الأخبار

تعلرض الأدلة (3)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

 

كنّا وما زلنا في البحوث التمهيدية والمقدماتية لبيان أهمية بحث التعارض من جهة, وخطورة هذا البحث من جهة أخرى, ولعله بعد ذلك إن شاء الله تعالى بيان أسباب وعلل وقوع التعارض بين الأدلة من جهةٍ ثالثة, حتّى بعد ذلك نتوفر على العلاج المتصوّر أو ما ذكر من العلاج في كلمات المتقدمين والمتأخرين من جهة رابعة, ولكنّه في اعتقادي أنه لا بأس أو لابدَّ من توسعة البحث أكثر من ذلك, وسأبين لماذا؟

أعزائي أنتم تعلمون بأنَّ السنّة بمعناها العام يعني ما ورد من الروايات عن النبي الأكرم’ والنصوص الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وليسا فقط هذه النصوص كما هو واضح للأعزة مختصٌ بباب الحلال والحرام, عشرات الآلاف من النصوص الروائية الواردة عن النبي وعن الأئمة بالإضافة إلى الفقه الأصغر أو إلى الحلال والحرام هناك الآلاف من النصوص واردة في باب العقائد, وهناك الآلاف من النصوص واردة في باب الأخلاق وهناك عشرات الآلاف من النصوص واردة في بيان تفسير الآيات, هذه كلها عندما نقول السنّة لا يذهب ذهنك يعني الروايات الحلال والحرام لا لا أبداً, مجموع ما ورد عن النبي وأئمة أهل البيت التي تُعد بمئات الآلاف من النصوص الواردة في المقام.

والتي هي جميعاً تُعد المنبع الثاني الأصلي لاستكشاف منظومة المعارف الدينية, نحن عندما نريد أن نقف على أي قضيةٍ معرفية مرتبطة بالمعارف الدينية لا يوجد عندنا إلاَّ طريق إلاَّ الكتاب والمنبع الثاني ما هو؟ السنّة, السنّة بمعناها الأعم لا يذهب ذهن الأعزة نحن قائلين كتاب الله وسنتي, لا لا, كتاب الله وعترتي, ولكن السنّة بالمعنى العام الذي نحن نفهم ذلك.

ولكن التفتوا إلى هذه النكتة, وهي: أن من أهم الفروق بين المنبع الأوّل والمنبع الثاني أنّه وقع الاختلاف الشديد في المنبع الثاني, يعني الروايات الواردة في الفقه واردة في الأخلاق واردة في العقائد واردة في التفسير اختلفت أو لم تختلف؟ ولكنّ القرآن نعلم بأنه نصٌ قطعي لم تقع فيه الزيادة والنقيصة.

من هنا هناك محاولات شديدة لرفع هذا الاختلاف. بماذا نرفع هذا الاختلاف واحدة من أهم الطرق التي ذكرت في النصوص لرفع هذا الاختلاف في المنبع الثاني هو الاحتكام إلى المنبع الأوّل, ولذا تجدون في حديث الثقلين جعل القرآن هو الأكبر في قبال العترة التي هي ليست هي الأكبر, ولعلّ واحدة من معاني الأكبرية وعدم الأكبرية هو هذا المعنى, يعني أن ذاك هو الأصل وهذا لابدَّ أن يقاس إليه. وروايات العرض أيضاً كثيرة ونحن لا نحتاج إلى روايات العرض, أصلاً روايات حديث الثقلين المتواترة بين المسلمين كافية لبيان محورية القرآن لماذا؟ لأن هذه المشكلة التي ابتليت بها الروايات لم يبتلي بها النص القرآني. وهذه قضية الأكبر وغير الأكبر لا يتبادر إلى ذهن أحد بأنَّ هذه واردة في نصوصنا, لا أعزائي, واردة في نصوصهم بنحوٍ أفضل مما هي واردة في نصوصنا, هذه الرواية واردة في شرح مشكل الآثار لأحد أئمتهم الكبار أو لأحد أئمة أهل السنة وهو (الإمام الطحاوي, المتوفى سنة 321 من الهجرة) يعني في عصر الغيبة الصغرى. الرواية هذا >كأني دعيت فأجبت أني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر< من الواضح الأكبر أي منهما؟ من الواضح أن المراد من الأكبر ليس العترة وإنما الأكبر هو الكتاب, >كتاب الله عز وجل وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض< هنا المعلق وهو شعيب الأرنؤوط وهو من كبار المحققين المعاصرين يقول: [فالحديث صحيحٌ] وعنده كلام في بعض رجال السند له بحث آخر.

ونفس هذه الرواية واردة وصححها مجموعة من الأعلام منهم الذهبي ومنهم ابن كثير وغيرهم في (البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي) أيضاً نفس الرواية >أحدهما أكبر من الآخر< الذي يقول بعد أن ينقل الرواية: [قال شيخنا أبو عبد الله الذهبي الحافظ الذهبي الإمام الذهبي وهذا حديثٌ صحيح] وفي الحاشية يقول [أخرج هذا الحديث الحاكم في المستدرك وعلّق وقال هذا حديث صحيح ووافقه الذهبي].

الآن تفهمون لماذا انه صار القرآن هو الثقل الأكبر أو >أحدهما أكبر من الآخر<.

ولكن مع كلّ هذا, التفتوا جيداً, مع كلّ هذا أن الأئمة والنبي (عليهم أفضل الصلاة والسلام) جعل القرآن هو الأفضل وللتخلص من الإشكاليات الواردة أين؟ في السنة ولكن مع ذلك لم يستطع في كثيرٍ من الأحيان واقعاً أن القرآن أيضاً أن يتخلص من هذه المشكلة الموجودة أين؟ في السنّة, يعني أن الاختلاف في الروايات الواردة ألقت هذا الاختلاف ألقى بظلاله على فهم القرآن. ولذا أنت الآن خصوصاً الروايات المرتبطة بماذا؟ بالتفسير, أنت الآن لا تستطيع أن تفسر الآية ما لم ترجع إلى الرواية, والروايات فيما بينها متضادة متناقضة متخالفة فهذه سوف تلقي بظلاله على فهم الآية المباركة.

ولذا هذه المشكلة جدُ مشكلة خطيرة في فهم المعارف الدينية, وهذا هو المنشأ الذي صار الآن تجدون أن الاختلاف بين علماء المسلمين واقعاً في بعض الأحيان يحس الاختلاف بمائة وثمانين درجة, من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وهذا يستند إلى النصوص وهذا يستند إلى النصوص.

من هنا علماء المسلمين من اليوم الأوّل الذي عرفوا خطورة ذلك, بدؤوا يؤسسون لمجموعة من العلوم كلها لمعرفة النصوص الروائية, هذا الذي اصطلح عليه في كلماتهم بعلم الدراية, أعزائي علم الدراية هذا بمعناه العام يشمل عدّة شعب من علوم الحديث, علم الدراية علم, علم دراية الحديث أولاً: لابدَّ من التعرف على السند, لابدَّ من التعرف على رجال السند, لابدَّ من التعرف على متن السند على فقه السند على تخالف بين الروايات, لعله شعب متعددة كلها تدخل تحت عنوان ماذا؟ تحت عنوان علم الدراية.

الأعزة كما أنا وعدت الأعزة أنه أذكر لهم المصادر حتّى هم يراجعوا البحث, راجعوا البحث في (مقباس الهداية للمامقاني, ج1, ص41) هذه عبارته هناك, يقول: في المقدمة [فهو أن الدراية في اللغة] يبين الدراية, ثمَّ يبين [وقد عُرف في الاصطلاح] الدراية [علم] علم كعلم الأصول كعلم الفقه كعلم التفسير [علمٌ يبحث فيه عن متن الحديث وسند الحديث وطرقه من صحيحها وسقيمها وعليلها وما يحتاج إليه ليُعرف المقبول منه من المردود] هذا تعريف الشهيد الثاني في الكتاب الذي عنده وعرّفه الشيخ البهائي في الوجيزة بأنه [علم يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تحمله وآداب نقله] ثمَّ يفصل الكلام.

الأعزة هذا الكتاب أنا أنصحهم أن يكون بأيديهم وهو كتاب (أسباب اختلاف الحديث) من الكتب المهمة والموسعة والمفصلة في هذا المجال (أسباب اختلاف الحديث) هناك في (ص14) يشير إلى مجموعة من شعب العلوم التي مرتبطة بعلم دراية الحديث مثلاً: علم غريب الحديث وهناك عشرات الكتب مكتوبة في معرفة غريب الحديث, علم مختلف الحديث, لماذا أن الروايات أعزائي, الاختلاف أعم من التعارض, التعارض واحدة من شعب اختلاف الحديث, علم مشكل الحديث, علم فقه الحديث ونحو ذلك. هذه كلها لابدَّ أن يتوفر الإنسان عليها. جيد.

إذا اتضحت هذه المقدمة المختصرة أعزائي, لابدَّ أن أشير إلى أنّ بحث تعارض الأدلة هذه أشرت إلى هذه المقدمة التمهيدية حتّى أصل لنعرف موقع بحث تعارض الأدلة في علم الأصول.

أعزائي, يُعد بحث تعارض الأدلة المبحوث عنه في علم الأصول واحدة من شعب علم اختلاف الحديث, ألم نذكر السند ألم نذكر غريب الحديث مشكل الحديث اختلاف الحديث, تحت عنوان اختلاف الحديث نحن يوجد عندنا ماذا؟ علم تعارض الأدلة الشرعية في علم الأصول, ما هي أهم خصائص مباحث تعارض الأدلة الشرعية في علم الأصول؟ يختص بأمرين:

الخصوصية الأولى: أنّ هذا الاختلاف إذا وصل إلى حد التنافي والتضاد والتناقض, وإلا ليس كلّ اختلاف يؤدي إلى التضاد والتناقض والتنافي, قد يقع اختلاف ولكنه لا يؤدي إلى التضاد, اختلاف مثلاً على سبيل المثال في الزيادة والنقيصة, هذا لا يؤدي إلى التنافي في كثير من الأحيان, إذن متى نحن نبحث هنا.

ولذا تجدون أنه عندما جاؤوا إلى تعريف التعارض قالوا التنافي بين مدلولي الدليلين, أو بين الدليلين, التنافي, هذه الخصوصية الأولى.

الخصوصية الثانية: أنّه التنافي في خصوص الأبحاث الفقهية في الفقه الأصغر لا مطلقاً, فأنت في باب تعارض الأدلة تبحث أي قواعد, من الجمع العرفي من الحكومة من الورود من الإطلاق والتقييد من العام والخاص من … إلى غير ذلك, في أي روايات؟ مطلق الروايات حتّى روايات التفسير حتّى روايات العقائد حتّى روايات التاريخ حتّى روايات الأخلاق؟ الجواب: كلا, أصلاً محال هذا, أصلاً إذا وردت روايتان متعارضتان متنافيتان في باب التوحيد نجعل بينهما جمع عرفي؟ ماذا يعقل؟ يُعقل الجمع العرفي في روايات العقائد؟ نعم هنا ماذا؟ في باب الفقه إذا ورد نقول نحمل الدال على النهي نحملها على الكراهة, طيب الرواية الدالة على التجسيم نحملها على الكراهة ماذا يعني ماذا يعني جمع العرفي؟ أصلاً لا معنى له, فأغلب القواعد إن لم أقل جميعها التي يبحث عنها في مباحث تعارض الأدلة إنَّما أين تنفع؟ في الفقه الأصغر يعني في بيان الحلال والحرام, لا مطلقاً.

سؤال: إذن ماذا نفعل بروايات التفسير المتعارضة في تفسير آية معينة؟ ما هي القواعد التي نتبعها للترجيح للجمع للقبول للرد للتخيير ماذا نفعل ما هي القواعد؟ مسكوتٌ عنه في حوزاتنا العلمية مع الأسف الشديد, لا يوجد عندنا علم يتبنى كيفية علاج الاختلاف والتعارض والتنافي في روايات التفسير, قليلة أعزائي, انظر نظرة مختصة إلى كتاب البرهان, إلى كتاب نور الثقلين, إلى هذه الكتب الموجودة هذه كتبنا وإلا كتبهم أيضاً في هذا المجال, تجد أن الآية الواحدة ينقل تحتها عشر روايات, تنظر إلى الروايات تجدها ماذا هي؟ متنافية متعارضة, ما هو الجمع بينها, كله جمع, يعني العلاج علاج سندي حتّى فقط ننظر صحيح, طيب إذا كانت كلها صحيحة ماذا نفعل؟ موافقة مع الكتاب إذا كانت هذه موافقة مع فلان آية في القرآن وتلك موافقة مع آية أخرى في القرآن ماذا تفعلون؟ لا يوجد له مصاديق, مئات المصاديق, ماذا تريد أن تفعل أعزائي.

وقد ذكرنا مراراً أن منظومة المعارف الدينية منظومة واحدة, أي خلل في أي موقع منها يؤثر على باقي المواقع وباقي الدوائر, تعالوا معنا إلى باب أصول العقائد, هذه أمامكم الآن بأيديكم أصول الكافي, بأيديكم كتاب الحجة من البحار, بأيديكم كتاب التوحيد من البحار, كلّ الروايات الواردة فيها لا يوجد اختلاف بينها؟ فإذا تعارضت روايات العقائد ماذا نفعل؟ ما هو العلم الذي يُعالج لنا التنافي والاختلاف بين روايات العقائد؟

أوسع من ذلك: أنا بودي أن الأعزة يرجعون إلى باب الأخلاق الروايات الواردة, من جهة منها عزوف عن الدنيا وانعزال عن الناس وكم روايات عندك في هذا؟ عشرات بل مئات الروايات في ماذا؟ في الدخول إلى المجتمع أو في اعتزال المجتمع؟ في اعتزال المجتمع, وفي المقابل ماذا عندك؟ في المقابل أيضاً عندك مئات الروايات التي تقول >أن يد الله مع الجماعة< ماذا نفعل هذه ماذا وتلك ماذا؟ روايات الزهد, روايات قلة الأكل, قلة النوم, عشرات الموضوعات, تجد أنت أيضاً بيدك أمامك (المحجّة البيضاء) ألقي عليها نظرة وأقرأ الروايات الموجودة فيه, متعارضة أو ليست متعارضة, متنافية أو ليست متنافية؟ فأنا عندما أريد أن أصعد على المنبر أو عندما أريد أن أتكلم مع الناس وأعطيهم وجهة نظر الدين, بينكم وبين الله استند إلى هذه الروايات أو استند إلى هذه الروايات؟ هذا الذي يحصل على منابرنا ويحصل على فضائياتنا, وهو أنه أنا بحسب هوايّ إذا مزاجي مع هذه الطبقة من الروايات فأنقل هذه الروايات, أما إذا مع تلك فأنقل ماذا؟ أنقل تلك الروايات, ما هي قواعد علاج التنافي بين روايات المباحث الأخلاقية ما هو العلاج؟

ولذا نحن مذ لعله عشرين عام دعونا إلى علم أصول التفسير, إلى علم أصول العقائد, كيف عندنا علم أصول الفقه, دعونا إلى أن يكون عندنا علم أصول التفسير, علم أصول العقائد.

ولكن مع الأسف الشديد حاول البعض إما جهلاً وفي الأعم الأغلب كذلك, وإما عناداً قالوا إذا صار الإنسان عالماً بعلم أصول الفقه فهو عالمٌ بكل المعارف, وهذا كلامٌ لا أساس علمي له, أنت في النتيجة تكون عندك ملكة في مجموعة القواعد التي تعالج هذه, فكيف تستطيع أن تعالج تلك؟

خصوصاً التفتوا إلى هذه النكتة الخطيرة الأخيرة -التي أنا أريد أن أشير إليها- وهي: أنّ تعارض الأخبار -الذي هو المنبع الثاني- صار منشأً كلامياً وسبباً كلامياً للتشكيك العقدي في نبوة النبي الأكرم. قالوا: إذا كان نبياً مبعوثاً من قبل الله يختلف كلامه أو لا يختلف كلامه؟ يختلف أو لا يختلف؟ يعني ينبغي أن يختلف أو لا يختلف؟ ينبغي أن لا يختلف.

إذن أعزائي, هذه القضية وصلت إلى حدٍ من الأهمية, هذا البُعد الكلامي لمسألة اختلاف الحديث, وهذا ذكره العامّة والخاصة, ذكره علماء أهل السنّة وذكره علماء الشيعة, قالوا بأنه واحدة من أهم المخاطر المترتبة على اختلاف الحديث هو أن لازمه هو التشكيك العقدي إما بنبوة الأنبياء أو بنبوة النبي الأكرم’ وإما بإمامة الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

الآن أنا أنقل لكم بعض الكلمات في هذا المجال.

المورد الأوّل: ما كتبه الإمام الطحاوي, الإمام الطحاوي من كبار العلماء, الإخوة الذين هم أهل المتابعة والمطالعة هذا الكتاب يكون موجود بأيديهم, (شرح مشكل الآثار, للإمام الطحاوي, في مقدمة هذا الكتاب) طبعاً يكون في علمكم على القاعدة ابن تيمية كلّ شخص ينقل روايات مرتبطة بفضائل أهل البيت مباشرةً يتهمه بعدم العلم ويتهمه بالجهل, ومنهم الإمام الطحاوي, الآن لماذا؟ لأنه الإمام الطحاوي من أولئك الذين صححوا روايات رد الشمس لعلي (عليه أفضل الصلاة والسلام) إذا ما عندنا نحن روايات صحيحة في رد الشمس عندنا في كتبنا فهنا مجموعة من الروايات الصحيحة السند مجموعة أين؟ في (شرح مشكل الآثار).

طبعاً يقول بعد أن ينقل كلام من؟ بعد أن ينقل شعيب الأرنؤوط في المقدمة كلام ابن تيمية في رد الإمام الطحاوي يقول: [وهذا الحكم من شيخ الإسلام تعوزه الدقة, فإنه كيف يتهم هذا الإمام بأنه لا معرفة له بالإسناد وقد وصفه الأئمة المشهود لهم ببراعة النقد بأنه حافظ للحديث عارف بطرقه خبيرٌ بنقده سنداً ومتناً مُدرك للخفي من علله بارعٌ في الترجيح والموازنة] إلى أن يقول: [قال صاحب أماني الأحبار وهو ممن يزكي ابن تيمية ويعجب به ظاهر كلام العلامة ابن تيمية على أنه حكم هذا الحكم على الإمام الطحاوي وأخرجه من أئمة النقد لأنه صحح حديث رد الشمس لعلي]. وهذه من علامات الناصبي وعلامات المبغض.

المهم, (الإمام الطحاوي في مقدمة هذا الجزء الأوّل في ص80) من المقدمة أو من التحقيق المحقق, يقول عنده كتاب اسمه (شرح معاني الآثار) أيضاً من كتبه المهمة, وهو أول تصانيفه, يقول في صدره [سألني بعض أصحابنا من أهل العلم أن أضع له كتاباً أذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله’ في الأحكام] التفت [التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة من أهل الإسلام أن بعضها ينقض بعضاً لقلة علمهم بناسخها من منسوخها وما يجب عليه العمل منها, إذن صار هذا سبباً لأن يطعن في نبوة النبي الأكرم’]. هذا على مستوى الروايات النبوية أما على مستوى الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت.

أنا بودي أن الأعزة اليوم يذهبوا ويقرؤوا هذا النص أنا ما أستطيع أن أقرأه كله, هناك في (مقدمة, تهذيب الأحكام, للشيخ الطوسي) يقول: [ذاكرني بعض الأصدقاء أيده الله ممن أوجب حقه علينا, بأحاديث أصحابنا أيدهما الله ورحم السلف منهم وما وقع فيها من الاختلاف والتباين والمنافاة والتضاد] التفت إلى هذه العبارة, هذه العبارة يقولها إنسان خبير بالروايات [حتّى لا يكاد يتفق خبرٌ إلاَّ وبإزائه ما يضاده, ولا يسلم حديثٌ إلاَّ وفي مقابلته ما ينافيه] طيب ما المشكلة في هذا؟ هذا البحث العقدي, قال: [حتّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا]. واقعاً إذا هذه مسألة الاختلاف والتعارض ما تحل واحدة من أهم أدلة المخالف للطعن في الأئمة هي اختلاف الأئمة, اختلفوا أو لم يختلفوا؟ أصلاً هذا الكتاب (تهذيب الأحكام) وغيرها كتبت لأجل حل الاختلافات في الروايات.

فما لم نقع على القواعد الصحيحة لبيان منآشئ الاختلاف, هذه واحدة من الأدلة الكلامية للطعن في عصمة الأئمة, ما الفرق بينكم وبين الآخرين؟ واحدة من أهم أدلتنا ما هي؟ أنهم ابتعدوا عن أهل البيت فوقع بينهم الآن على أساس ماذا علماء الشيعة ماذا؟ ما اختلفتم فيما بينكم أهكذا الأمر؟ ولذا هو يشير -هذا ليس كلامي أنا لو كنت قائلاً أقوله من عندي كان واويلاه يقولون- [حتّى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا وذكروا أنه لم يزل شيوخكم السلف والخلف يطعنون على مخالفيهم بالاختلاف الذي يدينون الله تعالى به ويشنعون عليهم بافتراق كلمتهم في الفروع] طبعاً في الأصول أيضاً كذلك, [ويذكرون أن هذا مما لا يجوز أن يتعبد به الحكيم ولا أن يبيح العمل به العليم, وقد وجدناكم أشد اختلافاً من مخالفيكم وأكثر تبايناً من مباينيكم] ممن باينكم, [ووجد هذا الاختلاف منكم مع اعتقادكم بطلان ذلك] يعني دليل بطلان مذهب القوم [دليلٌ على فساد الأصل الذي أنتم عليه حتّى دخل على جماعة] الآن هذا أين؟ هذا أدلة المخالفين لنا, البُعد الكلامي, الآن تعالوا إلى البُعد الداخلي.

[حتّى دخل على جماعة ممن ليس لهم قوةٌ في العلم ولا بصيرة بوجوه النظر ومعاني الألفاظ] دخل ماذا؟ [شبهة وكثيرٍ منهم رجع عن اعتقاد الحق] من يتكلم؟ الشيخ الطوسي, قلت لكم أنا الآن لو قلت: هذه تعارض الأدلة فيها وجهٌ كلامي يقولون انظروا السيّد كلّ شيء يريد أن يسحبه إلى البحث الكلام والاعتقاديات عنده, لا, هذا من يقوله؟ شيخ الطائفة يقول: أن مبحث تعارض الأدلة أساساً فيه بُعد عقدي فيه بُعد كلامي, أعزائي إذا هذا ما ينحل البعد الكلامي له لا ينحل, وهذه أمامكم بأيديكم أعزائنا الكرام, ارجعوا إلى كلّ كتب تعارض الأدلة أنظروا أحد أشار إلى هذا البُعد الكلامي, وإذا أشاروا ما هو حلّه؟ ما هو جوابه, الآن لو جاء شخص مخالف واعترض عليكم وأنتم طلبة فضلاء في بحث الخارج وأشكل عليكم بهذا الإشكال ماذا تريد أن تجيبه أنت؟ أليس واحد من أهم أدلتنا >انظروا كيف افترقوا واختلفوا فيما بينهم< طيب يقول أنتم انظروا إلى كلماتكم في العقائد انظروا في الفقه انظروا إلى كلماتهم أنظروا.

يقول: [وكثيرٍ منهم رجع عن اعتقاد الحق لما اشتبه عليه الوجه في ذلك, وعجز عن حل الشبهة فيه, سمعت شيخنا أبا عبد الله أيده الله يذكر أن أبا الحسين الهاروني] في مكان آخر الهروي, [العلوي كان يعتقد الحق ويدين بالإمامة فرجع عنها لما التبس عليه الأمر في اختلاف الحديث وترك المذهب ودان بغيره]. والآن أيضاً اطمأنوا توجد طبقة بدأت الآن, الآن إما في الأوساط العلمية أو خارج أوساطنا العلمية بدأت تسقط لا أقل إن لم تستطع أن تنفي الحديث بدأت تخفف من دور الحديث في فهم المعارف الدينية, ما هو منشأه؟ يقول هذا الاختلاف الموجود في الأحاديث أيهما نعمل به.

إذن أعزائي, حتّى لا أطيل على الأعزة المقدمة جداً مهمة إذا صار وقت بعد ذلك أشير إليها والليلة طالعوها, أنه مسألة اختلاف الحديث من المسائل الأساسية في فهم منظومة المعارف الدينية.

تتمة الحديث تأتي.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات