أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
كان الكلام في الضابط الذي ذكره سيدنا الشهيد+ وقلنا بأنه لكي يتضح أو تتضح حدود هذا الضابط علينا الإشارة إلى المقدمات والموجهات والعناصر التي يستعملها الفقيه بالمعنى الأخص، يعني الذي يريد أن يستنبط الأمور العملية، بالتقسيم الذي تقدم في بحث الأصول، قلنا أن المعارف الدينية تنقسم إلى أمور عقدية والى أمور عملية، الفقيه في الفقه الأصغر يريد أن يصل إلى بيان الموقف العملي لا إلى بيان الموقف العقدي، يريد أن يبين المعرفة العملية لا أنه يريد أن يبين المعرفة العقدية، قلنا أنه توجد خمسة أنواع من العناصر أشرنا لها فيما سبق تفصيلاً فلا نعيد. وان القسم الثالث من هذه العناصر هي التي يصطلح عليها بمسائل علم الأصول، وهي التي نلخصها في جملة واحدة هي العناصر المشتركة في عملية الاستدلال الفقهي خاصة. قلنا بقوله: (الاستدلال الفقهي) عند ذلك أخرج القسم الرابع والقسم الخامس، وبقوله (خاصة) أخرج القسم الأول والقسم الثاني، فبقي عندنا القسم الثالث من هذه العناصر وهي التي بيناها فيما سبق وعبرنا عنها هي التي كانت بشرط لا من حيث المادة الفقهية، هي التي تكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية. أعم من أن تكون بشرط شيء من حيث نوع الحكم أو أن لا تكون بشرط شيء يعني أن تكون لا بشرط من حيث نوع الحكم أيضاً.
أعيد المطلب، قلنا أن ضابط المسألة الأصولية أن تكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية، ما هي المادة الفقهية؟ يعني أبواب الفقه، الطهارة، النجاسة، الحج، الزكاة، الصوم، الخمس، الجهاد، الضمان، الإجارة، الجعالة، هذه كل واحدة منها مادة فقهية، الضرر مادة فقهية، الإرث مادة فقهية. المسألة الأصولية ما هي؟ أن تكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية، يعني يمكنها أن تستعمل في هذه المادة، وفي هذه المادة، يحتاج إليها في هذه المادة وفي هذه المادة وفي هذه المادة، إما يحتاج لها في جميع المواد الفقهية كما في مسألة حجية الظواهر أو حجية خبر الثقة، وأما أن يحتاج إليها في بعض المواد الفقهية.
هذه التي لا بشرط من حيث المادة الفقهية تارة تكون بشرط شيء من حيث نوع الحكم كما لو قلنا أن صيغة الأمر دالة على الوجوب وصيغة النهي دالة على الحرمة، من الواضح أن هذه الصيغة، صيغة الأمر أو صيغة النهي تستعمل صيغة النهي أو مادة النهي هل تستعمل في غير النهي في غير الحرمة أو لا تستعمل، لا تأتي في الوجوب بل تختص بالحرمة، إذن هي خاصة من حيث نوع الحكم ولذا يقابلها الأمر ويقابلها الاستحباب، يقابلها الكراهة ونحو ذلك. وأخرى لا، هي مع كونها لا بشرط من حيث المادة الفقهية هي لا بشرط من حيث نوع الحكم أيضاً، من قبيل حجية خبر الثقة أو الاستصحاب، الاستصحاب يثبت به الوجوب فقط، يثبت به الحرمة فقط، لا، يثبت به الوجوب ويثبت به الحرمة، إذن هو لا بشرطين، ليس لا بشرط، يعني هو لا بشرط مضاعف، إذن ضابط المسألة الأصولية لا أقل لابد أن يكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية أعم من أن يكون معه لا بشرط آخر أو لا يكون معه.
سؤال: ماذا تقولون في النقض الذي أورده السيد السيستاني في الرافد؟
الجواب: النقص الذي أورد السيد السيستاني في (الرافد، ص127) جوابه واضح مما قدمناه.
ارجع إلى عبارة السيد السيستاني لأن جملة من الأخوة طلبوا منا إعادته، قال: (أن عنصر الاشتراك المأخوذ مائزاً إن أريد به الدخول في جميع الأبواب الفقهية فهو لا ينطبق على قانون من القوانين الأصولية) السيد الشهيد لم يقل أنه لابد أن يكون داخلاً في جميع المواد الفقهية، هل قرأتم أن السيد الشهيد قال أن المسألة الأصولية هي التي تكون مشتركة في جميع المواد الفقهية، هكذا قال؟ إذن هذا الشق غير مراد للسيد الشهيد. الشق الثاني (وإن أريد به الدخول في كثير من الأبواب الفقهية اندرج في ذلك بعض الظهورات اللغوية المتكررة في عدة أبواب كظهور كلمة يحرم أو كلمة لا بأس).
الجواب: هذه مسألة اصولية، لماذا؟ لأن يحرم هي لا بشرط من حيث المادة الفقهية وإن كانت بشرط شيء حيث نوع الحكم، فيكون من قبيل مادة النهي، لماذا تنقض علينا فقط بـ (يحرم) انقض علينا بأمر، انقض علينا بنهى، هذه كلها مسائل أصولية عند السيد الشهيد أو خارجة عن علم الاصول؟ تقول: هذه مادة فقهية. الجواب: هذه ليست مادة فقهية، هذه مادة بشرط شيء من حيث نوع الحكم، ولذا السيد الشهيد في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص31) عبارته واضحة في هذا المجال، يقول: (ما يكون دليلاً مشتركاً سيالاً في مختلف الأبواب الفقهية كالبحث عن تحديد مدلول صيغة الأمر أو النهي) صيغة ومادة. ويحرم أيضاً يكون مادة الحرمة، فهذه المادة مختصة بكتاب معين؟ لا، موجودة في كتاب الصوم وموجودة في كتاب الحج وموجودة في المعاملات وموجودة في كل هذه الأبواب. إذن هي مسألة أصولية والنقض غير وارد.
هذا الامر الأول.
الأمر الذي بعده، سيدنا لماذا يجب أن نعلم بالعناصر المشتركة، قال: علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة. لماذا يجب علينا أن نعلم بالعناصر المشتركة، ما هو الغرض وما هي الغاية وما هو الهدف؟
الجواب في كلمة واحدة، يقول: لكي تنقح الدليل والحجة التي تستعملها في المادة الفقهية. نفس العلم بما هو علم ليس له قيمة، يقول أنا إنما قلت العلم بالعناصر المشتركة في عملية الاستدلال، لماذا؟ التي يستعملها الفقيه كدليل على الجعل الشرعي الكلي، إذن نحن نريد هذا العنصر المشترك لأي شيء نريده، لتحصيل الحجة على المسألة الفقهية. يعني بعبارة أخرى نريد أن نبحث في علم الأصول عن الحجج التي يمكن الاستناد إليها في عملية تعيين الموقف العملي للمكلف، ولذا تعبيره قال: العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة التي يستعملها الفقهي كدليل على الجعل الشرعي الكلي وهذا ما أوضحه السيد الصدر في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص32) قال: (أن يكون هذا العنصر المشترك مما يستعمله الفقيه في الاستدلال الفقهي) بأي نحو، بأي شيء؟ قال (دليلاً على الجعل الشرعي الكلي) هل يمكن الاستناد إلى أي شيء، هل يمكن الاستناد إلى القياس لاستنباط الحكم الشرعي أو لا يمكن؟ في علم الأصول يقول يمكن أو لا يمكن. هل يمكن الاستناد إلى الاستحسان لاستنباط الحكم الشرعي أو لا يمكن؟ سؤال: الاستحسان عنصر مشترك أو ليس عنصراً مشتركاً؟ نعم عنصر مشترك. القياس عنصر مشترك أو ليس بعنصر مشترك؟ نعم عنصر مشترك. الرؤية التي هي حجة ما شاء اللهيه عند الكثيرين، البارحة رأى الرسول هكذا ورأى الإمام الصادق هكذا في المنام، فإذا فتبين. عنصر مشترك أو ليس بعنصر مشترك؟ عنصر مشترك. دليل أو ليس بدليل. هذا كله أين يبحث عنه؟ يبحث عنه في علم الأصول لنتبين أنه حجة أو ليس بحجة.
مما تقدم يتبين أن السيد الشهيد يقول أن ضابط المسألة الأصولية يتقوم بركنين:
الركن الأول: أن يكون عنصراً مشتركاً.
الركن الثاني: أن يكون دليلاً وحجة على الاستدلال الفقهي.
هذا الضابط الذي ذكره السيد الشهيد مختص به أو موجود في كلمات السابقين عليه، أنا ليست بصدد أنه أخذه من السابقين أو لم يأخذه من السابقين. الله يعلم أنا لا أعلم هذه القضية. ولكن كل ما أريد أن أقوله أن هذا الكلام موجود في كلمات السابقين وإن كان في موارد أخرى.
أما ما يتعلق بالعنصر الأول أو الأصل الأول أو الركن الأول: أن يكون عنصراً مشتركاً في الاستدلال الفقهي. هذا العنصر إذا راجعتم إلى (شرح المواقف) للجرجاني، عندنا مسألة في مباحث الفلسفة أشير إليها إجمالاً، والأعزاء الذين حضروا البداية والنهاية والأسفار يعرفون ما أقول.
في الفلسفة عندما تقسم مسائل الفلسفة إلى الإلهيات بالمعنى الأعم وإلى الإلهيات بالمعنى الأخص. ما هي الإلهيات بالمعنى الأخص؟ يعني مباحث التوحيد والصفات والأسماء والأفعال الإلهية، يعني التوحيد الذاتي، التوحيد الصفاتي، التوحيد الذاتي، هذه هي مباحث الإلهيات بالمعنى الأخص.
هذه المباحث التي تبحث قبل الوصول إلى الإلهيات بالمعنى الأخص، يعني البحث في أن الموجود أما واجب أو ممكن، الموجود إما علة أو معلول، الموجود إما ثابت أو متغير، الموجود إما واحد أو كثير، الموجود إما مجرد أو مادي، الموجود … هذه المسائل أين تبحث؟ يقول هذه هي الأمور العامة أو الإلهيات بالمعنى الأخص، أنت في الإلهيات بالمعنى الأخص لا تبحث الواجب موجود أو لا، ولكن بحسب التقسيم الفلسفي تقول الموجود ينقسم إلى واجب وإلى ممكن، الواجب موجود أو غير موجود؟ هذه قضية شريطة وأنا لا أريد أن أتكلم أنه موجود أو ليس بموجود، أين تبحث عنها موجود أو ليس بموجود؟ في الإلهيات بالمعنى الأخص.
الممكن أنا وأنت موجود أو ليس بموجود. لعل قائل يقول أن كل ما في الكون وهم أو خيال، أصلاً كل هذه أوهام، يتصور الأحول أن لها وجود، كثانية ما يراه الأحول، من يثبتها؟ هذه تثبت في التوحيد الأفعالي. من هنا صار البحث ما هو ضابط المسألة في الأمور العامة أو الإلهيات بالمعنى الأعم والمسألة في الإلهيات بالمعنى الأخص، نفس المشكلة التي عندنا الآن في علم الأصول، متى نجعل هذه المسألة في علم الأصول ونجعل هذه المسألة في علم الفقه، ما هو الضابط؟ هناك أيضاً بحثوا هذه القضية وهو ما هو تعريف الأمور العامة، يعني متى نقول أن هذه المسألة داخلة في الإلهيات بالمعنى الأعم وهذه المسألة داخلة في الإلهيات بالمعنى الأخص.
انظروا إلى التعاريف التي ذكرت في كلماتهم لبيان ضابط مسألة الإلهيات بالمعنى الأعم وضابط المسألة للإلهيات بالمعنى الأخص.
الأول كما قلنا في (شرح المواقف، ج2، ص58) للجرجاني، قال: (الموقف الثاني في الأمور العامة) ما هي الأمور العامة؟ قال: (ما لا يختص بقسم من أقسام الموجود) الموجودات ما هي؟ قسموا الموجودات؟ كم قسم موجود عندنا؟ ثلاثة، بالأصل اثنين واجب وممكن. غني وفقير. عبر عنها. حادث وغير حادث، وهكذا.
سؤال: نأتي إلى هذا الحادث ماذا ينقسم؟ ينقسم إلى جوهر وإلى عرض. إذن أقسام الموجودات كم تصير؟ إما ثلاثة وإما أربعة إذا قلنا أن المعنى الحرفي وجود وراء الواجب والوجود الاسمي والوجود العرضي والوجود الجوهري والوجود العرضي عندنا وجود بالمعنى الحرفي. ثلاثة أو أربعة هذا ليس مهماً. عندنا ثلاثة أقسام. والمسألة التي هي من الأمور العامة يعني الإلهيات بالمعنى الأعم, يقول إذا كانت مختصة بالواجب فهي إلهيات بالمعنى الأخص، وإذا كان مختصة بالممكن فهي ليست إلهيات بالمعنى الأعم، متى تكون إلهيات بالمعنى الأعم؟ إذا لم يختص بواحد من هذه. يعني يكون عنصراً مشتركاً في أكثر …
ولهذا (أي ما لا يختص بقسم من أقسام الموجود التي هي الواجب والجوهر والعرض).
رأي آخر ذكره صدر المتألهين في (ج1، ص29) قال: (وعرف فسروا الأمور العامة تارة … وتارة … وتارة بما يشمل الموجودات جميعاً أو أكثرها).
يعني ماذا؟ يعني عنصر مشترك في جميع أقسام الموجودات أو في أكثر ماذا … وهذا هو الذي اختاره السيد الشهيد، قال ما هي المسألة الأصولية؟ قال أن تكون عنصراً مشتركاً في كل المسائل، قال إما أن تكون في جميع المسائل أو في أكثر المسائل. العبارة قرأناها قبل قليل، ماذا عبر السيد الشهيد في (ص31) قال: (ما يكون دليلاً مشتركاً سيالاً في مختلف الأبواب الفقهية) إذن هذا الركن الأول موجود في كلمات الفلاسفة والمتكلمين الذين فسروا ذلك.
الركن الثاني: الركن الثاني موجود وقرأناه يتذكر الأعزاء قرأناه في كلمات السيد البروجردي في (حاشيته على الكفاية، ص16) قال: (فالحق أن هذه المسائل ومسائل الأصول العملية إنما يبحث الأصولي عنها من حيث يعين فيها الحجة بالنسبة إلى الأحكام الفقهية).
(فظهر أن مسائل الأمارات كان الأولى تعريف المسائل الأصولية بأنها المسائل التي يبحث فيها عن العوارض الذاتية للحجة في الفقه) أي يعين بما ما يكون حجة وما لا يكون حجة. وهذا هو الركن الثاني الذي أشار إليه السيد الشهيد في تعريفه.
طبعاً يكون في علم الأخوة من باب الفائدة السيد السيستاني أيضاً يختار تعريف السيد البروجردي، بعبارة أخرى مآله إلى التعريف الذي ذكره السيد الشهيد.
في (الرافد، ص127) بعد أن يذكر الضوابط يقول المسلك الأول المسلك الثاني المسلك الثالث (المسلك الرابع ما طرحه السيد البروجردي وهو أن موضوع علم الأصول هو القانون الذي يعد حجة في الفقه وهذا هو مختارنا أيضاً) فبهذا يتضح للأعزاء أنه أساساً هذه التعابير بأنه يكون حجة في الفقه فقط أو عنصر مشترك في عملية الاستدلال الفقهي فقط، فقط تعدد عبارات ولا يوجد هناك اختلاف كبير فيما بينها.
إذا اتضح ذلك تعالوا إلى التعريف الذي ذكره، الأعزاء يتذكرون قلنا بأنه اساساً توجد هناك تعبيرات متعددة لهذا التعريف، هذه كلها صحيحة أو بعضها صحيحة وبعضها غير تامة.
إذا يتذكر الأعزاء قلنا في (الحلقة الثالثة، القسم الأول، ص18) هذه عبارة السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه، قال: (والأصح في التعريف أن يقال: علم الأصول هو العلم بالعناصر المشتركة لاستنباط جعل شرعي) احفظوا لي هذا (لاستنباط جعل) هذا علم بالعناصر المشتركة تقريباً متفق في كل التعاريف، فقط الفرق موجود في المقطع الأخير، العبارة الأولى التي في الحلقات قال: (لاستنباط جعل شرعي). طبعاً بحمد الله تعالى إلى الآن إذا توفقنا إن شاء الله لا أعلم، نحن شرح الحلقة الثالثة خرج عندنا المجلدين الأولين فقط منه لا أكثر، ليس أكثر من 100 من القسم الأول، وإن شاء الله التتمة تخرج. هذا واحد.
اثنين في تقريرات السيد الهاشمي العبارة تختلف، في (ص31) هذه عبارته، قال: (هو العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة … التي يستعملها الفقيه كدليل على الجعل الشرعي الكلي) ما الفرق؟ الفرق أولاً هنا يوجد استنباط، في التقريرات لا يوجد استنباط بل يقول يستعملها الفقيه كدليل، لا أنها تقع في استنباط الحكم الشرعي. في النتيجة الاستنباط ضروري أو ليس بضروري، هذا أولاً.
في الحلقة عبارته (استنباط جعل شرعي) ولكنه في التقريرات (على الجعل الشرعي الكلي) هذا قيد الكلي ضروري أو ليس بضروري؟
طبعاً في تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر في (ج1، ص47) نفس التعريف الذي ورد في تقريرات الهاشمي ولكنه أيضاً حذف منه (الاستنباط) ولكن قال: (التي يستعملها الفقيه أدلة على الحكم الشرعي) بلا قيد (الكلي). في النتيجة هذا قيد (الكلي) ضروري أو ليس بضروري، لأنه أنتم تعلمون في أي تعريف يمكن ذكر القيود التوضيحية أو لا يمكن؟ لا يصح في التعريف المنطقي أن نذكر توضيحي، لابد أن نذكر كل قيد يؤخذ لابد أن يكون احترازياً لا أن يكون توضيحياً. فإذا قلنا (الكلي) ضروري إذن ما ذكره شيخ حسن عبد الساتر يكون ناقص، وما ذكر في الحلقات يكون ناقص. وإذا قلنا أن ليس بضروري إذن ما ذكره السيد الهاشمي يكون زائداً، يعني ذكر قيداً زيادة وتوضيحي.
أما عندما نصل إلى السيد الحائري في تقريرات، السيد الحائري في تقريرات بحثه في (ج1، ص33) هذه عبارته، يقول: (أن يقال أن علم الأصول هو العلم بالقواعد المشتركة) في العبارات السابقة كان عناصر مشتركة وهنا صارت قواعد مشتركة وهذا مهم جداً. (في القياس) في كلمات كل التعاريف لا في تقريرات البحث ولا فيما كتبه بيده الشريفة قدس الله نفسه يعني الحلقة الثالثة وهي آخر ما كتبه في حياته من الأصول، لا يوجد تعبير القياس. (في القياس الاستدلالي الفقهي) لا يوجد خاصة، والأعزاء يتذكرون قلنا أن هذه الخاصة نخرج بها القسم الأول والقسم الثاني من أقسام الموجهات، ولا يوجد فيها (كدليل على الجعل الشرعي لا الكلي ولا غير الكلي ولا على الحكم الشرعي لا الكلي ولا غير الكلي).
ولقائل يقول أن هذا التعريف الذي ذكره السيد الحائري هو التام، طبعاً السيد الحائري لعله والله العالم التفت إلى هذا النقص الكبير الموجود في هذا الجزء الأول في مباحث الأصول، الذي هو الجزء الخامس من القسم الثاني، هذا الجزء الأول من الجزء الأول، في أوائل الاستصحاب (ص24) بين هناك، هناك أخذ التعريف كاملاً، قائلاً: (إن علم الأصول منطق الفقه، أن الأشياء الدخيلة في الاستنباط الفقهي) إذن أخذ قيد الاستنباط (في الاستنباط الفقهي للحكم الكلي) أولاً بدل من الجعل صار حكم. وثانياً قيد الحكم بأنه كلي.
ما هو الحق في هذا؟
كم بحث هنا؟
هذا أنا أريد أن أجعله نموذجاً للأعزاء عندما يريدوا أن يتعاملوا مع تعريف أو يتعاملوا مع نص من الناحية العلمية والفنية، وإلا فأنا لست بقائل أن علم الأصول فيه تعريف جامع ومانع، ولكن السيد الشهيد يعتقد أنه لابد أن علم الأصول له تعريف مانع جامع.
أنا أشير إلى مقدمة، المقدمة أن الفقيه عندما يأتي ليصل أو ليعين الموقف العملي ماذا يجب عليه أن يفعل؟ أو ما هي وظيفة الفقيه؟ الجواب: أن وظيفة الفقيه أن يستنبط الحكم الكلي لا الحكم الجزئي. ما معنى ذلك؟ معنى ذلك نحن في الشريعة يوجد عندنا حكم كلي وهو ما ثبت في الشريعة من الأحكام من الواجبات والمحرمات سواء التكليفية أو الوضعية. الحج واجب، والخمر حرام، والنكاح مستحب ونحو ذلك. هذه هي الأحكام الشرعية، الفقيه يستنبط هذه، ولو سألته هذا ماء أو خمر؟ ماذا يقول لك. يقول كفقيه ليس عندي وظيفة. نعم، كشاهد قد أشهد لك أن هذا ماء أو هذا خمر، ولكن ليس بعنوان أني فقيه بل بعنوان أني شاهد وبينة، أنا وظيفتي أن أقول أن الخمر حرام أما أن هذا خمر أو ليس بخمر فهذا وظيفة المكلف. أنا أقول أن الحج واجب إذا استطاع، أما أنت مستطيع أو لا فهذا تابع لك ولا علاقة لي به.
بحسب الاصطلاح الأعلام يسمون القسم الأول الحكم الكلي، ويسمون الثاني الحكم الجزئي. وقد يصطلح على القسم الأول الجعل، بلا كلية، لأنا ليس عندنا جعل كلي وجعل جزئي، بل عندنا جعل واحد، لا أنه ينقسم إلى جعل كلي وإلى جعل جزئي، لأن الجعل مرتبط بالجاعل والجاعل دائماً ماذا يفعل؟ يفعل ذلك الجعل، فإذا توفرت شرائط ذلك الجعل يكون ذلك الجعل فعلياً وهو الذي يعبر عنه بفعلية المجعول. إذن فتحصل من هذا المختصر الذي قرأتموه مراراً وتكراراً أن الحكم ينقسم إلى كلي وإلى جزئي، وأن الجعل ينقسم إلى كلي وجزئي أو لا ينقسم؟ لا ينقسم إلى كلي وإلى جزئي. بل الجعل جعل ولا يقع مقسماً للكلية والجزئية.
سؤال: ما هي الوظيفة التي في عهدة الفقيه أن يعينها؟
الجواب: الوظيفة التي في عهدة الفقهية هو أن يعين الحكم الكلي، وبتعبير آخر أن يعين الجعل. إذن ما ذكر في تعريفه في تقريرات السيد الهاشمي (الجعل الشرعي الكلي) هذا القيد لا نحتاج إليه، لماذا؟ لأن الجعل لا يكون إلا كلياً، ولا ينقسم إلى كلي وجزئي حتى يقيد بالكلي، فالكلية تكون قيد توضيحي أو قيد احترازي؟ تكون توضيحي فتكون زائدة في التعريف. ولذا فيما ذكره في الحلقات قال: (الجعل الشرعي) بلا أن يقيدها بـ (الكلي). نعم، إذا كان يقول لاستنباط الحكم الشرعي لابد أن يقيده بالكلي، كما وجدنا في تقريرات السيد الحائري، ج5، القسم الثاني، قال: (الحكم الكلي) لأن الحكم قد يكون كلياً وقد يكون جزئياً.
إذن على هذا الأساس ما ورد في الحلقة هو الصحيح، يعني (لاستنباط جعل شرعي) بلا أن يقيد بـ (الكلي). وما ورد في تقريرات السيد الهاشمي هذا (الكلي) يكون قيداً توضيحياً لا نحتاج إليه. وما ورد في تقريرات مباحث الأصول للسيد الحائري، الجزء الأول من القسم الأول أساساً ناقص كاملاً، لأنه ليس فيه (خاصة) وليس فيه (جعل) وليس فيه (حكم كلي).
اللهم إلا أن يقال عندما قال (استدلال فقهي) في الفقه ليس له إلا الحكم الكلي أو الجعل.
هذه هي الفوارق الموجودة بين هذه التعاريف.
تبقى نكتة أنا أشير لها، وهو أنه الشيخ الفياض اختار في (مباحث الأصول أو المباحث الأصولية، ج1، ص60) هذه عبارته، الآن هو عنده مناقشة جزئية لما ذكر في السيد الشهيد ولكن آخر المطاف هكذا، والمناقشة ليست مهمة. (وعلى هذا فالصحيح في تعريف الأصول أن يقال: أنه العلم بالقواعد العامة التي يستعملها الفقيه كدليل مباشر على الجعل الشرعي الكلي). ما هو فرق هذا التعريف عن تعريف سيدنا الشهيد قدس الله نفسه؟
أولاً: هناك في تعريف السيد الشهيد ورد (العلم بالعناصر المشتركة) وهنا صار (القواعد العامة).
ثانياً: أنه استفاد أيضاً (التي يستعملها الفقيه كدليل مباشر) في تعبير السيد الشهيد لا يوجد (مباشر).
ثالثاً: أنه قيّد الجعل بـ (الكلي) وقد اتضح أن الجعل لا يقيد بالكلي ولا نحتاج إليه.
إذن الملاحظة الأولى: أن الجعل لا يحتاج إلى التقييد بـ (الكلي).
الملاحظة الثانية: أن القواعد العامة ما هي؟ لأنه بعد أن ذكر هذا قال: (وهذا التعريف جامع ومانع، أما الأول) يعني الجامعية (وأما الثاني) يعني المانعية. ماذا قال؟ قال: (فلأن اشتمال التعريف على طابع العموم والاشتراك) إذن فسر العموم بالاشتراك، إذن فقط أراد أن يتلاعب باللفظ سواها قواعد عامة وإلا المراد هي القواعد المشتركة، ولذا اضطر أن يفسر العموم بالاشتراك، وإلا لو كان مقصوده من العموم شيء آخر كان لابد أن يفسره بغير ما فسره. إذن مراده من العموم الاشتراك، يعني القواعد المشتركة.
(وأما اشتماله على الطابع الاستدلالي للفقه) هنا قد يشكل على التعريف (يستعملها الفقيه) إذا يستعملها الفقيه فكثير من القسم الأول والقسم الثاني يستعملها الفقيه وبعض من القسم الثالث والرابع يستعملها الفقيه، فتصير خاصة أو لا تصير خاصة؟ لا تصير خاصة. لذا أيضاً في التعريف عندما جاء قال، يعني في شرح التعريف، قال: (وأما اشتماله على الطابع الاستدلالي للفقه خاصة) أخذ قيد الخصوص في الشرح، إذن رجعنا، ارفع العامة وأجعلها مشتركة، وقيدها بالخاصة ماذا تصير؟ القواعد المشتركة التي يستعملها الفقيه خاصة كدليل. فلا يبقى فرق بينها وبين تعريف السيد الشهيد. إذن هذا هو نفس تعريف السيد الشهيد ولكن مع تبديل هذين اللفظين في التعريف وشرحهما بما يوافق مباني السيد الشهيد&.
يبقى عنده قيد أضافه هنا، هذه في كل التعاريف التي قرأناها لم ترد، وهو أنه قال: (يستعملها الفقيه كدليل مباشر) هذه في القيود التي ذكرناها أو في التعاريف التي ذكرناه غير موجود. ومن هنا نحتاج إلى البحث في نقطتين يبقى:
النقطة الأولى: أننا نحتاج إلى كلمة الاستنباط أو لا نحتاج إلى كلمة الاستنباط، هذا اولاً.
النقطة الثانية: أننا نحتاج إلى قيد (المباشر) أو لا نحتاج. لعلنا إذا ثبت أننا نحتاج إلى قيد (المباشر) فتعريف ما ذكره في مباحث الأصول للشيخ الفياض سوف يكون أدق مما ورد في تلك التعاريف.
والحمد لله رب العالمين.