بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
طبعاً هذا البحث أنا إنما عرضت له لا لأهميته الأصولية، البحث الأصولي واقعاً أساساً لم يثبت أن وضع الحروف من المعنى العام ولموضوع له الخاص، حتى نحتاج أن ندخل هذا البحث، ولكنه توجد في هذا البحث مجموعة من النكات والقواعد المرتبطة بنظرية المعرفة، ونحن كلما حاولنا أن نوصل هذه الأبحاث إلى الأعزاء من خلال البحث الفلسفي لم يأتوا، وقد وجدناهم هنا حتى نقول المطالب الفلسفية.
أنقل لكم قضية لطيفة، السيد رضا الصدر أخو السيد موسى الصدر قال عندما انتهى الدرس أنا حضرت عنده الجزء الأول والتاسع من الأسفار التاسع كان يدرسه في بيته والأول كان يدرسه في مسجد أعظم. بعد الانتهاء من الدرس قال بأنه أريد أن أزور الشيخ مرتضى الحائري ابن الشيخ عبد الكريم الحائري، وقد حضرت خارج المكاسب عند الشيخ مرتضى وكان عنده مجموعة من الطلبة لا يتجاوز عددهم خمسة أو سبعة في المسجد الصغير الذي يقابل بيت السيد الكلبايكاني، أنا حضرت عند الشيخ مرتضى والحق والإنصاف أنه من أساطين الفقه ولكنه للأسف الشديد تراثه لم يطبع، موجودة دوراته الفقهية والأصولية كدورة مخطوطة في مكتبة المرعشي وقد استفدت منها كثيراً. علي أي الأحوال، عندما ذهبت مع السيد رضا الصدر إلى شيخ مرتضى الحائري، أنا جلست متأدباً لا أتكلم ولكن استمع للحوار القائم وهو لطيف جداً، بدأ كلاهما يتكلم عن السيد الإمام أن السيد الإمام طريقة درسه كيف كانت، وطريقة بحثه كيف كانت، ونقل الشيخ مرتضى هذه القضية قال في زمان كان معتقد السيد الإمام بضرورة دراسة المنظومة أو شرح المنظومة في الفلسفة ولكن الطلبة لا يهتمون بهذا الدرس، فكل من يطلب منه درس فقه أو أصول كان يشترط أولاً تدرس عندي منظومة حتى أدرسك فقه وأصول، فمن كان يقبل الشرط يدرسه ومن لم يقبل الشرط لا يدرسه. ونحن لا نستطيع أن نشترط هذا الشرط ولكنه وجدنا الأخوة في درس الأصول إذن ذاك الشرط نحققه.
هذه القضية طبعاً هذه قضية محورية ليست فقط هنا وإنما لها آثار في مواضع كثيرة ومن القضايا المشهورة والمتداولة على الألسن، المشكلة الأصلية كما أشرنا في البحث السابق في القسم الثالث وهو الوضع العام والموضوع له الخاص، قلنا أن الإشكالية لكي تتضح لابد من الإشارة إلى مقدمتين، ألخص البحث السابق؟
المقدمة الأولى: أن الوضع نوع من الحكم والحكم يقتضي إحضار الطرفين والطرفان في المقام هما المعنى واللفظ. إذن لكي تضع لفظاً لمعنى لابد من إحضار المعنى، ما معنى إحضار المعنى في المقام؟ يعني تصور المعنى لكي يوضع اللفظ له.
المقدمة الثانية في القسم الثالث مع تصور العام وإحضار العام يقال لا يمكن إحضار الخاص مع إحضار العام. حتى يوضع اللفظ بإزائه، إذن الوضع العام يعني تصور المعنى العام ووضع اللفظ للخاص يعني لأفراده ومصاديقه يكون محالاً، لماذا يكون محالاً؟ لأنه إذا وضع اللفظ للمعنى المتصور يكون من الوضع العام والموضوع له الخاص، وإذا وضع اللفظ للأفراد يعني الخاص يكون من المعنى الخاص والموضوع له الخاص.
إذن لابد أن نصور أنه يتصور العام وبتصور العام يتصور المعنى حتى يصح وضع اللفظ له، وإلا لا تستقيم المقدمة الأولى وخلف المقدمة الأولى، ما هي المقدمة الأولى؟ وهي أنه إذا أراد الوضع لابد أن يحضر المعنى، وفي المقام الذي هو حاضر هو المعنى العام فكيف مع حضوره يحضر المعنى الخاص.
من هنا ذكروا عدة بيانات، ذكرنا البيان الأول وهو أنه مع حضور العام، مرادنا من العام يعني المعنى العام يعني الجامع يعني الكلي المنطقي، مع حضور العام لا يمكن أن يحضر الخاص، لماذا لا يمكن؟ باعتبار العام هو الخاص مقشراً، هو الخاص مع خصوصية … العام هو الخاص مع الخصوصيات أو بلا خصوصيات؟ بلا خصوصيات. وإذا كان تصور المعنى بلا خصوصيات فردية يضع اللفظ لمن؟ يضعه للعام؟ وضع عام موضوع له عام. يضعه للخاص، الخاص فيه خصوصية، وتصور العام يعني تجريده بشرط لا عن الخصوصية، فكيف يضع له اللفظ. هذا البيان الأول.
البيان الثاني: وهو بيان أشار إليه السيد الشهيد في تقريرات السيد الحائري وكذلك في تقريرات السيد حسن عبد الساتر، ولا أقول في تقريرات السيد الهاشمي لأنه في تقريرات السيد الهاشمي تبدل هذا البيان الثاني إلى تقرير آخر، وسأبين النكتة لماذا.
في هذا البيان الثاني الذي اشار إليه الشيخ حسن عبد الساتر (ج2، ص77) يقول: (الاعتراض الثاني) على الوضع العام والموضوع له الخاص (توجد احتمالات أربعة) يعني عندما يريد أن يضع اللفظ للخاص بتصور العام توجد احتمالات أربعة، إذا أردتم أن تقرروه قرروه بالقياس الاستثاني، قالوا لو أراد كذا للزم إما وإما وإما والتالي بجميع شقوقه باطل فالمقدم مثله. أما ما هي هذه الشقوق الأربعة التي لابد من إبطالها. الشق الأول (أن يدعى أن حضور الجامع وتصوره له صار حيثية تعليلية لتصوره للفرد والمصداق) ما معنى حيثية تعليلية؟يعني أن تصور الكلي والجامع سبب لتصور الفرد. فإن اريد هذا المعنى فمن الواضح أنه يضع اللفظ للعام أو يضع اللفظ للخاص؟ بغض النظر أنه ممكن أو غير ممكن، يلزم أن هذا من الوضع الخاص والموضوع له الخاص، هذا هو الفرض الأول.
الفرض الثاني (أن يدعى أن مفهوم ا لإنسان ومفهوم زيد) الذي هو فرده (يوجدان بحضور واحد وبتصور واحد) وهذا ممكن أو غير ممكن؟ في البيان الأول قلنا غير ممكن لأن العام بلا خصوصية والفرد مع الخصوصية ومن المحال أن يجتمع بلا خصوصية مع الخصوصية. (بحيث أن الإنسان بتصور واحد يرى كلا المفهومين معاً وهذا أمر غير معقول ببرهان أن مفهوم زيد ومفهوم الإنسان متباينان في عالم المفهومية) صحيح أحدهما أعم والآخر أخص ولكنه هذه الأعمية والأخصية بلحاظ الواقع الخارجي، أما بلحاظ المفاهيم قرأتم في محله أن المفاهيم دائماً حكمها التباين. ولذا قيل أن المفاهيم مثار كثرة … لا يمكن أن المفهوم يتداخل مع مفهوم آخر، فكيف يوجدان بحضور واحد وبتصور واحد. هذا الشق الثاني.
الشق الثالث (أن يفرض أن مفهوم زيد لم يحضر بسبب تصور مفهوم الإنسان ولا في طوله) كما في الاحتمال أول والثاني (بل هو غائب) اصلاً لم يتصور الخاص، ومع ذلك وضعه، وهذا خلف المقدمة الأولى وهي أن الوضع نوع من الحكم (فكيف مع عدم تصور الخاص وضع اللفظ للمعنى).
الرابع (أن الواضع أصدر حكمه على نفس الإنسان الذي تصوره) لم يضع اللفظ للخاص وإنما وضعه … وهذا خلف أنه الوضع العام والموضوع له الخاص، هذا لازمه الوضع العام والموضوع له العام. (إذن فحاصل هذا الإشكال أن الواضع يتصور الجامع فإن قيل ينتقل من تصور الجامع إلى تصور زيد فهذا خلف، وإن قيل أن مفهوم زيد ومفهوم الإنسان يحضران بحضور واحد فهذا غير معقول لتباين المفهومين، وإن قيل أن مفهوم زيد غائب بقول مطلق هذا خلف ما ذكرناه في المقدمة الأولى، وإن قيل أنه يصدر حكمه على نفس ما تصوره وهو العام فهو من الوضع العام والموضوع له العام).
هذا المعنى الذي ذكره هنا تفصيلاً السيد الحائري في (ج1، ص115) اشار إليه إجمالاً، قال: (أن يفرض أن تصور الجامع صار حيثية تعليلية، أن يفرض أن المفهومين يوجدان بحضور واحد، أن يفرض أن مفهوم الفرد غائب، أن يفرض أنه يتصور مفهوم الجامع … والتالي بتمام شقوقه باطل فالمقدم مثله).
هذا خلاصة الإشكالات التي وردت في كلمات الأعلام لبيان استحالة القسم الثالث وهو الوضع العام والموضوع له الخاص، ولكن أنا أتصور من خلال الأسئلة التي جاءتني هنا يوجد تساؤل في ذهن الأعزاء لماذا تقولون أن المفهوم إذا تصورنا العام لا يمكن جعل اللفظ لأفراده؟ هو أساساً حقيقة المفهوم أنه حاكٍ عن أفراده، هو حقيقة المفهومية ماذا؟ وقوام المفهومية بماذا؟ يعني عندما يكون الشيء مفهوماً قوامه ما هو؟ هو الحكاية عن أفراد، إذن أنت لا تحتاج إلى أن تقول بأنه تصور العام فهل يصح وضعه للخاص هو تصور العام يعني الحكاية عن أفراده. أساساً لا يمكن أن تعزل المفهوم عن حكايته عن … وإلا لو عزلته فهو مفهوم أو ليس بمفهوم؟ ليس بمفهوم. نعم، يمكن أن تنظر إلى المفهوم بعنوان أنه وجود إذا نظرت إليه وجود من وجودات هذا العالم فليس فيه حكاية، هذا قانون. كونه مفهوم يعني قوامه الحكاية عن أفراده.
أما هذا المفهوم يمكن أن ينظر إليه بنظرة أخرى وهو أن ينظر إليه بما هو وجود من وجودات هذا العالم لأنه وجود قائم بالنفس، لا أقل كيف نفساني، فأنا أريد أن أنظر إليه لا بما هو حكاية بل أنظر إليه بما هو وجود. نعم بهذا اللحاظ له حكاية أو ليست له حكاية؟ لا لا، وجود من وجودات هذا العالم. وبهذا الاخوة الذين درسوا عندنا النهاية الأسفار ميز الحكماء بين الوجود الذهني وبين العلم، قالوا أن الوجود الذهني يعني ما أخذ فيه الحكاية، والعلم وتعلمون أنه في الفلسفة نحن نقرأ في بحث مسألة الوجود الذهني وفي مرحلة اتحاد العاقل والمعقول نبحث العلم هذا تكرار للبحث؟ لا، هذا من قبيل ما يتذكر الأعزاء في العلم الإجمالي يبحث عنه في القطع ويبحث عنه أيضاً في الأصول العملية مع اختلاف اللحاظ. هنا أيضاً اختلاف اللحاظ، هنا يقد يتساءل سائل أساساً قوام المفهومية بالحكاية عن الأفراد، أنا عندما أتصور المفهوم الكلي العام الجامع إذن أتصور الحكاية، أضع اللفظ لأفراده ومصاديقه، أين الإشكالية التي هؤلاء الأعلام حيرتهم القضية هكذا. هذا التساؤل واقعاً طبعاً جملة من الذين كتبوا في هذه المسألة لم يلتفتوا أساساً أين المشكلة، ولذا واقعاً بعضهم حائر من جهة نقرأ أن المفهوم حاكٍ عن أفراده ومن جهة يقول إذا تصورت المفهوم لا يجتمع مع تصور أفراده، كيف هذا أصلاً قوام المفهومية هي الحكاية.
أما المحققين منهم ملتفتين إلى أنه لماذا يقولون بأن الوضع العام والموضوع له العام وبه يتحرر محل النزاع في المسألة، الجواب: أن هناك أصل لابد أن يلتفت إليه وما لم نلتفت إلى هذا الأصل هذه الإشكالية أو هذا التساؤل يبقى بلا جواب، التساؤل لا الإشكال على القسم الثالث.
الحكماء والمناطقة عندما يقولون أن خصوصية المفهوم هي الحكاية، ما هو المحكي؟ مباشرة تقول لي المحكي هو المصداق الخارجي، الإنسان هذا المفهوم الكلي ما هو محكيه، هؤلاء البشر. سواء كانوا بشراً بالحمل الأولي أو بالحمل الشايع، ولكن بشر. إذن كان يحكي عن مصاديقه لماذا لا يوضع له؟ الجواب: لا، نحن في الوضع أعزائي … التفتوا إلى هذه المقدمة الأساسية في البحث، في الوضع العلاقة ليست بين اللفظ وبين الفرد الخارجي، أساساً هذا محال، العلاقة بين ماذا وماذا؟ بين اللفظ وبين المفهوم الذهني.
إذن الجامع عندما يحكي يحكي مفاهيم جزئية في الذهن أو يحكي مصاديق الخارج؟ مصاديق الخارج، إذن يمكنه أن يحكي مفاهيم ذهنية؟ يقولون: محال أن يحكي مفهوم عن مفهوم آخر. لماذا؟ لأن المفاهيم متباينة بتمام الذات.
أعيد المطلب: المفهوم حكايته عن ماذا؟ عن محكيه الخارجي وعن مصداقه الخارجي، والواضع لا يريد أن يضع اللفظ للمصداق الخارجي، العلقة بين ماذا وماذا، بين اللفظ والمصداق الخارجي أو بين اللفظ والمفهوم الذهني؟ ولهذا قلنا لابد أن يتصور المعنى حتى يحكم باللفظ على المعنى. والمفهوم الذهني لا يمكن أن يكون محكياً لمفهوم ذهني آخر لأن المفاهيم بطبيعتها متباينة بتمام الذات. هل اتضح الآن لماذا يقول الأعلام محال؟ لأنه نحن في الوضع لا نريد أن نضع اللفظ للمصداق الخارجي لأنه العلاقة لا تقوم بين أمر ذهني وأمر خارجي، لا يعقل أن يكون طرفي المحكوم والمحكوم عليه أحدهما ذهني والآخر خارجي. لابد إما كلاهما خارجي وإما كلاهما ذهني.
من هنا تجدون أن هؤلاء الأعلام قدس الله أسرارهم مباشرة التفتوا إلى هذه النكتة، السيد الخوئي في (المحاضرات، ص50) يقول: (إن أي مفهوم جزئياً كان كزيد أو كلياً كان كالإنسان لا يحكي إلا عن نفسه) يعني ماذا؟ يعني مصاديقه الخارجية، فيستحيل أن يحكي مفهوم عن مفهوم آخر. لا أنه يحكي مفهوم عن مصاديقه الخارجية، أساساً المفهوم طبيعته الحكاية عن مصاديقه الخارجية، أما مفهوم لا يستطيع أن يحكي مفهوم آخر.
الآن تعالوا معنا إلى بحث … نحن تصورنا مفهوم العام هل يمكن أن نضع اللفظ لمفهوم خاص، كيف تصوروا؟ يوجد طريق؟ بتصور العام تصورنا الخاص؟ قلنا غير معقول. بتصور العام هو عينه تصور الخاص؟ قال محال. بلا تصور الخاص؟ قلنا خلف. إذن لم يتصور الخاص، لا أن المفهوم العام لا يحكي عن أفراده الخاصة. ولذا كل تركيز السيد الخوئي يقول: (فكما لا يعقل أن يحكي المفهوم الخاص بما هو خاص عن مفهوم عام أو خاص آخر فكذلك لا يعقل أن يحكي المفهوم العام عن مفهوم خاص) لا أنه لا يحكي عن أفراده، يحكي عن أفراده المفهوم، ولكنه لا يحكي عن مفهوم خاص، لماذا لا يحكي؟ لأصل، وهو أنه المفاهيم دائماً بينها تباين تام.
إذن لا يقول قائل: سيدنا هؤلاء لماذا يقولون مع تصور العام لا يمكن تصور الأفراد؟
الجواب: أنت ذهنك يذهب إلى الأفراد بالمصاديق الخارجية وهؤلاء يتكلمون عن الأفراد بالمفاهيم الذهنية. ولذا السيد الشهيد+ في تقريرات السيد الهاشمي بدل هذا البيان وبذكره بتقريب آخر، في (ص88) قال: (إن المفهوم الكلي للإنسان مثلاً وغير المفهوم الكلي من المفاهيم الكلية) احفظوا هذه العبارة (منتزع عن الواقع الخارجي لهذا المفهوم) بلحاظ ماذا (بلحاظ الحيثية المشتركة) ينظر إلى الأفراد ويأتي بهم إلى الذهن وبتعبيرنا يقشرنا ويلغي الخصوصيات الفردية، فيأخذ منها جامعاً مشتركاً. (بلحاظ الحيثية المشتركة المحفوظة في ضمن الأفراد، والمفاهيم الجزئية لزيد وعمر وخالد منتزعة عن ذلك الواقع الخارجي بلحاظ الحيثية المختصة) إذن ما هو الفرق بين المفهوم الكلي والمفهوم الجزئي، يعني ما هو الفرق بين مفهوم الإنسان ومفهوم زيد؟ الجواب: أن مفهوم الإنسان مأخوذ بالحيثية المشتركة ومفهوم زيد مأخوذ بالحيثية المميزة والمختصة. (والألفاظ) هذه مقدمة، المقدمة الأولى التي يشير لها للبيان الثاني الذي أشرنا له. المقدمة الأولى أن المفاهيم الكلية إشارة الحيثية المشتركة، وجزئية إشارة إلى الحيثية المختصة.
المقدمة الثانية (والألفاظ إنما تقوم العلاقة الوضعية بينها وبين المفاهيم) لا بينها وبين الواقع الخارجي. الألفاظ عندما تريد أن تحكم بها على المعاني ليس المراد من المعاني يعني المصاديق الخارجية بل المراد من المعاني يعني المفاهيم الذهنية أعم من أن تكون كلية فالوضع العام والموضوع له العام، أو جزئية فالوضع العام والموضوع له الخاص، أين المشكلة؟ في الوضع العام والموضوع له … يعني أنت تتصور العام كيف تصورت الخاص. لا تصورت الخاص يعني المصداق، تصورت الخاص يعني المعنى والمفهوم.
(والألفاظ إنما تقوم العلاقة الوضعية بينها وبين المفاهيم سواء كانت كلية أو جزئية لا بينها وبين الواقع الخارجي المحكي لتلك المفاهيم ابتداءً وبلا توسط المفهوم) أبداً (كما هو واضح) وعلى هذا الاساس يأتي إلى البيان يقول أن هذا الذي يريد أن يتصور العام ويريد أن يضع اللفظ للخاص يتصور العام ويضع اللفظ للعام، هذا الوضع العام والموضوع له الخاص، يتصور العام ويضع اللفظ للخاص الذي هو فرد خارجي؟ الجواب: لا علاقة بين اللفظ وبين هذا. يتصور العام ويضع اللفظ للمفهوم الخاص، كيف يتصور الخاص بأي طريق تصور الخاص؟ لا طريق له لتصور … لماذا؟ لأن المفاهيم متباينة، مع تصور العام يستطيع أن يتصور معه بتعبير تقريرات الشيخ حسن عبد الساتر في عينه أو في طوله يتصور الخاص أو لا يمكن؟ لا يمكن لأن المفاهيم متباينة.
إذن لا يقول لي قائل: سيدنا لماذا لا يمكن، كل واحد يتصور العام والعام يحكي عن أفراده فيضع العام … وهذه هي المشكلة، السبب ماذا؟ أنتم عندما ترجعون إلى العبارات تجدون أن هذا الإيهام قائم، عندما يفسرون الوضع العام والموضوع له الخاص، يقولون الوضع العام المعنى عام والموضوع له فرد من أفراده، لا ليس فرداً من أفراده. هذا فرد من أفراده إذا كان المقصود المصداق الخارجي ليس البحث فيه. إذا كان الذهني أساساً ليس هو مصداقه. التفتوا لماذا قلت أن بعض الأصوليين أساساً لم يلتفتوا للإشكالية.
هذه عبارة السيد الروحاني يقول: (أن يلحظ معنى عاماً ويوضع اللفظ لمصاديقه وأفراده) إذا كان الأفراد والمصاديق الخارجية لماذا لا يعقل؟ مراده من الألفاظ هنا لابد أن يكون يعني مفهوم الجزئي لا مصداق الكلي، وإن كان هو بعد ذلك يشير إلى هذا يقول في (ص75) (وإذا تبين عدم ثبوت الاتحاد بين مفهوم العام ومفهوم الفرد) سيدنا لماذا لا يوجد اتحاد؟ بين العام وبين مصاديقه الخارجية يوجد اتحاد أو لا؟ نعم، حاك عنها، ولهذا يعمل عليها، ولهذا تقول زيد إنسان.
مداخلة لأحد الطلبة: ….
لا لا، أنا أتكلم في المراد من الأفراد ما هو. إذا كان من الأفراد يعني المصاديق الخارجية صار وضعاً ليس لها خارجاً عن محل الكلام.
أنا أيضاً أقول إذا كان مصاديقه الخاص كيف مع تصور العام تصورت الخاص.
مداخلة لأحد الطلبة: …
طبعاً لا يصح الوضع لأنك لم تستطع أن تتصور المعنى، في الوضع نحن نحتاج إلى الحكم إما أن تتصور أفراده بمعنى المصاديق خارج عن محل الكلام، تتصور أفراده ذهنية محال بتصور العام تتصور أفراده الذهنية للتباين القائم بين المفاهيم. قال: (وإذا تبين عدم ثبوت الاتحاد بين مفهوم العام ومفهوم … وتحقق المباينة بينهما) هذه أي مباينة؟ هذه المباينة بين المفاهيم (وإذا تبين عدم ذلك امتنع أن يكون تصور العام تصوراً لأفراده). لا يمكن أن يحكي مفهوم العام مفاهيم الخاص، غير معقول هذا، لأن هناك تباين بين العام والخاص.
إذن كل الإشكالية هو أنه أنت عندما تصورت العام كيف مع تصور العام تصورت الخاص، هذا لا يمكن. أصلاً متباينات هذه. إذن لا يمكن الوضع. ولذا السيد الروحاني حتى يخلص من الإشكال بتعبيرنا سالبة بانتفاء الموضوع قال أساساً من يقول يحتاج تصور المعنى حتى نضع له اللفظ، تقولون أن الحكم يحتاج إلى تصور المعنى واللفظ نقول: لا، لا نحتاج إلى تصور المعنى. ولذا الأعلام أتكلم بنحو الفتوى، الأعلام ماذا صار جوابهم؟ أولاً السيد الخوئي والسيد الصدر والمحقق العراقي، والباقي تقريباً لم يتعرضوا، هؤلاء الذين تعرضوا صاروا بصدد تصوير كيف مع تصور العام يمكن تصور مفهوم الخاص لا مصداق الخاص. فدخلوا في أبحاث ومنها أن تصور العام تصور للخاص بوجه، هذا الذي ناقشه السيد الروحاني، ولهذا بعد أن ينتهي من المناقشة يقول: (والجواب أن يقال أن تحقق الوضع لا يتوقف على لحاظ الموضوع له حتى إجمالاً) أصلاً لا نحتاج إلى تصور المعنى.
قبل أن ندخل في هذه البيانات، بيانات الأعلام لنرى أنها تامة أو غير تامة، هناك مجموعة من الأصول والقواعد أشير لها إجمالاً بالقدر الذي يرتبط بالبحث بعضها مهمة جداً لحل الإشكالية في المقام وبعضها مرتبطة بهذه الكلمات المتداولة في كلمات الأصوليين، أن هذه الكلمات المتداولة أساساً هذا الكلام صحيح ما يبنون عليه بناء أو أن هذا الكلام غير صحيح أصلاً، يعني بعبارة واضحة عندما يقول السيد الشهيد (إن كل مفهوم جامع بين الأفراد لا يعقل جامعيته بينها إلا بأن يجرد عن كل الخصوصيات التي يمتاز بها فرد على فرد ولا يؤخذ فيه شيء منها لأن طريقة انتزاع الجامع هي إلغاء الخصوصيات وإبقاء ما به الاشتراك وعليه فلا يمكن أن يكون الجامع حاكياً عن الأفراد بخصوصها) هذا هو البيان الأول الذي أشرنا إليه، وهو غير البيان الثاني الذي شرحناه اليوم.
هذا الكلام في أصله كلام صحيح، لأنه يبني الإشكالية على هذا، هذا الكلام في نفسه صحيح أو ليس بصحيح؟
إذن الأصل الأول هو أن الجماع كيف يحصل في ذهن الواحد منها في العلم الحصولي، نحن نتكلم في العلم الحصولي، نحن توجد عندنا مفاهيم كلية هذا قدر متيقن خلافاً للأسميين الذين قالوا أنكروا المفاهيم الكلية، الغربيين، ولا ربط لنا بهم، نحن نتكلم في المنطق الإسلامي وفي الرؤية الإسلامية وفي نظرية المعرفة عند الإسلاميين الذين يقولون أن العلوم الحصولية تنقسم إلى مفاهيم كلية وإلى مفاهيم جزئية، هذا نجعله مفروغ عنه من المباني المفروغ عنها، أصلاً موضوعي.
سؤال: هذا الكلي كيف أحصل عليه؟ يقيناً أنا ما ولدت وأنا أملك هذه المفاهيم الكلية (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم …) لا تعرفون شيئاً إلا بعض رأس المال الأصلي وهي الفطرة (فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل …) ذاك رأس مال آخر، لا، من حيث العلم الحصولي، أنتم تعلمون أو لا تعلمون (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً) وهذا لا تعلمون العلم الحصولي، وإلا العلم الحضوري الفطري بمقتضى آية سورة الروم (فطرت الله التي فطر …) تلك ثابتة.
سؤال: كيف نحصل هذه الكليات؟
النظرية المشهورة في الكلمات والمتداولة على الألسن، لا على ألسنة الطلبة بل على ألسنة كلمات الأعلام، كل الأعلام، كلهم يقولون أنه نحن نأخذ مجموعة من الأفراد ثم نأتي بها إلى الذهن ثم نقوم بعملية تقشير، أنا لا أعلم ماذا يقشرون من الأفراد، يقشروها فإذا قشروها يخرج منها شيء عاري اسمه الإنسان. نحن عندنا هنا مجموعة تساؤلات ولا أعبر عنها إشكالات، عبروا عنها تأملات تأدباً.
التساؤل الأول: أن بعض المفاهيم لا مصداق لها في الخارج حتى أنا أأتي بها إلى الذهن وأقشرها، مثل مفهوم العدم، من أين أتيت به؟ هل له فرد في الخارج، له أفراد في الخارج جئت بها إلى الذهن ثم قشرتها فأخذت الجامع الكلي، هذا من أين حصلت عليه؟ مفهوم العدم. طبعاً الكثير من المفاهيم التي هي تخيلية لا واقع لها، وكلية، لا جزئية.
التساؤل الثاني: أن بعض المفاهيم الكلية لها فرد ولكن محال أن تكون لها أفراداً في الخارج، لها كم فرد؟ … وإذا فرض لها أفراد فليست مركبة مما به الاشتراك وما به الامتياز. يعني ليست مركبة من مختصة ومشتركة حتى تقشر المختصات والخصوصيات حتى تخرج … كمفهوم واجب الوجود، مفهوم واجب الوجود جزئي أو كلي؟ ماذا قرأتم في المنطق؟ قالوا كلي، وإلا لو كان جزئياً لما احتجنا لدليل لإثبات وجوده سبحانه وتعالى، ولذا أنت تحتاج أولاً إثبات وجود هذا المصداق لهذا المفهوم، وإثبات أنه واحد لا ثاني له، هذا كله يكشف عن أن مفهوم واجب الوجود مفهوم كلي.
الآن سؤال: يوجد تعدد في الأفراد حتى تقشر؟ لا. وإذا فرض له أفراد أن المصداق الخارجي مركب مما به الاشتراك ومما به الامتياز؟ محال، لأن الله بسيط خارجاً. هذا التأمل الثاني.
التأمل الثالث: أساساً عملية التقشير أعزائي عملية مرتبطة بالأمور المادية، إذا أنت تأخذ غصن وفيه مجموعة من الأوراق ماذا تفعل؟ تقشر، يعني ماذا؟ يعني تغيرها عن الحالة السابقة. والتغيير من خصائص الموجودات المادية والإدراكات كلها بناء على المباني الحقة يعني سواء كانت كلية أو خيالية أو حسية على التقسيم في محلها، مجردة أو مادية؟ فإذا صارت مجردة إذا جاءت إلى الذهن يمكن التصرف فيها أو لا يمكن التصرف فيها؟ يمكن أو لا يمكن؟ التصرف إنما يكون في أمر مادي لا في أمر مجرد، والشاهد على أنها ليست مادية، إذا كانت عملية الإدراك الكلي يعني تقشير، المفروض أنه أنت بعدما قشرت هذه الأفراد تبقى أو لا تبقى؟ يعني أنت تتصور خمسة أفراد زيد وعمرو وبكر وخالد … فتبدأ بتقشيرها فبعد التقشير يوجد وجود للأفراد أو لا وجود للأفراد؟ لا وجود، مع أنك تجد بعد التقشير يوجد الكلي والجزئي معه موجود. إذن وجد كلي بعد الأفراد لا أن الكلي تقشير للأفراد.
أضرب لكم مثالاً، أنت جنابك قد تتصور في ذهنك خط بطول متر، ثم قسمه إلى قسمين، ماذا يصير عندك؟ إذا كان واقعاً هذا تقسيم ينبغي أن السطر الذي طوله متر موجود في ذهنك أو غير موجود في ذهنك؟ كما في الواقع الخارجي، الآن لو أنت عندك مسطرة بطول متر وتقطعها إلى نصفين، فهل يبقى عندك مسطرة بطول متر أو لا يبقى؟ لا يبقى. المفروض في الذهن أيضاً بعد أن قسمتها إلى قسمين التي طولها متر موجودة أم لا؟ لا. مع أنها موجودة أو غير موجودة؟ نعم، موجودة، وهذا يكشف عن أن النصفين ليس هو تقسيم للواحد وإنما إيجاد لنصفين كل واحد منهما نصف منها. والبراهين التي ذكرت لإثبات تجرد العلم … أنا لا أرجعكم إلى الأبحاث الفلسفية لا أقل أرجعكم إلى أبحاث (الميزان، ج1، ص51، في ذيل الآيات 1-5 من سورة البقرة) يقول: (والجواب أن الحجة مبنية على كون العلم مادي غير مجرد في وجوده وليس ذلك بيناً ولا مبيناً، بل الحق أن العلم ليس بمادي البتة) لماذا؟ يقول: (فإن الماديات مشتركة في قبول الانقسام وليس يقبل العلم بما أنه علم الانقسام) بدليل الشاهد الذي ذكرناه (والماديات مكانية زمانية والعلم بما أنه علم لا زماني ولا مكاني، والماديات بأجمعها تقبل التغير والعلم لا يقبل التغير) كلها قياس من الشكل الثاني، إذن العلم مادي أو غير مادي؟ غير مادي.
إذن نظرية التقشير قائمة على رؤية أن العلم أمر مادي فمن بنى من الأعزاء أن العلم أمر مادي طبعاً إذا التزم بذلك لا يعلم بالمشاكل التي لابد أن يلتزم بها بعد ذلك، فمن التزم بأن العلم أمر مادي … أما من أنكر ذلك إذن نظرية التقشير …
يبقى عندنا سؤال واحد: وهو إذن كيف حصلنا على هذا المفهوم الكلي. وسيأتي.
والحمد لله رب العالمين