بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قلنا بأنه لكي تتضح هذه المسألة وهذا العنوان وهي العلاقة القائمة ما بين اللفظ وما بين المعنى، لابد من الحديث في محاور ثلاثة أشرنا إليها في البحث السابق:
المحور الأول: ما هي صيغة الاعتبار. يعني أو الواضع والجاعل، لأننا تتذكرون في البحث السابق أننا خرجنا عن دائرة أن العلاقة علاقة ذاتية لا تحتاج إلى جعل، انتقلنا إلى المرحلة الثانية أن هذه العلاقة تحتاج إلى جاعل وإلى واضع.
المحور الأول بأنه هذا الجاعل الواضع المعتبر ماذا يفعل، ما هو الدور الذي يقوم به؟ هنا تأتي الصيغ التي ذكرت أنه يعتبر الملازمة يعتبر الاستلزام العلامية الآلية ونحو ذلك أبحاثها ستأتي.
المحور الثاني: أنه نتيجة هذا الاعتبار ما هو اعتبار آخر أو أن نتيجة الاعتبار أمر واقعي ونفس أمري. يعني محصول هذه العملية ما هو؟ إن عبرنا عن هذه العملية بالعلة فما هي طبيعة المعلول.
المحور الثالث: هو أنه أن المعتبر الجاعل الواضع لماذا يجعل هذا اللفظ لهذا المعنى، هل توجد هناك نكتة أو أنه لا توجد نكتة؟
هذه المحاور الثلاث. ولذا عندما سنأتي إن شاء الله تعالى إلى كلمات الأعلام، يعني نأتي إلى نظرية المحقق العراقي أو الأصفهاني أو المرزا أو السيد الخوئي أو السيد الصدر وكذلك بعض الأعلام الأحياء وغيرهم وغيرهم، عندما نطرح النظرية لابد أن نستوفي هذه المحاور فيها، يعني ماذا يقول في المحور الأول، ماذا يقول في المحور الثاني، ماذا يقول في المحور الثالث. وهذا الذي يوجد في كلماتهم ولكن لم ينظم مع الأسف في كلمات الأعلام، يعني النظرية تبين ولكنه يتكلم في المحور الأول، يتكلم في المحور الثاني، يتكلم في المحور الثالث، هذا غير واضح عندما تعرض النظرية.
النظرية الأولى: وهي نظرية المحقق العراقي، وهي من النظريات الأساسية التي اعتنى بها الأعلام في هذا المجال. والمحقق العراقي في كلامه واضح أنه ملتفت إلى هذه المحاور الثلاثة، يعني المحور الأول المحور الثاني المحور الثالث.
قبل بيان ما يقوله العراقي في هذه المحاور الثلاثة نحتاج إلى بيان مقدمة، هذه المقدمة أشرنا إليها ولكن من باب الاستذكار.
وهو أن الثبوت على ثلاثة أنحاء لا الوجود، لأنه بناء على ما بيناه في محله تفصيلاً، الأعزاء إذا أرادوا مراجعة البحث يرجعوا إلى كتابنا (شرح الفلسفة، ج2) يعني (شرح الأسفار الأربعة الإلهيات بالمعنى الأعم، ج2) هناك نحن ميزنا بين جيداً بين الوجود وبين الواقع النفس الأمري، قلنا أن الواقع النفس الأمري بالضرورة هو أعم من الموجود ومن الوجود، يستحيل أن يكون الواقع النفس الأمري مساوياً للوجود، لأن هناك مجموعة من الأمور الواقعية النفس أمرية لا إشكال في واقعيتها ولا إشكال في صدقها ولا ريب في عدم تحقق وجودها بل في استحالة وجودها. وكم له من امثلة أشرنا لها مراراً من قبيل هذه الآية القرآنية (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) هذه القضية صادقة أو كاذبة؟ لا أتصور أن أحد يقول أنها غير صادقة، إذن صادقة، صدقها بماذا؟ بمطابقتها لنفسها أو بمطابقتها لواقعها النفس أمري، أي منهما؟ لا إشكال ولا شبهة أنه ليس صدقها بمطابقتها لنفسها بل لواقعها النفس أمري، هذا الواقع النفس الأمري له وجود أو يمتنع وجوده؟ لا إشكال أنه يمتنع وجوده.
إذن أعزائي عندما أعبر ثبوت، لا تقل لي ما فرق هذه النظرية عن نظرية المعتزلة، ما هو فرق هذه النظرية مع نظرية الثابتات الأزلية أو الأعيان الثابتة للعرفاء، هذا بحثه في محله وكله أشرت له في (الفلسفة، ج2) عنوان مستقل لهذا البحث، خصائص الحقائق النفس أمرية، ما هي خصائص هذه. إذن عندما نقول ثبوت، والأعلام أيضاً سلموا، طبعاً السيد الصدر وليس فقط السيد الصدر، المحقق العراقي وغيرهم، كلهم قالوا أن الثبوت اعم من الوجود.
إذن ماذا نفعل في مشكلة الوجود والعدم نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، الثبوت هنا ماذا يصير؟ هذه الأبحاث تبحث في نظرية المعرفة، ولكن نأخذها كأصل موضوعي، ونأتي إلى المقام.
الثبوت على ثلاثة أنحاء: ومن أراد أن يراجع البحث تفصيلاً أنا أشير له إجمالاً، طبعاً بشكل واضح أشار له المحقق العراقي ولكن بشكل غير منظم، وإلا المحقق العراقي عندما دخل إلى هذا المطلب أشار إلى هذه الأقسام، أشار إليها السيد الشهيد + في (تقريرات السيد الحائري، ج1، ص96) قال: (أن ثبوت الشيء يكون على ثلاثة أقسام، الثبوت في الخارج) يعني له وجود خارجي من قبيل الجواهر والأعراض وما ليس بجواهر وأعراض لأن الله سبحانه وتعالى له ثبوت لا في الواقع النفس الأمري، له ثبوت في الوجود الخارجي، جوهر أم عرض؟ لا جوهر ولا عرض، هذا مثال.
النوع الثاني: الثبوت الاعتباري وهو ماذا؟ يقول: (وقوامه يكون بنفس الاعتبار والفرض والخيال وينعدم بمجرد انعدام الاعتبار) أصلاً قائم بماذا؟ ولذا إذا تتذكرون في بحث الدور أو في بحث التسلسل قالوا أنه إذا كان التسلسل ينقطع بانقطاع الاعتبار ممتنع أو ليس بممتنع؟ قالوا: ليس بممتنع، لأنه مرتبط باعتبار المعتبر، فإن اعتبر موجود إن لم يعتبر … بخلاف التسلسل المحال اعتبرت أو لم تعتبر فهو واقعي في الخارج. يقول: (كما لو اعتبرنا بحر من زئبق فيكون لهذا البحر وجود اعتباري وفرضي ينعدم برفع اليد عن هذا الاعتبار) وهنا أذكركم جملة من أولئك الذين يخشون أن نسمي الحسن والقبح اعتباري أو نسمي الأحكام الفقهية اعتبارية ينصرف ذهنهم إلى هذا النوع من الاعتبار، يتصورون أن الحسن والقبح اعتباري يعني مرتبط باعتبار المعتبر فإن اعتبر موجود وإن لم يعتبر فغير موجود ولهذا تكون نسبية وهكذا، لا لا أبداً.
سأبين هذا البحث لأنه ينفع كثيراً.
النوع الثالث: ثبوت الشيء في الواقع من دون أن يكون له وجود خارجي، هذا الذي نحن أشرنا إليه وأوضحناه أن الواقعية أعم من الوجود الخارجي. (ولا أن يكون ثبوته بمجرد الاعتبار والخيال وذلك من قبيل إمكان الإنسان) تقول: الإنسان ممكن، حتى لو يمكن هناك وجود في الخارج الإنسان ممكن أو ليس بممكن؟ ممكن. هذه القضية صادقة أو كاذبة؟ صادقة، صدقها بماذا؟ بمطابقتها لنفس الأمر، ولذا توجد اثنينية بين الإنسان وبين الإمكان، ولكن بحسب الواقع الخارجي هل عندنا إنسان وإمكان أو يوجد عندنا وجود واحد؟ هذا الذي يعبر عنه في كلماتهم بتعبير آخر، يعبرون موجود بوجود منشأ انتزاعه، ليس له ما بإزاء وإنما موجود بوجود منشأ الانتزاع.
إذن ليس له وجود وإنما منشأ انتزاعه. له واقعية أو لا؟ نعم، له واقعية مستقلة عن واقعية الموضوع، فإن الإنسان له واقعية والإمكان له واقعية أخرى، هاتان واقعيتان نفس أمريتان. هذا البحث الاخوة يرجعون. يقول: (وهكذا وإنما هو له حظ من الواقعية) الإمكان (من دون أن يكون موجوداً في الخارج …). هذا البحث تفصيله أكثر بحثه السيد الشهيد+ في (تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر، ج2، ص41 و 42) قال: (وتقريب أن الأمور الثابتة على ثلاثة أقسام، الأول، الثاني، الثالث ما يكون ثبوته لا بالوجود ولا بمحض الاعتبار بل بنحو من الواقعية بحيث يكون له واقعية في الأمر نفسه وله نحو من الثبوت المحفوظ بقطع النظر عن اعتبار المعتبر). هذا هو السؤال الأول.
السؤال الثاني: ما هو نوع العلاقة القائمة بين اللفظ وبين … ثبوت، ارتباط بين اللفظ وبين المعنى، هل هو من القسم الأول أو من القسم الثاني من الثبوت أو من القسم الثالث من الثبوت؟ المحقق العراقي يقول هو من النوع الثالث من الثبوت، لا الأول يعني له وجود خارجي، ولذا إذا تتذكرون فيما سبق قلنا أن العلائق قائمة بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى سواء وجد اللفظ أم لم يوجد، وجد المعنى أم لم يوجد، هناك علاقة بين هذا اللفظ وهو (م، الف، همزة) وبين هذا المعنى وهو ذلك الوجود السيال. لا بين وجود اللفظ ووجود المعنى حتى إذا لم يكن وجود اللفظ ليس هناك وجود للمعنى، لا لا، علاقة قائمة، علاقة نفس أمرية بين اللفظ وبين المعنى. المحقق العراقي يقول العلاقة بين الألفاظ وبين المعاني لا هو من القسم الأول ولا هو من القسم الثاني وإنما هو من القسم الثالث. هذا المطلب الأول.
المطلب الثاني: نأتي إلى المحور الأول الذي قلنا ثلاثة محاور.
المحور الأول: ماذا فعل الواضع، هذا الواضع ماذا فعل حتى أوجد علاقة نفس أمرية بين لفظ معين ومعنى معين؟ يوجد هنا اتجاهان في فهم كلام المحقق العراقي، أبينها حتى بعد ذلك عندما نأتي إلى ملاحظات سيدنا الشهيد وملاحظات السيد الخوئي على نظرية المحقق العراقي يتضح أن الإشكالات واردة أو غير واردة؟
الاتجاه الأول: يقولون بأن الجاعل الواضع من كان فليكن، يقول اعتبرت السببية الواقعية بين اللفظ وبين المعنى. فإذن متعلق الاعتبار المُعتَبَر باعتبار الواضع ما هو؟ نفس ماذا؟ هذه سببي هذا القسم الثالث الذي أشرنا إليه، اعتبرت هذا. هذا المعنى بشكل واضح في (محاضرات أصول الفقه، السيد الخوئي، ج1، ص39) قال: (بمعنى أن الجعل والاعتبار ليس مقوم لذاتها وحقيقتها) كما في القسم الثاني (بل بمعنى أن الاعتبار علة وسبب لحدوثها وبعده تصير من الأمور الواقعية) يعني العلة اعتبار والمعلول اعتبار أو واقعيات؟ واضح، يقولون أن المحقق العراقي قال اعتبر والمعتبر تلك الواقعية. هذا مورد أعزائي.
المورد الثاني في (تقريرات السيد الحائري، ص97) يقول: (وعملية الوضع) يفسر كلام المحقق العراقي بقرينة أنه في الحاشية السيد الحائري يقول: ربما يكون هذا التفسير للوضع مأخوذ من نهاية الأفكار للعراقي أو المقالات في الأصول للعراقي. هذه العبارات المفروض أنها عبارات السيد الشهيد، يقول: (وعملية الوضع عبارة عن جعل هذه السببية الواقعية) إذن الواضع ماذا يفعل؟ يضع السببية الواقعية، وإيجادها للفظ حقيقة.
حتى أكثر نكون واضحين مع الأعزاء في (تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر، ج2، ص42) يقول: (إذن فالوضع عبارة عن جعل هذه السببية الواقعية بين اللفظ والمعنى، فهو جعل للسببية الواقعية والملازمة الواقعية التي تدخل في القسم الثالث) ولذا عندما جاء، عندنا شاهد آخر في تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص74) يقول إشكاله الأول، أنا فقط أبين الإشكال حتى استنتج أنهم فهموا هذا المعنى. يقول: (على هذا ا لأساس كيف تعقل أن تكون العلة أمراً اعتبارياً والمعلول أمراً واقعياً) لا توجد سنخية بين الاعتبار وبين الواقعية، في النتيجة لابد من وجود سنخية بين العلة والمعلول فإذا كان المعلول واقعياً نفس أمري فعلته لابد أن تكون كذلك. يقول: (ولكن الصحيح رفض ما افترض من إمكان إيجاد السببية الواقعية بين شيئين بمجرد الوضع والجعل) أصلاً هذا غير ممكن.
إذن الاتجاه الأول في تفسير كلام المحقق العراقي هذا الذي أشرنا إليه، إلا أننا نعتقد أن المحقق العراقي ادق مما نسب إليه، المحقق العراقي يقول شيئاً آخر.
المحقق العراقي يريد أن يقول أمراً آخر، ما هو؟ أنا أبين المطلب أولاً من خلال بعض الأمثلة وبعد ذلك أأتي إلى كلام المحقق العراقي لأقربه.
واحدة من أهم المطالب المشكلة في مباحث الحكمة والفلسفة الكلام هو أن المعلول بعد حدوثه هل يحتاج إلى العلة بقاء أو لا يحتاج؟ وأنتم تعلمون أنه جمهرة كبيرة من المتكلمين أن المعلول مستغن عن العلة بقاء وإنما يحتاج إلى العلة حدوثاً وبعد الحدوث يستغني ومن هنا عرفت هذه الجملة وصارت ضرب المثل في الحكمة (فلو أمكن انعدام الواجب لما ضر وجود العالم شيء) الله سبحانه وتعالى أحدث هذا العالم كما أنت جنابك تصنع معمل وتنجزه فلا يحتاجك هذا المصنع بعد ذلك، تجعل فيه نظام دقيق ويأتي مهندس أحسن لك ويطبق عليه ذلك النظام فلا يحتاج لك، وضرب عشرات الأمثلة، قالوا انظروا إلى البناء والبنّاء، البنّاء هو العلة الموجدة لذلك البناء أوجده وبعد ذلك يموت، فلو كان المعلول متوقف وجوده على العلة حدوثاً وبقاء يلزم إذا مات انعدم المعلول، في التأليف أنت تؤلف الكتاب، في الخياطة لابد بمجرد أن يموت الخياط لابد أن يتفكك ثوبك لأنه مرتبط بالعلة حدوثاً وبقاء، في الشجرة التي يزرعها الفلاح في الأرض الفلاح هو الذي أوجدها في الأرض ينبغي أنه بمجرد أن يموت تنتهي الشجرة، ولذا قالوا أفضل شيء أن نقول أن المعلول محتاج إلى العلة حدوثاً لا محتاج لها حدوثاً وبقاءً.
أين الإشكالية، هذا الكلام أين مشكلته، مشكلته تصوروا هؤلاء جميعاً أن البنّاء هو العلة الموجدة، تصوروا جميعاً أن الخياط هو العلة الموجدة، تصوروا جميعاً أن الفلاح هو العلة الموجدة للزرع. تصوروا، طبعاً في الأبوين كذلك أيضاً بالنسبة إلى ابنائه لأنه إذا صار هو العلة الموجودة للأبناء إذن بمجرد أن يموت لابد أن يموت أبنائه أيضاً.
القرآن الكريم فقط من باب الاستغراب قال: (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) يعني ماذا أنت الزارع؟ يقول: هذا الفلاح هو ليس الزارع وليس العلة الموجدة، هذا الفلاح هو العلة المعدة، يعني ماذا؟ يعني أنا وضعت نظاماً في هذا العالم إذا وضعت هذه البذرة في التراب ضمن الشرائط … هذا سببه القانون الذي أنا وضعته وغير مرتبط بالزارع، نعم الزارع فقط نقل البذرة من المخزن إلى باطن الأرض، هذا ليس العلة، العلة أنا العلة نظامي وقانون الذي وضعته في هذا العالم. وإلا لو لم أضع هذا القانون هذه البذرة كانت تنتج لو وضع مليون بذرة في الأرض تنتج أو لا تنتج؟ في البنّاء أيضاً كذلك البنّاء ليس هو العلة الموجدة للبناء أبداً، البنّاء كل ما فعله أن هذه الطابوقة أو الجص كان هنا جاء ولصقه هنا أما أنا وضعت قانوناً ونظاماً وسنة أن هذا إذا صار على هذا يلتصق به ويبقى خمسين عاماً. وإلا لو لم أجعل هذا النظام ولم أجعل نظام الجاذبية في الأرض هذا كان يلتصق على هذا أو لا يلتصق؟ لا يلتصق. أنت الآن تمشي على الأرض ليس أنت تريد أن تمشي على الأرض الله وضع نظام في الأرض وهو قانون الجاذبية، ويكون في علكم قانون الجاذبية موجودة في زمن ابن سينا، إحدى الاحتمالات كانت موجودة ثلاث احتمالات كانوا يقولون لسبب سقوط الشيء من الأعلى إلى الأسفل إذا كان ثقيل وإذا كان خفيف لماذا يصعد إلى الأعلى. لا تتصور نظرية جديدة بل موجودة كاحتمال في كتب ابن سينا في طبيعيات ابن سينا.
يقول أنا وضعت القانون إذن ما هي وظائفنا نحن جميعاً؟ يقول: وظائفكم كلها هي علل معدة، يعني إيجاد الشرط وإلا النظام ممن؟ إذا اتضحت هذه المقدمة، المحقق العراقي يقول أنا أهيأ العلة المعدة لهذا الأمر الواقعي النفس الأمري، أنا لا أوجدها بالاعتبار، يستحيل أن يوجد الواقع بالاعتبار، الله وضع نظاماً في العالم أنه أنت إذا ربطت لفظاً بمعنى لاعتبار من الاعتبارات يتحقق مصداق من مصاديق ذلك القانون التكويني النفس الأمري الواقعي. لا أنا أضع أعتبر السببية، اعتبر أنت الآن بيني وبين الله اجلس في هذا المكان وألف وخمسمئة مليون مرة قل اعتبرت الأرض سقفاً، يصير سقف؟! هذا تحت، يبقى تحت ليس سقف، يبقى أرض. لماذا؟ لأن هذا أمر تكويني وأمر نفس أمري، بالاعتبار لا يتحقق. إذن ماذا يفعل الواضع في نظرية الوضع؟ يقول: الواضع أنا اعتبر الملازمة لا أعتبر الملازمة بالحمل الشائع، يعني ماذا ملازمة بالحمل الشائع؟ يعني واقع الملازمة التي هي أمر نفس أمري، وإنما أعتبر الملازمة بلحاظ الحمل الأولي، يعني مفهوم الملازمة. مفهوم الملازمة أمر اعتباري، مصداقها ما هو؟ مفهوم الماء، لا يوجد فيه آثار الماء. مصداق هذا المفهوم فيه رفع العطش، مفهوم النار محرق أو ليس بمحرق؟ لا، هو مفهوم أنت وضعته، لا يحرق، ولهذا أنت تصور النار لا يصير ذهنك حاراً، تصور الكفر لا تصير كافراً، تصور الفسق لا تصير فاسقاً. لماذا؟ لأن هذا مفهوم، أما الذي يجعل الإنسان فاسق أو يرفع العطش أو يحرق هو مصداق هذا المفهوم بالحمل الشائع، أيها المحقق العراقي في الوضع ماذا تفعل؟ يقول: أنا أجعل مفهوم الملازمة، إذا جعل هذا المفهوم ماذا يحدث؟ يقول: هناك نظام في هذا التكوين هذا النظام التكويني ماذا يفعل؟ إذا تحققت هذه العلة المعدة ماذا يتحقق؟
وهنا أريد أن أقف قليلاً فقط أريد أن أنبهك، أنا مراراً قلت هذه الأبحاث واقعاً أريد ذهنك الذي فيه المعلومات فيه راكدة همي أن أرمي بها شيئاً حتى يصير فيها موج وتلاطم حتى تبدأ تراجع معلوماتك. وإلا هذا البحث … طبعاً الآغايون كان هذا البحث كان نحن نبحثه في التوحيد حتى نحصل منه على ثمرات، ولكن لم يعجبهم أن يبحثوه في مادة التوحيد فبحثوه في بحث ارتباط اللفظ بالمعنى، وأنا أيضاً جلست في هذا المكان صار لي 28 سنة أقول تعالوا ادرسوا التوحيد ولا يأتي إلا ستة أشخاص، قلت إذن أين نقول كلماتنا، نقولها في بحوث الأصول، وإلا لا يوجد شيء آخر, وستجدون ذلك وسأقرأ العبارات، وإلا أنحاء الثبوت ما هي علاقته بارتباط اللفظ بالمعنى أصلاً، هذه المسألة مرتبطة بنظرية المعرفة، ولكن لأنه أولئك لم يريدوا أن يبحثوا لسبب أو لآخر بحثوها تحت هذه العناوين ونحن أيضاً نبحثها تحت هذه العناوين.
من هنا يتضح لك إن شاء الله بعد ذلك نظرية القرن الأكيد التي هي للسيد الشهيد أين جذورها؟ السيد الشهيد يقول أنت عندما تربط هناك قانون تكويني الله سبحانه وتعالى إذا استمر هذا الارتباط لا ينفك أحدهما من الآخر. بعضهم يقول أنها نظرية بافلوف، لا، العراقي قالها قبل بافلوف.
مداخلة لأحد الطلبة: …
نعم، بافلوف أثبتها بالتجربة، يعني أن ذلك القانون التكويني صار تجريبياً لا فقط على نحو التنظير.
هذا هو المعنى الذي أنا احتمله، ولعله والله العالم حتى تكون الحقوق محفوظة أن السيد الروحاني+ في (منتقى الأصول، ج1، ص47) عندما جاء لتفسير كلام المحقق العراقي كان ملتفت إلى هذه النكتة من كلمات المحقق العراقي، أنا اعتقادي أن هذا هو مقصوده. قال: (وعليه، فالمدعى أن الجاعل اعتبر مفهوم الملازمة والعلقة بين اللفظ والمعنى كما هو شأن كل جعل فإنه يتعلق بعالم المفاهيم أصلاً) لا يمكن أن الجعل يتعلق بعالم الواقعيات الخارجية، الواقعيات الخارجية لها نحو من الجعل، أي جعل؟ الجعل التكويني، أما إذا صار الجعل اعتباري هل يمكن أن ينال الواقعيات؟ يقول: كما هو شأن كل جعل، مقصوده كل جعل اعتباري لا التكويني (وقد نشأ من اعتبار هذه الملازمة ملازمة حقيقية واقعية) كيف ينشأ من أمر اعتباري؟ الجواب: لم ينشأ، وإنما صار علة معدة أوجد مصداقاً للسنة الإلهية، ولهذا قلت احتمل هذا مراده لأنه ليس نشأ لأنه عندما نقول نشأ يعني ذلك صار معلول وهذا صار علة وهذا غير صحيح. لأنه لا يمكن للمعلول أن يكون من عالم والعلة من عالم آخر. غير معقول هذا. هذه مسامحة في التعبير. ولكن احتمل مراده ولكن القصور أين؟ لا أريد أن أقول في المقرر، القصور في اللفظ، وإلا يقول: (وقد نشأ) لا لم ينشأ وإنما حقق ماذا؟ أنت لا تستطيع أن تقول وقد نشأ من فعل الفلاح وضع البذرة في التراب نشأت الشجرة، لا، لا تنشأ الشجرة، هذه عندما وضع البذرة هنا ماذا حدث؟ الله سبحانه وتعالى (أأنتم تخلقونه) (أفرأيتم) أنت وظيفتكم ماذا تفعلون فقط؟ هذا المني الذي كان في الظهر ينتقل إلى الرحم، هذا فقط (أفرأيتم ما تمنون) بعدها ماذا؟ الخلق ماذا؟ يقول هذا ليس عملك بل عملي، عمل نظامي (أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون) هذا مرتبط بيّ. (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) وهذه مولانا مخ نظرية العرفاء والحكمة المتعالية أن ما تسمى بالعلل الفاعلية هي ليست علل فاعلية وإنما هي علل معدة، إذا قرأتم في الفلسفة أنه ينقل العارف العلة الموجدة إلى علة معدة سببه ماذا؟ يقول: لأن الإيجاد من ماذا؟ تقول يعني هذا معناه أن الأنبياء أيضاً لا يوجدون؟ الجواب: نعم، الإيجاد مختص بالله. نعم، أهل البيت أيضاً هذه الشرائط فيها علل معدة، وله بحث آخر لا اريد أن أدخل فيه.
إذن عندما نقول وسائط الفيض وأن هؤلاء يقعون في وسائط العلل الفاعلية، ليس معناه الإيجاد بل معناه الإعداد.
هذا الذي نحن نشكله على بعض من تكلم في العلل الفاعلية وأن أهل البيت علة فاعلية وعلة غائية لأنهم لم يعرفوا الاصطلاح فتصوروا أنه يوجد ويعد.
قال: (وقد نشأ من اعتبار هذه الملازمة ملازمة حقيقية واقعية بين طبيعي اللفظ وطبيعي المعنى بلحاظ أن …).
سؤال: ماذا يقول المحقق العراقي. نحن إلى الآن قلنا أن العراقي مقصوده الاتجاه الثاني لا الاتجاه الأول، عباراته ماذا تقول؟
في (مقالات الأصول) طبعة مجمع الفكر، البحث مفصل بودي أن يراجعه الأعزاء لأن المطلب طويل لا استطيع قراءته كله للأعزاء، يبدأ البحث من (ص61- ص68) يشرح نظريته في محاورها الثلاثة، قلنا ثلاث محاور، نحن الآن لازلنا في المحور الأول، وهو ماذا يفعل الواضع والجاعل.
في (ص62) قال: (بقي تتميم فيه تحقيق، وهو أن هذه العلقة) أي علقة؟ الارتباط بين اللفظ والمعنى، التي من أوجدها؟ أوجدها الواضع، سواء الواضع كان الله أو مؤسس اللغة العربية أو الشخص ليس مهماً. (وهو أن هذه العلقة والارتباط بعد تمامية جعلها وصحة منشئ اعتبارها وإن سميت من الأمور الاعتبارية في قبال ما لها ما بإزاء في الأعيان ولكن لم تكن من الاعتباريات المحضة المتقومة بالاعتبار بحيث تنقطع، بل كانت من الواقعيات) إذن هذه الأمور الثلاثة التي أشرنا إليها يقول ليست من القسم الثاني من الثبوت بل هو من القسم الثالث. (بل كانت من الواقعيات التي كان الاعتبار طريقاً محضاً إليها) يعني اعتباري ليس هو الذي أوجدها، هو الطريق الذي صار سبباً لوجودها، من أوجدها؟ هذا النظام الإلهي الموجود في قوانين المعرفة الإنسانية. قال: (بل كانت من الواقعيات) يعني القسم الثالث (التي كان الاعتبار طريقاً إليها).
وفي (ص63) يقول: (وبذلك تمتاز أمثال هذه النسب والاختصاصات عن الأمور الاعتبارية المحضة المتقومة حقائقها بنفس الاعتبار) يعني القسم الثاني، يقول يمتاز هذا اعتبارنا عن ذاك. (كالوجودات الادعائية والتنزيلية حيث لا واقعية لها لولا اعتبار معتبر ومن هذا الباب اعتبار وجود غول وأنيابه ومنه أيضاً النسب الحاصلة …) إذن يميز هذا الاعتبار عن ذاك الاعتبار.
إلى أن يقول: (بقي هنا دفع سهم آخر لعلك تقول أيضاً أن لازم واقعية هذه الأمور الجعلية) إذن يحفظ أنها جعلية ويحفظ أيضاً أنها واقعية.
هذه مجموعة عبارات وكذلك في (نهاية الأفكار) للمحقق العراقي، هذه مرتبطة بمقرر وتلك مرتبطة بمقرر آخر، لا، هذه بقلمه، وهي مهمة، وهي أن مقالات الأصول مرتبطة بقلم الشيخ ضياء الدين العراقي وتحقيق الشيخ محسن العراقي والسيد منذر الحكيم.
إذن إلى هنا انتهينا.
يبقى عندنا محوران آخران:
المحور الثاني: وهو أنه، طبعاً المحور الثاني اتضح ولكن للإشارة إليه.
سؤال: ما هي نتيجة الاعتبار؟ اعتبار آخر أو نتيجة الاعتبار واقعية؟
قلنا ثلاثة محاور، ماذا يفعل؟ قلنا يجعل الملازمة بالحمل الأولي، ما هي نتيجة هذه الملازمة بالحمل الأولي؟ ملازمة بحسب الواقع النفس الأمري.
المحور الثالث: هل توجد هناك نكتة تربط هذا اللفظ المعين بهذا المعنى المعين أو لا؟
الجواب: لا، من قال بأنه كل ربط بين شيئين يحتاج إلى علة مرجحة وإلى سبب، أصلاً يكفي سببها نفس الوضع، نفس الوضع، ثم يضرب مثالاً، طبعاً قبل أن أأتي إلى هذا المحور أنا ذهب عن ذهني شاهد ذكره لإثبات المدعى السابق.
انظروا عنده شاهد لإثبات هذا الفهم الذي أنا أشرت له الآن تذكرته، هذا الشاهد يشير إليه في آخر (ص63) يقول: لو كانت العلاقة بين اللفظ والمعنى بعد الاعتبار من القسم الثاني من الثبوت إذن للزم في كل العلوم والقواعد التي يكتشفها العلماء أنه بمجرد أن يموتوا يموت المعتبر لأنه مرتبط باعتبار المعتبر والتالي باطل لأنك تجد أنه يؤسس العلم والعلاقات بين الموضوع والمحمول ويموت ومع ذلك تبقى هذه، إذن العلاقة ثبوت بالنحو الأول؟ لا، بالنحو الثاني؟ لا. وإنما هي بالنحو الثالث.
هذا في آخر صفحة (63) يقول: (ولقد أشرنا في أول الكتاب بأن حقيقة الفنون عبارة عن القواعد التي يتعلق بها العلم تارة والجهل أخرى مع قوانينها غالباً جعلية) هذه الارتباطات بين الموضوع والمحمول (وما كان منها غير جعلي كان من سنخ أبواب الملازمات الواقعية ولو كانت مثل هذه أيضاً من الاعتبارات المتقومة باعتبار المعتبر لزم الالتزام بانعدام القوانين من كل فن بمحض غفلة اللاحظ عن لحاظها فينتهي إلى انعدام تلك …) والتالي باطل فالمقدم مثله. يقول: (فينتهي إلى انعدام الفنون واقعاً بمحض الغفلة عنها وهذا مما يأبى عنه العقل السليم والذوق السليم).
والحمد لله رب العالمين