أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
إلى الآن ذكر سيدنا الشهيد أن هناك شرطين لضابط المسألة الأصولية:
الشرط الأول: أن تكون المسألة لا بشرط من حيث المادة الفقهية. يعني لا تكون مختصة بباب فقهي دون آخر. أنت عندما تضع يدك على باب الطهارة ولو كان تحت باب الطهارة ألف مسألة في النتيجة كلها المحمول أو الموضوع فيها مادة الطهارة، عندما تضع يدك على الضمان ولو كان فيه عشرة آلاف مسألة في النتيجة توجد مادة لغوية واحدة هي الضمان. أما عندما تضع يدك على صيغة الأمر، لا، هذه صيغة الأمر قد تكون في باب الصوم وقد تكون في باب الحج وقد تكون في باب الخمس وقد تكون في باب الزكاة وقد تكون في أي باب آخر.
إذن هي لا بشرط من حيث المادة الفقهية. وبعد ذلك لا فرق أن تكون بشرط شيء من حيث نوع الحكم أو أن تكون لا بشرط من حيث نوع الحكم. وهذه كلها أشرنا إلى أمثلتها في الأبحاث السابقة.
الشرط الثاني: أن هذا العنصر المشترك أو اللا بشرط من حيث المادة الفقهية لابد أن يكون مختصاً بالاستدلال الفقهي. وإلا إذا كان لا بشرط من حيث المادة الفقهية ولكن لم يكن خاصاً بالاستدلال الفقهي بل يشمل غير الاستدلال الفقهي فليست مسألة ماذا … كما في كثير من القواعد المنطقية فأنها لا بشرط من حيث المادة ولكن غير مختصة بالاستدلال الفقهي. ولذا السيد الشهيد قيد أن تكون عنصراً مشتركاً في عمليات الاستدلال الفقهي خاصة. إلى هنا اتضح هذا البحث.
بحثنا لهذا اليوم وهو أنه هل يوجد هناك شرط ثالث لضابط المسألة الأصولية أو لا يوجد؟
عندما نراجع بعض تقريرات أستاذنا الشهيد، عندما أقول بعض التقريرات لأن هذا الشرط الثالث لم يرد في كل تقريرات وفي كل ما كتب عنه، وإنما في بعض ما كتب عنه. حيث عُبر أن يكون، التفتوا جيداً للعنصر الثالث لأن هناك بحث كثير في هذا العنصر الثالث وفي الأعم الأغلب غائب في كلماتهم، يعني المشهور عن السيد الشهيد أنه يقول العناصر المشتركة في عملية الاستدلال الفقهي خاصة. ولكنه هناك شرط ثالث في ضابط المسألة الأصولية عند السيد الشهيد، هذا الشرط الثالث أن يكون داخلاً في القياس الأخير في عملية الاستدلال. وإلا إذا لم يكن داخلاً في القياس الأخير فإنه حتى لو كان عنصراً مشتركاً وحتى لو كان مختصاً فأنه أيضاً لا يكون مسألة أصولية، مهم كثيراً هذا. لأنه حاول بعض تلامذته أن يخرج مباحث علم الرجال على أساس هذا الضابط ماذا … على أساس هذا الشرط الثالث. أضرب لك مثالاً مباشرةً، هذا المثال أضربه من كلمات السيد الحائري، يعني في تقريرات السيد الحائري في (ج1، ص38)، (هذا خبر زرارة)، ضع يدك على أي خبر في وسائل الشيعة قل هذا خبر زرارة، ثم ماذا؟ يقول: (وخبر زرارة ثقة، إذن هذا خبر ثقة).
سؤال: وزرارة ثقة مسألة أصولية أو ليست أصولية؟ لماذا؟ مباشرة أنا أدخل عليك وأقول أن ضابط المسألة الأصولية متوفر، أنتم قلتم أن يكون عنصراً مشتركاً وثاقة زرارة عنصر مختص أو عنصر مشترك؟ عنصر مشترك، لأنك تستعمله في باب الصلاة وفي باب الصوم وفي كل الأبواب، لعله ما من باب إلا وزرارة عنده رواية فيه. لماذا ليست مسألة أصولية؟ واقعاً هذه عويصة لماذا أن زرارة ثقة جعلتوها من مسائل علم الرجال ولم تجعلوها من مسائل علم الأصول، مع أنها تتوفر فيها الضوابط كاملة. قلتم عنصر مشترك وثاقة زرارة عنصر مشترك، قلتم مختص بالاستدلال الفقهي، نحن وثاقة زرارة نريدها أين؟ نريدها في إثبات قضايا الفلك! نريدها في قضايا الاستدلال الفقهي، انطبق عليها الضابط الأول والضابط الثاني فعلى أي أساس نخرج مسائل علم الرجال من مسائل علم الأصول. قالوا: نخرجها بشرط أن المسألة الأصولية تكون داخلة في القياس الأخير. وهذا الاستدلال ليس داخلاً في القياس الأخير، هذا داخل في القياس ما قبل الأخير، لأنا بعد أن ثبت لنا أن هذا الخبر ثقة، نحتاج إلى كبرى وكل خبر ثقة حجة، إذن قياس أخير كان أو قياس ما قبل الأخير؟ كان قياس ما قبل الأخير.
إذن على هذا الأساس جاء في تقريرات الحائري في (ص37) قال: (أن تكون القاعدة الداخلة في القياس الاستدلالي للفقيه داخلة في القياس الأخير للاستنباط) أما إذا كانت قياسات ما قبل القياس الأخير فهي داخلة أو ليست داخلة؟ وحيث أن هذه المسائل قياس أخير أو ما قبل الأخير؟ ما قبل الأخير فهي خارجة عن علم الأصول. هذا المعنى بشكل واضح أيضاً ورد في (تقريرات شيخ حسن عبد الساتر، ج1، ص53) العبارة هناك واضحة ومفصلة كما تعلمون، يقول: (وعلى اساس ما تقدم صح أن يقال بأن الضابط في القواعد الأصولية هو اجتماع، الأول كون المقدمة واقعة في القياس الأخير). وأعزائي ذكرت للأخوة أن هذه التقريرات نزلت من الكاسيت أو في مجلس الدرس كانت تكتب يعني تقريباً هي عبارات السيد الشهيد قدس الله نفسه.
ولكن عندما نأتي إلى تقريرات السيد الهاشمي هذا الشرط غير موجود، واقعاً لا أعلم لماذا غير موجود؟ هل لأن السيد الشهيد بعد أن عرض عليه حذفه هو بنفسه أو أن المقرر وجد أنه يوجد هناك إشكال على هذا الشرط وحذفه اجتهاداً منه، هذا لا أعلمه. لعله الإنسان … وإلا في تقريرات السيد الحائري وفي تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر هذا الشرط موجود وعليه إصرار.
سؤال: بغض النظر أنه موجود أو غير موجود، هذا الشرط صحيح أو غير صحيح؟ قبل أن نبحث أنه صحيح أو ليس بصحيح، أساساً لابد أن نسأل هذا السؤال ما معنى القياس الأخير. طبعاً يكون في علم الأخوة مرة عبر عنه بالقياس الأخير ومرة عبر عنه بالقياس المباشر، حتى يتضح أن القيد الذي أخذه الشيخ الفياض دام ظله هذا موجود أيضاً في تعبيرات السيد الشهيد، يعني السيد الحائري في (ج1، ص37) يقول: (فمبحث الملازمات والامتناعات) قبل ذلك عبر عنها بالقياس الأخير والآن انظروا ماذا يعبر، يقول: (فمبحث الملازمات والامتناعات يدخل في القياس المباشر لاستنباط الحكم) إذن يظهر أن مراده من الأخير ماذا؟ يعني المباشر. وهذا أيضاً ما أشار شيخ حسن في (ج1، ص55) قال: (وكذلك أيضاً من الواضح المناسبة للشرط الثاني وهو أن تكون المقدمة مقدمة في القياس الأخير يعني أن تكون من المبادئ التصديقية المباشرة) إذن أيضاً فسر الأخير بمعنى المباشر.
إذن ما جاء في كلمات الشيخ الفياض (المباحث الأصولية، ج1، ص61) كاملاً ينطبق على هذا الشرط الثالث، يقول: (إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة وهي أن أصولية المسألة مرهونة بالركيزتين المميزتين، الأولى: العمومية والاشتراك في نفسها) وهذا هو الذي أشرنا إليه وأضفنا إليه قيد خاصة. (الثانية: الاستدلال للتفكير الفقهي مباشرة) يعني أن يكون في القياس الأخير.
السؤال المطروح هنا: ما هو المراد من القياس الأخير؟
التفتوا لي أعزائي لنرى أنه أساساً هذا الشرط الثالث له معنى أو ليس له معنى؟ ينفع أو لا ينفع؟
تريد أن تجعله ملاحظة على هذين التقريرين لا على ما ذكره السيد الهاشمي لأن السيد الهاشمي لم يذكر هذا الشرط الثالث.
أعزائي يوجد احتمالان في بيان القياس المباشر أو القياس الأخير:
الاحتمال الأول: أن يكون المراد من القياس الأخير يعني القياس الأخير في العنصر المشترك لا القياس الأخير في استنباط الحكم الشرعي. يعني ماذا؟ أنت مرة تقول هذا خبر ثقة دال على أن الارتماس مبطل، ولكن هذا لا يكفي لاستنباط الحكم الشرعي ولابد أ، تضم إليه كبرى وكل خبر ثقة حجة، هذا هو القياس الأخير في العنصر المشترك أو في استنباط الحكم الشرعي؟ هذا هو القياس الأخير في استنباط الحكم الشرعي لأنك تصل إلى نتيجة، إذن هذا الخبر حجة يجب التعبد به، يعني منجز ومعذر، استنبطت الحكم الشرعي. إذن مرة يطلق القياس الأخير ويراد من القياس الأخير يعني بعده تصل إلى الحكم الشرعي. إذن قد يطلق القياس الأخير ويراد منه … بعدها لا يوجد قياس، يعني وصلت إلى الحكم الشرعي، إلى الوظيفة الشرعية، إلى الموقف، يعني استكشفت الحكم الكلي أو الجعل الشرعي.
ومرة أخرى لا، ليس مقصوده السيد الشهيد، يعني أو العبارة لا أقل من القياس الأخير ليس المراد القياس الأخير، وإنما مراد القياس الأخير في العنصر المشترك لا القياس الأخير في عملية كشف الحكم الشرعي. يعني ماذا؟ أنت عندما تأتي إلى المسائل الأصولية تجد أن بعض المسائل الأصولية بنفسها كافية لأن يستنبط منها حكم شرعي أو لابد أن تنضم إليها مسألة اصولية أخرى، المسائل الأصولية على نحوين:
نحو من المسائل بنفسها كافية إذا ضمت إليها المسألة الفقهية أن يستنبط منها الحكم الشرعي كما المثال الذي ضربناه، قلنا أن هذا خبر ثقة وكل خبر ثقة فهو حجة إذن هذا الخبر حجة. وأخرى المسألة الأصولية بنفسها غير كافية لأن تقع كبرى في عملية الاستدلال بل لابد أن تنضم إليها كبرى كما لو قلت هذا الخبر يشتمل على صيغة الأمر، وضعت يدك على وسائل الشيعة واستخرجت منه خبر وجدت أنه مشتمل على صيغة أمر أو مشتمل على صيغة نهي، ماذا يحتاج؟ إلى كبرى، وكل ما دل على صيغة أمر أو نهي فهو دال أو ظاهر في الوجوب أو ظاهر في الحرمة.
سؤال: إلى هنا نستطيع أن نستنبط الحكم الشرعي أو لا نستطيع؟ كل ما حصلت عليه تقول هذا الخبر ظاهر في الوجوب، ومن حقي أن أسألك ومن قال أن الظهور يجب التعبد به؟ صحيح أو لا؟ إذن لكي ينتج الحكم الشرعي هذا القياس الأول صار قياس أخير أو ما قبل الأخير؟ ما قبل الأخير، تقول هذا الخبر ظاهر في الوجوب وكل ظاهر حجة يجب التعبد، فهذا الخبر يجب التعبد.
إذن نسأل هذا السؤال مرة أخرى: تقولون نريد أن يكون القياس الأخير، أي أخير؟ أخير لاستنباط الحكم الشرعي أو أخير لاستنباط المسألة الأصولية؟ فإن كان المراد الاحتمال الأول، يعني استنباط الحكم الشرعي القياس الأخير، فهناك كثير من المسائل لا تقع قياساً أخيراً. هل استطعت إيصال المطلب للأعزاء، إذا لم يتضح بيني وبين الله أكرره، لأن همي ليس المشي في البحث بل همي هو إيصال المطلب للأعزاء. الآن أعيد مع الاعتذار، أقول:
أنت تقول المسألة الأصولية ما هي؟ يقول المسألة الأصولية هي التي تقع في القياس الأخير، يعني القياس الأخير لاستنباط الحكم الشرعي أو القياس الأخير لأخذ نتيجة المسألة الأصولية أي منهما؟ فإن قلت مرادنا من الأخير يعني استنباط الحكم الشرعي. فقولك هذا الخبر يشتمل على صيغة الأمر وكل صيغة أمر ظاهر في الوجوب، هذا قياس أخير أو ليس قياس أخير؟ ليس قياس أخير، لأنه يحتاج إلى ماذا؟ وكل ظاهر حجة. إذن ينبغي أن يلتزم السيد الشهيد أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب داخلة في المسائل الأصولية أو خارجة عن المسائل الأصولية لأنها ليست هي القياس الأخير بل هي القياس ما قبل الأخير. ما أدري واضح هذا او ليس بواضح. مع أنه ملتزم أن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب مسألة أصولية أو غير أصولية؟ يقول: مسألة أصولية.
إذن إذا كان المراد من القياس الأخير القياس الأخير الذي ينتج الجعل الشرعي، إذن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، أصلاً كل الظهورات التي تنقح الصغرى تكون مسائل أصولية أو خارجة عن علم الأصول؟ تكون كلها خارجة عن علم الأصول. إلا أن نرجع إلى الاحتمال الثاني، ما هو الاحتمال الثاني؟
وهو أن يقال: أن المراد من القياس الأخير يعني في المسألة الأصولية، لا التي تنتج الجعل الشرعي، لابد أن تكون داخلة في القياس الأخير المرتبط بالمسألة الأصولية، وعند ذلك نقول أنه لا فرق أن تكون داخلة في القياس الأخير أن تكون صغرى في القياس أو أن تكون كبرى في القياس، وإلا إذا قلنا أنه يشترط أن تكون كبرى في قياس المسألة الأصولية أيضاً الظهورات تخرج عن علم الأصول، لأنك ماذا تركب في المسألة الأصولية؟ تقول صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، هذه صغرى، هذه المسألة أصولية. وكل ظاهر حجة، هذه أيضاً مسألة اصولية، إذن هل يشترط في المسألة الأصولية أن تكون كبرى في القياس أو يمكن أن تكون صغرى ويمكن أن تكون كبرى؟ ظاهر كلمات السيد الشهيد هذا الاحتمال الثاني لا الاحتمال الأول. ولذا يصرح أنه … طبعاً أقول يصرح بلحاظ ما نقله الذين قرروا بحثه، مقرري بحثه، يقول بأنه لا فرق أن تكون المسألة الأصولية صغرى في عملية الاستدلال أو أن تكون كبرى في عملية الاستدلال، ولكنه لابد أن تكون في القياس الأخير، يعني ماذا؟ يعني القياس الأخير في المسألة الأصولية لا في استنتاج الحكم الشرعي، هذا المعنى بشكل واضح وصريح يشير إليه السيد الحائري في (ص37) يقول: (فمبحث الملازمات والامتناعات يدخل في القياس المباشر لاستنباط الحكم وكذلك مباحث الحجج والأصول أو مباحث صغريات الظهور، غاية الأمر أن بعض هذه المباحث يدخل في كبرى القياس المباشر للاستنباط من قبيل حجية خبر الثقة، وبعضها يدخل في صغرى القياس المباشر للاستنباط من قبيل مباحث صغريات الظهور) إذن مقصوده من القياس الأخير ماذا صار؟ استنباط الحكم الشرعي أو للمسألة الأصولية؟ للمسألة الأصولية. هل اتضح هذا المعنى أو لا؟ إذن صار عندنا احتمالان:
الاحتمال الأول: المراد من القياس الأخير الجعل الشرعي، قلنا على هذا كثير من مباحث الظهورات سوف تخرج عن علم الأصول.
الاحتمال الثاني: أن يكون المراد ما يقع في القياس الأخير في المسألة الأصولية سواء كانت صغرى أو كانت كبرى.
إذا كان هذا مراد سيدنا الشهيد قدس الله نفسه، يرد هذا الكلام على كلام السيد الشهيد أو لا أقل يُسأل ما هو الفرق بين هذا الكلام وبين ما ذكره المرزا النائيني+، ماذا قال المرزا النائيني؟ قال: سواء كان كبرى أو كان صغرى. هذا البحث أشار إليه … طبعاً الأعزاء الذين يريدوا المراجعة هذا في تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر يعني كان كبرى أو صغرى في (ص55) بشكل تفصيلي أشار إليه، قال: (لابد أن يكون كذا بشرط أن يكون أعم من أن يكون صغرى أو أن يكون كبرى) و (ص53) يقول: (فأن مباحث الأصول والحجج كلها تقع كبريات في القياس الأخير وأبحاث الظواهر بتمامها تقع صغريات في القياس الأخير) إذن مقصوده من القياس الأخير، إذن مقصوده من الكبرى والصغرى في المسألة، مقصوده من القياس أي قياس، المسألة الأصولية، لا ما يستنبط منها الحكم الشرعي، نحن إلى الآن سواء كانت صغرى في القياس الأخير، يعني سواء كانت صغرى في المسألة الأصولية، أو كبرى في المسألة الأصولية، يستنبط منها جعل شرعي؟ لا، متى يستنبط؟ إذا ضم إليها صغراها من البحث الفقهي. إذن مقصوده من القياس الأخير ليس القياس الأخير في استنتاج الحكم بل القياس الأخير في المسألة الأصولية، وإلا إذا كان في استنتاج الحكم فلا يكون قياس أخير بل يكون قياس ما قبل الأخير.
في (فوائد الاصول، ج1، ص19) هذه هي عبارته، يقول: (وبذلك ينبغي تعريف علم الأصول بأن يقال أن علم الأصول عبارة عن العلم بالكبريات التي لو انضمت إليها صغرياتها يستنتج منها حكم فرعي كلي). يتكلم عن أي قياس؟ القياس الأخير، القياس الأخير في المسألة الأصولية أم القياس الأخير في استنتاج الحكم الشرعي؟ القياس الأخير. إذن هو يقول أن المسألة الأصولية ما هي؟ هي التي تقع كبرى في القياس الأخير للاستنتاج الحكم الفرعي الكلي.
سؤال شيخنا: هذه التي تقع كبرى تقع كبرى في القياس الأخير للاستنتاج الحكم الشرعي هل كبرى أم هي صغرى في الأصول؟ فإن قال لابد أيضاً فقط تكون كبرى خرجت كل المباحث التي تحقق الصغرى، أما إذا قال لا، سواء كانت في الأصول كبرى أو كانت صغرى، فيصير هذا الكلام الذي أشرنا إليه عند السيد الشهيد.
في آخر (ص19) قال: (ويأتي أن المسألة الأصولية) التي عبر عنها كبرى لو انضمت إليها صغراها انتجت الحكم الشرعي (قد تقع أيضاً صغرى لقياس الاستنباط وتكون كبراه مسألة أخرى من مسائل علم الأصول) إذن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب هذه مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية؟ مسألة أصولية، لأنه لم يشترط المرزا النائيني أن تكون كبرى في المسألة الأصولية، اشترط أن تكون كبرى في استنتاج الحكم الشرعي، سواء كانت في الأصول هي كبرى أو كانت هي صغرى. وهذا هو الإشكال الذي نحن أوردناه على السيد الشهيد في مقدمة هذه الأبحاث، قلنا أن إشكاله وارد على المرزا أو غير وارد؟ غير وارد، نعم المرزا لم يلتزم بهذا الضابط في مباحث الاستصحاب، في مباحث الاستصحاب هو التزم أن البحث أن صيغة الأمر ظاهرة أو لا، قال خارجة عن علم الأصول، مع أن المبنى الذي ذكره في أول الفوائد لا، داخلة في علم الأصول.
فتلخص مما تقدم: ما هو المراد من القياس الأخير؟ إن كان المراد من القياس الأخير القياس الأخير في عملية استكشاف الحكم الشرعي فكثير من المسائل الأصولية سوف تخرج عن علم الأصول، وإن كان المراد القياس الأخير في المسألة الأصولية، عند ذلك من هذه الجهة لا يبقى فارق بين كلامه وبين الضابط الذي ذكره المرزا النائيني. وقلنا أن عباراته في تقريرات السيد الحائري وتقريرات الشيخ حسن إشارة إلى ماذا؟ إشارة إلى هذا المعنى.
إلى هنا كم شرط صار عندنا؟ الشرط الأول أن يكون عنصراً مشتركاً. الشرط الثاني أن يكون مختصاً بالاستدلال الفقهي. الشرط الثالث أن يكون داخلاً في القياس الأخير، هل هناك شرط آخر أم لا؟ انتظرونا ليتبين بعد ذلك أنه يشترط شرطاً رابعاً أو لا.
أعزائي بهذه الضوابط أو الشروط الثلاث السيد الشهيد يقول اتضح لكم بأنه بعد مسائل علم اللغة ومسائل علم الحديث والقواعد الفقهية كلها سوف تخرج عن علم الأصول، أما علم اللغة فواضح كلمة الصعيد أو كلمة التراب أو أي كلمة لغوية أخرى هذه لا بشرط من حيث المادة أو بشرط شيء من حيث المادة؟ بشرط شيء من حيث المادة، ونحن اشترطنا أن تكون لا بشرط من حيث المادة. مسألة الروايات الواردة في وسائل الشيعة ضع يدك على أي رواية إما تتكلم عن الصوم وإما عن الحج وإما عن الضمان وإما عن البيع وإما عن الإرث فهي بشرط شيء من حيث المادة الفقهية أو لا بشرط؟ فهي بشرط شيء، إذن كل هذه المواد الفقهية تخرج … يعني كل المسائل الفقهية سوف تخرج عن علم الأصول.
يبقى عندنا القواعد الفقهية، المشكلة في القواعد الفقهية، القواعد الفقهية تخرج أو لا تخرج؟ مجموعة من القواعد الفقهية واضحة أنها تخرج من علم الأصول، القسم الأول من القواعد الفقهية هي القواعد الفقهية التي تتكلم عن الموضوع مثل قاعدة الفراغ وقاعدة الصحة إذا فرغت فامضه كما هو، هذه تتكلم عن الحكم الشرعي أو عن الموضوع الخارجي؟ عن الموضوع، إذن هذه داخلة في الأصول أو خارجة عن الأصول؟ خارجة، لماذا؟ لأننا نريد أن نستخرج منها حكماً وهذا موضوع أو حكم؟ هذا موضوع فهي خارجة. إذن القواعد الفقهية التي تتكلم عن الشبهات الموضوعية كلها تكون خارجة.
تقول: سيدنا عندنا قواعد فقهية تتكلم عن الشبهة الحكمية ولا تتكلم عن الشبهة الموضوعية مثل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده أو لا؟ هذا حكم شرعي انه في العقد الفاسد يوجد ضمان أو لا يوجد ضمان؟ الشارع ماذا يقول؟ يقول: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده. هذه داخلة أو غير داخلة؟ الجواب: قالوا لا، خارجة عن علم الأصول لسببين: أولاً هذه مختصة بباب الضمان، نعم هذه القاعدة أذكرها في اصول باب الضمان لا في أصول الفقه، إذا تتذكرون قلنا أن جملة من الأمور لابد أن تبحث أين؟ ليس في علم الأصول لا في أصول الفقه، وإنما يبحث عنها في أصول باب الطهارة، في أصول باب الضمان، في أصول باب البيع، في أصول باب الإرث، هذه يبحث عنها في أصول باب الضمان. هذا أولاً.
وثانياً: نحن قلنا ما يستنتج منها حكم شرعي، هذه لا يستنتج منها حكم شرعي، وإنما هي حكم شرعي، نحن قلنا التي يستعملها الفقيه للاستدلال على الجعل، هذه هي جعل لا أنه يستدل بها على الجعل. إذن هذا القسم أيضاً خارج.
قسم آخر من القواعد قاعدة الطهارة، على الخلاف الموجود أنه تجري في الشبهات الحكمية أو لا؟ افترضوا أنا أمنا أنها تجري في الشبهات الحكمية كما هو التحقيق، هذه يستنبط منها كثير من الأشياء ولكن كل ما يستنبط منها ويستنتج منها، طبعاً هي ليس جعل بل يستنتج منها جعل، تخرج عن علم الأصول أو لا تخرج؟ نعم تخرج، لماذا؟ لأنها مرتبطة بباب الطهارة فهي مادة فقهية، ونحن قلنا لا بشرط من حيث المادة، وهذه بشرط شيء من حيث المادة. يبقى عندنا قسم آخر من القواعد وهذه هي المشكلة والعويصة، واقعاً عويصة علمية، وهو أنه قاعدة (لا ضرر) هذه مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية؟ أنا الآن أطبق عليها. قد يقول قائل مباشرة أنها ليست مسألة أصولية لأنها مرتبط بالضرر. أقول: صحيح هي بشرط شيء من الضرر ولكنها هي لا بشرط من حيث المادة لأنها تدخل في باب الصلاة وفي باب الوضوء وفي باب الغسل وفي باب الصوم وفي باب الحج وفي باب المعاملات، أضرب لكم مثال: الحكم بلزوم العقد الغبني حكم ضرري أو ليس بضرري؟ الشارع إذا حكم إذا غبنت في عقد يجب عليك ماذا (أوفوا بالعقود) إذا جعل اللزوم عليك في العقد الغبني هذا ضرر عليك أو ليس بضرر؟ نعم، مسلم. ولذا نستطيع أن نقول في الصغرى، الحكم بلزوم العقد الغبني حكم ضرري، هذه صغرى القياس، كبرى القياس ما هي؟ والحكم الضرر ثابت أو مرفوع بمقتضى لا ضرر؟ مرفوع. إذن اللزوم مرفوع. نفسه طبق لي في الوضوء، وقل وجوب الوضوء في حال كذا مثلاً المرض ضرري، وكل حكم ضرري مرفوع.
سؤال: ما فرقه عن أنه مادة الأمر ظاهرة في الوجوب. هذه أيضاً لا بشرط من حيث المادة الفقهية. لا ضرر أيضاً هي لا بشرط من حيث المادة الفقهية وإن كانت هي بشرط شيء من حيث مادة الضرر، ولكن هي لا بشرط من حيث الأبواب الفقهية، تجري في باب الوضوء والصوم والحج والمعاملات، أي باب تذهب هذه لا ضرر موجودة معه. كيف نخرجها؟
السيد الشهيد رحمة الله عليه من ضيق الخناق أو من أي سبب، قال: أساساً لا ضرر ليست قاعدة فقهية، لأنه إذا كان يلتزم بأنها قاعدة فقهية إخراجها من الضابط مشكل جداً، ولذا في (تقريرات السيد الهاشمي) هذه عبارته، هذا كله لأنه التزموا من أول الأمر كأنه نزلت آية أن علم الأصول لابد أن نجد له ضابط جامع مانع. انظر ماذا فعلوا بالأمة منذ 200 سنة، أنت أمامك الآن مر أسبوعان أو ثلاثة أو شهر وإلا لا آية ولا رواية ولا أصل عقلي، لا أبداً أبداً، قولوا هذه المسائل احتجنا إليها لم تبحث، كما بينا الضابط لكم فيما سبق، هذه المسائل نحتاج لها في عملية الاستنباط وغير مبحوثة في مكان آخر، أو مبحوثة ولكن البحث غير مستوفى أو أو ونحن هنا بحثناها.
المشكلة في حوزاتنا العلمية، أنا لو حذفت هذه وأدخل مباشرة بحث الوضع، رأساً يقال: نحن من الأول قلنا أن السيد الحيدري ضعيف في الأصول. ماذا نفعل؟ نفس المشكلة في تلامذة السيد الشهيد، السيد الشهيد 16 سنة بحث هذه الأربع مجلدات الموجودة، بحوث في العروة الوثقى، مسائل من الواضحات كان يبقى بها أشهر، في يوم ذهبت في خدمته فقلت له سيدنا هذه من الواضحات. قال: يا سيدنا إذا لم أبحثها يقولون لا يعرف. كما قالوا للسيد الطباطبائي&، السيد الطباطبائي عندما جاء إلى الحوزة ودرس التفسير والفلسفة وكذا قالوا هذا طبيعي لأنه ضعيف في الأصول والفقه ولا يعرف، وإلا لو كان يعرف فقه وأصول كان يدرسهما، مع أنه كان مجاز بالاجتهاد من الأعلام في النجف عندما جاء إلى قم. ولكن هو كما قال في حياته+ قال: لم أجد أن هذا عذر كاف أمام الله لعدم تدريس تلك الدروس، هذه ليست حجة شرعية، يعني يوم القيامة ليس عندي عذر عند ربي عندما يقول لي لماذا لم تدرس العقائد والفلسفة والعرفان والتفسير. أقول: كانوا يقولوا أني لا أفهم في الفقه. هذا ليس عذراً شرعي، أقدم عذري إلى الله.
على أي الأحوال، السيد الشهيد& يقول بعد أن يُشكل على نفسه: (مع أن النتيجة إلى أن من القواعد الفقهية ما يكون الحكم المستنبط منها كلياً يعم جميع المكلفين كما سيأتي في القواعد الفقهية الاستدلالية) القواعد الفقهية يقيدوها بالاستدلالية لأن القواعد الفقهية على قسمين: قواعد فقهية استدلالية وقواعد فقهية تطبيقية. هذه التي يعبر عنها السيد الخوئي توسيطية وتطبيقية. مراد من الاستدلالية يعني التوسيطية، يعني هي جعل كلي أو حكم كلي ويستنبط منها حكم كلي. أما قسم آخر من القواعد هي حكم كلي، ولكن لا يستنبط منها حكم كلي بل تطبق على أفرادها وجزئياتها. ما لا يضمن كلي ينطبق، أما لا ضرر أو الطهارة، قاعدة الطهارة، كلي يستدل بها على أحكام كلية. وتفصيله في القواعد الفقهية.
قال: (والتحقيق أن ما يسمى بالقواعد الفقهية على أقسام: الأول: ما ليس قاعدة بالمعنى الفني للقاعدة وذلك كقاعدة لا ضرر) يقول هذه قاعدة أو ليست قاعدة؟ ليست قاعدة. إذن أخرجها على أساس أنها ليست قاعدة فقهية. سيدنا أنا صار مبناي أنها قاعدة فقهية فضابطك ينفع أو لا ينفع؟ هذا يصير رجوع إلى ما ذكره السيد الخوئي. قال: على فلان رأي مسألة أصولية وعلى فلان رأي ماذا … ونحن نريد في ضابط المسألة الأصولية أن يكون ضابط لا على رأي دون رأي، وإنما نكتة ثبوتية نفس أمرية واقعية، وهذا عبروا عنه ملاحظة ثانية أو إشكال ثاني ما شئتم فعبروا، ما يرد على كلام السيد الشهيد. تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.