليس بحجة، والتحقيق بين علماء الإمامية أن الظاهر القرآني ما هو؟ حجة، الظاهر القرآني في أحكام الفقه فقط، تجد كلهم يضيقون المسألة ويحصرونها في الأحكام الفقهية، مع أن القرآن الأحكام الواردة فيه لا تتجاوز خمسمئة آية، فتسقط أنت من حساب هذه المسألة الأصولية حدود 5800 آية، وهذه الآيات (5800) آية أيضاً تكلمت عن معارف مختلفة، عن معارف دينية عقائدية تاريخية وغيرها، ولكن أنت كل زاوية نظرك متجهة إلى الفقه من قبيل من عنده رأس مال يستطيع برأس المال هذا أن يفتح به العالم وإذا به لم يستفد منه إلا في بناء بيت صغير، ورأس المال هذا سلاح بيده يستطيع به.

وهذا الذي لابد أن نفعله في علم الأصول الذي أنا أريد أن أبحثه للأخوة.

في النتيجة بعض الأخوة لا يريد أن يقرأ القواعد الفلسفية أو القواعد الكلامية، تعالوا معاً هنا في هذا الدرس نبحث المسائل الأصولية بحثاً لا يكون فقط نافعاً في عملية الاستنباط الفقهي، بل يكون نافعاً في عملية الاستنباط العقائدي، في عملية الاستنباط التاريخي، في عملية الاستنباط التفسيري، هذا كله هنا لابد أن ينقح.

إذن على هذا الأساس ما قاله، هذا بنحو الإجمال وسيأتي تفصيله، ما قاله سيدنا الشهيد الصدر قدس الله نفسه من أن علم الأصول هو منطق علم الفقه الأصغر، هذا مما لا نوافق عليه، نعتقد أن علم الأصول إذا فُتحت زاوية النظر فيه وبحثناه بطريقة أخرى سوف يكون منطقاً لعملية الاستنباط في كثير من المعارف الدينية. تعالوا افتحوا هذه الزاوية وهذا الأفق.

إذن فتحصل إلى هنا بنحو الإجمال وسيأتي تفصيله مسألة مسألة سيأتي لاحقاً، إن علم الأصول عندنا كما نعتقده في هذا العلم، بنحو الفتوى، أولاً ليس علماً بالنحو المصطلح، يعني له موضوع واحد وله محمولات ذاتية، أبداً ليس كذلك، بل يمكن أن يكون له عشرة موضوعات وعشرة أنحاء من المحمولات وليست هذه المحمولات عوارض ذاتية كما في القسم الأول، أبداً، إذن ليس له موضوع واحد.

ثانياً: ما هو المنهج المتبع في تحقيق مسائله؟ هذا تابع لنوع الموضوع والمسألة التي يبحث عنها، فقد يكون منهج (أ) منهج عقلي، نقلي، لغوي، إلى غير ذلك.

ثالثاً: ما هي أهمية علم الاصول؟ الجواب: هو منطق عملية الاستدلال الفقهي فقط؟ الجواب: كلا وألف كلا، علم الأصول فيه قابلية واستعداد وظرفية وأرضية قابلة لأن تتوسع، نحن ضيقناها وإلا هذه المجموعة من المسائل – لا تسميه علماً- ولا مشاحة في الاصطلاح تريد أن تسميه علم سمه علماً لا مشكلة في ذلك، مقصودي هذه المجموعة من المسائل.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات