بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
اتضح في البحث السابق بأن إشكال المحقق الأصفهاني على صاحب الكفاية غير وارد، وذلك أن صاحب الكفاية لا يقول أن المعنى الحرفي بما هو معنى حرفي باللحاظ ينقلب إلى معنى اسمي، والعكس كذلك، لا يقول أن المعنى الاسمي بما هو معنى اسمي باللحاظ ينقلب إلى معنى حرفي. نعم، لو كان يقول هذا الكلام لورد عليه أنه لا يمكن أن الحقائق تتبدل من خلال اللحاظ، لأن المعنى الحرفي حقيقته أنه في غيره، فكيف باللحاظ يكون في نفسه، والمعنى الاسمي حقيقته أنه في نفسه فكيف يكون باللحاظ في غيره، حقيقته هذه، وعبارة الأصفهاني المحقق الكمباني تبين هذه، يعني يشكل كيف يعقل أن يكون المعنى الحرفي الذي ليس له إلا حالة واحدة أن يتبدل في الذهن يكون له حالتان، وقد قرأنا العبارة فيما سبق في (نهاية الدراية، ج1، ص51) قال: (مع أن المعنى الحرفي لا يوجد في الخارج إلا على نحو واحد) شيخنا وفي الذهن أيضاً لا يوجد إلا على نحو واحد. المعنى الحرفي في الذهن لا يتحول المعنى الحرفي باللحاظ إلى معنى اسمي وبالعكس، ولذا صاحب الكفاية قدس الله نفسه في (الكفاية، ص12) كاملاً ملتفت إلى هذه النكتة في عبارته، يقول: (وبالجملة ليس المعنى في كلمة (من)) الذي هو الحرفي (ولفظ الابتداء) الذي هو الاسمي (إلا الابتداء) معنى واحد (فكما لا يعتبر في معناه لحاظه في نفسه ومستقلاً كذلك لا يعتبر في معناها لحاظه في غيرها وآلة) يعني في المعنى لا الآلية موجودة ولا الاستقلالية، فعندما يأتي الاستعمال يجعله آلياً أو استقلالياً.
والشاهد لو فرضنا أنه لا يوجد عندك استعمال، عندك هذا المعنى في الذهن الابتداء أو لا يوجد؟ نعم، يوجد. لا يوجد لا استعمال ابتداء لفظ الابتداء ولا استعمال (من) يعني لا آلية ولا استقلالية، ما المحذور في ذلك.
إذن إشكال المحقق الأصفهاني غير وارد على صاحب الكفاية.
إشكال آخر وهو الإشكال الذي أطال فيه الكلام وهو المحقق النائيني في (أجود التقريرات، ج1، ص22) قال: (فأعلم أن الأقوال في المسألة ثلاثة القول الأول أنه لا فرق بين المفهوم الحرفي والمفهوم الاسمي في عالم المفهومية) هذا بيان غير دقيق لكلام صاحب الكفاية، ويفرق بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي في عالم المفهومية، يقول: (ولكنهما) هذا التغير متأخر رتبة عن أصل المعنى، لا أنه لا فرق بينهما، المعنى حقيقة واحد ولكن إذا لوحظ المعنى الواحد بهذا اللحاظ يكون حرفي وإذا لوحظ بذاك يكون اسمي (وأن الاستقلالية وعدمها خارجتان عن حريم المعنى) وهو الدقيق يصرح به (فالمعنى في حد ذاته لا يتصف بالاستقلال ولا بعدم الاستقلال) لا استقلالي ولا آلي، وإنما الآلية والاستقلالية متأخرة رتبة عن لحاظ ذلك المعنى. من أين نشأت الآلية والاستقلالية؟ يعبر تعبيراً غير موجود في كلمات صاحب الكفاية ولكنه يستفيده منه، أبينه، يقول: (وإنما نشأ من اشتراط الواضع) طبعاً في كلمات صاحب الكفاية لا يقول أنا اشترطت هذا، ولكنه هو باعتبار أن صاحب الكفاية قال أن الآلية والاستقلالية قيدان في الوضع لا قيدان في المعنى الموضوع، والوضع عملية يقوم بها الواضع فاستفاد منها أنها شرط الوضع. وهذا القول الذي هو في حد الإفراط منسوب إلى المحقق الرضي واختاره المحقق صاحب الكفاية.
هذا القول الأول.
أما الإشكال، يشكل على هذا الكلام بعدة إشكالات:
الإشكال الأول: يقول سلمنا أن الواضع اشترط شرطاً، مخالفة الشرط يؤدي إلى أن يكونا لاستعمال خطأ أو مخالفة لشرط اشترطه وارتكاب اثم مثلاً، أي منهما؟ لو فرضنا أن الشارع اشترط شرطاً في عمله وأنت خالفت ذلك الشرط العمل لا يقع أو ارتكبت خلافاً، العمل يقع ولكن أنت خالفت الشرط، إشكال النائيني يقول بناء على أنهما يعني المعنى واحد لابد أن يصح استعمال أحدهما في موضع الآخر، والتالي باطل جزماً لأنه من الأغلاط الفاحشة، الآن يقول وأما حديث الاشتراط من الواضع فمما لا محصل له … إلى أن يقول ثم أولاً ما الدليل على أنه يجب الالتزام بما اشترطه الواضع، وثانياً لو تم الدليل على وجوب الالتزام ما الدليل على أنه لو خالفنا الشرط يلزم الغلط، أنت حتى في الشروط الشرعية لا يلزم الغلط وإنما تلزم المخالفة الشرعية، يقول (ثم على تقدير لزوم الاتباع فليكن كأحد الأحكام الشرعية التي توجب مخالفتها استحقاق العقاب فلم لا يصح الاستعمال بحيث يعد من الأغلاط). إذن الإشكال الأول سلمنا أنه شرط الواضع وسلمنا أنه يجب الالتزام بشرط الواضع، مخالفة الشرط يؤدي إلى الغلط أو يؤدي إلى المخالفة الشرعية؟ إلى المخالفة الشرعية ولكن يبقى الكلام صحيحاً، والتالي باطل لأنا نجد أنه يكون غلطاً إذن هذا الشرط ليس من تلك الشروط، هذا الإشكال الأول.
إذن الإشكال الأول أن هذا الشرط حتى لو سلمنا بوجوب اتباعه لا يستلزم أنه إذا استعملنا أحدهما موضع الآخر يكون غلطاً، هذا الإشكال الأول.
الإشكال الثاني: وهو أن المعنى يستحيل أن يكون في حد ذاته لا مستقلاً ولا غير مستقل ولا آلي، لماذا؟ يقول لأنه من ارتفاع النقيضين، لأن المعنى إما مستقل أو لا، أما المعنى … لأن صاحب الكفاية قال الاستقلالية وعدم الاستقلالية خارجتان عن حريم المعنى، يقول: هذا محال، (أن المعنى يستحيل أن يكون في حد ذاته لا مستقلاً ولا غير مستقل، وليس هذا إلا ارتفاع النقيضين) إذا قلنا غير مستقل يعني الإهمال يلزم منه ارتفاع النقيضين.
أنا لا أريد أن أعلق وإلا فكل واحدة تحتاج إلى درس، الأمور الاعتبارية وبحث الوضع ما الذي أتى ببحث ارتفاع النقيضين وهو مرتبط بالأمور الوجودية التكوينية وإلا أنت اعتبر شيء ونقيضه ما المحذور، اعتبر الشيء وضده ما المحذور. نعم، قد يلزم اللغوية واللغوية شيء والاستحالة بارتفاع النقيضين شيء آخر. هذا هو الإشكال الثاني. ولا أريد الخوض في هذا البحث.
الإشكال الثالث: ماذا قال صاحب الكفاية؟ صاحب الكفاية قال أن الآلية والاستقلالية ليسا قيدين في المعنى بل قيدان في الوضع، يقول: (حتى لو كانا قيدين في المعنى الموضوع له اللفظ إذا استعمل أحدهما مكان الآخر يلزم أن يكون استعمالاً مجازياً لا أن يكون استعمالاً غلطاً، والتالي باطل نجد أنه استعمال غلط، إذا ليس معناهما واحد، وإلا لو كان معناهما واحد واستعمل أحدهما موضع الآخر استعمل الشيء في غير ما وضع له فيكون استعمالاً مجازياً، يعني إذا قلت سرت من البصرة إلى الكوفة، هذا استعمال حقيقي، إما إذا قلت سرت ابتداء بصرة انتهاء كوفة، إذا كان الأمر كذلك فينبغي أن يكون استعمال صحيحاً، والتالي باطل لأنه نجده أنه استعمال غلط. إذن لو كانا قيدين في المعنى لما لزم الغلط فما بالك وهما قيدان في الوضع لا في المعنى. هذا الإشكال الثالث.
(إضافة إلى أن تقييد الاستعمال في مقام اللفظ لا يزيد … فكما أنه يصح الاستعمال في غير الموضوع له مجازاًَ فليكن استعمال الاسم في موضع استعمال الحرف وبالعكس كذلك استعمالاً مجازياً).
الإشكال الرابع: وهو أنه هذا اللحاظ الذي يقول ينوع المعنى يعني المعنى واحد ولكن باللحاظ يكون آلي أو استقلالي، ما هي نسبة هذا المنوع إلى أصل المعنى؟ يقول إما نسبة الفصل إلى الجنس وإما نسبة العرض إلى النوع. هل هما من الفصول المنوعة أو من قبيل الأعراض؟ فإذا كان الأول يرد عليه كذا وإذا كان الثاني يرد عليه كذا، والحاصل (وعلى كل تقدير فلا معنى لاشتراط الواضع ما لم يكن سنخ المعنى مختلفاً كما سنبينه).
إذن تلخص أن الإشكالات أربعة ألخصها إجمالاً:
الإشكال الأول: أن مخالفة شرط الواضع لا يؤدي إلى الغلط، ونحن نجد أنه استعمال أحدهما موضع الآخر يؤدي إلى الغلط.
الثاني: يستحيل أن يكون المعنى مهملاً لا مستقل ولا غير مستقل، لأنه يلزم ارتفاع النقيضين.
الثالث: أنه لو استعمل أحدهما موضع الآخر تلزم المجازية على ما يقوله صاحب الكفاية لا يلزم الغلط والتالي باطل لأنا نجد أنه يلزم الغلط، إذن المعنى ليس واحد.
الرابع: أن اللحاظ الآلي والاستقلالي هل هما من الفصول المنوعة أو من الأعراض، وكلاهما يرد عليه إشكال فالمقدم مثله.
هذا كلام المحقق النائيني إشكالاً على صاحب الكفاية.
هذه الإشكالات ترد على صاحب الكفاية أو لا ترد؟
الجواب كما يلي:
أما الجواب عن الإشكال الأول: ماذا كان الإشكال الأول؟ قال: بأن مخالفة الشرط لا تؤدي إلى كون الاستعمال غلط وإنما يؤدي إلى عقوبة يستحقها من خالف الشرط. أعزائي الشروط على نحوين: شرط بمخالفته يلزم انتفاء المحمول وشرط يلزم من مخالفته انتفاء الموضوع، يعني الشارع اشترط عليك العربية في العقد مثلاً، أنت بإمكانك أن تجري العقد ولكن بغير العربية، هذه سالبة بانتفاء المحمول، لأن العقد جرى ولكن الشارع يقول أنا لا اعتبره عقد، العقد موجود، أنت لو ذهبت إلى مجتمعات أخرى بغير اللغة العربية يعقدون، اسألهم عرفاً عقدتم؟ يقولون: نعم عقدنا. إذن العقد تحقق ولكن الشارع يقول ليس معتبر عندي، فهذا سالبة بانتفاء المحمول أو سالبة بانتفاء الموضوع؟ المحمول لأن العقد يتحقق خارجاً، أنت تقول أصلاً إذا عقدت على امرأة باللغة الفارسة أو باللغة الهندية، تقول عقدت عليها، نعم، الشارع يقول أن هذا العقد غير معتبر وإلا عقدت عليها. ولم يثبت أن الألفاظ موضوعة للصحيح فقط كما يقال في محله. هذا النحو الأول.
النحو الثاني: أن الشرط إذا لم يتحقق الموضوع لم يتحقق، يعني سالبة بانتفاء الموضوع، كيف؟ هذا اوكسجين، هذا هيدروجين، لكي يكون ماء ماذا يحتاج؟ شرط الامتزاج فإذا لم يمتزجا تحقق ماء وأنا أعتبر لا ماء أو لم يتحقق ماء، أي منهما؟ هذا الشرط مع انتفائه ينتفي … سالبة بانتفاء الموضوع، إذا اتضح ذلك نسأل صاحب الكفاية نقول له أنت الذي قلت أن هذا شرط الواضع هذا من قبيل الأول من من قبيل الثاني؟ المحقق النائيني تصور أنه من قبيل الأول سالبة بانتفاء المحمول ولهذا قال بأنه يصح الاستعمال ولكنه ارتكب مخالفة ويستحق عقوبة، مع أن صاحب الكفاية يقول لا يوجد وضع إذا لم يوجد هذا اللحاظ. يعني أن (من) تفيد هذا المعنى بهذا اللحاظ فإذا لم يكن هذا اللحاظ فـ (من) لا تفيد، فهي سالبة بانتفاء الموضوع، ومن هنا يحصل الغلط لأنه لا يوجد وضع هناك.
إذن المحقق النائيني، أنا من أين استفيد هذا المعنى أن المحقق النائيني جعله من السالبة بانتفاء المحمول، لأن المثال الذي ضربه ماذا قال؟ العبارة ما هي؟ قال: أصلاً على تقدير لزوم الاتباع فليكن كأحد الأحكام الشرعية، وأنتم تعلمون أن الشروط في الأعم الأغلب في الأحكام الشرعية سالبة بانتفاء … إذا انتفت بانتفاء المحمول لا بانتفاء الموضوع، مع أن صاحب الكفاية يقول أن الواضع بهذا اللحاظ وضع … أما بغير هذا اللحاظ وضع أم لم يضع؟ فإذا لم يتحقق الوضع فالاستعمال يكون صحيحاً وعقوبة أو الاستعمال يكون غلطاً، أساساً هو قال هذا باللحاظ الآلي وذاك باللحاظ … فإذا لم تستعمله في محله فتكون مهملة فيكون غلطاً أو تستحق العقوبة؟ يكون غلطاً.
إذن الإشكال الأول فيه خلط بين انتفاء الشرط بلحاظ المحمول أو انتفاء الشرط بلحاظ الموضوع.
وأما الجواب عن الإشكال الثاني … التفتوا لي … لأجيب الإشكال الثالث أيضاً … وبهذا يتضح أنه إذا استعمل أحدهما في موضع الآخر يكون استعمالاً مجازياً أو يكون استعمالاً غلطا؟ لماذا؟ لأنه في الاستعمال المجازي وضع اللفظ لمعنى ولكن استعملته في غير ما وضع له، وفي اللحاظ الآلي والاستقلالي إذا لم تستعمله وضع أو لم يوضع؟ أصلاً لم يوضع لمعنى حتى يكون الاستعمال مجازياً. يعني بعبارة أخرى ثبت العرش ثم انقش، قل أن هذا اللفظ مستعمل في هذا المعنى، فإذا استعمل في غير ما وضع له فيكون مجازاً، أنا أقول إذا استعملت (من) في الاستقلالية أصلاً يوجد وضع أو لا يوجد وضع؟ لا معنى لأن يكون حقيقي أو يكون مجازي.
وبهذا اتضح الجواب عن الإشكال الثالث.
أما الإشكال الثاني: وهو أن المعنى إذا لم يكن لا مستقل ولا آلي، لا مستقل يلزم ارتفاع النقيضين.
الماهيات من حيث هي هي لا موجودة ولا … هذا ليس ارتفاع نقيضين، وإن كان في محله قالوا أن هذا ليس من ارتفاع، وهذا بحث آخر. ولكن أريد أن أقول أن المعنى من حيث هو هو لا محذور فيه أن يكون لا بشرط من الاستقلالية وعدم الاستقلالية … هناك من التزم، مع أنه الإنسان، ماهية الإنسان من حيث هي هي موجودة؟ من حيث هي هي مستقلة؟ لا، من حيث هي هي غير مستقلة؟ لا، لا الاستقلالي ولا عدم الاستقلال، هل يلزم من هذا ارتفاع النقيضين؟ بمجرد أنهما مأخوذ في ماهية الشيء النقيضان يعني يلزم ارتفاع النقيضين، وإلا يلزمك أن تلتزم أن كل ماهية عندما تذكر لابد أن تأخذ في ماهيتها إما وجود وإما عدم وإلا يلزم ارتفاع النقيضين. يعني عندما أسألك ما هو الإنسان؟ بماذا تعرف الإنسان؟ لابد تقول: أما حيوان ناطق موجود وإما حيوان ناطق معدوم. أما إذا لم تأخذ لا الوجود ولا العدم يلزم … هذا أفضل من الاستقلال وعدم الاستقلال، المحقق صاحب الكفاية يريد أن يقول هذا المعنى في نفسه لو سألت عن وجوده وعدم وجوده لا الوجود مأخوذ ولا العدم، لا الاستقلال مأخوذ ولا عدم الاستقلال، ولكن هذا لا ينافي عند الاستعمال إما مستقل وإما … كما أنه لا ينافي الإنسان عند الوجود بحسب الحمل الشايع إما موجود وإما معدوم. الإنسان عندما لا يدقق في البحث الفلسفي يبتلي … هذا ليس كلامي بل كلام محقق كبير مثل النائيني، مباشرة يتصور أن هذا من ارتفاع النقيضين. مع أن صاحب الكفاية لا يريد أن يقول أنه بحسب الاستعمال لا مستقلة ولا لا مستقلة، لو سألته يقول قطعاً بحسب الاستعمال إما مستقلة وإما غير مستقلة. هو يتكلم فيما قبل الاستعمال، عبارته في (الكفاية) يقول: (وقد عرفت أن نحو إرادة المعنى لا يكاد يمكن أن يكون من خصوصياته) نحو إرادة المعنى ليس داخل في أصل المعنى، أصل المعنى شيء لا بشرط وأما نحو إرادة المعنى إما مستقل وإما غير مستقل.
إذن ارتفاع النقيضين إنما يمتنع في نحو الاستعمال لا في أصل المعنى.
الإشكال الرابع الذي ذكر في المقام، كفانا مؤنة الجواب عنه تلميذه سيدنا الأستاذ السيد الخوئي في (أجود التقريرات) أقرأ عبارة النائيني وعبارة السيد الخوئي. يقول: (ثم أن الاستقلال وعدمه هل هما من الفصول المنوعة) يعني نسبتها نسبة الفصل إلى الجنس باعتبار أن واحدة من آثار وواحدة من وظائف الفصل هي أنها تنوع الجنس (من الفصول المنوعة أو من قبيل الأعراض العارضة على النوع، وعلى الأول) إذا قلنا أن نسبتها نسبة الناطق إلى الحيوان، على الأول يلزم أن يكون المعنى مركباً من جنس وفصل والتالي باطل لأن المعاني بسيطة إذن هذا باطل. انظروا الأبحاث الفلسفية … أنا لا أعلم هذه البساطة في المعاني أي نوع من أنواع البساطة، هل هو بسيط بالمعنى الأول بالمعنى الثاني …؟ لأن للبسيط سبعة معاني كما أن للتركيب سبعة اصطلاحات. (وقد بينا تجردها وبساطتها مع أنه لا معنى لأخذ الجنس في مقام الوضع، والفصل في مقام الاستعمال) لا معنى لأنه الجنس يكون في المعنى والفصل يكون في الاستعمال، أصلاً كيف يكون هذا. (وعلى الثاني فما السبب في وجود هذا العرض؟) والجوب في جملة واحدة: نسبة اللحاظ إلى المعنى لا نسبة الفصل ولا نسبة العرض. تلك لها أحكام وتلك في الأمور التكوينية وليس لها علاقة بالأمور الاعتبارية. ولذا الحق والإنصاف سيدنا الأستاذ السيد الخوئي هنا في جملة واحدة يقول: (فالمعنى إذا كان المراد من الاستقلالي) في (أجود التقريرات، ج1، ص24) (إذا كان المراد منا لاستقلال وعدمه هو الاستقلال في اللحاظ قبال اللحاظ الآلي) كما هو محل الكلام (فالمعنى قبل تعلق اللحاظ به لا يتصف بالاستقلال ولا بعدمه) وليس هو من ارتفاع النقيضين بشيء (كما أن الاستقلال وعدمه على ذلك ليسا من الفصول المنوعة ولا من أعراض المعنى حتى يرد عليهما في المثل) لماذا؟ لأنه ليس هذه النسبة، إذن ما هي النسبة؟ معنى من المعاني أنت في حالة الاستعمال إما أن تستعمله هذا الاستعمال أو تستعمله ذلك الاستعمال، واللحاظ لا نسبة الماهية الذاتية ولا نسبة العرض في باب الكليات. إذن ما هما، يصير آلي واستقلالي. يقول: (بل هما من كيفيات اللحاظ اللاحق على المعنى) المتأخر عنه كما قال نحو إرادة المعنى (في مقام الاستعمال، فلا يرد عليه إلا ما أورد عليه، أولاً من أن لازم وحدة المعاني الاسمية والحرفية ذاتاً صحة استعمال الاسم في موضع الحرف وبالعكس مع أنه من أفحش الأغلاط) هذا كلام السيد الخوئي، وسيأتي بيانه وجوابه يأتي.
والحمد لله رب العالمين.