الأخبار

المحاضرة (20)

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

انتهينا بحمد الله تعالى في الأبحاث السابقة إلى أنه لا يمكن القول بأن هناك منهجاً واحداً في تحقيق المسائل الأصولية، وإنما المسائل الأصولية بعضها نستعين بالمذهب العقلي لتحقيقها وبعضها نستعين بالمذهب الذاتي لتحقيقها وبعضها نستعين بالأبحاث اللغوية لتحقيقيها كما في الأبحاث اللغوية وبعضها نستعين بالأبحاث التفسيرية لتحقيقها كما في الآيات التي يعرض لها في علم الأصول، إذن دعوى أن علم الأصول له موضوع واحد وبتبع ذلك يكون له منهج واحد هذا كلام عارٍ عن الصحة. وإنما لكل مسألة من هذه المسائل التي يعرض لها في علم الأصول منهج خاص لابد من اتباعه في تحقيق تلك المسألة. وهذه قضية منهجية معرفية مهمة في تحقيق المسائل الأصولية، لا ينبغي أن نستعين بمنهج عقلاني لإثبات مسألة لغوية، ولا يحق لنا أن نستعين بمنهج لغوي نحوي صرفي بلاغي لإثبات مسألة كلامية. إنما أقول هذا الكلام باعتبار أنه هذا الخلط كثيراً ما نجده في الكتب خصوصاً في الكتب الفلسفية حتى أنت تجد أنه يتكلم في مسألة عقلية ولكنه ينقل لك قصة أو بيتاً من الشعر أو رواية من الروايات. أبداً لا الروايات ولا بيت من الشعر ولا القصة ولا رؤية له مدخل في المسائل العقلية. إذن لكل باب بل لكل مسألة المنهج الخاص بتحقيق تلك المسألة فلابد في الرتبة الأولى عندما نأتي وهذا من أهم الأصول التي سنعتمدها في أبحاثنا الاصولية عندما ندخل في أي مسألة أولاً لابد أن نعرف أن هذه المسألة مسألة فلسفية أو منطقية أو معرفية أو تفسيرية أو لغوية أو عرفية أو عقلائية … حتى نستعين بالمنهج الذي يطابق تلك المسألة، لا مطلقاً، يعني عندما نأتي إلى مسألة قبح العقاب بلا بيان، تعلمون جيداً أن هذه المسألة مسألة عقلية أو عقلائية؟ فإذا كان تعقلية لابد أن نتعامل معها بمنطق عقلي، أما إذا ثبت أنها مسألة عقلائية، السير العقلائية قائمة على هذا الأساس، وسيأتي في محله، تجدون أنه واحدة من أهم الأدلة التي استدلت بها مدرسة المرزا لإثبات أن قبح العقاب بلا بيان ثابتة، قال انظر إلى العلاقات القائمة بين العقلاء بين الموالي والعبيد ماذا … سؤال: هذا المسألة العلاقات القائمة بين الموالي والعبيد مسألة عقلية أو عقلائية، فإذا كان عقلائية ومرتبطة بالبحث العقلائي كيف يمكن أن تكون دليلاً لإثبات أمر عقلي. لا يتبادر إلى ذهن الأخوة هذا الأصل الذي أبينه أصل نظري، لا، خلط كبير في كلمات الأعلام لهذه المسألة، مسألة عقلائية يستدل لها بدليل عقلي، مسألة عقلية يستدل لها بدليل عقلائي، مسألة شرعية لابد أن أرى أن الشرط متقدم أو الشرط متأخر، تابع للشارع هذا، يريد أن يجعل هذه الصلاة أو هذا الصوم صحيحاً إذا تعقبه غسل، من حق الشارع هذا. مرة يجعل الطهارة قبل ذلك ومرة يجعل الطهارة بعد ذلك، أين المشكلة، ولكن لأنك تصورت أن المسألة عقلية قلت باستحالة الشرط المتأخر. نعم، ثبت العرش ثم انقش، ثبت أن هذه المسألة مسألة عقلية استدل بها بدليل عقلي، لا مشكلة عندنا. الواجب المعلق وسيأتي إن شاء الله أن الوجوب فعلي ولكن الواجب معلق ممكن أو ممتنع؟ هناك رأي يقول الواجب المعلق ممتنع عقلاً، لماذا قال ممتنع؟ لأنه تصور أن القضية مرتبطة بالأمور التكوينية، وفي الأمور التكوينية من الواضح أنه لا يعقل تحقق المشروط بلا شرطه، مستحيل أن يتحقق المشروط لأن عدم عند عدم شرطه، ومع عدم وجود الشرط كيف يتحقق المشروط، مع عدم تحقق المماسة بين الجسم والنار كيف يتحقق الاحتراق، يعقل أن الشارع يقول اعتبرت التماس. لو اعتبر الشارع التماس مليون مرة، اعتبرت التماس لا يتحقق الاحتراق. اعتبرت هذا السقف أسفل، أنت حر في الاعتبار ولكن السقف لا يكون أسفل. نعم بما أنك مكوِّن تستطيع أن تقلب سافلها عاليها بإمكانك هذا، ولكن بالاعتبار لا تتغير الواقعيات، أما في القضايا الشرعية فهي بيد الشارع يريد أن يجعله مقارن أو متقدم أو متأخر … كما يريد، ولكن بشرط أصل واحد وهو أن لا يتنافى مع حكمة الشارع والواضع. لأنه إذا تنافى مع حكمته تلزم اللغوية واللغو لا يصدر من الحكيم.

إذن أعزائي الكرام نحن هذا هو الأصل الذي سنسير عليه في تحقيق المسائل الأصولية، فلهذا وجدتم أننا اليوم في الدرس العشرين ونحن بعدُ ماذا؟ لتأسيس هذا الأصل وهو أنه لا ينبغي علينا أن نداخل بين العلوم وبين المسائل وبين المناهج، وهذه هي آفة العلم في كثير من أبحاثنا في الحوزة العلمية، وهو أن العلوم تداخلت وبطبيعة الحال تداخلت المناهج وبطبيعة الحال ما عرفنا … ولذا أنتم تجدون أنكم عندما تأتون إلى المحقق الأصفهاني في فقهه وأصوله وفي كل شيء تجدون عندما يتكلم يتكلم بأي منطق؟ بمنطق الفلسفة. أنتم اقرأوا حواشيه وتعليقاته على المكاسب للشيخ، واقعاً تجد أنك لا تقرأ فقه بل تقرأ فلسفة ولكن المواد لها هي مواد فقهية. أما أقرأ الحالة العامة لأصول المرزا النائيني تجد كلها عرف وعقلاء، نادراً تجد في كلمات المرزا النائيني تجد استدلالات عقلية بالمعنى الفسلفي، نادراً تجد، لأنه أساساً بنى منظومة على أساس عقلائي عرفي لا على اساس عقلاني فلسفي.

العراقي ماذا فعل؟ السيد الصدر ماذا فعل؟ أقول لكم جملة من باب الاطلاع وهي أن مدرسة السيد الصدر هي خليط من مدرسة العراقي ومدرسة النائيني، ولذا أنتم تجدون كثيراً من الأفكار التي تبناها سيدنا الأستاذ في الأصول والفقه جذورها موجودة في كلمات العراقي، ولعله إن شاء الله تعالى هذا الذي أعبر عنه تجذير المسائل وهو أنه لابد أن نرى هذه من أين أتت ولماذا خرجت بهذه الصورة.

بحثنا اليوم ما هو ضابط المسألة الأصولية؟

نحن من خلال ما تقدم اتضح ما نعتقده ولكن الآن لا أقول الخلاصة والنتيجة بعدما نذكر كلمات الأعلام في هذا المجال نأتي إلى ما نعتقده. لا ندخل في مسألة التعريفات لأننا نعتقد أنه لا يوجد تعريف بالمعنى الاصطلاحي يعني الجامع المانع، هذا لا يوجد اصلاً. وإنما يوجد ضابط مسألة حتى نعرف أنه عندنا ميزان عندما نأتي إلى أي مسألة نضع عليها هذا الميزان نقول أين نبحثها؟ في علم الأصول، وليس عندنا شيء اسمه أيضاً بحسب اعتقاد شيء اسمه علم الأصول. ولكن نتكلم على ما هو المتعارف في الحوزات العلمية.

ما هو ضابط المسألة الأصولية؟

نحاول أن نقف عند مهم ما ذكر في الضوابط؟

الضابط الأول: ما ذكره المحقق النائيني قدس الله نفسه في تقريري بحثه، في (أجود التقريرات، ج1، ص5) تقرير السيد الخوئي قدس الله نفسه، تحقيق ونشر مؤسسة صاحب الأمر، قم، إيران. يقول: (وأما تعريفه فقد علم مما سبق وتفصيله هو العلم بالقواعد) عبر الكبريات أو أي شيء (هو العلم بالقواعد التي إذا انضمت إليها صغرياتها أنتجت نتيجة فقهية) إذن واضح مراده من القواعد يعني الكبريات، بعبارة أخرى يتكلم على أسس المنطق الارسطي، يعني عندنا كبرى، هذه عملية الاستدلال الفقهي في الفقه الأصغر نتكلم، لا عملية الاستدلال في الفقه الأكبر لأن له قواعد أخرى غير هذه القواعد. الآن نحن بصدد بيان تكليف المتكلم حلية وحرمة ووجوباً وكراهة، الحكم الفقهي الفقه الأصغر … يتكلم بلغة الصغرى والكبرى، يقول أنه في كل استدلال فقهي توجد عندنا صغرى وتوجد عندنا كبرى، الصغرى ليست مسألة أصولية، هذه الصغرى من أين تؤخذ، يقول من أي علم تأخذ، تؤخذ من الفقه، من الرجال، من أي علم خذها، ما وقع كبرى في عملية الاستدلال تعد مسألة أصولية، (وهو الحكم الكلي الشرعي الثابت لموضوعه المقدر وجوده على ما هو الشأن في القضايا الحقيقية).

أبين لكم هذا الضابط قليلاً، هذا الضابط الذي ذكره، طبعاً نفس هذا الكلام بشكل واضح وتفصيلي في (فوائد الأصول، ج18، ص18) التي هي الدورة الأولى، و (اجود التقريرات) هي الدورة الثانية. في الفوائد أشار إلى هذا، قال: (إن علم الأصول يقع كبرى لقياس الاستنباط الفقهي) لقياس الاستنباط الفقهي في الفقه الأصغر لا لقياس الاستنباط مثلاً في علم التفسير، لا لقياس الاستنباط في علم العقائد، لا، بل في قياس الاستنباط في الفقه الأصغر (وسائر العلوم تقع في صغرى القياس) أي علوم؟ يقول: نحو، صرف، لغة، رجال، هذه كلها تعد صغريات عملية الاستدلال، مثلاً استنباط الحكم الفرعي، لماذا قال الفرعي؟ في قبال الأصلي، هذا الفرعي ليس في قبال الكلي، فرعي يعني في قبال الأصلي يعني العقيدة. نحن نتكلم الآن في الحكم الفرعي المرتبط بالفقه الأصغر، لا الحكم الأصلي الذي مرتبط بالفقه الأكبر، خبر الواحد فأنه يتوقف على عدة أمور، يتوقف على معاني الألفاظ معرفة معاني الألفاظ التي تضمنها الخبر، عملية الاستدلال، يعني المرزا يبين ما هي الأمور التي لابد أن تؤخذ في عملية استنباط أي حكم شرعي. الصلاة واجبة، الحج واجب. ويتوقف أيضاً على معرفة أبنية الكلمات ومحلها من الأعراب ليتميز الفاعل عن المفعول والمبتدأ عن الخبر ويتوقف على معرفة سلسلة سند الخبر وتشخيص رواته وتميز ثقة عن غيره، ويتوقف أيضاً على حجية الخبر.

الآن هذه كلها المرتبطة باللغة وعلم الرجال والمرتبط بالنحو والصرف كلها تعد صغيريات، الذي يرتبط بعلم الأصول ما يقع في الكبرى، وكل خبر ثقة حجة. علم الرجال يقول فقط زرارة ثقة، علم الفقه يقول وهذا الخبر جاء من خبر ثقة الذي هو ثقة، أما من قال كل ثقة حجة، يقول هذا وظيفة علم الأصول.

إذن ما يقع كبرى في عملية الاستدلال الفقهي أو الحكم الفرعي، هناك قيد يذكره هنا، وهو الكلي، قال: وهو الحكم الكلي الشرعي. هذا قيد الفرعي اتضح لماذا يأخذونه، الفرع في مقابل الأصلي. الكلي هذا ماذا؟ الكلي مراده من الكلي يعني الجعل في قبال المجعول. يعني ماذا؟ المرزا عنده اصطلاح يسميه جعل ومجعول. ما هو الجعل ؟ يقول عندما تأتي إلى الشارع تجد أن الشارع قال: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) بمجرد نزول هذه الآية فقد ثبت الحكم الكلي، يعني أنت عندما تعد واجبات الشريعة تعد الحج، ولكن لعله في زمان نزول الآية لا يوجد مستطيع، إذن يتحقق وجوب في عهدة هذا أو هذا؟ لا يتحقق.

مثال آخر: قبل صلاة الظهر الشارع لم يوجب صلاة الظهر، قبل صلاة الظهر بساعة نزلت الآية صلاة الظهر واجبة، الآن يجب أن يأتي بها أحد أو لا يجب، لأنها مشروطة بالزوال، والزوال شرط الوجوب ما لم يأت الزوال لا تجب الصلاة، الآن الزوال لم يأتِ، ذاك تكويني وهذا اختياري للإنسان.

يقول: نحن نريد أن نستنبط ذاك الجعل الكلي، أما وجوبه على زيد وبكر وخالد هذا لا علاقة لنا به، نحن في عملية الاستنباط دائماً نريد أن نستنبط ماذا؟ أن صلاة الظهر واجبة وأن الحج واجب وأن الصوم واجب، أم يجب على هذا أو لا يجب هذا لا علاقة لنا به. ولهذا يقيدون في عملية الاستنباط يقولون أننا نريد أن نستنبط الحكم الكلي، في قبال الحكم الجزئي المرتبط بزيد وعمر، هذا الحكم الجزئي يعبر عنه المرزا بالمجعول، ولهذا قد يكون الجعل فعلياً والمجعول غير فعلي، ماذا يعني غير فعلي؟ يعني لم تتحقق شرائطه حتى يجب على عمر وبكر وزيد. إذن اتضح لماذا يقيدون الفرعي في قبال الأصلي، ولماذا يقيدون الكلي، لهذا التفتوا إلى عبارته كم هي دقيقة، عبارات أجود التقريرات أدق كثيراً من عبارات فوائد الأصول، يقول: (وهو الحكم الكلي الشرعي الثابت لموضوعه المقدر) يعني حتى لو لم يكن له موضوع خارجي (المقدر وجوده) على ما هو الشأن في القضايا الحقيقية ولا علاقة لنا بالقضايا الخارجية.

إذن ما هو ضابط المسألة الأصولية؟ في جملة واحد إذا شكلت قياس في عملية الاستدلال الفقهي الفرعي للحكم الكلي ما يقع كبرى في عملية الاستدلال تكون مسألة أصولية، ومثالها الواضح هو أن تقول هذا خبر ثقة دل على كذا، وكل خبر ثقة حجة، أين تبحثها؟ في محله. إذن هذا الخبر الذي دل على وجوب الصلاة أو على حرمة كذا فهو حجة. هذه عندك عنوان صغرى وعنوان كبرى، أيهما مسألة اصولية؟ الكبرى مسألة أصولية دون الصغرى، هذا هو الضابط. هذا الضابط تام أو لا؟ الجواب: لم أجد في الكلمات من تعرض لهذا الضابط وصحته أو عدم صحته إلا السيد الشهيد قال: أن هذا الضابط يلزم منه خروج الكثير من المسائل الأصولية، لماذا سيدنا يلزم منه ذلك؟ يقول: لأنه هناك مجموعة من المسائل المسلم أصوليتها ولا تقع كبرى في عملية الاستنباط وإنما هي تقع صغرى في عملية الاستنباط.

أعيد: الضابط ما يقع كبرى في عملية الاستنباط، السيد الصدر يقول أنا أبرز لكم مجموعة من المسائل التي لا إشكال في أصوليتها ومع ذلك لا تقع كبرى في عملية الاستنباط. سيدنا تستطيع أن تضرب لنا أمثلة؟ يقول نعم هناك الكثير من الأمثلة، مثل ماذا سيدنا؟ تقول: الأمر ظاهر في الوجوب، هذه مسألة اصولية أو ليست أصولية، ومن أهم مسائل علم الأصول أن صيغة الأمر أو مادة الأمر ظاهرة في الوجوب، هذه المسألة التي هي أصولية كافية لأن يستنتج منها بإضافة صغرى إليها الحكم الكلي أو غير كافية، يقول غير كافية؟ لماذا؟ يقول: لأنه يأتيك الخبر تقول فيه أمر، زرارة يقول صلِ، إذن خبر ثقة قال صلِ، هذه صغرى، والكبرى وكل أمر ظاهر في الوجوب. النتيجة تكون هذا الخبر ظاهر في الوجوب، الحمد لله نحن عرفنا قضية إخبارية ظاهرة في الوجوب، من قال لك أن كل ظهور حجة. أنا عرفت بيني وبين الله هذا الخبر الوارد من زرارة ظاهر في الوجوب أو في الحرمة ولكنه يستنبط منه حكم شرعي أو لا يستنبط؟ متى يستنبط؟ إذا جعلت نتيجة القياس الأول صغرى وضممت إليه وكل ظاهر حجة، يكون هذا الظاهر الدال على الوجوب يكون حجة، فالمسألة الأصولية فقط وكل ظاهر حجة، لا أن الأمر ظاهر في الوجوب، هذا خلف ما ثبت عندهم أن بحث الأوامر والنواهي وغيرها كلها مسائل أصولية. إذن السيد الشهيد في جملة واحدة يقول: بأن هذا الضابط وإن كان استطاع أن يخرج لنا كثير من مسائل علم الرجال وعلم اللغة وعلم النحو والصرف ولكنه لم يكتفي بهذا وإنما أخرج لنا كثير من المسائل الأصولية أيضاً لأننا نجد بالوجدان أن هذه ما لم تنضم هذه المسألة وهي أن الأمر ظاهر في الوجوب ما لم ينضم إليه كبرى وكل ظاهر حجة إذن لا ينتج الحكم الكلي. هذا البحث السيد الشهيد إجماله ذكره في كلمات السيد الهاشمي في (ص27 من تقريرات السيد الهاشمي) هذه عبارته: (هذه المحاولة وإن وفقت في إخراج جملة من المسائل غير الأصولية التي قد يحتاج إليها الفقيه كوثاقة الراوي مثلاً لكونها لا تقع كبرى قياس الاستنباط إلا أنها تخل بالتعريف من حيث استلزامها خروج جملة من البحوث الأصلية أيضاً من قبيل المسائل الأصولية المرتبطة بتشخيص المداليل اللغوية) المعاني الاحرفية، الصحيح والأعم، الوضع، هذه المسائل في علم الأصول (أو العرفية لبعض المواد) يعني أن هذه اللفظة، هذه المادة، هذه الصيغة، ظاهرة في الوجوب أو ليست ظاهرة في الوجوب، ظاهرة في الحرمة أو ليست ظاهرة في الحرمة، ظاهرة في الإطلاق او ليست ظاهرة في الإطلاق، افترض صعدت أو نزلت ثبتت أن هذه الشرائط وهذه الصيغة لها ظهور الإطلاق، من قال لك أن وكل ظهور حجة، كل لها ظهور في العموم، سلمنا، ومن قال أن كل ظهور حجة. إذن نجد أنه أبحاث الإطلاق وأبحاث العموم، وأبحاث الأوامر، وأبحاث النواهي، وأبحاث الوضع، والمعنى الحرفي، وعشرات من مسائل …، أبحاث التعارض سوف تخرج كلها أيضاً، لماذا؟ (فأنها أيضاً لا تقع إلا صغرى لكبرى حجية الظهور وكذلك جملة من المسائل الأصولية العقلية كمسألة اجتماع الأمر والنهي).

سؤال: هل يجوز اجتماع الأمر والنهي أو لا يجوز؟

أولاً: مسألة اجتماع الأمر والنهي مسألة أصولية أو ليست أصولية؟ من أمهات المسائل الأصولية.

اقتضاء الأمر للنهي عن ضده، مسألة أصولية أو ليست أصولية؟ أصولية.

يقول: كل هذه إنما تحقق الصغرى لكبرى أخرى، تقول: اجتماع الأمر والنهي محال، وإذا صار محال، يعني ماذا؟ يعني يتعارض دليل الأمر مع دليل النهي. أيهما نقدم؟ الأمر أو النهي، هذا يدخل في باب التعارض، من الذي يحقق تقديم الأمر على النهي أو تقديم النهي على الأمر؟ بحثه في باب التعارض، إذن هذا البحث وهو اجتماع الأمر والنهي يحقق الصغرى لباب التعارض، ففي ذلك الأصل في باب التعارض مسألة أصولية لا اجتماع الأمر والنهي مسألة أصولية لأن اجتماع الأمر والنهي صغرى تلك الكبرى فلا تكون مسألة اصولية، لأنه قلتم أن المسألة الأصولية ما تقع كبرى في قياس الاستنباط وعشرات الفروع بل عشرات الأبحاث الأصولية بناء على هذا الضابط سوف تخرج من علم الأصول.

هذا إشكال من؟ إشكال سيدنا الشهيد على الضابط الذي ذكره المرزا، طبعاً هذا البحث بشكل أوضح وتفصيلي في (تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر) التي هي نفس تقريرات الدورة الثانية، هذه ليست الدورة الأولى، تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر الدورة الثانية، والأبحاث هناك مبينة ببيانات السيد لأن هذه مأخوذة عموماً من الكاسيت بإمكان الأعزاء أن يرجعوا إليها في (ج1، ص20) يقول: أولاً وثانياً وثالثاً تقريباً في صفحتين هذا الذي بين تقريباً في خمسة أسطر هناك بينه في صفحتين، يقول: (المسائل المرتبطة بتشخيص ظواهر بعض الألفاظ كصيغة الأمر أو النهي أو الجملة الشرطية أو أدوات العموم أو الإطلاق ونحو ذلك من مسائل الأصول، مسألة اجتماع الأمر والنهي مسألة أن الأمر بشيء يقتضي النهي عن ضده …) هذه كلها تكون كبرى في عملية الاستدلال او صغرى لكبرى في عملية الاستدلال؟ تكون صغرى لكبرى في عملية الاستدلال. إما تحقق ظهوراً وتحتاج إلى حجية الظهور كالإطلاق والعموم والجملة الشرطية … وأما تحقق تعارض فلابد في باب التعارض كذا وكذا، وأما أن تقول أن الأمر بشيء يقتضي النهي عن ضده وافترضوا تركت إزالة النجاسة في المسجد وبدأت تصلي، إذن إذا قلنا أن الأمر بشيء يقتضي النهي عن ضده يعني أن هذه الصلاة منهي عنها ولو نهياً غيرياً لا نهياً ذاتياً. سؤال: والنهي عن العبادة ولو كان نهياً غيرياً يبطل العبادة أو لا يبطل العبادة؟ هذه هي المسألة الأصولية، أن النهي عن العبادة ولو جاءنا من خلال اقتضاء الأمر بشيء النهي عن ضده يبطل العبادة، هذه مسألة أصولية، أما أنه أن الأمر بشيء يقتضي النهي فهذه صغرى المسألة الأصولية، فلا تكون مسألة أصولية.

طبعاً اتضح أن ملاحظة السيد الشهيد تتلخص في جملة واحدة، أنه أنت يا مرزا وإن استطعت بهذا الضابط أن تخرج كثير من النقوض إلا أنه خرجت كثير من المسائل الأصولية.

سؤال: هل هذه الملاحظة واردة على المرزا أو لأحد أن يدافع عن المرزا، هل نستطيع أن ندافع عنه ونصحح هذا الضابط أو لا؟

أولاً: سيدنا من قال لكم أن المرزا يلتزم أن هذا الذي ذكرته أمر ونهي وكذا مسائل أصولية، لقائل يقول: نحن نلتزم أنها ليست مسائل اصولية، أنت تقول المسلم أصوليتها، من أين جئت بهذا التسليم، إلى الآن نحن لا أن هذه أصولية أو ليست أصولية، تقول يلزم خروج كثير من المسائل الأصولية، هو أنا أول الكلام أقول أن هذه المسألة ليست أصولية، من قال لك أن بحث الأوامر مسألة أصولية، من أين تقول أنها مسألة أصولية، يقول: العلماء بحثوها. علماء في علم الأصول بحثوا مسائل كلامية ولغوية، يعني كل ما بحث في علم الأصول بالضرورة مسألة أصولية؟ إذن المسلم أصوليتها من أين، ولذا المرزا ملتفت إلى هذه النكتة، طبعاً الأعلام كل المقررين لم يشيروا، المرزا ملتفت إلى هذا ويصرح في (فوائد الأصول، ج4) أننا نلتزم أن هذه بحثت استطراداً وليست مسائل أصولية.

يقول: نعم التزم أن بحث الأمر والنهي والمباحث اللغوية كلها خارجة عن علم الأصول. فإذا كان خارجة عن بحث الأصول لماذا بحثتها هنا؟ يقول: من باب أنه أنا عندما جئت أبحث الكبرى وجدت أنها متوقفة على بحث صغرى، بعض الصغريات تبنتها علوم أخرى كوثاقة زرارة التي تبناها علم الرجال فلم أبحثها، أما بعض الصغريات وجدت أن علوم أخرى لم تتبناها فاضطررت إلى بحثها هنا استطراداً لا أنها من مسائل علم الأصول. فإذن قولك أنه أخرج مسائل من المسلم أنها أصولية هذا أول الكلام، هذا مصادرة على المطلوب، من قال أنها أصولية، الضابط لابد أن يعين، والمرزا يعطي ضابط. تقول له: يلزم خروج مباحث الأوامر. يقول: نعم التزمنا. تقول له: يلزم خروج مباحث الألفاظ. يقول: نعم التزمنا. تقول له: يلزم خروج مباحث كذا. يقول: التزمنا، لا مشكلة عندنا. نحن ما نسميه أصول ما يقع كبرى في عملية الاستنباط. وهذه لا تقع كبرى في عملية الاستنباط.

هذا المعنى إذا أراد الأخوة أن يراجعوا في (فوائد الأصول، ج4، ص308) مؤسسة النشر الإسلامي، أشار إلى هذا المطلب بشكل واضح، يقول: (وتوضيح ذلك أن المسائل الأصولية) هنا أوضح المسألة الأصولية وضابط المسألة الأصولية أوضح مما ذكره في مقدمة علم الأصول. (وتوضيح ذلك أن المسائل الأصولية عبارة عن الكبريات التي تقع في طريق استنباط الأحكام الكلية الشرعية وبذلك تمتاز عن مسائل سائر العلوم وعن القواعد الفقهية بقولنا الكبريات) إذن كل ما هي صغريات خارجة (تخرج وبقولنا الكبريات تخرج مسائل سائر العلوم، وبقولنا الأحكام الكلية تخرج كل القواعد الفقهية لأن القواعد الفقهية لا يستنبط منها حكم كلي وإنما هي حكم كلي يستنبط منها أحكام جزئية).

القواعد الفقهية لا يستنبط منها حكم كلي آخر وإنما هي حكم كلي يستنبط منها ماذا؟ من قبيل ما قرأنا في علم المنطق أنه السير من العام إلى الخاص، هذه الخواص ما هي؟ ليست في قبال الكلي وإنما هي مصاديق ذلك الكلي، في القواعد الفقهية نحن نريد في المسألة الأصولية أن يستنبط منها حكم كلي والقاعدة الفقهية مما يستنبط من المسألة الأصولية، نعم القاعدة الفقهية يستنبط منها أحكام جزئية، ولذا يقول: (وبقولنا الاحكام الكلية تخرج القواعد الفقهية).

يقول: (أما الأول يعني خروج سائر العلوم فلأن مسائل سائر العلوم وإن كانت تقع في طريق الاستنباط أيضاً) ملتفت أن بحث الأوامر يدخل في عملية الاستنباط ولكنه لا يقع كبرى (إلا أنها لا تقع كبرى في كبرى القياس بل إنما تلتئم منها صغرى القياس) يعني الأمر ظاهر في الوجوب، يقول هذه ليست مسألة أصولية، المسألة الأصولية هي وكل ظهور حجة، شيخنا لماذا هذه مسألة الأوامر بحثتها في علم الأصول؟ يقول: بحثتها باعتبار أنها لم تبحث في علم اللغة، لو كانت مبحوثة في مكان آخر لتركتها لذلك العلم، كما أن زرارة ثقة تركتها لعلم الرجال، ولكن هذه غير مبحوثة فاضطررت أن أبحثها استطراداً هنا، لا لكونها مسألة أصولية بل لأنها تشكل صغرى المسألة الأصولية. حتى علم الرجال الذي هو أقرب العلوم إلى الاستنباط بعد الأصول فإن علم الرجال …(فكما يقال فإن نتيجة المسألة الأصولية هي حجية خبر الثقة) نحن ماذا نريد؟ وكل خبر ثقة حجة، هذه أصولية، وهذا خبر ثقة، أصولية أو ليست أصولية؟ لا، هذه يتبناها علم الرجال.

(كما يقال وجوب صلاة الظهر مما أخبر به الثقة وكل ما أخبر به الثقة حجة أو يجب اتباعه فينتج وجوب صلاة الظهر وكذا مسائل سائر العلوم فإن علم اللغة والصرف والنحو إنما يتكفل تشخيص الظاهر عن غيره) يعني يعين لك صغريات كبرى حجية الظهور والمسألة الأصولية هي فقط كبرى حجية الظهور، أما الصغريات فهي ليست مسائل أصولية. (والمبحوث عنه في المسألة الأصولية حجية الظواهر) لازم ذلك ما هو؟ التفت جيداً كيف يصرح؟ يقول: (وبذلك يظهر أن البحث عن ظهور الأمر والنهي في الوجوب والحرمة لا يرجع إلى علم الأصول) سيدنا يلزم منه خروج المسائل المسلم أصوليتها. المرزا يقول: لا، من قال أن هذه مسائل أصولية. أصلاً أنت من أين أثبت لنا يا سيدنا الشهيد أن هذه المسألة اصولية حتى تقول … إلا إذا كان عندك ضابط آخر، أنا أقول على ضابطي أن هذه ليست مسألة أصولية. تقول لي: هذا لازمه أن تزيد البحوث الاستطرادية في الأصول. الجواب: هل هذا أول قارورة كسرت في الإسلام، نصف بحوث الأصول بحوث استطرادية، الإجماع على أن القطع حجيته ذاتية أصولية أو غير أصولية إلا نادراً السيد الإمام يعتقد أنها أصولية، ولكن المتفق عليه والمشهور بينهم أنها ليست أصولية، ربع علم الأصول في حجية القطع.

الحسن والقبح أصولية؟ المناقشة المفصلة التي أنت لابد أن تبقى في نقاش الإخباريين والأصوليين؟ هذه مسألة معرفية أن الحكم الشرعي الناتج من الدليل العقلي حجة أو ليس بحجة، ما ربط هذا بعلم الأصول.

الأمر بين الأمرين والتفويض والجبر والكسب والإرادة هذا البحث المفصل أن الطلب نفس الإرادة أو غير الإرادة. أخيراً وقع بيدي كتاب في الطلب والإرادة هذا الكتاب يقع في 700 صفحة، سألت هذا ثلاث سنوات جزء من بحث الخارج لأحد الأعلام، جيد. أول قارورة كسرت في الإسلام، هذا بحث استطرادي، وإن، هو الأصول أصلاً كله في عقيدتنا في الأعم الأغلب بحوث استطرادية.

ولأبين لكم النكتة الفنية، لماذا صار الأصول هكذا؟

لأنه في حوزاتنا العلمية بشكل عام لا توجد أبحاث كلامية، لا توجد أبحاث فلسفية لا توجد أبحاث معرفية، لا توجد أبحاث تأريخية، لا توجد أبحاث تفسيرية، فلهذا الفقيه عندما يصل مسألة ترتبط بعملية الاستنباط وهي تفسيرية أين يبحثها؟ لا يوجد عنده درس في التفسير يقول كما نقحناه في مباحث التفسير، ولا يوجد عنده بحث في الكلام فيقول كما نقحناه في مباحث الكلام، ولا في الفلسفة إلى غير ذلك. أين يبحثها؟ في علم الأصول. لهذا صارت هذه الحالة التي هي أشبه بالكشكول في علم الأصول، لماذا؟ لأنه اساساً هذه الابحاث لم تبحث في مواضعها وهو يحتاج لها ولتحقيقها.

التفتوا للعبارة، عند ذلك يصرح (وبذلك يظهر أن البحث عن ظهور الأمر والنهي في الوجوب والحرمة لا يرجع إلى علم الأصول بل هو من المبادي) من المقدمات (كالبحث عن أن الصعيد ظاهر في مطلق وجه الأرض او ليس ظاهر) كيف تلك المسألة لغوية هذه أيضاً مسألة لغوية أخرى (وإنما ذكر في علم الأصول) هذا جواب على سؤال مقدر، شيخنا إذا لم تكن من علم الأصول فلماذا تذكرها هنا؟ قال: (وإنما ذكر في علم الأصول استطراداً حيث لم يبحث عنه في علم آخر) وإلا لو كان مبحوث عن أن الأمر ظاهر في الوجوب وأن النهي ظاهر في الحرمة أنا لم أكن أبحثها هنا، بل أقول كما ثبت في محله أن الأمر ظاهر في الوجوب، ثم أأتي إلى علم الأصول أقول: وكل ظاهر حجة، فلا أبحث الأوامر ولا أبحث الإطلاق ولا أبحث العموم، ولا أبحث الجمل الشرطية وغيرها.

(وبالجملة المائز بين علم الأصول وسائر العلوم هو أن مسائل سائر العلوم) كل العلوم: لغة، نحو، صرف، عرف، عقلاء … يقول: هذه كلها فقط تقدم صغريات للمسألة الأصولية، كيف أن علم الرجال يقدم صغرى، كيف أن علم اللغة يقدم صغرى، كيف أن علم الفقه يقدم صغرى، هذه العلوم أيضاً تقدم صغريات، وكلها خارجة عن علم الأصول.

يقول: (المائز بين علم الأصول وسائر العلوم هو أن مسائل سائر العلوم إنما تكون من المبادئ والمُعدات لاستنتاج الأحكام الشرعية ولا تقع إلا في صغرى قياس الاستنباط).

إذا أنت لم تكن قد قرأت المنطق بشكل جيد ولا تعرف شروط القياس متى يكون منتج ومتى لا يكون منتج ستقع في المغالطات لأنه من لا يعرف كيفية أن القياس منتج، وقد قرأتم في المنطق أن القياس إما أن يكون منتج وإما أن يكون غير منتج. متى يكون منتج؟ إذا كان تاماً في الشرائط من حيث المادة ومن حيث الصورة فإذا أنت لا تعرف هذه جيداً، تتصور بأنك أحدثت فتحاً وإذا تبين أنها مغالطة واضحة، لماذا؟ لأنك كتبت في كتبك الفقهية والأصولية أننا نحتاج إلى علم المنطق أو لا نحتاج إلى علم المنطق؟ كتبت أننا لا نحتاج إلى علم المنطق لأنه يعرفه حتى الصبيان. وإذا كنت كتبت هكذا فهل تبحث في علم المنطق أو لا، أصلاً كل استدلالاتك، أقول لك: يا أخي هذا أنت تقول هذا دليلي، أصلاً أجعله لي صغرى وكبرى لأراه منتجاً أو غير منتج. تقول: يعني أنت تريد أن تذهب بنا إلى اليونان، هذه من سؤر الكفار. أقول: لا، يا أخي، كل أصولنا وفقهننا قائم على صغرى وكبرى حتى يكون منتجاً.

فتحصل إلى هنا الإشكال الأول أو الملاحظة الأولى التي يمكن إيرادها على كلام سيدنا الشهيد+ أنه قال: المسلم أصوليتها؟ الجواب: هذا أول الكلام، ثبت العرش ثم انقش، من قال لك أن الأوامر أصولية حتى تقول على مبنى المرزا خرجت عن علم الاصول، بل المرزا يصرح أنها أصولية أو غير أصولية؟ أنها غير أصولية.

إشكال آخر يأتي.

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات