أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
كان الكلام في ما اقترحه سيدنا الشهيد لتقسيم مباحث علم الأصول، والفهرسة التي ينبغي أتباعها لتقسيم المباحث الأصولية، قلنا يوجد عنده مقترحان أشرنا إلى المقترح الأول بالأمس، وبينا أنه يقول أنه يكون على أساس مقدمة وبابين وخاتمة، أما المقدمة فتشتمل على بيان أمرين:
أولاً: بيان حقيقة الحكم الشرعي وتقسيماته والعلاقة فيما بين الأقسام.
والثاني: بيان حجية القطع.
ثم ندخل إلى الباب الأول وهو الدليل الشرعي وقلنا بأنه في الدليل الشرعي أشار إلى أن هناك جهات ثلاثة للبحث، أشرنا إليها بالأمس. ثم ننتقل إلى الدليل العقلي وبعد ذلك يقع البحث في الخاتمة التي هي في التعارض، وهنا يبين السيد الشهيد بأن الحلقات الثلاث كتبت على أساس هذه المنهجة وهذا التقسيم، وهذا ما أشار إليه في آخر (ص62) قال: (غير أننا فضلنا منهج التقسيم الثاني في الحلقات الدراسية الجديدة التي وضعناه كبديل للكتب الدراسية الأصولية القائمة فعلاً لأنه في رأينا أكثر قدرة على إعطاء الطالب صورة أوضح عن دور القاعدة الأصولية في المجال الفقهي ورؤية أجلى لكيفية الممارسة الفقهية لقواعد علم الأصول).
أما التقسيم الثاني: فيما يتعلق بالتقسيم الثاني أيضاً هنا السيد الشهيد يقول كما احتجنا في التقسيم الأول إلى مقدمة تشتمل على أمرين في التقسيم الثاني أيضاً نحتاج إلى مقدمة تشتمل على أمرين، وأشرنا إليهما.
أما هذا التقسيم فأنه يبتني على قضية أخرى وهو بالأمس قلنا يبتني على نوع الدليل وهنا يبتني على نوع الدلالة، وهي هل أن الدلالة دلالة لفظية أو أن الدلالة دلالة تعبدية أو أن الدلالة دلالة عقلية، أي منها؟ وعلى هذا الأساس يقسم هذه الأدلة إلى أدلة دلالاتها لفظية وإلى أدلة دلالاتها تعبدية وإلى أدلة دلالاتها عقلية، ولذا يأتي في (ص57 و 58 في تقريرات السيد الهاشمي) يقول: (التقسيم بلحاظ نوع الدليلية) أي الدلالة وهو أن يلاحظ في التقسيم أن مضمون الدليل ما هو، هل هو دليل لفظي، أو هو دليل عقلي أو هو دليل تعبدي، أما إذا كان الدليل لفظياً وهو المعبر عنه بمباحث الألفاظ يبحث فيه كل الأبحاث المرتبطة بتشخيص الظهورات، يعني العام والخاص، الأوامر، النواهي ومتعلقاتها.
ثانياً: مباحث الاستلزام العقلي وهي تنقسم كما قرأنا فيما سبق إلى مستقلات وإلى غير مستقلات.
ثالثاً: مباحث الدليل الاستقرائي.
رابعاً: الحجج الشرعية، التي عبر عنها بالتعبدية وهي تنقسم إلى أمارات واصولية عملية.
وخامساً: الأصول العملية العقلية، وهي الاشتغال والعلم الإجمالي وغيرها.
ثم هنا السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه في (ص61) يدخل في بيان مقارنة إجمالية بين هذين التقسيمين أنه ما هي خصوصيات التقسيم الأول وما هي خصوصيات التقسيم الثاني، ويشير أيضاً إلى هذه النكتة أن مباحثه في بحث الخارج حاول أن يقترب فيها من التقسيم الثاني لا من التقسيم الثاني، يعني بعبارة أخرى، لماذا؟ يقول: باعتبار أن هذا التقسيم الثاني الذي أشرنا إليه أقرب إلى المنهج التقليدي الذي هو المنهج الأول الذي أشرنا إليه أقرب من التقسيم الأول الذي هو اقترحه.
تقريباً هذه خلاصة ما ذكره السيد الشهيد فيما يقترحه لتنظيم مباحث علم الأصول.
ولكن بغض النظر عن أن نتكلم عن التقسيم الأول أو التقسيم الثاني وأن هذا أرجح أو ذاك أو لا هذا ولا ذاك، من هذين التقسيم نصل إلى نكتة التفتوا لها جيداً، وهي أن السيد الشهيد هو أقر في هذين التقسيمين بأن الأدلة المستعملة في المباحث الأصولية تنقسم إلى أقسام عديدة، فبعضها أدلة لفظية، وبعضها أدلة تعبدية، وبعضها أدلة عقلية، السؤال المطروح هنا: وهو أن نسبة المحمولات في الأدلة اللفظية هل هي كنسبة المحمولات في الأدلة العقلية، وأن نسبة المحمولات في الأدلة العقلية هل هي كنسبة المحمولات في الأدلة التعبدية، أو أن سنخ المحمولات في هذه الأنحاء الثلاث من الدليل مختلفة، فالنتيجة هل أن الموضوع في الأدلة اللفظية كالموضوع في الأدلة التعبدية والعقلية، هل الموضوع واحد أو متعدد، هل يعقل أن يكون الموضوع واحداً ولكن المحمولات بعضها لفظية وبعضها تعبدية وبعضها عقلية، هذا معقول، أو أن الموضوع في الأدلة اللفظية شيء والموضوع في الأدلة التعبدية شيء والموضوع في الأدلة العقلية شيء آخر, إذن التفتوا إلى هنا:
أولاً: اختلفت نسبة المحمولات إلى الموضوع.
ثانياً: اختلفت نفس الموضوعات في المسائل الأصولية.
ثالثاً: هل المنهج المتبع في تحقيق الأدلة اللفظية، يعني في نسبة المحمول إلى الموضوع، في الأدلة اللفظية هل المنهج واحد في هذه الأنحاء الثلاثة من الأدلة أو المنهج مختلف، بطبيعة الحال المنهج المتبع في الأدلة العقلية لا يكون إلا المنهج العقلي البرهاني أو الاستقرائي، والمنهج المتبع في الأدلة التعبدية لابد أن يكون شرعياً لا عقلياً ولا لفظياً، والأدلة المستعملة أو المنهج المستعمل في الأدلة اللفظية لا هو عقلي ولا هو شرعي، إذن المسائل الأصولية من حيث المنهج متعدد، من حيث الموضوع واحد أو متعدد، من حيث طبيعة المحمولات والعلاقة بينها وبين الموضوعات واحد أو متعدد. وعلى هذا فهل أن علم الأصول علم حقيقي بالمعنى المصطلح أو لا؟ هذا إقرار صريح من سيدنا الشهيد أن المسائل الأصولية ليس لها موضوع واحد، لذا هو صريحاً وبشكل واضح يقول: (التقسيم بلحاظ نوع الدليل) ثم يقول (وهذه إما شرعية تصنف إلى أدلة شرعية وإلى أدلة عقلية) أما في التقسيم الثاني قال: (وهي متنوعة من حيث الدلالة وكونها لفظية أو عقلية أو شرعية) وهذا هو الذي أكدنا عليه في الأبحاث السابقة.
إذن صحيح أن السيد الشهيد بما أوتي من جهد علمي ودقة عالية صور لنا موضوعاً واحداً لعلم الأصول سماه العنصر المشترك أو العناصر المشتركة ولكن هل هذا يدل على أن الموضوع واحد أو لا يدل؟ لا يدل، لأن العنصر المشترك أو العناصر المشتركة هذا عنوان انتزاعي لابد أن نرجع إلى مصاديق العناصر المشتركة، ما هي مصاديق العناصر المشتركة، ننظر إلى المصاديق فبعضها لفظية له موضوع ومحمول ومنهج خاص، وبعضها شرعية لها موضوع ومحمول ومنه خاص، وبعضها عقلية لها موضوع ومحمول ومنهج خاص.
إذن بأي حال من الأحوال لا يمكن أن نصور موضوعاً لعلم الأصول بالمعنى المصطلح في علم المنطق، يعني يكون هو المحور في جميع المسائل وتكون جميع المحمولات محمولات ذاتية لهذا الموضوع، هذا ما لا يمكن، وهذا تصريحه وقبوله بهذا الأصل، وكذلك بالنسبة إلى المنهج فأن المنهج واحد، وكذلك نسبة المحمولات إلى الموضوعات فهي متعددة. ولذا بهذا البيان يتضح لنا أنه بهذين التقسيمين اتضح … هذه نكتة أشرنا إليها فيما سبق، ولكن هنا يوجد تصريح من السيد الشهيد بأن موضوع علم الأصول إذن ليس هو موضوع بالمعنى المصطلح لموضوع العلم، ما هو المعنى المصطلح لموضوع العلم؟ هو أن تكون كل المحمولات بالنسبة إليه محمولات ذاتية، وهذا متوفر في المقام أو غير متوفر؟ لعله بعض المسائل المرتبطة بالأدلة العقلية المحمول فيه ذاتي للموضوعي ولكن ليست كل مسائل علم الأصول كذلك، إذن لا ينبغي إذن أن نبحث عن تعريف جامع مانع لمسائل علم الأصول، لا يوجد، ولا ينبغي أن نبحث عن وجود موضوع بالمعنى المصطلح في نظرية المعرفة وعلم المنطق، ولا يجوز أيضاً أن نبحث عن أن تمايز علم الأصول عن باقي العلوم بالموضوع. وهذا الذي اصطلحنا عليه فيما سبق قلنا أن علم الأصول علم هو مجموعة مسائل يحتاج إليها الفقيه في عملية الاستنباط، ولذا الواقع الذي يكون أصولياً بالمعنى الأخص، يعني بالحمل الشائع، يعني واقعاً الملكة الأصولية حاصلة عنده، هذا الإنسان ملم بعدة علوم لا بعلم واحد، لأنه كثير من المسائل لفظية فلابد أن يكون عنده اطلاع كافي عن المسائل اللفظية، الكثير من المسائل عرفية عقلائية لابد أن يطلع عليها، كثير منها هي مسائل عقلية لابد أن يكون له اطلاع وباع واسع فيه وإلا كان مقلداً شاء أم أبى.
ولذا أولئك الذين يقولون الفلسفة لا نحتاج اطمأن إما أنهم يدرسون الفلسفة في الواقع ولا يخبروا الناس وإما أنهم مجموعة من المقلدين في مباحث الأصول، وأنا لا أعلم إذا صار في أقرب مقدمات عملية الاستنباط وهي المسائل الأصولية التي جملة منها عقلية كان مقلداً كيف يكون مجتهداً في الفقه، لا أقل حتى لو لم نقبل بأن هذه القاعدة على إطلاقها أن النتيجة تتبع أخس المقدمات، لا إشكال أن المقدمات القريبة لابد أن يكون الفقيه فيها مجتهد، قد يقول قائل: المقدمات البعيدة لا يستطيع، أن يكون مجتهداً، كم من الأبحاث القرآنية لها مدخلية في عملية الاستنباط الفقهي، خصوصاً إذا بنينا أن الفقيه هو للحياة يعني كل المسائل، ليس فقط الطهارة والنجاسة والحلال والحرام، إذن الفقيه أنا لا أريد أن أقول بأنه لابد أن يكون الأعلم في التفسير والأعلم في الفلسفة والأعلم في الأصول … لا لا، لعله لا يمكن، ولكنه لابد أن يكون له باع ولابد أن يكون مجتهداً في هذه العلوم الدينية وإلا لا يمكن القبول بأنه مجتهد في بيان الحلال والحرام، ولذا نحن عندما جئنا إلى مسائل الأعلمية في باب الاجتهاد والتقليد قلنا لا يكفي هو الأعلم في مسائل الحلال والحرام، هذا ليس أعلم، الأعلم هو الذي يكون الأقدر على الاستنباط في مجموعة المعارف الدينية.
تقول: سيدنا العملية فيها كثير من المشاكل قبل هذا، وبهذا تتعقد أكثر.
عملية الاجتهاد تتعقد يوم بعد يوم، وإلا عملية الاجتهاد في زمان الشيخ الطوسي، والشيخ الطوسي في عدة الأصول، أصلاً الطوسي في علم الأصول يساوي عدة الأصول لا أكثر، هذه قدرته الأصولية تجلت في عدة الأصول، الآن لا قياس بين عدة الأصول وبين مباحث علم الأصول في زماننا، وهكذا الفقه، أقرأ الفقه في زمان الشيخ الطوسي والشيخ المفيد، وأقرأ الفقه في زماننا، تقول: يعني ليس بمجتهد. أقول: لا، بل هو مجتهد وأعلم ولكن ماذا؟ وهذه واحدة من أهم أدلة أنه لا يجوز تقليد الميت ابتداء هذا دليله، إجماعات هذا منشئها، لماذا؟ لأن الحركة الفقهية والحركة الأصولية في تكامل، أقرأ أنتم في مقدمة الجزء الأول من القسم الثاني تقريرات السيد الحائري. بودي أن يطلع عليها الأخوة. يقول السيد الحائري أنا ذهبت إلى السيد الشهيد لأحضر درسه وكنت مجتهداً، فطالبته بإجازة، هذا مضمون كلامه، قال لي أنت مجتهد على مستوى مدرسة النجف، ولكن إذا كنت تريد أن تكون مجتهداً على مدرستي فتحتاج إلى الدرس عندي لخمس سنوات، مجتهد يحتاج أن يدرس، بغض النظر عن أننا نوافق أو لا نوافق على هذا، ذاك المقام الأول أريد أن أقول أن السيد الشهيد يرى أن شخصاً قد يكون على مستوى مدرسة النجف مجتهد ولكن على مستوى مدرسته ومبانيه الأصولية ليس بمجتهد، ممكن.
إذن العملية تتعقد يوم بعد يوم، وهذه العملية الأصولية، ولذا أعزائي حاولوا أن تقرءوا علم الأصول بهذا النفس وبهذه الرؤية لا أنه تستنبط كتاب الطهارة وكتاب النجاسة. نعم، ذاك مهم في محله، ولكن علم الأصول لم يولد في معارفنا وفي أسسنا المعرفية لاستنباط هذه المباني فقط. هذا تمام الكلام في هذين المقترحين.
وبقي عندنا مقترحان آخران أشار إليهما السيد السيستاني في الرافد، السيد السيستاني في كتابه الرافد … نحن عندما نقول قال السيد السيستاني هذا مراراً ذكرته للأعزاء عندما أقول قال السيد السيستاني لا يقول لي قائل: على أي أساس تقول؟ الجواب: باعتبار أنه في التقريظ يقول: (فوجدته وافياً بالمراد مستوعباً لما ذكرته في مجلس الدرس). يعني هذه مباني السيد السيستاني. أؤكد على هذه النقطة باعتبار الكلام المعروف، ولكنه في المقدمة هناك تقريظ في هذا الكتاب ولولا وجود هذا التقريظ لما نقلت منه ولا كلمة واحدة.
في (الرافد، ج1، ص31، المبحث الثالث: منهج علم الأصول) يقول: (هناك منهجان في تصنيف علم الأصول) يشير إلى المنهج الأول ويناقشه مناقشة تفصيلية، هذا طبعاً هو منهج القدماء وأشرنا نحن له في أبحاث سابقة. ثم يقول (المنهج المقترح في علم الأصول، وهو عندنا طريقتان) الطريقة الأولى: يقول لا إشكال ولا شبهة نحن إنما نريد علم الأصول لأجل الفقه، والفقه محوره هو الحكم الشرعي، إذن في علم الأصول نبحث عن الحجة الدالة على الحكم الشرعي، هذا البيان الذي يتذكر الأخوة نقلنا عن السيد البروجردي فيما سبق.
يقول في (ص43): (بما أن علم الأصول وضع كمقدمة لعلم الفقه فلابد أن يكون تصنيفه ومنهجه منسجماً مع مقدميته وحيث أن علم الفقه هو العلم الباحث عن تحديد الحكم الشرعي فالمناسب لتصنيف علم الأصول أن يدور مدار الحجة المثبتة للحكم الشرعي وذلك اخترنا أن موضوع علم الأصول هو الحجة في الفقه). على هذا الأساس أعزائي يقول بأننا في علم الأصول نبحث عن الحجة الدالة على الحكم الشرعي. ومن هنا لابد من تعريف الحجة أولاً وأقسام الحجة ثانياً. طبعاً تعريف الحجة لا يشير له ولكن واضح وإلا تريد أن تقول الحجة لابد أن تعين أي حجة، هو يقول نحن نطبق ذلك من خلال الأقسام ومن هنا يقول عندنا ثلاث أقسام في علم الأصول:
القسم الأول: حجية الاحتمال لإثبات الحكم الشرعي.
القسم الثاني: حجية الكشف لإثبات الحكم الشرعي.
القسم الثالث: حجية الميثاق العقلائي لإثبات الحكم الشرعي.
إذن ما هي النتيجة؟
النتيجة أننا نبحث عن الحجية، وهذه الحجية على أقسام ثلاثة، القسم الأول حجية الاحتمال، القسم الثاني حجية الكشف، القسم الثالث حجية الميثاق العقلائي. وواضح أن هذه الاصطلاحات اصطلاحات جديدة لابد أن يعرفها واحداً واحداً، ما هو المراد من الاحتمال، ما هو المراد من الكشف، ما هو المراد من الميثاق العقلائي.
يقول في (ص44): (أما القسم الأول وهو الاحتمال وهو على خمسة أصناف) الآن أنم لا تستغربون من الاصطلاحات لأنه بعد ذلك هو يقول أن هذا الذي أقوله غريب عن الذهنية … يقول: (ولكن لبعد هذه الطريقة عن المألوف في التصنيف الحوزوي لعلم الأصول ومن شرائط فن التصنيف أن لا يعد طفرة مستنكرة ما دامت خطوات التدريج كافية في تحقيق الهدف) وأنا لا أعلم بأن هذا المنهج السيد دام ظله يستعمل في الأصول فقه أو في مواضع أخرى أيضاً، هذا منهج، يقول نحن لا نحاول أن نغير الأمور من خلال الثورة، وإنما من خلال التدريج والإصلاح، هذا كما يشير إليه هنا في بحث الأصول.
يقول (وهو الاحتمال) يقول الاحتمال له مراتب متعددة أو أصناف متعددة (الاحتمال الواصل لدرجة القطع) إذن المصداق الأول للاحتمال هو القطع، ومن حقك أن تسأل: تعبير القطع أين وتعبير الاحتمال أين، نحن في علم المنطق نجعل القطع في قبال الظن وفي قبال الشك وفي قبال الوهم و… يقول أنا استعمل الاحتمال بالمعنى الأعم الأعم، ولذا قلت بأنه لا تستغرب من الاصطلاح، لأنه بعد ذلك يقول بأن هذا منسجم مع الذهنية الأصولية أو غير منسجم؟ غير منسجم، وهو يقر بهذا. (الاحتمال الواصل لدرجة القطع والبحث في حجية بحث في حجية القطع). إذن أول بحث يبحثه بحث حجية القطع، (الثاني الاحتمال الواصل لدرجة الاطمئنان والبحث عنه هو المتعلق بحجية الاطمئنان) لأن هناك بحث بين الأعلام أن حجية الاطمئنان حجية مجعولة أو جعلية أو حجية ذاتية كحجية القطع، في كلمات السيد الشهيد هذا المعنى بشكل واضح مطروح وهو أن حجية الاطمئنان قد يقال بأنها حجية ذاتية أيضاً كحجية القطع.
(الاحتمال الثالث أو القسم الثالث الاحتمال المعتمد على قوة المحتمل وإن كانت درجة الاحتمال ضعيفة) يعني الكاشف ضعيف ولكن المنكشف يهتم به الشارع كثيراً (وهو المتحقق في موارد الأعراض والأموال والدماء والبحث عن حجيته هو البحث المتعلق بأصالة الاشتغال)، أنتم انظروا إلى التقسيم الأصولي كيف سيكون، يعني ستبحث أن عن أصالة الاشتغال الذي هو من الأصول العملية مع حجية القطع التي هي أصل كل المباحث … ولذا بعد ذلك لا أعلق لأن هذه تعليقاتي، لأن البحث جداً غريب، بحث مرتبط بالأصول العملية يدخل في قسم واحد مع بحث مرتبط بحجية القطع، لا يوجد انسجام، نعم، هناك انسجام في شيء واحد وهو أن في عنوان الاحتمال الانتزاعي الذي له مصداق متشابه أو لا يوجد؟ أصلاً أي مشابهة بين القطع وأصالة الاشتغال، إلا في العنوان الانتزاعي الذي انتزعته وسميته عنوان الاحتمال وهذا هو الذي اصطلح عليه، وهذا ليس تعبيري، يقول (وهذه جميعاً – الخمسة- ينطبق عليها عنوان حجية الاحتمال) ولكن مصاديق هذا الاحتمال ما هي؟ هل توجد سنخية بينها؟ لا سنخية بينها.
(الرابع الاحتمال المعتمد على العلم الإجمالي، الخامس الاحتمال الذي لا يستند لقوة في درجته) يعني في الاحتمال (ولا أهمية في المحتمل) يعني كما في الثالث (وهو على نوعين الاحتمال المصطدم باحتمال معاكس له لوجود علم إجمالي بالجامع وهو أصالة التخيير، الاحتمال غير المصطدم وهو أصالة البراءة). على هذا الأساس بحث القطع وبحث الاطمئنان وبحث الأصول العملية من الاشتغال والتخيير والبراءة … تكون تحت عنوان واحد، أنت عندما تأتي إلى هذه الأصناف الخمسة توجد بينها سنخية أو لا توجد؟ لا سنخية في الموضوع، لا سنخية في المحمول، لا سنخية في الأدلة المستعملة في هذه الأقسام. هناك السيد الشهيد عندما قال دليل شرعي، دليل عقلي، دليل لفظي، عندما تضع يدك على كل قسم من هذه الأقسام هناك سنخية، سنخية في الموضوع، سنخية في المحمول، سنخية في نسبة المحمول إلى الموضوع، سنخية في الدليل أو المنهج المتبع في تحقيق المسائل، أما هنا توجد أي سنخية بين مسائل هذه الأصناف الخمسة أو لا توجد؟ لا توجد.
نعم، فقط يجمعها عنوان كلي وهو حجية الاحتمال. هذا هو القسم الأول أو الباب الأول بحسب تصنيف كتاب الرافد.
(الباب الثاني حجية الكشف، والكشف على نوعين: إدراكي وإحساسي، فالكشف الإدراكي) كما قلت لأني مضطر إلى قراءة عبارات السيد حفظه الله حتى يتضح، لماذا؟ لأن هذه الاصطلاحات غير متعارفة في علم الأصول، ولذا نحتاج إلى تعريفه هو بماذا يعرفها، لأنه أنت مرة تقول كاشفية وكشف مباني المرزا واضحة والجميع يعرفها، ومرة تقول أنا عندما أطلق الكشف أريد اصطلاحي الخاص، ولا مشاحة في الاصطلاح (فالكشف الإدراكي هو المتوفر في الأمارات العقلائية والشرعية التي قام الشرع أو المجتمع العقلائي بتميم الكشف فيها، وهذا هو بحث حجية الأمارات والطرق) إذن هذه يخرجها عن القسم الأول، أنا لا أعلم ليست من مصاديق الاحتمال أو من مصاديق الاحتمال؟! في النتيجة ماذا تقولون أن هذه الطرق احتمال أو ليست باحتمال؟ واحدة من أقسام الاحتمال، إذن الإشكال الذي يرد عنا تداخل الأقسام. لأنه نحن نتكلم عن الاحتمال والأمارات العقلائية يوجد فيها الاحتمال.
سيدنا ما هو الكشف الاحساسي؟ قال: (والكشف الاحساسي هو المتوفر في بحث الاستصحاب) إذن الأصول العملية فصلها وبعّضها عن بعض، ثلاثة منها جعلها في الاحتمال، وقسم منها رابع جعله في الاستصحاب، ولم يذكر لنا أنه أين يريد أن يجعل الطهارة، لأنكم تتذكرون أنه فيما سبق صرح بأن أصالة الطهارة أيضاً من المباحث الأصولية ولابد أن تدخل. هنا لا يشير لها ولا أعلم أنه يجعلها في القسم الأول أو في القسم الثاني.
(والكشف الاحساسي هو الاستصحاب فإن الإنسان إذا أحس بشيء ما ثم غاب الشيء عن وعيه فإنه قد يبقى ذلك الكشف الاحساسي عنده وهو شعوره بأن الشيء ما زال موجوداً) أنا لا أريد أن أدخل في المناقشة لأنه أساساً كما سيتضح بعد ذلك أن هذه الفهارست والتقسيمات إنما ذكرناها للاطلاع وليس للوقوف عندها والمشي على طبقها.
سؤال: يعني موارد الاستصحاب كلها لابد أن تكون من الأمور المحسوسة أو أن الاستصحاب يجري في غير الأمور المحسوسة أيضاً؟
من العبارة غير واضح من السيد، وخصوصاً ما سماه الكشف الاحساسي، أي حواس هذه يقصد، إحساس الحواس الظاهرة أو أيضاً يشمل إحساس الحواس الباطنة، وهنا قيد جديد في الاستصحاب وهو أن يكون من المحسوسات مثلاً، هل هذا مقصوده، والأمر لكم والتعليق لكم.
(الثالث حجية الميثاق العقلائي والمقصود به كل طريق تبانى عليه المجتمع العقلائي كميثاق يؤخذ بلوازمه وآثاره سواء كان ذلك التباني بسبب الكاشفية أو عدم وجود الكاشفية) الآن نضع يدنا أين؟ إذا كان هذا الميثاق العقلائي بسبب الكاشفية، هذا ما هو فرقه عما ذكره قبل ذلك وقال بتميم الكشف فيها؟ هل هناك فرق أو لا؟ هذا واحد. ثم لماذا تخرج عن الاحتمال، فيها كاشفية يعني فيها احتمال.
إذن الإشكال المشترك بين هذه – بغض النظر عن استغراب أن تتبعض المباحث الأصولية بهذه الطريقة بلا جامع فني بينها – هو تداخل الأقسام. ولذا أنا أتصور أنه ملتفت كان هو إلى هذه النكتة ولذا قال: (فهذه الطريقة الأولى من المنهج المقترح لتصنيف علم الأصول المبنية على محور الحجية للدليل ولكن لبعد هذه الطريقة عن المألوف في التصنيف) وأضيف ولعدم فنيتها التقسيم غير فني. نعم، بإمكان أي أحد أن يقدم أي تقسيم يقول أنا مزاجي ينسجم مع هذا التقسيم، لأنه كما قلنا في أول هذه الأبحاث كما لا مشاحة في الاصطلاح لا مشاحة في التقسيم، أنت حر، ولكن كل من ذكر تقسيماً كما ذكره المحقق الأصفهاني وكما ذكره السيد الخوئي وذكره السيد الصدر كانت قائمة على اساس نكات فنية وإلا إذا لم توجد نكتة فنية لماذا هذا الشكل لا ذاك الشكل مثلاً.
هذا هو التقسيم الأول الذي يقترحه.
التقسيم الثاني الذي يقترحه الذي أعنونه فقط وسيأتي تفصيله يوم غد لأنه مهم جداً، وهو أنه التقسيم على أساس الاعتبار، يقول: (لا إشكال ولا شبهة أن الفقه لأجل بيان الحكم الشرعي) هذه مقدمة، والمقدمة الثانية (أن الحكم الشرعي نوع من أنواع الاعتبار) من هنا لابد أن نأتي إلى علم آخر وهو علم الأصول الذي قلنا بأنه لا يوجد بحسب المصطلح الفني عندنا علم باسم علم الأصول وإنما هي مجموعة مسائل سميت بعلم الأصول، وإلا هذا اللفظ ليس له معنىً فني بالمعنى الفني للعلم. هذا الاعتبار لابد أن نعرفه أولاً، لابد أن نعرف أقسامه ثانياً، لابد أن نعرف العلاقة القائمة بين هذه الأقسام ثالثاً، إن شاء الله تعالى الأعزاء واقعاً أدعوهم لمطالعة هذا البحث هناك. يقول تعريف الاعتبار، تقسيمه للاعتبار، العلاقة بين الاعتبار، أسلوب الجعل للاعتبار، مراحل الاعتبار، العلاقة بين أقسام الاعتبار، عوارض الأحكام، وسائل إبراز الاعتبار، وسائل استكشاف الاعتبار، وثاقة هذه الوسائل …
فإذن يقول علم الأصول موضوعه يكون الاعتبار، وهذه كلها تكون عوارض للاعتبار. هذا البيان أولاً ما هو، وثانياً أنه بيان له دام ظله أو كلام مأخوذ من مكان آخر؟ بحثه يأتي.
والحمد لله رب العالمين