الأخبار

المحاضرة (39)

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

كان الكلام في التقسيم الثاني أو الطريقة الثانية التي اقترحها بعض الأعلام المعاصرين لفهرست علم الأصول. وقلنا أن محور هذا التقسيم يقول على اساس الاعتبار، وأن الحكم الشرعي نوع من أنواع الاعتبار، وقد عرّف الاعتبار بهذا التعريف كما في (ص47 من الرافد) هذه عبارته هناك، يقول: (اقسامه: ينقسم الأمر الاعتباري إلى الاعتبار الأدبي والاعتبار القانوني، والفارق بينهما أن الاعتبار الأدبي هو إعطاء حد شيء لشيء آخر) ما هو تعريف الاعتبار: (هو إعطاء حد شيء لشيء آخر) لأي غرض؟ إما للتأثير على المخاطب كما في التخيلات الشعرية، وإما لا، الآثار المترتبة لبيان أن النسبة بين من يحكم الناس وبينهم، يعني بين الناس ورئيسهم هي النسبة بين الرأس والجسد، أو لقضايا كثيرة اجتماعية وعقلائية واعتبارات عرفية، الملكية بعد أن يبين الملكية الحقيقية ينقل ذلك الحد ويعطيه لمصداق آخر، ليس له ذلك الحد الحقيقي، إذن هذا التعبير (إعطاء شيء لشيء آخر) إما بهدف التأثير في إحساس المجتمع أو بسبب صنع القرار المناسب، يعني الأغراض الاجتماعية الأخرى، هذا نص هذا المعنى في (حاشية السيد الطباطبائي على الكفاية، ص11) يقول: (الاعتبار: هو إعطاء حد شيء أو حكمه لآخر). إذن اتضح بأنه ما يتكلم عنه في الرافد هو ما يشير إليه السيد الطباطبائي ولا يوجد شيء جديد.

نعم، في التفاصيل قد تكون بعض النكات، أنا أتكلم في أصل النظرية، واصل النظرية الاعتبار هو إعطاء حد شيء أو حكمه لآخر لترتيب آثار كذا وكذا.

السيد الطباطبائي قلنا أن هذه من امتيازاته، بعد ذلك إذا سمح الوقت … لأني أحاول أن لا أقف أكثر في هذا البحث وسندخل في بحث الوضع.

السيد الطباطبائي وقف عند هذه المسألة مفصلاً، المورد الأول اشرنا إليه مفصلاً وهو ما جاء في (الميزان، ج2، ص114).

المورد الثاني الذي وقف عنده السيد الطباطبائي ورجائي من الأعزاء مراجعة هذه المواضع بدقة وبعمق يعني كلمة كلمة يحاولوا فهمها.

الموضع الثاني وقف عنده مفصلاً في (ج8 من الميزان، ذيل الآية 10- 25 من سورة الأعراف) بحث عنوان موهم كثيراً ولكنه توجد فيه أبحاث مهمة للغاية، بحث عقلي قرآني مختلط، واقعاً مختلط بالحمل الشائع لأن في ذلك البحث كشكول، عشرات الموضوعات، البحث في 40-50 صفحة بحث قرآني عقلي، عشرات الأبحاث تعرض لها هنا.

هناك هكذا يقول … إذن تكلم الآن بنحو الإجمال عن الاعتبار، تعالوا معنا ماذا يعتقد أن الأحكام الشرعية ما هي، هذا الذي بنى كل الأصل الموضوعي عليه في الرافد أن الأحكام الشرعية هي اعتبارات، ونحن بالأمس أشكلنا وقلنا أنه يحتاج إلى بيان الأصل الموضوعي من أين نثبت، السيد الطباطبائي يبين هذه النقطة في (ص48) قال: (والتكليف وإن كان في نفسه) من الواضح أن التكليف ليس الحكم العقلائي بل التكليف هو الحكم الشرعي (والتكليف وإن كان في نفسه أمراً وضعياً اعتبارياً إلا أنه واسطة ترتبط بها الكمالات الحقيقية بسابقاتها فهي وصلة بين حقيقتين).

السيد الطباطبائي يقول بأن التكاليف الشرعية وإن كانت هي في نفسها مجموعة من الاعتبارات وبينا معنى الاعتبار: إعطاء حد أمر حقيقي لأمر غير حقيقي، هذا هو الاعتبار، يقول أن الأحكام الشرعية وإن كانت كلها أمور اعتبارية إلا أنها ناشئة عن حقائق وتترتب عليها حقائق، إذن لا تقولون أن السيد الطباطبائي عندما قال أن الحسن والقبح أمر اعتباري فصار نسبي، لا لا، يقول ناشئ عن حقيقة ومن عمل بهذه الأحكام الاعتبارية يوصله إلى كمالات حقيقية، كيف؟ الجواب: تجسم الأعمال، يعني أنت الآن تصلي هذه الصلاة وإن كانت مجموعة أمور اعتبارية ولكن نتيجتها في البرزخ وفي النشأة الأخرة حقائق، ظاهرها هنا أكل ما اليتيم حرمة أكل مال اليتيم أمر اعتباري، اعتبار شرعي الشارع قال حرام، ولكن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً حقيقتها إنما يأكلون في بطونهم ناراً. ولذا عبارته يقول: (ترتبط بها الكمالات اللاحقة الحقيقية بسابقتها فهي) يعني الاعتبارات الشرعية (فهي وصلة بين حقيقتين).

هي همزة الوصل التي تربط هذه الحقيقة توصل إلى هذه الحقيقة، نظرية الحق والإنصاف من أعمق ما وجدت أن هذا الرجل كتب في هذا المجال، ولذا الآن لا أريد الدخول في التفاصيل، السيد الصدر في أول الحلقة الثانية والثالثة يقول: (فإن قيل أن الأحكام التكليفية مجموعة من الاعتبارات ولا تضاد في الاعتبار من حيث هو اعتبار) أليس كذلك. ما هو جوابه؟ قال: (نعم، أن الأحكام الشرعية وإن كانت مجموعة من الاعتبارات إلا أنها ناشئة من مصالح فهذه الاعتبارات إنما تتضاد بلحاظ متعلقاتها ومصالحها التي نشأت منها).

طبعاً يقول توضيح ذلك ملخصا، أنا أشرت إليه إجمالاً وهو يبينه تقريباً في أربعة صفحات.

ثم يأتي إلى (ص53) من الكتاب، يقول: (لا ريب أن لنا علوماً وتصديقات) كل إنسان يعيش مع العلم، يأكل ويشرب وينام ويحب ويبغض ويهرب وينجذب على اساس العلم، الذي يحرك الإنسان ليس الواقع الخارجي، بل ما يحرك الإنسان هو علمه بالواقع الخارجي، ولذا أنت إذا قيل لك في هذا المكان في هذه الليلة في هذه الظلمة في جنبك ميت والله إلى الصباح أنت لا تنام، متى تنجلي الظلمة، الصبح تجلس لا ترى شيئاً بجنبك، والعكس بالعكس أنت نائم بين الأموات ولا تعلم أنك بين الأموات تنام إلى الصباح، إذن ما يجعلك تخاف وترتاح وتطمئن وتسكن وتفزع الواقع أو العلم، وهكذا تصور أن فلان عدوك تتعامل معه كذا، تصور أن فلان صديقك تتعامل معه كذا.

فحياة الإنسان قائمة على العلم، يقول: (إن لنا علوم وتصديقات نركن إليها ولا ريب أنها على قسمين: القسم الأول: العلوم والتصديقات التي لا مساس لها وإنما هي علوم تصديقية تكشف عن الواقع) هذا ما قرأنها في الرافد، علوم انفعالية، كشف عن الواقع، ثابتة أو متغيرة؟ ثابتة وليس لنا إلا الكشف. (والقسم الثاني: العلوم العملية والتصديقات الوضعية الاعتبارية التي نضعها للعمل في ظرف حياتنا) ثم يأتي بجملة من الأمثلة (فالاعتقاد بأن زيداً رأس ورئيس إنما هو الوهم لا يتعداه إلى الخارج، غير أنا نعتبره معنى خارجياً) نرتب إليه آثار الأمر الخارجي (وعلى هذا القياس كل معنى دائر).

إلى أن يأتي في (ص54) يقول: (فهذان قسمان من العلوم والفرق بين القسمين أن الأول مأخوذ من نفس الخارج، وأما الثاني فإن موطنه هو الذهن ليس إلا) يعني ليس له واقعية خارجية، نعم، أنت ترتب عليه آثار الواقع الخارجي، لماذا؟ إما لتنظيم الحياة، إما للعدل في الحياة، إما لغرض من الأغراض فردية كانت أو اجتماعية. (وهذه المعاني الاعتبارية وإن كانت من عمل الذهن من غير أن تكون مأخوذة من الخارج فتعتمد عليه بالانطباق إلا أنها معتمدة على الخارج من جهة أخرى) يعني هذه الاعتبارات منشأها أين؟ يعني بعبارة أخرى … التفتوا لي جيداً هذه المفاهيم الاعتبارية هل يمكن للإنسان أن يبتدعها؟ الجواب يقول محال أن تلك القدرة العقلية في الإنسان قادرة على أن تبتدع إذا لم ترَ حقيقة في الخارج لا تستطيع أن تضع البدل له، الشبيه له. الأصل رأس وجسد تجعل رئيس ومرؤوس، الأصل ملكية تكوينية البدل له ملكيات اعتبارية وهكذا، ولذا قولوا معي في جملة واحدة أن الاعتباريات ابداعية أو تقليدية؟ هنا بشكل تفصيلي السيد الطباطبائي يدخل في هذه القضية وأكثر تفصيلاً وأوضح الشيخ المطهري بينّها في (اصول الفلسفة والمنهج الواقعي، ج1) ترجمة السيد عمار أبو رغيف.

في الميزان قال: (وهذه المعاني الاعتبارية وإن كانت من عمل الذهن من غير أن تكون مأخوذة من الخارج فتعتمد عليه بالانطباق إلا أنها معتمدة على الخارج من جهة أخرى) وعلى هذا الاساس هذا التعبير نحن اضطررنا إلى تصحيح تعبير الرافد، يعني عندما عبر قال: بينما الأمر الاعتباري عمل ذهني إبداعي. هذه الكلمة غير صحيح. مراد من الإبداع إذا كان إنشائي نعم، أما إذا كان مراده على غير مثال سابق، هذا غير ممكن، أصلاً هذه قاعدة فلسفية أن الإنسان لم يعطى القدرة على الإبداع، ما هو الإبداع بالمعنى الفلسفي لا بالمعنى العلمي الموجود في الكلمات، الفلسفي وهو إيجاد شيء على غير مثال سابق، هذا ليس له القدرة عليه. نعم، يستطيع أن يركب يعني يأخذ صورة من هنا وصورة منها ويصنع حصاناً عنده رأس إنسان ومجنح بعشرة أجنحة، ولكن عندما تنظر له ترى أن الرأس أخذه من الإنسان والأجنحة أخذها من الطيور … ولذا نراهم عندما يريدوا تصوير الملائكة يصوروها بهذه الطريقة.

كل ما أوتي القدرة العلمية الآن في الكمبيوترات على إيجاد، تجد أنه بشكل أو بآخر قريبة إما من صورة الإنسان وإما من صورة الحيوان الكذائي وهكذا. هذه من اختصاصاته سبحانه وتعالى أنه أوجد الأشياء على غير مثال، على غير مثال سابق أو لا هذا بحث إن شاء الله إذا وقفنا، مع الأسف الشديد نحن حرمنا من تدريس الأسفار، ج6، وإلا فالبحث موقعه هناك كيف يمكن أن يقال على غير مثال سابق وإن كل ما في عالم العين إنما كان في عالم العلم الإلهي قبل الإيجاد لأن الله عالم بالأشياء تفصيلاً قبل الإيجاد، إذن لماذا تقولون على غير مثال سابق. مثاله السابق أين كان موجود؟ الجواب في جملة واحد: أن هذا الوجود العلمي هو من مكان آخر أو هو أنشأه سبحانه وتعالى؟ هو أنشأ هذا الوجود العلمي التفصيلي وله بحث عميق هذا البحث في علم الحق سبحانه وتعالى وإلى الآن أنا شخصياً لم أجد كتاباً مستقلاً في علم الحق سبحانه وموضعه خالي في المكتبات الشيعية وهو أساساً علم الحق ما هو، حقيقة علم الحق ما هي، والآراء فيها مذ ألف سنة إلى يومنا هذا هناك نزاع في علم الحق. هذا أيضاً في (ص54).

وفي (ص56) يقول: (والذي شرعه الله سبحانه من الأحكام والشرائع متحد سنخاً مع ما نشرعه فيما بيننا) من حيث حقيقة التشريع الإلهي أنت إذا أردت أن تتعرف عليه تعرف على سنخ التشريع القائم بين العقلاء، ماذا يفعلون عندما يريدوا أن يشرعوا، ما هي الخطوات التي يمروا عليها، أولاً يشخصوا المصلحة، ثانياً يريدون، ثالثاً يصيغوا القانون، رابعاً يبلغوا الجهات المختصة للإعلان في الجريدة الرسمية، فإذا أعلن في الجريدة الرسمية الآن صار مرحلة الإعلان، ثم ننتقل إلى مرحلة الوصول والتنجز وإلا أعلنت في الجريدة الرسمية ولكن الجريدة الرسمية لم تنتشر فلا قيمة لها، انتشرت ولكن لم تصل إلي في بيتي لا يتنجز، وهذه كل المراحل التي تجدوها في كلمات صاحب الكفاية وغيره منشأها هذه التشريعات العقلائية.

الأعزاء إذا أرادوا المراجعة تفصيله هناك.

في (أصول الفلسفة، ص485) قال: (الإدراكات الحقيقية تمثل ما ينعكس في الذهن وما يكتنفه من الواقع، الإدراكات الاعتبارية هي عبارة عن فروض يصطنعها الذهن البشري) لماذا يصطنع هذه الاعتبارات؟ (بغية سد حاجات الإنسان الحياتية فهي ذا طابع فرضي جعلي اعتباري وضعي وليست لها علاقة بالواقع ونفس الأمر إلا بالمعنى الذي أشرنا إليه فيما سبق).

وفي (ص486) يقول: (وفي هذا الضوء تواجهنا المعضلة التالية) إذن الإدراكات الاعتبارية ثابتة أو متغيرة؟ الإدراكات الحقيقية ثابتة، أما الإدراكات الاعتبارية ثابتة أو متغيرة؟ يقول هنا لابد أن نميز بين نوعين من الإدراكات الاعتبارية إدراكات اعتبارية ثابتة للمجتمعات البشرية في أي مستوى من المستويات كانت، هذا الذي جاء في كلمات السيد الصدر بعد ذلك بأن حاجات الناس ثابتة، أصلها في كلمات السيد الطباطبائي، هذه يؤكد عليها السيد الطباطبائي مراراً وتكراراً أن الحاجات الإنسانية فيها ثابتة فجعلت لها أحكام ثابتة، وهناك حاجات متغيرة فأعطيت لها ضوابط متغيرة، والمسؤول عن تنظيم هذه الضوابط المتغيرة هو ولي الأمر.

ومن هنا تدخل في قوام النظرية الدينية ماذا، يكون في علم الأخوة أن ولاية الأمر غير ولاية الفقه، لا يحصل عندك خلط، ولاية الأمر أن يعرف هذه المتغيرات ويملأها، هذا الذي عبر عنه السيد الشهيد بمنطقة الفراغ. لماذا أن الشارع لم يملأها بطبيعتها هي ثابتة أم متغيرة؟ فلا معنى لأن تملئ. ولذا السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه يعتقد بولاية الفقهية فقط في منطقة الفراغ، وهذا بخلاف نظرية ولاية الفقيه للسيد الإمام فإنها أوسع من ذلك بكثير. ولذا قلت لا يحصل الخلط عندكم بين النظريتين.

هذا البحث بحث كامل ومفصل والأعزاء يراجعوه لأنهم مهم، في (ص518) هناك يبين أنه هذا المعروف بالمجاز السكاكي هو نظرية الاعتبار المعروفة، يقول: لأن المجاز عند الآخرين كان مرتبط باللفظ، أما السكاكي عندما جاء نقل المجاز من اللفظ إلى مصاديق المعنى، يعني أخذه مصداقاً لغير معناه الواقعي فجعله مصداقاً من مصاديق المعنى الواقعي، لم يستعمل الأسد استعمل لفظ الأسد في الإنسان الشجاع حتى نقول هذا تصرف في اللفظ، لا، اساساً جاء قال هذا الأسد له مصداقين مصداقه الأول هو الحيوان المفترس وله مصداق ثاني، على أي اساس؟ يقول للشبه القائم بين المصداقين. ولذا هنا الشيخ المطهري في شرحه لأصول الفلسفة يقول هذه نظرية الاعتبار التي أسس لها السيد الطباطبائي فلسفياً اساسها النظري موجود عند السكاكي.

ولذا قال: (لكن السكاكي المتوفى في القرن السابع الهجري ذهب إلى أن الاستعارة ليست شأناً من شؤون الألفاظ بل من شؤون المعاني أي أن الإنسان يفرض ويعتبر في ذهنه أن المشبه أحد مصاديق المشبه به) يعتبره، لماذا يعتبر؟ لأغراض إما فردية وإما سياسية وإما اجتماعية، لأي غرض، أغراض عقلائية، هذا بحث تفصيلي يرجع إليه الأعزاء هناك.

ثم في (ص521) يقول: (تطلق كلمة الحقيقي على الأفكار والإدراكات النظرية حيث أن كل واحد منها يمثل صورة لأمر واقعي إما إطلاق كلمة الوهمي) المراد من الوهمي يعني ليس أنياب الأغوال، المراد من الوهمي يعني الاعتباري يعني ليس له واقعية (على الأفكار والإدراكات العملية والاعتبارية فأنه يرجع إلى أن أي هذه الأفكار ليس تصوير لأمر واقعي).

وفي (ص522) يقول: (الأمر الذي ينبغي التذكير به هنا من الممكن أن يتصور بعض بأن المفاهيم الاعتبارية نظير مفهوم الملكية مفاهيم إبداعية) هذا الذي قلنا في الرافد، ولذا أنا تصحيحاً للنص أو تصحيحاً للعبارة قلت مراده من الإبداع الإنشاء، يقول: (يتصورها مفاهيم إبداعية يعني أن الذهن بنفسهن يخترع ويخلق هذه المعاني بقدرته الخاصة لأنها مفاهيم فرضية ليس لها مقابل خارجي إلا أن هذا التصور خاطئ وغير سليم). لماذا؟ لأنه أساساً لم تعطى مثل هذه القدرة للإنسان.

وفي (ص568) في هذه الصفحة من الجزء الأول يقول: (نستنتج) هذه كلمات السيد الطباطبائي وليست كلمات الشيخ المطهري، يقول: أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في أي ظرف من الظروف إلا مع الاعتبار حتى لو عاش في غابة الوحدة، لابد أن تكون عنده مجموعة من المفاهيم الاعتبارية، الآن عرفنا أنه يرجع إلى الاعتبارات إذا عاش في مجتمع لماذا يحتاج إلى الاعتبار إذا كان منفرداً.

أخواني الأعزاء أهم المفاهيم الاعتبارية على الإطلاق، لا أريد أن أخرب علم الأصول، أهم المفاهيم الاعتبارية حجية القطع، يعني كل أصولها هذا، لماذا تعتبر أن حجية القطع، لا القطع والعلم، التفت جيداً، نحن عندنا علم وهو انكشاف الواقع وهذه حقائق انكشفت لي، أما أنت بعد أن انكشف لك الواقع ماذا تفعل؟ ما هي المرحلة اللاحقة، ماذا تقول؟ تقول: حجة. يعني ماذا حجة؟ يعني يجب أن تذهب خلفه، هذه يجب مفهوم اعتباري أم مفهوم واقعي، هذا يجب أين هو في الخارج. وإلا لم يكن بجانب القطع يجب وينبغي أنت تتحرك لشرب الماء أو لا تتحرك؟ لا تتحرك، أصلاً إذا لم يكن ينبغي … أن الماء موجود في المنطقة الفلانية، علمت بذلك، تتحرك أو لا تتحرك؟ متى تتحرك؟ إذا كانت حاجة تكوينية لرفع نقص عندك وهو العطش فتشكل مفهوماً اعتبارياً تقول والعلم يجب أن يتبع، الآن علمت بوجود حيوان مفترس على الباب والآن بمجرد أن يفتح الباب هذا الحيوان المفترس يدخل، هذا علم، هذا واقعي، ولكن وينبغي الهروب منه من أين؟ هذا كمال، وهو أن حفاظ النفس، تريد أن تحفظ كمالك، وحفظ الكمال يتوقف على الهروب، إذن تخلق لي مفهوم يجب يجب. هذا الشيء جميل، حسن جميل، العدل حسن، بلي أنا أيضاً أعرف أنه حسن، من أين يخرج ينبغي أن يفعل، من بطنه؟ هذه من أين تخرجها؟ هذا الذي وقع فيه جملة من المفكرين المعاصرين، قال لا علاقة بين (است وبايد) وهذه مشكلة، قالوا علمنا بوجود الشيء من أين استخرجتم من بطنه ينبغي، هذه ينبغي أن يترك أو يفعل من أين جئتم بها، هذه في الواقع الخارجي يوجد شيء جميل، نعم سلمنا.

السيد الطباطبائي يقول هذه ينبغي أمر اعتباري، ينبغي أن يفعل أو ينبغي أن يترك بأي معنى من المعاني. هذه ينبغي قائمة على تكوين وتحركك نحو تكوين. صحيح هي اعتباري، هؤلاء الذين لم يفهموا كلمات السيد الطباطبائي قالوا أنه يقول أن الحسن والقبح اعتباري، لا، لا يريد أن يقول أنه اساساً أنه أمر نسبي متغير، يريد أن يقول ينبغي اعتباري ولكن هذا الانبغاء مأخوذ من تكوين، ولماذا اعتبرت ينبغي للوصول إلى تكويني.

هذا الطفل أمامك والله أنت إذا جلس أمام المكان الحار أو المدفئة الحارة أنت ألف مرة قل له هذا المكان حار لا تمسه بيدك لأنك ستحترق، لا يلتفت لك إلا أن يضع يده على المدفئة فإذا احترق فلن يقترب منها ويرجع عنها، هذا الرجوع التكويني هذا أنا وأنت عندما نكبر نعبر عنه ينبغي ولا ينبغي. ما هو منشأه؟ منشأه تشخيص كمال، هروب من نقص، حتى تصل لتحصيل ذلك الكمال وأن لا تقع في ذلك النقص.

السيد الطباطبائي بعد ذلك يأتي إلى بحث أقسام الاعتباريات، أخواني الأعزاء حاولوا أن تطالعوا هذا البحث لعلنا نستطيع تخليصه في الايام القادمة، لأن كل علم الأصول، علم الأصول وعلم الفقه وعلم الأخلاقيات وعلم الأمور الاجتماعية … كلها أساسها أين؟ الاعتباريات، يقول: (الاعتباريات قبل الاجتماع) قبل أن يتحقق الاجتماع هناك مجموعة من الأمور الاعتبارية ما لم يعتبرها الإنسان يحقق مجتمعاً أو لا يحقق مجتمعاً؟ أصلاً لماذا لابد أن أعيش في المجتمع، يقول: (الاعتباريات قبل الاجتماع، أولاً الوجوب، ثانياً الحسن والقبح، ثالثاً انتخاب الأخف والأسهل، رابعاً أصل الاستخدام والاجتماع) هذه الاعتباريات قبل الاجتماعي، ثم يقول: (خامساً: اصل متابعة العلم وهو أن تفرض ما علمته واقعاً) وإلا إذا لم تفرض هذا الفرض لا تعتمد على علم، متى تعتمد على علمك؟ أنت عندما تطلب الماء عندما علمت بمكان الماء طلبته، عندما علمت بوجود الحيوان المفترس هربت منه، هذا هروبك من الماء الذهني أو طلبك للماء الذهني أو للماء الخارجي، أي منهما تطلبه أنت؟ الخارجي. هروبك من الحيوان المفترس الذهني أم الخارجي؟ الخارجي. قد يقول قائل: ولم يحصل لي علم بالعرض الخارجي، كل ما عندي معلوم بالذات في ذهني، هنا يأتي الاعتبار ليعتبر أن كل ما علمته هو الواقع، وإلا إذا لم تفترضه أنه الواقع فتشك فيه ولا قيمة له. وهذا ما يعبر عنه السيد الطباطبائي أصل متابعة العلم، يقول أنت دائماً تفترض (ومن هنا نضطر إلى منح العلم اعتبار الواقع) مع أن العلم قد لا يكون مطابق للواقع وقد يكون موافق، ولكنك دائماً تعطيه اعتبار … هل هناك أحد يقول أنا أعلم ولكن علمي غير مطابق أو أنه دائماً يقول أن علمي مطابق.

قال: (من هنا نضطر إلى منح العلم اعتبار الواقع أي أن نعتبر الصورة الإدراكية عين الواقع الخارجي، ونعد آثار الخارجي آثاراً للعلم والإدراك) هي آثار الخارج ولكنا نعطيها لمن؟ هذا كله اعتبار وإلا ليس في الواقع.

ولذا في خاتمة القسم الأول يشير إلى هذا المطلب مفصلاً ارجعوا إليه، إلى أن ينتهي إلى الاعتباريات بعد الاجتماع، ما هي أهم الاعتباريات بعد الاجتماع، يقول: (أصل الملك)الملكية الاعتبارية، إذا تحقق الاجتماع أنت تحتاج إلى ملكية وإلا إذا لم يتحقق الاجتماع فلا تحتاج إلى ملكية لأنه لا نزاع فلا تحتاج إلى ملكية (أصل الملك واللغة والرئاسة والمرؤوسية ولوازمها) هذا الثالث (والأمر والنهي والعقاب والثواب) هذا الرابع (والاعتبارات في مورد تساوي الطرفين) في كثير من الأحيان أنه يتساوى الطرفان، أنت في النتيجة متساوي من كل جهة، ولكنه مضطر لتنظيم الحياة، تقدم أحد المتساويين على الآخر، وهنا تورط الآقايون قالوا وترجيح أحد المتساويين على الآخر ترجيح بلا مرجح، وهذا من خلط أحكام التكوين بأحكام الاعتبار. 99% من هذه التي يقولونها في الأصول أو الفقه، ترجيح بلا مرجح هذه مرتبطة بترجيح بلا مرجح أين، ولم يثبت بأي برهان استحالة تقديم أحد المتساويين على الآخر مستحيل عقلاً، الذي ثبت أين؟ في التكوين، أنت انظر كم مسألة أصولية وفقهية … يقول: (وهو الاعتبارات في مورد تساوي الطرفين) ماذا نفعل؟ إلى أن بعد أن ينتهي من كل هذه البحث المفصل الطويل يأتي في (ص618) يبين خلاصة ما أشار إليه في كل هذه الأبحاث ويبين هذه النكتة التي أشرنا إليها قبل قليل وهو أنه أساساً يقول: (إذن يجب الحكم بأن الإنسان وكل كائن حي لا يستغني أبداً عن اعتبار العلم) ما معنى اعتبار العلم؟ يعني إعطاء العلم خصوصية الواقع الخارجي (وسوف يعتبر العلم بحكم الضرورة الغريزية) أن يتخذ الصورة العلمية عين الواقع الخارجي. ولذا أنتم قرأتم في الحلقات وفي غيرها السيد الشهيد يقول أن القاطع هل يمكن أن يتوجه له خطاب أنك مخطأ أو لا يمكن، لماذا؟ لأن كل قاطع يرى نفسه ماذا؟ مع أنه بنحو القضية الحقيقية هو يعلم أن القطع قد يكون مخطأ للواقع ولكن في القضية الخارجية أقول له هذا القطع، يقول هذا مصيب للواقع.

وهذا الخلط أيضاً موجود في الكلمات.

(أن يتخذ الصورة العلمية عين الواقع اعتبار واقعية العلم بحسب اصطلاح هذه المقالة حجية القطع بحسب اصطلاح علم الأصول).

فتحصل ان حجية القطع التي هي أم أمهات المسائل الأصولية تعد من الاعتبارات ما قبل الاجتماع. وتفصيله يأتي.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات