الأخبار

المحاضرة (36)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

قلنا بأن هناك عدة تقسيمات اُشير إليها في كلمات الأعلام لبيان الفهرسة والمنهجة المتبعة في تقسيم مباحث علم الأصول. أشرنا في المباحث السابقة إلى التقسيم الثاني والتقسيم الثاني والتقسيم الثالث، وانتهينا إلى التقسيمين المقترحين من قبل سيدنا الشهيد+ حيث اقترح أيضاً في المقام أن تبحث مسائل علم الأصول على النحو التالي:

يوجد في كلمات السيد الشهيد خصوصاً وبشكل واضح وصريح ومفصل في تقريرات السيد الهاشمي، وإلا لم أجد هذا التفصيل لا في تقريرات السيد الحائري ولا في تقريرات الشيخ حسن.

السيد الشهيد يقترح بأن تقسيم مباحث علم الأصول تارة نقسمها على أساس نوع الدليل، وأخرى نقسمها … يوجد عنده منهجان وتقسيمان:

المنهج الأول والاقتراح الأول: يقول هو الذي يقوم على أساس نوع الدليل.

والثاني: هو الذي يقوم على أساس نوع الدلالة.

إذن يميز السيد الشهيد بين التقسيمين بهذا البيان، ببيان أن الأول قائم على أساس نوع الدليل والثاني قائم على اساس نوع الدلالة. أنا فقط عندما أبين أشير إلى المواقع التي يتكلم فيها السيد الشهيد لسهولة المراجعة.

في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص57) يقول: (بأن العناصر أو الأدلة المشتركة للاستدلال الفقهي وهي متنوعة من حيث الدلالة ومتنوعة أيضاً من حيث نوع الدليل) إذن التقسيم الأول هو التقسيم بلحاظ نوع الدليل، والتقسيم الثاني هو التقسيم بلحاظ نوع الدلالة.

أما التقسيم الأول وهو التقسيم بلحاظ نوع الدليل، يقول عندما نأتي إلى الأدلة الموجودة بأيدينا، طبعاً من الواضح بأنه عندما نقول دليل مرادنا من الدليل الدليل على الحكم الشرعي، لأنه أساساً مباحث علم الأصول هي إقامة الدليل للحكم الشرعي، أبحاث مقدمية للوصول إلى بيان الحكم الشرعي، إذن عندما نقول الدليل يعني الدليل على الحكم الشرعي الفرعي، لا الدليل على الحكم العقدي الإيماني، على الدليل على القاعدة الفلسفية، لا ابداً، وإنما واضح أن المراد من الدليل الدليل على الحكم الشرعي، لأنه هو قبل ذلك يقول تتضمن البحث عن الأدلة المشتركة للاستدلال الفقهي، ولذا في تعريف علم الأصول يتذكر الأعزاء قال العلم بالعناصر المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة.

ما هو مراده من نوع الدليل؟ يقول: أعزائنا أنه الدليل تارة هدفه الكشف عن الحكم الشرعي، في النتيجة بناء على مسالك العدلية لكل واقعة حكم شرعي معين ولا تخلو واقعة من حكم، تارة أن الدليل يريد أن يوصلنا إلى الحكم الشرعي أعم من أن يكون مصيباً أو مخطئاً، وظيفة الدليل هي الكشف عن الحكم الشرعي، وهذا الذي عبر عنه بالأمارة وعبر عنه بأنه يلحظ فيه الكاشفية عن الحكم الشرعي الواقعي وهو إما أن يصيب وإما أن يخطأ.

ومرة أن الدليل ليس بصدد بيان والكشف عن الحكم الشرعي الواقعي لتلك الواقعة وإنما بيان الوظيفة العملية للشاك والتحير بغض النظر عن الحكم الواقعي لتلك الواقعة ولتلك المسألة، وهذه هي المصطلح عليها بالأصول العملية، إذن السيد الشهيد يقول، طبعاً هذه حيثيات البحث، لأنه لقائل يقول: على أي أساس. يقول: أريد أن أقسم علم الأصول إلى بابين أساسيين: الباب الأول هي الأمارات أو الأدلة. الباب الثاني هي الأصول العملية.

ثم نأتي إلى ماذا؟ إلى الباب الأول وهي الأمارات أو الأدلة التي تكشف عن الحكم الشرعي، تارة أن هذه الأدلة أدلة شرعية وأخرى أن هذه الأدلة أدلة عقلية، تارة أن الأدلة شرعية وأخرى أن الأدلة عقلية، يعني الدليل الذي يكشف عن الحكم الشرعي الفقهي تارة أن الكاشف هو مجعول من قبل الشارع، وأخرى أن الكاشف ليس مجعولاً من قبل الشارع وإنما الكاشف كاشف عقلي، يعني أنت عندما تقول إذا وجب شيء وجبت مقدمته وقلنا أن هذا الوجوب شرعي أو قلنا أنه بقاعدة الملازمة أن العقل إذا أدرك كذا أدرك كذا، هذا أنت تستكشف به الحكم الشرعي ولكن تستكشف به الحكم الشرعي بكاشف شرعي أو بكاشف عقلي؟ بكاشف عقلي. إذن الكاشف عن الحكم الشرعي إما شرعي وإما عقلي.

ثم نأتي إلى كل واحد من الكاشف الشرعي والكاشف العقلي ونبين أحكام الكاشف الشرعي وأحكام الكاشف العقلي، هذا كله في القسم الأول. فإذا لم يجد الفقيه أو المستنبط الكاشف ينتقل إلى المرحلة الثانية وهو البحث عن الأصول العملية. هذه الأصول العملية التي تعين الوظيفة العملية إما أصول عملية شرعية وإما أصول عملية عقلية. هذا هو القسم الثاني، فإذا انتهينا من كل أبحاث القسم الأول والقسم الثاني، ننتقل إلى الخاتمة وهي بحث التعارض بين هذه الأقسام الموجودة في القسم الأول والموجودة في القسم الثاني والتي هي بين القسم الأول والقسم الثاني وهكذا. خاتمة في التعارض.

ولكن هنا قبل الدخول في هذه الأقسام جميعاً، الآن أطبق العبارة، في هذه الأقسام جميعاً ومتفرعاتها وفروعها وشؤونها يقول هناك بحث أساس لابد من الدخول إليه وهو أن كل هذه الأقسام، أن الكاشف إذا كشف عن الحكم الشرعي متى يكون حجة؟ إذا افاد القطع. وإلا إذا كان الكاشف لا يفيد القطع فهو ليس بحجة. إذن كل كاشف أو كل أصل عملي يعين الوظيفة العملية لابد أن ينتهي إلى القطع، إذن في المقدمة لابد أن نبحث حجية القطع، ولكن إذن على هذا الاساس يتبين عند السيد الشهيد أن بحث حجية القطع ليس من مباحث علم الأصول، ولكن هنا أيضاً يشير إلى قضية ثانية، يقول ولكن قبل أن ندخل في هذه المقدمة وهي البحث عن حجية القطع نحن قلنا في المقدمة نريد إقامة الدليل على الحكم الشرعي، أساساً ما هو الحكم الشرعي، ما هو تعريف الحكم الشرعي، ما هي أقسام الحكم الشرعي، ومن هنا وجدتم أن السيد الشهيد قبل مباحث حجية القطع دخل في بيان حقيقة الحكم وتقسيمات الحكم وأنه حكم تكليفي وأنه وضعي وأنه ظاهري وأنه واقعي وما هي خصوصيات كل قسم إلى آخر ذلك.

إذن التقسيم الأول المقترح:

أولاً: أن نبدأ بمقدمة تفصيلية لبيان حقيقة الحكم الشرعي وتقسيمات الحكم الشرعي ثم بيان حجية القطع ثم نقول أن مباحث علم الأصول على بابين وقسمين: الباب الأول ما يكشف عن الحكم الشرعي، الباب الثاني ما يعين الوظيفة العملية للشاك في الحكم الشرعي، وخاتمة في باب التعارض والتراجيح.

هذا المعنى بشكل واضح وصريح يقول في (ص59) : (وهو أن يلاحظ في التقسيم نوع الدليل من حيث ذات الدليل وعلى اساسه تصنف البحوث الأصولية إلى قسمين: الأدلة) يعني التي تكشف عن الحكم الشرعي (وهي القواعد الأصولية التي تشخص بها الوظيفة تجاه الحكم الشرعي بملاك الكشف عن الحكم الشرعي) أعم من أن يكون دليلاً شرعياً أو أن يكون دليلاً عقلياً (والآخر هي الأصول العملية التي تشخص الوظيفة العملية لا بتوسط الكشف) ليست بصدد الكشف عن الحكم الشرعي، ولكن قبل الدخول في بيان هذين القسمين يقول (لابد من البحث في أمرين: وهو حجية القطع؛ إذ بدونه لا أثر للبحث في أي مسألة لاحقة) لأن أي مسألة تصل إليها تنتهي إلى أنها تفيد القطع، يعني قامت الأدلة على أن خبر الثقة حجة بالقطع، ولكن من قال لك أن كل قطع حجة، ثبت لك بالأدلة القطعية، يعني القطع الأصولي، أن الظهور حجة، من قال لك أن والقطع يمكن الاعتماد عليه. إذن أولاً لابد من بحث حجية القطع (إذ بدونه لا أثر، كما أنه فلابد لكل تلك الأبحاث من فكرة مسبقة عن الحكم الشرعي وحقيقته وانقساماته إلى الواقعي والظاهري والتكليفي والوضعي وغير ذلك من الانقسامات) وعلى هذا الأساس فالمنهج المقترح أن توضع مقدمة تشتمل على أمرين: البحث عن حجية القطع، والبحث عن حقيقة الحكم وما يتصور له من أقسام. فإذا أشرنا إلى هذين الأمرين في المقدمة ندخل إلى تفصيلات علم الأصول.

(أما القسم الأول فيبدأ فيه بالأدلة بصورة عامة ثم بعد الفراغ عنها تصنف إلى أدلة شرعية وأدلة عقلية).

يعتقد السيد الشهيد في هذا التقسيم المقترح، بعد أن انتهينا من هذين الأمرين نأتي إلى القسم الأول، هناك عناصر مشتركة بالقسم الأول، وعناصر مختصة بكل فصل فصل من فصول القسم الأول، يعني كيف؟ يعني أنت عندما تأتي إلى الأدلة هذه كلها توجد فيها خصوصية وهي خصوصية الكاشفية أعم من أن يكون دليلاً عقلياً أو أن يكون دليلاً شرعياً، يقول هذا العنوان فيه عناصر مشتركة وهو المصطلح عليه في الفلسفة بالأمور العامة ولكن الأمور العامة المختصة بالقسم الأول، طبعاً لا فقط هنا، يقول حتى ننتقل إلى الاصول العملية هناك مجموعة من العناصر المشتركة بين كل مباحث الأصول العملية.

التفتوا إلى التقسيم المقترح، هذا العقل المنطقي للسيد الشهيد كيف يتعامل مع علم الأصول، يقول عندما نصل إلى الأصول العملية يقول في (ص60، تقريرات السيد الهاشمي): (وأما بحث الأصول العملية فيُبدأ بالكلام أولاً عن بحوث عامة في الأصول العملية) ما معنى بحوث عامة في الأصول العملية، يعني عناصر مشتركة ولكن مشتركة في كل مسائل علم الأصول أو في خصوص الأصول العملية؟ لا، عناصر مشتركة في خصوص الأصول العملية. من قبيل ماذا؟ يقول: (من قبيل البحث عن ألسنتها) يعني الشارع إذا اراد أن يثبت لك البراءة بأي لسان يقول حتى تثبت البراءة، يريد أن يقول استصحاب بأي لسان يقول حتى تستفيد منه الاستصحاب؟ إذا يريد يقول تخيير بأي لسان لابد أن يقول حتى يفيد التخيير، هذه الصياغات في مقام الإثبات، لأن مهمة كثيراً، لأن هذه الألسنة هي التي تعين لك في مقام التعارض بعضها يتقدم على البعض أو لا يتقدم على البعض، أنت في مسألة الأصول العملية في كثير من الأحيان يحصل عندك تعارض بين الأصول العملية، يعني يحصل لك تعارض بين الاستصحاب وبين البراءة الشرعية، ايهما تقدم، تقدم البراءة أو تقدم الاستصحاب؟ الجواب: الذي يعين لك تقديم هذا الأصل على ذاك أو ذاك على هذا الذي يعين لك في مقام التعارض التقديم من هو؟ لسان ذلك الاصل العملي، بماذا ثبت؟ ولذا أعلام كالسيد الخوئي عندما جاءوا للاستصحاب قالوا أن لسان لسان الأمارة لا لسان الأصل العملي ولكن أمارة دون أمارية خبر الواحد، ولذا خبر الواحد مع أنه أمارة والاستصحاب أمارة ولكن خبر الواحد يتقدم على الامارة، والاستصحاب يتقدم على الأمارة.

هذه قضية أساسية أعزائي، والفقيه إذا لم يلتفت إلى هذا كثيراً ما يقع عنده التعارض ولا يعلم أنه بماذا يرجح، يرجح هذا الأصل أو ذاك، وهذا من مهمات بحث الاستنباط وهو بحث التعارض والتراجيح.

ولذا يقول: (كالبحث عن ألسنتها وفوارقها مع الأدلة) يعني الفارق الموجود بينها وبين ألسنة ما يسمى دليلاً، يعني ما هو من القسم الأول، حتى إذا وقع التعارض نقدم الدليل على الأصل أو يتقدم الأصل على الدليل أي منهما (ومدى إثباتها لمواردها) من الأبحاث أن الأمارات مدلولاتها الالتزامية حجة، أما الأصول العملية فمدلولاتها الالتزامية حجة أو ليست بحجة؟ على أي أساس، هل هذا اشتهاء من قبل الفقيه، هل هو مسألة ذوقية؟ لا أبداً، وإنما لسان الدليل في الأدلة جعل المدلول الالتزامي حجة على حد المدلول المطابقي، ولسان الدليل في الأصل العملي يعطي الحجية فقط للمدلول المطابقي ولا يكون مشمولاً الأصل العملي بحسب مدلوله الالتزامي لدليل الحجية.

من أين تقولون هذا؟

الجواب: يقول أقوله بحسب لسان الدليل، وليس من عندي أقوله، ولذا السيد الخوئي القائل بأن الاستصحاب من الأمارات قائل بأن مدلولاته الالتزامية ليست بحجة، لماذا قال هذا مع أنه التزم بأنه أمارة، والأمارة مدلولاتها الالتزامية حجة، يقول: لا، لسان الدليل يختلف، إذن هذه القضية غير مرتبطة ببحث التخيير، ببحث البراءة، الاصول العملية أربعة، أنا أريد أن أدخل إلى هذه الأصول العملية الأربعة، يقول في المقدمة لابد أن تبحث هذه الأمور العامة بتعبيره هو أو بتعبير العناصر المشتركة في الأصول العملية، ولذا يقول: (وكذلك عدم ثبوت المدلول الالتزامي، ثم يبحث عنها) بعد أن انتهينا من الأمور أو الأصول العامة للأصول العملية ندخل في الأصول العامة، يعني البراءة، التخيير، الاشتغال، الاستصحاب. ثم يشتمل البحث على أولاً بيان الوظيفة، يقسمها إلى قسمين (بيان الوظيفة المقررة للشبهة المجردة عن العلم الإجمالي وبيان الوظيفة المقررة عندما تكون مع العلم الإجمالي). هذا ما يرتبط بالقسم الثاني.

في القسم الأول يقول أيضاً لابد أن نقسمها بعد أن نبحث العناصر المشتركة في القسم الأول، يعني الأمور العامة في القسم الأول، ندخل إلى فصلين: الفصل الأول الأدلة الشرعية. الفصل الثاني الأدلة العقلية.

والأدلة الشرعية بعد الأعزاء الذين عادة قرءوا الحلقات يعرفون بأنه أساساً الحلقات إنما نظمت على هذا الشكل وعلى هذا البيان، يقول: (والفصل الأول من الباب الأول) بابان اساسيان (وهو الدليل الشرعي وفيه جهات ثلاثة: أولاً تحديد دلالات الدليل الشرعي وهي التي تنقسم إلى دلالات الدليل الشرعي اللفظي ودلالات الدليل الشرعي غير اللفظي) الذي يشمل التقرير والفعل في قبال الدليل الشرعي اللفظي الذي يختص بالألفاظ الصادرة، ثم في (ص59- 60) يشير ما هي مسائل دلالات أو أبحاث دلالات الدليل الشرعي اللفظي، يقول: مسائل صيغة الأمر، مادة الأمر، صيغة النهي، مادة النهي، إطلاق، عموم، مفاهيم وغير ذلك كلها تدخل في دلالات الدليل الشرعي اللفظي.

ثم بعد ذلك دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي التي هي من قبيل التقرير والفعل. وهذا الذي أقوله للأعزاء في الأعم الأغلب بحث مضمر وضعيف وساذج جداً في أبحاثنا الأصولية، وعندما تدخلون إلى مباحث الدليل الشرعي اللفظي لعل نصف علم الأصول في مباحث دلالات الدليل الشرعي اللفظي، أما الآن أساساً السيد الشهيد جعل له عنواناً مستقلاً وهو دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي وهو الفعل والتقرير، وإلا في الكتب الأصولية في الأعم الأغلب لا يوجد بحث من هذا القبيل بشكل عنوان مستقل، مع أن كثير من الأحكام الشرعية نحن نستطيع أن نستفيدها من تقرير الإمام ومن فعل الإمام عليه أفضل الصلاة والسلام.

وإلى الآن ضوابط التقرير والفعل غير واضحة إلى الآن، أقولها بشكل واضح وصريح، إلى الآن ضوابط فعل الإمام وإن هذا الفعل صادر من الإمام بعنوان أنه إمام معصوم بعنوان أنه حياة طبيعية عادية، بعنوان أنه من مختصاته عليه الصلاة والسلام، بأي عنوان صدرت هذه الأفعال من الإمام، لأن هناك جملة من الأفعال مختصة بمقام الإمام وبمقام النبوة، أساساً غير مرتبطة بنا، وهكذا التقرير، أن هذا التقرير بشكل عام أو أن القضية في واقعة أو مرتبطة بشروط خاصة، ولذا نحن إلى الآن في مسائل السيرة العقلائية والظواهر المتشرعية المعاصرة للأئمة عليهم السلام لا توجد عندنا أبحاث عميقة في هذا المجال. هذه هي الجهة الأولى في الدليل الشرعي وهي تحديد دلالات الدليل الشرعي اللفظي وتحديد دلالات الدليل الشرعي غير اللفظي.

الجهة الثانية يستعرض فيها وسائل إثبات هذه الدلالة، بأي طريق نثبت هذه الدلالة الشرعية اللفظية وهذه الدلالة الشرعية غير اللفظية، ما هو الطريق، هنا تأتي عندنا أبحاث التواتر والإجماع والسيرة والشهرة وخبر الواحد والوسائل الأخرى. طبعاً في اعتقادي هنا يأتي بحث أساس وهو أن هذه الوسائل هل تقوم على اساس المنهج الارسطي أو تقوم على اساس المنهج الاستقرائي، ولذا السيد الشهيد أيضاً جعل مقدمة لهذه الأبحاث يعني وسائل الإثبات الدليل الاستقرائي والدليل الارسطي، وبحثه بنحو الإجمال حتى يقول بأن التواتر إنما حجة على أساس المنهج الاستقرائي، الإجماع إنما يفيد الحجية على اساس المنهج الاستقرائي، خبر الواحد إنما يفيد الحجية على أساس المنهج … وهكذا الشهرة وغيرها.

الجهة الثالثة: يتكلم في حجية هذه الدلالة هل أن هذه الدلالة فقط مدلولها المطابقي حجة أو مدلولها الالتزامي حجة أو كلاهما حجة، إذا سقط أحدهما يبقى الآخر أو لا يبقى الآخر، هذه الظواهر مختصة بالسنة فقط أو تشمل الكتاب أيضاً، وهناك أبحاث أخرى هذه الأبحاث عادة علماء الأصول لم يبحثوها، وهي أين؟ التفتوا لي أعزائي لأنه نتكلم في المنهج، حتى نعرف غداً عندما نصل لا تقولوا سيدنا خرجت عن المنهج، لا لا، هي أبحاث إذا تتذكرون نحن في أول هذه الأبحاث قلنا نريد أن نبحث علم الأصول بزاوية أوسع، يعني لا نبحث مسائل علم الأصول لأجل علم الفقه فقط، نريد أن نبحث مسائل علم الأصول لأجل الفقه وغير الفقه من المعارف الدينية التي من أهمها حجية ظواهر الكتاب، وظواهر الكتاب شاملة لغير الأحكام الفقهية، فلا أقل 8% أو 90% منها غير الأحكام الفقهية، إذن لابد عندما نأتي إلى بحث حجية الظواهر أو وسائل إثبات الدلالة ماذا نفعل؟ نوسع دائرة النظر.

سؤال: إلى هنا عرفنا أن المدلول المطابقي حجة. مدلول الالتزامي حجة. مدلول التضمني لابد أن نبحثه، وفيه بحث. أهم من هذا. مدلول الإشارة لأن القرآن فقط عبارات أو فيه إشارات أيضاً، هذه الإشارات تدخل في قاعدة حجية الظهور أو لا تدخل، هذا اساساً لا يوجد لها أي بحث في علم الأصول أبداً، ولذا تجد بأن الذي يريد أن يدخل في عملية استنباط معارف القرآن واقعاً لابد أن يعقد مسألة يسميها في علم أصول التفسير وهو أن الإشارة هل هي حجة أو ليست بحجة، وإذا كانت حجة فعلى أي أساس هي حجة، كما تعلمون أن الرواية الواردة عن الإمام الحسين والإمام الصادق عليهما السلام هذا القرآن على ماذا؟ على العبارات وعلى الإشارات وعلى اللطائف وعلى الحقائق، الحقائق اتركوها لا ربط لنا بها الآن.

الآن يوجد هناك بحث، ولا أعلم أن هذا نقل بالمعنى، عندما تكلم قال الإشارة والعبارة ولكن عندما وصل إلى اللطائف لم يقل اللطيفة والحقيقة بل قال لطائف وحقائق، عندما كانت العبارة والإشارة أفرد وعندما وصلت إلى الحقائق واللطائف جمع، لماذا؟ لعله يكون نقل بالمعنى، ولا أريد أن أدخل في هذا البحث وإن أشرت له تفصيلاً في كتاب (معرفة الله).

سؤال: العبارات واضحة أعم من أن تكون مدلول مطابقي، مدلول التزامي، مدلول تضمني. الإشارات ماذا حجة أو ليست بحجة؟ أصعد درجة اللطائف حجة أو ليست بحجة.

يكون في علمكم العبارة والإشارة واللطيفة كلها مرتبطة باللفظ، عندما أقول اللفظ أعني وعلاقته بالمعنى، أما الحقيقة فمرتبطة بالمصداق والوجود الخارجي، ولذا تلك تخرج من عالم الألفاظ، نحن نتكلم في حجية الظواهر، هذه الظواهر عندما نقول ظواهر القرآن حجة، أيها الفقيه أيها الأصولي أيها الذي تسمي نفسك عالم دين، عندما تقول الظواهر حجة أي درجة من درجات الظواهر حجة؟ فقط تلك الظواهر التي والعرف ببابك، يعني ما يفهمه عموم الناس، أم شيئاً احتاجت إلى الدقة والعمق لا تدخل في عالم الظواهر، أو تدخل؟ أين نبحثها.

نبحثها في الفيزياء؟! في النتيجة نحتاج إلى علم نبحثها فيه، وأنا أتصور أن أفضل مكان لبحثها هو علم الأصول، واقعاً افضل مكان لبحثها علم الأصول، خصوصاً ومؤسسو هذا العلم يقولون أن هذا العلم هو المقدمة لفهم معارف الدين، ومن معارف الدين الإشارات واللطائف

إذن إن شاء الله تعالى إذا وفقنا بإذن الله تعالى، طبعاً في الدورتين السابقتين لم نعرض لهذه المسألة حيث أني في كتاب بحث الظن لم أشر لهذه المسألة لا من قريب ولا من بعيد. والسبب أنه مباشرة بمجرد أن نطرح هذا العنوان قد يقال أن هذا إدخال البحث العرفاني إلى البحث الأصولي أو البحث الكذائي … لا أبداً أخواني واقعاً أبحاث معرفية يحتاج إليها المتعامل من النص الديني أعم من أن يكون هذا النص الدين يقرأناً أو رواية. ولذا إن شاء الله لابد أن نقف عند هذه القضية، طبعاً أشرت إلى إشارات إجمالية لها في (ج1 من شرح آية الكرسي) التي إن شاء الله خلال شهرين أو ثلاثة يتهيأ، هناك أشرت إلى الإشارة متى تكون حجة ومتى لا تكون حجة، وهل تكون مشمولة لحجية الظهور أو لا تكون، اللطائف متى تكون ومتى لا تكون؟

بحث آخر، هذه كله لابد أن نبحثها في علم الأصول، وهي القرائن اللبية، التي هي ليست لفظية، وإنما قرائن عبروا عنها محيطة بصدور النص، هذه القرائن اجتماعية سياسية اقتصادية ثقافية، بعضها قرائن عقلية، بعضها قرائن عقلائية، هذه غير موجودة، يعني هل تراها أنت عندما صدر النص او لا تراها، لا قرينة لفظية متصلة ولا قرينة لفظية منفصلة، قرائن لفظية أو غير لفظية؟ قرائن لبية غير لفظية.

سؤال: هذه أي قدر تدخل على النص وتؤثر على النص، أو أنها لا مدخلية لها، ماذا تقول؟

يعني بينكم وبين الله الآن هل يوجد فقيه في زماننا عندما يريد أن يعطي حكماً شرعياً لا ينظر إلى الظروف التي يعيشها السائل ليجيبه على الحكم الشرعي، أو في الأعم الأغلب ينظر إلى هذه الحقيقة، مع أن هذه القرائن منظورة مكتوبة أو غير مكتوبة؟ غير مكتوبة وغير موجودة، انظروا إلى الخطأ الفاضح عندما تأتي أنت بعد عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً وتريد أنت أن تقرأ هذه الفتوى مجردة عن ظروفها التي صدرت فيها، فهل تكون هذه القراءة لهذه الفتاوى واقعية أو غير واقعية؟ غير واقعية. تقول: كيف أن فقيهاً يصدر هكذا فتوى، لا تعلم الظروف التي كان يعيش فيها الفقيه، أو الإمام لماذا قال هذا الكلام، لماذا أمير المؤمنين في نهج البلاغة تكلم بهذا الكلام. أنت هل عشت تلك الظروف أو لم تكن تعيشها. الآن من الأعزاء يجرئ على فضائية أو على قناة عندما يأتي باسم الأول أو الثاني يقول عليه كذا وكذا وكذا من؟! لا أحد يستطيع ذلك، لا أقل كثير من الفضائيات، بعضها تفعل. لماذا؟ ما الذي يمنع الآن؟ بغض النظر عن البحث الكلامي للمسألة. تقول: بأنه أساساً هذه دعوة التقريب ودعوة وحدة المسلمين ودعوة أن خطابنا لابد أن يكون كذا وكذا يستلزم أن نقول ذاك أو لا نقول ذاك؟

التفتوا لي أعزائي، وهذا أين لابد أن نبحثه، أين نبحث هذه المسألة بالخصوص؟

على ذلك يقول: (وبعد ذلك ننتقل إلى الدليل العقلي ويدخل فيه البحث عن كل قضية عقلية يمكن أن يستنبط منها حكم شرعي) هذه إما يستنبط منها حكم شرعي بواسطة دليل شرعي أو بلا دليل، يعني المستقلات العقلية وغير المستقلات العقلية، ثم البحث العقلي تارة يكون البحث فيه بحثاً صغروياً، يعني تحديد هذه الصغرى وأخرى يكون البحث بحثاً كبروياً يعني حجية الدليل العقلي لاستكشاف الحكم الشرعي. أيمكن الاستناد إليه أو … لعله يوجد نهي كما ذكر بعض علمائنا.

هذا هو التقسيم الأول وهو الذي سار عليه سيدنا الشهيد في حلقات علم الأصول.

التقسيم الثاني يأتي.

 

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات