بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
أشرنا بالأمس إلى مجموعة من المقدمات التمهيديّة للدخول إلى مباحث تعارض الأدلة الشرعيّة.
وقلنا: أن العنوان الأفضل والأولى أن تعنون هذه الأبحاث والمباحث بتعارض الأدلة لا التعادل والترجيح أو التعادل والتراجيح وغيرهما من العناوين التي أشير إليها. والمسألة مسألة ذوقيّة وليست مسألة علمية تترتب عليها آثار, الآن سواء كان العنوان هذا أو ذاك لا يغير من الموقف شيئاً.
البحث الآخر: الذي لابدَّ أن نتوفر عليه – بعدنا في المقدمات- البحث الآخر الذي لابدَّ أن نتوفر عليه هو معرفة أهميّة السنّة في فهم واستكشاف المعارف الدينية, وهذه قضية أعزائي محوريّة وأساسيّة ما لم نلتفت إلى أصل الحاجة إلى السنّة أولاً, ومقدار الحاجة إلى السنّة ثانياً نبقى نتخبط.
أما المنهج الذي قال -ما أريد أن أقول المنهج الأخباري- أما المنهج الذي قال: أن القرآن ليس ظهوره حجة فهذا مرتاح, لأنه لا طريق له لفهم والوقوف على المعارف الدينية إلاَّ من خلال ماذا؟ إلاَّ من خلال السنّة, لابدَّ أن يعرف كيف يستكشف المعارف الدينية من خلال الروايات, الآن إما الروايات النبوية فقط على مبنى القوم وإما الأعمّ من الروايات النبوية والولويّة على مبنى مدرسة أهل البيت. ولكنّه في النتيجة لا يمكن أن نعرف أو لا نضطر للدخول ما هو دور السنّة, لا, السنّة هو كلّ ما نحتاج إليه من المعارف الدينية من أين لابدَّ أن نأخذها؟ من السنّة.
أما المبنى الحق, لا ليس الأمر كذلك, المبنى الحق يقول بأنَّ: القرآن والسنّة -بالمعنى الأعم لا بالمعنى الأخص- السنّة بالمعنى الأعم, يعني بمقتضى حديث الثقلين المتفق عليه >كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا< لا بهما, جداً نادر توجد عندنا رواية بهما, هذه واحدة من أهم شبهات الآخرين, يقولون: لو كان المراد كتاب وعترة لقال ماذا؟ بهما, وإنما قال به, يعني كتاب الله, الآن هذا بحث في محله لا أريد أن أدخل فيه. التفتوا جيداً إلى هذه النكتة. >ما إن تمسكتم به بهما لن تضلوا بعدي أبدا<.
سؤال: طيب ما هو دور السنة بالنسبة إلى القرآن؟ دور المفسّر دور المبيّن دور الموضّح, فإذا وقع تعارض أيهما يقدم؟ عشرات المسائل تُطرح على هذا المبنى, أما على المبنى الأوّل, لا, ما عندك مشكلة.
إذن أعزائي التفتوا هذا الذي أنا أؤكد عليه بأنه الإنسان ما لم ينتهي من هذه الأبحاث إذا يدخل عملية الاستنباط واقعاً يكون دخولاً غير منهجي وغير علمي. المهم.
أعزائي لا إشكال ولا شبهة أن للسنة دوراً في فهم المعارف الدينية, وليس دوراً هامشياً بل هو دور أساسي, ومحوري. وهذا بنص القرآن الكريم, وليس من خارج القرآن الكريم, بغض النظر عن الأدلة العقلية والواقعية لا لا, نص القرآن الكريم لأن القرآن الكريم قال لرسوله {لتبين للناس ما نزل إليهم} لا أنه لتبيلغهم ما أوحي إليك؟ فرق يوجد بين عنوان تبين وبين عنوان تبلغ, في جملة من الأحكام القرآن الكريم بشكل صريح قال للرسول الأعظم {بلغ} أصلاً هذا أمر ليس مرتبط بك, مرتبط بماذا؟ أنت كلّ ما في الأمر واسطة لبيان الأمر الإلهي {بلغ ما أنزل إليك من ربك} ولكنه في مكان آخر ماذا قال للرسول الأعظم {لتنبين للناس ما نزل إليهم} تبين.
الآن قد يقول لي قائل: سيدنا هو القرآن بيان, فماذا يبين, أليس كذلك, أليس القرآن يقول {هذا بيان للناس} أليس كذلك, فالبيان يحتاج إلى تبيين بينكم وبين الله؟ هذه من إشكالات القائلين (كفانا كتاب الله, حسبنا كتاب الله) والآن أيضاً يوجد اتجاه حديث بدأ في بعض الدول الإسلامية يسمون أنفسهم القرآنيون بلي, ومنهج جداً يمشي, لأنه ظاهره ظاهر ماذا؟ واقعاً الحق والإنصاف سنداً متواتر دلالةً لم يقع فيه تلاعب لم يقع فيه تزوير لم يقع به النقل بالمعنى لم يقع به دس, لم يقع به اختلاف لم يقع به تعارض, كلّ الإشكاليات الموجودة في السنة موجودة في القرآن أو غير موجودة؟ غير موجودة, أو لا أقل تسعين بالمائة منها غير موجودة, على ماذا نحن هذا الأصل الأصيل الذي بأيدينا نضعه على جانب ونذهب إلى ماذا؟ طيب مضافاً إلى أن القرآن قال عن نفسه {هذا بيان}.
نحن في هذا كتابنا الجديد -إن شاء الله تعالى الذي أدعوا الله قريباً يخرج- منطق فهم القرآن, هناك بينّا أن هؤلاء لم يميزوا بين البيان وبين التبيين؟ من الناحية اللغوية يوجد فرق ومن الناحية المضمونية, فإنَّ القرآن بيان شيء ورسول الله لم يقل أنا بيان قال له تبين, تبيان شيء وبيان شيء آخر. ووظيفة الرسول هل التبيان لا البيان, الآن هذا البحث في محله لا يتهموننا الإخوة يقولون سيدنا أخذت البحث إلى مكان آخر, لا, نريد أن ندخل في بحثنا.
إذن, {لتبين للناس ما نزل إليهم} هذا أولاً.
وثانياً: ضمن لنا أن كلّ ما صدر منه حقٌ لماذا؟ لأنه قال: {ما ينطق عن الهوى * إن هو إلاَّ وحي يوحى}.
إذن جملة واحدة, وهذا صرّح به كبار علماء المسلمين أنّ الوحي على نحوين, وحيٌ قرآني ووحيٌ نبوي, لأن القرآن يقول: {ما ينطق عن الهوى} إذن كلّ ما ينطقه هو ماذا؟ وحيٌ يوحى, كله وحي, والآية ما قالت كلّ ما نطقه من القرآن وحيٌ يوحى, قالت: {ما ينطق} يعني كلّ ما نطقه فهو وحيٌ, أعم من أن يكون قرآناً فهو وحي قرآني, أو روايةً فهو وحيٌ نبوي, كله وحي, وهذا صرّحوا به يكون في علمكم, يعني أشد الناس, وأكثر الناس تطرفاً في هذه المسائل صرحوا -ما أريد أن أأتي بالأسماء- قالوا أن الوحي على نحوين وحيٌ قرآني ووحيٌ كله هذا وحيٌ, ولذا في رواياتٍ صحيحة السند رسول الله كان يأمر >أكتب ما يخرج من فيّ فإنه لا يخرج إلاَّ حقٌ< أولئك الذين منعوا بعض الصحابة من الكتابة قالوا أن رسول الله له حالة رضا وحالة غضب وحالة كذا, فعندما وجد أن بعض الصحابة لا يكتبون رسول الله غضب قال لماذا لا تكتبون؟ قالوا: قالوا لنا أن رسول الله له حالات مختلفة رضا وغضب و… قال: >أكتب كلّ ما يخرج من فيّ فإنه لا يخرج مني إلاَّ حق< وهو كذلك.
ومن هنا يتضح لكم لماذا أن القرآن الكريم بشكل واضح وصريح قال: {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}.
إذا كانت كلها إبلاغات من الله سبحانه وتعالى أصلاً عنوان الرسول له مدخلية أو ليس له مدخلية, لا مدخلية له, مع أنه ذكر الوصف مشعرٌ تعليق الحكم على الوصف مشعرٌ بالعلية, لا, هذا الرسول بما هو رسول له مدخلية, على أي الأحوال.
إذن من الناحية القرآنية ومن الناحية الروائية ومن الأدلة الأخرى لا إشكال ولا شبهة أن السنة لها دورٌ واسعٌ جداً في استكشاف المعارف الدينية, طبعاً القرآن أولاً, السنة النبوية ثانياً, الآن نحن بالنسبة إلينا مدرسة أهل البيت يضاف إليها حديث الثقلين وهو ما صدر من الإمام أمير المؤمنين انتهاءً إلى الإمام الثاني عشر, كلّ ما صدر عنهم فهو أيضاً ماذا بالنسبة إلينا؟ على حد السنة النبوية.
الأعزة الذين يريدون أن يراجعون أدلة حجية السنة كتاباً وسنةً وعقلاً وإجماعاً يوجد بحث عرض له أحد المعاصرين, في كتاب (المهدي وفقه أشراط الساعة, تأليف الدكتور محمد أحمد إسماعيل المقدم) من الكتب المفيدة جداً, طبعاً مكتوب على مباني القوم, ولكنّه كتاب علمي مكتوب بغض النظر أننا نوافق أو نختلف معه. الكتاب كبير جداً, تقريباً يقع في ثمان مائة صفحة, وهو كتاب كما قلت لكم من الكتب الجيدة في هذا المجال يوجد عنده بحث تحت عنوان وهو أنّه (الفصل الأوّل تحت عنوان الشبهة الأولى قول القرآنيين) هذا الذي أشرت إليه, وواحدة من أدلة القرآنيين يعني هذا الاتجاه لنفي المهدوية لا المهدوية الشيعة ولا المهدوية السنية, يعني أصل فكرة المهدوية هؤلاء لا يؤمنون بها, لا أنه لا يؤمنون بمهدوية الشيعة, لا لا, أصل فكرة أن يأتي في آخر الزمان مهدي يقولون هذا لا أصل له, لماذا؟ يقول: [الشبهة الأولى: لم يرد في القرآن إشارة إلى المهدي ولا حجة فيما سوى القرآن] عند ذلك هنا الرجل في الفصل الأوّل يدخل في بحث تفصيلي لإثبات دعوى أن لا حجة سوى القرآن هذا كلامٌ سقيم, بل السنّة أيضاً حجة لابدَّ من اعتمادها, يقول: [بحث مفصل حول أدلة حجية السنة الشريفة الدليل الأوّل: حسمة الرسول, الدليل الثاني تقرير الله, الدليل الثالث: القرآن وأدلته على أقسام, الدليل الرابع: السنة الشريفة, الدليل الخامس: تعرض العمل بالقرآن الكريم وحده, الدليل السادس: أنه ثبت بالقرآن والسنّة أن السنّة وحيٌ كالقرآن الكريم, الدليل السابع: الإجماع] ثمَّ بعد ذلك [الشبهة الثانية: أن أحاديث المهدي أحاديث آحاد لا تفيد العلم] لأنه في الأمور العقائدية نحتاج إلى ماذا؟ متواترة, والحق والإنصاف يطرح مجموعة من الإشكاليات الحق والإنصاف كثيراً أكثر فنية من بعض ما كتبه أخواننا, جداً منظم, يدخل أولاً: الإشكالات الواردة على أصل المهدوية, ويناقشها ثمَّ يأتي إلى ماذا؟ كان التامة بعد أن أثبتها يأتي إلى كان الناقصة, يعني المهدي ما هي خصوصياته ما هو وضعه في حدود هذه الثمانمائة صفحة, في هذا الكتاب. جيد جداً. إذن الأعزة إذا ما عدهم الكتاب واستبعد أن عندهم هذا الكتاب, ولكنه في المواقع موجود هذا الكتاب, فبالإمكان جناب الشيخ سعد يقول بأنه الذي يريد يعطيه العنوان في المواقع حتّى يراجع الكتاب. جيد.
إذن أعزائي, أنا أتصور بحث التعارض هذه من الأبحاث الكلامية, المقدمات الكلامية لبحث التعارض.
البحث الآخر: وهو أنه الآن مرة نحن عند رسول الله’ وأمامه ونسمع بآذاننا ونراه أمامنا ويتكلم, طيب المشكلة محلولة, أو أولئك الذين عاصروا وعاشوا مع الأئمة, ولكن نحن معهم أو لسنا معهم؟ إذن من هنا نحن لكي نعمل بنصٍ واردٍ من الرسول أو من الإمام لابدَّ من التوفر على أمور أربعة, حتّى تعرفون أنه بحث تعارض الأدلة أين موقع هذا البحث.
أعزائي, الأمر الأوّل -الذي نحتاج إليه- هو: إثبات صدور هذا النص من المعصوم, نبياً كان أو إماماً على المنبى نتكلم- لأنه ليس كلّ ما في الكتب صادر عنهم, خصوصاً إذا نظرنا إلى الروايات المتواترة, التي اتفق علماء المسلمين على تواترها, يكون في علمكم, >من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار< هذه من الروايات المتواترة, يعني أشد الناس إنكاراً للمتواتر عندما يصل إلى هذه الرواية يقول متواترة, لأنه لا أقل بطرقٍ معتبرة وصحيحة نقلت عن ستين صحابي. بغض النظر عن التابعين يعني الطبقة الأولى من السند كم؟ ستين, فهذه أعلا درجات التواتر. إذن هذه القضية مسلّمة.
إذن أول أمر لابدَّ من إثباته هو إثبات صدور النص.
الأمر الثاني -للعمل بالسنّة بالمعنى الأعم- هو: بيان المراد من الألفاظ الواردة في النص.
الأمر الثالث: إثبات أن هذه الألفاظ التي لها ظهوراتٌ هذه الظهورات ماذا؟ حجة علينا, لأنه قد يقول قائل أنه سيدنا هذا ظهور ولكن قصد به من؟ المباشر أو من قصده إفهامه لسنا نحن مقصودي, لا تقول لي ظهور, هو من قال أن كلّ ظهور ماذا؟ أو يقول القائل بأنه: هذا الظهور قرآني ولكن حجة عليّ أو ليس بحجةٍ عليّ؟ ليس بحجة عليّ.
إذن الأمر الثالث ما يكفي أنت في الأمر الثاني تعرف المفردات والألفاظ وإنما لابدَّ أن تثبت حجية هذا الظهور في حقك.
الأمر الرابع: وهو أن هذه الظهورات الحجة في الأمر الثالث لابدَّ أن لا يوجد ما ينافيها لكي يسقطها عن الاعتبار. واضح صار. وعلم الأصول أعزائي هو هذا.
أما الأمر الأوّل, فقد تكفل به بحث حجية خبر الواحد, نحن في بحث حجية خبر الواحد ماذا نريد أن نفعل؟ إثبات الصدور أبداً, هل يكفي خبر الثقة أو لا يكفي هل يشترط خبر العادل أو لا يشترط؟ هل يشترط الظن بالصدور أو لا يشترط؟ هل يشترط تحصيل الاطمئنان بالصدور أو لا يشترط؟ عشرات المسائل كلها لإثبات الأمر الأوّل.
الأمر الثاني: من يتكفل به الأمر الثاني, كلّ مباحث الألفاظ في علم الأصول, ابتداءً من المعنى الحرفي والمعنى الاسمي والأوامر والنواهي والمفاهيم والمشتق والمطلق والمقيد والعام.. هذه كلها تؤمن لك ماذا؟ الأمر الثاني, وهو أنه: استعمل المولى صيغة فعل الأمر ولكن من قال لك أن صيغة فعل الأمر تدل على الوجوب, هذا من أين؟ استعمل جملة شرطية ولكن من قال أن الجملة الشرطية لها مفهوم, استعمل المشتق ولكن من قال لك أن المشتق هل مشتق منحصر بمن يشمل من انقضى أو لا يشمل من انقضى؟ وعشرات المسائل, هذه كلّ مباحث الألفاظ تؤمن لك ماذا؟
من هنا تفهم أن كلّ علم الأصول إنَّما جاء لخدمة ماذا؟ قولوا معي: لخدمة فهم النص الديني, بكل شراشره هذا نص ديني يوجد, إذن علم الأصول.
افتحوا لي قوس جملة واحدة (علم الأصول الوظيفة الأصلية له أن يعطيك قواعد فهم النص الديني) هذا الأمر الثاني يؤمن.
الأمر الثالث: من يؤمنه لك؟ هو أبحاث حجية الظهور, تعلمون بأنه واحدة من أهم الأبحاث المعاصرة في الخمسين السنة الأخيرة عنوان يوجد في كلمات الأصوليين بعنوان (الظهور وحجية الظهور) فيما يتعلق بالموضوع وفيما يتعلق بالمحمول, يعني: أساساً متى ينعقد الظهور, وهذا البحث الذي ذكرناه الأعزة الذين كانوا في بحث الفقه اتضح, أن الظهور واقعاً هل يمكن اقتناصه من مجموع الأدلة أو مختص ماذا؟ هذا لابدَّ أن يبحث, أن الظهور ثابت أو الظهور متغير؟ أن الظهور يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والشروط أو لا يختلف أن … بعضها طرحت في أبحاثنا الأصولية وكثيراً غيرها تنتظر أن تبحث في الأبحاث الأصولية, واحدة منها تعدد القراءات, أن تعدد القراءات حجة أو ليس بحجة؟ أنت تقدم قراءة وآخر مجتهد أنت مسلّم الاجتهاد, إذا ليس مجتهد ليس من حقك أن تقول شيء حتّى لو كان حقاً, هذا من قبيل >وقضى بالحق وهو لا يعلم أنه الحق فهو في النار< ذاك خارج موضوعاً, لا, مجتهد مسلم قدمت قراءةً وفهماً عن النص الديني يختلف عن ذاك بمائة وثمانين درجة أيهما حجة؟
وأنا أتصور الآن هذا في الفقه متعارف عندنا واحد يقرأ النص الديني يقول أهل الكتاب محكومين بالطهارة, الآخر يقول محكومين بالنجاسة, في الواقع ماذا؟ بناءً على مباني العدلية في النتيجة إما محكومين بالطهارة أو محكومين بالنجاسة, ولا يمكن أن يكونوا محكومين بالطهارة والنجاسة وإن كنت أقول لا, محكومين بالطهارة ومحكومين بالنجاسة على بيان في محله, ليس محل حديثنا. التفتوا جيداً.
واقعاً أن هذه أبحاث لابدَّ أن تدخل هذه أبحاث لم توجد الآن في علم الأصول, لابدَّ ماذا, وإلا إذا ما تدخلها ما تستطيع أن تدخل في بحث تعارض الأدلة, لأنه أنت تعدد القراءة تعارض أو ليس تعارض أي منهما؟ طيب لابدَّ أن يبحث هذا, لابدَّ أن يبحث بحث تعارض الأدلة, هذا الأمر الثالث يؤمنه لك أبحاث حجية الظهور.
الأمر الرابع: وهو أن هذا الظهور حجيته على فعلية أو اقتضائية, تنجيزية أو اقتضائية؟ الجواب: كلّ ظهورٍ حجة ولكنه حجية ماذا؟ اقتضائية, ما لم يرد معارض له, الآن هذا المعارض قد يكون بينه وبينه جمع عرفي لا يكون جمع عرفي ذاك بحث آخر, ولكن متى حجة تنجيزية؟ إذا لم يكن هناك ماذا؟ -عبروا عنوان عام لا تقولون معارض لأن التعارض قد لا يشمل كذا- قولوا ما يخالفه, ما ينافيه بمعنى, لأنه في النتيجة الخاص ينافي العام. نعم, يقدم عليه بدليل من الأدلة وبعض الأحيان يقدم العام على الخاص.
إذن أعزائي, نحن في البُعد الرابع أو في الأمر الرابع, نريد أن نبحث ماذا؟ ولعله واضح صار عندكم, ولعله أهم بحث هو ماذا؟ أي بحث؟ هذا البحث الرابع, وإلا أنت كلّ ما فعلته في الأمر الأوّل والأمر الثاني والأمر الثالث انتهيت إلى ماذا؟ إلى الحجية الاقتضائية لا قيمة أو لا قيمة لها؟ لا قيمة لها, متى يحق لك العمل به, أو الاستناد إليه أو بناء العقيدة عليه؟ إذا لم يوجد له ما يخالفه ما ينافيه ما يعارضه.
ولذا بالأمس الأعزة يتذكرون قلنا لهم, أن زبدة علم الأصول أين؟ في باب التعارض, ومع الأسف الشديد يمكن لعشر مرات أقول أسف شديد, أنتم واجدين في الحوزة الأعزة عموماً عندما يقرؤون المنطق عندما يصلون إلى كتاب البرهان إما لا يقرؤونه أو ماذا؟ (كلام أحد الحضور) إما يترك وإما بسرعة يمرون لماذا؟ تعبوا مجلدين, ثلاثة, تعبوا عندما يصلون إلى هنا -بتعبير إخواننا العراقيين يريدون يشربتوها, تتشربت تريد أن تخلص القضية- صحيح.
هذا باب التعارض أيضاً مبتلى بنفس هذه المشكلة, أنه الطالب هذه الدورات الأصولية التي ما شاء الله العقديات التي صارت الآن عشر سنوات واثنا عشر سنة وخمسة عشر سنة وثمانية عشر سنة ما أدري أكثر من دورة ثمانية عشر سنة, عرفت كيف, فعندما يصل إلى مباحث التعارض فيوجد فيه قدرة على التحقيق أو لا يوجد فيه قدرة؟ فقط يريد أن ينتهي من هذه الدورة, عشرين سنة عمر, وأفضل سنوات عمره التحقيقية, لأنه عندما يصل إلى بحث الخارج ليس عمره أقل من عشرين سنة, فإلى عمر أربعين سنة أين جالس؟ جالس في مقدمات بحث السنّة, في المقدمات, ثبت الصدور وفهمت الألفاظ وثبت الظهور كله ثبت له قيمة أو لا قيمة له؟ لا قيمة, لماذا؟ لأنه كلها هذا أقصاه قلت لك الظهور الاقتضائي, فإذا أردت العمل به لابدَّ أن تذهب؟ في أبحاث التعارض.
وأنا بودي أن الأعزة نظرة يلقون حتّى تعرفوا ما أقوله جيداً, طبعاً هذه المشكلة في الفقه أيضاً عندنا, في الفقه تجد في كتاب الطهارة كم مجلد مكتوب, يعني بعض الأعلام لعله كتاب الطهارة خمسة وعشرين مجلد, وتعلمون موجودة في المكتبات, ولكن عندما يصل إلى بحث الديات كم يصير؟ مئتين صفحة, عندما يصل إلى بحث الأمر بالمعروف هذه أبحاث بالأخير, نفس هذه المشكلة الآن في الأصول ارجعوا إلى الدورات الأصولية كلها, تجد في بحث المعنى الحرفي ثلاثمائة صفحة يوجد, صحيح؟ ولكن تعال إلى كتب الأعلام المتأخرين عندما يصل إلى بحث التعادل والتراجيح بحث كم؟ مائة صفحة, انظروا وراجعوا. مع أن لب الأصول أين؟ هنا التعارض, هنا, إذا هذه انحلت تلك تحل ببساطة.
ولذا أعزائي والأمر إليكم حتّى لا أطيل, والأمر إليكم تريدونها (كلام أحد الحضور) نتجاوزها -بتعبير الأخ العزيز- نتجاوز عنها بسرعة ما عندنا مانع, وما أسهل ما يكون نأخذ كتاب ونقرره لكم, ومرة أخرى تريد أن تقف عند هذا المطلب وأرجع إلى القاعدة التي أسستها للأعزة قلت لكم أعزائي ليس بالضرورة أنت تقرأ دورة كاملة أبداً, أنت فقط تتعلم قواعد البحث, طريقة الدخول في البحث طريقة الخروج من البحث, طريقة تحقيق البحث هذه تحصل الملكة, لا توجد حاجة أنه كلها تقرأها, على أي الأحوال.
هذا تمام الكلام في بيان أهميّة مباحث التعارض, مباحث التعادل سمّه ما شئت, هذا لا يهم مباحث اختلاف الحديث يكون في علمكم كثير من كتب الآخرين لم تسمه مباحث التعارض, سمته اختلاف الأحاديث. اختلاف الحديث, طبعاً هذا اختلاف الحديث أخص مما نريد, لأنه نحن نريد أن نتكلم الأعم, أي أدلة قرآن كان حديث كان أدلة أخرى كانت ولكن عمدة أبحاث التعارض هي الأخبار.
لذا إن شاء الله تعالى في البحث اللاحق بإذن الله تعالى سوف نقف عند بيان نكتة واحدة ونكمل وهو أنه: ما هي النسبة بين مباحث علوم الحديث واختلاف الحديث ومباحث تعارض الأدلة.
والحمد لله رب العالمين.