بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
اتضح فيما سبق بأن هذا القسم الثالث وهو أن نتصور المعنى العام وبتوسط هذا التصور نضع اللفظ للمحكي لهذا المعنى العام وهو الخاص، اتضح بأنه يمكن تصويره على القواعد والأصول التي أشرنا إليها، لا مشكلة فيها. ولكنه بالنظر إلى ما أسسنا له وإلا لولا تلك الأصول والقواعد فتصوير القسم الثالث من أقسام الوضع وهو المعنى العام أو الوضع العام والموضوع له الخاص غير معقول، ثم عرضنا لكلمات جملة من الأعلام الذين حاولوا الإجابة عن إشكالية القسم الثالث وهو ما ذكره السيد الخوئي+ في (الدراسات) وما ذكره السيد الروحاني في المنتقى، وتبين أنهما لم يوفقا في الجواب عن إشكالية القسم الثالث.
نعم، ذكرنا بأن ما ذكره الأستاذ الشهيد+ في دورته الثانية يكون وافياً وموفقاً في الجواب عن الإشكالية المرتبة بالقسم الثالث، ومن هنا لابد أن يلتفت أن ما ذكره السيد الشهيد في الدورة الأولى سواء بتقرير السيد الحائري أو بتقرير الشيخ حسن عبد الساتر فأنه تلك المحاولة غير موفقة، ولا تدفع الإشكال، وهذا ما أشار إليه السيد الحائري أيضاً قال: (بناء على ما ذكره سيدنا الشهيد في الدورة الثانية يتضح أن ما ذكره هنا لا يدفع الإشكال) والأخوة يراجعون لأن استعراض هذه الكلمات يطول الكلام فيها. في (مباحث الأصول، ج1، ص) بعد أن يشير إلى الجواب الذي ذكر يقول: (لا يخفى أن هذا الجواب لا يتم) الجواب الذي ذكره عن الإشكالية (إلا بعد فرض استبطانه لروح الجواب الذي نقلناه عن تقرير السيد الهاشمي حفظه الله) يعني ما لم يرجع هذا الجواب المذكور في الدورة الأولى إلى ما ذكر في الدورة الثانية فأنه غير تام. (وبهذا يتبين أن هذا الجواب لا يدفع الإشكال) الجواب الذي ذكر هنا (لأننا ما دمنا رجعنا إلى مسألة الانتزاع من تلك المفاهيم الجزئية يأتي في المقام إشكال التقشير ونحتاج في دفعه إلى ما مضى من الجواب من ذا الإشكال) وهو الذي اشير إليه في الدورة الثانية.
إذن إلى هنا جواب السيد الشهيد في الدورة الثانية يمكن أن يكون جواباً تاماً وصحيحاً كما أشرنا إليه بالأمس، ولكن للتأمل فيما ذكره مجال باعتبار أن هذا الجواب إنما يصح ويتم على أن العلقة بين اللفظ والمعنى علقة اعتباري لا على نظرية القرن الأكيد. يعني أن السيد الشهيد لابد إما أن يرفع يده عن نظرية القرن الأكيد في العلقة الوضعية وإذا التزم بها فهذا الجواب لا ينفعه في المقام.
إذن يوجد تهافت بين اختيار العلقة هناك أنها القرن الأكيد وبين اختيار هذا الجواب للدفاع عن الإشكال، لماذا؟
وتوضيحه: فيما يتعلق بالوضع العلقة الاعتبارية التي قالها المحقق الأصفهاني فإننا لا نحتاج أن نتصور الموضوع له تصوراً تفصيلياً حتى نضع اللفظ له، بل يكفي التصور الإجمالي. يعني الحاكي أنه ننظر إلى المحكي من خلال الحاكي، لا مشكلة في هذا. أما في القرن الأكيد لا يكفي أن نتصور الموضوع له ولو إجمالاً، لابد أن نتصوره تصوراً تفصيلياً، لماذا؟ لأنا نريد أن نقرن قرناً أكيداً بين اللفظ وبين … فلا يكفي التصور الإجمالي للمعنى بل لابد أن تتصور المعنى تصوراً تفصيلياً بخصوصياته حتى نقرن بينه وبين اللفظ. ولذا نجد أن المحقق العراقي تقريرات بحثه (نهاية الأفكار) تقريرات بحثه متعددة منها (بدائع الأفكار) للمرزا هاشم الآملي، ومنها (نهاية الأفكار في مباحث الألفاظ، ج1، ص35 و 37) تأليف الفقيه المحقق الشيخ محمد تقي البروجردي, في (35) يقول: (تارة أن المعنى الموضوع له تريد أن تتصوره بنحو تفصيلي وأخرى تريد أن تتصوره بنحو إجمالي) بعد أن قسم القسم الثالث إلى هذين القسمين جاء في (ص37) قال: (نعم، إنما يتوجه الإشكال) في القسم الثالث (فيما لو احتاج الوضع إلى تصور المعنى الموضوع له بوجه تفصيلي) وفي القرن الأكيد نحتاج إلى أن نتصور المعنى الموضوع له بوجه تفصيلي، (إذ حينئذ يتوجه الإشكال بأن شيئاً من العناوين التفصيلية لا يمكن أن يكون مرآة إلى الأفراد الخاصة والعناوين) عفواً (لا يمكن أن يكون شيئاً من العناوين العامة مرآة إلى الأفراد الخاصة والعناوين التفصيلية) لأنه العنوان الكلي يكون مرآة للأفراد بشكل إجمالي أو بشكل تفصيلي؟ محال أن يكون بنحو تفصيلي، لماذا؟ باعتبار أن هناك منافاة بين الكلية وبين التفصيلية، لأن الكلية هي الجزء المشترك والتفصيلية هي الجزء … كيف يمكن أن أتصور المعنى الكلي فيكون مرآة للأفراد بنحو تفصيلي، هذا غير معقول، لأن غاية ما يحكي عنه تلك العناوين إنما هي الجهة المشتركة بين الأفراد التي بها امتياز كل فرد من هذا النوع، يعني أفرد نوع …(وأما حكايتها، العناوين الكلية، عن الأفراد بما لها من الخصوصيات فهذا غير ممكن، بل هو من المستحيل من جهة أن الفرد والخصوصية مبائن مفهوماً مع مفهوم العام) وحيث أننا، قياس من الشكل الثاني، وحيث أننا في القرن الأكيد ماذا نحتاج؟ نحتاج تصور المعنى إجمالاً يكفي فيه أو لا يكفي؟ لا يكفي، وإنما نحتاج تصور المعنى الفرد تفصيلاً، وهذا ممكن من خلال تصور العام أو غير ممكن؟
ولذا السيد الشهيد ملتفت إلى الإشكال فلهذا حاول بشق الأنفس أن يجيب عنه. ولذا في تقريرات السيد الهاشمي، هذا غير موجود في الدورة الأولى بكلا تقريريه، وإنما هذا من امتيازات الدورة الثانية. في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص92) يقول: (هذا ولكن امكان الوضع العام والموضوع له الخاص بالطريقة المذكورة إنما يعقل مبنياً على التصورات المشهورة في حقيقة الوضع) يعني أن العلقة علقة اعتبارية، (وأما بناء على ما هو الصحيح) من كونه أمراً واقعياً تكوينياً، الذي رفضناه نحن فيما سبق، (وهو القرن المخصوص بين اللفظ وبين المعنى لكي تتحقق بذلك صغرى قوانين الاستجابة الذهنية الطبيعية فلابد للوضع فيه في مقام تحقيق هذا الهدف من استحضار المعنى الخاص بنفسه ولا يكفي استحضاره بعنوانه الكلي). أي ما هو خاص بالحمل الشائع لا ما هو خاص بالحمل الأولي (لكي يحقق الاقتران والسببية أو يتحقق الاقتران والسببية بينه وبين اللفظ ولا يكفي تصور ما هو خاص بالحمل الأولي وإن كان عاماً بالحمل الشائع). وهذه هو يحاول في صفحة أو صفحة ونصف أن يجيب عن إشكاليته. وحيث أن هذا ليس مبنانا فلا ندخل في التفاصيل.
إذن بناء على هذا أن السيد الشهيد ولذا هو يقول (وإن شئت قلت أن الوضع بناء على المسلك الصحيح ينشأ من الجنبة التكوينية لعملية الوضع وهذا يعني أن العلقة الوضعية والتوصل إلى نتيجة الوضع العام والموضوع له الخاص بناء على هذا المسلك إنما يعقل) يحاول أن يحل هذه الإشكالية وهذه العقدة.
إذا السيد الشهيد إذا استطاع أن يحل هذه العقدة فيستطيع أن يبني على ما أشرنا إليه، أما إذا لم يستطع حل هذه العقدة فما ذكره يتهافت مع مبناه في أن العملية الوضعية هي القرن الأكيد بين المعنى وبين اللفظ. هذا تعليقنا على ما يتعلق بكلام أستاذنا السيد الشهيد.
بعد ذلك ننتقل البحث آخر وهذا البحث الآخر وهو ما يتعلق بنظرية العراقي في تصوير هذا القسم، العراقي على طريقته له مبانيه الخاصة في تصوير هذه القسم الثالث، والحق والإنصاف من يريد أن يفهم … مرة يقول هذه الأمور لا داعي لها فلماذا نقضي وقتنا فيها نتجاوزها بسرعة كما فعل بعض العلماء وقالوا أن هذه تضييع للعمر، وبحث آخر يريد أن يفهم، واقعاً تحتاج إلى مراجعة تفصيلية.
المحقق العراقي باعتبار أن (مقالات الأصول) مكتوبة بقلمه وإن كانت العبارات معقدة كثيراً ولكنها مكتوبة بقلمه فلهذا يمكن أن يطمئن لها الإنسان أكثر من التقريرات.
في (مقالات الأصول، ج1، ص75) طبعاً هو يبدأ هذا البحث من (ص70) إلى (ص79) هناك يقول: بأنه العناوين أو المفاهيم التي تؤخذ من الخارج على ثلاثة أنحاء، نحن فيما سبق أشرنا إلى نحوين الذي ما بإزاء في الواقع الخارجي الذي سميناه معقول أولي فلسفي والى ما ليس له بإزاء ولكن له منشأ انتزاع، هو يشير إلى هذين يقول: (أن العناوين الصادقة على كثيرين تارة تنتزع من الأفراد بملاحظة ما في ضمنها من الحيثيات الذاتية المتحدة مع الخصوصيات الزائدة) من قبيل المعقولات الماهوية، من قبيل الذاتيات في باب الكليات ذاتيات باب أيساغوجي، هذا القسم الأول الذي يصير جنس وفصل ونوع … (كالعناوين النوعية أو الجنسية المنتزعة من أفرادها الخارجية) هذا هو النوع الأول من المفاهيم.
النوع الثاني (أنها منتزعة منها ولكن ذاتي باب البرهان لا ذاتي باب الكليات ولذا يعبر عنه بالعرضيات لانه لا تأخذ في الحمل الأولي بالذات، يعني جنابك تقول هذا شيء، هذه الشيئية التي تحمل على الموجود الخارجي ذاتي أو عرضي؟ عرضي معلل، إذن لكي يكون شيئاً لابد أن يجعله أحد شيئاً. وقد قرأتم في الفلسفة كل عرضي معلل.
مثال أوضح: هذا ممكن، هذا الإمكان ذاتي أو عرضي؟ إن قلت أنه ذاتي فلماذا لا تقول الإنسان حيوان ناطق ممكن، لا تقول ممكن، لماذا؟ لأن الإمكان غير مأخوذ في ذاتيه، فإذا لم يكن ذاتياً له إذن يكون عرضي، وإذا صار عرضي القاعدة الفلسفية تقول كل عرضي معلل، إذن يلزم أن يكون إمكان الأشياء له علة، مع أن إمكانها له علة أو ليس له علة. الجواب: لا يختلط عليك … الذاتي والعرضي لعله له ثمان اصطلاحات في المنطق. ولعل الشيخ المظفر أشار إلى خمسة أو ستة منها، في أوائل الجزء الثالث من المنطق. أعزائي ليس كل عرضي معلل، ما كان عرضياً بنحو المحمول بالضميمة يكون معللاً، من قبيل البياض عندما يحمل على الجدار، من قبيل العلم عندما يحمل على الإنسان ونحو ذلك، أما إذا كان عرضياً بمعنى الخارج المحمول يعني كان ذاتياً ذاتي باب البرهان، هذا معلل أو ليس بمعلل؟ ولهذا هذا ذاتي وعرضي، أما ذاتي بحسب باب البرهان وأما عرضي بحسب باب الكليات. ولذا قد يعبر عنه عرضي وقد يعبر عنه ذاتي، فإذا قيل عرضي، يعني ليس بذاتي باب الكليات.
ولهذا يقول: (وأخرى تنتزع منها بملاحظة ما فيها من الجهات العرضية) لا يذهب ذهنك أن الجهات العرضية يعني العرض يعني المحمول بالضميمة، لا لا، الذي يحتاج إلى علة، (الخارجة من ذاتها) أي ذات؟ ليس ذاتي باب البرهان، بل ذاتي باب الكليات (المتحدة مع خصوصيات الشخصية) عينها (بنحو من الاتحاد نظير عنوان الشيء ونظير عنوان الذات ونظير عنوان الموجودية، ففي مثلها هي عينها) ولكن لا العينية بمعنى ذاتي باب الكليات.
عبروا عنها إن شئتم انتزاعيات لأن لها ما بإزاء أو ليس لها ما بإزاء؟ ليس لها ما بإزاء. ولهذا هي من المعقولات الثانية الفلسفية، لا أنها من المعقولات الأولية. هذا القسم الثاني. القسم الثالث (وثالثها يكون العنوان بنحو) الأول عبر عنها مأخوذة من الخارج والثانية عبر عنها مأخوذة من الخارج، الآن تعالوا إلى القسم الثالث يقول لا، هناك بعض العناوين لا هي من القسم الأول ولا هي من القسم الثاني، من قبيل ما أقرأه لك (يكون العنوان بنحو يحكي عن نفس الخصوصيات المشخصة ولكن لا الخصوصيات المشخصة تفصيلاً) كما عنوان زيد، زيد يحدي عن الفرد الخارجي إجمالاً أو تفصيلاً، مفهوم زيد؟ يحكي عنه تفصيلاً، هذا العنوان يحكي عن الفرد الخارجي ولكن لا يحكي عنه تفصيلاً، بل يحكي عنه إجمالاً. تقول لي ما فرقه عن مفهوم الإنسان؟ مفهوم الإنسان يحكي عن الفرد ولكن لا يحكي عن الفرد بجميعه إجمالاً، يحكي عن الجزء المختص فيه، أما هذا النحو الثالث من العناوين يحكي عن الفرد بكامل خصوصياته، ولكن إجمالاً لا تفصيلاً. من قبيل عنوان الفرد، هذا ضع يدك على زيد هذا فرد أو زوج؟ فرد، يحكي عن الجزء المختص منه أو عن الجزء المشترك؟ الجواب: كاملاً يحكي عن زيد الخارجي، بماذا يمتاز عن مفهوم زيد، زيد يحكي عن هذا المصداق الخارجي، يحكي عن عمر أو لا يحكي. أما مفهوم الفرد كما يحكي عن زيد يحكي عن خالد ويحكي … هذه نقطة مهمة لأنه أعزائي بتعبير الأعلام من لم يعرف الذهن فلا علم له، لماذا؟ لأن كل علاقتنا مع العالم الخارجي من خلال المفاهيم والذهن، هذا أيضاً من سوء توفيقنا أنه لا علاقة لنا بالعالم الخارجي، نحن كل علاقة ليس عندنا بالواقع الخارجي، لا تقول لي أنا أضع يدي على النار أحس بحرارتها، أقول: نعم، لولا يوجد عندك مفهوم عن الحرارة فهذا أيضاً لا ينفعك. لابد أن تتحول إلى مفهوم. إذن فهم الذهن وقوانين الذهن والمفاهيم وأقسام وأنحاء المفاهيم وأحكام هذه المفاهيم حتى تتشكل العلوم وأقسام العلوم والمعارف عموماً الحقيقية والاعتبارية.
أنا أقرأ عبارته بعد أن اتضح هذا القسم الثالث، يقول: (وثالثة يكون العنوان بنحو يحكي عن نفس الخصوصيات المشخصة) فرقه عن الإنسان واضح، الإنسان يحكي عن نفس الخصوصيات الشخصية أو يحكي عن الجزء المشترك؟ عن الجزء المشترك وهذا يحكي عن الكامل بكامله ولكنه إجمالاً حتى يميزه عن حكاية مفهوم زيد عن الخصوصيات. فإن زيد ماذا يحكي؟ يحكي فقط عن المختصة، لا لا، يحكي المختصة والمشتركة معاً، وغير قابل للانطباق على غيره. (بحيث لا تكون الخصوصيات المزبورة جهة زائدة على حقيقة هذا العنوان) في الإنسان الخصوصيات الفردية ما هي؟ زائدة على الجزء المشترك لأنها الجزء المختص (وذلك مثل عنوان التشخص، الفردية، فأنها في الخارج) هذا العنوان (تامة الانطباق على كل خصوصية معينة وليس حالها كسائر الكليات المنطبقة على الفرد بمحض اتحادها) لماذا (لأن تلك الكليات منطبقة على الفرد وتحمل على الفرد) هذا الفرد هذا الإنسان، هذا زيد إنسان ولكن هذه الإنسانية تشير إلى كل هذا الفرد أو إلى الجزء المشترك من هذا الفرد؟ إلى الجزء المشترك من هذا الفرد. السؤال: وهو أن الوضع العام والموضوع له الخاص النوع الأول أو النوع الثاني أو النوع الثالث؟
هناك يقول بأنه يستحيل أن يكون من النوع الأول، ويستحيل أن يكون من النوع الثاني، وإنما هو من النوع الثالث. إذن نحن عندنا الأنواع المنتزعة من الواقع الخارجي اثنين أو ثلاثة. هذا التقرير الذي قررته لكم من المقالات هو الذي لعله يظهر من كلام السيد الخوئي قدس الله نفسه في تقريرات بحثه في (المحاضرات) يقول: (أن المفاهيم الكلية التي تأتي إلى الذهن) مراده من الكلية يعني فيها قابلية الانطباق على كثيرين سواء كانت من النوع الأول ببيان المحقق العراقي أو من النوع الثاني أو من النوع الثالث، (أن المفاهيم الكلية المتأصلة كمفاهيم الجواهر والأعراض كالحيوان والإنسان والبياض والسواد لا تحكي في مقام اللحاظ والتصور إلا عن نفسها وهي الجهة الجامعة بين الأفراد والمصاديق) إذن يمكن مع تصورها وضع اللفظ للمعنى الخاص أو لا يمكن؟ لماذا؟ لأنها لا تحكي إلا الجهة المشتركة ونحن نريد أن نضع اللفظ للجهة المختصة. إذن النحو الأول لا ينفع. وكذلك بعض المفاهيم الانتزاعية كالإمكان أيضاً لا يمكن، لماذا؟ باعتبار أيضاً يشير إلى الجهة الإمكان الجهة المشتركة، إذن مع تصورها يمكن وضع اللفظ للمختص أو لا يمكن؟ لماذا؟ لأنه كل مفهوم إنما يحكي مصداقه المختص به، ولا يعقل أن يحكي غير مصداقه. وأما هذا القسم الثالث الذي أشرت إليه تفصيلاً في كلام العراقي (وأما العناصر العناوين الكلية التي تنتزع من الأفراد والخصوصيات الخارجية) لا تنتزع من الجزء المشترك، بل تنتزع من الفرد بما له من الخصوصيات، مع هذا الفارق وهو أنه مفهوم زيد لا ينطبق على غيره أما مفهوم الفرد فينطبق عليه وعلى غيره، كمفهوم الشخص ومفهوم الفرد ومفهوم المصداق فهي تحكي في مقام اللحاظ عن الأفراد والمصاديق بوجه وعلى نحو الإجمال، وإلا إذا حكت عن زيد بما هو زيد، فلا تحكي عن عمر، وهذا واضح وبهذا امتاز مفهوم الفرد عن مفهوم … إذن ما هو الفرق بين مفهوم الإنسان مفهوم المفرد ومفهوم زيد؟ مفهوم الإنسان يحكي الجهة المشتركة، ومفهوم زيد يحكي … هو لا ينطبق، كلي أو لا، جزئي. أما مفهوم الفرد فيحكي عن هذا الفرد لا الجزء المشترك منه، وبهذا يمتاز. ومفهوم الإمكان يكون ملحقاً بالقسم الأول، لأن يحكي أيضاً عن الجزء المشترك. يقول: (فهي تحكي في مقام اللحاظ عن الأفراد والمصاديق بوجه وعلى نحو الإجمال فأنها) هذه المفاهيم (وجه لها وتصورها في نفسها) هذه المفاهيم (تصور لها) يعني للأفراد بوجه. إذن نحن نقول في القسم الثالث وبتعبير آخر أن مرآتيتها، يعني هذه المفاهيم كالفرد والتشخص ونحو ذلك للأفراد والأشخاص ذاتية لها، ذاتية أي ذاتية؟ ذاتي باب البرهان، فتصورها لا محالة تصور للأفراد إجمالاً بلا إعمال عناية في البين. فنحن نتصور مفهوم الفرد ونضع اللفظ لهذا المفهوم أو لما يحكى بهذا المفهوم؟ والمحكي بهذا المفهوم خاص او عام؟ خاص، يعني زيد وبكر وعمرو وخالد … (فإذا تصورنا مفهوم ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان مثلاً فقد تصورنا جميع أفراده بوجه ومن ثم جاز الحكم عليها في القضية الحقيقية فلو لم يحكي المفهوم عن أفراده) كما أن الإنسان لا يستطيع، الجزء المشترك (فلو لم يحكي المفهوم عن أفراده لاستحال الحكم عليها مطلقاً مع أن الاستحالة واضحة البطلان) نفس هذا البيان ذكره السيد الروحاني في تقرير كلام المحقق العراقي، إذا أراد الأخوة مراجعة هذا البحث في (ص77) يقول: (وقد أجاب العراقي بأنه تام في بعض المفاهيم العامة دون بعضن فإن المفاهيم على ما ذكره منها ما يكون منتزعاً عن خصوصية مشتركة بين الأفراد ذاتية كانت كمفاهيم الجوهر والأعراض أو انتزاعية كبعض المفاهيم الانتزاعية ومنها ما يكون منتزعاً عن الأفراد والخصوصيات المفردة كمفهوم الفرد والمصداق والشخص، فالنحو الأول لا يصلح للحكاية عن أفراده ولو إجمالاً ولا يكون تصوراً لها بوجه) يعني تصوره تصوراً للأفراد بوجه أصلاً (بل لا يكون حاكياً إلا عن القدر الجامع بينها وهذا هو النحو الثاني بخلافه فأنه يصلح للحكاية الإجمالية عن الأفراد والخصوصيات لأنها منشأ انتزاعه ومقوماته) ويا ليت أن الأعلام كانوا يميزون بين مفهوم زيد ومفهوم الفرد، ولكنه يبقى القارئ لهذه الكتب أنه في النتيجة إذا كان يحكي الفرد بخصوصياته لماذا يكون إجمالياً؟ الجواب: لذلك الفرق الذي أشرنا إليه وهو مغفول في كلمات، يعني لم يشر إليه في كلمات العراقي والأعلام أيضاً في كلماتهم لم يقولوه.
هذا كلام من؟ فهم كلام السيد الخوئي، وفهم كلام السيد الروحاني، ما فهموه من كلمات المحقق العراقي.
أعيد، ماذا فهم هذان العلمان من كلمات المحقق العراقي؟ أن القسم الثالث من المفاهيم كالقسم الأول والثاني منتزع من المصاديق الخارجية.
السيد الشهيد رحمة الله تعالى عليه يقرر مطلب العراقي ولكن بنحو ثاني وبشكل، هذه قراءة إن صح التعبير المعاصر، قراءة السيد الصدر لعبارات وفهمه لنظرية المحقق العراقي، وهي تختلف كاملاً عن فهم هذين العلمين السيد الخوئي والسيد الروحاني.
هذا المعنى في (تقريرات السيد الهاشمي، ج1، ص91) ولكن عبارة السيد الهاشمي غامضة، على القاعدة عباراته ليس فيها … يقول: (وعلى ضوء ما تقدم يتضح وجه النظر فيما أفاده العراقي حيث عالج المشكلة وصار بصدد تصوير حكاية الجامع عن الفرد حكاية الجامع عن الفرد بخصوصيته) لا حكاية الجامع عن الفرد بالجزء المشترك. وهذا يحتاج إلى شرح، هذا متن جيد للمباحثة، تقريرات السيد الشهيد ببيان السيد الهاشمي، وأنا سألته، قال: سيدنا أنا لا أرغب بطريقة ما يوجد على سبيل المثال للكاظمي في بحوث المرزا النائيني، مفتوحة كثيراً، أنا أوافق على طريقة السيد الحكيم في المستمسك، في المستمسك إذا أردت أن تفهمه مطلب مطلب، نص سطر هنا يأتي … شيخنا الأستاذ الشيخ الغروي تجد أن المطلب صار صفحتين ونصف وهو نفسه نصف سطر، وإلا المستمسك بالطريقة المتعارفة لا يمكن فهمه ببساطة. ولذا أنا ذكرت أنه سألت الشيخ الغوي في يوم ما، الشيخ الغروي كان في كل درس يعتب على وضع النجف على طلبة النجف أنه هكذا بيانه وهكذا درسه ولكن لا يحضر عنده أحد إلا سبعة. وكان يعتب كثيراً لماذا لا يحضرون للاستفادة مع أني كتبت التنقيح حتى أن الإنسان لو كان مستلقياً، طبعاً مع مزج اللغة العربية بالفارسية والتركية، كان يتكلم هكذا … بتعبير الشيخ مرزا جواد تبريزي قال: من يحضر درسنا يتعلم الفارسي والعربي والتركي، كما لو قرأ أحد الميزان في بعض الأحيان يتعرف على العربية وعلى الفارسية وعلى التركية، الدساتير والفرمونات. على أي الأحوال يقول أنا كتبت التنقيح بنحو أن الشخص – هذا مع توضيح منا- أن الشخص لو كان مستلقياً على فراشه في الليل وبيده سكارته يشربها يفهم الفهم الخارج. والحق كذلك. التنقيح هكذا كتاب الذي هو فقط كتاب الطهارة في (25) مجلد. وهو غير كامل، هذا الذي صدر منه بعضه، وإلا فهو قد كتب 25 مجلد ولم تصدر جميعاً. ولهذا أيضاً أعان كثيراً من يريد تدريس الخارج سهل عليهم الطريقة يقرأ التنقيح ويأتي لتدريس الخارج.
ارجع إلى العبارة، قال: (وصار بصدد تصوير حكاية الجامع عن الفرد بخصوصيته) لا تصوير الجامع الحاكي عن الفرد ببعده العام، عن طريق دعوى، ما هو دعواه، دعواه السيد الخوئي وتبعاً لذلك السيد الروحاني بين، هو يقول لا، (إن الجامع المقصود في المقام) وهو العنوان الثالث الذي اشرنا إليه ليس منتزع من الخارج، بل هو عنوان مخترع للذهن، وهذا بحث مهم جداً أن الذهن في بعض الأحيان يخترع من نفسه عناوين، لا هي مأخوذة من الخارج بالنحو الأول ولا مأخوذة من الخارج بالنحو الثاني ولا هي مأخوذة من الخارج بالنحو الثالث، وإنما هي مخترعة، هذا إن شاء الله أعد الأخوة في بحث العلم الإجمالي، ما معنى مفهوم أحدهما؟ أي مصداقه، أنت في الخارج ماذا عندك؟ عندك هذا وهذا، ولكن الذهن لأنه لا يعلم أيهما ماذا يفعل حتى يحكي؟ يخترع مفهوماً، عنوان أحدهما.
وبعض يدعي أن المفاهيم الكلية ليست مفاهيم انتزاعية، يقول هذه مفاهيم اخترعها الذهن، حتى يلبسها على هذا وعلى هذا وعلى هذا. وهذا يأتي في محله في نظرية المعرفة.
(إن الجامع المقصود في المقام عنوان مخترع للذهن محضاً والجامع المخترع للذهن لا يحصل بطريقة التجريد وإلغاء الخصوصيات بل بإنشاء الذهن صورة تنطبق على الفرد بتمامه). وبماذا يتميز عن مفهوم زيد؟ أن ذاك يتكلم عن فرد لا يقبل الانطباق على غيره، أما هذا فيحكي عن زيد ويقبل الانطباق على غيره. هذين السطرين أو الأسطر الثلاثة توضيحها التفصيلي ورد في الدورة الأولى في (تقريرات السيد الحائري، ج1، ص112) يقول: (وتصدى المحقق العراقي للجواب على هذا الإشكال فكأنه سلم) هذا يأتي في غد.
والحمد لله رب العالمين