بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
اتضح لنا ما هو مختارنا في هذه الظاهرة التي تسمى باللغة في حياة الإنسان. لأننا من اليوم الأول نحن قلنا لا نقبل هذا التعبير وهو بحث الوضع، هذه الآن اتضح بأن هذا التعبير يمثل جزاءً واحداً من المسألة، وإلا في الواقع لابد أن يكون البحث أن هذه الظاهرة التي تسمى باللغة والتي هي تشكل جزءً من الأجزاء الأساسية في حياة الإنسان هذه ما هي حقيقتها؟ لا أن الوضع ما هي حقيقته. الوضع وضع اللفظ للمعنى فوق المعنى تحت المعنى لا أعلم على المعنى … عبر ما تشاء هذه كلها بتعبير السيد الشهيد لا تحل المشكلة، وواقعاً لا تحل المشكلة لان المعركة ليست في اللام أو على المعركة ليست في هذه، المعركة هي أننا نجد أن هناك شيء … حتى لا نعبر عنه بالظاهرة، شيء اسمه اللغة في حياة الإنسان، يكون في علمكم ما من موجود حي إلا وله لغته الخاصة … طبعاً كل تلك الموجودات الحية التي لها حياة جمعية محال أن لا يكون لها لغة توجد بها الارتباط فيما بينها، والآن والحمد لله أن الدراسات الحديثة في هذا المجال كشفت الكثير من الأسرار الموجودة في الحيوانات. بل الآن انتهت القضية إلى النباتات، الأشجار كيف تخاطب بعضها بعضاً، هناك دراسات عميقة ومفيدة.
هنا أيضاً بودي أن أشير إلى نكتة، هذه كلها أقولها للأعزاء إثارة للعقول، لأن يثير للأعزاء دفائن البحث أن يذهبوا ويبحثوا. أعزائي أساساً عملية التفكير في الإنسان مندمجة اندماجاً كاملاً مع اللغة، بالنحو الذي لا يمكن فصل اللغة عن التفكير وفصل التفكير عن اللغة. جنابك محال تستطيع أن تفكر من غير ان تستحضر الألفاظ في ذهنك. عندما تفكر تجد بأنه أساساً مع المعاني يأتي إلى ذهنك الألفاظ، ولكنها تأتي بنحو متحدة وبنحو مغفول عنها وبنحو عبروا عنها كأنها هي هي، هي المعاني. ظاهرة اللغة في الإنسان تؤثر تأثيراً مباشراً في التفكير عند الإنسان. ولذا يوجد بحث عند القدماء أن النحويين أولوا من عارضوا دخول المنطق الارسطي إلى الأمة الإسلامية، لا المتكلمون ولا الفلاسفة، وإنما الذين عارضوا هم أهل النحو وأهل اللغة، لماذا؟ قالوا باعتبار أن لكل لغة منطق خاص وهو الذي يتحقق به التفكير، أما المنطق الذي يأتينا من اليونانيين فهو منطق لغتهم لا منطق لغتنا. ولذا علينا أن نستكشف منطق لغتنا لا أن نستورد منطق الآخرين حتى نفكر به.
أضرب لكم مثالاً قريب جداً للأذهان وسيلتفتون إلى ما أريده قوله: أنت عندما تأتي إلى اللغة الفارسية تجد أن اللغة الفارسية عندما تشكل المبتدأ والخبر تظهر النسبة والرابطة بينهما يعني لا تقول زيد قائم، إذا قلت هكذا فكلامك ليس بصحيح، زيد قائم است. أما في اللغة العربية هل تقول (زيد هو قائم) أو تقول زيد قائم. قد يقول لي قائل: هذه است موجودة أو غير موجودة؟ الجواب: لا، في اللغة الفارسية عندما يقول (است) لأنه يفترض الاثنينية بين المبتدأ والخبر فلذا يريد أن يوحد بينهما من خلال (است) فمنطق اللغة الفارسية قائم على الاثنينية لا على التوحد. هذا أين منشأه؟ لا أريد أن أدخل في البعد الكلامي والفلسفي اتركوه إلى محل آخر.
أما في اللغة العربية (زيد قائم) أساساً قائم على الاثنينية أو على التوحد بينهما، أصلاً واحد زيد قائم. هذا منطق عربي وذاك منطق فارسي. نحن لم نذهب إلى علم المنطق، نأخذها فقط من نفس الاستعمال وكم له من نظير في اللغة.
في اللغة الفارسية لا توجد حروف مختصة، اللغة الفارسية حروفها 28 حرف من أين مأخوذة؟ عندهم أربعة حروف إضافة وهي (گ چ…) أما اللغة العربية فهل حروفها مأخوذة من اللاتينية أو من مكان آخر أم أنها أصيلة. هذه في فلسفة الحضارة ماذا تعني له حساب آخر. ولكن مع الأسف الشديد نحن لم نلتفت إلى أهمية هذه الابحاث وكلما جئنا إلى مثل هذه الأبحاث مررنا عليها مرور الكرام، ولم نبحث لا علم اللغة لا فقه اللغة لا فلسفة اللغة لا أبداً، ولا كأنه، ولهذا أنت لعله فضلاً بل من يدعون الاجتهاد بل من يدعون المرجعية بالحمل الأولي في الحوزات العلمية لو تسأله عن الوضع ما هو، يقول لك هذا البحث لا ضرورة له.والسبب هذا التسطيح الذي يحكم حوزاتنا العلمية.
ولذا أنتم وجدتم أننا في حدود 30 درس وقفنا على هذه الظاهرة، وكونوا على ثقة أن عندي ما يكفي 30 درس آخر في هذه المسألة ولكنه أخشى أن ينتهي هذا الدرس ويكون درس في فلسفة اللغة.
فتحصل إلى هنا هذه الظاهرة وهي ظاهرة اللغة مهمة وأساسية في حياة الأمم في عملية التفكير وفي نهضة الأمم، أنت ما لم تلتفت إلى هذه الظاهرة والى المنطق الذي يحكم كل ظاهرة في أمة لا تستطيع أن تقرأ تلك الأمة في حضارتها ومدنيتها وأفكارها ونحو ذلك.
ولذا الآن الغرب التفت إلى هذه القضية كاملاً الآن عندما يريد … ولهذا كما قلت للأخوة فيما سبق ما يسمى عندهم بعلم الألسنيات إشارة إلى هذا، علم خاص، يقرءونه من خلال لغتهم، كما أنت بيني وبين الله من خلال لباس الناس تستطيع أن تعرف الكثير من اعتقاداتهم وعاداتهم، كما تستطيع من خلال أكلهم وشربهم وقيامهم وجلوسهم وعلاقاتهم تستطيع أن تكتشف الكثير من حقائق تلك الأمة.
اللغة أفضل وسيلة للتعرف على أمة من الأمم، وعلى منطقها وعلى فكرها وعلى اعتقاداتها وعلى … ومن أفضل وأعمق وأدق اللغات هي اللغة العربية، اللغة العربية فيها من القدرات والاستعدادات والإمكانات التي على أساسها نزل أعظم كتاب إلهي بما يشتمل على أعظم المعارف الوجودية نزل بلسان عربي مبين. لأن هذه هي اللغة التي كانت قادرة على أن تستوعب تلك المعاني العميقة العالية الغيبية، ولم تكن هناك لغة أخرى تستطيع أن تستوعب ذلك وأن تحمل عمق هذه المعارف إلا هذه اللغة. ولكن إلى الآن نحن لا نهتم بظاهرة اللغة. هذه كانت مقدمة عابرة.
نرجع إلى بحثها: وهو أنه فتحصل إلى هنا أن هذه الظاهرة نحن نعتقد أن فيها عدة حيثيات وعدة جوانب، أشرنا لا أقل إلى أربعة جوانب:
الجانب الأول أو التساؤل الأول، الجانب الثاني الجانب الثالث الجانب الرابع. وقلنا أن كلمات ونظريات الأعلام الخمسة الذين أشرنا إليهم كل يتكلم عن زاوية وعن حيثية من هذه الحيثيات. ولذا عند ذلك جملة من هذه الإشكالات التي أوردت أو أوردها بعضهم على بعض واردة أو غير واردة؟ غير واردة، لأن كل واحد منهم يتكلم في حيثية غير حيثية الآخر وفي محور غير محور الآخر، وفي زاوية غير زاوية الآخر. أساساً لا يوجد هناك وحدة موضوع في كلماتهم حتى يشكل بعضهم على بعض. الأول يتكلم في محور الثاني في محور والثالث في محور.
على سبيل المثال لا الحصر الأعزاء الذين يرغبون بالمراجعة المناقشات لم أشر لها تفصيلاً يستطيعون مراجعتها. على سبيل المثال في (الرافد) للسيد السيستاني يقول: (المسالك في حقيقة الوضع: الأول: مسلك الملازمة وقد طرحه المحقق العراقي وبيانه يتم بذكر نقطتين: أن تعبيرات المحقق العراقي مختلفة) هذه العبارة مؤدبة يريد أن يقول متناقضة لماذا؟ يقول لأنه تارة يقول بأن الوضع هو الملازمة الاعتبارية وتارة يقول بأنه الملازمة الواقعية، ما هو منشأ هذا الإشكال؟ منشأ الإشكال بأنه عندما قال اعتبارية كان يتكلم في مسألة العلاقة بين اللفظ والمعنى هل هي علاقة ذاتية أو علاقة مجعولة، الجواب أنها علاقة مجعولة. والمسألة الثانية وهي أنه بعد تحقق هذه العلاقة تتحول بقانون تكويني إلى ملازمة واقعية أو لا تتحول؟ تلك مسألة وهذه مسألة أخرى، ولكن حيث لم يحرر محل النزاع تصوروا أن الجميع يتكلم في محور واحد، ولذا أشكلوا على المحقق العراقي قالوا كيف يعقل أن تكون حقيقة الوضع جعلية واقعية. جعلية أين وواقعية أين هناك تناقض وتهافت في العبارة؟
الجواب: لا تهافت ولا تناقض.
إذن أنا فقط سأشير إلى الموارد والأخوة يراجعون.
بما ذكرناه اتضح عدم تمامية ما ذكرناه سيدنا الأستاذ السيد الخوئي في حواشيه على (أجود التقريرات، ج1، ص18) قال: (فالتحقيق أن ارتباط اللفظ بالمعنى ليس من الأمور الواقعية) هذا رد على المحقق العراقي (ولا من الأمور الاعتبارية) وهذا رد على المحقق الأصفهاني. إذن ما هو؟ (وإنما حقيقة الوضع هو التعهد). إذن هذا الكلام قائم على أساس علمي صحيح أو لا؟ الجواب: أن الواقعية محور وأن الاعتبارية محور وأن التعهد محور ثالث، هذا أولاً.
وثانياً: أن ما ذكره السيد الشهيد في رد – أنا أذكر المصدر فقط وأنتم تراجعون- في رد مسلك الاعتبار للمحقق الأصفهاني غير تام. في (تقريرات الحائري، ج1، ص96). وما ذكره في رد مسلك التعهد أيضاً غير تام (الحائري، ج1، ص87) وما ذكره في رد مسلك العراقي أيضاً غير تام (ج1، ص98).
حتى لا تبقى العريضة خالية نظرية أخرى موجودة في المقام أشير لها حتى لا يبقى البحث ناقص.
وهي النظرية التي حاول بكل ما أوتي من قوة علمية أن يؤسس لها في الرافد. هذه النظرية لعله من أكثر الناس من كتب تفصيلاً فيها في الرافد، حيث يبدأ البحث في الجزء الأول من ص144 إلى ص184. في أربعين صفحة يوجد بحث هنا لبيان ما يعتقده.
أحاول أن ألخص لكم قوله في عدة نقاط:
النقطة الأولى: هو يقول بأنه أساساً أن حقيقة الوضع ليست هي – الحقيقة هذه هذه الواقعية- ليست هي الارتباط وسببية اللفظ للمعنى. وإنما حقيقة الوضع هي الاتحاد بين اللفظ والمعنى. وبتعبيره أن العلاقة ليست علاقة السببية وإنما هي علاقة الهوهوية. هذا هو ذاك. وتوضيح ذلك في نقاط:
النقطة الأولى: يقول العلاقة المتصورة بين شيئين على أنحاء: النحو الأول علاقة السببية، والنحو الثاني علاقة الهوهوية.
ما هي علاقة السببية؟ تقول علاقة السببية متقومة بالاثنينية بين الشيئين كالعلة والمعلول فإن العلة شيء والمعلول شيء آخر. علاقة السببية في اللفظ والمعنى تقوم على أن اللفظ شيء والمعنى شيء ولكن اللفظ سبب لتصور المعنى، يقول: (غير أن الأول سبب للثاني فكما يتحقق في الخارج وجودان وجود اللفظ بما هو كيف مسموع ووجود للزيد مثلاً بما هو جوهر إنساني فكذلك في الذهن وجودان إلا أن أحدهما سبب لتصور الآخر وهذا هو المعروف بين الأصوليين وبحثوا عنه).
ما هو النوع الثاني من العلاقة؟ يقول: (علاقة الهوهوية وتعني اندماج صورة المعنى في صورة اللفظ فلا اثنينية بينهما).
إذن عندنا نحوان من العلاقة المتصورة، لا إشكال أن هناك علاقة بين اللفظ والمعنى، الآن السؤال ما هو نوع العلاقة؟ هل هي نوع الاثنينية أو نوع الاندماج؟ الجواب: يريد أن يصل إلى نتيجة أنها اندماج وليست … حقيقة الوضع هي هذا الاندماج وليست الاثنينية.
النقطة الثانية التي يشير إليها: هي أنه يقول بأنه ما هي المراحل التي نمر بها للوصول إلى حقيقة الوضع؟ يقول: نمر بثلاث مراحل والمرحلة الأخيرة هي الوضع وإلا قبل ذلك ليست هي الوضع وإنما هي مقدمات ومعدات عملية الوضع، وإلا الوضع حقيقة في المرحلة الثالثة. ما هي المراحل؟ بإمكان الأعزاء مراجعها في (ص145- 146) يقول: (إن لهذه الدلالة أربع مراحل: المرحلة الأولى الانتخاب سواء كان انتخاباً فردياً أو انتخاباً جماعياً) يعني أنه الأب يريد أن يضع اسماً لابنه أولاً ماذا يفعل؟ يبحث عن الاسم، أو المؤسسة أو المركز أولاً يبحثون عن اللفظ. هذه المرحلة الأولى.
المرحلة الثانية يعبر عنها بمرحلة الإشارة إلى المعنى، يجلسون ويقولون أن هذا اللفظ نريد أن نضعه لهذا المعنى أو هذا الاسم نريد أن نضعه لهذا الشخص. لم يضعوه بعد ولكنه الإشارة له. يقول: (حيث أن مجرد انتخاب لفظ معين وجعله بإزاء المعنى لا يؤدي لانسباق المعنى في الذهن ما لم تضم لإطلاق اللفظ عوامل كمية ككثرة الاستعمال وعوامل كيفية كاحتفاف الكلام بالقرائن المشيرة). إشارة إلى العامل الكمي والكيفي الذي أشار إليه جملة من الأصوليين ومنهم السيد الشهيد.
طبعاً المرحلة الثانية هي التي تلازم الاعتبار الذي قاله المحقق الأصفهاني، الذي أضاف في الرافد المرحلة الأولى وإلا المرحلة الثانية هي الاعتبار والجعل التي قال عنها المحقق الأصفهاني.
المرحلة الثالثة: يقول مرحلة التلازم والسببية، وهي الواقعية التي عبر عنها … وواقعاً في هذا الكتاب أنا لا أعلم أن هذه من المقرر أو من السيد نفسه أنه نفس المضامين ولكن الألفاظ كلها متبدلة، ولذا الذي يقرأ يتصور بأنه لا (علاقة السببية أنه إذا تأكدت علاقة اللفظ بالمعنى وترسخت استغنى اللفظ في مرحلة إخطاره للمعنى عن القرائن المشيرة وصار اللفظ سبباً لخطور المعنى، أي أن تصور اللفظ مستلزم لتصور المعنى).
هذا يقول هذه المرحلة (وقد اعتبر كثير من الأصوليين هذه المرحلة هي العلاقة الوضعية بين اللفظ وبين المعنى).
لا تعلم مَن مِن الأصوليين اعتبر الملازمة الواقعية، فقط المحقق العراقي وناقشوه أيضاً. المهم يقول أن الأصوليين بأن الأصوليين اعتبروا حقيقة الوضع هي السببية الواقعية. سيدنا أنت ماذا تقول؟ يقول: (مع أن الصحيح عندنا أنها المرحلة الرابعة) إذن حقيقة الوضع أين؟ في المرحلة الرابعة. ما هي المرحلة الرابعة؟ (مرحلة الاندماج والهوهوية التي تعني اندكاك صورة ا لمعنى في صورة اللفظ ذهناً وفناء إحداهما في الأخرى فلا يرى) هذه الاصطلاحات العرفانية استعملت هنا (فلا يرى الوجودان الذهني صورتين، صورة للفظ وصورة للمعنى وكون الأولى سبباً للثانية كما في المرحلة السابقة) وهو بصدد إثبات أن حقيقة الوضع المرحلة الأولى؟ يقول: لا. المرحلة الثانية؟ يقول: لا. المرحلة الثالثة؟ يقول: لا. وإنما هي المرحلة الرابعة. هذه النقطة الثانية.
النقطة الثالثة: قد يتساءل سائل ما معنى الهوهوية، هذا البحث في آخر (ص148) يقول: (فهذه ملامح علاقة الهوهوية بين صورة اللفظ وصورة المعنى). سؤال: يعني ماذا أن اللفظ يكون هو المعنى؟ يعني هذا المفهوم يصير عين ذلك المفهوم، أصلاً هذا ممكن، مفهومان أحدهما غير الآخر، مفهوم اللفظ شيء ومفهوم المعنى شيء آخر. مصداقاً يكونان شيئاً واحداً؟ أصلاً هما من مقولتين. يعني ماذا أن أحدهما عين الآخر. ولذا السيد الحائري عنده حملة قاسية على هذا الكلام في حواشيه على الأصول، يعني على مباحث الأصول. في (ص93) عبارته أيضاً طريفة. يقول: (ومن الطريف أن بعض الكتابات فرضت أن العلاقة الوضعية) يعتبرها من الطرائف هذا، وإلا لا يوجد أحد أن يقول أن اللفظ هو المعنى، وأن المعنى هو اللفظ، يعني ماذا؟ مفهوماً غير معقول. مصداقاً ووجوداً فهما من مقولتين. أساساً كيف يكون أحدهما عين الآخر أو أحدهما متحد مع الآخر.
هذا الإشكال واقعاً كثيراً أتعب صاحب النظرية أنه ذهب إلى أبحاث الفلسفية وأنه يعقل وجود واحد له ماهيتان أو ليس له ماهيتين، وبحث مفصل الذي لا علاقة له بالمعنى، لماذا؟ لأن هذه أمور غير معلوم حقائق خارجية، الماهية إنما تكون للحقائق الخارجية، إذن من هنا من يريد المراجعة يقول بأن الفارق الجوهري الماهية على قسمين في (ص146 إلى 148) يقول: (تصوير مرحلة الهوهوية ولتوضيح هذه المرحلة نتعرض لملاحمها المميزة لها، الأولى ما طرحه الفلاسفة من تعدد الماهية للوجود الواحد، ولكن حيث أن تعدد الماهية عرضاً محال لوجود واحد) فهو يريد أن يصور ماهيتان طوليتان لوجود واحد. ويضرب مثالاً (فمثلاً الدينار وجود واحد له ماهيتان) أين الماهيتين؟ (الماهية الأولى تكوينية وهي ماهيته القرطاسية وماهية اعتبارية وهي كونه الوسيط) بيني وبين الله الفلاسفة بحثوا التعدد الماهية واحد حقيقي وواحد اعتباري أن أو بحثهم في الحقيقي، أساساً مثاله في محله … أنا الآن لا أريد الدخول في هذه المسائل التفصيلية وإلا عشرات الإشكالات الحق والإنصاف عندما يتعرض للأبحاث الفلسفية موجودة في كلامه.
السيد الحائري يقول: (أن بعض الكتابات فرضت أن العلاقة الوضعية عبارة عن حصول الهوهوية أو التوحد الحقيقي بين صورة اللفظ وصورة المعنى، وأنه على هذا الفرض يتم ما يقال من فناء اللفظ في المعنى، أما اعتبار هوهو أو تخصيص اللفظ بالمعنى أو جعل الملازمة بينهما أو التعهد … فكلها من مقدمات تحقق الهوهوية) الهوهوية هي حقيقة الوضع وإلا التعهد والاعتبار وغيرها هذه كلها لا علاقة لها بالوضع. (وقد أعرض) أعرض يعني صار عريضاً بشكل كبير (وقد أعرض وأطول) يعني أطال وعرض، هذه عباراته (وقد أعرض وأطول في إثبات ذلك بالشواهد والأدلة) راجع الرافد المدعى كونه تقريراً لبحث السيد السيستاني. (الرافد، ج1) المدعى كونه تقريراً لبحث السيد السيستاني.
وطبعاً هو لا يقصد التوحد بين واقع اللفظ وواقع المعنى الخارجيين، فإن بطلان ذلك من أوضح الواضحات، وإنما يقصد التوحد بين صورتيهما الذهنيتين، يعني اللفظ والمعنى في حمل أولي وحمل شائع، يقول: قطعاً ليس مقصوده بالحمل الشائع توحد بينهما، وقطعاً ليس مقصوده التوحيد بالحمل الأول وإنما يقصد التوحد بين صورتيهما الذهنيتين، (ولا أدري كيف يستطيع أن يصدق توحد الصورتين حقيقة رغم تعدد ذي الصورة مع وضوح أن كل ذي إنما يشع صورته دون صورة شيء آخر). هذا إشكال.
ولكن الحق والإنصاف أن هذا الإشكال من السيد الحائري غير وارد على السيد السيستاني والسبب في ذلك أن السيد السيستاني لا أقل دقق في البحث، السيد السيستاني لا يريد أن يدعي أنه لا يوجد لا توحد مفهومي ولا توحد مصداقي. وإنما يريد أن يدعي أنه يكون في مقام الإثبات لا إثنينية، وإن كان في مقام الثبوت توجد اثنينية مفهومية واثنينية مصداقية، ولكن أنت في مقام الالتفات والتوجه تنظر إليهما باثنينية أو تنظر إليهما بوحدة. هذا هو الفناء الذي يقوله أهل الفناء، أهل الفناء لا يريدون أن يقولوا أن الخالق يصير مخلوقاً والمخلوق يصير خالقاً، ولذا عبروا بأنه وحدة الشهود لا وحدة الوجود. يعني في نظر الشاهد لا يرى تعدداً وإنما يرى شيئاً واحداً. وعباراته واضحة في هذا المعنى خصوصاً بعد ذلك عندما يذكر الشواهد لإثبات المدعى لأن السيد السيستاني بعد أن ذكر النظرية يقول والشواهد التي تؤيد المدعى، والتي سنشير لها.
إذن هذا الإشكال لم يكن مقصوده لا التوحد الكذائي ولا التوحد الكذائي، وإنما مقصوده هذا المعنى (ولكن المقصود الهوهوية المصداقية أي أن الموجود في الذهن صورة اللفظ ذات الطبيعة المرآتية الحاكية عن المعنى) يعني اللفظ فيه ينظر أو به ينظر؟ يكون به ينظر. هذا من قبيل جنابك عندما تقف أمام المرآة لترى صورتك فيها، لو سألتك أن المرآة كانت سليمة أو لا؟ تقول لم التفت، لماذا؟ لأن كل توجهك كان إلى صورتك في المرآة، أما جنابك عندما تذهب إلى السوق لشراء المرآة ليس توجهك بالنظر إلى صورتك بل النظر إلى أنه صافية صقيلة محدبة معقرة … هو نظره إلى أن اللفظ لا يبقى لفظ في قبل المعنى وإنما لفظ ينظر من خلاله … ولذا فلا يلتفت إلى اللفظ. إذن هذا الإشكال ليس فيه ذلك البعد العلمي الذي يستحق الوقوف عنده.
النقطة الرابعة: يقول: (كيف وجدت السببية بين اللفظ وبين المعنى) السببية يعني المرحلة الثالثة لأنه أربعة مراحل قلنا، مرحلة الانتخاب، مرحلة الإشارة، مرحلة السببية، مرحلة الهوهوية، بين اللفظ والمعنى وجدت بهذا ا لسبب (في منشأ علاقة السببية) التي هي المرحلة الثالثة والتي هي حقيقة الوضع عنده أو ليست حقيقة الوضع؟ ليست حقيقة الوضع. يقول: هذه العلاقة قانون (وجدت في المدرسة التحليلية وهو قانون تداعي المعاني، والقانون المذكور له ثلاثة عوامل، العامل الأول كثرة التقارن في الإحسان، العامل الثاني التشابه) هذه إشارة إلى القانون الأول والقانون الثاني يعني الاقتران والمشابهة، ثم يضيف إليها عامل ثالث وهو في الواقع غير صحيح، يقول: (العامل الثالث التضاد) التضاد لا يقع في قبال التقارن بل هو واحد من مصاديق التقارن، قد التقارن يكون بين شيئين وقد يكون التقارن بين ضدين. هذا يبينه هنا أسباب وجود العلاقة.
النقطة الخامسة: كيف وجدت الهوهوية بين اللفظ والمعنى، الآن يقول كيف وجدت السببية الواقعية بين اللفظ والمعنى يقول مرجعها إلى ما ذكره السيد الشهيد يعني النكتة التي تحول الأمر الجعلي الاعتباري إلى واقعي. إشارة إلى القانونيين الذين أشرنا إليهما.
أما كيف تحولت العلاقة بين اللفظ والمعنى إلى علاقة هوهوية يعني المرحلة الرابعة، هذا المعنى يشير إليه في (ص150) يقول: (فعامل الحمل أي حمل اللفظ على المعنى سواء في جانبه الكمي وهو الكثرة أو في جانبه الكيفي وهو انضمام المثيرات والأساليب الإعلامية والدعائية يوجب رسوخ العلاقة بين اللفظ والمعنى بحيث يصبح اللفظ وجهاً للمعنى) ولكن ليس وجهاً في قبال المعنى بل وجهاً مشيراً للمعنى (وتندمج صورته) صورة اللفظ (في صورة المعنى ذهناً).
(وهذا الاندماج له آثار أصولية وله آثار فقهية).
ماذا يقول في دليل وجود المرحلة الرابعة، يقول: هي كثرة الحمل بين اللفظ وبين المعنى. وإلا إذا لا يتعدد ولا يكثر أما كماً أو كيفاً هذا الحمل بين اللفظ والمعنى توجد الهوهوية أو لا توجد الهوهوية؟ لا توجد الهوهوية، إذن من مقدمات حصول الهوهوية كثرة الحمل بين اللفظ وبين المعنى.
ثم الآن أنا لا استطيع تكملة البحث ولكن أنتم فكروا في هذا.
يقول: (كثرة الحمل هي التي توجب الاندماج وهذا الاندماج هو الوضع) سيدنا إذا لم يكن اللفظ موضوع للمعنى كيف يحمل أحدهما على الآخر؟ أنت يمكن أن تحمل اللفظ على المعنى والمعنى على اللفظ والوضع لم يحصل. يمكن أو لا يمكن؟ ولذا والعجيب بعد ذلك يصرح (فالخلاصة أن كثرة حمل اللفظ على المعنى) الوضع لم يحصل بعد لأنه كثرة الحمل هذه مقدمات إعدادية لحصول الهوهوية، على أي أساس أنت تحمل اللفظ على المعنى والوضع لم يتحقق، فكيف تحمل، على أي أساس تحمل، إذن ما لم يكن الوضع متحققاً فلا يمكن حمل أحدهما على الآخر. هذه عبارته (فالخلاصة أن كثرة حمل اللفظ على المعنى مع مساهمة بعض العوامل الأخرى أدت لحصول الهوهوية والاندماج بين صورتي اللفظ والمعنى فصار اللفظ) أنا أوافق على هذا، ولكن قبل الوضع أو بعد الوضع؟ فإن قلت قبل الوضع فبأي إذن نحمل اللفظ على المعنى، وإن كان بعد الوضع إذن الهوهوية هو الوضع أو نتائج الوضع؟ وبحثه يأتي.
والحمد لله رب العالمين