الأخبار

المحاضرة (31)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

في المقدمة بودي أن أشير إلى أنه أنا إنما أطلت الكلام في هذه المقدمات المرتبطة بمباحث علم الأصول وذلك لنكتة موجودة في ذهني لعله إن شاء الله نوفق أن بعض الأعزاء يتبنون هذا المشروع وهو في ذهني كان في أول الأمر أن يكتب كتاب تحت هذا العنوان (علم الأصول حقيقته ومعطياته) لأنه واقعاً في الاصطلاح الحديث يعبر عن ذلك بفلسفة علم الأصول، أساساً لماذا لابد أن ندرس علم الأصول خصوصاً وأن هناك اتجاه موجود حتى إلى يومنا هذا يقول أنه لا ضرورة لبحث علم الأصول لا اقل بهذه السعة الموجودة في حوزاتنا العلمية، أنا إنما عرضت لهذه الأبحاث إن شاء الله إذا وفق أحد الأخوة للكتاب حتى يكون البحث كامل من جميع الجهات.

نرجع إلى ما انتهينا إليه قبل التعطيل، الأعزاء يتذكرون نحن حديثنا كان في الضابط الذي ذكره سيدنا الشهيد قدس الله نفسه في المسألة الأصولية، ما هو ضابط المسألة الأصولية؟

يتذكر الأعزاء أننا قلنا أن السيد الشهيد استفدنا من كلماته أن ضابط المسألة الأصولية لابد أن يتوفر على الشروط التالية:

الشرط الأول: لابد أن تكون المسألة عنصراً مشتركاً ومرادنا من العنصر المشترك يعني أن يكون لا بشرط من حيث المادة الفقهية. وهذا شرحناه مفصلاً فيما سبق وبينا أنواع لا بشرط من حيث المادة الفقهية، قلنا أعم من أن يكون من حيث نوع الحكم أو لا يكون وتفصيلاً تقدم.

الشرط الثاني – المقوم الثاني- لضابط المسألة: أن يكون ذلك العنصر المشترك مختصاً بالاستدلال الفقهي، فإذا كان هناك عنصر مشترك في عملية الاستدلال الفقهي يعني كان لا بشرط من حيث المادة الفقهية، ولكن لم يكن مختصاً بالاستدلال الفقهي. إذن هل هي مسألة اصولية أو ليست مسألة أصولية؟ ليست مسألة أصولية. هذا الشرط الثاني سيأتي الكلام فيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.

الشرط الثالث – المقوم الثالث-: أن يكون العنصر المشترك داخلاً في القياس الأخير في عملية الاستدلال الفقهي، وإلا لو لم نشترط ذلك لعله توجد كثير من المسائل لا تدخل في القياس الأخير وإنما هي موجودة في القياس ما قبل الأخير، ولعله بوسائط متعددة، هذا لا يكفي أن تكون مسألة أصولية، لابد أن يكون داخلاً في القياس الأخير، ما معنى أن يكون داخلاً في القياس الأخير؟ يعني بعد ذلك مباشرة نستنبط الحكم الكلي الفرعي، لا أنا نستنبط الحكم الجزئي، لا أن نستنبط حكم عمر وزيد، بل نستنبط الحكم الكلي. يعني خبر الثقة حجة، يعني الظهور حجة، يعني الاستصحاب حجة، يعني البراءة حجة، ونحو ذلك. هذا هو الحكم الكلي كما أشرنا إليه فيما سبق.

هذه العناصر الثلاثة الأساسية التي إلى هنا أشار إليها السيد الشهيد في ضابط المسألة الأصولية. ثم يتذكر الأخوة صرنا بصدد بيان النقوض التي ترد في المقام، قلنا هي:

النقض الأول: بالمسائل أو المباحث اللغوية.

النقض الثاني بالقواعد الفقهية.

والنقض الثالث بالقواعد الرجالية والمسائل الرجالية.

فيما يتعلق بالنقض الأول والثاني قد تقدم الكلام عن ذلك تفصيلاً فيما سبق. وانتهينا إلى النقض بالمسائل الرجالية.

يتذكر الأعزاء أنه فيما يتعلق بالمسائل أو القواعد الرجالية واقعاً زرارة ثقة، هل يستفاد من وثاقة زرارة في باب معين في الفقه؟ لا، يستعان بوثاقة زرارة في باب الصلاة وفي باب الحج وفي باب الخمس وفي أكثر الأبواب الفقهية، وعند ذلك تكون وثاقة زرارة عنصراً مشتركاً، يعني لا بشرط من حيث المادة الفقهية في عملية الاستدلال الفقهي خاصة. وهذا المعنى ومن باب الاستذكار قلنا أشار إليه في (تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر) قال: (بقي عندنا قواعد علم الرجال من قبيل وثاقة زرارة لأن وثاقة زرارة وإن كانت تفيد في استنباط حكم أي مادة) يعني هي بشرط شيء من حيث المادة الفقهية أو لا بشرط من حيث المادة؟ لا بشرط من حيث المادة (لأن زرارة قد يخبر بوجوب الصوم كما قد يخبر بوجوب السورة، ولكن وثاقة زرارة ليست من المقدمات …) هذا يدخل في الجواب.

ونفس هذا المعنى أشار إليه السيد الحائري حفظه الله في (تقريرات بحثه، الجزء الأول من القسم الأول، ص41) من حاشية وتعليقات السيد الحائري، قال: (وهو أن علم الأصول وإن كان علماً بالقواعد الفارغة عن المواد الفقهية) المراد من الفارغة لا بشرط من حيث المادة الفقهية (والتي هي موجهة عامة صورية بحت لعملية الاستنباط، ومسائل علم الرجال تحمل هذه الصفة أيضاً) إذن مسائل علم الرجال أيضاً توجد فيها هذه الخصوصية وهي أنها لا بشرط من حيث المادة الفقهية، وكل ما كان كذلك وكان مختصاً بالاستدلال الفقهي خاصة فهي مسألة أصولية.

ثم الأعزاء إن شاء الله بعد ذلك يرجعون إلى الأمثلة، مثلاً في (ص52) من تقريرات دروس السيد الصدر للشيخ حسن ساتر، يقول هذا القياس (هذا خبر زرارة) ضع يدك على أي باب من الأبواب الفقهية يقول هذا خبر زرارة، باب الصوم، باب الحج، باب الزكاة (وزرارة ثقة، إذن هذا الخبر ثقة).

سؤال: على أي أساس نخرج مسائل علم الرجال من علم الأصول؟

بعض أعلام المقررين، يعني السيد الحائري وكذلك الشيخ حسن عبد الساتر، قالوا مسائل علم الرجال تخرج عن مسائل علم الأصول لا من خلال الشرط الأول ولا من خلال الشرط الثاني، بل من خلال الشرط الثالث، وهو أنه ليس داخلاً في القياس الأخير، وإنما هو داخل القياس ما قبل الأخير، مثل المثال الذي ضربناه، هذا خبر زرارة وزرارة ثقة إذن ما ينتجه هو أن هذا الخبر ثقة.

سؤال: ومن قال لكم أن كل خبر ثقة حجة؟

إذن نتيجة هذا القياس صغرى، كبراه (وكل خبر ثقة حجة) إذن هذا الخبر يكون حجة. ولذا بشكل صريح وواضح السيد الحائري في (الجزء الأول من القسم الأول، ص38) وكذلك الشيخ حسن عبد الساتر يقول: (هذا القياس دخلت فيه المقدمة الرجالية ثم بعد هذا نرتب القياس الأخير فنقول وجوب السورة أخبر به الثقة وكل ما أخبر به الثقة فهو ثابت) يعني حجة بحسب الاصطلاح، فوجوب السورة ثابت وحيث أن زرارة ثقة لا يدخل في القياس الأخير وإنما في القياس ما قبل الأخير، إذن يخرج عن المسائل الأصولية بناء على الشرط الثالث الذي أشرنا إليه.

سؤال: هذا الكلام تام أو ليس بتام؟

الجواب: ذكرنا في الأبحاث السابقة إجمالاً وتوضيحه أنه ليس بتامٍ، لماذا؟ لأنه إذا على هذا المبنى أردنا أن نخرج مسائل علم الرجال عن علم الأصول عند ذلك تخرج أيضاً تخرج عندنا مسائل صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب، وصيغة النهي ظاهرة في الحرمة، بأي بيان؟

بهذا البيان: هذا الخبر ضع يدك على أي باب من الأبواب الفقهية، هذا الخبر فيه صيغة فعل الأمر، باب الصوم كان أو باب الخمس أو باب الزكاة. كبراه، والصيغة يعني صيغة فعل الأمر ظاهرة في الوجوب، إذن هذا الخبر ظاهر في الوجوب. هل يمكن استنباط الحكم الشرعي أو لا يمكن استنباط الحكم الشرعي من هذه الكبرى؟ الجواب: لا يمكن، لأنه ما لم ينضم إليه كبرى وكل ظاهر حجة. إذن كل الذي تحصل عليه في هذا القياس، كما قلنا هذا الخبر أخبر به زرارة، وزرارة ثقة، وقلتم أن هذا قياس ما قبل الأخير، لأنه لابد أن ينضم إليه وخبر الثقة حجة. هنا أيضاً كذلك، نقول: هذا الخبر ظاهر أو فيه صيغة فعل الأمر أو صيغة النهي أو النهي، صيغة الأمر أو صيغة النهي، صيغة الأمر أو صيغة النهي ظاهرة في الوجوب أو في الحرمة، إذن هذا الخبر ظاهر في الوجوب أو ظاهر في الحرمة، ولكن لا يكفي هذا، لابد أن نضم إليه القياس الثاني، يقول: هذا الخبر ظاهر في الوجوب وكل ظاهر حجة فهذا الخبر حجة. إذا قلتم أن المسألة الأصولية هي ما تدخل في القياس الأخير إذن لابد أن تلتزموا أن صيغة النهي أو صيغة الأمر ظاهرة أن الصيغة ظاهرة في الحرمة صيغة الأمر ظاهرة وصيغة النهي ظاهرة فلابد أن تكون أيضاً خارجة عن علم الأصول، ولا يلتزم السيد الشهيد بذلك، السيد الشهيد يرى أن هذه الأبحاث أصولية أو غير أصولية؟ يعتبرها أصولية.

ولذا أنا أعتقد والله العالم هذا هو السبب في أنه عدل … طبعاً في تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر وهي الدورة الثانية هذا المطلب موجود، السيد الهاشمي يقول لا، أن خروج مباحث علم الأصول عن علم الأصول لا بهذه النكتة، بنكتة أنه لابد أنه يقع في القياس الأخير وهذه لا تقع مسائل علم الأصول لا تقع في القياس الأخير. ولذا السيد الحائري، السيد الهاشمي لم يشر إلى هذا البيان الذي أورده الشيخ حسن عبد الساتر، وكذلك ما ورد في كلمات السيد الحائري (الجزء الأول من القسم الأول، ص38) في (ص41) من تعليقته على الجزء الأول: (ولأستاذنا الشهيد بيان آخر لإخراج مسائل علم الرجال غير ما ذكره هنا) هذا الذي أشرنا إليه من خلال ما ذكره الشيخ حسن عبد الساتر وما ذكره هو.

سؤال: لماذا عدل السيد الشهيد؟

لعل وجه العدول ما أشرنا إليه وهو أنه إذا اشترطنا الشرط الثالث في ضابط المسألة الأصولية وإن كان ينفع في إخراج مسائل علم الرجال ولكنه يخرج لنا مسائل أخرى من علم الأصول، وإن رفعنا اليد عن الشرط الثالث ولم نشترط أن يكون داخلاً في القياس الأخير دخلت مسائل الظهور أن هذه الصيغة ظاهرة في الوجوب أو الحرمة ولكن لا يخرج مسائل علم الرجال. هذا الشرط الثالث إن اشترطناه ينفع من جهة ويضر من جهة أخرى، وإن لم نشترط وإن كان أيضاً ينفع من جهة ولكن يضر من جهة أخرى، ولذا عدل السيد الشهيد إلى بيان آخر وسيتضح إن شاء الله تعالى أن هذا العدول إضافة شرط رابع لضابط المسألة الأصولية، يعني بالشروط المتقدمة التي ذكرت لضابط المسألة الأصولية ليست كافية لإخراج مسائل علم الرجال، تحتاج إلى ماذا؟ إلى إضافة شرط جديد.

ماذا قال السيد الشهيد؟

إذا يتذكر الأعزاء نحن قلنا بأنه لعله أفضل ضابط ذكر في كلمات الأعلام المتأخرين للمسألة الأصولية هو ما ورد في كلمات السيد الشهيد، وبعد ذلك عندما نعرض لذلك سنقف ونرى هل هو تام أو ليس بتام.

فيما يتعلق بذلك يقول بأنه بنحو الإجمال ليكن في علمكم فيما يتعلق بهذا الشرط الثالث، لنعبر أولاً عبارات ثلاثة لنرى أنها بيانات أو عبارات فقط.

هناك بيان ذكره السيد الحائري يقول هذا البيان استفدناه من السيد الشهيد في بحث حجية خبر الواحد، يعني من الدورة الأولى. ثم يذكر بياناً ثانياً أو عبارة أخرى لهذا المطلب يشير إليه في أول مبحث الاستصحاب، ثم يذكر السيد الهاشمي بياناً ثالثاً.

أنت واقعاً تأمل أن هذه عباراتنا شتى وحسنك واحد، يعني أنه مطلب واحد والسيد الشهيد يعبر عنه بتعابير متعددة، أو لا، أساساً هذه بيانات متعددة؟

خلاصة ما يريد أن يقوله، وبعد ذلك سأطبق لكم العبارة.

خلاصة ما يقوله السيد الشهيد: أن علم الأصول ليس هو علم عرفاني، ولا هو علم فلسفي، ولا هو رياضي، ولا فيزيائي هو شرعي، يعني مصبوغ بصبغة شرعية، وإذا كان كذلك إذن معرفة أن زرارة ثقة أو ليس بثقة ما علاقته بالشرع، زرارة ثقة أو لا … نعم، قد نستفيد منه في الشرع ولكنه ليس علماً شرعياً.

يقول في (ج1 من القسم الأول، ص42، في حاشية السيد الحائري) أولاً أذكر موضع البحث، يقول: (وهو ما تعرض له في أول بحث خبر الواحد) يعني من الدورة الأولى (ونحن قد حذفناه في تقريرنا المطبوع من هناك ونذكره هنا) يعني في الحاشية، يعني هذه الحاشية لمن هي؟ للسيد الشهيد قدس الله نفسه، يقول: (والخلاصة أن البحث الأصولي يكون بحثاً عما يرجع للشارع) لابد أن يكون شأناً من شؤون الشارع، (ويكون شأناً من شؤونه فإن علم الأصول فرض علماً شرعياً) من أين جاء هذا الفرض؟ من خلال الرؤيا؟ يقول لا، باعتبار أن علم الفقه علم شرعي وعلم الأصول إنما هو قواعد استنباط الفقه إذن لابد أن يكون علماً شرعياً. هذا سيخلق لنا العديد من المشاكل، القواعد العقلية لأي سبب جاء في هذا العلم الشرعي، ولذا السيد الشهيد يميناً ويساراً يحاول أن يتخلص من هذه النقوض، معنى علم شرعي، إذن لابد من الذهاب إلى الآيات والروايات، أما الاعتماد على القواعد العقلية في بحث علم الأصول فهو في غير محله. قال: (فإن علم الأصول فرض علماً شرعياً مربوطاً بالشارع فالموجهات العامة الأصولية كلها تعود إلى شأن من شؤون الشارع).

الآن هذه القاعدة العامة، إذن الشرط الرابع الذي ذكره السيد الشهيد لضابط المسألة الأصولية أن تكون المسألة شأناً من شؤون الشارع، وما لم يكن كذلك، وحيث أن البحث في وثاقة زرارة … أن فلان إنسان جيد أو لا ما علاقته بالشارع، إذن تخرج من علم الأصول، هذا ملخص البيان.

أما تفصيله: يقول: (أي تكون شأناً من شؤون الشارع) سيدنا بيّن لنا شؤون الشارع ما هي حتى نعرف أن علم الرجال داخل في شؤون الشارع أو ليس داخلاً في شؤون الشارع.

أولاً: إما يعني الأول إما أن تكون حكماً مجعولاً للشارع كالحكم بحجية خبر الواحد، خبر الواحد حجة، هذه من شؤون من؟ هذه مرتبطة بالشارع يريد أن يجعلها حجة أو يريد أن لا يجعلها حجة. سؤال: أن تكون حكماً من قبل الشارع، حكماً تأسيسياً يشترط لأنه إذا قال تأسيسي فكثير من أحكام الشارع تأسيسية أو إمضائية، إذن وسع الدائرة، انظروا إلى ضيق الخناق ماذا يفعل بالإنسان، يعني كل همنا أن نجد موضوع جامع مانع لعلم الأصول، وبتعبير السيد البجنوردي& قال أنا لا أعلم من أين جاءت آية أو رواية أن يكون لعلم الأصول موضوعاً واحداً. فوسع السيد الشهيد الدائرة قال: (أن يكون حكماً شرعياً مجعولاً للشارع كالحكم بحجية خبر الواحد؛ إذ هو حكم مجعول له تأسيساً أو إمضاء) على الاختلاف في الدليل على حجية خبر الواحد.

إذا وجب شيء وجبت مقدمته، هذه من قبل الشارع أو مسائل عقلية. أبحاث الترتب هل هي من قبل الشارع، أبحاث اجتماع الأمر والنهي هل هي من قبل الشارع أم أن هذه أبحاث عقلية؟!

فأضاف قيداً جديداً، قال: (أو تكون حالة عامة في تشريعاته).

السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه هو يقول أنا لست بصدد بيان ضابط ما بعد الوقوع ولكن هو الآن مبتلي أنه يريد ضابط ما بعد الوقوع، هذه كيف أجعلها داخلة في علم الأصول، وإلا أطمأنوا لو أن السيد الشهيد لم يبحث في علم الأصول بحث مقدمة الواجب والأبحاث العقلية لم يكن ليقول هذه الجملة هنا. قال: (أو أن تكون حالة عامة في الشريعة وإن لم يكن حكماً صادراً من الشريعة). ولكنه كظاهرة تجده في كل تشريعاته يلتزم إذا وجب شيء وجبت مقدماته. (كأن يقال بأن الشارع إذا أمر بشيء أمر بمقدماته) هذه ظاهرة عامة في الشريعة (فإنه وإن كان قد يقام برهان عقلي على ذلك) ولكنه نحن لا نبحث عن الدليل وإنما نبحث عن الظاهرة، هذه الظاهرة من شؤون الشارع، من الظواهر التي التزم بها الشارع، أعم من أن يكون دليلها نقلي أو أن يكون دليلها عقلي. (لكنه وإن كان قد يقام برهان عقلي على ذلك لكنه مع ذلك حالة ترجع إلى الشارع أو بأن يكون عبارة عن بناء الشارع والتزاماته في مقام المحاورة). يعني ماذا؟ نحن عندما نأتي إلى بحث الأوامر وبحث النواهي وبحث الإطلاق وبحث العموم وهكذا عشرات المباحث اللفظية، نسأل ما هو الدليل على أن الصيغة أو المادة ظاهرة في الوجوب؟ نقول: لأن الآية قالت كذا والرواية قالت كذا أو نقول أن اللغة والعرف والاستعمالات العرفية كذا؟

يقول هنا، يريد أن يدخل هذه الأبحاث جميعاً، يقول: (أو بأن يكون عبارة عن بباء الشارع والتزاماته في مقامات المحاورة والمخاطبة كما في مباحث الظهورات والموجه الحقيقي في بحث ظهور صيغة افعل في الوجوب إنما هو ظهور صيغة أفعل في الوجوب في لسان الشارع لا في لسان العرف) يعني ماذا؟ يعني يقول أنا أريد أن أسأل الشارع أنت هذه الصيغة صيغة أفعل في بياناتك تجعلها دالة على الوجوب أو غير دالة على الوجوب؟ يقول: أنا التزمت في مقام الحوار مع أتباعي أن هذه الصيغة كلما استعملتها فهي دالة على الوجوب أو دالة على الاستحباب ولا علاقة لي بأن العرف واللغة ماذا يقولون في هذه، وسيأتي بحثه.

هذا القسم الثالث أو القسم الرابع عبر عنه كما تشاء.

إذن الضابط العام ماذا؟ يقول: (وعلى هذا الأساس فالموجهات الأصولية كلها تعود إلى شأن من شؤون الشارع) خلاصته (من حكم مجعول له) كما في الأمر الأول (أو حالة تشريعية عامة فيه أو بناء عام من قبله تأسيساً أو إمضاءً …).

سؤال: وثاقة الراوي ما هي من هذه الأقسام؟

يقول: (وأما وثاقة الراوي فليست شأناً من شؤون الشارع ولا مأخوذة منه وكذلك كل ما كان من هذا القبيل كتشخيص كمية الشهرة بحسب الخارج وتشخيص مقدار علم العلماء لمعرفة مقدار أثر الإجماع ولذا لا يبحث في علم الأصول عن أحوال العلماء من ناحية مقدار علمهم وسعة باعهم وإنما يبحث ذلك في علم التأريخ كما يبحث عن الرواة في علم الرجال وإن كان كل ذلك من الموجهات الصورية العامة). هذا إن شئت عبر عنه بالبيان الأول أو العبارة …

عبارته الثانية، لا أريد أن أقول أدق، ولكنه أوضح في بحث الاستصحاب في (ج5 من القسم الثاني، ص25) للسيد الحائري، يقول: (والبحث عن وثاقة الراوي وإن كان أيضاً دخيلاً في الاستنباط ولكن هنا قيد آخر) هذا الذي قلناه وهو أن الشروط الثلاثة المتقدمة غير كافية، نحتاج إلى قيد إضافي ولكن هنا قيد آخر ثابت بالارتكاز وهو أنه نتكلم في علم شرعي إذن لابد أن تكون المسائل مرتبطة بشؤون الشارع (ثابت بالارتكاز المميز بين علم الأصول وبين علم الرجال) ما هو؟ (وهو أن علم الأصول يجب أن يكون مربوطاً بالحكم) إذا كان هناك بحث عن الحكم الشرعي فهو داخل في علم الأصول. وزرارة ثقة مربوط بالحكم الشرعي؟ لا. يقول لابد أن يكون مربوطاً بالحكم الشرعي، إما مربوطاً بالحكم الشرعي في مقام الجعل وإما في مقام الإبراز وإما في مقام التنجيز؟ ولذا قلت أنت تريد أن تعبر بعبارة ثانية أو تريد أن تعبر بيان ثاني.

يقول: (كل ما يرتبط بالحكم الشرعي جعلاً) يعني مقام الثبوت للحكم، وتتذكرون ذكرنا وقلنا أن السيد الشهيد في الحلقة الثالثة قلنا بأنه قال عندنا مقام الثبوت ومقام الإثبات، ومقام الثبوت فيه ثلاثة عناصر: المصلحة، والإرادة، والجعل، ثم نأتي إلى مقام الإثبات الذي هو الإبراز، والإبراز قد يصل إليك فيحصل التنجيز أو لا يصل إليك فلا يحصل التنجيز. يقول: (كل مسألة مرتبطة بالحكم الشرعي) جعلاً، إبرازاً، تنجيزاً فهو داخل في علم الأصول. وزرارة ثقة لا هو مرتبط بالجعل ولا هو بالإبراز ولا بالتنجيز وإنما مرتبط بموضوع بعض هذه المراتب. يعني في مقام الإبراز أنت تريد أن تقول هذا الخبر ثقة، ما هو موضوعه؟ زرارة ثقة. إذن زرارة ثقة مرتبط بالحكم الشرعي أو بموضوع الحكم الشرعي؟ بموضوع الحكم الشرعي فيكون خارجاً عن علم الأصول.

يقول: (إن علم الأصول يجب أن يكون مربوطاً بالحكم بمعنى أن يكون حكماً ظاهرياً كحجية خبر الثقة أو يكون من مقتضيات الحكم في إحدى المراحل الثلاثة: الجعل والإبراز والتنجيز والتعذير، فالأول) يعني مقام الجعل (كمباحث إمكان الترتب والملازمة بين وجوب الشيء ووجوب ذيه، والثاني كمباحث دلالة الأمر على الوجوب، والثالث كمباحث منجزية الاحتمال أو معذريته في قاعدة قبح العقاب بلا بيان).

وعلى هذا الأساس خبر الثقة أين تضعه؟ لا هو حكم شرعي، ولا هو مرتبط بإحدى مقتضيات الحكم الشرعي، لا جعلاً ولا إبرازاً ولا تنجيزاً، بل هو مرتبط بموضوع الحكم الشرعي.

ولهذا السيد الهاشمي عندما يأتي إلى هذا البحث يعبر عنه بهذا البيان الذي سأشير إليه للأعزاء.

سؤال لأحد الطلبة: [غير واضح في الأصل].

جواب سماحة السيد: لا لا، الموضوع بما هو موضوع لا علاقة له بالحكم الشرعي، الموضوع غير الحكم. الموضوع مرتبط بفعليته على زيد وعمر وهذا لا علاقة لنا به، وإلا لزم أن الأبحاث الفقهية أيضاً والشروط الخارجية تكون أيضاً أصولية.

يقول في (ج1، ص34): (فهذه الخصوصية تخرج مسائل علم الرجال … لأن مسائل الرجال وأدلة الرجال وإن كانت عناصر مشتركة في الاستدلال الفقهي بمعنى أن الفقيه يستند أو يستفيد منها في مختلف الأبواب، ولكنها لا تكون لديه) أي عند الفقيه (أدلة على الجعل الشرعي الكلي كما هو شأن المسألة الأصولية) لأنه إذا تتذكرون التعريف كان يقول أن يستعملها الفقيه كدليل على الجعل الشرعي، وزرارة ثقة لا يستعمله كدليل بل كموضوع للدليل فتكون خارجة.

يقول: (ولكنها لا تكون لديه أدلة على الجعل الشرعي أما وثاقة الراوي فهو يحتاج إليها الفقيه باعتبارها موضوعاً لدليلية الدليل … وأما أدلة الرجال فهي أدلة على تلك الوثاقة لا على الجعل الشرعي فالفقيه يستعملها دليلاً لإثبات) يعني أدلة الوثاقة يعني زرارة ثقة (دليلاً لإثبات موضوع الحكم الظاهري لا أنه يستعملها بنفسها دليلاً على الجعل الشرعي).

هذه هي البيانات الثلاثة لإخراج مباحث علم الرجال عن علم الأصول.

إذن إلى الآن كم عنصر صار عندنا؟

إما إذا أدخلنا العنصر الثالث أو الشرط الثالث فالقيود تكون أربعة، إذا أخرجناه ولم نقل بالشرط الثالث فالقيود تكون ثلاثة.

هذا الضابط هل هو تام أو ليس بتام؟

بنحو الإجمال … فيما يرد على هذا الضابط يقع الكلام في أمرين:

الأمر الأول: أن هذا الضابط مع كل هذه التدقيقات والقيود والشروط التي ذكر فيها أو لبيانها هل هو جامع مانع لكل المسائل الأصولية أو لا؟ لا أقل هل هو مانع لدخول غير المسائل الأصولية في علم الأصول أو ليس بمانع؟ هذا هو الأمر الأول.

الأمر الثاني: نتنزل، افترضوا سوف يثبت لنا أنه ليس بمانع، نقول نغض الطرف ونفترضه ضابطاً تاماً وإن كان سيتضح أنه بالنسبة لنا فيه ملاحظة، نفترضه ضابط تام، هل يحقق لنا ما أثبتناه، يعني إثبات موضوع واحد لعلم الأصول أو أنه لا ينفع لإثبات أنه موضوع واحد؟ هذا عنوان العنصر المشترك هل يحقق موضوعاً واحداً حتى يكون علم الأصول له موضوع واحد فيكون علماً واحداً حقيقة أو أنه لا ينفع في ذلك؟ يعني لو سلمنا أن عنوان العنصر المشترك لا ترد عليه أي ملاحظة فهل يكفي لأن يكون علم الأصول له موضوع واحد ومنهج واحد في تحقيق مسائله أو لا ينفع؟

 

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات