أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
قبل الدخول في البحث السيد السيستاني في كتاب (الرافد، ج1، ص139) عنده بحث بودي أن يرجع له الأعزاء ويطالعونه في (ص138-143) هناك يقول: (بعد أن تعرفنا على موضوع علم الأصول يتبين لنا الميزان في أصولية المسألة والفارق الجوهري بينا وبين غيرها … أما امتيازها عن المسألة اللغوية … وأما امتيازها عن المسألة الرجالية) ماذا يقول في امتياز المسألة الرجالية عن المسألة الأصولية؟ أقرأ لكم بعض العبارات، يقول: (إن القواعد الرجالية نحو مراسيل الثلاثة وقاعدة أصحاب الإجماع وقاعدة ترحم الإمام هل تفيد الوثاقة أم لا، إنما هي تنقيح لصغرى قانون الاستنباط، فإننا نحتاج في مقام الاستنباط إلى إحراز الصغرى وهي وثاقة الخبر بأي قاعدة رجالية كانت ثم نحتاج لتمامية الكبرى وهي حجية خبر الثقة أو حجية الوثوق أو الموثوق به) على الخلاف الموجود في المسألة (فالقاعدة الأصولية هي القانون بينما القاعدة تساهم في تحقيق موضوع هذا القانون). والأعزاء يتذكرون في عبارات السيد الشهيد في تقريرات السيد الهاشمي بنص هذه العبارات قرأناها أنه بهذه تمتاز القاعدة الرجالية عن القاعدة الأصولية في (ص34) قال: (إن مسائل الرجال وإن كانت عناصر مشتركة لكنها يستعملها الفقيه لإثبات موضوع الحكم الظاهري بحجية الخبر لا لإثبات الجعل الشرعي) نفس هذا الذي ذكره السيد الشهيد السيد السيستاني ببيان آخر أو تقريباً بنفس البيان جاء في الرافد.
ولعله من تداعي الأفكار والله العالم.
انتهينا إلى بيان هذه النقطة وهو أنه بناء على ما ذكرنا من أن علم الأصول ليس هو علم بالمعنى الفني والاصطلاحي للعلم، ما هو المعنى الفني والاصطلاحي للعلم. عندما يذكر العلم له موضوع وله محمولات ومحمولاته ذاتية بالنسبة إلى الموضوع وله منهج خاص وإنه يفيد اليقين وأن المحمولات نسبتها إلى الموضوع ذاتية وكلية ودائمية وضرورية، بهذا المعنى علم الاصول أو ليس بعلم؟ نعم، لا مشاحة في الاصطلاح، أحدهم يريد أن يسمي حاج محمد يريد أن يسميه علم، هذا حر في أن يسميه علم، ولكن هناك اصطلاحات هذا الاصطلاح لا ينطبق على هذه المجموعة التي نقرأها في حوزاتنا العلمية بعنوان علم الأصول. وأنت عندك أحد طريقين إما أن تتلاعب بالاصطلاح وتقول أن أولئك قد أخطئوا في تسمية العلم بذاك الاصطلاح، وإما أن ترجع هذا ويكون مشمولاً بتلك الضوابط، ولا طريق لا إلى هذا ولا إلى ذاك.
إذن علم الأصول ليس علماً بالمعنى الاصطلاحي للعلم.
من هنا يطرح هذا التساؤل، إذن ما حقيقة هذا العلم، إذا لم يكن علماً بالمعنى الاصطلاحي إذن ما هي حقيقة هذا العلم هذا الذي يصطلح عليه في حوزاتنا العلمية بعلم الأصول ولا اقل يأخذ من العمر العلمي لطالب العلم في الحوزات العلمية إن لم أقل 7% أو 50% ما هو حقيقة هذا العلم؟
أعزائي بنحو الإجمال والتفصيل إن شاء الله تعالى إلى موضع آخر، إجمالاً اشير ولعلي أشير إلى بعض المصادر يستطيع الأخوة أن يرجعوا إليها.
نحن أمامنا دين، هذا الكتاب والسنة، بعض الإشكالات ترد علينا يقولون أنتم الذين تعتقدون بالعترة لماذا تقولون كتاب الله وسنة النبي، لابد أن تقولوا كتاب الله والعترة، لماذا أن أمير المؤمنين في نهج البلاغة في موارد متعددة لماذا يقول كتاب الله وسنة نبيه، المفروض أن يقول وعترته. ولكن هؤلاء الإنسان بعض الأحيان يتأسف أو يترحم … المهم بيني وبين الله أنا أشفق على هؤلاء لأني كنت – واقعاً هنا أقولها للتأريخ- أنا كنت أتصور بأنه في السنة وخصوصاً في المنهج السلفي يوجد علماء ولكنه ثبت لي أن 97% منهم جهلة، هذا أقوله بالاستقراء والتحقيق والمراجعة، سابقاً إذا كنت أقول لم أكن قد راجعت ولا أعلم بالحال، ولكن ثبت لي أنهم واقعاً أهل جهل مطبق. واحدة من هذه الموارد هذا المورد وإن كان خارجاً عن البحث. وهي أنه نحن نقول كتاب الله وسنة نبيه، والقرآن أمرنا بذلك، قال (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وهذه هي السنة ولكن كلامنا السنة وجهتنا إلى الصحابة أو وجهتنا إلى العترة، لم نختلف معكم في أن الأصل هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، كلامنا أن السنة ماذا قالت؟ السنة قالت عليكم بفهم اصحابي كالنجوم وإن كانت هذه الرواية ضعيفة لا يقبلونها ونحن نكررها من غير داعي، أصحابي كالنجوم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، الجواب هذا الحديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي حديث صحيح دقيق محكم المضمون. ولكن هؤلاء بماذا تلاعبوا؟ تلاعبوا بالمصداق، ولذا من اليوم الأول سموا الأول والثاني والثالث خلفاء راشدين، حتى ينطبق عليهم هذا الحديث، مع أن الروايات الواردة المتواترة عندنا خلفائي من بعدي إثنا عشر والرواية تشير إلى هذا المضمون، عليكم بسنتي وسنة الخلفاء، أي خلفاء؟ الاثنا عشر الذين عينتهم من بعدي.
ولذا بعض الأخطاء تحصل أن الأعزاء يناقشوا أصل الحديث، لا مناقشة في أصل الحديث، المشكلة في المصاديق، ولذا نحن أيضاً نؤكد في كلمة واحدة وهي أنا علينا بالكتاب وسنة نبينا، ولكن هذه السنة ماذا قالت لنا في حديث الثقلين، لأن حديث الثقلين سنة أو عترة؟ سنة، حديث الثقلين سنة، وهو ليس كتاب ولا عترة، وإنما هو سنة نبيكم، هذه السنة أرجعتنا إلى العترة.
أعزائي هذا الكتاب وهذه السنة بالمعنى الذي نحن نفهم من السنة، طبعاً هم أيضاً الحق والإنصاف المحققين من المعاصرين منهم يقولون نحن أيضاً نقول بكتاب الله وسنة نبيه ولكن بفهم أصحاب رسول الله، لا بفهمنا، نحن نقول كتاب وسنة نبيه ولكن بقراءة – إن صح التعبير- بقراءة من؟ بقراءة العترة.
التفتوا إذا ورد إشكال، الجواب نحن لا نختلف كلانا يقول السنة، ولكن بأي قراءة؟ بهذه القراءة أم بهذه القراءة؟ نحن نعتقد أن رسول الله قد قال بهذه القراءة خذوا بالسنة لا بهذه القراءة خذوا بالسنة، وعندما جئنا نحن إلى أهل البيت بينوا لنا في الاعتقادات وفي الفروع وفي التاريخ ما يختلف عن قراءة الصحابة.
هذا القرآن، هذا التراث، هذه المعارف الدينية بأيدينا، ونحن ينبغي علينا بأدلة كلامية ثابتة في محلها لابد أن يكون لنا موقف بإزاء الأمور العقدية وموقف بإزاء الأمور العملية على التفصيل الذي قدمته فيما سبق، الآن الأمور العقدية والإيمانية ضعوها على جانب، ما هي مقدمات وأصول الاستنباط العقدي والإيماني له محل آخر وكلام آخر.
الآن حديثنا في مقومات استنباط الأمور العملية، إذن أعزائي نحن لا يوجد عندنا إلا شيء واحد اسمه عملية استنباط الأمور العملية، أو الفقه الأصغر لا الفقه الأكبر، هذه العملية عندما جئنا إليها وجدنا أنها فيها مجموعة من المكونات ومن العناصر ومن المقومات ومن الموجهات بعضها مختصة وبعضها مشتركة. هذه المختصة كل واحدة منها بحثناها في الموضع المناسب لنا، ليس عندنا شيء اسمه علم فقه أو علم أصول أو علم رجال، لا يوجد. نعم، نحن عندما جئنا إلى هذه العملية الواحدة وجدنا أن هذه العملية فيها مجموعة مقومات، بعض تلك المقومات، وهذا أشرنا له سابقاً، بعض تلك المقومات بديهية لا كلام فيها ولا خلاف فيها ولا أي شيء آخر. ولهذا لم نبحثها، لماذا لم نبحثها؟ باعتبار أنها بحثت في محلها وتم الكلام فيها، اجتماع النقيضين محال، نحتاجه في عملية الاستنباط أم لا نحتاجه؟ نعم نحتاجه، أنا عندما أصل إلى أن الكتابي طاهر، نقيضه صادق أم لا؟ هذه القضية أنا وصلت لها أن الكتاب طاهر، نقيض هذه القضية ليس بطاهر هل هي صادقة أم كاذبة؟ فإذا أمنت باستحالة اجتماع النقيضين أقول نقيضها كاذب قطعاً، أما إذا لم أؤمن بقانون استحالة اجتماع النقيضين فيمكن أن يكون الكتابي طاهر صادقة ونقيضه صادق. ما المشكلة؟! لا مشكلة. وبعض هذه المقومات والأصول أو عبر عنها الموجهات أو عبر عنها العناصر، هذه مقومات وقواعد غير مختصة بالبحث الفقهي ولكن الفقيه يحتاج إليها فلو سألتني هل هي مختصة بالاستدلال الفقهي، أقول لا ليست مختصة، ولكن الفقيه بحث في مكان آخر وجد أنها مبحوثة أو ليست مبحوثة؟ لابد ماذا يفعل؟ يحتاجها في عملية الاستنباط، محتاج لها، ماذا يفعل؟ لابد أن يبحثها. أين يبحثها؟ هل يبحثها في أول كتاب الطهارة، في أول كتاب الصلاة، في اول كتاب الحج، في أول كتاب التجارة، أين يبحثها؟ عنده طريقين إما أنه يكررها في كل باب باب، وهذا حدث عندنا وسأذكر لكم المثال. أنتم انظروا الآن إلى أبواب إما أن يبحثها في كل باب باب، وإما أن يفصلها؟ يفصلها يعني ماذا؟ يعني يجعلها في غير هذه المسألة وهذه المسألة حتى لا يلزم التكرار، لا لمائز ذاتي بينها وبين هذه المسألة، لا لمائز ماهوي جوهري بينها وبين هذه المسائل، لا، هي من المقومات الأساسية في عملية الاستنباط، ولكن لكي يتخلص من التكرار ماذا يفعل؟ يفصل.
أضرب لكم مثالاً، أنت في أول كتاب الصلاة ما هي شرائط الصلاة؟ كل واحد تجب عليه الصلاة أم للمكلف بالصلاة هناك شرائط؟ نقول لابد أن يكون عاقلاً مسلماً و…، ونفس هذه الشرائط تكررها في باب الصوم ونفسها تكررها في باب الحج وكذلك في باب الخمس وباب الزكاة و… ولذا السيد الشهيد في الفتاوى الواضحة ماذا فعل؟ قال: مقدمة بحث تمهيدي في شرائط التكليف، هذه قد تتوسع قليلاً قليلاً لا فقه ولا أصول، اسمه علم شرائط التكليف. انتم الآن انظروا الفتاوى بخلاف الكتب الفقهية الأخرى رسائل عملية أو غيرها تجد أن هذه الشرائط ماذا؟ ولذا اضطروا أن يبحثوها في باب لا على التعيين ثم أرجعوا إليها، حتى يتخلصوا من التكرار، حتى يتخلصوا من التكرار، ولذا أنا لا أحتاج إلى التكرار، حتى يتخلصوا من التكرار لا لوجود مائز حقيقي بين هذه المسائل وهذه المسائل.
ولذا هذا المعنى بشكل واضح أنا وجدته في كلمات السيد السيستاني، هذه عبارته، يقول في (الرافد، 138-139): (إن أخذ عنوان القانونية … وذلك لأن مثل ظهور صيغة الأمر لتكرره في الأبحاث الفقهية والأبواب الفقهية كان البحث عنه في كل مسألة فقهية غير منسجم مع طبيعة البحث العلمي) لأنه يلزم التكرار، إذن نحن فرزناها لا لأن لها مائز عن المسائل الأخرى بل لكي لا نبتلي بالتكرار، بينك وبين الله إذا حتى لا نبتلي بالتكرار وبحثنا مسألة محتاج لها في كل الأبواب، هذه يصير علم آخر غير العلم الأول أصلاً، نكتة علم التكرار مائز ذاتي بين العلمين، فالمناسب إفراد بحث عنه مستقل عن الفقه وذلك ما تم في علم الأصول. نحن أفردناه عن ماذا؟ عن الذي سميناه فقه وأيضاً بلا موجب سمينا ذاك فقه، ذاك ليس فقه وهذا ليس أصول، وإنما ماذا عندنا نحن؟ ماذا يوجد عندنا؟ عملية تعيين الموقف الشرعي في الأبعاد العملية، وهذا بشكل واضح السيد الخوئي+ في أول المحاضرات يشير إليه، في الصفحة الأولى من (محاضرات في أصول الفقه، ج1، ص5) يقول: (من الضروري الذي لا يشك فيه أحد أن الشريعة الإسلامية تشتمل على أحكام إلزامية) واجبات ومحرمات، هذه مقدمة وقد قلنا أنها أبحاث ومقدمات كلامية للحاجة إلى عملية الاستنباط الفقهي، وإلا قد يقول قائل: الله نزل أحكام ما علاقتي بها، هذه المقدمات لإثبات أنك لك علاقة بها، هذه واحدة (وهذه الأحكام تنقسم إلى ضرورة لا نحتاج بحثها) لا نحتاج إلى بحثها من ضروريات الدين (من دون حاجة إلى تكلف مؤونة، نعم عدة منها أحكام ضرورية ولكن) ولكنها قليلة (ولكن جلها نظريات تتوقف معرفتها وتمييز موارد ثبوتها على البحث والاستدلال وأن ذلك) يعني تعيين الموقف العملي إزائها يتوقف على معرفة قواعد تكون نتيجتها معرفة الوظيفة الفعلية وتشخيصها في كل مورد مورد) نحن ليس عندنا شيء اسمه فقه ولا شيء اسمه أصول، ولا شيء اسمه رجال، نحن عندنا عملية استنباط وتوضيح الموقف الشرعي في الأمور العملية، هذه العملية عندما جئنا إليها وجدنا أن طبيعة المسائل الموجودة في هذه العملية مختلفة وليست على نحو واحد، فبعضها إذا ذكرناه في هذه المسألة لا تحتاج إلى أن نكررها، نجد لها موضع ونبحثها، وبعضها نجد أننا إذا بحثناها هنا يأتي هذا السؤال لابد أن نبحثها في باب ثاني وباب ثالث وباب رابع … حتى نتخلص من التكرار ماذا … وبعضها ليست مختصة بهذه العملية حتى نقول كدليل على الجري في الاستدلال الفقهي خاصة، بل هي مستعملة في الاستدلال الفقهي وفي غير الاستدلال الفقهي، لماذا بحثتوها؟ الجواب: لأن غيرها لم يبحثها. أنا احتاج إلى حجية الظهور هذه التفصيلات في حجية الظهور هل هناك علم بحثها، أنا لم أبحث كصاحب هذه العلمية، أنا لم أبحث عن حجية الظهور بسبب اختصاصها بالاستدلال الفقهي، لا، حجية الظهور لها استفادات في غير الاستدلال الفقهي أيضاً، حجية خبر الثقة لها استفادات في غير الاستدلال الفقهي. وهكذا عشرات المسائل الأصولية. واقعاً الاستفادة منها ليست مختصة بالاستدلال الفقهية، بل موجودة في غير الاستدلال الفقيهة أيضاً، إذا كان الأمر كذلك لماذا جئتم بها في علم الأصول حتى تبقون ستة أشهر تبحثون أنه تجعلوه جامع مانع، على ماذا؟ ليست مختصة بالاستدلال الفقهي. نعم، نحن بحثناها لأجل حاجتنا لها ولم يبحثها غيرنا. ولذا نحن في غنى من مثل هذه التكلفات التي جملة منها تكلفات باردة في أنه كيف نجعلها استدلالات داخلة في عملية الفقه الأصغر، لا ضرورة لهذا. حجية الظواهر إطلاقات عمومات، ظواهر الألفاظ الأخرى نستفيد منها كثيراً، لا أنا نستفيد منها في عملية الاستدلال فقه، والشاهد على ما أقول أن حقيقة هذا العلم هو هذا الذي أشير أنا إليه، والشاهد على ما أقول أن هؤلاء الذين بدأوا علم الاصول وقالوا الحجة في الفقه كالسيد المرتضى في الذريعة، أن هؤلاء بحثوا مسائل واضحة في انها مسائل عقلية، وبحثوا مسائل واضحة أنها مسائل كلامية، وبحثوا مسائل واضحة أنها مسائل لغوية، وبحثوا مسائل واضحة أنها مسائل تفسيرية، لعلها يسألهم سائل هذه مسألة أصولية فهمنا، خبر الواحد مسألة أصولية، أما أبحاث الاستلزامات فهي ليست مسائل أصولية ولا فقهية، يقول: باعتبار أن هذه الأبحاث أنا أحتاج إليها في عملية الاستنباط الفقهي، تقول له: بحثها الآخرون. يقول: نعم، بحثها ولكن النتائج التي انتهوا إليها أنا لا أوافق عليها فأحتاج إلى أن استأنف البحث عنها. أو أقبل النتائج ولكن هناك حيثية في هذه المسألة كما ضربنا مثال للأعزاء قلنا المعنى الحرفي مبحوث في محله في فقه اللغة وهناك كتب مكتوبة في المعنى الحرفي، ولكن الأصولي لماذا يبحثها ما هي علاقته بها؟ يقول أن عندي علاقة بالمعنى الحرفي ولكن في حيثية بحثها أصحاب فقه اللغة أو لم يبحثوها وهي أن المعنى الحرفي هل يمكن أن تجري فيه مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق أو لا يمكن، لأنه لا يمكن الالتفات إليه بشكل مستقل، فهل يمكن أن يكون مجرى لمقدمات الحكمة أو لا يمكن، هذه غير موجودة عند اللغوي، أسأل أنت اللغوي عنها يقول أنا لم أسمع بهذه المسألة. ولهذا استاذنا قدس الله نفسه السيد محمد تقي الحكيم هو نقل لي هذه القضية وقد نقلها في كتبه، السيد محمد تقي الحكيم كان يقول لي لأني كنت كثير المعاشرة مع سيدنا الأستاذ رحمة الله عليه واقعاً الكثير من الإرشادات والتوجيهات في أيامي الأولى في التحصيل العلمي يعني تقريباً قبل العشرين وأوائل العشرينات من عمري كنت في خدمته، كان يقول إذا لم أطالع يومياً كتاب صغر أو كبر لا استطيع أن أنام الليل، يومياً أنا إذا لم أنتهي من جلد الكتاب لا أنام على وسادتي. السيد محمد تقي الحكيم يقول عندما دعيت إلى القاهرة لأتكلم عندهم عن علم الأصول عندنا، أنا بحثت لهم المعنى الحرفي، لا المعنى الحرفي بالمعنى الذي هم يفهمون، بالمعنى الاصولي الموجود عندنا، يقول: عندما نزلت من المنصة كان في الجالسين الدكتور طه حسين وهو أبو المراجع في ذاك الزمان وعميد الأدب العربي، وكما تعلمون أنه كان بصير، يقول: عندما نزلت من المنصة أصر على من حوله أن يأتوا به لي، أخذ يدي فوقع عليها وقبلها، يقول قال لي: لم أعهد ولعلي لا أعهد بعد ذلك بحث بهذا المستوى، لماذا هذا؟ لأنه عميد الأدب العربي، يعرف هذه القضية، ولكن هذه الحيثية من البحث غير متلفت لها، هذه ليست لاختصاصها بعلم الأصول بل لحاجتي لها ولعلك تستعمله في مكان آخر.
ولذا أنا أعتقد أنه في قادم الأيام قد هناك بعض المسائل التي نصطلح عليها في هذه الأيام علم الأصول قد تحذف وتنزوي كما هو الحال في بحث الانسداد الآن، الآن لم يبحثه في الحوزة العلمية، ولعله في زمان لو قال أحد انسداد يقول ما هو الانسداد، الجميع انفتاحيين وانتهت القضية. يعني بدأت شيئاً فشيئاً هذه المسألة تحذف ويمحى أثرها في علم الأصول، ولكن أنت راجع كتاب القوانين تجد أنه بتعبيره هو السيد محمد تقي الحكيم كان يقول كان نقرأه في الحوزات العلمية عشرة سنوات. عشر سنوات كنا نقرأ كتاب القوانين في الحوزة. الآن ماذا؟
أنا شخصاً أقول بشكل واضح لعل الكثير من الأعزاء هذا الكتاب موجود في مكتباتهم أو لا، غير موجود.
وبالعكس لعله يأتي زمان تضاف مسائل جديدة في عملية الاستنباط لا في علم الاصول بل في عملية الاستنباط. هذا الذي أنا اعتقده مسألة الزمان والمكان ومدخليته في عملية الاستنباط هذا الذي وقفنا عليه في العام الماضي بالقدر الممكن، الزمان والمكان وأثرهما في عملية الاستنباط الفقهي، هذه الآن مكانها فارغ في أبحاثنا لا الأصولي بل أبحاثنا في عملية الاستنباط.
إذن أعزائي من الآن تعالوا نفهم هذه الحقيقة بشكل واضح، بنحو الإجمال بإمكان الأخوة أن يراجعوا هذا البحث في كتاب (القطع، ص94) طبعاً ليس بهذا التفصيل الذي أنا أشرت له ولكن إجمالاً، تحت عنوان حقيقة علم الأصول. هناك قلنا: (من هنا لم يكن إفراد علم الأصول عن مباحث علم الفقه) يعني ما يسمى علم الأصول وما يسمى علم الفقه في حوزاتنا، (لم يكن لأجل مائز ذاتي بين هذين العلمين كالمائز بين الطبيعيات والرياضيات أو بين الفلسفة وغيرها من العلوم. نعم، عملية استنباط الحكم الإلهي الفرعي لتعيين الموقف الشرعي تتوقف على مجموعة من العناصر، ومعنى ذلك أن نكتة هذا الإفراد والفصل بين علم الأصول) هنا لم أكتب، أنا هناك في اعتقادي بين ما يصطلح عليه علم الأصول (وعلم الفقه) يعني ما يصطلح عليه بعلم الفقه (لم تكن لأجل مائز ذاتي وفرق جوهري كما هو الحال في العلوم الحقيقية وإنما حدث ذلك لأجل نكتة تخص الجانب التأليفي والتدويني في عملية استنباط الحكم الشرعي). ثم أقول هذه العناصر مختلفة بعضها عامة وبعضها خاصة، ما معنى عامة؟ يعني مكررة. فبعضها قد يكون مكررة وعامة في جميع العلوم كمسائل المنطق وبعضها تكون عامة ولكن ليست مكررة في كل العلوم بل في كثير من العلوم كحجية الظواهر وحجية خبر الواحد، عامة مكررة ولكن مختصة بالاستدلال الفقهي؟ لا، ليست مختصة. وبعضها أصلاً مرتبطة بشكل واضح بعلوم أخرى لماذا تبحث هنا؟ تبحث هنا إما أنه لم تبحث في علم آخر وإما أنها بحثت ولا نرتضي النتائج وإما أنها بحثت وارتضينا النتائج ولكن هناك حيثية لم يبحث عنها.
إذن حينما تطرح هذه المسائل وبهذه الحيثيات المختلفة فيما يسمى بعلم الأصول فلا تكون بالضرورة مرتبطة جميعاً بعملية الاستدلال الفقهية خاصة، هذا الذي أوقع السيد الشهيد أنه كيف يجعلها خاصة. لا، ليس بالضرورة أنها خاصة. قد تكون أكثر من علم. فقد تكون مسألة منطقية علماء الأصول بما يصطلح عليها علم الأصول يبحثوها أين؟ كما بحثوا مسألة فلسفية واضحة أنها فلسفية، أقسام الماهية ولحاظ الماهية هذه ما هي علاقتها بالفقه، يتذكر الأعزاء – الكثير من الأخوة مع الأسف لا يقرءون كتاب أصول الفقه للشيخ المظفر- في مسألة أقسام الماهية بحث ما يقرب من ربع جزء، ألا يوجد قائل له يا شيخنا هذه مسألة موجودة في محلها. يقول: لا، لأن أولئك لم يحققوها كما ينبغي ونحن نريد أن نبحثها كما ينبغي.
سؤال آخر: ما هو الفرق بين القضية الحقيقة والقضية الخارجية؟ هذه مرتبطة بأي علم؟ هل هناك شك في أنها مسألة منطقية مرتبطة بأقسام القضايا، لماذا جئتم بها إلى هنا ونحن في شرح الحلقة الثالثة لعله 50 صفحة بحثنا الفرق بين القضايا الحقيقة والقضايا الخارجية.
الجواب: يقول أن علماء المنطق لم يحققوها كما نريد وإلا هل هي مختصة بالاستدلال الفقهي خاصة؟ لا، في القضايا العرفية أنت قد تستخدم قضية خارجية وقد تستخدم قضية حقيقية. في قضايا الوصايا قد تستعمل خارجية وقد تستعمل حقيقية، في القوانين الوضعية قد تستعمل القضايا الخارجية وقد تستعمل الحقيقية، ليست مختصة بالاستدلال الفقهي، لماذا تبحثها هنا؟
يقول: لأني احتاج لها.
والنتيجة هي، هذه هي الخلاصة، تأسيساً على تقدم نحن نعتقد أن ما يصطلح عليه بعلم الأصول، هنا تجرأنا قليلاً، كنا نسميه علم الأصول، لا نريد أن نسميه بهذا، ما يصطلح عليه علم الأصول ليس علماً بالمعنى الفني للعلم، فلا يتميز عن باقي العلوم الحقيقية بمائز واقعي ذاتي وإنما هو مجموعة من القواعد التي يحتاج إليها الفقيه في عملية استنباط الحكم الشرعي.
التفتوا حتى انتهي من هذا البحث، حتى يوم السبت إن شاء الله أدخل في فهرست أبحاث علم الأصول أو ما يصطلح عليه بأبحاث علم الأصول.
وعلى هذا الأساس ينبغي أن نعطي لعلم الأصول أو ما يصطلح عليه علم الأصول نعطيه رؤية جديدة، يعني لا نجعله مختصاً بالاستدلال الفقهي، لأن كثيراً من قواعده غير مختصة بالاستدلال الفقهي، ومن هنا تنبع أهمية هذه المسائل والقواعد، نعم، نحن ضيقنا زاوية النظر وجعلها لعلم الاستدلال الفقهي، هذه القواعد نستفيد منها في التفسير؟ لا نستفيد، نستفيد منها في التأريخ أو لا نستفيد؟ لا نستفيد. نستفيد منها في الأخلاق؟ لا نستفيد، أبداً لا نستفيد من قواعد الأصول. وأنا أتصور أن فلسفة هذه القواعد واحدة من أهم موارد استعمالها الاستدلال الفقهي ولكن ليست مختصة بالاستدلال الفقهي. ومن هنا من جديد هذه القضية أبينها للأعزاء وهو أنه إذا جاء أحدهم إلى الحوزة وقال لنا سيدنا أنا لا أريد أن أتخصص بالفقه فلا احتاج إلى قراءة علم الأصول. اقول: لا، حتى لو لم ترد التخصص في علم الفقه بالمعنى الفقهي الأصغر يعني الفقه الأصغر، تريد أن تقرأ التفسير لابد أن تقرأ هذه القواعد أيضاً، لا أسميه علم الأصول، هذه القواعد لأن الكثير من هذه القواعد له مدخلية في هذه الأبحاث، الشاهد على ذلك حجية الظواهر، هل يمكن لمفسر أن يدخل إلى التفسير وهو لا يقبل حجية ظواهر القرآن، يمكن أو لا يمكن؟ إذن هذه المسألة أين أصلها وجذرها؟ جذرها في هذه القواعد. هل يمكن لأحد أن يدخل إلى المعارف الدينية في روايات أئمة أهل البيت غير الفقه الأصغر وهو لا يقبل حجية خبر الواحد. الحجية لا بمعنى المنجزية بل بمعنى الكاشفية، بينك وبين الله كم يبقى من معارف الدين ومن معارف أهل البيت؟ قولوا لي كم يبقى. يعني كم من المعارف العقدية والاجتماعية والتاريخية والأخلاقية عندنا يحصل منها القطع والاطمئنان واليقين، كم واحدة؟ بعدد الأصابع، والباقي ماذا تصير؟ أصلاً قضية عاشوراء ماذا تصير؟ كما حاول البعض أن يتعامل مع حوادث عاشوراء من منطق أن خبر الواحد ليس بحجة في التأريخ، فلا يبقى شيء من عاشوراء، نحن حتى لعله خبر الثقة في جملة من الأحيان، نعم من مجموعة القرائن نثبت الصحة، لماذا لأن طبيعة الحادثة لم تكن تتحمل أنه يوجد مئة راوي ومؤرخ جالسين ويكتبون الحوادث، واحد أو اثنين.
إذن تراثك اساساً لو أنت لا تقبل مسألة خبر الواحد في غير الفقه لا يبقى منه شيء، وهكذا بقية القواعد الأصولية. تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين