الأخبار

المحاضرة (107)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

قلنا: بأنّه لا إشكال ولا شبهة بأنّ المعاني الاسمية يمكن أن ينتزع منها جامعٌ ذاتي, ولكنّه وقع الكلام في أنّ المعنى الحرفي أيضاً يمكن أن ينتزع من أفراده جامعٌ ذاتي كما انتزعنا من أفراد ومصاديق المعنى الاسمي جامعاً ذاتياً أو لا يمكن؟

وقلنا: لا بأس بالإشارة إلى هذا المطلب وهو أنّه: عندما نقول جامعٌ ذاتي ليس بالضرورة مرادنا من الجامع الذاتي يعني الجامع الذاتي الفلسفي أو المنطقي, لأنّه قد يطلق الجامع الذاتي ويراد به الذاتي بحسب باب الكليات في علم المنطق. وهذا هو الجامع الحقيقي أو الجامع المنطقي أو الجامع الفلسفي.

وقد يطلق الجامع الذاتي في الأمور الاعتبارية, ولكنّ الأمور الاعتبارية أيضاً يمكن أن يفرض لها أمورٌ ذاتية, وأمورٌ عرضية. فهي بمنزلة الجنس والفصل فيها, وليست جنس وفصل حقيقي.

إذن هذه النكتة التفتوا إليها أعزائي في بعض الأحيان قد نعبر الجامع الذاتي ومرادنا الجامع الذاتي الحقيقي الذي هو في الماهيات الحقيقية, يعني ما له جنس حقيقة وما له فصلٌ حقيقة, وأخرى لا, نعبر جامع ذاتي ولكن ليس مرادنا أنّ له جنس حقيقي وفصل حقيقي, ولكنّه في النتيجة مفهومٌ من المفاهيم هذه المفاهيم يمكن أن يعتبر فيها أمورٌ بمنزلة الجنس وأمورٌ بمنزلة الفصل, فهي جوامع اعتبارية جوامع ليست حقيقية ولكنّه بمنزلة الأمور الحقيقية.

من باب الاستذكار للأعزة يقين عندي أنهم قرؤوا هذه العبارة في أول (اللمعة, ج1, يعني كتاب الطهارة) عبارته كانت هكذا, قال: [الطهارة وهي لغةً النظافة والنزاهة من الأدناس] هذه لغةً, أما شرعاً ما هي الطهارة؟ قال: [وشرعاً استعمال طهورٍ مشروطٌ بالنية] هذا التعريف ماذا حقيقي أو غير حقيقي؟ لا إشكال ولا شبهة أنّ الطهارة أمرٌ اعتباري, فلا يعقل أن يكون له جنس وفصلٌ حقيقي بحسب التعريف, ولكن يمكن أن نفرض لها ما هو بمنزلة الجنس وما هو بمنزلة ماذا؟ فلذا قال: [فالاستعمال بمنزلة الجنس] ليس جنساً ولكنّه بمنزلة ماذا؟ الجنس, وقوله: [مشروطٌ بالنية] بمنزلة الفصل.

إذن لو كنّا نحن وماهية حقيقية تعرَّف بالجنس والفصل الحقيقي هذا حدها, أما لو كنا نحن وماهية اعتبارية ومفهوم اعتباري إذن يمكن أن يفرض لها أيضاً جنس وفصل اعتباري. جيد.

إذن في المقام حتى لو قبلنا أن بحث المعنى الاسمي والمعنى الحرفي من الأمور الاعتبارية وليست من الأمور الحقيقية أيضاً يمكن أن يفرض لها جامع ذاتي وجامع عرضي, ولكن لا الجامع الذاتي الحقيقي والعرضي الحقيقي بل بما هو بمنزلة الجامع الذاتي وما هو بمنزلة الجامع العرضي. جيد.

إذا اتضح ذلك, تعالوا معنا إلى المعنى الحرفي, بالأمس ماذا قلنا نحن ما هي حقيقة المعنى الحرفي؟ باتفاق الكلمات, مرة أخرى أقول: لا يوجد خلافٌ بين الاتجاه الثاني, الاتجاه الأول لا إشكال ولا شبهة لم يقل به قائل أن المعنى الحرفية كالحركات الإعرابية لأننا ميزنا بينهما بشكل واضح. إنما الكلام في ماذا؟ في الاتجاهين الثاني والثالث.

والاتجاهان الثاني والثالث أعزائي يوجد ما به الاشتراك وما به الاختلاف, ما به الاختلاف الآن ليس محل حديثنا, ما به الاشتراك, ما به الاشتراك ما هو؟ وهو أنّ المعنى الاسمي قائمٌ في نفسه والمعنى الحرفي قائمٌ في غيره, ما معنى أن المعنى الحرفي قائمٌ في غيره؟ يعني أنّه لا يمكن أن يتحقق معناه بالفعل إلا من خلال الغير, يعني إذا أردنا أن نقرب إلى ذهن الأعزة كيف أنه في مسألة العرض قلنا في الخارج يمكن أن يوجد بلا غير أو لا يمكن؟ لا يمكن, كذلك المعنى الحرفي لا يمكن أن يتحقق له معنىً إلا ماذا؟ إلا من خلال الغير.

ثمّ ضربنا مثال للأعزة يتذكرون بالأمس, قلنا لو فرضنا هذه حرف في التي هي للظرفية تفيد معنى الظرفية ولكن بنحو المعنى الحرفي لا بنحو المعنى الاسمي لو فرضنا أنها في أمثلة اثنين أو ثلاثة, الماء في الإناء, النار في الموقد, زيد في البيت, هذه كلها في في في , هل يمكن كما استطعنا من خلال انتزاع الأمر الذاتي وتقشير الأمور العرضية في المعنى الاسمي يعني عندنا زيدٌ وعمرٌ وبكر, ثلاثة, ولكن قشرنا العرضيات وانتهينا إلى أمر مشترك بينها جميعاً, ما هو؟ وهو الإنسانية, هل يمكن هنا أيضاً نقشر هذه في وننتزع منها معنىً حرفي واحد جامع لكل هذه الأنحاء الثلاثة لا ننتزع معنىً اسمي معنىً حرفي هل يمكن أو لا يمكن؟

الجواب: هذا غير معقول, لماذا؟ لأنّه أنت بين أمرين لا ثالث لهما, إمّا أن تقشّر الأطراف يعني تحذف الماء والإناء, والنار والموقد, هذه المختصات هذه الآن المختصات لها ما هي؟ الماء والإناء, والنار والموقد, وزيد والبيت, تقشّرها وتنتزع؟ الجواب: مع تقشيرها يبقى معنىً لفي أو لا يبقى معنىً لفي؟ لا يبقى معنىً لفي, وإمّا أن تبقي هذه الأطراف فإذا بقيت هذه الأطراف يوجد جامع ذاتي بين الماء والنار؟ لا يوجد, إذن ننتهي إلى أصلٍ مهمٍ جداً وهي: أنّ النسب لا يمكن أن ينتزع منها جامعٌ ذاتي أو ما هو بمنزلة الجامع الذاتي لا يمكن؟

وبهذا تمتاز المعاني الاسمية عن المعاني الحرفية, فإن المعاني الاسمية يمكن أن ينتزع من مصاديقها بعد تقشير العوارض المختصات وانتزاع جامعٍ بمنزلة الجامع الذاتي, ولكن هذا معقول في المعاني الحرفية أو غير معقول؟

أضرب لكم مثال: مرة أنت تعلم أنّه في المسجد من هو؟ زيدٌ أو عمرٌ انتهت القضية, في باب الاستصحاب هذا, في باب الكليات, ومرة أنك ماذا؟ لا تعلم, تعلم يوجد أحدٌ ولكن لا تعلم أنه زيدٌ أو عمرٌ هنا بإمكانك أن تقول أنا يقين من وجود إنسان وإن كان لا تعلم زيد أو عمر, ولكن تعلم بوجود الإنسان لماذا؟ لأن الإنسان هو الجامع الذاتي لزيد وعمر وبكر وخالد إلى ما شاء الله, التفت, ومرة, هذا أين؟ في المعاني الاسمية, في المعاني الحرفية ممكن ذلك, يعني لا نعلم أنّها نسبة ألف أو نسبة باء, فهل يمكن أن نقول يقيناً عندنا بتحقق ماذا؟ النسبة أو لا يمكن؟ الجواب: لا يمكن, لماذا؟ لأنه لا يوجد جامع ذاتي بين النسبة ألف والنسبة باء, وسأبين بعد ذلك مثال فقهي على ذلك وأثر أصولي وفقهي على هذه القاعدة.

المهم, واحدة من أهم الفروق الأساسية بين المعنى الحرفي والمعنى الاسمي أنه لا يمكن في المعاني الحرفية انتزاع ما هو بمنزلة الجامع الذاتي وهذا ما يمكن ولكن يمكن في المعاني الاسمية ذلك.

وهذا ما صرح به النائيني في (فوائد الأصول) طبعاً هذه الإشارات موجودة في كلمات الشيخ المحقق النائيني ولكن بعد ذلك هذه نظّر لها واقعاً وسعت وإلا إشارات توجد في كلماته, أنظروا ماذا يقول, يقول: [وموطن المصداق هو الخارج] أنت عندما تسأل عن المفهوم أين مصداقه؟ تقول مصداقه في الخارج, [وموطن المصداق هو الخارج, ولا يعقل اتحاد ما في العقل مع ما في الخارج] هل يمكن أن يتحد المفهوم مع المصداق أو لا يمكن؟ لو اتحد للزم أن يكون الذهني خارجي والخارجي ذهني, نعم في حالة واحدة يمكن, وهي: أن تجرد الخارج عن آثاره فتقول هو هو, وإلا الماء في الذهن عين الماء في الخارج؟ ولكن مع ذلك هذا المفهوم حاكٍ عن تلك الحقيقة لماذا؟ لأنه ذاك جردته عن آثاره فصار, ولذا قالوا: أن المفهوم هو المصداق ولكن بالحمل الأولي يعني مفهومه.

قال: [إلا بالتجريد ولا يعقل اتحاد ما في العقل مع ما في الخارج إلا بالتجريد وإلقاء الخصوصية] يعني التقشير, جيد, هذا يمكن في الاسم أو لا يمكن؟ يقول: نعم لا مشكلة فيه وهو أنّه الخارج تقشّره تلقي خصوصيته فتجرده أين يأتي؟ إلى الذهن, طيب شيخنا في الحرف كيف؟ يقول: [ولا يمكن إلقاء الخصوصية في الحرف] لماذا لا يمكن إلقاء الخصوصية؟ خصوصية الحرف فاء في جملة الماء في الإناء وخصوصية الحرف فاء في جملة النار في الموقد أين يختلفان؟ في الماء والإناء والنار والموقد, تمام فإذا ألقيتهما قلت لا الماء ولا الإناء ولا النار ولا الموقد فلفي يبقى معنى أو لا معنى لها؟ لا معنى لها.

يعني بعبارة أخرى: طرفا النسبة بالنسبة إلى المعنى الحرفي كالجنس والفصل بالنسبة إلى الماهية الحقيقية, فإذا ألقيت الجنس والفصل فيبقى للماهية شيء أو لا يبقى؟ حقيقة المعنى الحرفي اعتباراً حقيقة المعنى الحرفي هو ما كانت ذاتياته أو ما هو بمنزلة ذاتياته هما طرفا, فإذا ألقيت الأطراف فيبقى المعنى الحرفي أو لا يبقى؟

ولذا قال: [ولا يمكن إلقاء الخصوصية في الحرف] لماذا؟ [لأن الخصوصية قوامه] قوم من؟ قوام الحرف, كالذاتي كالحيوان والناطق بالنسبة إلى الإنسان [فالتجريد] بالنسبة إلى المعنى الحرفي [وإلقاء الخصوصية يوجب خروجه عن كونه معنىً حرفياً] لا يبقى له شيء, لأن حقيقته كانت بأنه ماذا؟ قائم في الطرفين. [هذا بحسب الهوية, وكذا الحال بحسب الآثار فإنه في المعنى الاسمي] هذا الفارق الأول الذي أشرنا إليه, في المعنى الاسمي يمكن أن تجرد المفهوم يبقى الآثار غير موجودة أما المعنى الحرفي يمكن ذلك أو لا يمكن؟ دائماً عندما يوجد يوجد مع آثاره, وهذا هو الذي في كلمات النائيني, هو الذي جاء في كلمات المحقق الأصفهاني بشكل أوضح في كتابٍ له اسمه (بحوث في الأصول, تأليف: المحقق آية الله العظمى الأصفهاني, مؤسسة النشر الإسلامي, ص25) هذه عبارته, قال: [ومفهوم النسبة] النسبة يعني القائمة بين طرفين ولكن مفهوم النسبة بما هو معنىً اسمي إذا قيس إلى النسبة الذي هو معنىً حرفي في الخارج, يعني الذي هو واقع بين الماء والإناء ذاك أيضاً نسبة ولكن نسبة ذيك حرفية أو اسمية؟ ذيك حرفية, ولكن مفهوم النسبة في الذهن مفهوم الظرفية في الذهن حرفي أو اسمي؟ اسمي, يقول ما هي النسبة بينهما؟ يقول: [ليست النسبة بينهما ومفهوم النسبة] يعني المعنى الاسمي [بالنسبة إلى حقيقة النسبة] يعني المعنى الحرفي, [ليس كالطبيعي بالإضافة إلى فرده] ليست من قبيل مفهوم الإنسان بالنسبة إلى زيد وعمر وبكر وخالد, لماذا؟ باعتبار لماذا ليس كذلك؟ يقول: [بل كالعنوان إلى المعنون] لماذا؟ يقول: [لأن حقيقة النسبة] يعني النسبة بالحمل الشائع يعني واقعها لا مفهومها في الذهن [لأن حقيقة النسبة متقومةٌ في ذاتها في وجودها بالمنتسبين فلا جامع ذاتي بين حقائق النسب فإن إلغاء الطرفين إعدام لذاتها] إذا ألغيت طرفيها ألغيت طرفي في فيبقى معنى لفي أو لا يبقى؟ لا يبقى, لماذا؟ لأن الطرفين بالنسبة إلى المعنى الحرفي كالجنس والفصل بالنسبة إلى الماهية الحقيقية إذا ألغيت الحيوانية والناطقية من الإنسان فيبقى الإنسان أو لا يبقى الإنسان؟ [إعدام لذاتها فهي مع قطع النظر عنهما لا شيء أصلا].

هذا المعنى إذا الإخوة يريدون أن يراجعونه الحق والإنصاف أوضحه سيدنا الأستاذ السيد الشهيد الصدر+ في (تقريرات بحثه) بشكل واضح ومفصل, (تقريرات السيد الحائري, ج1, ص141) هناك يقول بأنه لا يمكن, إلى أن يأتي في (ص142) يقول بأنه: [ومع إلغاء المقومات الذاتية لا معنى لانتزاع جامعٍ ذاتي إذن مفهوم النسبة .. ] إلى آخره. طبعاً في صفحتين بشكل مفصل الأعزة يمكنهم أن يراجعوه.

وكذلك في (تقريرات السيد الهاشمي, ج1, ص239) هذه عبارته يقول بأنه: [انتزاع الجامع الذاتي بين الأفراد لابد من انحفاظ المقومات الذاتية للأفراد مع إلغاء الخصوصيات العرضية, فحين نريد الحصول على جامع ذاتي بين زيدٍ وعمرٍ] طبعاً المثال في الأمور الحقيقة والممثل في الأمور غير الحقيقية, إلى أن يأتي ويقول: [ثبت أنّ المقومات الذاتيّة لكل نسبةٍ مختلفة عن المقومات الذاتية للنسبة الأخرى] لماذا؟ لأن المقومات الذاتية في قولنا الماء في الإناء مقوماته الذاتية ما هي؟ الماء والإناء, وإلا إذا أنت رفعت الماء والإناء في له معنىً في نفسه أو لا ليس له معنىً في نفسه بما هو معنىً حرفي لا بما هو معنىً اسمي [يتبرهن استحالة انتزاع الجامع الذاتي بين تلك النسب لأنّه إن تحفظنا على المقومات الذاتية لأشخاص النسب فلا يمكن تحصيل مفهومٍ واحد لأنها متباينة بتمام الذات وإن حذفنا المقومات الذاتية فلا يبقى] بتعبير المحقق الأصفهاني [هو إعدام للمعنى الحرفي] سالبة بانتفاء الموضوع. جيد.

الآن حتى تتضح القضية أنها ليست ترفية ونظرية محضة, تعالوا معنا إلى مثال أعزائي وهذا المثال مهم جداً, وهو أنه: يوجد عندنا بحث في مباحث البراءة, وهي ما هو دليل البراءة الشرعيّة؟ في قبال ماذا؟ في قبال الأخباري القائل بوجوب الاحتياط؟

واحدة من أهم الأدلة التي استدلوا بها على ذلك, قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها} هذا الضمير {لا يكلف الله نفساً} متعلق التكليف ما هو؟ متعلق التكليف {لا يكلف الله نفساً} تكليفاً إلا إذا أوصل التكليف, {لا يكلف الله نفساً} إنفاقاً لأنه القضية مرتبطة بالنفقة والرزق والمال, {لا يكلف الله نفساً} فعلاً من الأفعال ما هو؟

ذكر جملة من المحققين منهم النائيني وغير النائيني أن الاحتمالات في الآية متعددة:

الاحتمال الأول: أن يكون المراد التكليف, {لا يكلف الله نفساً} تكليفاً إلا إذا {آتاها} يعني أوصل أو شرّع -ذاك بحث آخر لا نريد أن ندخل فيه- هذا الاحتمال الأول.

الاحتمال الثاني: أن يكون المراد به المال {لا يكلف الله نفساً} مالاً إلا المال الذي {آتاها} وإلا يلزم التكليف بما لا يطاق.

أن يكون المراد به ماذا؟ الفعل.

وقول احتمال رابع قال لا, أن يكون المراد به الجامع بين التكليف والفعل والمال كلٌ بحسبه, فلا يكلف الله نفساً شيئاً, إذا كان في التكليف يعني {لا يكلف الله} تكليفاً, إذا كان في المال يعني {لا يكلف الله} مالاً, إذا كان في الفعل يعني {لا يكلف الله} فعلاً, والذي ينفع هو الاحتمال ماذا؟ الآن الاحتمال الأول ينفع ولكن الأعلام وضعوا يدهم على الاحتمال الرابع, قالوا هو الذي ينفعنا, وإلا لو كانت الآية مرتبطة بالمال تنفعنا أو لا تنفعنا؟ لا تنفعنا لأنه نريد أن نثبت أن التكليف إذا لم يصل إلى المكلف فهو غير مكلفٍ, واضح.

هنا الشيخ الأعظم الأنصاري في الرسائل عنده إشكال, التفت, عنده إشكال, ما هو إشكاله؟ يقول: لا يمكن أن يكون المراد الجامع بين التكليف وغير التكليف مالاً كان أو غير مال, لماذا؟ قال: لأن نسبة التكليف أو لا يكلف إلى التكليف نسبة الفعل إلى المفعول المطلق, ما هي النسبة بين الفعل والمفعول المطلق؟ أنّ المفعول من نفس مادة الفعل, فإذا قلنا {لا يكلف الله نفساً} تكليفاً {إلا ما آتاها} تكون النسبة بين الفعل والمفعول ما هي؟ نسبة الفعل إلى المفعول المطلق, أما إذا قلنا أن المراد المال فالنسبة ما هي؟ ليست مفعول مطلق وإنما مفعول به, {لا يكلف الله} مالاً, وهذه مالاً مفعول مطلق أو مفعول به؟ مفعول به.

سؤال: ولا يمكن أن ينتزع الجامع بين النسبتين لأن النسب متباينة بالذات, هذه أين ثبتها لأن النسب متباينة بالذات؟ هذا إشكال من؟ إشكال الشيخ الأنصاري, قال لا يمكن أن يكون هذا مراداً لماذا؟ لأنّ نسبة الفعل إلى المفعول المطلق هي غير نسبة الفعل إلى المفعول به, إذن لا يمكن أن يكون الجامع هو, لا يمكن أن يكون الاحتمال الرابع هو المراد من الآية, ما أدري واضح إلى هنا الإشكال.

انظروا ماذا قال له من؟ المحقق العراقي, المحقق العراقي قال في موردين في (فوائد الأصول, في تقريراته في تعليقاته على فوائد الأصول, ج3, ص331) قال للشيخ الأنصاري [شيخنا حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء] صحيح لا يمكن أن نسبة الفعل إلى التكليف نسبة الفعل إلى المفعول المطلق ونسبة الفعل إلى المال نسبة الفعل إلى المفعول به, ولكن يوجد عندنا جامع النسبة, ونحن جامع النسبة نجري فيها الآية المباركة. فنقول جامع النسبة, أعم من أن تكون ماذا؟ نسبة الفعل إلى المفعول المطلق أو نسبة الفعل إلى المفعول به, قال: [أقول: لو لم نقل بأنّ تعلق الفعل بالجامع بين المفاعيل] جمع المفعول, يقول تعلق الفعل لا بالمفعول المطلق ولا الفعل بالمفعول به, بل الفعل جامع المفعول أعم من أن يكون به أو أن يكون مطلقاً. ما أدري واضح أم لا.

هذا الجواب صحيح من المحقق العراقي أو ليس بصحيح ماذا تقولون؟ الجواب: مبني على تحقيقنا في المقام, فإن قلنا أنّه يمكن انتزاع جامعٍ حقيقي من النسب فالحق مع من؟ مع العراقي, وإن قلنا أنه يستحيل انتزاع جامعٍ حقيقي أو بمنزلة الحقيقي من النسب فالحق مع من؟ الشيخ الأنصاري. إذن ليست هكذا القضية بيني وبين الله سيدنا ماذا نفعل بالمعنى الحرفي, لا, عملية, هذه عملية الاستنباط.

ولذا عبارة السيد الشهيد+ عندما يريد أن يجاوب المحقق العراقي في (تقريرات السيد الهاشمي, ج5, ص32) بعد أن يبين إشكال العراقي, يقول: [هذا إن أريد به] يعني كلام العراقي [إن أريد به وجود نسبة جامعةٍ بين النسبتين حقيقةً فهذا خلاف ما بُرهن عليه في المعاني الحرفية من تباين النسب ذاتاً وعدم وجود جامع ذاتي فيما بينهم] فإذن أنت جنابك في هذه الرتبة السابقة لابد ماذا تفعل في المعنى الحرفي؟ إن قلت: بإمكان انتزاع جامع ذاتي إذن تقول الحق مع العراقي, وإن قلت يستحيل ذلك فالحق مع من؟ مع الشيخ الأنصاري.

وعشرات الأمثلة الأخرى التي في هذا المجال.

تتمة الكلام تأتي.

 

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات