الأخبار

المحاضرة (51)

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

كان الكلام في بحث الوضع، وإذا أردنا أن نتكلم بلغة أوضح وأدق هو أنه الكلام في العلاقة القائمة ما بين الألفاظ والمعاني، لماذا؟ باعتبار أنه لو عنونا هذا البحث بعنوان الوضع فكأننا في الرتبة السابقة قد فرغنا بطلان نظرية الارتباط، وهذا أول الكلام، هذا مصادرة على المطلوب، إذن هذا العنوان ليس عنواناً دقيقاً في كلمات الأصوليين، كان ينبغي بيان أو عنونة البحث بعنوان ما هي العلاقة القائمة بين اللفظ وبين المعنى.

نعم، واحدة من النظريات هي نظرية أن العلاقة وضعية موضوعة جعلت بين اللفظ والمعنى، ولذا تجدون أن الحكماء والفلاسفة عندما يأتون إلى تعريف الفلسفة يقولون البحث عن الموجود بما هو موجود، ولكن ليس مرادهم من الموجود يعني الوجود في قبال الماهية، مرادهم من الموجود يعني الواقعي، نعم في مسألة من مسائل البحث الفلسفي نبحث أن هذه الواقعية هي الوجود أو هي الماهية، ولا نستطيع أن نصادر البحث مباشرة ونقول أن المراد من الموجود هو ما يقابل الماهية. على أي الأحوال.

إذن البحث أعزائي في العلاقة، لا إشكال ولا شبهة كما اشرنا أن هناك علاقة بين اللفظ وبين المعنى، بين اللفظ الخاص والمعنى المعين، من هنا صرنا بصدد بيان أنحاء العلاقة حتى يتضح أنه هذه العلاقة القائمة بين الألفاظ والمعاني أي نحو من هذه الأنحاء، ذكرنا بنحو الإجمال قلنا:

إما أن العلاقة بين الشيئين هي علاقة ذاتية بمعنى أنها غير مجعولة، لا جعلاً تكوينياً ولا جعلاً اعتبارياً.

النحو الثاني من العلاقة: هي العلاقة الذاتية بمعنى أنها مجعولة ولكن جعلاً تكوينياً.

النحو الثالث من العلاقة: أن هناك علاقة ولكنها علاقة لا هي غير مجعولة ولا هي مجعولة جعلاً تكوينياً بل هي مجعولة جعلاً اعتبارياً.

هذه هي الاحتمالات أو الأنواع الثلاثة التي أشرنا إليها.

ثم أشرنا إلى الاحتمال الأول أن يقال أن العلاقة القائمة ما بين الألفاظ والمعاني علاقة ذاتية أزلية غير مجعولة لا بجعل تكويني ولا بجعل اعتباري.

هذا الاحتمال من الواضح أنه لا يوجد فيه قائل، أو لم نجد أحد يقول بهذا القول، طبعاً عندما أقول لم نجد أحد يقول بهذا القول، مرادي أحد بالحمل الشايع، يعني لم أجد أحد من العلماء يقول بهذا، وإلا قد يخرج إنسان أصلاً لا يعرف معاني العلاقات القائمة والذاتية وغير الذاتية وقد يدعي ادعاءات فهذه لا قيمة لها. ولذا الحكيم السبزواري عندما يأتي إلى مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية، يقول قولان: إما أصالة الوجود وإما أصالة الماهية. يقولون فإن قيل أنه لماذا تقولون لا يوجد قول ثالث وهو القول بأصالة الوجود والماهية كما قاله فلان ويشيرون إلى بعض الذين نسب إليهم هذا القول وهو الشيخ الإحسائي – النسبة صحيحة أو لا هذا في محله- يقول أنا كنت أتكلم عن العلماء والشيخ الإحسائي ليس من العلماء في البحث الفلسفي كما يقول السبزواري، نحن عندما نقول لا يوجد قائل باعتبار من العلماء الذين يلتفتون بتعبير بهمنيار في التحصيل: يقول الشيخ عندما كان يتكلم أنك ومن يستحق الخطاب، لأن البعض أساساً لا يستحق الخطاب لا من باب الإهانة، بل من باب أنه أساساً هو قابل لأن يفهم مثل هذه المسائل أو غير قابل ليفهم مثل هذه المسائل؟ لا يفهم مثل هذه المسائل. ولذا تجد بأنه المحقق العراقي& في (مقالات الأصول، تحقيق الشيخ محسن العراقي، والسيد منذر الحكيم، طبعة مجمع الفكر الإسلامي، الجزء الأول، ص59) يقول: (لا شبهة في عدم دلالة الألفاظ على معانيها بنفس ذاتها) يعني الاحتمال الأول، الآن يبين (بحيث يفهم كل أحد من اللفظ معناه بلا توسيط شيء آخر في البين) أبداً، لا يوجد هناك لا جعل تكويني ولا جعل تشريعي اعتباري (ولا أظن توهمه من احد أيضاً) لا فقط لا يوجد به قائل، أساساً لا يمكن أن يتصور أحد أن العلاقة بين الألفاظ والمعاني كالعلاقة القائمة مثلاً بين اجتماع النقيضين والامتناع، أو بين العلاقة القائمة بين العلة التامة والمعلول (فليس نظر من التزم بأن دلالة الألفاظ …).

هذا الاحتمال لا يمكن أن يتوهمه أحد ولكن مع ذلك هذه لا يمكن أن نمر عليها بهذا القدر، وهنا لابد أن أشير وهو أنه البعض تصور أن ما نسب إلى عباد بن سليمان الصيمري من أن الألفاظ موضوعة للمعاني لمناسبة ذاتية تصوروا أنه يريد هذا القول، الكلام جداً كلام غير صحيح وإن نسب، ولكنه كلام غير تام، لأن ابن عباد من القائلين بأن الألفاظ موضوعة للمعاني ولكنها موضوعة لماذا؟ يقول لمناسبة ذاتية بين اللفظ، لا أنها غير مجعولة، نحن الآن في الاحتمال الأول نتكلم عن ماذا؟ أنها غير مجعولة، وابن عباد يعتقد أنها مجعولة، ولكنه يسأل لماذا جعل هذا اللفظ لهذا المعنى، يقول لمناسبة ذاتية، وقد وقع خلط كثير في كلمات الأصوليين بودي أن الأعزاء يراجعونها في الكلمات.

ولذا تجدون السيد مصطفى الخميني& في (تحريرات الأصول، ص46) يشير إلى هذه القضية يقول: (الجهة الأولى: المحكي عن ابن عباد) هذا ابن عباد من هو؟ معتزلي، شيعي؟ طبعاً هناك بحث، سيد مصطفى يعتقد أنه من فضلاء الشيعة، في كلمات الآخرين يعبرون عنه أنه من المعتزلة، وهذه قضية لابد أن تدرس لماذا كان يقع هذا الخلط بين المعتزلة وبين الشيعة؟ في جملتين فقط حتى لا نخرج عن البحث. أعزائي في كثير من الأحيان أن علماء الشيعة عندما أرادوا أن يتكلموا بلغة العقل وقعوا في فخ المعتزلة، هم عادة لم يكونوا يتكلموا بلغة العقل، يقولون آية هكذا تقول ورواية – الآية ليس لهم في شغل- الرواية هكذا تقول، فعندما صار بنائهم أن يتكلموا بلغة عقلية وقعوا في فخ من؟ ولذا يكفي أنك تعمل جرد في التجريد انظر في كم مورد يقول قالت الأشاعرة وقالت المعتزلة والحق مع المعتزلة، ولذا تجد الآن التهمة الموجهة أو الإشكال الموجه إلى مدرسة أهل البيت أن هؤلاء فرع من فروع المعتزلة، هؤلاء ليسوا مذهب مستقل من الناحية الكلامية والفقهية، من الناحية العقدية لا الفقهية، وهذا الذي لابد للأعزاء إذا أرادوا أن يكتبوا أبحاثاً هذه النكتة ومن أهم خصوصيات تفسير الميزان أنهم حاول أن يدفع هذه الإشكالية وهذه التهمة، ولذا يقول الأشاعرة هكذا يقولون والمعتزلة هكذا يقولون ولكن أهل البيت هكذا يقولون، حاول أن يعطي هوية لمدرسة أهل البيت، وهذه الهوية بشكل إجمالي أقولها لكم لن تجدوا لها مظهراً حقيقي إلا في كلمات فلاسفة وعرفاء الشيعة، وإلا في كلمات متكلمي الشيعة هذا المعنى لا تجدوه بشكل واضح.

نرجع إلى بحثنا.

قال: (المحكي عن ابن عباد أن الأمر المتوسط بين اللغات والمعاني مفقود) إذن نحتاج إلى جعل أو لا نحتاج؟ توسيط لا نحتاج (بل المعاني من لوازم ذات اللغات كلوازم الماهيات) ماهية الأربعة تلازمها الزوجية، أساساً حتى لو لم تكن الأربعة موجودة هذه الحقيقة تلازمها هذه الحقيقة، يقال أن العلاقة بين الألفاظ والمعاني من هذا القبيل، (ويقال أن …). لماذا أنه نسب إليه هذا الكلام يعني نسب إلى ابن عباد هذا الكلام؟ السبب أنه في كلامه وردت هذه العبارة، أنا لم يكن عندي هذا الكتاب ولذا سحبته من الانترنت، في كتاب (المزهر في علوم اللغة وأنواعها للسيوطي، ج1، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار التراث، ص47) يقول: (المسألة العاشرة، نقل أهل أصول الفقه عن عباد بن سليمان الصيمري من المعتزلة) هنا السيد مصطفى تعبيره في (ص46) يقول: (وهذا ليس مراد مثل ابن عباد الذي هو من فضلاء الشيعة) هذا السبب ما هو أنه هذا يقول أنه معتزلة وهذا يقول شيعي، هي هذه، هذا الخلط، عدم الوضوح في هوية هذه المدرسة وهوية هذه المدرسة. يقول: (نسب إليه أنه ذهب إلى أن بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية حاملة للواضع أن يضع) إذن ابن عباد قائل بالاحتمال الأول وهو أنه لا يحتاج إلى وضع أو يحتاج إلى وضع؟ لا، ابن عباد من القائلين بأن اللفظ يحتاج إلى أن يوضع للفظ معين، إذن ليس هو من أصحاب الاحتمال الأول.

لماذا نسب إليه الاحتمال الأول؟ لأنه عبر هذا التعبير قال: فرق مذهب المشهور مع مذهب ابن عباد أن عباد يراها ذاتية. يراها ذاتية، فتصوروا كلما عبر الذاتي أريد به الاحتمال الأول، وقد أشرنا في الدرس السابق قلنا أنه قد تطلق الذاتية ويراد بها الاحتمال الثاني يعني مجعولة بجعل تكويني، النار حارة حرارة النار ذاتية للنار ولكن لا بمعنى ذاتية يعني غير مجعولة، لا، مجعولة ولكن بجعل تكويني. وجعل الشمس …

انظروا لكي تتضح القضية للأعزاء …

(وجعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء) (وجعل الظلمات والنور) (وجعل الليل سكنا) (وجعل لكم النجوم) و(جعل لكم الشمس ضياءً) (ولولا شاء وجعل فيها رواسي) هذا أي جعل كله؟ هذا الجعل التكويني الوجودي، وأنت عندما جعل الله (ولن تجد لسنة الله تبديلاً) (ولن تجد لسنة الله تحويلاً) يعني ماذا؟ يعني هناك علاقة ذاتية بين هذين الشيئين، بين الشمس وبين النور، بين الماء وبين رفع العطش، بين النار وبين الحرارة والإحراق ونحو ذلك، هذه ذاتيات.

إذن كونه قال ذاتية ليس بالضرورة أنه يريد الاحتمال الأول.

هذا الاحتمال قلنا لا يتوهمه متوهم ولكن مع ذلك لابد أن يتضح أنه تام أو غير تام؟

في الواقع بأنه إذا يتذكر الأعزاء قلنا أنه أولاً أن هذا الاحتمال لم يقم أي دليل عقلي أو نقلي قطعي على إثباته، هذه دعوى، مرة أن صاحبها يدعي أنها من البديهيات الأولية، ولكنه إذا لم تكن تحتاج من البديهيات والأوليات تحتاج إلى دليل. فلم نجد دليلاً لهذا الاحتمال، هذا أولاً.

وثانياً: أن الدليل قائم على بطلان هذا الاحتمال بين الألفاظ وبين المعاني، وذلك يوجد فرضان، يعني القائل بهذا الاحتمال، طبعاً أعزائي مرة أخرى أقول أنا عندما أقف أفصل ليس نظري بحث الألفاظ والمعاني الله يعلم، أنا طريقة منهجة البحث أريد أن تصل إلى الأعزاء، حتى في أي مكان وفي أي دعوى أخرى ادعيت أيضاً يتبع فيها هذه الطريقة البحثية العلمية المنهجية، أعزائي يوجد فرضان:

الفرض الأول – يعني القائل بالاحتمال الأول-.

الفرض الأول: أن يقول أن هناك علاقة غير مجعولة ذاتية بين وجود اللفظ ووجود المعنى، هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني: لا، لا أن يدعي بين وجود اللفظ ووجود المعنى، يقول: بين اللفظ والمعنى بحسب واقعهم النفس أمري بغض النظر أن يكون موجوداً أو لا يكون موجوداً. أضرب مثالين حتى يتضح.

مثال الأول من قبيل وجود العلة التامة ووجود المعلول، هذه يوجد ملازمة ذاتية غير قابلة للانفكاك ولا مجعولة، يكون في علمك، العلاقة القائمة بين أن وجود المعلول يحتاج إلى وجود علته التامة، هذه الله جعلها؟ أبداً، لا تكويناً ولا اعتباراً، بل هي علاقة ذاتية أزلية أن كل معلول في وجوده يحتاج إلى وجود علته التامة، وإلا لو كانت مجعولة من قبل الله إذن الله سبحانه وتعالى كما أنه بإمكانه أن يرفع الحرارة من النار بإمكانه أيضاً أن يوجد معلولاً بلا علة، ممكن أو غير ممكن؟ معلول بلا علة ممكن أو غير ممكن؟ محال عقلاً من قبيل اجتماع النقيضين. أن يقال أن العلاقة الذاتية المدعاة بين الألفاظ والمعاني بين وجود اللفظ وبين وجود المعنى كالعلاقة الذاتية بين وجود العلة التامة وبين وجود المعلول خارجاً. هذا نحو من العلاقة الذاتية.

النحو الثاني من العلاقة هي العلاقة القائمة بين شيئين بين ذاتيهما بغض النظر عن وجودهما أو عدم وجودهما كما أنت جنابك تقول كما أشار القرآن الكريم (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) هذه علاقة مجعولة، يعني تعدد الآلهة يوجب فساد العالم، هذه مجعولة من قبل الله يعني بإمكانه أن يصير تعدد آلهة ولا يفسد العالم؟ محال، ولذا قلنا أن شريك الباري ممتنع، العلاقة القائمة بين شريك الباري وممتنع يعني العلاقة هذه بين وجود شريك الباري وبين وجود الامتناع، إذا وجد شريك الباري في الخارج إذن ليس بممتنع وجد خارجاً، كما العلاقة بين اجتماع النقيضين والامتناع، هذه ليست العلاقة قائمة بين وجوديهما بل بين واقعيهما النفس الأمري، أن يقال: بأنه عندما نقول أن بين الألفاظ والمعاني علاقة ذاتية، علاقة ذاتية بين واقعهما النفس الأمري، أعم من أن يكون اللفظ والمعنى له وجود أو ليس له وجود. ولا ثالث، إذن الفرض الأول والفرض الثاني.

أما الفرض الأول فباطل بحسب التشقيق، أما الفرض الأول باطل لأنه قرأنا قاعدة عامة في محله من الأبحاث الفلسفية أن الوجود لا يتحقق إلا بالتشخص، الشيء ما لم يتشخص لم يوجد، والتشخص قابل للانطباق على كثيرين أو ليس قابل للانطباق على كثيرين؟ قرأتم بأن اللفظ كمفهوم قابل للانطباق أما كوجود – حتى بحسب وجوده الذهني- قابل للانطباق أو غير قابل للانطباق؟ غير قابل للانطباق. فإذا قلنا العلاقة بين وجود اللفظ ووجود المعنى إذن تكون العلاقة ذاتية بين هذا الوجود المتشخص للفظ مع هذا الوجود المتشخص للمعنى، لا أن هذا اللفظ بما هو لفظ دال على المعنى، ونحن بصدد إثبات أن طبيعي اللفظ يدل … طبيعي لفظ الماء يدل على طبيعي لفظ المعنى. لا وجود هذا اللفظ يدل على ماذا … وإلا للزم أنه فقط هذا اللفظ بحسب وجوده يدل على هذا لمعنى بحسب وجوده، أما لفظ آخر لا يدل، مع أنه ليس كذلك.

إذن بعبارة أخرى إذا اردنا أن نبين، أنه لو قلنا أن العلاقة بين وجود اللفظ ووجود المعنى للزم الخلف، لأنه نحن نريد أن نثبت العلاقة بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى لا وجود اللفظ ووجود المعنى. هذا الفرض الأول.

الفرض الثاني: وهو أن يقال بأن العلاقة ليست بين وجود اللفظ ووجود المعنى، بل العلاقة بين واقعهما النفس الأمري، هذا لازمه أحد أمرين، أمور كثيرة أنا أشير إلى اثنين منها:

أولاً: قضية النقل معقولة أو غير معقولة في اللغة، في المنطق؟ هذا اللفظ له هذا المعنى فتنقل اللفظ إلى معنى آخر معقول أو غير معقول؟ غير معقول، لماذا؟ لأن هذا اللفظ له علاقة ذاتية بمعنى مشخص، هل يمكنك أن تنقله إلى معنى آخر أو لا يمكنك؟ إذن يغلق باب النقل والحقيقة الشرعية والمتشرعية في علم الأصول. والتالي باطل، نجعله قياس استثنائي، فالمقدم ماذا. لو تم هذا للزم بطلان النقل، والتالي باطل فالمقدم مثله. هذا أولاً.

وثانياً: لازمه أن كل من سمع اللفظ لابد أن ينسبق إلى ذهنه المعنى، لماذا؟ من قبيل من كل سمع الأربعة ينسبق إلى ذهنه الزوجية، يستطيع أن يقول لا، أنا أفكر لأراه زوج أو ليس بزوج، أصلاً مضطر لأن يقول أن الأربعة زوج. فإذا كانت هناك علاقة ذاتية بين … من قبيل العلاقة بين وجود المعلول ووجود العلة التامة، إذا تصور العلة التامة وجودها لابد معلول، لا ينفك المعلول، والمعلول لا ينفك … ولذا في محله قالوا أن العلة التامة لا تنفك عن معلولها والمعلول لا ينفك عن علته، لكن ذاك بحسب الوجود وهذا بحسب الواقع النفس الأمري.

طبعاً أنا لا احتاج أن أدخل إلى كلمات الأصوليين وأذكر إشكالات، هذه الإشكالات جلها ذكروها في جواب ابن عباد، مع أن هذه لا علاقة لها بابن عباد.

أعزائي بودي أن تطالعوا المراجع والمصادر الأصولية قال فلان هكذا ويرد عليه هكذا يأخذ وقت طويل إنشاء الله الأعزاء، هذا الإشكال وهو أنه إذن للزم أن الكل يعرف كل المعاني والتالي باطل فالمقدم مثله، مرتبط بهذا المقام لا باحتمالات أخرى.

الأعزاء إذا أرادوا المراجعة في (محاضرات في أصول الفقه، للسيد الخوئي، ج1، ص32) قال: (وفيه أنه لو أريد بذاتية الدلالة أن الارتباط الذاتي والمناسبة الذاتية بينهما …).

مداخلة لأحد الطلبة: ……..

ما الخلل في هذه العبارة؟! يقول: (الارتباط الذاتي والمناسبة الذاتية) هذا الارتباط الذاتي إذا كان مقصوده إشارة إلى الاحتمال الأول، والمناسبة الذاتية إشارة إلى كلام ابن عباد، هذا العطف في غير محله، ما علاقة هذا.

مداخلة أحد الطلبة: ……….

طبعاً ذاك أيضاً فيه إشكال لأن المناسبة الذاتية ليست هذه، لأنه يقول بينهما بحد يوجب أن يكون سماع اللفظ علة تامة، انظروا علة تامة غير المناسبة الذاتية، (علة تامة لانتقال الذهن إلى معنى، فبطلانه من الوضوح بمكان لا يقبل النزاع فإن لازم ذلك تمكن كل شخص من الإحاطة بتمام اللغات فضلاً عن لغة واحدة) هذا الإشكال مرتبط بالارتباط الذاتي، يعني الاحتمال الأول، لا بالمناسبة .., ولذا بعض يقول بالمناسبة الذاتية ولكن يقيدها بقيد بمن علم بالوضع، وأنتم تجدون بعد ذلك سيشكل على السيد الخوئي من قال أنه إذا قال مناسبة ذاتية إذن يرد عليه الإشكال. لا، مقيد إذا علم بالوضع.

هذا بحث، لذا قلت لا أريد أن أدخل إلى عبارات الأعلام، أقول هذه الجملة في غير محلها الأعزاء هم يراجعون.

نعم، مما تقدم يتضح أن ما ذكره المحقق الأصفهاني في (نهاية الدراية، ج1، مؤسسة آل البيت، ص44) وإن كان تاماً من وجه إلا أنه غير تام من وجه آخر. في (ص44) يقول: (لا ريب في ارتباط اللفظ بالمعنى واختصاصه به) هذا وجداني لا يحتاج إلى دليل (وإنما الإشكال في حقيقة هذا الاختصاص والارتباط وأنه معنى مقولي أو أمر اعتباري) فيبطل المقولية يقول: إذن ثبت أنه أمر اعتباري.

الجواب: ليس بالضرورة إذا بطل الارتباط المقولي إذن يثبت الأمر الاعتباري، لماذا؟ باعتبار أنه أمر مقولي يعني أن الرابطة بين الألفاظ والمعاني ليس جوهراً ولا عرضاً والجوهر والعرض مقسمه وجود الماهية، وجود الماهية. نحن الآن لم ندعِ … إذا تتذكرون في مسألة الرابطة بين الوجود واللفظ قلنا فرضان، وجود وواقع نفس أمري، فإذن أنت لكي تثبت أنه اعتباري لابد تنفي المقولية وتنفي الواقع النفس الأمري حتى تثبت الاعتبارية، وهنا فقط نفى المقولية ولم يثبت الواقع النفس الأمري، هذا ما يتعلق بعبارة المحقق الأصفهاني، لأنه دقيق في عباراته.

وكذلك عدم الوضوح في عبارة سيدنا الأستاذ السيد الشهيد+ في (مباحث الدليل اللفظي، تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص72) قال: (من هنا حاول الأصوليون تبرير هذه السببية فوجد اتجاهان: الاتجاه الذاتي القائل بأن العلاقة بين اللفظ والمعنى ذاتية) سيدنا أي ذاتية، الذاتية القسم الأول أو ذاتية القسم الثاني؟ نفي الذاتية بالقسم الأول هل ينفي الذاتية بالقسم الثاني؟ يعني أن تكون علاقة ذاتية كعلاقة النار بالحرارة، ولكن هذه مجعولة أو غير مجعولة؟ مجعولة. ولكنها ذاتية ولكن ليست اعتبارية، ولذا هنا هذه الذاتية هذه التي قلت مراراً أنه قيل ذاتية هذه الذاتية كما تحتمل الاحتمال الثاني تحتمل الاحتمال الأول، والذي يقرب ما نقوله انظروا المثال، يقول: (كالعلاقة بين النار والحرارة) هذه إشارة إلى أي معنى؟ إلى القسم الثاني من العلاقة، سيدنا نفي القسم الثاني من العلاقة لا يثبت القسم الثالث من العلاقة، لعلها القسم الأول من العلاقة.

إذن إلى هنا اتضح لنا بأن هذا الاحتمال الأول احتمال غير وارد.

الاحتمال الثاني: في الاحتمال الثاني أن يقال بأن هناك علاقة ذاتية بين اللفظ والمعنى ولكنها مجعولة بجعل تكويني لا بجعل اعتباري. كيف تجعل الماء حاراً والشمس مضيئة؟ بتعبير القرآن الكريم (جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء) (وجعل منهم القردة والخنازير) (وجعل الظلمات والنور) (وجعل الليل سكناً) هنا جعل اللفظ دالاً على المعنى بجعل تكويني. يوجد قائل بهذا القول، ابحثوا، أنا بحثت فلم أجد أحد يقول بأنه يوجد قائل بهذا القول، هذا الاحتمال تام أو غير تام؟

الجواب: احتمال غير تام، لماذا؟ لأنه لازمه أن الذي يريد أن يجعل عنده قدرة تكوينية، لأن العلاقة التي يريد يوجدها أي علاقة؟ علاقة تكوينية، علاقة وجودية، فإذن لازم ذلك أن الواضع للألفاظ للمعاني إما الله وإما من عنده الولاية التكوينية، والتالي باطل بالوجدان لأننا نحن نجد أن المؤسسات والأفراد والجمعيات والجامعات تضع الألفاظ للمعاني والألفاظ تدل على المعاني، إذن لا تحتاج إلى قدرة تكوينية، وإلا لو كان الجعل في العلاقة بين الألفاظ والمعاني جعل تكويني لا جعل اعتباري فمن الواضح يتوقف على أن يكون الواضع له هذا.

إذن هذا الاحتمال أيضاً احتمال غير تام.

إذا بطل أعزائي الاحتمال الأول والاحتمال الثاني، يعني أن العلاقة بين الألفاظ والمعاني أو دلالة الألفاظ على المعاني لا هي من النحو الأول التي لا تحتاج إلى جعل بل هي تحتاج لأننا ذكرنا أن المنفصلة حقيقية إما مستغنية عن الجعل أو … إما محتاجة إلى الجعل أو لا. وثبت (أو لا) باطل لأنها محتاجة إلى الجعل فإذن (لا تحتاج) بطل. وهذا الثاني (محتاجة إلى الجعل) إما جعل تكويني أو لا. وثبت أن الجعل التكويني أيضاً باطل، فيبقى عندنا أن الجعل جعل اعتباري. طبعاً هذا كله إنشاء الله تعالى بعد ذلك تأتي نظريات هو يقول من قال لكم أن اللفظ لكي يدل على المعنى يحتاج إلى جعل، من أين أتيتم بها؟! نعم، أنتم نظرتم إلى بعض المصاديق فتصورتم أن الجميع … وإلا ماذا تفعلون في مسألة التعين، التعين فيه وضع وجعل أو لا يوجد؟ الاستعمال مرة يكون ينقسم إلى وضع تعييني، فهمنا، وإلى وضع ماذا … أصلاً معقول وضع تعيني، في التعين يوجد وضع أو لا يوجد وضع؟ أصلاً لا يوجد وضع، هو انجعال من نفسه، بل أكثر من ذلك إنشاء الله بعد ذلك في نظرية السيد الشهيد يقول أساساً لا جعل تكويني ولا جعل اعتباري بل هو قرن بين اللفظ والمعنى، لا جعل ولا أبداً. هذه أبحاثه إنشاء الله شيئاً فشيئاً، واقعاً نظرية بحث الوضع من الأبحاث القيمة في علم الأصول لا أقل تعطي للطالب أن العقل الأصولي، أنا الذي أعبر عنه العقل الأصول الجبار عند مدرسة أهل البيت واقعاً لأنه غاب البحث الفلسفي في حوزاتنا العلمية والعقل بطبيعته وبفطرته ميال إلى الأبحاث العقلية الدقيقة العميقة فصب كل قدرته العقلية في الأبحاث الأصولية. ولذا أنت إذا أردت أن تعرف هوية العقل الشيعي، يعني المبنى الشيعي في المسائل العقلية هوية العقل الشيعي انظر إلى كثير من الأبحاث الأصولية لأنه واقعاً التحليلات التي وجدت في علم الأصول عقلياً لعلك لا تجد لها نظير حتى في أبحاث الفلاسفة من فلاسفة الشيعة ومتكلميهم.

إذن أعزائي وصلنا إلى مرحلة الاعتبار. عندما وصلنا إلى هذا الاحتمال وهو أنه إذن الاحتمال الأول الاحتمال الثاني ساقط، إذن هناك اعتبار وضع اللفظ لهذا المعنى، عندما نصل إلى مسألة العلاقة الاعتبارية لا علاقة ذاتية بالمعنى الأول ولا علاقة ذاتية بالمعنى الثاني بل هي علاقة بين اللفظ والمعنى علاقة اعتبارية، هنا توجد محاور ثلاثة لابد أن نقف عندها، إذن الآن انتهينا من العلاقة الذاتية بالمعنى الأول غير المجعولة، والعلاقة الذاتية بالمعنى الثاني المجعولة تكويناً، ننتقل إلى العلاقة الاعتبارية، هذه العلاقة توجد فيها محاور ثلاثة لابد من بحثها:

المحور الأول: ما هي صيغة هذا الاعتبار بين اللفظ والمعنى؟ يعني يأتي الواضع يقول وضعت هذا اللفظ لهذا المعنى، بتعبيرهم، طبعاً هناك صيغ متعددة، صيغة تقول بالملازمة بين اللفظ والمعنى، اعتبرت أو وضعت الملازمة بين اللفظ وبين المعنى، هذه الصيغة الأولى.

الصيغة الثانية: قالوا لا، خطأ، لا تقولون اعتبرت الملازمة، قولوا اعتبرت استلزام اللفظ للمعنى. مولانا ما الفرق؟ يقول أنت عندما تقول ملازمة يعني من الطرفين، يعني كما أن اللفظ يدل على المعنى لابد أن المعنى يدل على اللفظ، مع أن الملازمة ليست من طرفين بل هي من طرف واحد، إذن لا تقولوا ملازمة لأن الملازمة تكون من الطرفين قولوا استلزام اللفظ للمعنى. بينك وبين الله أبحاث تقرأ أصول أم تقرأ فلسفة؟ لفظ ومعنى، نعم هذه بدل أن يبحثوها في التوحيد بحثوها أين؟ أن العلاقة بين العلة التامة وبين معلولها علاقة ملازمة أو علاقة استلزام أي منهما؟ أصلها موجود أين؟ لا تتصوروا أنها جاءت من الهواء الطلق والهواء المعلق، لا أبداً، هذه أصلها جاء من هناك، أن المعلول ملازم لعلته التامة أو أن العلة التامة تستلزم معلولها. ما الفرق؟ يقول: لا، إذا قلت ملازمة يعني كما أن هذا يستلزم هذا هذا أيضاً … أما عندما تقول استلزام لا، من طرف واحد.

الصيغة الثالثة: يقول لا، لا ملازمة ولا استلزام، وإنما هي اعتبرت أن هذا اللفظ علامة على المعنى. هذه نظرية العلامتية التي سيأتي بحثها.

النظرية الرابعة: أن اللفظ مقدمة ممهدة لتكون العلاقة، أصلاً لا علامة ولا استلزام ولا أي شيء آخر، وإنما تقوم بعمل إعدادي يستلزم عملاً آخر. عدة صيغ إن شاء الله سنقرأها.

هذا التساؤل الأول، يعني بيان صيغة الاعتبار، لأننا نتكلم في العلاقة الاعتبارية بين اللفظ وبين المعنى، هذه العلاقة الاعتبارية ما هي صيغتها. أربع أو خمس صيغ سنأتي عليها إن شاء الله. هذا هو التساؤل الأول.

التساؤل الثاني: ما هي ثمرة هذا الاعتبار، يعني هذا الاعتبار يولد علاقة اعتبارية أو أن هذا الاعتبار يولد علاقة وجودية، أي منها؟ هناك اتجاهات أو اتجاهان أساسيان، يقول لأن العمل اعتباري فالنتيجة المتولدة منها اعتبارية، اتجاه آخر يقول: لا، صحيح أن العمل اعتباري ولكن الله وضع سنة ونظام في التكوين إذا أوجدت هذا الاعتبار تحقق تكوين، أمثلته ستأتي، كيف يمكن أن الاعتبار يولد تكوين ستأتي أمثلته، هذا السؤال الثاني وهو ما هي ثمرة هذا الاعتبار، بعد أن انتهينا من صيغة الاعتبار ثمرة هذا الاعتبار.

التساؤل الثالث: لماذا أن الواضع، لأننا في عالم الوضع والاعتبار، لماذا أن الواضع يضع هذا اللفظ الخاص لهذا المعنى المخصوص. لماذا؟

هناك تأتي نظريات المناسبة لعباد بن سليمان، أن عباد بن سليمان قال لأنه إذا وضعنا أي لفظ لأي معنى يلزم الترجيح بلا مرجح، فلماذا لم تضع هذا، تتذكرون نحن عندما وقفنا أربعين درساً وقلنا أن هذا الخلط بين البحث الفلسفي والبحث الأصولي ينخر البحث … أصلاً كل مفاصله داخلة في ماذا …. وإلا أنت لو تذهب إلى أولئك وتقول لهم الترجيح بلا مرجح، هذه في القضايا الوجودية لا في القضايا الاعتبارية، ما علاقتها ترجيح بلا مرجح، في العلاقات الاعتبارية تكفي أدنى مناسبة، هناك نحتاج علاقات وجودية. المهم.

إذن هذا الذي أنا أشرت إليه مراراً قلت بأن الأعلام جاءوا بنظرية عباد بن سليمان في غير موضع، موضع البحث عن عباد سليمان أو نظرية ابن عباد موضعها هنا، وهو أنه ما هي نكتة اختصاص لفظ معين بمعنى معين، إما أن نقول مناسبة ذاتية وإما وإما وإما … إلى غير ذلك.

هذه المحاور الثلاثة إن شاء الله غداً ندخل في المحور الأول.

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات