الأخبار

المحاضرة (38)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

التقسيم الثاني الذي أشار إليه السيد السيستاني أو الطريقة الثانية قائمة على أساس الاعتبار، قلنا بأن التقسيم الأول كان قائماً على أساس الحجية، وهي إما حجية الاحتمال أو حجية الكشف أو حجية الميثاق العقلائي، وتكلمنا في هذا التقسيم.

أما التقسيم الثاني وهو الذي اشار إليه قال في (الرافد، ص46): (حيث أن المبادئ التصديقية لكل علم إما أن تكون بديهية) طبعاً المقصود من المبادئ التصديقية من أهم المبادئ التصديقية لكل علم هو موضوع ذلك العلم، فإنه إثبات كان التامة لموضوع أي علم ليست مسألة من مسائل ذلك العلم، أنت عندما تأتي إلى أي علم من العلوم في ذلك العلم تبحث عن العوارض الذاتية لموضوع العلم، أما هل العلم موجود أو غير موجود، له تحقق أو ليس له تحقق؟ هذا نعبر عنه بكان التامة لموضوع العلم، دائماً في كل علم يبحث عن كان الناقصة لموضوع العلم، مسائل كل علم هي كان الناقصة، ولذا أنت تقرأ مسائل كل علم ما يبحث عن عوارضه الذاتية، يعني أصول الموضوع مفروغ عنه. أين يبحث؟ يبحث في محل آخر، أما أن يبحث في علم آخر أو يبحث كتمهيد أو لا يبحث باعتبار أن الموضوع بديهي، كما يقال أن مفهوم الوجود مفهوم بديهي، ولذا لا يبحث عنه في علم آخر.

السيد السيستاني يشير إلى هذه النكتة يقول (حيث أن المبادئ التصديقية لكل علم إما أن تكون بديهية فلا تحتاج للبحث، وإما أن تكون نظرية فتبحث في علم آخر) مثلاً على سبيل المثال أنت عندما تأتي إلى مبحث علم الأخلاق لا تبحث في علم الأخلاق النفس الإنسانية مادية أو مجردة، تبحث عن أحكام النفس الإنسانية وعوارض النفس الإنسانية، أما النفس الإنسانية موجودة أن غير موجودة، مجردة أو مادية، هذه لا يبحث عنها في علم الأخلاق بل يبحث عنها في علم الفلسفة، كذلك هنا يريد أن يطبق هذه القاعدة، يقول: (وإما أن تكون نظرية فتبحث في علم آخر يكون) ذاك العلم الآخر (يكون مقدمة لهذا العلم) الآن واقعاً كل ما يبحث فيه موضوع العلم يصير مقدمة أو يصير مقدم ذاك بحث آخر، الآن لا نريد أن ندخل في بحث مع السيد في هذه النقطة، ليس بالضرورة إذا كان موضوع علم يبحث في علم آخر يكون ذاك العلم مقدمة. نعم، يكون مقدماً والمقدم ليس مقدمة، المقدمة معناه أن ذلك العلم أصل وهذه المقدمة فرع، مع أنه الفلسفة ليست مقدمة لباقي العلوم بل الفلسفة مقدمة على باقي العلوم. وهذه مسألة فنية لا ندخل فيها.

محل الشاهد (وعلم الفقه لما كان محور بحوثه أو بحثه هو الحكم الشرعي) وعلم الفقه محور أبحاثه تعيين الحكم الشرعي، هذه مقدمة وهي واضحة ولا كلام فيها (والحكم نوع من الاعتبار) هذه المقدمة الثانية (إذن احتجنا لعلم آخر يبحث عن المبادئ التصديقية للحكم الشرعي) يعني نبحث ما هو الاعتبار؟ ما هي حقيقة الاعتبار؟ أقسام الاعتبار؟ ما هي عوارض الاعتبار؟ ما هي أحكام الاعتبار؟ … وغير ذلك.

إذن هنا مقدمتان مطويتان: المقدمة الأولى واضحة وهي أن الفقه يبحث عن الحكم الشرعي، مقدمة واضحة. والمقدمة الثاني وأن الحكم الشرعي نوع من أنواع الاعتبار. هذا أتركوه حتى ندخل إلى علم الأصول لنبحث ما هو الاعتبار؟ تعريف الاعتبار؟ ما هي أقسام الاعتبار؟ ما هي أحكام الاعتبار؟ ما هي عوارض الاعتبار؟ ونحو ذلك من الأبحاث الأخرى التي هي مباحث علم الأصول.

يقول: (احتجنا لعلم آخر يبحث عن المبادئ التصديقية وذلك بالحديث عن الاعتبار بصفة عامة والاعتبار الشرعي بصفة خاصة وعوارض هذا الاعتبار وأقسامه ولواحقه وذلك العلم هو علم الأصول) إذن على هذا الأساس واضح الآن السيد السيستاني يرى أن موضوع علم الأصول بناء على هذه الطريقة الثانية هو الاعتبار. الاعتبار ويبحث في علم الأصول عن عوارض وأحكام وأقسام وأنواع الاعتبار. (فنقول بأن التصنيف المقترح يدور حول الاعتبار وشؤونه وتفصيلاته في خمسة عشر بحثاً وهي: تعريف الاعتبار) هذا الذي نعبر عنه في علم المنطق ما هو، تعرفون نحن في علم المنطق عندنا ثلاث أسئلة اساسية في علم المنطق: ما هو، كم هو، هل هو. تعريف الاعتبار ما هو (تقسيمه للاعتبار الأدبي والقانون) كم هو (العلاقة بين الاعتبارين) يعني الأدبي والقانوني (أسلوب الجعل) أو الطريقة التي تستعمل للاعتبار القانوني (مراحل الاعتبار القانوني، أقسام الاعتبار القانوني، العلاقة بين هذه الأقسام، أقسام القانون التلكيفي والقانون الوضعي، عوارض الأحكام القانونية، وسائل إبراز الحكم القانوني، وسائل استكشاف الحكم القانوني، وثاقة تلك الوسائل، التعارض الإثباتي والثبوتي بين وسائل الاستكشاف، التنافي بين الاعتبارات القانونية حين التطبيق، تعيين القانون عند فقد الوسيلة الإعلامية) هذه هي مسائل علم الأصول.

الآن من الواضح أنا لا اريد أن أدخل في كل هذه الأقسام …

المهم هو القسم الأول وهو تعريف الاعتبار، ما هو المراد من الاعتبار؟ لأنه اتضح على هذا البيان موضوع علم الأصول هو الاعتبار، فأنت ما لم تتعرف على الموضوع كيف تستطيع أن تتعرف على محمولات ذلك الموضوع. يقول: (تعريف الاعتبار) أقرأ العبارات لكي لا نطيل فيها ولكي لا نضيف شيئاً على ما هو الموجود في المتن. قال: (الفارق بين الأمر الاعتباري والأمر التكويني يتلخص في أمر واحد وهو أن الأمر التكويني) أنت ليست لك أي مدخلية في تحققه وعدم تحققه، كل ما في الأمر أنت لك مدخلية في استكشافه فقط ومعرفته، هذا الكتاب موجود، إما أن أعلم به وإما أن لا أعلم به. فأنا بالنسبة إلى الكتاب وبالنسبة إلى أي شيء في العالم منفعل أو فاعل؟ منفعل، لماذا؟ لأنه وظيفتي فقط أن استكشف وأجد تلك الحقيقة، قد أجدها وقد لا أجدها. أما الأمر الاعتباري يقول: لا، في الأمر الاعتباري أنت لست منفعل بل أنت موجد، فاعل، أنت الذي توجد، أنت مبدع بتعبيره هو، وإذا أردت أن أوضح المسألة أنت منشأ لها، لا أنها موجودة، أقرأ العبارة، قال: (يتلخص في كون التكويني حقيقة واقعية لا تختلف باختلاف الأنظار والتوجهات) هذه إشارة إلى خصوصيات الأمور التكوينية، يعني الواقع إما أن تستكشفه وإما لا. يتوقف على علمي أو لا يتوقف؟ لا أبداً، أما استكشفه فأكون مصيباً وإما أن لا استكشفه فأكون مخطئاً. ثابت أو متغير؟ الواقعيات ثابتة وغير متغيرة.

هناك بحث فلسفي عميق في محله، أنت مع أي واقعيات تتعامل، مع هذه، هذه الواقعيات، أم تتعامل مع عالم الملكوت، أي منها؟ هذا العالم. بناء على الحركة الجوهرية هل هناك شيء ثابت أو لا؟ الحركة الجوهرية تقول كل شيء لا هو في الآن السابق كان ولا هو في الآن اللاحق موجود، فإذا كان المنكشف متغيراً آن بعد آن العلم يصير ثابت أو متغير، إذن ما معنى الواقعيات لا تختلف باختلاف الأنظار والتوجهات؟ هذا بحث في نظرية المعرفة لا نريد الدخول فيه الآن وإلا يخرجنا عن طبيعة هذا التقسيم.

إذن الخصوصية الأولى للأمر التكويني واقعيات ثابتة عبروا عنها.

(وتكون نسبة الذهن البشري لها نسبة العلم الانفعالي لمعلومه) لأنه ينكشف أو لا ينكشف، إذن ذكر للأمر التكويني خصوصيتين الأولى أنها ثابتة والثانية النسبة بالنسبة لها انفعال أو فعل … هذه خصوصيات الأمر التكويني.

(بينما الأمر الاعتباري عمل ذهني ابداعي) إذن علم فعلي أو انفعالي؟ ليس انفعالي وإنما إيجادي وإنشائي، أنت الذي تنشئه، هذا الذي تنشئه له واقعية خارجية أو ليست له واقعية خارجية؟ يقول لا واقعية خارجية له وإنما هو عمل في عالم الذهن فقط ولا يخرج عن هذا الإطار (عمل ذهني ابداعي يقوم به الفرد) كما في تخيلات الشعرية، الشاعر يوجد الكثير من التخيلات التي لا واقعية لها (أو المجتمع) يعني هناك مجموعة من هذه الأمور الاعتبارية ليست فردية وإنما هي اجتماعية، يعني ماذا؟ يعني الكل متفق عليها، زيد مالك لهذا الكتاب، في الواقع الخارجي ماذا يوجد عندنا؟ يوجد عندنا زيد، ويوجد عندنا كتاب، هذه المالكية والمملوكية التي يبيع الإنسان دنياه وآخرته لأجلها أين ما بإزائها، ليس لها ما بإزاء، بل هي اعتبار اجتماعي لإدارة الحياة. زيد رئيس، والشعوب المسكينة مرؤوسة، في الواقع الخارجي يوجد زيد والشعوب، هذه الرئاسة اعتبار اجتماعي لا وجود له في الخارج.

هذه الاعتبارات التي يعتبرها الفرد أو يعتبرها المجتمع أو تعتبرها العشيرة أو يعتبرها الشارع – سمها ما شئت، أي جهة كانت – هذه دائماً وأبداً مأخوذة من حقائق خارجية، يعني أنه رأى حقيقة من الحقائق الخارجية وأخذ تلك الحقيقة أعطاها مصداقاً غير خارجي، يعني عندما يأتي إلى الإنسان تقول زيد رأس في قومه. هذه من أين جاءت رأس في قومه، هذه جاءت من جهة أنه نظر إلى نسبة الرأس إلى البدن نسبة الإدارة والتدبير والشرف والقيمة والحاكمية وكل شيء، قيمة الإنسان بماذا؟ ليس بهذا ا لبدن، بل قيمة الإنسان بهذا الرأس بالمعنى الذي يحمله الرأس، ليس مرادي العظام والجمجمة وغيرها، مرادي هذا الرأس، هو يريد أن يعطي، هذه ماهية حقيقة، يعني الإنسان له رأس وله بدن، وهذا أمر واقعي داخل في الأمر التكويني، ولكن هذه الماهية الحقيقية يريد أن يعطي لها مصداق آخر وهذا المصداق الآخر واقعي أو توهمي؟ ليس له واقع، مقصود من التوهمي يعني ليس بواقعي، فيأخذ حد شيئاً واقعي ليعطيه لأمر غير واقعي، حتى في الملكية، أنت تقول أنت مالك لأعضائك ولجسدك، هذه الملكية أي ملكية؟ ليست الملكية الاعتبارية والملكية الفقهية، يعني كل إنسان مالك لأعضائه ليست ملكية اعتبارية، بل هي ملكية حقيقية تكوينية الله أعطاها للإنسان، ولذا تجد أن هذه الأعضاء والجوارح لا تعصي للإنسان أمراً، أصلاً كن على ثقة تطيعه كن فيكون، الإنسان إذا أراد من العين أن ترى لا تمانع العين. نعم، في يوم سينفصلون هناك (فقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا) إذن تبين أن هؤلاء عندما شهدوا على أصحابهم لم يأخذوا إذناً. (وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا) يظهر بأن الجلود عندما تريد أن تشهد لا تستأذن، وإلا لو كانت أخذت إذناً لما اعترضوا عليها، يظهر أن الجلود هناك لها حساب غير حساب أصحابها، بخلافه هنا، فهنا لا العين ولا اليد ولا الرجل ولا أي عضو من الأعضاء الداخلة في اختيار الإنسان تفعل شيئاً بلا إذن، هذه اليد إلا أن يأخذها أحد ويرفعها، وإلا إذا لم ترد أن ترفعها فلا ترتفع إلا بإذنك.

هذه الملكية الحقيقية أنت أخذت منها مصداقاً غير حقيقي فقلت أنت مالك لهذا الكتاب.

يقول: (والاعتباري علم ذهني ابداعي يقوم به الفرد أو المجتمع نسبة العقل البشري له) إلى ما يقوم به من هذا العمل (نسبة العلم الفعلي لمعلومه) أعزائي هناك اصطلاح في العلم وتقسيمه على علم فعلي وإلى علم انفعالي. طبعاً هذا اصطلاح الفعلي والانفعالي لعله فيه 12 اصطلاح في كتب الفلسفة. المراد من العلم الفعلي هو الذي يكون سابقاً على معلومه وهو يوجد معلومه، مثل المهندس الذي يرسم خارطة في ذهنه ثم يطبقها في الواقعي الخارجي، هذا العلم يعبر عنه بعلم الفعل. أما العلم الانفعالي ما هو؟ الشخص العادي الذي يأتي ويقف أمام هذه البناية العالية ويأخذ صورة لها، هذا علمه انفعالي. ولذا يعبرون عن العلم الانفعالي علم ما بعد الوجود وعن العلم الفعلي علم ما قبل الوقوع. يريد أن يشير إلى ذلك الاصطلاح (فلذلك يختلف باختلاف النظرات والتوجهات والمجتمعات).

إذن الأمر التكويني انفعالي ثابت، والأمر الاعتباري فعلي متغير.

الآن قبل أن انتقل إلى كل ما ذكره، تقسميه، علاقة، أسلوب الجعل، مراحل الاعتبار، هذه كلها قضايا واضحة بعد ذلك، المهم أن محور البحث هو معرفة الاعتبار.

هذا البحث أساسه أين؟

سأذكر لكم المصادر والأعزاء بشكل تفصيلي يرجعوا لها، لأنه واقعاً من أهم الأبحاث، وإذا يتذكر الأعزاء نحن في أول أبحاث الأصول ميزنا بين العلم الحقيقي وبين العلم الاعتباري. ولكن تفصيله سنشير له هنا.

وليكن في علمكم أقولها أولاً ومقدمة. أصل تمييز العلوم إلى حقيقية واعتبارية وإعطاء القوانين الثابتة لكل قسمين وبيان ما يرتبط بهذين النوعين هذه من ابتكارات العلامة الطباطبائي. لم يسبق إليها أحد، قد هنا وهناك موجودة بعض الكلمات، أما كنظرية متكاملة قائمة على أسس، وسأبين الآن أن السيد السيستاني أخذ هذه النظرية من هناك والنواقص التي لم يلتفت إليها هو، أبينها هذه، أصل النظرية لمن؟ ولذا نحن في الكتاب الذي كتبناه عن حياة السيد الطباطبائي ذكرنا أن من امتيازاته أو ابتكاراته التمييز بين الحقيقة وبين الاعتبار. هذه من اختصاصاته، وهناك معركة مع السيد الطباطبائي ويكون في علمكم وحاول بعض المثقفين المعاصرين وبعض الأكاديميين المعاصرين – لا استطيع أن أذكر الأسماء- حاولوا أن يأخذوا … لأن السيد الطباطبائي معتقد أن كل الشريعة أحكامها اعتبارية، وكل ما يذكر في الأمور الأخلاقية من الحسن والقبح والصدق والحسن وغيرها كلها أمور اعتبارية، وهذه من اليوم الذي ذكرها السيد الطباطبائي إلى يومنا عشرات البحوث والكلمات والكتب كتبت أنه إذا صار الحسن والقبح اعتباري ماذا يبقى عندنا؟! ولذا أعزائي إذا أراد الأعزاء أن يكتبوا رسالة في الدكتوراه- لا في الماجستير- ذات قيمة، من أهم الرسائل هذه الرسالة وهي معرفة الاعتبار عند السيد الطباطبائي وتطورات النظرية ومن آثارها هنا. أين؟ أن السيد السيستاني يريد أن يبني كل علم الأصول على الاعتبار ولكنه لاستبق البحث ولكنه السيد السيستاني واقعاً كان ينبغي، قال: (أولاً: أن وظيفة الفقه هو بيان الحكم الشرعي) هذه المقدمة لا إشكال، المقدمة الثانية (وأن الحكم الشرعي اعتبار) سيدنا من قال لكم، أين، لا أصلاً تكوين، من الحقائق النفس الأمرية، يقول لا ليست من الحقائق، جيد، إذا كان عندنا نزاع فتعالى البحث، هذا أول نقص في هذه الطريقة، وهو أنك بنيت كل تقسيمات علم الأصول على أصل أصيل أو على أصل غير مبرهن؟ أصل غير مبرهن. من قال أن الحكم الشرعي اعتبار، إلا أن تقول لما ذكره السيد الطباطبائي وذاك بحث آخر. هل اتضح الكلام أو لا.

إذن الأمر الأول الذي عندنا كلام قلت استبقه وهو أنه، هذه العبارة أقرأها مرة أخرى، المقدمات المطوية، العقل المنطقي لابد أن يتحرك وإلا إذا لم يتحرك فتصير هذه الثغرات، قال: (وعلم الفقه لما كان محور بحثه هو الحكم الشرعي) صغرى القياس. كبرى القياس (وكل حكم شرعي فهو نوع من أنواع الاعتبار) إذن الحكم الشرعي نوع من الاعتبار، ما هو دليل الكبرى، من أين. (والحكم نوع من الاعتبار) هذه من أين جئت بها، وأدخلتها على الخط. نعم، السيد الطباطبائي مصر على هذه القضية مفصلاً، في (الميزان، ج2، ص114، ذيل الآية 213، تحت عنوان علومه العملية) يقول: (توضيح ذلك: أنك إذا كررت النظر في هذه العلوم والإدراكات وجدت شطراً منها لا يصلح) انظروا أعزائي أنا بإمكاني أن أعطي المصادر أربعة مصادر وأتجاوزها ولكن بحسب فهمي ومعرفتي بكلمات السيد الطباطبائي وهذا أنا كنت قد ذكرته للأعزاء وأذكره هنا، أنا الميزان من الأول إلى الآخر يعني حرفاً حرف طالعته ثلاث مرات، مذ 35 سنة أنا أعيش مع الميزان، وبعد ذلك جئت ووجدت أستاذنا الشيخ جوادي حفظه الله يقول بأنه من استطاع أن يقف على كامل الميزان فقد أدرك دورة معارفية كاملة للثقلين، وبعدها أيضاً وجدت أن الشيخ المطهري يقول أن في الميزان آراء وأفكار ونظريات لعل البشرية تلتفت إليها بعد 150 أو 200 سنة. وما الذي جعلنا نرتبط بالسيد الطباطبائي هذا الارتباط، أنا كنت عندي علاقة بالميزان عندما كنت أحضر درس السيد الشهيد الصدر& ولكن الذي جعلنا أكثر نقترب وأكثر نعيش مع السيد الشهيد هذه نص عبارته في مجلس درس عام، يكون في علمكم في مجلس درس عام لا خاص، قال: (لو كان السيد الطباطبائي في النجف لتتلمذت على يديه) في أوج عظمته، الفتاوى كانت مطبوعة لا أحد يقول أنه قالها حيث كان عمره 22 سنة، لا لا، في أوجه عظمته السيد الصدر كان يقول لتتلمذت على يديه. السيد الصدر عندما يريد التتلمذ على يد شخص ماذا رأى في ذلك الشخص، الشخص الذي يقول أنا لم أدرس الأسفار عند أحد وإنما طلبت من البادكوبي&، هذا البادكوبي كان مغضوب عليه لأنه كان يدرس الفلسفة، فيقول ذهبت إليه وقلت له أنا كل يوم أأتي لك وأقرأ الكتاب، أنا أقرأ، وعندما أحتاج إلى بيان أنت اشرحه لي، ولا احتاج إلى أن تشرح لي الأسفار كلها.

الميزان من الكتب الأساسية في تراثنا، لا أقل عيشوا معه مدة معينة، يستحق هذا الكتاب، وأنا قناعتي الشخصية ومعرفتي بهذا الكتاب من استطاع أن يقف على كل ما في الميزان اقتصر الطريق لألف كتاب، يعني بدل ما أنت تذهب وتعمل على ألف كتاب مختصراته تجدها في كتاب الميزان، ألف كتاب إذا أردت أن تطالع، طبعاً لم أبالغ لكم، وإلا في قناعتي أكثر من هذا ألفي كتاب، وسر هذا الكتاب ماذا، له بحث آخر لا أريد الدخول فيه، هذه من الإلهامات التي وصلت إلى المرزا علي القاضي الكبير، كثير من المطالب الموجودة هنا للمرزا علي القاضي وليست للسيد الطباطبائي، وهذه أنا من الخواص أنه هو كان يستفد من مرزا علي القاضي ولم يتجاوز تفسير الميزان أكثر من مجلد أو مجلدين، وهذه النكات مأخوذة من مرزا علي القاضي، ومرزا علي القاضي اسطوانة واقعاً يندر أن يأتي الزمان بمثله، صاحب معارف عظيمة، هذه العلوم الغريبة كلها كانت كالخاتم في يده، العلوم الغريبة، وأنا هنا أنقلها من أساتذة كبار ولا يتبادر إلى ذهنك أني رأيت حلماً ليلة أمس، أنا أنقلها عن الشيخ حسن زادة آملي، قلت له أنت تعرف العلوم الغريبة، قال: نعم، أعرفها. قلت له: علمتها لأحد. قال: لا، سأخذها إلى القبر. في وقت نحن كنا نسعى للعلوم الغريبة فقالوا لنا أنها موجودة عن الشيخ حسن زادة فذهبت، قلت له: عندي سؤال من أين أخذت هذه العلوم؟ قال: أخذتها لمدة خمسة سنوات من ابن مرزا علي القاضي، وهو أخذها من والده.

الشيخ عباس القوجاني كان ينقل لنا هذا أيضاً، الشيخ عباس القوشاني من خيرة تلامذة مرزا علي القاضي، الشيخ عباس القوجاني درسنا عنده الأسفار ولكنه لا أعلم لماذا كان يدرسنا أسفار باب الطوسي الآن يقولون أنه غير موجود، كنا نخرج من باب الطوسي على اليمين كانت هناك مقبرة صغيرة جداً وهذه المقبرة الصغيرة كان فيها غرفة تقريباً 9 أمتار إن لم تكن أصغر، السيد الصدر بعد صلاة المغرب والعشاء كان يدرس الأصول هنا، والشيخ عباس القوجاني كان يدرس الأسفار قبل الغروب، كنا نحن نحضر أربعة أو خمسة، رحمة الله عليه الشيخ عباس القوجاني كانت مشكلتنا معه أنه لا يعطل، نقول له الحوزة عطلت، يقول لتعطل، الحوزة التي طول مدة 40 سنة تشتمني على ماذا التزم معها.

هذا تأريخ لم أقله في أي مكان.

نرجع إلى السيد الطباطبائي، السيد الطباطبائي حالاته الشخصية أدعوكم لمعرفة هكذا ناس، السيد الطباطبائي عاش غريباً مظلوماً في حوزة قم إلى درجة أنه اضطره غذاءه وعيشه اليومي أن يترك الدرس لعشر سنوات ويذهب إلى تبرير ويعمل فلاحاً، لم يعطوه أكلاً، لا أنه لم يشترِ بيتاً بل كان يريد أن يأكل لا يستطيع، لماذا؟ حتى هذه معارف القرآن ومعارف العترة يؤسس لها. وإلا هو مجاز بالاجتهاد من كبار الأعلام في النجف عندما ترك النجف وجاء إلى هنا، كان بإمكانه أن يمشي في الخط الآخر ويكون … عشر سنوات ذهب إلى هناك وهو يقول في حياته ما تأسفت على شيء من عمري كتأسفي على هذه العشر سنوات التي كنت أقضيها فلاحاً في الزراعة لكي أعيش، ومات له غرفة مستأجرة مساحتها 25 متراً مفصولة بقطعة من القماش، القسم الأول يطالع ويستقبل ضيوفه والقسم الثاني نومه هو وزوجته ومطبخه وأطفاله. 25 متراً لا أكثر. وبلغ من المقام مرتبة أنه كان يقول أن بعض الليالي لا استطيع أن أنام بسبب تسبيح الأشجار حولي، هذا مقامه كان (وإن من شيء إلا يسبحه بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) هذا المقام.

الشيخ جوادي يقول عنه بأنه سألته أنت هل وصلت إلى عالم المرسلات، المراد من عالم المرسلات يعني عالم العقول، في قبال عالم المقيدات التي هي عالم المثال، نحن عالم المادة نعيش هنا، وأطمأن هنا نُقبر هذا عالم المادة، وغير معلوم ماذا يفعلوا بنا بعد ذلك، ولكن هذا العالم فيه عالم المرسلات، الشيخ جوادي يقول سألته هل تستطيع وأنت في هذا العالم أن تتجرد لتصل إلى عالم المرسلات؟ قال: گاهي ميتوانيم، يعني في بعض الأحيان استطيع أن أتجرد من جلباب المادة للوصول إلى عالم العقول المجردة، هذا الرجل له ما له من القيمة.

قال: (ثم إذا كررت النظر في هذه العلوم والإدراكات وجدت شرطاً منها لا يصلح لأن يتوسط بين الإنسان وبين أفعاله الإرادية) يعني أن المفاهيم أرض، سماء، ماء، هواء، تفاح … هي علوم وإدراكات تحققت عندنا من الانفعال الحاصل بين المادة وبين حواسنا وأدواتنا، إذن هي علوم فعلية أو انفعالية؟ التفت للعبارة (من الانفعال الحاصل، وهناك شطر آخر بالعكس هي إدراكات هي أفعال إرادية) ثم يضرب الأمثلة من قبيل الحسن والقبح ومفاهيم الرئاسة والمؤوسية إلى غير ذلك.

بنحو الإجمال هذا البحث إن شاء تطالعوه غداً، بنحو الإجمال الأخوة الذين يمتلكون هذا الكتاب وهو (دروس في الحكمة المتعالية، ج1، ص134) نحن ذكرنا إجمال من هذه الأمور قلنا: (الاعتباريات: وهي المفاهيم ليس لها مصداق واقعي في الخارج ولكن العقل يعتبر لها مصداقاً) أي أن العقل يعتبر الشيء الذي ليس هو مصداق واقعي يعتبره مصداق واقعي، وذكرنا مجموعة خصائص:

الأولى: إن الإدراكات الحقيقية انعكاس للواقع بخلاف الإدراكات الاعتبارية.

الثانية: أن الإدراكات الحقيقية ثابتة لا تتغير بخلاف الإدراكات الاعتبارية تابعة لحاجات العقلاء لتنظيم حياتهم فتكون متغيرة وينالها قانون التكامل والارتقاء وهذا سبب كونها مؤقتة نسبية غير ضرورية. خصائصها كلها بيناها. هذه أخذناه من السيد الطباطبائي هذا موضع الأخوة يراجعوه.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات