الأخبار

المحاضرة (26)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

اتضح لنا بالأمس ضرورة هذه المباحث التي اصطلح عليها بعلم الأصول، وذلك باعتبار أن أكثر هذه المسائل التي عرضوا لها تحت هذا العنوان إمام هي من القسم الأول وهي التي لم يبحث عنها في أي علم من العلوم، وإما هي من القسم الثاني وهي التي بحث عن الموضوع أو عن المسألة في علم آخر إلا أن في المسألة حيثية لم يبحث عنها في علم آخر. وأما القسم الثالث وهي أنه أصل المسألة مبحوث عنها في علم آخر والحيثية المطلوبة أيضاً مبحوث عنها في العلم الآخر ولكن الأصولي أو الفقيه ليس راضياً عن النتائج التي ذكرت عن هذه المسألة في محلها. هنا يضطر إلى أن يعقد لها بحثاً مستقلاً وهذا عموماً ما وقع في أبحاث القطع، وما وقع في أبحاث حجية القطع، أو ما وقع في أبحاث حجية العقل ونحو ذلك.

هذه المسائل في محل آخر في نظرية المعرفة، إما في المنطق وإما في الفلسفة وإما في أبحاث الكلام، بحث عنها، أو الحسن والقبح بحث عنها، ولكن الأصولي لا يرتضي النتائج، المشهور يعتقدون أن حسن العدل وقبح الظلم من المشهورات والأصولي يعتقد أنه من اليقينيات لا من المشهورات، أين يثبت رأيه، وحيث لا يوجد عنده بحث في المنطق أو بحث في الفلسفة أو بحث في الكلام، فجاء به إلى ما اصطلح عليه بأنه علم الأصول.

إذن الضرورة قائمة على الحاجة إلى هذه المسائل، لا أريد أن أعبر عنها علم الأصول لأنه بعد ذلك سيتضح ما هو هذا العلم، طبعاً اتضح ولكنه أكثر سيتضح. المهم مجموعة هذه المسائل في الجملة مما لا ريب أنه لا يمكن للإنسان أن يدخل إلى علم الأصول إلا وهو مسلح بنتائج هذه المسائل. ومن هنا فمن الناحية المنهجية فإن علم الأصول متقدم رتبة على علم الفقه، علم الفقه بالمعنى الاصطلاحي يعني استنباط الحكم الشرعي، متقدم رتبة، يعني لا يمكن للفقيه أن يكون فقيهاً إلا أن يكون أصولياً، ولا يوجد أحد أطمأنوا أصولي كان أو إخباري إلا وهو بحث الأصول قبل أن يدخل … نعم، المعركة على الاسم يقولون الاسم جاءت من الطرف الآخر فلا نقبل به، نعم سموها بالفوائد النجفية، المشكلة ليست في هذا، المشكلة ليست في الاصطلاح، وإلا أنت ادخل إلى كتاب الحدائق للشيخ البحراني في مقدمة الحدائق ماذا يوجد؟ أربعة عشرة فائدة، أقرأ الفوائد، انظر استصحاب وتعارض وحجية خبر وظهور القرآن حجة أو ليس بحجة، أحكام واقعية … ولكن تقول له لماذا تبحث في علم الأصول. يقول: أبداً، علم الأصول جاء من السنة ونحن لا نقبله.

بحث آخر، انظروا (الفوائد المدنية) للمحدث الاسترآبادي، دورة أصولية، نعم بالقدر الذي يعتقد، هو يعتقد أن القدر الذي نحتاج هذه الـ 400 صفحة كما هو حال السيد السبزواري& في (تهذيب الأصول) كتب جزأين كل جزء 350 صفحة، يقول هذا القدر من الأصول كافٍ للاستنباط، السيد الشهيد يقول أن هذا القدر ليس كافياً لابد أن تقرأ 16 مجلد من الأصول، السيد الخوئي يقول 6 مجلدات كافية، هؤلاء فقهائنا المعاصرين، الآن دورة السيد الخوئي لا تتجاوز 6 أو 7 مجلدات، أما دورة السيد الشهيد المطبوعة أخيراً تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر 16 جزء، ولعله بعض الأعلام المعاصرين يقول لا تكفي 16 جزأ بل لابد من 35 مجلد. لأنه نقل لي أحد تلامذته الخاصين يقول بعدما انتهينا من الدورة الأصولية لمدة 18 سنة، قال: لا يتبادر إلى ذهن الذين حضروا الدورة السابقة أنهم يمكنهم الاستغناء عن هذه الدورة بل لابد أن يحضروا هذه الدورة لعشرين سنة أخرى لأن بينهما عموم من وجه.

هذا موجود الآن، هذا واقعناً العلمي، أنا لا أريد النقد، وآخرين يقولون … وأنا سألت شخصاً … لأني حضرت عدد من الأيام عند السيد السبزواري إذا كان يكفي للتلمذة فأنه استاذي، حضرت عند عدة أيام في الفقه، هذا الرجل من حيث الأدب والتواضع وسيماء النور والتقوى والزهد، أنا رأيته قليلاً&، طبعاً يكون في علمكم أيضاً بحثه الفقهي سهل وليس كفقه الآخرين، عند مراجعة مهذب الأحكام تجدون أن العبارة بسيطة وسهلة وليس فيها تلك التعقيدات الموجودة في الكتاب الأخرى. قلت له: مجموع هذا الفقه والأصول عندكم يكفي للاجتهاد؟ قال: نعم، يكفي للاجتهاد ولكن بشرطين، بشرط أنه إذا أشكلت عليه يستطيع أن يدافع، لا أنه يحفظ لي الأصول والفقه يكون مجتهداً، مثلما لو أشكلت عليه ببساطة أنت تستطيع تغيير رأي السيد السبزواري.

إذن من الناحية المنهجية والرتبية والعلمية فإنه لا يكون الفقيه فقيهاً إلا إذا كان أصولياً في الجملة، أقول في الجملة لأن القضية مشككة، البعض يكتفي بكتاب من مجلدين والآخر يكتفي 20 مجلداً، ولكنه لا يستطيع أحد أن يستغني عن علم الأصول. نعم، من الناحية التأريخية فإن علم الأصول متأخر عن علم الفقه، وإلا من الناحية الترتيبية والعلمية فعلم الأصول مقدم على علم الفقه، ولكنه تأريخياً وجد أولاً علم الفقه وبعد ذلك وجد علم الأصول، وبعد ذلك سنبين لماذا انه من الناحية التأريخية والزمانية تأخر علم الأصول عن علم الفقه.

بالأمس أشرنا للأعزاء قلنا أنه ذكرت تعاريف أو عبارات متعددة للسيد الشهيد في تعريف علم الأصول أو الضابط للمسألة الأصولية، أنا الآن لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا الضابط، ولكني أريد أن أبين بحث آخر وأنا أتصور بأنه بحث يقصر لنا الطريق كثيراً. كما أشرنا في الأبحاث السابقة نحن في عملية فهم الموقف الشرعي والديني في المسائل العملية لابد أن نقوم بعملية اجتهادية، بأي بيان، لما ذكرناه من أنه هذه المواقف الشرعية غير جاهزة، إذن نحتاج إلى بذل الجهد، ما هي المقدمات التي تدخل في عملية معرفة، لا أعبر استنباط ولا أعبر الوصول، لا، تعيين الوظيفة والموقف الشرعي في المسائل العملية، لأن الموقف الشرعي في المسائل العقدية له باب آخر وأصول آخر، الآن نتكلم في الأمور العملية، يعني الأحكام التكليفية والأحكام الوضعية ونحو ذلك. ما هي المقدمات؟ يمكن تقسيمها على خمسة أقسام:

القسم الأول: هي تلك المقدمات، تلك العناصر، عبر عنها ما تشاء، تلك المقدمات، تلك العناصر، تلك الموجهات بتعبير ثالث التي لا تختص بعلم الفقه والمسائل الفقهية بل هي شاملة لكل العلوم، ما من علم إلا ويحتاج إلى هذه المقدمات، من قبيل الشكل الأول من القياس فأنت في أي عملية استدلالية بناء على المنطق الارسطي لابد ماذا تفعل، سواء كان في علم الطب، كان في علم الهندسة، كان في علم الفقه، كان في علم العقائد، كان في الطبيعيات، كان في الرياضيات، كان في الفلسفة لا فرق، أنت تحتاج إلى الشكل الأول، أو إذا تم ما ذكرناه من الاستقراء الذي ذكره السيد الشهيد، هذه مقدمة نحتاج لها، ولكنها مختصة بتعيين الموقف الشرعي؟ لا أبداً، في التاريخ أنت تستعمل الاستقراء، في إثبات الرسالة السيد الشهيد أيضاً يستعمل الاستقراء، في إثبات التوحيد أيضاً يستعمل الاستقراء. إذن هي عناصر مختصة أو عناصر عامة؟ عامة. لا تختص بعلم دون آخر. وهذه سموها بحسب الاصطلاح من الآن فلنصطلح عليها أنها لا بشرط من حيث المادة، هذه قوالب، الشكل الأول قالب، تستطيع المواد التي تضع فيها مواد فلسفية، وتستطيع أن تضع فيها مواد قرآنية، وتستطيع أن تضع فيها مواد كلامية، وتستطيع أن تضع فيها مواد فيزيائية، وتستطيع أن تضع فيها مواد فقهية، وتستطيع أن تضع فيها مواد حديثية، زرارة ثقة، وكل ثقة حجة، هذا شكل أول، مثل العالم حادث وكل حادث يحتاج … ما الفرق بين القياس الأول والثاني، ليس في الهيئة والشكل وإنما الاختلاف في المادة التي ملأت هذا القالب. إذن القسم الأول اصطلحوا عليها من الآن حتى نعرف الاصطلاح أيضاً، أنها لا بشرط من حيث المادة أي مادة كانت تستطيع أن تملأ هذا الشكل وهذا القالب، هذا القسم الأول من الموجهات أو العناصر أو المقدمات.

أنا أعدد العناصر حتى نعرف بحث الأصولي في أي من هذه، يعني أين نريد أن نبحث نحن، في مقدمات الفقه، أي عنصر من هذه العناصر مهمة لنا.

القسم الثاني: هي تلك العناصر التي هي بشرط مادة معينة. إذن لا بشرط أو بشرط شيء؟ هي بشرط شيء ولكنه بالنسبة إلى القسم الأول هي بشرط شيء أما بالنسبة لما دونها هي بشرط شيء أو لا بشرط؟ هي لا بشرط. فهي بشرط شيء لأنها فيها مادة معينة ولا بشرط لأنه تحته ماذا توجد، مواد متعددة. احفظوا هذه القضية، كيف؟ الجسم، تعلمون أنه في الفلسفة عندنا ماذا، في الفلسفة بالمعنى الأعم عندنا فلسفة بالمعنى الأخص وعندنا طبيعيات وعندنا رياضيات، ولذا قالوا في موضوع الفلسفة الموجود من حيث هو موجود بشرط أن لا يتخصص تخصصاً طبيعياً أو تخصصاً رياضياً.

سؤال: ما هو التخصص الطبيعي؟ أن يكون جسماً. إذا صار الموجود جسماً ماذا يكون؟ يعني إذا سألت ما هو موضوع الطبيعيات؟ ليس هو الموجود، وإنما الموجود بشرط تخصص الجسمية، ولكن عندما نأتي إلى هذا الجسم، نرى تحت هذا العنوان الجسم هناك عدة علوم لا أقل ثمانية أقسام من العلوم موجودة تحت عنوان الطبيعيات، مثل علم الفلك تبحث عن الجسم، المعادن تبحث عن الجسم، الفيزياء يبحث عن الجسم، الكيمياء يبحث عن الجسم، الطب يبحث الجسم، كله بحث عن الجسم، ولكن كل واحد يبحث عن الجسم من حيثية معينة. ولذا المرزا النائيني أن الحيثيات تعدد العلوم، لماذا تعدد العلوم؟ لأنه صحيح الموضوع من حيث هو هو يعني كان التامة هو شيء واحد ولكن يتعدد، وهذا هو القسم الثاني وعبروا عنه أنه وإن كان بشرط شيء إلا أن تحته عدة علوم فهو لا بشرط من حيث هذه العلوم وإن كان بشرط شيء بالنسبة إلى الجسم. جسمية، موضوع واحد ولكن تحته عشرة علوم، أو خمسة علوم تحته، علم الفلك غير علم الجيولوجيا وعلم المعادن، هذا العلم غير ذاك العلم، مع أنه توجد وحدة الموضوع وهو الجسم، وفي الواقع لا توجد وحدة موضوع بل هناك تعدد موضوع، لأنه الجسم من حيث كذا … من قبيل ما قرأتم في علم النحو قلنا من حيث الإعراب والبناء موضوع علم النحو ومن حيث الإعلال موضوع علم الصرف، ما الفرق؟ يقول الحيثيات متعددة، الجسم أيضاً كذلك، هذا هو القسم الثاني.

إذن القسم الأول من المقدمات تشترك في جميع العلوم، والقسم الثاني من المقدمات تشترك في أكثر من علم ولا تشترك في جميع العلوم.

القسم الثالث: وهي العناصر أو المقدمات أو الموجهات التي تشترك في علم واحد، يعني تحت هذا الموضوع كم علم؟ علم واحد، حتى أضرب لك مثال، تعالوا إلى الفقه، الفقه يعتقدون أنه علم واحد، فعل المكلف على سبيل المثال، مرة أنه يبحث في الفقه عن فعل معين بخصوصه، أن هذا الفعل حلال أو هذا الفعل حرام، يعني الغيبة حلال أو حرام، يعني النميمة حلال أو حرام، يعني الكلب طاهر أو ماذا … حكم تكليفي أو حكم ماذا … ولكن معين. ومرة لا، لا يبحث عن شيء بعينه وإنما من أول الفقه إلى آخر الفقه تجد أن هناك عنصر واحد مشترك من أوله إلى آخره، مثل ماذا؟ مثل عنوان الحرمة، حرام أو ليس بحرام، هذا في أي باب فقهي يبحث حرام أو ليس بحرام، في باب الكذب نبحثها، لماذا؟ في باب الغيبة، لماذا؟ لأنه شامل لكل الأبواب الفقهية. باب الطهارة والنجاسة في باب معين أو في … فإذن هو عنصر مشترك ولكن تحته علوم متعددة أو علم واحد؟ علم واحد، وبهذا يمتاز عن القسم الأول والثاني من الأقسام المتقدمة، الأول مشترك في كل العلوم لا بشرط مطلق، والثاني لا بشرط نصفي، الثالث لا بشرط أو بشرط شيء؟ الجواب: من جهة بشرط شيء ومن جهة لا بشرط.

أضرب لكم مثالاً: خبر الثقة حجة، الظهور حجة، الاستصحاب حجة، هذه لا بشرط أو بشرط شيء؟ بشرط شيء، لأنه في النتيجة الاستصحاب مادة وليس هيئة، خبر الثقة أيضاً مادة معينة وليس هيئة، ولهذا يختلف خبر الثقة عن الظهور، فالظهور مادة وخبر الثقة مادة والبراءة مادة والاستصحاب مادة، وهكذا. ولكن إذا قيس إلى الأبواب الفقهية يعني من أول أبواب الطهارة إلى آخر أبواب الديات هو بشرط شيء أو لا بشرط، لماذا؟ لأن الاستصحاب كما يجري في الأحكام التكليفية يجري في الأحكام الوضعية، كما يجري في باب الحج يجري في باب الصوم، كما يجري في باب الصلاة يجري في باب الخمس، كما يجري في باب العبادات يجري في باب المعاملات، إذن هو بشرط شيء من حيث المادة الفقهية أو لا بشرط شيء من حيث المادة الفقهية.

الجواب: أنه لا بشرط من حيث المادة، انظروا صار فرق كبير بين القسم الأول الذي كان لا بشرط من حيث المادة مطلقاً، أما هنا لا بشرط ولكن لا بشرط مطلقاً أو من حيث الفقه فقط، يعني نحن لا نأخذ فيه باب الطهارة، لا نأخذ فيه باب الصلاة، لا نأخذ فيه باب الضمان، لا نأخذ فيه باب الكفالة، لا نأخذ فيه باب الجعالة، باب الدية، باب الإرث، باب الحدود، هذه هي المواد الفقهية، يعني لو سألتك عدد لي المواد الفقهية، ماذا تعدد لي؟ لا تقول لي الحرمة وكذا، هذه ليست مواد فقهية، المواد الفقهية: الصلاة، الصوم، الحج، الزكاة … هذه الأحكام التكليفية. الأحكام الوضعية: الطهارة، النجاسة، الصحة الفساد، الشرطية المانعية وغيرها. هذه كلها مواد فقهية.

فالقسم الثالث هل هو بشرط شيء من حيث المادة الفقهية أو لا بشرط من حيث المادة الفقهية؟ هو لا بشرط من حيث المادة الفقهية وإن كان هو بنفسه بشرط شيء، لأنه أما يتكلم عن الاستصحاب، أما عن خبر الثقة، أما عن الظهور، إما عن البراءة، أما عن الإطلاق، أما عن ظهور الأمر في النهي، ظهور النهي في الحرمة، ظهور الأمر في الوجوب ونحو ذلك.

هذا القسم الثالث على نحوين أو عبروا على صنفين. إذن عندنا هذا القسم الثالث بشرط شيء أو لا بشرط شيء؟ تقول لي: سيدنا هذا السؤال خطأ، هو بشرط شيء ولكن لا بشرط من حيث المادة الفقهية، لا خطأ. بشرط شيء أو لا بشرط؟ الجواب: هو بشرط شيء ولا بشرط من حيث المادة الفقهية. احفظ لي هذه اللا بشرط.

إذن القسم الثالث قوامه بماذا؟ الأول كان لا بشرط مطلقاً، الثاني كان لا بشرط وتحته عدة علوم، والثالث هو لا بشرط وتحته علم واحد. هذا اللابشرط في القسم الثالث على صنفين: قد يكون بشرط – هذا اللابشرط القسم الثالث لا المسألة الفقهية- هذا قد يكون بشرط شيء من حيثية نوعية الحكم، وقد يكون لا بشرط حتى من حيث نوع الحكم، أنا أستطيع أن أوضحها بالأمثلة كما سأوضحه إن شاء الله، ولكن أريد تعرف الاصطلاح حتى عندما تراجع الكتب تفهم هذه الاصطلاحات.

ما معنى لا بشرط من حيث نوع الحكم وبشرط شيء من حيث نوع الحكم؟

تعال معنا إلى حجية خبر الثقة، حجية خبر الثقة فقط يثبت بها الوجوب، أو قد يثبت بها الوجوب وقد يثبت بها الحرمة وقد يثبت بها الاستحباب وقد يثبت بها الكراهة وقد يثبت حكم تكليفي وقد يثبت بها حكم وضعي، أي منها؟ كلها، استصحاب، استصحاب بشرط شيء من حيث نوع الحكم أو لا بشرط شيء من حيث نوع الحكم؟ لا بشرط من حيث نوع الحكم، لماذا؟ لأن الاستصحاب قد يثبت الطهارة وقد يثبت النجاسة، وقد يثبت الوجوب وقد يثبت الحرمة وقد يثبت الحكم التكليفي وقد يثبت الحكم الوضعي. إذن من حيث نوع الحكم لا بشرط شيء. إذن الصنف الأول مع أنه لا بشرط من حيث المادة الفقهية ولا بشرط من حيث نوع الحكم أيضاً.

الصنف الثاني: هو لا بشرط من حيث المادة الفقهية ولكنه بشرط شيء من حيث نوع الحكم، مثل أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، هذه صيغة الأمر هل تستطيع أن تستعملها في الحرمة؟ لا يمكن، لأنه عينت، نعم في كل ما هو وجوب، نعم الوجوب له باب فقهي معين أو في كل أبواب الفقه؟ كل أبواب الفقه، إذن تبقى من القسم الثالث وهي لا بشرط من حيث المادة الفقهية وإن كانت بشرط شيء من حيث نوع الحكم، إذن هذا القسم الثالث تحته صنفان: صنف كما هو لا بشرط من حيث المادة الفقهية لا بشرط من حيث نوع الحكم كالاستصحاب وحجية خبر الثقة أو الظهور. الصنف الثاني كما أنه لا بشرط من حيث المادة الفقهية إلا أنه بشرط شيء من حيث نوع الحكم. هذا هو القسم الثالث.

القسم الرابع: وهو قسم جديد واقعاً، وهو أنه نأتي إلى باب فقهي كباب الطهارة، باب الطهارة هو الفقه كله أو جزء من أجزاء الفقه؟ من الواضح أنه إذا كان عندنا خمسين باب فهو واحد من خمسين، باب الضمان، باب الإجارة، باب الكفالة، باب الجعالة، باب البيع، باب المعاطاة … في هذا القسم الرابع نبحث عن تلك الأمور المشتركة في الباب الواحد، لا في العلم الواحد، يعني عندما تأتي إلى باب الطهارة، واحدة من قواعد باب الطهارة أن الشيء إذا كان مطهراً فهو يدل على أنه طاهر في نفسه، يكون في علمكم بحث الآقايون كثيراً في أن هل هناك دليل على أن الماء طاهر في نفسه، باعتبار لا دليل عندنا، كل ما عندنا أن الماء مطهر لغيره، كلما صار نجساً يقولون لك اغسله بالماء، أما هو طاهر أو ليس بطاهر؟

مداخلة لأحد الطلاب؟؟؟

بلي، حتى تعرف، لتروا أن البحث الفلسفي إلى أين ذهب، ولذا أسس الأعلام قاعدة، إن شاء الله في باب الطهارة، يمكن يوم الطهارة العصر يكون، وإلا بهذا الشكل من الأبحاث لا نستطيع إكمال البحث، الحوزة تدرس 90 يوم والباقي تعطيل، رحمة الله على السيد الشهيد كان يقول أنا لم أرَ حوزة في العالم تدرس يوم وتعطل ثلاثة أيام وهكذا، لأنه سأل في يوم في الدرس قال نحن صار لنا خمس سنوات ندرس، وأنا اليوم حسبت دروسي في خمس سنوات رأيتها 550 درس، حسبتها فوجدتها تشكل ثلث من السنة واحد من ثلاثة فنحن ندرس يوم ونعطل يومين أو ثلاثة، فمن الطبيعي أن الاجتهاد إذا كان يحتاج إلى عشرة سنوات فيحتاج الآن إلى ثلاثين سنة أو أربعين سنة، ولذا جاءت نظرية جديدة في الاجتهاد أنه ابلع كبسولة وكن مجتهداً.

من هنا أسس الأعلام قاعدة قالوا أن مطهرية شيء يلازم طهارته في نفسه، بحوث في العروة 120 صفحة السيد الشهيد بحث أن الماء طاهر في نفسه أو لا، هذه المسألة في باب الطهارة أين نبحثها؟ إذا كان في باب الطهارة ألف مسألة فأين مكان هذه، مسألة من مسائل باب الطهارة؟ لا، لأن هذه المسألة داخلة في عشرات بل مئات المسائل في باب الطهارة هذه داخلة أين نبحثها؟ من الآن تعال نسميه ولعله سميت في كلمات البعض هذه أصول باب الطهارة، كما في باب الضمان عندك بعض الأحكام ليست هي مسألة في باب الضمان بل هي أصول في باب الضمان، ويا ليت في حوزاتنا العلمية بدل ما كان ندخل إلى بحث الباب بمسائله المتفرقة ندخل إلى بحث الباب من خلال قراءة أصول هذا الباب، لعله كل باب من أبواب الفقه فيه عشرين أو ثلاثين أو اربعين أصل، إذا وقف الطالب علينا كاملاً مباني ذلك الباب تكون بيده. هذا القسم الرابع وهو أنه عنصر مشترك في عملية الاستدلال على الحكم الشرعي ولكنه لا بشرط من حيث باب فقهي واحد كباب الطهارة. طبعاً قد تكون بعض القواعد تشترك في أكثر من باب فقهي فهل تصبح أصولية؟ نقول: لا، لا تصبح فقهية، لماذا؟ لأن شرط المسألة الأصولية أن تكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية.

الآن لنطبق: لا ضرر ولا ضرار مسألة أصولية أو مسألة فقهية؟ طبق الشرط وهو أن لا تكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية، الضرر والضرار مادة فقهية كالصلاة والصوم والحج، تقول لي: هذا الضرر يدخل في أكثر من باب فقهي، أقول: لا يفرق بين أن يكون في باب فقهي أو في مئة باب ولكن هو مادة فقهية. من قبيل الطهارة ومن قبيل النجاسة، عنوان ثالث اسمه الضرر. وسيأتي بحث الضرر أنه القواعد الفقهية كيف نخرجها من المسائل الأصولية.

إذن القسم الرابع هي التي ليست لا بشرط القسم الأول ولا لا بشرط القسم الثاني ولا لا بشرط القسم الثالث، وإنما لا بشرط القسم الرابع وهي أنها مختصة بباب فقهي، يعني بمادة خاصة في باب واحد، ولكن لا تختص بهذه المسألة أو بهذه المسألة.

القسم الخامس: وهي التي ترتبط بالمسألة المبحوث عنها، مسألة الارتماس في باب الصوم، في باب الصوم إذا كان عندك 500 مسألة واحدة منها أن الارتماس يبطل الصوم أو لا يبطل، هذه لا القسم الأول، لأنها لا بشرط أو بشرط شيء؟ بشرط شيء. لا القسم الثاني لأنه تحتها عدة علوم أو ليس تحتها عدة علوم، القسم الثالث يوجد تحتها علم أو لا يوجد تحتها علم، القسم الرابع تحتها عشرات المسائل أو لا توجد تحتها، بل هي مسألة واحدة. صارت خمسة أقسام. في كل عملية استدلال الفقيه شاء أم أبى يستعين ببعض هذه المقدمات من القسم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس.

الآن نأتي إلى كلام سيدنا الأستاذ السيد الشهيد الصدر&، ما هو الضابط الذي ذكره السيد الشهيد للمسائل الأصولية؟

السيد الشهيد يعتقد أن الضابط للمسائل الأصولية هو القسم الثالث لا الأول ولا الثاني ولا الرابع ولا الخامس. وسأبين كيف يقول.

لو سألته ما هو الضابطة الأصولية حتى نعرف أصولية أو ليست أصولية. يقول: انظر إليها إذا كانت لا بشرط من حيث المادة الفقهية فهي أصولية. تقول له: سيدنا القسم الأول والثاني أيضاً لا بشرط. يقول: لا، لابد أن تكون لا بشرط من حيث المسألة الفقهية خاصة. يعني فقط تستعمل أين … لا تستعمل في علم آخر، بل تستعمل فقط في المسائل الفقهية يعني في الاستدلال الفقهي خاصة.

ولأقرأ لك التعريف كما جاء في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص31) قال: (علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة) إذن هناك قيدين، القيد الأول المشتركة، مشتركة تشمل الأول والثاني والثالث، ولكن عندما قال (في الاستدلال الفقهي) أخرج الرابع والخامس، لماذا؟ لأن تلك المسائل تستعمل في الاستدلال الفقهي في شكل عام أو تستعمل في باب أو في مسألة؟ إذن تخرج كل أقسام القسم الرابع والخامس تكون خارجة … لأنه قال في الاستدلال يعني كل ما هو استدلال فقهي هذه تكون داخلة، أصالة الطهارة داخلة في كل استدلال فقهي؟ غير داخلة إلا في باب الطهارة. ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده داخلة في كل استدلال فقهي؟ لا، فقط في باب الضمان، فما بالك بمسألة الارتماس، فما بالك بمسألة خمس من لا يحتسب، فمن الواضح أن هذه داخلة في الاستدلال الفقهي أو لا.

إذن عندما قال (مشتركة) قد تقول لي: سيدنا هذه تشمل القسم الثالث والرابع ايضاً. يقول: لا، في الاستدلال الفقهي، إذن الرابع والخامس ماذا؟ أما الخامس فهي في مسألة واحدة، وأما الرابع فهي في الاستدلال الفقهي أو في باب الطهارة؟ في باب الطهارة. تقول له سيدنا: كيف تخرج الأول والثاني، فإن المسائل المنطقية أيضاً مشتركة في الاستدلال الفقهي، الشكل الأول من القياس مشترك أو مختص؟ مشترك، تستعمله أنت في الاستدلال الفقهي، كيف تخرج لي هذا؟ يقول: (خاصة) وعلم المنطق عامة. إذن يخرج القسم الأول والثاني.

فلهذا نرجع إلى التعريف، قال: (علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة) ولا يفرق التعبير بالعناصر أو الموجهات أو مقدمات أو ممهدات، (العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة). هنا السيد السيستاني من غير أن يأتي بالاسم عنده إشكال على السيد الشهيد في كتاب (الرافد، ص127) لا يشير إلى القائل، على القاعدة المتعارفة أن المعاصرين بعضهم لا يأتي باسم البعض، يقول: (إن عنصر الاشتراك المأخوذ مائزاً بين القانون الأصولي وغيره) واضح أنه يتكلم عن من، عناصر مشتركة، واضح. (إن أريد به الدخول في جميع الأبواب الفقهية فهو لا ينطبق على قانون من القوانين الأصولية) يقول سيدنا الشهيد نسألك ما هو مقصودك من الاشتراك، فإن كان مرادك الاشتراك في كل المسائل الفقهية فلا توجد عندنا مسألة تشترك في كل المسائل. (فلا ينطبق، وإن اُريد به الدخول في كثير من الأبواب الفقهية اندرج في ذلك بعض الظهورات اللغوية) إذا كان مقصودك جملة من أبواب الفقه فبعض الظهورات اللغوية موجودة في أكثر من باب فقهي. ما هو الجواب؟ الجواب في جملة واحدة: أن هذه الظهورات بشرط شيء من حيث المادة أو لا بشرط من حيث المادة، فإن كان هذا الظهور اللغوي بشرط شيء من حيث المادة السيد الشهيد اشترط لا بشرط من حيث المادة، وإن لم تكن بشرط شيء من حيث المادة، بلي، نلتزم بأنها أصولية. انظروا إلى المثال الذي يضربه الذي السيد الشهيد يقول بلي أنا التزم بأن هذه أصولية.

أضرب لك مثال: يقول: (اندرج في ذلك بعض الظهورات اللغوية المتكررة في عدة أبواب فقهية كظهور كلمة يحرم) يحرم، يحرم، هذه البحث في يحرم، يعني مادة الحرمة، كيف عندنا صيغة الحرمة عندناً أيضاً مادة الحرمة، هذه مسألة أصولية أو فقهية، نحن نسأل السيد السيستاني هذه مسألة فقهية أو أصولية؟ ماذا يقول؟ فقهية، أين بابها، في باب الغيبة أو في الزنا أو في باب اللواط أو في باب النميمة أين بابها؟ ما الفرق بين أن صيغة النهي دالة على الحرمة وبين مادة النهي دالة … المادة دالة على الحرمة، ما الفرق بينهما؟ هو يقول: بأنه (وأمثال ذلك مع أنها ليس من صميم المسائل الأصولية). هذا أول الكلام، من قال لك أنها ليست من المسائل الأصولية، هذه من المسائل الأصولية، فإن نظرت لها بشرط شيء فهي خارجة وإن نظرت لها لا بشرط فهي داخلة.

هذا هو الضابط الذي ذكره سيدنا الشهيد.

الآن بعد ذلك لابد أن نأتي أولاً إلى كلماته لنرى أنه هل ينطبق عليها هذا الضابط أو لا ينطبق، وثانياً: كيف خرجت مسائل علم المنطق وعلم الرجال وعلم اللغة والعلوم الأخرى كيف خرجت من هذا الضابط.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات